جلسة 29 من يناير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد محمد عبد المجيد - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة نصحي بولس فارس وعبد الرؤوف محمد محيي الدين وعبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار - المستشارين.
-----------------
(79)
الطعن رقم 940 لسنة 26 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - ندب.
الأصل أن الندب من وظيفة إلى أخرى أمر تترخص في ممارسته جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية وبمراعاة أن الندب مؤقت بطبيعته - يتعين على جهة الإدارة عند أعمال سلطتها التقديرية ألا تسيء استعمال هذه السلطة - تكرار ندب العامل لوظائف متعددة بعضها أدنى من وظيفته والأخرى مغايرة لها دون إعادته إلى عمله الأصلي يؤدي إلى عدم كفالة استقرار العامل نسبياً في وظيفة بذاتها - قيام حالة واقعية تستخلص من جماع تصرفات جهة الإدارة وتفيد في قيام قرينة إساءة استعمال جهة الإدارة سلطتها في الندب - توافر ركن الخطأ - متى ثبت توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية يحكم بالتعويض المناسب - عدم سقوط الحق في طلب التعويض إلا بمضي المدة الطويلة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 5/ 5/ 1980 أودعت الأستاذة ليلى أحمد إبراهيم المحامية عن الهيئة العامة للكتاب تقرير طعن برقم 940 لسنة 26 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلستها المنعقدة في 9/ 3/ 1980 في الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق المقامة من السيد عبد الهادي محمد مسعود الإبياري والذي قضى بإلزام الهيئة العامة للكتاب بأن تدفع للمدعي مبلغ ألف جنيه وألزمتها المصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثانياً: إلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الأحد الموافق 24/ 8/ 1980 أودع الأستاذ حسن شرارة. المحامي نائباً عن الأستاذ إبراهيم الزيادي المحامي الوكيل عن السيد عبد الهادي محمد مسعود الإبياري تقريراً بالطعن في ذات الحكم قيد برقم 1670 لسنة 26 ق وطلب في ختام تقريره للأسباب التي ذكرها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بأن تدفع المدعى عليها له مبلغ اثنين وعشرين ألف جنيه والمصروفات والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية.
وقد أعلن كل من الطعنين إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعنين انتهت فيه إلى طلب الحكم. أولاً في الطعن رقم 940 لسنة 26 ق برفض طلب وقف التنفيذ، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام جهة الإدارة بأن تدفع التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة عن الأضرار الأدبية عن قرارات الندب غير المشروع ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع إلزام الطرفين بالمصاريف مناصفة.
ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 1670 لسنة 26 ق بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعنان بجلسات دائرة فحص الطعون (الدائرة الأولى) على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 26/ 10/ 1983 قررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 14/ 12/ 1983، وبهذه الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/ 12/ 1983 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 7/ 3/ 1984.
وبعد إذ أحيل الطعن إلى هذه الدائرة (الثالثة) تداول بجلساتها على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 18/ 4/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 8/ 5/ 1984.
وتداول نظر الطعن أمام المحكمة وبجلسة 13/ 11/ 1984 قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة 25/ 12/ 1984، وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 1/ 1985 لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 940 لسنة 26 ق، فثابت من الأوراق أنه بعد إذ صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 9/ 3/ 1980، أودعت الطاعنة تقرير الطعن في 5/ 5/ 1980 لذلك يكون الطعن قد أقيم في الميعاد، وإذ كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن رقم 1670 لسنة 26 ق فثابت أن الطاعن قد تقدم في 3/ 4/ 1980 وفي خلال الميعاد بطلب لإعفائه من رسوم الطعن رفض في 25/ 6/ 1980 فأقام طعنه في 24/ 8/ 1980 لذلك فإنه يكون قد راعى المواعيد، وإذ كان الطعن قد استوفى باقي أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن السيد/ عبد الهادي محمد مسعود الإبياري كان قد أقام بتاريخ 7/ 12/ 1974 الدعوى رقم 294 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا له مبلغ 22 ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وما فاته من كسب نتيجة تصرفات وقرارات المطعون ضدهما من إلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعوه أنه كان قد عين بوزارة التربية والتعليم ثم حصل على ليسانس الآداب في مايو سنة 1946، ثم نقل إلى الهيئة المدعى عليها وتدرج في وظائفها إلى أن حصل على الدرجة الثالثة الفنية العالية في 10/ 5/ 1958. وفي مارس سنة 1962 أجريت حركة ترقيات أرجئت فيها الترقية إلى الدرجة الثانية دون مبرر قانوني، فتظلم من ذلك وبناء على فتوى صادرة من مجلس الدولة تمت ترقيته إلى الدرجة الثانية في 28/ 7/ 1962. وفي مارس سنة 1964 أجرت الإدارة حركة ترقيات أرجأت فيها الهيئة النظر في الترقية إلى الدرجة الأولى فتظلم من ذلك إلا أن الإدارة انتهت إلى تخطيه في الترقية بقرارها الصادر في 22/ 2/ 1965 دون إخطاره باتجاه نيتها إلى تخطيه قبل اتخاذ قرارها، وقد تلي ذلك صدور عدة قرارات أضرت به بدأت بصدور القرار التنظيمي رقم 65 بتاريخ 14/ 6/ 1966 والذي صاحبه ندبه إلى وظيفة رئيس أو مراقب أو مدير للشئون العامة، وهذا ما ألحق به الأضرار المادية والأدبية لأن الوظائف التي ندب إليها وظائف إدارية لا فنية، وما قصدت الإدارة بقراراتها الصادرة في هذا الشأن إلا الحط من قيمته وهذا ما يتضمن توقيع جزاءات مقنعة، وقد ترتب على ذلك إن ساءت حالته الصحية فأصيب بانزلاق غضروفي أثر على أعصابه مما كان له أثره على إنتاجه في مجال التأليف وحرمه من مزايا مادية. وقال الطاعن أنه أقام الدعوى ابتداء بطلب الحكم له بتعويض مقداره ألفين من الجنيهات، إلا أنه نظراً لفداحة ما أصابه من أضرار عدل طلباته إلى 22 ألف جنيه بعد أن حصل على قرار بإعفائه من الرسوم بالقرار رقم 135 لسنة 25 ق، وأنه يطالب بهذا التعويض عن تصرفات الإدارة الآتية:
1 - التقارير السرية التي وضعت عنه اعتبارا من سنة 1952.
2 - القرار رقم 45 لسنة 1960 بندبه للعمل بقسم التراث بالإدارة العامة للثقافة.
3 - القرار رقم 35 بتاريخ 2/ 4/ 1963 بتكليفه بالإشراف على الشئون العامة بصفة مؤقتة.
4 - القرار رقم 107 بتاريخ 11/ 11/ 1964 بندبه رئيساً لقسم الشئون العامة.
5 - القرار رقم 120 بتاريخ 9/ 7/ 1966 بندب السيد/ محمود الأعصر وكيلاً للإدارة العامة للشئون المالية بالإضافة لعمله وكيلاً للإدارة العامة للخدمة المكتبية.
6 - القرار الصادر بندبه إلى غير وظيفة بالإدارة العامة للتنظيم والإدارة.
7 - القرار الصادر بندبه إلى الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية في وظيفة هابطة.
8 - القرار الصادر بندبه إلى الإدارة العامة الثقافة الجماهيرية مع ندبه إلى وظيفة محلية هي مدير قصر الثقافة في بني سويف.
9 - القرار الصادر بعدم اعتبار الدعوة الموجهة إليه للسفر إلى بغداد مهمة ثقافية.
10 - الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوى إلى بغداد.
11 - القرار رقم 265 في 21/ 12/ 1966 بشغل الدرجة الثانية بموظف من وزارة التعليم العالي.
12 - منعه من السفر إلى أسبانيا للتدريس.
13 - القرار رقم 25 في 21/ 1/ 1963 بترقية السيد/ علي محمود كحيل إلى الدرجة الثانية وهو القرار الذي ألغاه الحكم الصادر في الدعوى رقم 117 لسنة 21 ق لصالح الطاعن.
14 - القرار الصادر في ديسمبر سنة 1968 بترقية السيد/ محمود الأعصر إلى الدرجة الثانية.
15 - القرار رقم 188 الصادر بسلخ معرض المخطوطات من قسم الشئون العامة بقصد الإقلال من شأنه.
16 - القرار الصادر بإرجاء النظر في ترقيته إلى الدرجة الأولى القديمة (الثانية في 46/ 1964).
17 - القرار الصادر بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية (ق 46/ 1964) الصادر في 22/ 2/ 1965.
18 - القرار رقم 65 بتاريخ 14/ 6/ 1966 بترتيب الوظائف وشغلها.
19 - جريمة القذف المنسوبة إلى السيد/ ....... وغيره.
20 - القرار رقم 116 الصادر في 6/ 7/ 1966 بتعيين السيد/ علي محمود كحيل مراقباً عاماً للخدمة المكتبية بينما الدرجة التي يشغلها سعادته أقل من درجة الطاعن الذي كانت مخصصة له الوظيفة.
21 - القرار رقم 62 الصادر في 3/ 7/ 1963.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، واحتياطياً الحكم برفضها مع إلزام الطاعن في أي من الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثم قدمت مذكرة أخرى طلبت في ختامها أولاً: الحكم بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لزوال صفة المدعى عليه الأول، واحتياطياً الحكم بإخراج وزارة الثقافة من الدعوى بلا مصاريف. ثانياً: أصلياً: الحكم بسقوط دعوى المطالبة بالتعويض بالتقادم الخمسي. واحتياطياً: رفض الدعوى مع إلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ثم تقدم المدعي بعدة مذكرات لم تضف جديداً للوارد في عريضة دعواه وانتهى فيها إلى طلب الحكم بذات الطلبات السابقة.
وبجلسة 9/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بإلزام الهيئة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي ألف جنيه وإلزامها المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، فإن هذا الدفع في غير محله ذلك أن المدعي يطالب بالتعويض عن قرارات يدخل طلب إلغائها في اختصاص مجلس الدولة ومن ثم فإنه يختص بالنظر في طلب التعويض عنها، وبالنسبة لاختصام وزير الثقافة فقد انتهت المحكمة إلى أن مناط الخصومة في الدعوى هي العلاقة الوظيفية بين المدعي والهيئة المصرية العامة للكتاب، وإذ كانت الهيئة المذكورة هيئة عامة لها شخصية اعتبارية مستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها، فمن ثم تكون هذه الهيئة هي الخصم الحقيقي في الدعوى ولا شأن لوزارة الثقافة بها إذ لم ينسب المدعي للوزارة المذكورة أي خطأ.
وانتهت المحكمة في خصوص طلب التعويض عن قرارات تقدير كفاية المدعي السابقة إلى عدم أحقيته في التعويض عن التقرير الدوري عن سنة 1963 وذلك لأنه كان قد سبق أن طعن على هذا التقرير بالدعوى رقم 1160 لسنة 13 ق وقضى فيها بسلامة هذا التقرير.
وبالنسبة لتقريري سنة 64، 1965 فقد انتهت المحكمة إلى أحقية المدعي في التعويض عنهما، واستندت في ذلك إلى حكم صادر في شأن طلب إلغاء التقرير الدوري المقدم عن المدعي عن عام 1966 حيث انتهى هذا الحكم إلى بطلان تشكيل لجنة شئون العاملين في الفترة من سنة 1964 حتى سنة 1967. وبالنسبة لتقريري سنة 66، 1967 فقد رفضت المحكمة التعويض عنهما لأن المدعي كان قد حكم له في الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق بإلغاء هذين التقريرين مع ما ترتب على ذلك من تخطيه في الترقية. وبالنسبة لطلب التعويض عن إرجاء النظر في ترقية المدعي فقد ذهبت المحكمة إلى أن اختيار وقت إجراء الترقية مما تستقل به الإدارة وتترخص فيه بحسب تقديرها، فإن المدعي قد سبق أن أقام الدعوى رقم 1499 لسنة 18 ق طعناً على إرجاء ترقيته إلى الدرجة الأولى القديمة، وقد قضى فيها بعدم الاختصاص لعدم وجود قرار إداري يجوز الطعن فيه. وفيما يتعلق بندبه إلى قسم أحياء التراث، فقد رأت المحكمة بتعويض المدعي عنه لأنه قد صدر ندبه من وظيفة أعلى هي وظيفة رئيس قسم الإرشاد بالهيئة إلى القسم المذكور دون إسناد رئاسته إليه، وبالنسبة لطلب التعويض عن باقي قرارات الندب فقد انتهت المحكمة إلى رفض التعويض عنها حيث لم يحدد المدعي وجه الخطأ في هذه القرارات.
وبالنسبة لقرارات إسناد الإشراف على بعض الإدارات للمدعي فقد رأت المحكمة عدم تعويضه عنها باعتبار أن الإشراف يحمل معنى الرئاسة. وعن طلب التعويض عن القرار رقم 22 لسنة 1965 الذي تخطى المدعي في الترقية إلى الفئة الثانية، فقد انتهت المحكمة إلى رفضه لأنه كان قد سبق أن أقام الدعوى رقم 3362 لسنة 19 ق بطلب إلغاء هذا القرار إلا أنه قضى فيها بجلسة 23/ 2/ 1967 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وبالنسبة لطلب التعويض عن القرار الصادر في 29/ 12/ 1968 بترقية السيدين محمود مصطفى الأعصر وزكي ريحان إلى الدرجة الثانية ورفضت المحكمة طلب التعويض عنه وذلك لأنه كان قد سبق أن أقام الدعوى رقم 1488 لسنة 23 بطلب إلغائه وقد حكم فيها لمصلحته وبالنسبة لطلب التعويض عن القرار رقم 62 الصادر في 3/ 7/ 1963 فإن المدعي لم يوضح مضمون هذا القرار وما ينعيه عليه وعن طلب التعويض عن القرار رقم 120 لسنة 1966 الصادر بندب السيد محمود مصطفى الأعصر وكيلاً للإدارة العامة للشئون المالية والإدارية بالإضافة إلى عمله وكيلاً للإدارة العامة للخدمة المكتبية فثابت أن هذا القرار قد ألغي بالقرار رقم 262 لسنة 1966 استناداً إلى قواعد تنفيذ الميزانية وكتاب الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فضلاً عن أن المدعي لم يبين وجه الضرر الذي لحق به نتيجة هذا القرار وفيما يتعلق بطلب التعويض عن عدم اعتبار الدعوى التي وجهت إلى المدعي للسفر إلى بغداد مهمة ثقافية ثم الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوة أخرى إلى بغداد وكذلك عدم الموافقة على سفره إلى أسبانيا للتدريس فقد رفضت المحكمة التعويض عنهما لأن المدعي لم يقدم أي مستندات مؤيده في هذا الشأن وعن طلب التعويض عن القرار رقم 65 الصادر في 21/ 12/ 1966 لشغل الدرجة الثانية بأحد موظفي وزارة التعليم العالي فلم يحدد المدعي وجه الخطأ الذي ارتكبته الإدارة بإصدارها لهذا القرار وعن طلبه التعويض عن القرار رقم 188 لسنة 1968 فقد رفضت المحكمة طلبه لأن هذا القرار من قبيل القرارات التنظيمية العامة.
وعن الدفع الذي أبدته الجهة الإدارية بسقوط حق المدعي في التعويض بالتقادم الخمسي فقد انتهت المحكمة إلى رفضه تأسيساً على أن التعويض في الحالة الراهنة لا يتقادم إلا بمضي المدة الطويلة.
ومن حيث إن المدعى عليها قد طعنت على هذا الحكم بالطعن رقم 940 لسنة 26 ق واستندت في ذلك إلى:
1 - أن الحكم المطعون فيه وقد قضى بتعويض المطعون ضده عما حاق به من ضرر أدبي من جراء تقرير كفايته عن عام 1964، فإنه بذلك يكون قد خالف حكماً نهائياً حاز لقوة الشيء المقضي، ذلك أن المحكمة قد استندت فيما انتهت إليه إلى تشكيل لجنة شئون العاملين واستندت في ذلك إلى حكم صدر لمصلحة الطاعن في الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق التي كان قد أقامها طعناً في التقرير الدوري المقدم عنه عن سنتي 1966، 1967، وأن هذا الحكم قد طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعنين رقمي 1024 لسنة 18 ق، 471 لسنة 19 ق، وقد حكمت المحكمة العليا بإلغاء هذا الحكم وبرفض دعوى الطاعن.
2 - أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين قضى بتعويض الطاعن عن قرار ندبه للعمل مؤقتاً بقسم إحياء التراث. إذ المسلم أن تقرير هذا الندب كان لمصلحة العمل.
3 - أن حق المدعي في التعويض قد سقط بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إن الطاعن كذلك قد طعن على هذا الحكم (الطعن رقم 1670 لسنة 26 ق) واستند في ذلك إلى:
1 - أن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه قد شابه القصور في تحصيل الوقائع، وناقض بغير حق تقارير المفوضين وأحكاماً صدرت لمصلحة الطاعن منها الحكم الصادر في الدعوى رقم 1022 لسنة 23 ق الذي قضى ببطلان التقارير التي قدمت عن كفايته عن الأعوام 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75 ولم يطعن في هذا الحكم، إلا أن المحكمة قد أغفلت تعويضه عن هذه التقارير. هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد الاستدلال والمقارنة فأغفل أن الجهة الإدارية في قراراتها ومقارناتها قد ناقضت قواعد المنطق والقياس الصحيح حيث هو حصل على الدرجة الثالثة في 28/ 7/ 1962 وحصل عليها السيد/ محمود الأعصر في 27/ 12/ 1966 إلا أن الإدارة مع ذلك قد رقت هذا الأخير إلى الدرجة الثانية بتخطيه الطاعن، كذلك أغفل الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة قد خالفت قانون ربط الميزانية ونسبت إليه وظائف مخالفة لما نص عليه هذا القانون. هذا علاوة على أن الجهة الإدارية لم ترد أقدميته في الدرجة الثانية (قديمة) الثالثة (جديدة) إلى التاريخ السليم حيث هي كانت قد أجرت حركة ترقيات أرجأت فيها فقط ترقيته دون باقي الدرجات.
2 - أن الحكم المطعون فيه قد شابه خلل جوهري بإخراجه وزارة الثقافة من الدعوى إذ أنها تشارك المدعى عليها الثانية في المسئولية.
3 - أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقوقه بعدم تعويضه عما أصابه من أضرار مادية، ولم يعوضه سوى عن تقارير دورية بذاتها حددها وقصر التعويض عليها دون باقي التقارير.
ومن حيث إنه بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ومن إخراج لوزارة الثقافة من الدعوى، فإنه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ذلك أن معظم طلبات المدعي تتعلق بطلب التعويض عن قرارات مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري طلب إلغائها ومن ثم فإنه يدخل في اختصاصه كذلك طلب التعويض عنها، وبالتالي فلا شبهة في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. وعن إخراج وزارة الثقافة من الدعوى فإن الطاعن إنما يعمل في الهيئة المطعون ضدها ويطالب بالتعويض عن قرارات اتخذتها الهيئة، وإذ كانت هذه الهيئة تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة ويمثلها رئيسها أمام القضاء الإداري وأمام الغير، لذلك فلا شأن لوزارة الثقافة بهذه الدعوى.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن التعويض عن التقارير الدورية التي وضعت عنه منذ سنة 1952، فثابت من استعراض الطاعن لحالته الوظيفية منذ دخوله الخدمة أنه قد ذكر أن أمره قد سار على نحو طبيعي حتى سنة 1962 وإلى أن حل دوره للترقية إلى الدرجة الثانية، وأنه لم يطعن على أي تصرف سابق على هذا التاريخ لذلك يتضح أنه لم يكن هناك محل أو لزوم لمناقشة التقارير الدورية السابقة على سنة 1963. على هذا الوجه وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتعرض للتقارير السابقة على سنة 1963 حيث لم يشر الطاعن من قريب أو بعيد لهذه التقارير التي لم تنتج أثراً مانعاً من ترقية أو استحقاق علاوة لبيان الفترة التي وضعت عنها، لذلك يتضح أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في عدم تعرضه لهذه التقارير.
وعن التقارير الدورية التي قدمت عن الطاعن عن السنوات من 63 حتى 67 فثابت أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 1488 لسنة 23 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) وانتهى في تحديد طلباته إلى:
1 - طلب إلغاء القرار الصادر بترقية السيدين محمود مصطفى الأعصر، وزكى ريحان للدرجة الثانية التخصصية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة.
2 - إلغاء التقارير الدورية المقدمة عنه عن الأعوام 63، 64، 65، 66، 1976.
3 - الحكم له بتعويض مؤقت مقداره قرش واحد عن كل قرار من القرارات المطعون فيها.
وبجلسة 20/ 1/ 1977 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطعن على قرارات تقدير الكفاية عن السنوات من 63، 64، 65 لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب الطعن على قراري الكفاية عن سنتي 66، 1967 وقبول الطعن على قرار الترقية المطعون عليه.
ثالثاً: بعدم الاعتداد بقراري كفاية المدعي عن سنتي 1966، 1967.
رابعاً: بإلغاء القرار رقم 437 الصادر في 29/ 12/ 1968 فيما تضمنه من تخطي المدعي (الطاعن) في الترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفضت المحكمة ما عدا ذلك من طلبات تتعلق بالتعويض عن القرارات المطعون فيها.
وقد طعن كل من الهيئة، والسيد عبد الهادي محمد مسعود في هذا الحكم وقيد طعن الأول برقم 309 لسنة 23 ق عليا وقيد طعن الثاني برقم 662 لسنة 23 ق عليا، وبجلسة 9/ 2/ 1981 حكمت دائرة فحص الطعون (الدائرة الثانية) برفض الطعنين.
ومن حيث إن الذي يبين مما تقدم أنه قد سبق أن قضت محكمة القضاء الإداري في طلب التعويض عن قرارات تقدير الكفاية عن الأعوام من 1963 إلى 1967، وحكمت كذلك في طلب التعويض عن القرار الصادر بالترقية إلى الدرجة الثانية التخصصية فيما تضمنه من تخط للطاعن، فانتهت إلى الرفض وأيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم. لذلك، وإذ كان الطاعن قد عاد وكرر طلب التعويض عن هذه القرارات، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز نظر دعواه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عن باقي التقارير الدورية التي قدمت عن الطاعن عن السنوات اللاحقة لسنة 1967، فقد ذكر الطاعن أنه قد طعن على جميع هذه القرارات وحصل على أحكام بإلغائها وأن هذه الأحكام قد صارت نهائية بعدم الطعن عليها.
وعلى هذا الوجه، ومتى كان أمر هذه القرارات على نحو ما ذكر الطاعن، فإنه لا يسوغ له طلب التعويض عنها حيث في إلغائها خير تعويض له لما يترتب على الإلغاء من عدم ترتيبها لأي أثر ماس بمركز الطاعن الوظيفي سواء من الناحية الأدبية أو المادية في مجال الترقية أو منح العلاوة أو في خصوص أي شأن آخر.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن إرجاء ترقية الطاعن إلى الدرجة الثانية (قديم) الثالثة (جديد) من مارس سنة 1962 إلى يوليو سنة 1962، فإن المسلم أن اختيار وقت إجراء الترقية مما تترخص فيه جهة الإدارة بسلطة تقديرية لا معقب عليها إلا في حدود عيب الانحراف بالسلطة وإذ لم يتوافر الدليل على قيام هذا العيب، فمن ثم فإنه ولا وجه للقول بخطأ الإدارة في هذا الخصوص وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بذلك فإنه يكون ولا مطعن عليه.
وعن طلب التعويض عن القرار الصادر بتخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة التالية، فقد سبق أن أشرنا إلى أن ثمة حكم قد صدر بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخط للطاعن، ورفض هذا الحكم طلب التعويض عنه لما انتهى إليه من أن في الإلغاء خير تعويض، وإزاء ذلك فقد انتهت إلى عدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه بحكم نهائي أيدته المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض عن عدم اعتبار الدعوة الموجهة للطاعن للسفر إلى العراق مهمة ثقافية، ثم الامتناع عن منحه إجازة اعتيادية للتوجه في دعوة أخرى، وعدم الموافقة على سفره إلى اسبانيا للتدريس، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض التعويض عن ذلك للأسباب التي استند إليها والتي تحصل في عدم إقامة الدليل على أن الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها في تقريرها عدم الاستجابة لطلب الطاعن.
وعن طلب الطاعن التعويض عن جريمة القذف، فلا اختصاص للمحكمة بنظر مثل هذا الطلب حيث الأمر بالنسبة لمثل ذلك لا يتعلق بطلب تعويض عن مسألة مما تختص محاكم مجلس الدولة بنظرها.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن التعويض عما أصدرته المطعون ضدها من قرارات تنظيمية عامة تناولت بالتنظيم وحدات وإدارات الدار، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض التعويض عن ذلك حيث لم تتعرض هذه القواعد للمراكز الذاتية للعاملين بالدار.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن تعويضه عن القرارات الصادرة بندبه إلى بعض الوظائف، وهي القرار رقم 45 لسنة 1980 بندبه للإدارة العامة للثقافة لقسم التراث، ثم ندبه رئيساً لقسم الشئون العامة وندبه إلى الإدارة العامة للثقافة الجماهيرية ثم ندبه مديراً لقصر الثقافة ببني سويف وندبه إلى غير وظيفة بالإدارة العامة للتنظيم والإدارة، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أحقية الطاعن في التعويض عن قرار ندبه من رئاسة قسم الإرشاد إلى قسم التراث دون رئاسة وذلك للأسباب التي أشار إليها هذا الحكم من أن هذا الندب قد تضمن تنزيلاً للطاعن ألحق به ضرراً أدبياً يستحق التعويض عنه.
وعن طلب التعويض عن باقي قرارات الندب، فإنه ولئن كان المسلم أن الندب من وظيفة إلى أخرى مما تترخص في ممارسته الجهة الإدارية بسلطة تقديرية، وأنه وبمراعاة أن الندب مؤقت بطبيعته فإن المحكمة ترى في تكرار ندب الطاعن تارة إلى وظيفة أخرى كما في ندبه لقسم التراث، وتارة إلى وظائف أخرى مغايرة دون إعادته إلى عمله الأصلي، ترى في كل ذلك مما ترتب عليه من عدم كفالة استقرار الطاعن نسبياً في وظيفة بذاتها، ما يكشف عن حالة واقعية جديدة تستخلص من جماع هذه التصرفات تفيد في قيام قرينة على أن الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها في الندب وهذا ما يشكل خطأ في جانبها أصاب الطاعن ولا شك بضرر لما كان لهذا الوضع من أثر سيئ على حالته النفسية والصحية مما كان له أثره على إنتاجه الأدبي. والمحكمة تقدر للطاعن تعويضاً عن ذلك مبلغ ألف جنيه.
ومن حيث إنه عن الدفع بسقوط حق الطاعن في التعويض بالتقادم الخسمي، فإن المحكمة تؤيد ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض لهذا الدفع لما استندت إليه المحكمة من أن التعويض المطالب به لا يسقط إلا بمضي المدة الطويلة وهي لم تكتمل.
ومن حيث إنه لما تقدم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية الطاعن في مبلغ ألف جنيه، وهذا ما يتفق مع النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة وإن اختلفت الأسباب التي استندت إليها عن الأسباب التي قام عليها الحكم المطعون فيه في خصوص تحديد مجال توافر الخطأ في جانب الإدارة، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جاء سليماً فيما انتهى إليه من نتيجة محمولة على الأسباب الواردة بهذا الحكم، وبالتالي فإنه يتعين الحكم برفض كلا الطعنين وإلزام كل طرف بمصروفات طعنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق