بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 266 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ر. ن. ج. ن.
ج. ن. س. ن.
مطعون ضده:
ا. ب. ك. ش. ب.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1103 استئناف عقاري بتاريخ 29-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين "ريتو ناندا جيريش ناندا، جريش ناندا سوشيل ناندا" أقاما الدعوى رقم 1638 لسنة 2023 عقاري على المطعون ضده "أشيش باجباي كيلاش شاندرا باجباي"، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهما مبلغ 650,000 درهم، و الفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا منذ تاريخ قيد الدعوى وحتى تمام السداد، وبيانًا لذلك قالا إنه بموجب عقد البيع المؤرخ 24 أغسطس 2023 اشتريا من المطعون ضده العقار محل النزاع رقم (1522) الكائن بمنطقة الثنية الرابعة لقاء ثمن مقداره 6,500,000 درهم يُسدد وفقًا لما تم الاتفاق عليه بالعقد وقد تم إصدار شيك "عربون" محرر باسم البائع بمبلغ 650,000 درهم عند توقيع العقد، والمبلغ المتبقي عن طريق شيك مدير يُحرر عند التسجيل باسم المالك، وإذ قاما بتنفيذ بنود العقد، إلا أن المطعون ضده تقاعس عن تنفيذ وإتمام عملية البيع وفشل في استخراج شهادة عدم الممانعة من المطور الرئيسي، فكانت هذه الدعوى. وجه المطعون ضده طلبًا عارضًا للحكم بإلزام الطاعنين، بالتضامن والتكافل فيما بينهما بأن يؤديا له مبلغ 650,000 درهم، مع الفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 28 نوفمبر 2024 في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعنين مبلغ 650,000 درهم والفائدة بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، وفي الدعوى المتقابلة (الطلب العارض) برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1103 لسنة 2024 عقاري، وبتاريخ 29 أبريل 2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية من إلزام المطعون ضده بأن يُؤدي للطاعنين مبلغ 650,000 درهم والفائدة عنه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى الأصلية وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل، بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 20 مايو 2025، طلبا فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه بعد الميعاد، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن حاصل ما ينعَى به الطاعنان بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفه للقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ ألغى الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية من إلزام المطعون ضده بقيمة العربون، و رفض هذه الدعوى تأسيسًا على أن البائع - المطعون ضده - لم يتمكن من الحصول على خطاب إضافي موثق من المستأجر يؤكد أن عقار التداعي سيكون شاغرًا في أول مايو 2024، بما لم يتحقق معه الشرط الوارد في البند (10) من الشروط الإضافية للعقد سند الدعوى، رغم أن المطعون ضده لم يتمسك صراحةً في صحيفة الاستئناف بعدم تحقق الشرط الوارد بالبند سالف البيان، بل انحصر دفاعه في القول بانفساخ العقد لمرور الأجل المتفق عليه لنقل الملكية دون إتمامها وهو تاريخ 24 أكتوبر 2024 وأن السبب وراء عدم تمسك المطعون ضده بذلك الشرط هو علمه التام بأن مستأجر العقار سبق وأن أصدر إقرارًا مؤرخًا 4 سبتمبر 2023 موثقًا لدى الكاتب العدل بدبي، أقر فيه بإخلاء العقار بتاريخ 31 مايو 2024 وقد تم تسليم هذا الإقرار للمطعون ضده، والذي أقر في مذكراته أمام محكمتي الموضوع بأنه أنهى عقد الإيجار الواقع على العقار، وأصدر وكالة بيع لوكيل داخل الدولة لإتمام عملية البيع، لكونه خارج الدولة خلال مدة سريان العقد، وبالتالي فإن الشرط المنصوص عليه في البند (10) من عقد البيع بشأن حصول البائع على شهادة موثقة من المستأجر، قد تحقق وفقد صفته كشرط لاغٍ، ويكون الالتزام الملقى على عاتق البائع لنقل ملكية العقار إليهما هو الحصول على شهادة عدم الممانعة لإعادة البيع من المطور لنقل الملكية إليهما، إلا أنه تقاعس عن تنفيذ هذا الالتزام، وهو ما ثبت أيضًا من تقرير الخبير المنتدب، ولم يقدم ما يفيد بأنه تقدم بطلب للحصول على تلك الشهادة، بما يكون العدول من جانبه، كما تغافل الحكم عن استجواب الخصوم بشأن تلك الشهادة وعن سماع أقوال وسيط البائع العقاري الذي طلب المطعون ضده سماع شهادته، لا سيما أن الوسيط أقر في الشهادة المرفقة بصحيفة الطعن بقبول خطاب موثق من المستأجر يؤكد فيه إخلاء العقار في أو قبل 31 مايو 2024، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لكل ما تقدم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، ويتعين على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد عليه وفقًا لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية. ومن المقرر كذلك أن الأصل في عقد البيع أنه نهائي، ولا يجوز للمتعاقدين بعد إبرامه الرجوع فيه، ولكن في بعض الأحيان يتم التعاقد على أن يكون لطرفي العقد أو لأحدهما أن يعدل عن العقد بمحض إرادته، وهو ما يسمى "البيع بالعربون"، والذي يختلف في أركانه وشروطه عن البيع بمقدم الثمن، إذ إن البيع بالعربون، ووفقًا لنص المادة (148) من قانون المعاملات المدنية، ولئن كان بيعًا باتًّا لا يجوز العدول عنه، إلا أنه يجوز الاتفاق بين الطرفين ? أو إذا جرى العرف على ذلك ? على أن يكون الالتزام الناشئ عنه التزامًا بدليًا، يخول المدين ? بائعًا أو مشتريًا ? أن يدفع العربون بدلًا من تنفيذ التزامه الأصلي الناشئ عن العقد خلال أجل معين، مما يوجب على من عدل أن يدفع للطرف الآخر مقدار العربون جزاءً لعدوله، فإذا كان هو من دفع العربون، فإنه يفقده، ويُصبح العربون حقًا لمن قبضه، أما إذا كان من عدل هو من قبض العربون، فيجب عليه رده ومثله للطرف الآخر ، ولا يُعد رد العربون تعويضًا عن الضرر الذي لحق بالطرف الآخر نتيجة العدول، إذ إن هذا الالتزام موجود ومحدد المقدار، حتى لو لم يترتب على العدول أي ضرر. أما البيع الذي دفع فيه المشتري جزءًا من الثمن ? ولو سماه الطرفان "عربونًا" ? دون أن يتفقا على جواز العدول أو كان هناك عرف ساري بذلك، فهو بيع نافذ المفعول بمجرد انعقاده، دون أن يكون لأحد المتعاقدين الحق في استعمال خيار العدول عنه أو نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقرها القانون، كما تسري عليه القواعد العامة بشأن جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو الفسخ أو التعويض عند الاقتضاء، وقد يتفق الطرفان في العقد على شرط جزائي حال الإخلال بالالتزامات التعاقدية. ومن المقرر أيضًا أن المشرع ولئن كان قد نظم الأركان الأساسية التي يقوم عليها العقد، والتي إذا انتفى منها ركن كان العقد معدومًا لا وجود له، وألحق في بعض العقود شروطًا تُعد مكملة للأركان، وجعل من تلك الشروط أسبابًا لصحة التعاقد، ورتب على تخلفها بطلان العقد أو قابليته للإبطال بحسب طبيعة الشرط ومدى تعلقه بالنظام العام، إلا أنه يجوز للطرفين إدراج شروط إضافية ما دامت لا تخالف النظام العام. ومن المقرر أيضًا وفقًا لما تقضي به المادتان (420) و(425) من قانون المعاملات المدنية، أن التصرف المشروط هو ما يكون معلقًا على شرط يتعلق بأمر مستقبل وغير محقق الوقوع، ويترتب عليه وجود الالتزام أو زواله، وإذا كان الشرط واقفًا، فإنه يؤدي إلى وقف نفاذ الالتزام إلى حين تحقق الواقعة المعلق عليها ، إذ يُعد الالتزام خلال فترة التعليق موجودًا لكن غير نافذ ولكنه غير نافذ، ولا يسري إلا بتحقق الشرط ، ويقع عبء إثبات تحقق الشرط الواقف على عاتق من يتمسك به من الطرفين، بأن يُقيم الدليل على وقوعه سواء كان مدعيًا أو مدعى عليه، لأنه يدعي خلاف الأصل الظاهر. ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وبحث وتمحيص الأدلة والمستندات المقدمة فيها، والموازنة بينها، وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها، وصولًا إلى ما تراه متفقًا مع وجه الحق في النزاع، كما لها تفسير العقود والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها، وحسبها أن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وكافية لحمل قضائها، ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي غير ملزمة بعد ذلك بتتبع الخصوم في شتى مناحي دفاعهم وحججهم والرد عليها استقلالًا، متى كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت عليها دليلها الرد الضمني المسقط لكل ما عداها. ومن المقرر أنه متى طلب المستأنف من محكمة الاستئناف إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، فإن الاستئناف يتضمن حتمًا، وبطريق اللزوم، إلغاء الحكم المستأنف في كافة ما قضى به على المستأنف. كما أنه من المقرر أنه لا يجوز للخصم التمسك أمام محكمة التمييز بدفاع موضوعي أو بطلب إجراء من إجراءات الإثبات أو تقديم مستند، لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى ومستنداتها إلى أن عقد البيع سند الدعوى المؤرخ 24 أغسطس 2023، المبرم بين الطاعنين بصفتهما "مشتري" والمطعون ضده بصفته "بائع" لوحدة التداعي، قد تضمن في البند رقم (10) من الشروط الإضافية التزام المطعون ضده (البائع) بتقديم خطاب إضافي موثق من المستأجر، يؤكد أن العقار سيكون شاغرًا في/قبل 1 مايو 2024، وذلك خلال عشرة أيام عمل من توقيع العقد، وإلا يُعتبر هذا العقد لاغيًا وباطلاً، أو يتم إرجاع شيك إيداع المشترين دون عقوبة؛ بما يكون معه العقد معلقًا على شرط واقف، هو تمكن المطعون ضده من الحصول على الخطاب المشار إليه، وهو ما لم يتحقق لعدم تمكنه من الحصول عليه خلال المدة المحددة، مما يترتب عليه زوال العقد، وعدم صلاحيته كأساس للمطالبة بأي من الالتزامات الواردة به، ومن ثم فلا أحقية للطاعنين (المشتريين) في مطالبة المطعون ضده (البائع) بسداد مثل قيمة العربون. وقد رتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية من إلزام المطعون ضده بأن يُؤدي للطاعنين مبلغ 650,000 درهم، مثل قيمة العربون، والقضاء برفض هذه الدعوى الأصلية، مع تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى المتقابلة ? الطلب العارض. وإذ كانت هذه الأسباب سائغة، ومستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، وكافية لحمل قضائه، وتشمل الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعنان من حجج وأوجه دفاع مخالفة، فلا ينال من ذلك ما يثيرانه بشأن عدم تمسك المطعون ضده صراحةً بما تضمنه البند (10) من الشروط الإضافية للعقد سند الدعوى، باعتبار أن ما تضمنته صحيفة استئنافه ومذكرته الشارحة لها من طلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية يتسع لما تناوله الحكم المطعون فيه في أسبابه، وكان لا يُجدي الطاعنين للتدليل على تحقق الشرط الوارد بالبند سالف البيان، التمسك بدلالة ما ورد في كل من الإقرار الموثق الصادر من مستأجر العقار محل النزاع، والشهادة الصادرة من وسيط المطعون ضده، المقدمين من الطاعنين رفقة صحيفة طعنهما، أو ما أقر به المطعون ضده في مذكراته أمام محكمة الموضوع، أو القول بأن الحكم أغفل استجواب طرفي النزاع وسماع شهادة وسيط البائع، إذ إن كل ما تقدم لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة التمييز، ومن ثم فإن النعي بما سلف لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى، بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق