الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

الطعن 12537 لسنة 87 ق جلسة 3 / 10 / 2019 مكتب فني 70 ق 62 ص 562

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / د. عبد الرحمن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد مصطفى ، نبيل الكشكي ، علاء سمهان وجمال عبد المنعم نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(62)
الطعن رقم 12537 لسنة 87 القضائية
(1) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي.
تدليل الحكم سائغاً على توافر نية القتل في حق الطاعن . كفايته بغض النظر عن نوع الآلة المستخدمة فيه . حد ذلك ؟
(2) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها . عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن . لا يقدح في سلامة الحكم .
(3) اتفاق . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قتل عمد . فاعل أصلي .
الاتفاق . ماهيته ؟
للقاضي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه .
تدليل الحكم بما يسوغ توافر الاتفاق بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليه . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين عُرف محدث الضربة التي ساهمت في الوفاة أم لم يعرف . النعي بهذا الشأن . جدل موضوعي في مسألة واقعية .
(4) نقض " المصلحة في الطعن " . سبق إصرار . ترصد . عقوبة " العقوبة المبررة " . قتل عمد .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن ظرفي سبق الإصرار والترصد . ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لعقوبة القتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد .
(5) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . لا يؤثر فيه اختلافهم في بعض التفصيلات التي لم يوردها . علة ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
ورود صورة الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة على ألسنة الشهود . غير لازم . كفاية استنباطها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية . حد ذلك ؟
(7) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إيراد الحكم من تقرير الصفة التشريحية ما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(8) رابطة السببية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
استظهار الحكم قيام رابطة السببية بين إصابات المجني عليه ووفاته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية . لا قصور .
(9) رابطة السببية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانقطاع رابطة السببية بين اعتداء الطاعن ووفاة المجني عليه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(10) إثبات " خبرة " " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
النعي بتناقض الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام المسند للطاعن وإدانته بأدلة سائغة . المجادلة في ذلك . موضوعي .
(12) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
مفاد أخذ محكمة الموضوع بشهادة شاهد ؟
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد ولو بينه وبين المتهم خصومة قائمة .
قرابة الشاهد للمجني عليه وتأخره في أداء شهادته . لا تمنع من الأخذ بأقواله . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها . لها تجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون بيان العلة .
تناقض الشهود وتضارب أقوالهم في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(14) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " " الدفع بعدم الاختصاص " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته وكونها ترديداً لما أبلغ به الشاهد . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
النعي على الحكم بشأن التحريات المبدئية . غير جائز . ما دام لم يستند لها في قضائه .
الدفع بعدم جدية التحريات وعدم اختصاص ضابط الواقعة مكانياً بإجرائها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(15) استدلالات . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
تحرير رجل الضبطية القضائية محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات . إجراء تنظيمي لحسن سير العمل . عدم تحريره محضراً بالتحريات . لا بطلان .
(16) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اطراح الحكم سائغاً دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وعدم التواجد على مسرحها . النعي بهذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(17) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق بما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . دلالته : اطراحها .
(18) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفال بعضها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(19) وصف التهمة .
عدم تعديل المحكمة لقيد ووصف الاتهام المسند للطاعن . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(20) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً . لا يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم في التحقيقات . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بقعود المحكمة عن سماع شاهدي إثبات تنازل صراحة عن سماعهما . غير مقبول .
(21) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده . موكول لتقديره حسبما يوحي ضميره وتقاليد مهنته . النعي بعدم إبدائه دفاعاً حقيقياً . غير مقبول . متى ترافع في موضوع الدعوى ولم يقصر في إبداء أوجه دفاعه .
(22) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي .
لا تناقض بين اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود في حق متهم واطراحها في حق آخر قضت ببراءته . علة ذلك ؟
مثال .
(23) نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
قبول وجه الطعن . شرطه : اتصاله بشخص الطاعن وتوافر مصلحته فيه .
مثال .
(24) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(25) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى . جدل موضوعي في وزن عناصرها واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(26) عقوبة " تطبيقها " . قتل عمد . سبق إصرار . ترصد . ظروف مخففة .
معاقبة الطاعن بالسجن المؤبد عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بوصفها الأشد بعد إعمال المادة 17 عقوبات . صحيح . أساس ذلك ؟
(27) قضاة " صلاحيتهم " .
الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة متروك له . النعي عليه . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بينّ واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن - مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى - كافياً وسائغاً في استظهار قيامها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه متى استبانت محكمة الموضوع من أدلة الدعوى وظروفها أن المتهم كان منتوياً فيما صدر منه من اعتداء قتل المعتدى عليه بفعل مادي موصل لذلك ، فلا يهم إذن نوع الآلة المستعملة ما دام الفعل من شأنه تحقيق النتيجة المبتغاة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا محل له .
2- لما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها ، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة .
3- من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - يُعد كافياً في استظهار اتفاق الطاعن وباقي المتهمين جميعاً على قتل المجني عليه ، من نوع الصلة بين الطاعن وباقي المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان ، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ، ويترتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية سواء عُرف مُحدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أم لم يُعرف ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تمتلك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض .
4- لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - وهي السجن المؤبد - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة عن أي ظروف مشددة ، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد .
5- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ؛ ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها .
6- من المقرر أنه لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة الشهود ، إنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
7- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به أن إصابات المجني عليه بالرأس ذات طبيعة رضية وتحدث على غرار الضرب بجسم صلب راض أياً كان نوعه ومن مثل الضرب بشومة وما في حكمها ، وهي السبب المباشر لإحداث الوفاة نتيجة لما أحدثته من كسور متفتقة ومنخسفة بعظام الجمجمة ونزيف بالسحايا وتهتك بجوهر المخ وما استتبع ذلك من حدوث تورم بالمخ وانضغاط المراكز الحيوية بالمخ وحدوث هبوط بالدورة الدموية والقلب ومن ثم الوفاة ، وهي جائزة الحدوث من التصوير الوارد بمذكرة النيابة ، وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه .
8- لما كان الحكم قد استظهر قيام رابطة السببية بين إصابات المجني عليه وبين وفاته ، فأورد من واقع تقرير الصفة التشريحية أن وفاته حدثت من الإصابات برأسه والتي يمكن حدوثها من الضرب بمثل شومة وما في حكمها ، وفي هذا ما يفصح عن أن الحكم كان على بينة من إصابات المجني عليه وموضعها من جسمه والأداة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير سديد .
9- لما كان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين الاعتداء والوفاة ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً ينحسر عنه وظيفتها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
10- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكانت أقوال شاهدي الإثبات كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني ، فضلاً عن أن البيّن من محاضر جلسات المحكمة أن الدفاع لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي .
11- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
12- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضائها عليه ، إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة ، كما أن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن بها إليها في تكوين عقيدتها ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت لأقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
13- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق معين ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
14- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أنه ليس بلازم أن يفصح الضابط عن مصدر تحرياته ، فضلاً عن أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به الشاهد الأول ؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، كما أن البيّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستند في قضائها إلى التحريات المبدئية ولكن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية اطمأنت إلى ما جاء بتحريات ضابط الواقعة واستندت إلى أقواله بالتحقيقات ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن عدم جدية التحريات أو عدم اختصاص ضابط الواقعة مكانياً بإجرائها فلا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منه النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس .
15- لما كان القانون لا يشترط في كل جريمة تحرير محضر بالتحريات فيها من رجل الضبطية القضائية ، لأن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبطية القضائية محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات إلا أن إجابة ذلك ليس إلا لغرض تنظيم العمل وحسن سيره ، ومن ثم فلا بطلان إذا لم يحرر محضر التحريات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
16- لما كان الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض .
17- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
18- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعضها ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى الأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ، فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى أقوال/ .... ما دام أنها لم تكن ذات أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
19- لما كان البيّن من مطالعة محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تُعدل قيد ووصف الاتهام المسند إلى الطاعن خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً .
20- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهما ، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعها .
21- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ترافع في موضوع التهمة المسندة إليه ولم يُقصّر في إبداء أوجه الدفاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته ، فإنه لا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المدافع عنه لم يبد دفاعاً حقيقياً فيها .
22- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر ، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه منها في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني ، فإن قضاء الحكم ببراءة متهم آخر استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى ذات أقوال شاهدي الإثبات قبله - بفرض حصوله - لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
23- لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن المتهم الخامس يكون غير مقبول .
24- لما كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعن قد نعى الحكم المطعون فيه بالغموض والإجمال دون أن يكشف عن أوجه ذلك ، بل ساق قولاً مرسلاً ، فإن منعاه على الحكم - بشأن ذلك - يكون مجهلاً ، ومن ثم غير مقبول .
25- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كافٍ وسائغ ولا يتنافى مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات بقالة خلوها من أي دليل قبله لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
26- لما كان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بالجريمتين المنصوص عليهما في المواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات والمادتين 1/1، 25مكرر/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون ، وكانت العقوبة التي أنزلها على الطاعن - بعد تطبيق المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات - هي عقوبة السجن المؤبد ، وكانت العقوبة الواجبة على أشد الجريمتين التي دان الطاعن عنها وهي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات هي الإعدام ، فإن المحكمة إذ طبقت المادة 17 المشار إليها ونزلت بالعقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد فإنها تكون قد أصابت صحيح القانون ، مما يضحى معه النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد .
27- من المقرر أن حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين سبق الحكم عليهم :
1- قتلوا / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم المصمم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء " عصى - حديدة " وتربصوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره منه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً بالأسلحة التي كانوا يحرزونها قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " عصى ، حديدة " دون مسوغ قانوني .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه وألزمته المصاريف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه - بمذكرات أسباب الطعن الثلاث - أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نيه القتل في حقه مكتفياً بإيراد الأفعال المادية رغم أن الأداة المنسوب إليه إحرازها ليست قاتلة بطبيعتها ، متخذاً من وجود خصومة ثأرية بين الطاعن والمجني عليه دليلاً على توافرها ، كما لم يدلل على وجود اتفاق بينه وبين باقي المحكوم عليهم على قتل المجني عليه إذ أن الأمر - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون مجرد توارد خواطر بينهم على التعدي عليه ، وهو ما كان يتعين معه على المحكمة أن تسأل كل منهم عن فعله الشخصي سيما وقد شهد ضابط المباحث أن دور الطاعن في الواقعة هو الشد من أزر المحكوم عليهم القائمين بقتل المجني عليه وتسهيل عملية هروبهم ، ودلل بما لا يسوغ على ظرفي سبق الإصراروالترصد وخلط بينهما دون أن يقيم الدليل على قيام ظرف الترصد ، هذا إلى أنه أحال في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى مضمون ما شهد به الشاهد الأول على الرغم من اختلاف شهادتهما بشأن دور الطاعن في الواقعة وشخص محدث إصابة المجني عليه التي أودت بحياته وكيفية التعدي عليه وعدد الجناة ، وأسند إلى الطاعن قيامه بقتل المجني عليه مع باقي المحكوم عليهم ، وأورد في معرض استظهاره لظرف الترصد أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم ترصدوا للمجني عليه وهو ما لا أصل له في أقوال شاهدي الإثبات ، فضلاً عن أنه لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية الذي عول عليه في الإدانة في بيان كاف ، ولم يستظهر سبب وفاة المجني عليه رغم انقطاع رابطة السببية بين إصابته والتي أودت بوفاته التي جاءت بعد عدة أيام من إصابته مكث خلالها بالمستشفى وتخللها تدخلات جراحية ، كما جمع الحكم بين الدليلين القولي المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وبين الدليل الفني المستفاد من تقرير الصفة التشريحية رغم تناقضهما في شأن كيفية قتل المجني عليه ، مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة ، هذا إلى أن الحكم اطرح بما لا يسوغ دفوع الطاعن ببطلان شهادة شاهد الإثبات الأول لعدم معقوليتها استناداً لصلة قرابته مع المجني عليه ووجود خصومة سابقة مع الطاعن ولعدم رؤيته للواقعة حال حدوثها ، وتأخره في التبليغ عنها وتراخيه في الإدلاء بشهادته وتناقضها مع أقوال الضابط القائم بالتحريات ، وهو ما لم تعن معه المحكمة بتحقيق هذا الدفاع رغم أهميته ، وبعدم جدية تحريات المباحث لدلالات عددها الطاعن وتأخر إجرائها وكونها قد جاءت مجهولة المصدر سماعية وترديداً لأقوال الشاهد الأول سيما وأن التحريات الأولية لم تتوصل إلى حقيقة الواقعة ، فضلاً عن أن الضابط الذي أجراها غير مختص مكانياً بذلك ولم يحرر محضراً بها ، وبعدم ارتكابه الجريمة أو التواجد على مسرحها بدلالة أقوال شاهد النفي التي التفتت عنها المحكمة بدعوى عدم الاطمئنان إليها ، والتي تأيدت بأقوال الشاهد/ .... بتحقيقات النيابة العامة رغم صلة قرابته بالمجني عليه والشاهد الأول ، هذا وقد عدلت المحكمة القيد والوصف بإضافة المادة 234 من قانون العقوبات دون أن تمنح دفاع الطاعن الوقت الكافي لترتيب دفاعه ، ولم تعن بسماع شاهدي الإثبات تنفيذاً لقرارها آنذاك بناءً على طلب الطاعن ونظرت الدعوى بما أحاط الدفاع عن الطاعن بالحرج ، كما جاء دفاع المحامي الحاضر مع الطاعن شكلياً غير جدي ، فضلاً عن أن الحكم قد تساند في إدانة الطاعن إلى أقوال شاهدي الإثبات ولم يطمئن إليها حين قضى مسبقاً ببراءة المتهم الخامس/ .... الذي أحالته النيابة العامة إلى المحاكمة الجنائية باعتباره شريك بالتحريض في ارتكاب الجريمة رغم تعارض ذلك مع أدلة الثبوت في الدعوى ، هذا إلى أن الحكم قد جاء غامضاً و مجهلاً بما ينبئ عن اختلال عناصر الدعوى في ذهن المحكمة سيما وقد خلت الأوراق من دليل يقيني يفيد ارتكاب الطاعن للجريمة ، وأخيراً فقد أعمل الحكم المطعون فيه في حق الطاعن المادة 17 من قانون العقوبات دون النزول بالعقوبة إلى السجن المشدد ، وأخيراً دانته المحكمة عن فكر وعقيدة مسبقة لديها في الإدانة ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بينّ واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن - مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى - كافياً وسائغاً في استظهار قيامها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه متى استبانت محكمة الموضوع من أدلة الدعوى وظروفها أن المتهم كان منتوياً فيما صدر منه من اعتداء قتل المعتدى عليه بفعل مادي موصل لذلك ، فلا يهم إذن نوع الآلة المستعملة ما دام الفعل من شأنه تحقيق النتيجة المبتغاة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها ، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته - على السياق المتقدم - يُعد كافياً في استظهار اتفاق الطاعن وباقي المتهمين جميعاً على قتل المجني عليه ، من نوع الصلة بين الطاعن وباقي المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان ، وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية القتل العمد ، ويترتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية سواء عُرف مُحدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أم لم يُعرف ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تمتلك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعن - وهي السجن المؤبد - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجردة عن أي ظروف مشددة ، فإنه لا يكون له مصلحة فيما أثاره من فساد استدلال الحكم في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ؛ ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة الشهود ، إنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به أن إصابات المجني عليه بالرأس ذات طبيعة رضية وتحدث على غرار الضرب بجسم صلب راض أياً كان نوعه ومن مثل الضرب بشومة وما في حكمها ، وهي السبب المباشر لإحداث الوفاة نتيجة لما أحدثته من كسور متفتقة ومنخسفة بعظام الجمجمة ونزيف بالسحايا وتهتك بجوهر المخ وما استتبع ذلك من حدوث تورم بالمخ وانضغاط المراكز الحيوية بالمخ وحدوث هبوط بالدورة الدموية والقلب ومن ثم الوفاة ، وهي جائزة الحدوث من التصوير الوارد بمذكرة النيابة ، وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر قيام رابطة السببية بين إصابات المجني عليه وبين وفاته ، فأورد من واقع تقرير الصفة التشريحية أن وفاته حدثت من الإصابات برأسه والتي يمكن حدوثها من الضرب بمثل شومة وما في حكمها ، وفي هذا ما يفصح عن أن الحكم كان على بينة من إصابات المجني عليه وموضعها من جسمه والأداة المستعملة في إحداثها وأنها كانت السبب في وفاته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما يثيره في طعنه من انقطاع رابطة السببية بين الاعتداء والوفاة ، فإن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ؛ لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً ينحسر عنه وظيفتها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكانت أقوال شاهدي الإثبات كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني ، فضلاً عن أن البيّن من محاضر جلسات المحكمة أن الدفاع لم يثر شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع موضوعي . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بأقواله متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضائها عليه ، إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة ، كما أن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن بها إليها في تكوين عقيدتها ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوى قد اطمأنت لأقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق معين ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كما أنه ليس بلازم أن يفصح الضابط عن مصدر تحرياته ، فضلاً عن أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به الشاهد الأول ؛ لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، كما أن البيّن من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستند في قضائها إلى التحريات المبدئية ولكن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية اطمأنت إلى ما جاء بتحريات ضابط الواقعة واستندت إلى أقواله بالتحقيقات ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن عدم جدية التحريات أو عدم اختصاص ضابط الواقعة مكانياً بإجرائها فلا يسوغ له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منه النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ويكون كل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط في كل جريمة تحرير محضر بالتحريات فيها من رجل الضبطية القضائية ، لأن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبطية القضائية محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات إلا أن إجابة ذلك ليس إلا لغرض تنظيم العمل وحسن سيره ، ومن ثم فلا بطلان إذا لم يحرر محضر التحريات ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة أو التواجد على مسرحها وأطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعضها ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى الأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الصفة التشريحية ، فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى أقوال/ .... ما دام أنها لم تكن ذات أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مطالعة محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تُعدل قيد ووصف الاتهام المسند إلى الطاعن خلافاً لما يزعمه في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهما ، فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعها . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن ترافع في موضوع التهمة المسندة إليه ولم يُقصّر في إبداء أوجه الدفاع ، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته ، فإنه لا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المدافع عنه لم يبد دفاعاً حقيقياً فيها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر ، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه منها في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها ، وإذ كان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني ، فإن قضاء الحكم ببراءة متهم آخر استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى ذات أقوال شاهدي الإثبات قبله - بفرض حصوله - لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن وله مصلحة فيه ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن المتهم الخامس يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له والرد عليه ، وكان الطاعن قد نعى الحكم المطعون فيه بالغموض والإجمال دون أن يكشف عن أوجه ذلك ، بل ساق قولاً مرسلاً ، فإن منعاه على الحكم - بشأن ذلك - يكون مجهلاً ، ومن ثم غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كافٍ وسائغ ولا يتنافى مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات بقالة خلوها من أي دليل قبله لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بالجريمتين المنصوص عليهما في المواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات والمادتين 1/1، 25مكرر/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون ، وكانت العقوبة التي أنزلها على الطاعن - بعد تطبيق المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات - هي عقوبة السجن المؤبد ، وكانت العقوبة الواجبة على أشد الجريمتين التي دان الطاعن عنها وهي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المواد 230 ، 231 ، 232 من قانون العقوبات هي الإعدام ، فإن المحكمة إذ طبقت المادة 17 المشار إليها ونزلت بالعقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد فإنها تكون قد أصابت صحيح القانون ، مما يضحى معه النعي على الحكم بهذا السبب غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حالة الرغبة في إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق