جلسة 21 من يوليو سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(203)
الطعن رقم 293 لسنة 33 القضائية
(أ) دعوى - دعوى الإلغاء - الإجراءات السابقة على رفعها - التظلم.
المشرع لم يحدد شكلاً معيناً للتظلم - مؤدى ذلك: يصح أن يكون التظلم ببرقية يفصح فيها المتظلم عن تشكيه من القرار المتظلم منه - إذا كان الطاعن قد تظلم برقياً من القرار المطعون فيه ثم تعددت تظلماته من ذات القرار فإن العبرة في بدء سريان مواعيد رفع الدعوى هي بالتظلم الأول - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية - إنذار.
المادة 98/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة
- إذا كان العامل لم يسبق إنذاره بالفصل فإن قرار إنهاء خدمته يعتبر باطلاً وليس منعدماً - إغفال إنذار العامل بإنهاء خدمته للانقطاع يؤدي إلى بطلان قرار إنهاء الخدمة باعتبار أن الإنذار إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان القرار - أثر ذلك: يتقيد العامل في رفعه لدعوى الإلغاء المتعلقة بهذا القرار بمواعيد دعوى الإلغاء المقررة في قانون مجلس الدولة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 21/ 12/ 1986 أودع الأستاذ/ محمد يونس المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن تقرير الطعن الماثل سكرتارية المحكمة الإدارية العليا ضد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 24/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 1147/ 36 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده الذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات.
ويطلب الطاعن الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار محل الطعن وما يترتب على ذلك من آثار واحتساب مدة الانقطاع ضمن سن المعاش أي إعادة الطاعن إلى عمله دون انقطاع مدة خدمته المتصلة وإلزام جهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 30/ 12/ 1986.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 14/ 5/ 1990 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" وحددت لنظره أمامها جلسة 21/ 10/ 1990 حيث تداولت نظره وقدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته وقدم الحاضر عن الجامعة المطعون ضدها مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وبجلسة 17/ 3/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 12/ 5/ 1992 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 24/ 4/ 1986 وتقدم الطاعن بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية لإعفائه من رسوم الطعن بتاريخ 28/ 10/ 1986 تقرر رفضه بتاريخ 28/ 10/ 1986 فأقام الطعن الماثل بتاريخ 21/ 12/ 1986 ومن ثم يكون الطعن قد أقيم في الميعاد الذي حدده القانون مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية ويغدو تبعاً لذلك مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص في أن الطاعن (المدعي) أقام الدعوى رقم 1147/ 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها سكرتارية المحكمة بتاريخ 19/ 1/ 1983 طلب في ختامها الحكم بإلغاء قرار إنهاء خدمته في 18/ 12/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبار مدة خدمته متصلة دون إسقاط للمدة من 12/ 8/ 1980 حتى 11/ 12/ 1981 وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات والأتعاب.
وقال المدعي شرحاً لدعواه: إنه كان يعمل بجامعة القاهرة منذ عام 1960، وفي 30/ 8/ 1974 أعير إلى العراق ووافقت الجامعة على تجديد إعارته سنوياً حتى قبيل انتهاء السنة السادسة وتقدم المدعي بطلب لتجديد إعارته للسنة السابعة ولم تقم الجامعة بإبلاغه برفض طلب الإعارة، ثم قامت لجنة شئون العاملين بها خلال شهر ديسمبر 1980 بإصدار قرار بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 12/ 8/ 1980 دون إنذار سابق ودون أن تبلغه بإنذار الفصل، وعندما استفسر برقياً من الجامعة عن مصيره الوظيفي أفادته في اليوم التالي بإنهاء خدمته فتظلم برقياً من بغداد في 10/ 2/ 1981 من هذا القرار، وحين حضر إلى القاهرة في 25/ 2/ 1981 قدم تظلماً كتابياً في 16/ 3/ 1981، ثم تقدم إلى لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الإداري بطلب في 30/ 6/ 1981 لإعفائه من رسوم الدعوى المزمع إقامتها بالطعن على قرار إنهاء خدمته وتقرر رفض هذا الطلب بتاريخ 7/ 12/ 1981 ثم أعادته الجامعة إلى العمل في 12/ 12/ 1981 مع إسقاط مدة الانقطاع من خدمته وأقام الدعوى في 19/ 1/ 1982 بالطلبات السابق بيانها.
وقد نظرت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري حيث قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته، وقدمت الجامعة المدعى عليها حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعها دفعت فيها أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً طلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 24/ 4/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن الثابت باعتراف المدعي في صحيفة دعواه أنه تظلم برقياً من القرار المطعون عليه في العاشر من فبراير 1981 فور إخطاره بصدور قرار إنهاء خدمته وهذا التظلم الأول دون ما عداه من تظلمات لاحقة هو المعتبر وحده في حساب المواعيد، وإذ ذكرت جهة الإدارة أنها لم ترد على تظلمه فكان يتعين على المدعي أن يرفع دعواه خلال ستين يوماً من فوات الستين يوماً المقررة للجامعة للبت في تظلمه ولكنه لم يتقدم بطلب المساعدة القضائية إلا في 30/ 6/ 1981 أي بعد فوات ذلك الميعاد المقرر قانوناً ومن ثم تكون الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني.
ولم يرتض الطاعن هذا الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل مقيماً إياه على سند من القول بأن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وقضى بما يخالف الثابت في الأوراق وتجاهل الوقائع والمستندات، لأن المدعي لم يتظلم من القرار المطعون فيه إلا في 16/ 3/ 1981 بعد عودته من الخارج واطلاعه عليه واستمر بحث التظلم لدى لجنة شئون العاملين إلى أن صدر في 12/ 12/ 1981 قرار بإعادة تعيينه مع إسقاط فترة الانقطاع من 11/ 8/ 1980 إلى 12/ 12/ 1981 من أقدمية الدرجة والمعاش.
أما ما ورد في عريضة الدعوى من أنه تظلم برقياً من القرار المطعون فيه بتاريخ 10/ 2/ 1981 فهو محض خطأ مادي، هذا فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر معدوماً حيث لم يسبق إنذاره بالفصل طبقاً للمادة 98/ 1 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
ومضى الطاعن إلى القول بأن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب لأنه مع تمسك الطاعن بأن تاريخ تظلمه الحقيقي هو 17/ 3/ 1981 فإن الفترة من 10/ 2/ 1981 تاريخ ما تسميه الجامعة تظلماً أول حتى 12/ 12/ 1981 كانت الجامعة تبحث تظلم المدعي وانتهت إلى إعادته إلى عمله في 12/ 12/ 1981 وبذلك تكون الجامعة قد سلكت مسلكاً ايجابياً نحو بحث التظلم وبذلك لا تسري في جانبه قرينة الرفض الضمني لتظلمه بعدم الرد عليه خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه الذي تتمسك به الجامعة وهو 10/ 2/ 1981.
وانتهى الطاعن من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها.
ومن حيث إن مبنى الطعن على ما سبق هو تمسك الطاعن بأن تظلمه من القرار المطعون فيه كان في 16/ 3/ 1981 وأن ما ورد في صحيفة الدعوى من أنه تظلم ببرقية في 10/ 2/ 1981 هو محض خطأ مادي لا يعتد به في سريان مواعيد رفع الدعوى وأنه بافتراض أن هذا التاريخ هو الذي يعتد به في ذلك فإن جهة الإدارة قد سلكت مسلكاً إيجابياً نحو إجابة المدعي إلى تظلمه الأمر الذي لا يجوز معه اعتبار مضي ستين يوماً دون الرد على التظلم بمثابة رفض ضمني له.
ومن حيث إن المقرر قانوناً وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن القانون لم يحدد شكلاً معيناً للتظلم وأنه تبعاً لذلك يصح أن يكون التظلم ببرقية يفصح فيها المتظلم عن تشكيه من القرار المتظلم منه، ومتى كان ذلك وكان الطاعن قد أقر في الدعوى بأنه تظلم برقياً من القرار المطعون فيه بتاريخ 10/ 2/ 1981 فإن ذلك يعتبر تظلماً من القرار المطعون فيه منتجاً لكافة آثاره القانونية ومنها بدء سريان مواعيد رفع الدعوى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه إذا تعددت تظلمات المدعي من القرار المطعون فيه فإن العبرة في بدء سريان مواعيد رفع الدعوى هي بالتظلم الأول، الأمر الذي يكون معه التاريخ الذي تحسب منه مواعيد رفع الدعوى هو تاريخ تقديم التظلم الأول في 10/ 2/ 1981.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي لم يتقدم بطلب إعفائه من رسوم الدعوى إلا في 30/ 6/ 1981، وكانت جهة الإدارة لم ترد على تظلم المدعي في مدى ستين يوماً من تاريخ تقديمه في 10/ 2/ 1981 فإن ذلك يعتبر بمثابة رفض للتظلم كان يتعين على المدعي أن يقيم دعواه في مدى ستين يوماً من تاريخ انتهاء الستين يوماً الأولى، فإن مؤدى ذلك أنه قد تقدم بهذا الطلب بعد انتهاء مواعيد رفع الدعوى، ولا يؤثر في ذلك ما زعمه المدعي من أن جهة الإدارة قد سلكت مسلكاً إيجابياً لإجابة المتظلم إلى تظلمه لأن جهة الإدارة كانت بصدد النظر في طلب إعادة المدعي إلى وظيفته السابقة مع إسقاط مدة انقطاعه عن العمل من مدة خدمته ومعاشه، وليس في الأوراق ما يدل على أنها كانت بسبيل إجابته إلى طلب سحب قرار إنهاء خدمته المطعون عليه الذي يعد وحده مسلكاً إيجابياً تمتد معه مواعيد رفع الدعوى بإلغاء ذلك القرار.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن دعوى الطاعن تكون قد رفعت بعد الميعاد الذي حدده القانون ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أنه لم يسبق إنذاره بالفصل طبقاً للمادة 98/ 1 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الأمر الذي يكون معه قرار إنهاء خدمته معدوماً ولا يتقيد الطعن فيه بمواعيد رفع دعوى الإلغاء، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إغفال إنذار العامل بإنهاء خدمته للانقطاع طبقاً للنص المشار إليه يترتب عليه بطلان قرار إنهاء الخدمة باعتبار أن الإنذار إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان القرار، وبذلك يكون الزعم بانعدام القرار غير سليم ويكون جزاء إغفال هذا الإجراء هو البطلان الذي يتقيد معه العامل في رفع الدعوى بإلغاء القرار بالمواعيد المقررة لدعوى الإلغاء في قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون قد جاء سليماً لا مطعن عليه ويتعين الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق