جلسة 15/3/2023
برئاسة السيد المستشار/ علال لعبودي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السيد صالح، حسن بو مزوغ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 134 لسنة 2023 أحوال شخصية)
حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رجعة. طلاق. عدة.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر برفض طلب إلغاء الطلقة الثالثة الواقعة من الطاعن على المطعون ضدها اعتباراً بحصولها في حالة الحيض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المقرر لدى فقهاء المذهب المالكي المعتمد بالدولة أن الطلاق الذي يقع على المرأة وهي حائض وإن كان لا يجوز ابتداء إلا أنه يقع أي يلزم ويحكم به وذلك على النحو الذي أورده شراج مختصر خليل عند قوله في باب الطلاق" ومنع فيه، ووقع واجبر ولو لمعاودة دم والأحسن عدمه" قال الشراح يعني أن الزوج إذا طلق زوجته وهي حائض أو نفساء فإنه يلزمه الطلاق ويجبر على الرجعة مالم تنقض العدة .... وأما لو بانت يخلع أو بتات فإنه لا يجبر على الرجعة بل ولا يتزوجها إلا بعد زوج فيما إذا أبت (لوامع الدرر على المختصر ج7 ص 80 وما بعدها) وقال ابن عاصم في التحفة: وموقع الطلاق دون طهر، يمنع مع رجوعه بالقهر، قال شارحه التسولي: الحكم وقوع طلاقه مع وجوب رجوعه أي ارتجاعه لها مادامت في العدة ولو بالقهر بالتهديد والسجن.... ثم قال ومحل قهره على الارتجاع إذا كان الطلاق رجعياً، وأما إن كان على عوض أو بلفظ الخلع أو التمليك أو بالثلاث فلا يؤمر بالارتجاع ولا محل لجبره. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن الثابت بالأوراق أن الطاعن عندما أوقع الطلاق الثالث كان عاقلاً ومختاراً، وكانت المدعى عليها في عصمته بعقد الزواج الصحيح وغير معتدة وجاء الطلاق بعبارات واضحة وصريحة وغير مضاف إلى مستقبل، فإن الطلاق يكون قد وقع صحيحاً، ولا يقدح في صحة الطلاق وقوعه أثناء فترة الحيض، لاتفاق الفقهاء على أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته وهي حائض، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) الطلاق/1، أي: في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة. وعدوا ذلك من أقسام الطلاق البدعي الذي يأثم به الزوج؛ لما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: طَلَّقْتُ امرأتي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْىَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ التي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ) متفق عليه " وكان هذا التسبيب سائغاً وله معينه من وقائع الدعوى ومستنداتها وسنده في نصوص القانون والفقه المالكي ويكفي لحمل قضاء الحكم ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد المسقط لما نعاه الطاعن سيما وأن طلاق الطاعن للمطعون ضدها كان بائناً مصادفاً للثلاث، فالنعي جاء على غير أساس جدير بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــة
حيث تبين من أوراق الدعوى والحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام لدى محكمة أبو ظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية الدعوى رقم 2566 /2022 بتاريخ 11/10/2022 ضد المطعون ضدها يطلب فيها الحكم بإلغاء الطلقة الثالثة الواقعة منه للمدعى عليها لوقعها أثناء فترة الحيض وإلزامها برسوم ومصروفات الدعوى على سند حاصله أنه زوج المدعى عليها بموجب عقد الزواج المؤرخ في 6/10/2011م ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ورزق منها على فراش الزوجية الصحيح بولديه منها .... مواليد 2012م و.... مواليد 2014م، وبتاريخ 21/3/2016م قام المدعي بطلاق المدعى عليها طلاق أول رجعي، وأثناء فترة العدة قام بمراجعتها بتاريخ 4/4/2016م وأثبت ذلك بالملف الأسري رقم 5694/2019م، وبتاريخ 8/3/2021م قام المدعي بطلاق المدعى عليها طلقة ثانية وأرجعها إلي عصمته بعقد ومهر جديدين بعد إحصاء عدتها، وتم إثبات ذلك في الملف الأسري رقم 1425/2021م، وبتاريخ 29/1/2022م كتب المدعي للمدعى عليها رسالة بأنها طالق وتم إثبات هذا الطلاق بتاريخ 12/4/2022م على اعتبار أنه الطلاق الثالث البائن بينونة كبرى، وأن هذا الطلاق الثالث وقع على المدعى عليها أثناء فترة الحيض حين كتب رسالة على الواتس آب بالطلاق، الأمر الذي حدا بالمدعي لإقامة الدعوى الماثلة وأرفق مستندات اخصها صور من عقد الزواج و من إقرار بالملف الأسري رقم 5694/2019 إثبات مراجعة ومن إثبات طلاق ثاني رجعي بالملف الأسري 1425/2021م و من إثبات طلاق مكمل للثلاث رقم المعاملة: 22539 رقم المجلد: 76/50/2022م.
ولدى تداول الدعوي بالجلسات أمام محكمة أول درجة حضرت المدعى عليها بشخصها، وسلمت بطلبات الطاعن وقررت بأن الطلاق الثالث الواقع بتاريخ 29/1/2022م كان أثناء فترة الحيض.
وبجلسة 24/11/2022 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام رافعها بالرسوم والمصروفات. فاستأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 2651/2022 وبتاريخ 5/1/2023 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصاريف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بتاريخ 1/2/2022 بطعنه الماثل ولم تقدم المطعون ضدها أي رد رغم إعلانها، كما قدمت النيابة العامة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة التي رأت في غرفة المشورة أن الطعن جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويقول في بيان ذلك إن الحكم خالف الشرع والقانون بتأييده للحكم المستأنف الذي قضى برفض طلب الطاعن إلغاء الطلقة الثالثة الواقعة منه على المطعون ضدها لكونها وقعت في حالة حيض، وذلك لأن جمهور الفقهاء اجمعوا على أن الطلاق يجب أن يقع في حالة طهر ولا يقع على المرأة وهي حائض والعلة أنها تكون في تلك الحالة في مزاج سيء ولا تقدر على التعامل مع الحياة الزوجية لذلك وضع الشرع الحيض عائقاً طبيعياً للطلاق وقد افتى ابن عمر بعدم وقوع الطلاق في الحيض واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وذلك لقوله عز وجل في كتابه "يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة" وحديث ابن عمر الذي طلق زوجته وهي حائض فأخبر عمر النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ وقال مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن شاء أمسك وإن شاء طلق، ولما كان طلاق الطاعن للمطعون ضدها قد وقع أثناء فترة الحيض بإقرارها فإنه لا يعتد به، وإذ قضى الحكم المطعون فيه خلافاً لهذا النظر فإنه يغدو معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أن المقرر لدى فقهاء المذهب المالكي المعتمد بالدولة أن الطلاق الذي يقع على المرأة وهي حائض وإن كان لا يجوز ابتداء إلا أنه يقع أي يلزم ويحكم به وذلك على النحو الذي أورده شراج مختصر خليل عند قوله في باب الطلاق" ومنع فيه، ووقع واجبر ولو لمعاودة دم والأحسن عدمه" قال الشراح يعني أن الزوج إذا طلق زوجته وهي حائض أو نفساء فإنه يلزمه الطلاق ويجبر على الرجعة مالم تنقض العدة .... وأما لو بانت يخلع أو بتات فإنه لا يجبر على الرجعة بل ولا يتزوجها إلا بعد زوج فيما إذا أبت (لوامع الدرر على المختصر ج7 ص 80 وما بعدها) وقال ابن عاصم في التحفة: وموقع الطلاق دون طهر، يمنع مع رجوعه بالقهر، قال شارحه التسولي: الحكم وقوع طلاقه مع وجوب رجوعه أي ارتجاعه لها مادامت في العدة ولو بالقهر بالتهديد والسجن.... ثم قال ومحل قهره على الارتجاع إذا كان الطلاق رجعياً، وأما إن كان على عوض أو بلفظ الخلع أو التمليك أو بالثلاث فلا يؤمر بالارتجاع ولا محل لجبره. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن الثابت بالأوراق أن الطاعن عندما أوقع الطلاق الثالث كان عاقلاً ومختاراً، وكانت المدعى عليها في عصمته بعقد الزواج الصحيح وغير معتدة وجاء الطلاق بعبارات واضحة وصريحة وغير مضاف إلى مستقبل، فإن الطلاق يكون قد وقع صحيحاً، ولا يقدح في صحة الطلاق وقوعه أثناء فترة الحيض، لاتفاق الفقهاء على أنه يحرم على الزوج أن يطلق زوجته وهي حائض، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) الطلاق/1، أي: في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة. وعدوا ذلك من أقسام الطلاق البدعي الذي يأثم به الزوج؛ لما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: طَلَّقْتُ امرأتي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْىَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، أَوْ يُمْسِكْهَا، فَإِنَّهَا الْعِدَّةُ التي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ) متفق عليه " وكان هذا التسبيب سائغاً وله معينه من وقائع الدعوى ومستنداتها وسنده في نصوص القانون والفقه المالكي ويكفي لحمل قضاء الحكم ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد المسقط لما نعاه الطاعن سيما وأن طلاق الطاعن للمطعون ضدها كان بائناً مصادفاً للثلاث، فالنعي جاء على غير أساس جدير بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق