بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 304 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ر. و. ا. ل. ا. ش. ذ. م. م.
مطعون ضده:
ا. ف. ا. .. ا.
م. ا.
س. ا. م. ب. ع. ع. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/119 استئناف عقاري بتاريخ 15-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة "راي وايت انترناشونال للوساطة العقارية ش.ذ.م.م" أقامت الدعوى رقم 1500 لسنة 2023 عقاري ضد المطعون ضدهم "1 - سعادة السيد محمد بن عبد اللطيف عبد الرحمن المانع 2 - الخليجي فرنسا اس. ايه 3 - مصرف الريان" بطلب الحكم أولًا: بإلزامهم بالتضامن والتضامم بسداد 5,575,500.00 درهم شاملًا قيمة الضريبة المضافة، والفائدة بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق وقت بيع العقار وحتى السداد. ثانيًا: ندب خبير حسابي لأداء المهمة المبينة بالصحيفة، وقالت بيانًا لذلك إنها تعمل في مجال الوساطة العقارية، وأن المطعون ضده الأول اتفق معها على منحها الحق الحصري في بيع قطعة الأرض محل النزاع المملوكة له وذلك حتى شهر فبراير من العام 2024 مقابل نسبة عمولة قدرها 3% من قيمة المبيع بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة، وعند بيع قطعة الأرض يتم سداد العمولة من مبلغ البيع عن طريق المطعون ضدهما الثاني والثالث، وأن المطعون ضده الأول أرسل عقد الوساطة سند الدعوى للبنك المطعون ضده الثاني، والذي أرسله الأخير إليها، وإذ قدمت عرضًا للبيع بمبلغ 177 مليون درهم تم رفضه من البنك المطعون ضده الثاني، والذي قام و المطعون ضده والثالث ببيع قطعة الأرض بثمن أقل من العرض المقدم منها، إضرارًا بها وبالمخالفة لعقد الوساطة، وترتب على ذلك فوات المنفعة وفرصة الكسب لها، فضلًا عن الجهد الذي تم بذله في سبيل إيجاد مشتري لقطعة الأرض، بما يستوجب مسئولية المطعون ضدهم عن قيمة العمولة المستحقة بمبلغ 5,310,000.00 درهم، بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة على العمولة بمبلغ 265,500.00 درهم، ليكون إجمالي المستحق المبلغ المطالب به، ومن ثم كانت الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 30 ديسمبر 2024 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 119 لسنة 2025 عقاري، وبتاريخ 15 مايو 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 12 يونيو 2025، طلبت فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضدهما الثاني والثالث مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن، ولم يقدم المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة، وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بأسباب طعنها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى، استنادًا إلى ما خلص إليه من أن شرط الحصرية لا يمنع المالك ? المطعون ضده الأول ? من البيع، رغم أن الثابت بالأوراق أن العلاقة التي تربطها به تحكمها اتفاقية وساطة حصرية محددة المدة تنتهي في فبراير 2024، وقد أبرمت بإيجاب صادر عن المطعون ضده الأول واقترن بقبول منها، ويُعد ذلك بمثابة وكالة خاصة أو حوالة حق تُنشئ التزامًا قانونيًا لصالحها، لا يجوز المساس به طوال مدة سريانه، بما يمتنع معه على المالك المذكور التفاوض أو إبرام أي تصرف ناقل للملكية بشأن العقار إلا من خلالها بصفتها الوسيط الحصري، طالما أن العقد قائمًا ومسجلًا وموثقًا ، إلا أن المطعون ضده الأول، وبمشاركة المطعون ضدهما الثاني والثالث، ورغم علمهم بالعقد، أقدموا على بيع العقار لطرف ثالث خلال سريان العقد، ودون الرجوع إليها، وبسعر أقل من العرض الذي قدمته، وهو ما يُشكل إخلالًا جسيمًا من جانبهم يوجب مساءلتهم بالتعويض وسداد العمولة، وهو ما تغافل عنه الحكم المطعون فيه، الذي أخطأ في تفسير الطبيعة القانونية لعقد الوساطة سند الدعوى، ولم يفطن إلى أن المطعون ضدهم قد قاموا بفسخ العقد بإرادة منفردة بالمخالفة لأحكامه واللائحة التنظيمية رقم (85) لسنة 2006 بشأن تنظيم سجل الوسطاء العقاريين في إمارة دبي، والتي توجب على الموكل الالتزام بسداد العمولة وتعويض الوسيط في حال الإخلال بعقد الوساطة الحصرية، كما أخطأ الحكم عندما طبق أحكام اللائحة المشار إليها، وذهب إلى أن الطاعنة لا تستحق العمولة ما لم يتم البيع عن طريقها، في حين أن تلك اللائحة لا تسري على عقد الوساطة الحصري، الذي يخضع في طبيعته القانونية لأحكام الحوالة والوكالة، ولم يُراع الحكم أن المطعون ضده الأول هو من حال دون إتمام البيع، رغم وجود مشتري فعلي، كما انتهى الحكم خطأ إلى أن الطاعنة لم تُخطر المالك بعرض الشراء، رغم أن المطعون ضدهما الثاني والثالث هما من سلماها العقد مما يُعد تفويضًا ضمنيًا منهما لها باستلام وتسليم العروض والعمولة، ويدحض الادعاء بعدم الإخطار، وقد أسبغ الحكم عليهما صفة الدائن المرتهن رغم كونهما طرفين في إبرام عقد الوساطة، وهو ما يُثبت مسئولية المطعون ضدهم خلافًا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، والتفت عن طلبها بإعادة الدعوى للخبير أو ندب غيره ، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، وآثاره تنصرف إلى عاقديه ولا ترتب التزامات في ذمة الغير الذي لم يكن طرفًا فيه. ومن المقرر أيضًا أن مُفاد نصوص المواد 252 من قانونِ المُعاملات التجارية، و2، 3، 28، 30 من اللائحة رقم 85 لسنة 2006 الصادرة بتاريخ 30 مايو 2006 من رئيس دائرة الأراضي والأملاك بشأن تنظيم سجل الوسطاء العقاريين في إمارة دبي بموجب التفويض التشريعي المبين بالمادتين 6/ 6 و28 من قانون رقم 7 لسنة 2006 بشأن التسجيل العقاري في إمارة دبي، والمادتين 3 و5 من الأمر المحلي رقم 32 لسنة 1987 بشأن تنظيم الوساطة في بيع أو شراء أو تأجير العقارات في إمارة دبي، أن الوساطة هي عقد يتعهد بمقتضاه الوسيط العقاري لشخص بالبحث عن طرف ثان لإبرام عقد معين وبالوساطة في مفاوضات التعاقد، وذلك مقابل أجر ولا يستحق الوسيط أجره إلا إذا أدت هذه الوساطة إلى إبرام العقدِ بين الطرفين، ولا يستحقه إلا ممن فوضه من طرفي الصفقة في التوسط في إبرامها، كما لا يحق له المطالبة بأي مُقابل أو تعويض أو مصروفات إذا لم تُفض مساعيه أو مفاوضاته إلى إبرام اتفاق بين الطرفين، ما لم ينص عقد الوساطة على خلاف ذلك. كما من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى بحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديمًا صحيحًا والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه وصولًا إلى ما تراه متفقًا مع وجه الحق في الدعوى، ولها تفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفَى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها دون التقيد بما تفيده عبارة بعينها من عباراته بل يجب عليها مراعاة ما يستخلص من جماع عباراته وبنوده بأكملها مع الاستهداء بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقًا للعرف الجاري في المعاملات وتقدير عمل الخبير، ، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة من بعد بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها ولا بأن تتتبعهم في مختلف أقوالهم وحُججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل منها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، ولا عليها إن لم تجب الخصم إلى إعادة الدعوى إلى الخبير أو ندب خبير آخر فيها متى رأت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. وأن أن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعًا في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه، وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع بعض ما دام قصد المحكمة ظاهرًا ورأيها واضحًا فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي، المؤيد والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها، أن طرفي عقد الوساطة سند الدعوى هما الطاعنة والمطعون ضده الأول، فإن آثاره تنصرف إليهما دون المطعون ضدهما الثاني والثالث، ولا يُسألان عن تنفيذ ما ورد به من تفويض المطعون ضده الأول لهما بسداد عمولة الوسيط ? الطاعنة ? من إيرادات البيع وبفرض صحة ما تمسكت به الطاعنة من وجود مراسلات بينها وبين المطعون ضدهما الثاني والثالث بشأن عملية البيع، وعلمهما بالعقد، فإن ذلك لا يُعد قبولًا صريحًا منهما بما ورد في عقد الوساطة من التزام بدفع العمولة ولا يكفي وحده لقيام رابطة تعاقدية، طالما أنهما ليسا طرفان في عقد الوساطة، المعنون بعبارة "نوع العقد: حصري"، وإن جاز حمل تلك العبارة على أن المقصود بها اتفاق طرفي العقد على عدم البيع عن طريق وسيط آخر غير الطاعنة خلال مدة العقد، إلا أنه لا يمكن تفسيرها على نحو يحرم الأصيل - المطعون ضده الأول -مالك العقار محل النزاع ? من أن يبيع العقار بنفسه في ضوء ما يقدره من ظروف وملابسات، وفي الوقت وبالثمن الذي يراه، ما دامت الطاعنة لم تفلح في إبرام عقد بيع مع مشتري خلال مدة العقد طالما لم يتضمن العقد لخلوه اتفاق صريح يقضي بحرمان المطعون ضده الأول من هذا الحق، وخلوه من تفسير آخر لعبارة "نوع العقد: حصري"، كما خلت الأوراق مما يفيد إبرام اتفاق بيع لقطعة الأرض محل النزاع نتيجة لأعمال الوساطة التي قامت بها الطاعنة، ومن ثم? وعملًا بنص المادة 30 من اللائحة سالفة البيان- لا يحق لها المطالبة أو استرداد ما تكبدته من نفقات أو مصاريف، طالما لم يرد اتفاق صريح على ذلك مع المطعون ضده الأول، وأن ادعاء الطاعنة بتوصلها إلى مشتر للعقار بمبلغ 177,000,000 درهم، وتحرير شيك بمبلغ العرض لصالح المطعون ضده الثاني، وإخطارها الأخير والمطعون ضده الثالث بذلك فإنه ? بفرض صحته ? لا يُغني عن إخطار المطعون ضده الأول بذلك العرض، فهو وحده المتعاقد معها، والمسئول في مواجهتها، وإذ خلت الأوراق مما يفيد إخطاره بالعرض المقدم منها ، فلا يصح أن يُنسب إليه أنه رفضه، خاصة أن العرض المدعى به يفوق السعر المدرج في العقد ومقداره 125,000,000 درهم ، كما أن العبارة الواردة في العقد والتي فوض بموجبها المطعون ضده الأول كل من المطعون ضدهما الثاني والثالث بدفع عمولة الطاعنة من إيرادات البيع، وعلمهما بذلك، فإن مناط التمسك بها أن يثبت أن من باشر عملية البيع وقبض الثمن هما المذكوران، وهو ما لم يثبت من أوراق الدعوى، بل أن الثابت من شهادة الملكية المقدمة من الطاعنة أن الملكية آلت إلى المشترى "ماج للتطوير العقاري" من المطعون ضده الأول، ورتب الحكم على ذلك قضاءه المتقدم، وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ومستمدة مما له أصله الثابت بالأوراق ولا تناقض فيما بينها وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وكافية لحمل قضائه وتشمل الرد، وتشمل الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة من حجج وأوجه دفاع مخالفة، فلا عليه من بعد إن هو التفت عن إجابة طلبها بإعادة الدعوى إلى الخبير أو ندب غيره بعد أن وجد في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها، فإن ما تنعى به الطاعنة بأسباب الطعن والتي تدور حول تعييب هذا الاستخلاص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها بغيه الوصول إلى نتيجة مغايره وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز.
ولِما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدهما الثاني والثالث مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق