الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 1 أغسطس 2025

الطلب 1 لسنة 2025 هيئة عامة تمييز أبو ظبي مدني جلسة 19 / 2 / 2025

جلسة 19 من فبراير سنة 2025
برئاسة السيد المستشار/ علال لعبودي ـ رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز يعكوبي، محمد زكي، د. حسين بن سليمة، زهير إسكندر، عبد الله علي، ضياء الدين عبد المجيد، طارق فتحي، د. عدلان الحاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطلب رقم 1 لسنة 2025 هيئة عامة مدني)
إجراءات "إجراءات الطعن أمام محكمة النقض". نقض "أثر الطعن" "نظر الطعن والحكم فيه". هيئة عامة.
- وجوب القضاء بقبول الطعن المرفوع من الخصم الأخر عن ذات الحكم المطعون فيه. متى تغايرت أسبابه وتوافرت موجبات قبوله الأخرى. أثر ذلك: إقرار الهيئة العامة لذلك المبدأ دون ما يخالفه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من استقراء نصوص قانون الإجراءات المدنية أن المشرع قد حرص دوماً على منع تقطيع أوصال الدعوى الواحدة وتشتيتها ، والذي قد يؤدي في النهاية إلى صدور أحكام متناقضة، وينعكس هذا الحرص جلياً في النصوص التي أقرها المشرع في هذا القانون بشأن إجراءات الدعوى والطعن، بما فيها تلك المتعلقة بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فإذا ما تم عرض طعن من هذه الطعون منفرداً على المحكمة في إطار زمني مغاير، وترتب على ذلك أن تصدت محكمة النقض بالفصل في أحد الطعون المعروضة عليها برفضه أو بنقضه نقضاً جزئياً بما يتضمن تأييد الحكم المطعون فيه في الشق المتعلق بطلب للخصم الأخر تم رفضه أو بإصدار قرار بعدم قبوله، دون أن تفطن المحكمة لوجود طعن أو طعون أخرى لم تأمر بضمها، ولم يُفصل فيها، وكان ذلك الطعن مقاماً من خصم مغاير ينفصل ويستقل في مصلحته عن بقية الخصوم، وقد أقامه على أسباب مغايرة لم يسبق تناولها بالحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، فإنه لا يستقيم إهدار مصلحة هذا الخصم بدعوى المساس بحجية الحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، طالما تغايرت الأسباب في الطعنين، فبات الطعن بالنقض الآخر المرفوع في الميعاد هو السبيل الوحيد للخصم لعرض أسباب طعنه في الحكم المطعون فيه على محكمة النقض، والقول بغير ذلك من شأنه مصادرة حقه في التقاضي بحرمانه من عرض أسباب طعنه على القضاء، اعتباراً بأن القضاء بعدم جواز هذا الطعن الأخر المرفوع استنادًا إلى أسباب لم يسبق للمحكمة تناولها أو الإدلاء برأيها فيها في الطعن الأول لا يكون مبرراً مادام لا يمس حجية الحكم أو القرار السابق الصادر بالرفض أو بعدم القبول، ولو كان الطاعن في الطعن الثاني ممثلاً في خصومة الطعن الأول، خاصة وأن ضم الطعون المرتبطة لنظرها أمام ذات الدائرة ليس واجباً على الخصوم، بما يمثل عقاباً إجرائياً عظيم الأثر يتم توقيعه على خصم قام بواجبه القانوني على نحو صحيح، وهو ما تتأذى منه العدالة، ولا يسوغ القول بوجوب التزام الدائرة التي تنظر الطعن الثاني بحجية الحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، إذ العبرة في تكييف الإجراءات هي بحقيقة جوهرها ومرماها، وهي ترتبط دائماً بمبدأ نسبية الأثر المترتب عليها، فإذا ما أقام الطاعن في الطعن الأخر طعنه مستوفياً لأوضاعه موجهاً ما نعاه إلى أسباب الحكم المطعون فيه ، وهو ما يعني بالضرورة اعتراضه على أسباب هذا الحكم وعدم قبوله لها، مما يحتم على محكمة النقض أن تقوم بوظيفتها بمراقبة قضاء الموضوع استيثاقاً من صحة تطبيقه للقانون على الوقائع وتقويماً لما يكون قد أعوج أو شذ من أحكامه، وتوحيدًا لفهم النصوص القانونية فهما مطابقاً لما أراده المشرع منها، فلا يسوغ إزالة أثر هذا الطعن بصدور حكم أو قرار من محكمة النقض بعدم قبول أو رفض طعن سابق مقام من خصم أخر طالما لم يتناول الأسباب التي عليها أقيم الطعن الآخر ودون أن تقول المحكمة كلمتها فيها، ذلك أن معيار سبق فصل محكمة النقض في أحد الطعون على النحو المتقدم، لا يصح أن يكون معياراً يؤدى إلى تعطيل أو إلغاء الفصل في طعن أو طعون أخرى مقامة على ذات الحكم بأسباب مغايرة، دون أن ينص المشرع على ذلك صراحة، ومن ثم فإن ما يقيد الدائرة المعروض عليها الطعن الآخر في هذا الصدد، هو احترام الأسباب التي بني عليها الحكم أو القرار الصادر من المحكمة في الطعن الأول، وعدم إعادة تناولها عند تصديها للطعن الثاني وفصلها فيه، وهو بذلك ينفي عنها شبهة التسلط على ذلك الحكم أو القرار أو عدم احترام حجيته، كما أنه في هذا الإطار لا يعد إلغاءً لهذا الحكم أو القرار أو سحباً أو رجوعاً فيه، وهو الأمر الذي يتفق مع مبدأ المساواة أمام القانون والذي لا بد وأن يكون ذا اعتبار عند نظر كافة القضايا والطعون أمام المحاكم على اختلاف درجاتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئـــــــــــة
بعد الاطلاع على المادة (9) من القانون رقم (6) لسنة 2024 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي. وبناء على المذكرة المرفوعة من رئيس الدائرة المدنية إلى رئيس محكمة النقض بتاريخ 22/2/2024 لأجل الإحالة على الهيئة العامة بالمحكمة للنظر في توحيد مبدأين قضائيين متعارضين صادرين عن هذه المحكمة بشأن مآل الطعن الثاني في حال الفصل في طعن مرتبط به من دون ضمهما.
وبناء على قرار رئيس محكمة النقض بإحالة الأمر على الهيئة العامة للمحكمة للنظر في موضوع التعارض المذكور، والذي يتمثل في اتجاهين:
الاتجاه الأول: - والذي تعكسه الأحكام السابق صدورها عن هذه المحكمة - يرى عدم قبول طعن ثان عن ذات الحكم - أياً كان الخصم رافع الطعن - إذا كان قد سبق الطعن فيه بطريق النقض وتم الفصل في الطعن الأول. وقد تكرس هذا المبدأ في مجموعة من الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة (منها الطعن رقم 173 لسنة 2022).
الاتجاه الثاني: - والذي تعكسه بعض الأحكام الحديثة الصادرة عن هذه المحكمة - نحا خلاف ذلك، ويرى قبول الطعن المرفوع من الخصم الأخر عن ذات الحكم المطعون فيه طالما تغايرت أسبابه وتوافرت أسباب قبوله الأخرى (الطعن رقم 1214 لسنة 2024 تجاري).
واعتباراً للتعارض القائم بين المبدأين المذكورين، وسعياً إلى رفعه وتوحيد توجه المحكمة بشأنه فقد ارتأت الهيئة العامة بمحكمة النقض - الهيئة المدنية - ما يلي:
حيث إنه لما كان البين من استقراء نصوص قانون الإجراءات المدنية أن المشرع قد حرص دوماً على منع تقطيع أوصال الدعوى الواحدة وتشتيتها ، والذي قد يؤدي في النهاية إلى صدور أحكام متناقضة، وينعكس هذا الحرص جلياً في النصوص التي أقرها المشرع في هذا القانون بشأن إجراءات الدعوى والطعن، بما فيها تلك المتعلقة بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فإذا ما تم عرض طعن من هذه الطعون منفرداً على المحكمة في إطار زمني مغاير، وترتب على ذلك أن تصدت محكمة النقض بالفصل في أحد الطعون المعروضة عليها برفضه أو بنقضه نقضاً جزئياً بما يتضمن تأييد الحكم المطعون فيه في الشق المتعلق بطلب للخصم الأخر تم رفضه أو بإصدار قرار بعدم قبوله، دون أن تفطن المحكمة لوجود طعن أو طعون أخرى لم تأمر بضمها، ولم يُفصل فيها، وكان ذلك الطعن مقاماً من خصم مغاير ينفصل ويستقل في مصلحته عن بقية الخصوم، وقد أقامه على أسباب مغايرة لم يسبق تناولها بالحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، فإنه لا يستقيم إهدار مصلحة هذا الخصم بدعوى المساس بحجية الحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، طالما تغايرت الأسباب في الطعنين، فبات الطعن بالنقض الآخر المرفوع في الميعاد هو السبيل الوحيد للخصم لعرض أسباب طعنه في الحكم المطعون فيه على محكمة النقض، والقول بغير ذلك من شأنه مصادرة حقه في التقاضي بحرمانه من عرض أسباب طعنه على القضاء، اعتباراً بأن القضاء بعدم جواز هذا الطعن الأخر المرفوع استنادًا إلى أسباب لم يسبق للمحكمة تناولها أو الإدلاء برأيها فيها في الطعن الأول لا يكون مبرراً مادام لا يمس حجية الحكم أو القرار السابق الصادر بالرفض أو بعدم القبول، ولو كان الطاعن في الطعن الثاني ممثلاً في خصومة الطعن الأول، خاصة وأن ضم الطعون المرتبطة لنظرها أمام ذات الدائرة ليس واجباً على الخصوم، بما يمثل عقاباً إجرائياً عظيم الأثر يتم توقيعه على خصم قام بواجبه القانوني على نحو صحيح، وهو ما تتأذى منه العدالة، ولا يسوغ القول بوجوب التزام الدائرة التي تنظر الطعن الثاني بحجية الحكم أو القرار الصادر في الطعن الأول، إذ العبرة في تكييف الإجراءات هي بحقيقة جوهرها ومرماها، وهي ترتبط دائماً بمبدأ نسبية الأثر المترتب عليها، فإذا ما أقام الطاعن في الطعن الأخر طعنه مستوفياً لأوضاعه موجهاً ما نعاه إلى أسباب الحكم المطعون فيه، وهو ما يعني بالضرورة اعتراضه على أسباب هذا الحكم وعدم قبوله لها، مما يحتم على محكمة النقض أن تقوم بوظيفتها بمراقبة قضاء الموضوع استيثاقاً من صحة تطبيقه للقانون على الوقائع وتقويماً لما يكون قد أعوج أو شذ من أحكامه، وتوحيدًا لفهم النصوص القانونية فهما مطابقاً لما أراده المشرع منها، فلا يسوغ إزالة أثر هذا الطعن بصدور حكم أو قرار من محكمة النقض بعدم قبول أو رفض طعن سابق مقام من خصم أخر طالما لم يتناول الأسباب التي عليها أقيم الطعن الآخر ودون أن تقول المحكمة كلمتها فيها، ذلك أن معيار سبق فصل محكمة النقض في أحد الطعون على النحو المتقدم، لا يصح أن يكون معياراً يؤدى إلى تعطيل أو إلغاء الفصل في طعن أو طعون أخرى مقامة على ذات الحكم بأسباب مغايرة، دون أن ينص المشرع على ذلك صراحة، ومن ثم فإن ما يقيد الدائرة المعروض عليها الطعن الآخر في هذا الصدد، هو احترام الأسباب التي بني عليها الحكم أو القرار الصادر من المحكمة في الطعن الأول، وعدم إعادة تناولها عند تصديها للطعن الثاني وفصلها فيه، وهو بذلك ينفي عنها شبهة التسلط على ذلك الحكم أو القرار أو عدم احترام حجيته، كما أنه في هذا الإطار لا يعد إلغاءً لهذا الحكم أو القرار أو سحباً أو رجوعاً فيه، وهو الأمر الذي يتفق مع مبدأ المساواة أمام القانون والذي لا بد وأن يكون ذا اعتبار عند نظر كافة القضايا والطعون أمام المحاكم على اختلاف درجاتها. لما كان ما تقدم، فإن الهيئة (الهيئة المدنية) ترى الاعتداد بالمبدأ القضائي الذي كرسه التوجه الثاني لهذه المحكمة كما تم بيانه أعلاه.
لذلك
قررت الهيئة العامة للمحكمة (الهيئة المدنية) الاعتداد بالمبدأ الذي يقضي بقبول الطعن المرفوع من الخصم الآخر عن ذات الحكم المطعون فيه طالما تغايرت أسبابه وتوافرت أسباب قبوله الأخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق