بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 276 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ش. د. س. ا. ذ. م. م.
مطعون ضده:
ا. ب. ح. ب. ح. ب. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1105 استئناف عقاري بتاريخ 29-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ? تتحصل في أن المطعون ضده "إبراهيم بن حسين بن حمد بن مسلم" أقام الدعوى رقم 1463 لسنة 2023 عقاري ضد الطاعنة "شركة داماك ستار العقارية" بطلب الحكم ? وفق طلباته الختامية ? أولًا: بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 519,836 درهم حتى تاريخ 30 سبتمبر 2023، وما يستجد من أجرة على الوحدة محل النزاع حتى تاريخ التسليم الفعلي بواقع 30,000 درهم شهريًا، والفائدة القانونية بنسبة 5% من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام. ثانيًا: بإلزام الطاعنة بتسليم الوحدة محل النزاع له، وسداد رسوم الخدمات البالغة 49,271 درهم، وبيانًا لذلك قال إنه بتاريخ اشترى من الطاعنة الوحدة محل النزاع رقم 4005، المقامة ببرج داماك تاورز باراماونت بمنطقة الخليج التجاري ? دبي، لقاء ثمن مقداره 3,500,000 درهم، وبتاريخ 16 أبريل 2016 تم توقيع اتفاقية إدارة الإيجار بين الطرفين، بموجبها تقوم الطاعنة بتأجير الوحدة المملوكة له لمدة ثلاث سنوات، بما قيمته 10% من سعر الشراء، أي ما يعادل مبلغ 350,000 درهم، وقد بدأت من تاريخ أول أكتوبر 2019 وحتى الآن، وإذ تم إجراء المحاسبة بين الطرفين حتى تاريخ 30 سبتمبر 2023 فقد تبين تحويل بعض المبالغ لحسابه، وترصّد بذمة الطاعنة مبلغ 519,836 درهم وفقًا لكشف الحساب، إلا أنها لم تقم بتحويل المبلغ حتى الآن، ومن ثم كانت الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 28 نوفمبر 2024 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 350,000 درهم وما يستجد منه حتى التسليم والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1105 لسنة 2024 عقاري، وبتاريخ 29 أبريل 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل، بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 28 مايو 2025، طلبت فيها نقض الحكم، قدم المطعون ضده مذكرة بعد الميعاد، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة، رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد من خمسة أوجه تنعَى الطاعنة بالوجه الأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لمخالفته قواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، لكون النزاع يدور حول القيمة الإيجارية لوحدة النزاع محل اتفاقية إدارة الإيجار سند الدعوى، بما ينعقد الاختصاص بنظرها لمركز فض المنازعات الإيجارية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي في الأصل صاحبة الولاية العامة في نظر جميع المنازعات أياً كان نوعها، غير أنه يجوز لصاحب السمو حاكم دبي أن يُخرج بعضها من ولايتها بإسنادها إلى جهة أخرى، بما له من سلطة تخصيص القضاء بالزمان والمكان والحادثة. وكان مفاد المادة 25 من قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز لكل إمارة أن تنشئ لجانًا تختص دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بعقود إيجار الأماكن بين المؤجر والمستأجر، ولها أن تنظم إجراءات تنفيذ قرارات تلك اللجان. وكان ما جاء بنص المادة الثانية من المرسوم رقم 26 لسنة 2013 الصادر من صاحب السمو حاكم دبي بشأن مركز فض المنازعات الإيجارية في إمارة دبي على أن: "تكون للكلمات والعبارات حيثما وردت في هذا المرسوم المعاني المبينة إزاء كل منها، ما لم يدل سياق النص على غير ذلك...، المنازعات الإيجارية: المنازعة التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر فيما يتصل بتأجير واستئجار الأموال غير المنقولة"والنص في المادة السادسة منه على أن: "(أ) يختص المركز - دون غيره - بما يلي: (1) الفصل في جميع المنازعات الإيجارية التي تنشأ بين مؤجري ومستأجري العقارات الواقعة في الإمارة أو في المناطق الحرة، بما في ذلك الدعاوى المتقابلة الناشئة عنها، كذلك طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية أو المستعجلة التي يتقدم بها أي من طرفي عقد الإيجار، (2)...، (3)...، (ب)..."، يدل على أن هذا المرسوم من التشريعات الواردة على خلاف أحكام القواعد العامة في الاختصاص، فلا يجوز التوسع في تفسيره، بحيث يتعين قصره على ما ورد به نصاً وتفسيراً، من جعل اختصاص مركز فض المنازعات الإيجارية في إمارة دبي مقصوراً على المنازعات التي تنشأ بين المؤجرين والمستأجرين بصفاتهم هذه، أو بين خلفهم العام أو الخاص متى كانوا طرفاً في العلاقة الإيجارية، عما ينشأ عنها من منازعات. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنه بموجب اتفاقية إدارة الإيجار سند الدعوى وافق المطعون ضده بوصفه المالك لوحدة التداعي على قيام الطاعنة أو من ينوب عنها بإدارة وتأجير الوحدة للغير، مقابل عائد سنوي ثابت للمطعون ضده بواقع 10% من صافي سعر الشراء، وبالتالي فإن تلك الاتفاقية ? إذ ليس المستأجر طرفًا فيها ? تخرج عن نطاق تعريف عقد الإيجار المبين في القانون رقم (26) لسنة 2007 بشأن تنظيم العلاقة بين مؤجري ومستأجري العقارات في إمارة دبي، المعدل بالقانون رقم (33) لسنة 2008، بأنه العقد الذي يلتزم المؤجر بمقتضاه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعقار لغرض معين مدة معينة لقاء بدل معين، ومن ثم لا يختص بها مركز فض المنازعات الإيجارية، وينعقد الاختصاص بنظر الدعوى لمحاكم دبي، ويكون النعي على الحكم بما سلف على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعَى بباقي أوجه السبب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع؛ إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بإلزامها بتسليم وحدة النزاع وبالمبلغ المحكوم به كعائد للوحدة عن الفترة من أول أكتوبر 2022 حتى 30 سبتمبر 2023 أخذًا بما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب، رغم اعتراضاتها عليه لما شابه من قصور ونتائج غير صحيحة ومخالفة للثابت بالمستندات، إذ انتهى إلى أن الوحدة تحت إدارة الطاعنة، مستدلًا على ذلك من رسائل واتساب، ومن شهادة إيجاري لعقد المستأجر للوحدة، ومن تنفيذ حكم إخلاء الأخير في 16 يناير 2023، حال أن الأوراق والتقرير خلت من أي رسائل واتساب متبادلة بينها وبين المطعون ضده بخصوص الوحدة، وبفرض وجود تلك الرسائل، فلم تصدر من موظفيها، لا سيما وأن اتفاقية إدارة التأجير حددت وسيلة التواصل عن طريق البريد المسجل أو عبر البريد الإلكتروني، وأن شهادة "إيجاري" لم يثبت منها أن المؤجر هي الطاعنة، وإنما الثابت من اتفاقية إدارة التأجير أن الطرف الذي يدير الوحدة هو شركة/ داماك است مانجمنت، كما أن الحكم ساير تقرير الخبير فيما انتهى إليه من استحقاق المطعون ضده للعائد المضمون عن الفترة اللاحقة لانتهاء الاتفاقية، وهي من أول أكتوبر 2022 وحتى 30 سبتمبر 2023، رغم أن الوحدة ظلت خالية بعد إخلاء المستأجر منها، ولا يوجد أي عائق يمنع المطعون ضده من استلامها، ولم يثبت قيام الطاعنة باستغلال أو الانتفاع بالوحدة، ولم تُنتقل الخبرة لمعاينتها لإثبات حالتها، وبالتالي يُسأل عن تلك الفترة شاغل الوحدة، دون الطاعنة أو شركة الإدارة، ووفقًا أيضًا لخطاب إبراء الذمة المدرج بالملحق رقم (3)، وللبند رقم (5-2) من الاتفاقية، بما لا يحق معه مطالبـتها بالعائد عن تلك الفترة ، وأنه بفرض استحقاق المطعون ضده للمبلغ المحكوم به عن الفترة محل المطالبة، فإنه لم يُخصم منه قيمة رسوم الإدارة، ورسوم خدمات المرافق المشتركة، ورسوم الصيانة عن تلك الفترة، علاوة على أنه ألزمها بتسليم الوحدة بالمخالفة للجدول رقم (3) من اتفاقية إدارة التأجير، لثبوت انتقال حيازة الوحدة إلى المطعون ضده في 4 يناير 2019، وأنها وفقًا للبند (8-1) من الاتفاقية غير ملزمة بإخطار المطعون ضده عند انتهاء الاتفاقية أو إشعاره لاستلام الوحدة، وإذ لم يفطن الحكم لكل ذلك وعول على تقرير الخبير رغم ما شابه من قصور وفساد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، ويتعين على كل من طرفيه الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات عليه، وطبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، وأنه متى أثبت أحد أطراف العقد قيام الالتزام في جانب الطرف الآخر، فإن هذا الأخير هو الذي يقع عليه عبء الوفاء بالتزامه.ومن المقرر أيضًا أن تقدير تقابل الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين، واستخلاص الوفاء بها أو الإخلال في تنفيذها، وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في نطاق سلطتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديمًا صحيحًا، والموازنة بينها، وترجيح ما تطمئن إليه، واستخلاص جدية الادعاء بالمديونية، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل الخبير باعتباره من أدلة الدعوى، وتأخذ به متى اطمأنت إلى صحة أسبابه، دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالًا على الطعون الموجهة إليه، وهي غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات أو قول أو حجة أو طلب أثاروه، ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها، الرد الضمني المسقط لتلك المستندات والأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده المبلغ المحكوم به وتسليم وحدة النزاع إليه، على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها ومما اطمأن إليه من تقرير الخبير المنتدب، أن الطاعنة، بعد أن باعت للمطعون ضده الوحدة محل النزاع، أبرمت معه، بصفته المشتري، اتفاقية ، تضمنت التزام الطاعنة بدفع عائد سنوي إجمالي ثابت للمطعون ضده يعادل 10% من صافي سعر الشراء، ويستمر لمدة ثلاث سنوات من تاريخ أول أكتوبر 2019 حتى 30 سبتمبر 2022، وأن الطاعنة لم تلتزم بسداد العائد في مواعيده بحسب ما جاء ببنود الاتفاقية، إذ سددت للمطعون ضده دفعتين، الأولى بتاريخ 7 أبريل 2021، والثانية في 7 يونيو 2023، بإجمالي مبلغ 906,041.52 درهم، وأن وحدة التداعي استمرت تحت إدارتها بعد انتهاء تاريخ الاتفاقية في 30 سبتمبر 2022، ولم يتم تسليمها للمطعون ضده، وبتصفية الحساب بين الطرفين، تكون ذمة الطاعنة مشغولة للمطعون ضده بمبلغ 350,000 درهم، قيمة العائد المستحق للوحدة عن الفترة من أول أكتوبر 2019 حتى 30 سبتمبر 2023، ورتب الحكم على ذلك قضاءه المتقدم. وإذ كانت هذه الأسباب سائغة، ومستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، وكافية لحمل قضائه، وتشمل الرد الضمني المسقط لما ساقته الطاعنة من حجج مخالفة وأوجه دفاع ومستندات في هذا الخصوص، ولا ينال من ذلك ما تثيره من أنها ليست المؤجرة لوحدة النزاع، وأنه بعد انتهاء اتفاقية في 30 سبتمبر 2022 لا تُسأل هي وشركة الإدارة عن العائد خلال الفترة اللاحقة اعتبارًا من أول أكتوبر 2022 حتى 30 سبتمبر 2023، وفقًا للبند رقم (5-2)، وإنما يُسأل عن ذلك شاغل الوحدة، لأنها لم تنتفع بها بعد إخلاء المستأجر، بحسبان أن عبارات هذا البند لا تفيد إعفاءها مما تضمنته الاتفاقية من التزامها بضمان عائد سنوي إجمالي ثابت للمطعون ضده يعادل 10% من صافي سعر الشراء، كما أنها لم تقم بتسليم الوحدة للمطعون ضده بعد انتهاء مدة الاتفاقية، بل ظلت تحت إدارتها للغير حتى 28 ديسمبر 2022، لا سيما وأنها سددت جزءًا من قيمة العائد المستحق للمطعون ضده في 7 يونيو 2023، أي بعد تاريخ انتهاء الاتفاقية، حسبما ثبت من تقرير الخبير ومن صورة عقد الإيجار المرفق بالأوراق، مما يُستفاد منه وجود موافقة ضمنية من طرفي الاتفاقية على امتدادها بما يستحق العائد المتفق عليه، ومن ثم لا يُجدي الطاعنة ما تثيره بشأن خلو الأوراق من رسائل الواتساب التي استدل منها الخبير على أن الوحدة تحت إدارتها، لما سلف بيانه من ثبوت قيامها بإدارة الوحدة بعد انتهاء مدة الاتفاقية، وكان غير صحيح ما تقوله الطاعنة أن المبلغ المحكوم به لم يُخصم منه قيمة رسوم الإدارة ورسوم خدمات المرافق المشتركة ورسوم الصيانة، لما ثبت من تقرير الخبير أنه، بعد احتساب العائد عن فترة المطالبة، تم خصم المبالغ المسددة من الطاعنة للمطعون ضده وقيمة الرسوم المشار إليها، وانتهى الخبير في تقريره إلى أحقية الأخير بالمبلغ المحكوم به، فإن النعي على الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى، بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت المصروفات مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق