الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 22 أغسطس 2025

الطعن 312 لسنة 2025 تمييز دبي عقاري جلسة 28 / 7 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 312 لسنة 2025 طعن عقاري

طاعن:
س. س. ل. ش. ذ. م. م.

مطعون ضده:
ف. ر.
ع. ع. ر.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/189 استئناف عقاري بتاريخ 29-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في ملف الطعن الإلكتروني، وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ مصطفى محمود الشرقاوي، وبعد المداولة. 
تتحصل الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهما (1- عمران علي رزاق، 2- فورهات رزاق) أقامَا الدعوى رقم 1572/2024 عقاري ضد الطاعنة (سيلفر سكاي للعقارات ش.ذ.م.م.) بطلب الحكم أولاً: بفسخ اتفاقية إلغاء وحدات عقارية وتحويل المبالغ المسددة إلى وحدات أخرى، المؤرخة 14-02-2012 والمحررة بين المدعيين والمدعى عليها بخصوص شراء الوحدة العقارية رقم (1508) الكائنة ببرج بولاريس - الخليج التجاري - إمارة دبي. ثانيًا: إلزام المدعى عليها برد مبلغ 172,614 درهم للمدعيين المسدد منهما لشراء الوحدة العقارية الموضحة في البند الأول. ثالثًا: إلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعيين مناصفةً فيما بينهما مبلغ 150,000 درهم كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية والكسب الفائت، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. على سند أن المدعيين سبق لهما التعاقد مع المدعى عليها - وقت أن كان اسمها شركة عقارات أحمد عبد الرحيم العطار ذ.م.م. - على شراء الوحدة السكنية رقم (1102) والكائنة في المشروع المملوك لها والمسمى المدينة العالمية برج فالكوفر - إمارة دبي مقابل ثمن مقداره 401,421.58 درهم، سُدد منه مبلغ 172,614 درهم. ولتعثر المدعى عليها في إنجاز ذلك المشروع، فقد اتفقت مع المدعيين بموجب اتفاقية مؤرخة 14-02-2012 بإلغاء حجز الوحدة سالفة البيان واستبدالها بوحدة أخرى هي الوحدة محل التداعي، البالغ ثمنها مبلغ 470,016.4 درهم، على أن يتم تحويل المبلغ السابق سداده من المدعيين إلى حساب الوحدة الجديدة محل التداعي. وقد تم تنفيذ الاتفاقية وتسجيل وحدة التداعي باسم المدعيين في السجل العقاري المبدئي. إلا أن المدعيين فوجئا بالمدعى عليها تخطرهما بتاريخ 02-06-2024 بضرورة سداد مبلغ 62,394.2 درهم من أقساط الثمن خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ذلك الإخطار وإلا سيتم إلغاء التسجيل المبدئي للوحدة. وذلك على الرغم من ثبوت إخلال المدعى عليها بالتزامها التعاقدي بعدم إنجاز المشروع الكائن به وحدة التداعي حتى تاريخه وفوات ما يزيد على اثني عشر عامًا من تاريخ الاتفاقية سالفة البيان، وهو الأمر الذي رتب للمدعيين أضرارًا ومن ثم كانت الدعوى. وبجلسة 16-01-2025، قضت المحكمة أولًا بفسخ اتفاقية الإلغاء والتحويل المؤرخة 14-02-2012 المحررة بين المدعيين والمدعى عليها عن الوحدة العقارية موضوع الدعوى. ثانيًا: بإلزام المدعى عليها أن ترد للمدعيين مبلغ 172,614 درهم المسدد من ثمن الوحدة العقارية موضوع الدعوى. ثالثًا: بإلزام المدعى عليها أن تؤدي للمدعيين مبلغًا مقداره (75,000 درهم) تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية يوزع عليهما بالسوية، والفائدة القانونية عنه بواقع 5% من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد. استأنفت المدعى عليها ذلك الحكم بالاستئناف رقم 189/2025 عقاري. وبجلسة 29-05-2024، حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعى عليها على ذلك الحكم بالتمييز بموجب الطعن الماثل بصحيفة أودعت إلكترونيًا بتاريخ 18-06-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه، وقدم وكيل المطعون ضدهما مذكرة طلب فيها رفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فقد قررت تحديد جلسة تلاوة تقرير التلخيص وإصدار الحكم بجلسة اليوم بغير حاجة إلى مرافعة. 
حيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق صحيح القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فيما قضى به من رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزام الطاعنة بتأدية المبلغ المسدد من المطعون ضدهما مقابل شراء الوحدة العقارية موضوع الدعوى محل الطعن الراهن، حال أن الثابت من الأوراق - لا سيما اتفاقية التحويل - أن المطعون ضدهما قد اشترَيَا الوحدة العقارية رقم (1102) بمشروع مبنى (فالكوفر) وقد سددا من ثمنها مبلغًا مقداره (172,614 درهم) تم إيداعه بحساب الضمان الخاص بذلك المشروع لدى (أملاك للتمويل - شركة مساهمة عامة) برقم ( ......). ولما صدر القرار من دائرة الأراضي والأملاك بدبي بإلغاء المشروع المذكور، قامت الطاعنة بعمل اتفاقية تحويل بموجبها جرى الاتفاق على إلغاء الوحدة العقارية بالمشروع المذكور واستبدالها بالوحدة العقارية رقم (1508) موضوع الدعوى بمشروع بولاريس، وتحويل المبلغ المسدد من قبل المطعون ضدهما من ثمن الوحدة العقارية بالمشروع الملغي إلى الوحدة الحالية. وبالتالي فإن القضاء بفسخ اتفاقية البيع والشراء موضوع الدعوى محل الطعن يقتضي حتمًا إعادة الحال لما كان عليه قبل التعاقد وهو الرجوع لاتفاقية البيع والشراء الخاصة بالوحدة العقارية رقم (1102) بالمشروع الملغي وهو مبنى (فانكوفر)، فكان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يحيل الدعوى للجنة القضائية الخاصة بالمشاريع العقارية غير المكتملة والملغاة في إمارة دبي وفقًا لأحكام المادة (6/أ/3 و 8) من مرسوم رقم (33) لسنة 2020 بشأن اللجنة القضائية الخاصة للمشاريع العقارية غير المكتملة، وإذ خالف الحكم ذلك النظر فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المرسوم رقم (33) لسنة 2020 بشأن اللجنة القضائية الخاصة للمشاريع العقارية غير المكتملة والملغاة في إمارة دبي قد نص في المادة (4) منه على أنه: "تسري أحكام هذا المرسوم على المشاريع العقارية الواقعة في الإمارة والتي يثبت عدم اكتمالها، أو يتقرر إلغاؤها وفقًا لأحكام القانون رقم (13) لسنة 2008 ولائحته التنفيذية المشار إليهما، باستثناء المشاريع العقارية الواقعة ضمن النطاق الجغرافي لمركز دبي المالي العالمي." مما مفاده أن نطاق اختصاص تلك اللجنة الفصل في أي خلافات أو مطالبات تنشأ بين أطراف العقد (المطورين العقاريين والمشترين) نتيجة توقف العمل في المشروع وعدم اكتماله أو إلغائه، وكذلك يشمل الاختصاص الدعاوى والطلبات الناشئة عن قرارات إلغاء المشاريع العقارية، سواء كان الإلغاء بقرار من الجهات التنظيمية المختصة (مثل مؤسسة التنظيم العقاري) أو لأي سبب آخر يؤدي إلى عدم استكمال المشروع نهائيًا. بالإضافة إلى ما سبق، تضطلع اللجنة بمهمة النظر في أي مشاريع عقارية تحال إليها بشكل خاص من قبل مؤسسة التنظيم العقاري. ومن المقرر أيضًا أن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق له فيما كان ينص عليه من تصرف متى كان العقد الجديد (اللاحق) قد أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين بتصرف آخر بديل وليس استكمالًا للتصرف الأول أو تعديل شروطه وذلك باعتبار أن إعادة تنظيم العلاقة بينهما من جديد بموجب العقد اللاحق يدل على أنهما قد قصدا استبعاد التصرف السابق والاعتداد بالتصرف اللاحق. وإذ كان ذلك وكان الثابت أنه بتاريخ 14-02-2012 تم التقايل عن عقد بيع الوحدة العقارية رقم (1508) الكائنة ببرج بولاريس - الخليج التجاري بإلغاء حجز الوحدة سالفة البيان واستبدالها بوحدة أخرى هي الوحدة محل التداعي وأصبح المبلغ المسدد وفق الاتفاق الأول جزءًا من ثمن الوحدة البديلة وكان المشروع الجديد باتفاق الطرفين قيد التنفيذ ولم يُلغَ بل قد بلغت نسبة الإنجاز فيه إلى (57.30%) فيكون النزاع حول ذلك العقد الأخير وطلب فسخه ورد ما سدد من ثمن ينحسر عن اختصاص اللجنة القضائية الخاصة للمشاريع العقارية غير المكتملة والملغاة في إمارة دبي وينعقد لمحاكم دبي. ومن ثم يكون النعي على غير أساس متعينًا رفضه. 
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فيما قضى به من رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزام الطاعنة بتأدية المبلغ المحكوم به للمطعون ضدهما على سند من إخلال المستأنفة بالتزاماتها التعاقدية بالرغم من أن الثابت من جدول الدفعات المعتمد من مؤسسة التنظيم العقاري بتاريخ 04-08-2009 لجميع المستثمرين بالمشروع أنه تم ربط دفعات ثمن الوحدة العقارية بنسب الإنجاز. وكان الثابت من اتفاقية التحويل موضوع الدعوى أن المطعون ضدهما قد سددا من ثمن الشراء فقط مبلغًا مقداره (172,614 درهم) بما يعادل ما نسبته (36.75%). وبسبب الظروف الاقتصادية العالمية ومن بعدها جائحة كورونا، امتنعا وباقي المستثمرين بالمشروع موضوع الدعوى عن سداد باقي الأقساط المستحقة بذمتهم بحساب الضمان المخصص للمشروع، ومع ذلك لم تتوقف الطاعنة عن أعمال التشييد والبناء حيث استطاعت في تلك الظروف الصعبة الانتهاء من أعمال الخرسانة بالكامل للمشروع والمراحل النهائية من الطابوق وتم تقدير نسبة الإنجاز للمشروع من قبل دائرة الأراضي والأملاك بدبي بنسبة (57.30%). وهو الأمر الذي حدا بالطاعنة بتوجيه إخطارات قانونية للمشترين بضمنهم المطعون ضدهما لحثهما على سداد الأقساط المستحقة بذمتهما فوافق معظم المشترين على استكمال السداد ما عدا المطعون ضدهما وهو ما يمثل إخلالًا من جانبهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر أن النص في المادتين 414 و 415 من قانون المعاملات المدنية يدل - حسبما يبين من المذكرة الإيضاحية لذات القانون - على أن الحق في الحبس هو نظام قانوني يخول للدائن الذي يكون في ذات الوقت مدينًا بتنفيذ التزام للمتعاقد الآخر أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ? ولو كان مستحق الأداء - حتى يستوفي كامل حقوقه المرتبطة بهذا الشيء، وقد جعل القانون من حق الاحتباس قاعدة عامة تتسع لجميع الحالات التي يكون فيها للمدين أن يمتنع عن الوفاء بما هو ملزم بأدائه استنادًا إلى حقه في الاحتباس ما دام أن الدائن لم يوفِ بالتزامه الناشئ بسبب التزام هذا المدين ومرتبط به. كما أنه من المقرر أنه يتعين على المطور في البيع على الخارطة إنجاز المشروع لتسليم الوحدات المباعة للمشتري في وقت مناسب ولو كان عقد البيع قد خلا من ميعاد محدد للإنجاز والتسليم إذ لا يبرر ذلك تراخي البائع إلى ما لا نهاية في إنجاز المشروع وتسليم الوحدات المباعة. وإذ كان ذلك فإنه ولئن كانت الاتفاقية محل التداعي والمؤرخة 14-02-2012 لم تحدد ميعادًا للإنجاز إلا أنه متى كان قد مر على التعاقد ما يقرب من اثني عشر عامًا حتى تاريخ رفع الدعوى ولم تتعدَّ نسبة الإنجاز (57.30%)، مما يحق معه للمطعون ضده حبس باقي الثمن. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه: ((الثابت في ظل ظروف وملابسات التعاقد من عدم وجود تاريخ محدد لإنجاز وتسليم وحدة التداعي، وفوات مدة الاثني عشر عامًا المشار إليها سلفًا دون إنجاز المشروع، ومقدار نسبة الإنجاز الحالية للمشروع السالف بيانها والتي تكشف وبما لا يدع مجالًا للشك عن تباطؤ المدعى عليها في الإنجاز وعدم قرب موعد الانتهاء من المشروع وجاهزية الوحدة للتسليم، أنه قد تولد للمدعيين الحق في حبس ما لم يكن قد أوفيا به من ثمن المبيع ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهددهما من تراخي المدعى عليها في تنفيذ التزاماتها، وأن المدعى عليها قد تخلفت عن تنفيذ التزامها التعاقدي بإنجاز وتسليم عين التداعي المباعة للمدعيين حتى تاريخه مما ترتب على ذلك فسخ الاتفاقية سند الدعوى)). إذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وله معينه الثابت في الأوراق وكافيًا لحمل قضائه وفيه الرد الضمني المسقط لحجج الطاعنة، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يضحى جدلًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا يجوز إبداؤه أمام محكمة التمييز، فمن ثم يكون النعي غير مقبول. 
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فيما قضى به من رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهما مبلغًا مقداره (75 ألف درهم) كتعويض عن الأضرار التي لحقت بهما من جراء تخلف الطاعنة عن تنفيذ التزامها التعاقدي بالرغم من ثبوت إخلال المطعون ضدهما بالتزاماتهما التعاقدية المتمثلة في عدم سدادهما لباقي أقساط الثمن المستحقة بذمتهما بحساب الضمان المخصص للمشروع، حيث بلغت نسبة ما سدده المطعون ضدهما من ثمن الوحدة العقارية موضوع الدعوى ما يعادل (36.75%). فضلًا عن المبالغة في التعويض للمبلغ المقضي به بحيث لا يستقيم أن يصل لنسبة (50%) من المبلغ المسدد من ثمن الوحدة العقارية بالرغم من قضاء الحكم المستأنف بالفائدة القانونية والذي يشكل تعويضًا عن التأخير، وبهذا يكون المطعون ضدهما قد جمعا بين تعويضين عن مصدر واحد وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر عملًا بحكم المادتين 386 و389 من قانون المعاملات المدنية ووفقًا لما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون أن الأصل في تنفيذ الالتزام أن يقوم المدين بذلك عينيًا إلا أنه قد يستحيل على المدين أن ينفذ التزامه عينيًا وفي هذه الحالة يُحكم عليه بالتعويض إلا إذا ثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ففي هذه الحالة لا يحكم عليه بالتعويض. ويسري هذا الحكم على حالة تأخير المدين في تنفيذ التزامه وأن التعويض إن لم يُقدر في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يُقدره ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوخاه ببذل جهد معقول ومع كل ففي الالتزام الذي مصدره العقد لا يلزم المدين الذي لم يرتكب غشًا أو خطأ جسيمًا إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكنه توقعه عادة وقت التعاقد. ويكون للمسؤولية التعاقدية، في حالتي الغش والخطأ الجسيم، حكم المسؤولية عن الفعل الضار، أما في غير هاتين الحالتين فلا يسأل المدين عن النتيجة الطبيعية للتخلف عن الوفاء بمجردها بل بشرط أن تكون النتيجة مما يمكن توقعه عادة وقت التعاقد فإذا لم يتحقق في النتيجة هذا الشرط خرجت بذلك من نطاق المسؤولية التعاقدية وسقط وجوب التعويض عنها ويراعى في هذا الصدد أن توقع المتعاقدين للضرر الواجب تعويضه يجب ألا يقتصر على مصدر هذا الضرر أو سببه، بل ينبغي أن يتناول فوق ذلك مقداره أو مداه. مما مؤداه أن عناصر المسؤولية العقدية ثلاثة: الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وأن على الدائن عبء إثبات هذه العناصر، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق. كما أن التعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته، وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعًا كان هذا الضرر أم غير متوقع متى تخلف عن المسؤولية أساس المطالبة وقدم المضرور الدليل عليه. ومن ثم فإن التحقق من توافر الخطأ والضرر في المسؤولية بوجه عام هو مما تستقل به محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها في هذا الخصوص على أسباب سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة فيها هو من سلطة محكمة الموضوع، وهي صاحبة السلطة في تقدير مدى مساهمة المضرور أو الغير في إحداث الضرر الذي ارتكبه الفاعل. ومن المقرر أيضًا أن الفوائد التأخيرية التي يتم المطالبة بها عندما يتراخى المدين في الوفاء بالتزامه هي بمثابة تعويض عما يلحق الدائن من ضرر نتيجة التأخير في الوفاء بالتزامه نقدًا سواء كان هذا الالتزام مدنيًا أو تجاريًا، وبالتالي فإن تلك الفائدة تختلف في طبيعتها وموضوعها عن التعويض المطالب به نتيجة خطأ المدعى عليه خطأ عقديًا ترتب عليه إلحاق الضرر بالمدعي، بما تتوافر به المسؤولية الموجبة للتعويض بقدر ما لحق المدعي من ضرر. لما كان ذلك وكان حكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه: ((أن المدعى عليها لم تنجز المشروع الكائن به وحدة التداعي حتى تاريخه وأن نسبة الإنجاز في المشروع في تاريخ 08-07-2024 وفق بيان تقدم الأعمال المقدم من المدعى عليها لم تبلغ إلا 54.13% رغم فوات مدة تزيد على اثني عشر عامًا من تاريخ التعاقد على الوحدة بموجب اتفاقية الإلغاء والتحويل سالفة البيان، وكانت المدعى عليها لم تقدم ما يفيد تحريرها لاتفاقية البيع الخاصة بوحدة التداعي المرفق بها خطة الدفع للمتبقي من الثمن والمبين بها ميعاد الإنجاز والتسليم المتفق عليه وإرسالها للمدعيين لتوقيعها، الأمر الذي تخلص منه المحكمة إلى ثبوت إخلال وتقصير المدعى عليها في الوفاء بالتزامها الجوهري المترتب على عملية البيع وهو إنجاز المبيع وتسليمه إلى المشتري وبما تتوافر معه موجبات فسخ اتفاقية الإلغاء والتحويل سند الدعوى، ولا يجدي المدعى عليها من بعد تذرعها بأنها أنذرت المدعيين بسداد مبلغ من الأقساط المتبقية من ثمن وحدة التداعي كما لجأت إلى دائرة الأراضي والأملاك في هذا الخصوص والتي أخطارتهما بالسداد بتاريخ 10-07-2024 وذلك وفق الإخطارين المقدمين من المدعى عليها في ملف النزاع المحدد القيمة آنف البيان، إلا أنهما امتنعا عن السداد، ذلك أن كل هذه الإجراءات من المدعي عليها قد صاحبها العوار، بحسبان أن الثابت في ظل ظروف وملابسات التعاقد من عدم وجود تاريخ محدد لإنجاز وتسليم وحدة التداعي، وفوات مدة الاثني عشر عامًا المشار إليها سلفًا دون إنجاز المشروع، ومقدار نسبة الإنجاز الحالية للمشروع السالف بيانها والتي تكشف وبما لا يدع مجالًا للشك عن تباطؤ المدعى عليها في الإنجاز وعدم قرب موعد الانتهاء من المشروع وجاهزية الوحدة للتسليم، أنه قد تولد للمدعيين الحق في حبس ما لم يكن قد أوفيا به من ثمن المبيع ولو كان مستحق الأداء حتى يزول الخطر الذي يتهددهما من تراخي المدعى عليها في تنفيذ التزاماتها، وأن المدعى عليها قد تخلفت عن تنفيذ التزامها التعاقدي بإنجاز وتسليم عين التداعي المباعة للمدعيين حتى تاريخه مما ترتب على ذلك فسخ الاتفاقية سند الدعوى ومن ثم يتوافر ركن الخطأ في جانبها والذي أصاب المدعيين بأضرار مادية وأدبية تمثلت في حرمانهما من استثمار المبلغ المدفوع من الثمن والانتفاع بالعين محل التداعي وما صاحب ذلك من أسى وآلام نفسية)). وقد أضاف الحكم المطعون فيه في مدوناته: ((وكانت هذه المحكمة تساير محكمة أول درجة فيما خلصت إليه من ثبوت إخلال المستأنفة في تنفيذ التزاماتها العقدية على النحو السالف بيانه وهو ما يمثل خطأ في جانبها تسبب في إصابة المستأنف ضدهما بأضرار تتمثل في عدم الاستفادة من استثمار المبلغ الذي سدداه من ثمن الوحدة والانتفاع بعين التداعي وما صاحب ذلك من أسى وآلام نفسية وترى أن التعويض المقضي به من محكمة أول درجة وقدره 75,000 درهم عن الأضرار المادية والأدبية هو تعويض جابر لتلك الأضرار التي لحقت بالمستأنف ضدهما ويتكافأ معها ولا مخالفة للقانون في القضاء بالفوائد على مبلغ التعويض من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا)). فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لما تثيره الطاعنة. ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. وبالتالي يكون النعي على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق