بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 314 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ع. د. ش. ذ. م. م.
مطعون ضده:
ع. ح. ع. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/353 استئناف عقاري بتاريخ 29-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده "علي حسين عداي الشمري" أقام الدعوى رقم 104 لسنة 2024 عقاري كلى ضد الطاعنة "عزيزي ديفلو?منتس ش.ذ.م.م"، بطلب الحكم - وفقًا لطلباته الختامية - بفسخ العقد سند الدعوى المؤرخ 7 يونيو 2017 وإلزامها بسداد مبلغ333,096.90 درهم مع الفائدة القانونية 12% من تاريخ التعاقد المشار إليه وحتى السداد التام ، وإلزامها بدفع مبلغ 250,000 درهم كتعويض عما فاته من انتفاع بالوحدة اعتبارًا من التاريخ الاتفاقي للتسليم في يونيو 2019 وقال بيانًا لذلك إنه بموجب العقد المشار إليه اشترى من الطاعنة الوحدة محل النزاع رقم 1415 في مشروع "فرهاد عزيزي ريزيدنس" بمنطقة الجداف، مقابل ثمن مقداره 1.110.323 درهمًا، على أن يتم التسليم في موعد أقصاه الربع الثاني من عام 2019، وإذ لم تلتزم الطاعنة بتسليم الوحدة في الموعد المحدد، وقامت بإلغاء تسجيل الوحدة من اسمه في السجل العقاري المبدئي وإعادة بيعها للغير، فأقام المنازعة رقم 395 لسنة 2024 تعيين خبرة، وبعد إيداع تقرير الخبرة فيها، أقام الدعوى. تمسكت الطاعنة بصحة إلغاء تسجيل الوحدة استنادًا إلى المادة (11) من القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي وتعديلاته، وبتاريخ 26 مارس 2025 حكمت المحكمة بانفساخ العقد سند الدعوى وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 333.096.90 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، كما ألزمتها بأن تؤدي له مبلغ 80,000 درهم كتعويض. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 535 لسنة 2025 عقاري، وبتاريخ 29 مايو 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت إلكترونيًا لدى مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 19 يونيو 2025، طلبت فيها نقض الحكم، تقدم المطعون ضده بشخصه بمذكرة طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة، رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن حاصل ما تنعَى به الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بانفساخ العقد سند الدعوى بقوة القانون بعد أن اتبعت الإجراءات المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي وتعديلاته، وإصدار دائرة الأراضي والأملاك وثيقة تفيد بصحة الإجراءات التي اتبعتها، وتصريحًا لها بإلغاء تسجيل الوحدة من اسم المطعون ضده، بما يتيح لها إعادة بيعها ، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع، وأقام قضاءه بانفساخ العقد وبإلزامها بالرد والتعويض تأسيسًا على أنها أخلّت بالتزامها بتسليم الوحدة في الموعد المتفق عليه، وأن إنجازها للوحدة بتاريخ 14 يوليو 2017 جاء متأخرًا عن الموعد المحدد له في 30 يونيو 2019، وأقر بأحقية المطعون ضده في حبس الثمن؛ بالرغم مما ثبت من تقرير الخبرة من إخلال هذا الأخير بالتزاماته، بتخلفه عن سداد القسط الرابع المستحق في 15 ديسمبر 2017، والقسط الخامس المستحق في 15 فبراير 2018، وهما قسطان غير مرتبطين بنسب الإنجاز، ومن ثم فإن للطاعنة الحق في التأخير في إنجاز المشروع وفقًا للبند (5/2) من عقد البيع، الذي يخوّلها التوقف عن الإنجاز وتسليم الوحدة إذا تخلف المشتري عن سداد أي من المبالغ المستحقة، لا سيما في ظل ظروف جائحة كورونا. كما ثبت تخلف المطعون ضده عن سداد القسط الأخير، رغم إنذارها له بإنجاز الوحدة ومطالبته بسداد باقي الثمن، مما حدا بها إلى اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة (11)، وحصولها على وثيقة من الدائرة تفيد بصحة الإجراءات المتبعة، ومن ثم فسخ العقد وبيع الوحدة لمشترٍ آخر، كل ذلك ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد أحكام المادة 11 من القانون رقم (19) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (13) لسنة 2008 بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي، أنه على المطور إذا اتجهت إرادته إلى فسخ العقد أو الاستمرار في تنفيذه - حال تقديره أن هناك إخلالًا من المشتري بالتزاماته التعاقدية في عقد البيع على الخارطة - أن يتبع الإجراءات التي أوجبها القانون واعتبرها من النظام العام، وتتمثل هذه الإجراءات في أن يُخطر المطور دائرة الأراضي والأملاك بالنموذج المعتمد لدى الدائرة، موضحًا فيه أوجه الإخلال المنسوبة إلى المشتري، ومرفقًا به المستندات والبيانات المطلوبة، لا سيما بيانات المشتري ووسائل الاتصال به، وبيانًا تفصيليًا بالإخلال المنسوب إليه ،وفور ورود هذا الإخطار إلى الدائرة عليها أن تتحقق من التزامات المشتري التعاقدية، فإذا تبين لها وقوع الإخلال منه، عليها إعذاره بإخطار كتابي تُنذره فيه بالوفاء بالتزاماته خلال ثلاثين يومًا من الإخطار، وذلك بأي وسيلة إعلان تراها الدائرة، فإذا اتبع المطور تلك الإجراءات، يكون له الحق في اتخاذ التدابير المنصوص عليها في المادة 11 المشار إليها بحق المشتري دون اللجوء إلى القضاء أو التحكيم، ومنها فسخ عقد البيع على الخارطة المُبرم بينه وبين المشتري بإرادة المطوِّر العقاري المنفردة، أما إذا شاب تلك الإجراءات عوار، فإنها تُعد باطلة و يترتب على ذلك بطلان وثيقة صحة الإجراءات الصادرة من الدائرة، مما مؤداه أن قرار المطور بفسخ العقد أو السير في تنفيذه بإرادته المنفردة يكون معيبًا، ويجوز للمشتري اللجوء إلى المحكمة لإلغاء القرار ، وما ترتب عليه من آثار، وأخصها إعادة تسجيل الوحدة باسمه متى كان ذلك ممكنًا، فإذا استحال ذلك استحق رد ما سدده من ثمن، مع جواز المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى. ومن المقرر أيضًا أحقية المشتري في حبس ما لم يكن قد وفّاه من ثمن المبيع ولو كان مستحق الأداء، لحين زوال الخطر الذي يتهدده من عدم وفاء البائع بالالتزام المقابل. كما من المقرر أنه يشترط لإعمال نظرية الحوادث الطارئة أو القوة القاهرة التي توقف أو تحد من تنفيذ الالتزام ألا يكون تراخّي تنفيذ التزام المدين إلى ما بعد وقوع الحادث الطارئ راجعًا إلى خطئه، إذ لا يستفيد في هذه الحالة من تقصيره، وأن هذه النظرية لا تقوم أصلًا في نظر المتعاقدين أو بنصوص القانون المنظِّم لها إلا بتوافر الشروط التي يتطلبها القانون في وصف الحادث الطارئ بمعناه العام، بأن يكون حادثًا استثنائيًا طارئًا وغير مألوف، وليس في الوسع توقعه وقت التعاقد كما لا يمكن دفعه بعد وقوعه، وأن يثبت أن التراخي في تنفيذ الالتزام كان نتيجة لتلك القوة. كما من المقرر أن فهم واقع الدعوى، وتقدير جدية الخطر الذي يهدد المشتري ويجعل له الحق في حبس ما لم يؤده من ثمن المبيع، وكذا تقدير ما إذا كان المتعاقد قد أساء استعمال حقه في التمسك بالدفع المذكور من عدمه، وتقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة من عدمه، وتحديد الطرف المقصر في تنفيذ التزاماته في العقود الملزمة للجانبين، أو نفي التقصير عنه، وثبوت أو نفي الخطأ التعاقدي، والضرر، ومقدار التعويض الجابر له، وتقدير الأدلة، والمستندات، وتقارير الخبرة، والقرائن المقدمة في الدعوى، والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، دون أن تكون ملزمة بتتبع الخصوم في شتى مناحي أقوالهم وحُججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالًا متى كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها، وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحُجج والطلبات. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانفساخ العقد سند الدعوى بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 333,096.90 درهمًا قيمة ما دفعه من الثمن والتعويض الذي قدره على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها ومما اطمأن إليه من تقرير الخبرة المودع في النزاع رقم 395 لسنة 2024 تعيين خبرة، من أن المطعون ضده قد تعاقد مع الطاعنة على شراء وحدة النزاع رقم 1415 لقاء ثمن مقداره 1.110.323 درهم سدد منه المطعون ضده مبلغ 333,096.90 درهم والباقي يسدد على أقساط على أن يكون تاريخ الإنجاز في 30 يونيو 2019، وأن الطاعنة أخلت بموعد الإنجاز المتفق عليه ولم تُنجز الوحدة إلا بتاريخ 14 يوليو 2022، وأنها كانت هي المخلة بتنفيذ الالتزام وقت لجوئها إلى دائرة الأراضي والأملاك وإخطار المطعون ضده من قبل الدائرة بتاريخ 7 أبريل 2021، وأنه لا يجدي الطاعنة التذرع بجائحة كورونا كمبرر للتأخير لعدم تزامن الجائحة مع تاريخ الإنجاز، وأن المطعون ضده لم يكن حينئذ مخلًا بالتزامه، إذ كان يحق له حبس باقي أقساط الثمن لتأخر الطاعنة في الإنجاز، لا سيما وأن نسبة الإنجاز عند توقفه عن دفع الأقساط بلغت 4.85% فقط، كما بلغت نسبة الإنجاز عند تاريخ الإنجاز المتفق عليه 16%. ومن ثم يترتب على ذلك عوار الإجراءات التي اتخذتها الطاعنة، ومن ثم بطلان وثيقة صحة الإجراءات وعدم أحقيتها في فسخ العقد بالإرادة المنفردة وإلغاء تسجيل الوحدة بالسجل المبدئي من أسم المطعون ضده، كما خلص إلى انفساخ عقد شراء المطعون ضده للوحدة لقيامها ببيع الوحدة لآخر وتسجيلها باسمه، ومن ثم تحقق موجب رد ما دفعه المطعون ضده من ثمن الوحدة وتعويضه بالمبلغ الذي ارتآه الحكم جابرًا للضرر الذي لحقه من جراء خطئها بفسخ العقد بإرادتها المنفردة دون مسوغ قانوني، ورتب على ذلك قضاءه المتقدم. وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ومستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه وتشمل الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة من حجج وأوجه دفاع مخالفة ولا يجديها ما تثيره بشأن قيامها بإخطار المطعون ضده عند تمام الإنجاز ومطالبته بسداد باقي الثمن، لما ثبت من الأوراق ووثيقة صحة الإجراءات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك بتاريخ 2 أغسطس 2021 أن الطاعنة عند لجوئها إلى الدائرة وإصدار الوثيقة، لم تكن قد أتمت الإنجاز، وبلغت نسبته آنذاك 60.09% بل أتمته في تاريخ لاحق في 14 يوليو 2022، فإن النعي على الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع باستخلاصه فيما من المستندات والأدلة المقدمة بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق