بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 19-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين 144، 155 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
ب. ب. م. س. م. ب. ه.
س. ع. س. س. ك.
مطعون ضده:
ا. ا. م. ح. ذ.
ا. ل. ش.
ا. ا. ل.
س. ع. ك.
ش. ا. ا. ل. ف. د.
ك. ل. ا. ا. ل. ا. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/939 استئناف عقاري بتاريخ 27-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن الطاعنين في الطعن الأول -رقم 144 لسنة 2025 عقاري- "1- سيد عبد الرحيم سيد سليمان كاملي. 2- بى بى مريم سيد محمد بنى هاشمي" أقاما الدعوى رقم 390 لسنة 2024 عقاري على المطعون ضدهم في ذات الطعن "1- المزايا العقارية منطقة حرة ذ.م.م. 2- الصرح للمقاولات ش.ذ.م.م. 3- المكتب الوطني للهندسة. 4- شركة أبو ظبي الوطنية للتكافل فرع دبي. 5 - كيزن لخدمات الاشراف الاداري لجمعيات الملاك ذ.م.م. 6- سيد عبدالله كاملى" بطلب الحكم: 1- فسخ عقد البيع المبرم بين الطاعن الأول والمطعون ضده السادس وبين المطعون ضدها الأولى عن الوحدة محل النزاع وفسخ العقد المبرم بين الطاعنة الثانية وبين المطعون ضده السادس.2- إلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتضامم بسداد مبلغ 1,214,610 درهم والفائدة القانونية بواقع 9% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، بالإضافة إلى سداد مبلغ 425,000 درهم قيمة المساحة الخاصة بالطاعنة الثانية مع الفائدة القانونية بواقع 9% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. 3 - إلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتضامم بسداد مبلغ 800,000 درهم كتعويض عما لحقهما من أضرار مادية وأدبية ومبلغ 100,000درهم عن الكسب الفائت مع الفائدة القانونية عن المبلغين بواقع 9%سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. 4 - إلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتضامم بسداد مبلغ 31,000 درهم قيمة التسجيل العقاري ومبلغ 91,000 درهم قيمة رسوم خدمات الصيانة مع الفائدة القانونية عن المبلغين بواقع 9%من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. 5 - إلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتضامم بسداد مبلغ 275,715 درهم عباره قيمة الفوائد للقرض مع الفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وقالا بيانًا لذلك إنه بموجب العقد المؤرخ 13 مارس 2008 اشتري الطاعن الأول والمطعون ضده السادس مناصفة من المطعون ضدها الأولى الوحدة محل النزاع رقم 1204 وعدد 2 موقف سيارة بالرقم B- 81 --B- 80 بالمشروع المسمى كيو بوينت بناية 1مزايا 3 والكائن دبي لاند منطقة وادي الصفا 2 إمارة دبي ، وبموجب العقد رقم 2682 لسنة 2021 المؤرخ 15 أغسطس 2021 تنازل المطعون ضده السادس عن حصته في الوحدة إلى الطاعنة الثانية لقاء مبلغ 425,000 درهم وتم تسجيل التصرف لدى دائرة الأراضي والأملاك، و إذ تم اكتشاف وجود تصدعات في الهيكل الخرساني للمباني تهدد حياتهما وممتلكاتهما وانهارت قطع كبيرة من شرفة الطابق الثامن إلى الطابق الأرضي مما اضطر السلطات إلى إخلاء المبنى الكائنة به وحدة النزاع وتكونت لجنة من قبل مؤسسة التنظيم العقاري التابعة لسلطة دبي والتي خلصت في تقريرها إلى أن كامل المبني به مشاكل اساسية في متانة الهيكل بالإضافة إلى درجة الأضرار الهيكلية للبلاطات المسلحة للطوابق تختلف درجة تطورها من مبنى لأخر مما يستدعي تطبيق حلول آجلة تتعامل مع كل حالة حسب وضعها وأن حالة الابنية تستدعي التدخل المباشر والسريع لاتخاذ كافة التدابير الضرورية لدرء جميع الاخطار التي يمكن أن تؤثر على سلامة القاطنين والسلامة العامة الأمر الذي حدا بمؤسسة التنظيم العقاري بمخاطبة المطعون ضدها الخامسة بصفتها المسئول عن المبني وتكليفها باتخاذ الإجراءات اللازمة حفاظًا على سلامة المباني وما حولها وبمخاطبة الملاك والمستأجرين بالإخلاء وتسليم المبنى للمطور، وبناء على ذلك قامت المطعون ضدها الخامسة بإصدار خطاب إلى الملاك والمستأجرين بالإجراءات التي سوف تقوم باتخاذها المطعون ضدها الأولى (المطور)مع الالتزام التام بالتعويض عن كافة الاضرار التي تلحق بالملاك والمستأجرين والمسئولية عن إصلاح العيوب الهيكلية للمباني، إلا أن المطعون ضدها الأولى لم تلتزم بكافة القرارات الصادرة إليها والتوجيهات من الجهات المختصة بإصلاح العيوب المبني وايجاد الحلول المناسبة لذلك بما يحق لهما فسخ التعاقد بشأن وحدة النزاع ورد المبالغ المسددة والتعويض عما لحقهما من ضرر مادي تمثلت في فقدان وحدتهما السكنية وعدم الانتفاع بها أو بتأجيرها للغير بالإضافة للضرر المعنوي تمثل في الحالة النفسية التي اصابتهما نتيجة خسارتهما لمدخراتهما و الغرض من اختصام المطعون ضدها الثانية هي المقاول الرئيسي للمشروع المتعاقد مع المطور المطعون ضدها الأولى وأن المطعون ضدها الثالثة الاستشاري للمشروع، و المطعون ضدها الرابعة المؤمنة على المبنى الكائن به وحدة محل النزاع، وأن المطعون ضدها الخامسة تتولى إدارة شئون الملاك للمبني وأن المطعون ضده السادس المشتري الأول لحصة في الوحدة، ومن ثم كانت الدعوى، أدخلت المطعون ضدها الأولى كل من " 1-: سالم راشد سالم الخضر الشامسي بصفته المصفي القضائي لشركة الصرح للمقاولات 2- أحمد عبد الله سيف بن درويش الشحي بصفته الشخصية وبصفته مدير وشريك بشركة/ الصرح للمقاولات 3- طارق احمد عبد الله بن درويش الشحي بصفته الشخصية وبصفته شريك بشركة/ الصرح للمقاولات 4- عبد الله عبيد عبد الله طحوراه وجميل يوسف محمد جادالله بشخصه وديباك باتكار بشخصهم وبصفتهم شركاء في المكتب الوطني للهندسة، وورثة الياس جريس دانيال" وهم أمل و باتريك وميلاني الياس " ووجهت لهم وللمطعون ضدهما الثانية والثالثة " الصرح للمقاولات والمكتب الوطني للهندسة" دعوى ضمان فرعية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن والتضامم بدفع ما عسى أن يقضى به عليها في الدعوى الأصلية، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 15أكتوبر 2024 أولًا:- في موضوع الدعوى الاصلية:1- بفسخ عقد البيع المؤرخ 13 مارس 2008 المبرم بين الطاعن الأول والمطعون ضده الساس وبين المطعون ضدها الأولى عن الوحدة محل النزاع. 2- بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن ترد للطاعن الأول مبلغ 604.305 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. 3-بفسخ عقد البيع المبرم بين الطاعنة الثانية وبين المطعون ضده السادس المؤرخ 5 أغسطس 2021 رقم 102683لسنة 2021 عن حصة الأخير في وحدة التداعي، وبإلزامه برد ثمن بيع حصته بمبلغ 425.000 درهم للطاعنة الثانية والفائدة القانونية عنه بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد.4 - بإلزام المطعون ضدهن الثلاثة الأول بالتضامن بينهن بأن تؤدين للطاعنين مبلغ 400,000 درهم كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية على النحو المبين بالأسباب والفائدة القانونية عنه بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. ثانيًا: - في موضوع دعوى الضمان الفرعية: بإلزام المطعون ضدهما الثانية " الصرح للمقاولات ويمثلها المصفي القضائي والثالثة "المكتب الوطني للهندسة " بالتضامن بينهما بأن تؤديا للمطعون ضدها الأولى "شركة مزايا" ما عسى أن تؤديه الأخيرة للطاعنين كتعويض والمقضي به وفي حدود مبلغ 250.000درهم ورفضت ماعدا ذلك من طلبات. استأنفت المطعون ضدها الثانية" المكتب الوطني للهندسة" هذا الحكم بالاستئناف رقم 939لسنة 2024 عقاري، كما استأنفته المطعون ضدها الأولى" المزايا العقارية" بالاستئناف رقم 947 لسنة 2024 عقاري، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط، قضت بتاريخ 27 فبراير 2025 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من إلزام المطعون ضدهن الثلاثة الأول بالتضامن بينهن بالتعويض المقضي به وفي دعوى الضمان الفرعية، والقضاء مجددًا برفض طلب التعويض وبرفض دعوى الضمان الفرعية وتأييد الحكم المستأنف. وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعنان" سيد عبد الرحيم سيد سليمان كاملي، بى بى مريم سيد محمد بنى هاشمي " في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 144لسنة 2025 عقاري بموجب صحيفة أودعت إلكترونيًا بتاريخ 25 مارس 2025 طلبا فيها نقض الحكم، وقدمت المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصليًا بعدم قبول الطعن واحتياطيًا برفضه، كما قدمت المطعون ضدها الخامسة مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن، ولم يقدم باقي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم خلال الميعاد. كما طعنت المطعون ضدها الأولى "المزايا العقارية" على ذات الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 155 لسنة 2025 عقاري بموجب صحيفة أودعت إلكترونيًا بتاريخ 28 مارس 2025 طلبت فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضدهما الأول والثانية مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن، كما قدمت المطعون ضدها الخامسة عشر مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن، ولم يقدم باقي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم خلال الميعاد، وعُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة فأمرت بضم الطعن الثاني للأول وقررت الحكم فيهما بجلسة اليوم بغير مرافعة.
أولًا: - الطعن رقم 144 لسنة 2025 عقاري.
وحيث إن حاصل ما ينعَى به الطاعنان بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع، إذ قضي بإلغاء الحكم الابتدائي فيما انتهي إليه من أحقيتهما للتعويض الذي قدره بمبلغ 400.00درهم مغفلًا ما تضمنته كافة الوقائع والمستندات المقدمة في الدعوى وما انتهي إليه تقرير الخبير من ثبوت مسئولية المطعون ضدهن الثلاثة الأول عن الأضرار التي لحقت بالمبنى الكائن به وحدة النزاع، وذلك لتقصير المطعون ضدها الأولى المالك والمطور في متابعة المقاول والاستشاري وقبولها استلام الأعمال و قيامها ببيع وحدات المبني وتسليمها إلى المشترين رغم علمها المسبق بعيوب جسيمة في المبنى تهدد سلامة قاطنيه ، كما تسببت المطعون ضدها الثانية -المقاول - في تفاقم العيوب بالمبني الكائن به الوحدة نتيجة استخدامها مياه غير صالحة للشرب في أعمال التشييد نتج عنه تآكل سريع لحديد التسليح ، علاوة على أن المطعون ضدها الثالثة -استشاري المشروع- تقاعست عن الإشراف والمتابعة لما يقوم به المقاول من أعمال، بما يكون قد ثبت إخلال المطعون ضدهن الثلاثة الأول بالتزاماتهن التعاقدية مما يحق للطاعنين مطالبتهن بالتعويض عما لحقهما من أضرار نتيجة ذلك، خلافًا لما انتهي إليه الحكم المطعون فيه، والذي لم يفطن أيضًا إلى شراء الطاعن الأول والمطعون ضده السادس وحدة النزاع مناصفة فيما بينهما وأن الأخير هو من تنازل عن حصته في الوحدة للطاعنة الثانية، بما يكون الطاعن الأول تربطه بالمطعون ضدها الأولى- المالك المطور- علاقة أصلية وليس خلفًا خاصًا ومن ثم يحق له المطالبة بالتعويض ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بالنسبة للطاعنة الثانية مردود، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مُفاد النص في المواد 151، 250 ،251 من قانون المعاملات المدنية أن العقد آثاره نسبية لا تتعدى أطرافه والخلف العام والخلف الخاص لكل منهما والدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا يرتب العقد التزامًا في ذمة الغير ولا تنصرف الحقوق الناشئة عنه إلا إلى طرفيه، مالم يتضمن اشتراطًا لمصلحة الغير. ومن المقرر أيضًا أن الخلف الخاص هو من يكتسب من سلفه حقًا عينيًا على المبيع كالمشتري الثاني، فإذا أبرم المشتري الأول عقدًا يتعلق بالمبيع بعد تسجيله في السجل العقاري انتقل ما يرتبه هذا العقد من حقوق والتزامات إلى خلفه الخاص المشتري الثاني الذي له أن يرجع بدعوى سلفه المشتري الأول على البائع للأخير، لأن هذه الدعوى نشأت عن البيع الأول وانتقلت بعقد البيع الثاني من المشتري الأول إلى خلفه الخاص المشتري الثاني، مما مؤداه أن حق المشتري في ضمان العيوب الخفية وفوات الوصف ينتقل إلى خلفه الخاص - فيكون للمشتري الثاني وهو الخلف الخاص للمشتري الأول في العين المبيعة - أن يرجع بدعوى سلفه - المشتري الأول على البائع له، لأن هذه الدعوى نشأت عن البيع الأول الذي أُبرم بين البائع والمشتري الأول وانتقلت بعقد البيع الثاني من المشتري الأول إلى المشتري الثاني، إلا أن شرط ذلك أن يظل العقد الأخير ساريًا دون زواله لأي سبب، باعتبار أن فسخ العقد يترتب عليه انحلال العقد واعتباره كأن لم يكن وإعادة المتعاقدين إلى الوضع الذي كانا عليه من قبل انعقاده. كما من المقرر أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضي فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية. وأنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة قانونًا، فإنه لا يعيبه ما قد يكون شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة، إذ لمحكمة التمييز استكمال هذا القصور، وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه القانوني السليم. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق ومستندات الدعوى أن المطعون ضدها الأولى "المزايا العقارية" كانت قد باعت الوحدة محل النزاع مناصفة إلى الطاعن الأول والمطعون ضده السادس ، وبموجب العقد المؤرخ 15 أغسطس 2021 باع الأخير حصته في وحدة النزاع إلى الطاعنة الثانية وتم تسجيله في السجل العقاري النهائي، وإذ قضي الحكم المستأنف بفسخ العقد المؤرخ 15 أغسطس 2021 وإلزام المطعون ضده السادس -البائع لها- برد مبلغ 425.000درهم قيمة الثمن عن تلك الحصة للمشترية الطاعنة الثانية، وقد حاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي بعدم الطعن عليه، بما تكون العلاقة التعاقدية للطاعنة الثانية كمشترية لحصة 50% في وحدة التداعي قد زالت بفسخ العقد الصادر لها من المطعون ضده السادس - المشتري الأول للحصة - وبالتالي لم تعد الطاعنة الثانية خلفًا خاصًا للمطعون ضده السادس ، فلا يحق لها المطالبة بالتعويض من المطعون ضدها الأولى -سلف البائع لها- ، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى إلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من تعويض للطاعنة الثانية ورفض هذا الطلب بالنسبة لها فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون فلا يعيبه ما أورده في هذا الخصوص من تقريرات قانونية خاطئة في أسبابه المؤدية لهذه النتيجة، إذ لهذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ ورده إلى الأساس السليم دون حاجة لنقض الحكم، ويضحى ما تثيره تعييبًا على قضاء الحكم المطعون فيه من رفض إلزام المطعون ضدهما الثانية والثالثة -المقاول والمهندس- بالتعويض غير منتج لما سلف بيانه من زوال علاقتها التعاقدية كمشترية لحصة 50% في وحدة التداعي بفسخ عقدها مع المشتري الأول لتلك الحصة، ويكون النعي عليه بما سلف على غير أساس. والنعي بالنسبة للطاعن الأول سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تضمن حكمها ما يطمئن المطلع عليه بأنها قد تفهمت نقطة النزاع في الدعوى والمسألة القانونية المطروحة فيها، ولمحكمة التمييز أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم قضاءه مخالفة القانون أو للثابت في الأوراق أو لا يكون من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها لقصور شاب أسبابه أو فساد في استدلاله. ومن المقرر أيضًا أن ظهور عيب خفي مؤثر في المبيع من شأنه أن يجعل البيع غير صالح للغرض الذي أعد له يعُد إخلالًا بالتزام البائع. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها شراء الطاعن الأول من المطعون ضدها الأولى حصة بواقع 50% في وحدة النزاع بموجب العقد المؤرخ 13 أغسطس 2008 وتم تسجيل التصرف في السجل العقاري النهائي، وإذ ثبت من تقرير الخبير المنتدب ظهور عيوب انشائية بالمبني ووحدة التداعي الكائنة به من شأنها تقليل العمر الافتراضي لهما، واحتمالية انهيار المبنى، وأن الوحدة بوضعها الحالي غير صالحة للسكن، بما يكون قد ثبت إخلال البائع المطعون ضدها الأولى بالتزاماته قبل المشتري الطاعن الأول بعد أن أصبحت الوحدة غير صالحة للغرض الذي أعد له بما يحق له المطالبة بالتعويض عما لحقه من أضرار جراء ذلك، وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه ورفض هذا الطلب على ما ذهب إليه أن إلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من تعويض للطاعنة الثانية يستتبع إلغائه بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يوجب نقضه جزئيًا في خصوص رفض طلب التعويض بالنسبة للطاعن الأول وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.
ثانيًا: - الطعن رقم 155 لسنة 2025 عقاري.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل ما تنعَى به الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ انتهي إلى أن الحكم المستأنف الابتدائي حاز الحجية فيما قضي به من فسخ عقد البيع المبرم بين المطعون ضدها الثانية وبين المطعون ضده السادس عشر، رغم تمسكها في صحيفة استئنافها بإلغاء الحكم المستأنف في هذا الشق بما لا يحوز الحجية ، كما أيد الحكم الابتدائي فيما قضي به من فسخ العقد المبرم فيما بين الطاعنة وبين المطعون ضده السادس عشر، بغير طلب من المطعون ضدهما الأول والثانية ، ، بما يكون الحكم قضي بما لم يطلبه الخصوم، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس للطاعن أن ينعى على الحكم بشأن قضائه في دفاع خاص بالمطعون ضده لم يطعن في الحكم لانعدام المصلحة. ومن المقرر أيضًا أن المدعى هو المنوط به تحديد طلباته في الخصومة، والعبرة في الطلبات التي تلتزم محكمة أول درجة بالفصل فيها إنما يتحدد بطلبات المدعى في صحيفة الدعوى أو صحيفة تعديل الطلبات أو المذكرات الختامية. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي وفق طلبات المطعون ضدهما الأول والثانية قد قضي بفسخ العقد المبرم بين المطعون ضدها الثانية وبين المطعون ضده السادس عشر ، وإذ لم يكن هذا الشق من القضاء محل طعن من طرفي العقد صاحبي المصلحة في ذلك ، فإنه يكون قد حاز قوة الأمر المقضي في هذا الخصوص، فلا يجدي الطاعنة ما تثيره تعييبًا على هذا القضاء، إذ لا صفة لها ولا مصلحة في الطعن عليه ، و إذ قضي الحكم وفق نطاق طلبات المطعون ضدهما الأول والثانية الواردة في صحيفة الدعوى بفسخ العقد المبرم بين الطاعنة وبين المطعون ضده السادس عشر فإنه يكون غير صحيح ما تقوله الطاعنة أن الحكم قضي بما لم يطلبه الخصوم، و يضحى النعي برمته غير مقبول.
وحيث عن حاصل ما تنعَى به الطاعنة بالسبب الثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضي الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بالفسخ رغم امتناع المطعون ضدهما الأول والثانية عن تسليم الوحدة للبدء في إصلاحها حتى رفع الدعوى الماثلة، وهو ما حال دون تنفيذ شركة الإدارة لأعمال إصلاح العيوب بالمبنى، بما يكون قد ثبت الإخلال من جانبهما فلا يحق لهما المطالبة بالفسخ خلافًا لما قضي به الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النعي غير المؤثر في قضاء الحكم أو الذي لا يحقق مصلحة عملية للطاعن يكون غير منتج. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهي إلى فسخ التعاقد بشأن وحدة التداعي لوجود عيوب انشائية بالمبني الكائن به الوحدة فلا يجدي الطاعنة ما تثيره بسبب النعي، إذ أضحي -أيا كان وجه الرأي فيه - غير مؤثر في قضاء الحكم بالفسخ، لما ثبت من تقرير الخبير المنتدب أن المبني الكائن به وحدة النزاع خالي من المستخدمين، ويكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.
وحيث عن حاصل ما تنعَى به الطاعنة بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه رفض دعواها بالضمان الفرعية قبل المطعون ضدهم فيها رغم وقوع غش وإهمال جسيم من جانب " المقاول والمهندس " في أعمال البناء والتشييد للمبني واعمال الاصلاح العيوب به وهو ما اثبته التقارير الفنية والهندسية المقدمة في الدعوى بما تتوافر مسئولية المقاول المطعون ضدها الثالثة و المطعون ضده السادس بصفته الشخصية وبصفته مديراً لها عما ارتكب من غش وتدليس كانت السبب الرئيسي في العيوب التي لحقت بالمبني ، بالإضافة لمسئولية الاستشاري المطعون ضدها الخامسة و مديريها المطعون ضدهم الثامن والتاسع ومورث بقية المطعون ضدهم المرحوم الياس جريس دانيال وبصفتهم الشخصية لإدارتهم للشركة المذكورة بإهمال جسيم، وهو ما تغافل عنه الحكم كما انتهي إلى عدم سماع دعوى الضمان الفرعية بالنسبة للاستشاري المطعون ضدها الخامسة علي سند من ثبوت علم الطاعنة بالعيوب في عام 2011 معولًا على ادعاء الأخيرة وتقرير الخبير، حال أن الثابت من المستندات التي قدمتها أن العيوب المكتشفة بالمبني وعلمت بها من خلال رسالة المطعون ضدها الخامسة المؤرخة 10 فبراير 2011 هي عيوب ليست انشائية وتحدث بسبب الانكماش حسبما ثبت من تقرير مهندسي المطعون ضدها الخامسة المرفق بتلك الرسالة، و بعد اكتشافها تفاقم تلك العيوب بفعل اخفاء المقاول والاستشاري حقيقتها عنها خاطبتهما لإصلاحها، فضلًا عن موافقة بلدية دبي في أغسطس 2014 على إصدار شهادة بإنجاز المبني بعد معاينته، مما يؤكد كل ذلك بعدم علم الطاعنة بحقيقة العيوب وخطورتها في عام 2011 خلافًا لما انتهي إليه الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي الماثل منصب على قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوي الضمان الفرعية المقامة من الطاعنة بما عسى أن يقضي به عليها في الدعوى الأصلية،
وحيث انتهت هذه المحكمة في الطعن 144 لسنة 2025 عقاري إلى نقض الحكم المطعون فيه جزئيًا فيما قضى به من رفض التعويض المطالب به في الدعوى الأصلية بالنسبة للطاعن الأول، بما يستتبع في هذا الطعن -155 لسنة 2025 عقاري - نقض الحكم الصادر في دعوى الضمان الفرعية نقضه جزئيًا فيما يتعلق بهذا الخصوص باعتباره مؤسسًا ومترتبًا عليه عملًا بنص المادة 187 من قانون الإجراءات المدنية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة في الطعنين 144، 155 لسنة 2025 عقاري بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا فيما قضي به من رفض طلب التعويض بالنسبة للطاعن الأول في الطعن رقم 144 لسنة 2025 عقاري وبرفض دعوى الضمان الفرعية، ورفضت الطعنين فيما عدا ذلك وإحالة الدعوى -فيما نقض من الحكم المطعون فيه- إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، وألزمت كل طاعن المناسب من المصروفات والمقاصاة في أتعاب المحاماة ومصادرة التأمين في كل طعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق