جلسة 2 من فبراير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي – المستشارين.
----------------
(80)
الطعن رقم 654 لسنة 27 القضائية
جامعات - أعضاء هيئة التدريس بالجامعة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية.
المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - يشترط للإبقاء على العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس المنقطع عن العمل بغير إذن أن يعود إلى عمله خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وإلا اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه - العودة التي عناها المشرع هي عودة عضو هيئة التدريس إلى مباشرة عمله بطريقة فعلية والرجوع عن حالة الانقطاع التي تشكل مخالفة تأديبية في حقه - عودة عضو هيئة التدريس واستلامه العمل ثم انقطاعه بقصد الحيلولة دون أعمال الآثار القانونية المترتبة على الانقطاع - الطاعن لم يستهدف من استلامه العمل العودة إلى مباشرة عمله والاستمرار في أداء واجباته الوظيفية على الوجه الذي عناه الشارع من إيراد نص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 وإنما يعتبر إجراء شكلياً يتفادى به من أعمال حكم القانون ويكتسب به أجلاً جديداً يبدأ مرة أخرى من تاريخ انقطاعه التالي لاستلامه الصوري للعمل - تجريد استلامه العمل من كل أثر قانوني واعتبار انقطاعه عن العمل مستمراً اعتباراً من تاريخ أول انقطاع بعد انتهاء الإعارة حتى تاريخ صدور قرار إنهاء الخدمة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ حامد عبد الحميد عكاز المحامي نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 654/ 27 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 25/ 2/ 1981 في الدعوى رقم 455 لسنة 33 ق المقامة من الطاعن ضد كل من شيخ الجامع الأزهر ووزير الأوقاف ورئيس مجلس إدارة جامعة الأزهر وعميد كلية الشريعة والقانون والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة طعنه الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم بكامل أجزائه والحكم مجدداً:
أولاً: بإلغاء القرار رقم 25 الصادر من المطعون ضدهم بتاريخ 4/ 4/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم بأن يدفعوا للطاعن تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبعد أن تم إعلان الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمة الطاعن والحكم له بالتعويض وفق ما يستظهره من قدم عناصره.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/ 7/ 1984 حيث نظرته الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت بجلسة 2/ 10/ 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 15/ 12/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه قبل النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 10/ 6/ 1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 1455 لسنة 33 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل أستاذاً مساعداً بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وفي 1/ 11/ 1974 أعير إلى المملكة العربية السعودية لمدة أربع سنوات تنتهي في 31/ 10/ 1978 وقد عاد إلى عمله وتسلمه في 4/ 11/ 78 ثم استأذن في العودة إلى السعودية لإحضار أمتعته وبعد عودته فوجئ بأن الجامعة أصدرت في حقه القرار رقم 25 الصادر في 4/ 4/ 1979 بإنهاء خدمته اعتباراً من 31/ 10/ 1978 فتقدم بطلب إلى السيد عميد الكلية في 16/ 5/ 1979 لعودته إلى عمله غير أن طلبه قد رفض وأضاف المدعي أن انقطاعه عن العمل وعودته إلى السعودية كان بسبب إحضار أمتعته وسيارته وعاد إلى العمل قبل مضي ستة أشهر من غيبته ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للمادة 117 من قانون الجامعات منطوياً على جزاء تأديبي مقنع مما يتعين معه إلغاؤه وأنه قد ناله ضرر جسيم من صدور ذلك القرار المعيب يقدره بما يوازي عشرة آلاف جنيه.
وبجلسة 25/ 2/ 1981 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن ما تغياه المشرع من نص المادة 117 من قانون تنظيم الجامعات هو اعتبار عضو هيئة التدريس مستقيلاً إذا انقطع عن العمل أكثر من ستة أشهر فإذا عاد في غضون هذه المدة وقام بمباشرة عمله فلا يعتبر كذلك أما استلام عضو هيئة التدريس للعمل ثم انقطاعه مرة أخرى بغير ترخيص فلا يسوغ له الإفادة من النص المذكور وإلا اتخذ من النص باباً للانقطاع لمدد تقطع بعدم مجاوزة الستة أشهر والاستمرار في الخدمة دون أداء الأعمال المنوطة بعضو هيئة التدريس وهو ما لم يقصد إليه الشارع ومن ثم فقد يتعين على المدعى استلام العمل في 1/ 9/ 1978 عقب انتهاء إعارته في 31/ 8/ 1978 غير أنه تسلم العمل في 4/ 11/ 1978 ولم يباشر عمله ثم انقطع مرة أخرى إلى أن تقدم في 16/ 5/ 1979 بطلب لاستلام العمل فإن مجرد استلامه العمل يوم 4/ 11/ 1978 والانقطاع عقب ذلك مباشرة يستتبع اعتبار مدة الانقطاع متصلة ويكون قد انقطع عن العمل أكثر من ستة أشهر من تاريخ انتهاء الإعارة حتى تاريخ إنهاء خدمته في 4/ 4/ 1979 من مجلس الجامعات ويكون قرار الجامعة والحال هذه قد صدر متفقاً وأحكام القانون ولا يعتبر من ذلك سابقة استلام المدعي للعمل في 4/ 11/ 1978 ذلك أن عدم مباشرته لأعمال وظيفته منذ هذا التاريخ والانقطاع عن العمل حتى طلب استلامه في 16/ 5/ 1979 يدل على عمد الطاعن بسوء قصد إلى مجرد قطع المدة وهو ما لا يتفق وحكم المادة 117 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 الأمر الذي يستوجب اعتبار مدة الانقطاع متصلة ويجعل القرار الصادر بإنهاء الخدمة سليماً لا يسوغ التعويض عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم قد تجاوز حقه في تفسير النص إلى تعيين قواعد لا يتسع لها النص إذ لم يشترط أن تكون العودة إلى العمل التي تلغي قرينة الاستقالة هي لمباشرة العمل على نحو معين وليس ثمة ما يمنع من تكرار استعمال تلك الرخصة لأن المطلق يؤخذ على إطلاقه بغير قيد.
ثانياً: أخطأ الحكم إذ اعتبر الطاعن قد عمد بسوء قصد إلى مجرد قطع المدة لأن الأصل في الإنسان حسن النية ولا يرمى بسوء النية إلا إذا قام الدليل على ذلك.
ثالثاً: ذهب الحكم الطعين إلى أن ملف خدمة الطاعن ليس فيه ما يدل على مباشرته مهام منصبه بعد عودته من السعودية مع أن ملف خدمته لم يعد لبيان ما قام به عضو هيئة التدريس من أعمال.
رابعاً: أن مدة إعارة الطاعن هي أربع سنوات كاملة تنتهي في 1/ 11/ 1978 وليس كما انتهى الحكم في 31/ 8/ 1978 ومن ثم فإن قرار إنهاء خدمته اعتباراً من 4/ 4/ 79 يكون قد صدر قبل انقضاء الستة أشهر التي ذكرتها المادة 117 من قانون المرافعات سالف الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على كتاب جامعة الملك عبد العزيز وافق مجلس جامعة الأزهر على إعارة الدكتور...... المدرس بقسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر للتدريس بجامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية خلال العام الجامعي 76/ 1977 المنتهي في 31/ 8/ 1977 وصدر بذلك قرار من وزير الأوقاف وشئون الأزهر وتجددت هذه الإعارة لمدة أربعة أعوام جامعية كانت آخرها بمقتضى القرار الوزاري رقم 233 لسنة 1977 الصادر في 9 أغسطس سنة 1978 بتجديد إعارة الطاعن للتدريس بجامعة الملك عبد العزيز خلال العام الجامعي 77/ 1978 إلا أنه لم يتسلم عمله بعد انتهاء العام الجامعي المشار إليه وظل منقطعاً عن العمل حتى وقع إقراراً في 4/ 11/ 1978 بأنه تسلم العمل بكلية الشريعة والقانون إلا أنه لم يباشر عمله في الكلية المذكورة مما حدا برئيس قسم الفقه المقارن التابع له الطاعن إلى أن يرسل له في 26/ 11/ 1978 إخطاراً مكتوباً على منزله بالقاهرة لحضور اجتماع مجلس الكلية كما أرسل إليه عميد الكلية في ذات التاريخ إخطاراً آخر لضرورة حضوره امتحانات الدراسات العليا وينبهه فيه إلى أن الامتحانات قد بدأت بالفعل يوم السبت 25/ 11/ 1978 إلا أن مندوب شئون العاملين الذي قام بتوصيل الإخطارين قد عاد بهما مؤكداً أنه وجد منزل الطاعن مغلقاً ولم يستدل عليه إلا من صاحب الصيدلية المجاورة الذي أفاد بأن الطاعن قد سافر إلى السعودية وبتاريخ 29/ 11/ 1978 رفعت الكلية مذكرة إلى الجامعة بحالة الطاعن تفيد أنه تسلم عمله في 4/ 11/ 1978 وكان المفروض أن يحضر إلى الكلية لمباشرة عمله والاشتراك في الامتحانات التي بدأت بعد إجازة عيد الأضحى مباشرة غير أن سيادته لم يعد منذ هذا التاريخ مما حدا بها إلى إخطاره أكثر من مرة على منزلة حتى تأكد لها أنه قد سافر إلى مكة المكرمة وأن هذا السفر قد تم دون علم الكلية ودون موافقتها وبتاريخ 24/ 4/ 1979 صدر القرار الطعين بإنهاء خدمة الطاعن لانقطاعه عن العمل أكثر من ستة أشهر بغير إذن وبتاريخ 17/ 5/ 1979 حضر الطاعن وقدم التماساً إلى عميد الكلية بإعادته إلى العمل وذكر في التماسه أنه قد سبق أن تقدم بطلب إلى مجلس الكلية لتجديد إعارته ورفع هذا الطلب إلى مجلس الجامعة للنظر في استثنائه من النسب المئوية المقررة للإعارة على مستوى الأقسام الشرعية الثلاثة، وبناء على ذلك فقد سافر في أوائل الشهر التاسع الميلادي إلى مقر إعارته بالسعودية إلا أنه علم وهو في إجازة بالقاهرة إن الإعارة لم يتم تجديدها فتسلم عمله في 4/ 11/ 1978 ثم تقدم بطلب إجازة لمدة شهرين حتى يتمكن من العودة إلى مقر إعارته وتصفية متعلقاته، ولما كانت تأشيرة دخوله قد أوشكت على الانتهاء سافر إلى السعودية خشية ضياع حاجياته..".
ومن حيث إنه يبين من استعراض الوقائع على النحو السالف بيانه أن الطاعن عندما تقدم بطلبه الأول لاستلام عمله في 4/ 11/ 1978 لم يكن ذلك عن رغبة جادة ونية صادقة في مباشرة عمله والانتظام فيه وإنما كان يستهدف من وراء ذلك مجرد الإيهام بالرضوخ إلى قرار الجامعة بعدم تجديد الإعارة والانصياع إلى رغبتها في عودته إلى العمل وإنهاء انقطاعه عن العمل الذي بدأ من اليوم التالي لانتهاء إعارته الأخيرة في 31/ 8/ 1978 بقصد الحيلولة دون إعمال الآثار القانونية المترتبة على هذا الانقطاع وآية ذلك ما أقر به في التماسه من أنه لم يتسلم عمله في 4/ 11/ 1978 إلا عندما فشلت مساعي التجديد بالقاهرة وهو في إجازة من عمله بجامعة الملك عبد العزيز التي سافر إليها للعام الخامس دون أن تصدر له أية موافقة على تجديد الإعارة وكان طبيعياً أن يسافر إلى السعودية قبل انتهاء إجازته الممنوحة له من جامعة الملك عبد العزيز فتقدم بطلب إلى جامعة الأزهر ملتمساً منحه إجازة وهو عاقد العزم على السفر لاستكمال إعارته في عامها الخامس سواء وافقت الجامعة على هذه الإجازة من عدمه وسافر بالفعل إلى المملكة العربية السعودية ولم يعد إلى مصر إلا في 17/ 5/ 1979 بعد انتهاء الدراسة بجامعة الملك عبد العزيز ولو كان صحيحاً ما ادعاه الطاعن من أن طلبه الإجازة الذي قدمه أثر تسلمه العمل قد تم بقصد إحضار منقولاته وسيارته التي تركها في فناء الجامعة لما اقتضى الأمر أن يظل بالسعودية أكثر من ستة أشهر تالية على تاريخ استلامه العمل الأمر الذي يكشف بجلاء عن أنه لم يكن صادق العزم في العودة إلى عمله بالجامعة بل كان حريصاً على تنفيذ تعهداته قبل جامعة الملك عبد العزيز للعام الجامعي 78/ 1979 ضارباً صفحاً برفض جامعة الأزهر تجديد إعارته ورغبتها في مباشرة عمله بها وإن كان ما كان يستهدفه من تسلمه العمل في 4/ 11/ 1978 أو تقديمه طلب الإجازة في اليوم التالي وإن صح ما يدعيه هو قطع المواعيد وإسقاط القيود والإجراءات التي اتخذت حياله لإنهاء خدمته إذ لم يعد إلى عمله في الأجل المضروب له وكل أولئك آية على أن الطاعن لم يستهدف من استلامه العمل في اليوم المشار إليه العودة إلى مباشرة عمله والاستمرار في أداء واجباته الوظيفية على الوجه الذي عناه الشارع من إيراد نص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه وإنما أراد له أن يكون إجراء شكلياً يتفادى به إعمال حكم القانون ويكتسب به أجلاً جديداً يبدأ مرة أخرى من تاريخ انقطاعه التالي لاستلامه الصوري للعمل الأمر الذي يتعين معه أن يرد عليه قصده وتجريده إقراره باستلام العمل في يوم 4/ 11/ 1978 من كل أثر قانوني قصد به إعمال حكم القانون على غير ما ابتغاه الشارع واعتبار انقطاعه عن العمل الذي بدأ من اليوم التالي لإنهاء إعارته في 31/ 8/ 1978 مستمراً حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه ما دام الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يقم بالعمل فعلاً حتى التاريخ المذكور وإذا كانت المادة 117 من القانون 49 لسنة 1972 الواجبة التطبيق في حق الطاعن بمقتضى حكم المادة 184 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر قد أوجبت للإبقاء على العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس المنقطع عن العمل بغير إذن أن يعود إلى عمله خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وإلا اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه فكانت العودة التي عناها الشارع هي عودة عضو هيئة التدريس إلى مباشرة عمله بطريقة فعلية حتى يتحقق بها مفهوم العودة والرجوع عن حالة الانقطاع التي تشكل بذاتها مخالفة تأديبية تسوغ المؤاخذة فلا تثريب على الجامعة إن هي لم تعتد باستلام الطاعن الصوري الواقع في 4/ 11/ 1978 واعتبرت خدمته منتهية اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل في 1/ 9/ 1978.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من اعتبار مدة الانقطاع متصلة ولو داخلها يوم استلم فيه الطاعن العمل ما دامت عيون الأوراق تنطبق بأنه لم يباشر عمله بالفعل ولم يقصد الرجوع إليه ولا يقدح في ذلك ما قدمه الطاعن من مستندات لتغطية صورية تصرفه كدفعة التأمينات أو استلامه لجدول المحاضرات ما دام قد استقر في وجدان المحكمة أن الطاعن لم يستهدف بمسلكه سوى إثبات واقعة غير حقيقية وإلباسها ثوب الحقيقة وكان استخلاصها هذا من أصول ثابتة في عيون الأوراق تؤكد سوء نية الطاعن وعدم رغبته في العودة إلى عمله إلا بعد تحقيق مآربه الخاصة في تجديد إعارته لعام خامس على خلاف إرادة الجهة الإدارية وإصراره على عدم العودة إلى عمله حتى بعد مرور الستة أشهر على انقطاعه إلا بعد انتهاء العام الجامعي الخامس إذ لم يقدم التماسه بالعودة إلى عمله إلا في 17/ 5/ 1979 بعد انتهاء الدراسة في جامعة الملك عبد العزيز التي أقر في التماسه أنه بدأ العمل بها رغم عدم موافقة جامعة الأزهر على ذلك.
ولا حجية فيما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بتجاوزه لسلطته في التفسير بما لا يتسع له النص لا حجة في ذلك إذ فضلاً عن أن عبارة النص توجب تفسير عبارة "عاد إلى عمله" بمعنى الرجوع إليه رداً إلى حظيرة القانون بعد انقطاع غير مشروع ولا يتأتى ذلك إلا بعد العودة الفعلية لمباشرة العامل المنقطع لعمله فإن الحكمة من إيراد هذا النص قد قصد بها إعطاء عضو هيئة التدريس مهلة معقولة لتدبير أموره قبل أن يفاجأ بإنهاء خدمته ولم يقصد الشارع من هذا النص أن تكون عقدة الرابطة الوظيفية في يد عضو هيئة التدريس يكفيه للإبقاء عليها أن يتوجه إلى مقر عمله كل ستة أشهر ذلك أن النصوص القانونية ليست غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة لتحقيق الصالح العام وهي حكمة عامة ينبغي أن يتوخاها الشارع عند سن التشريع ويتبعها القاضي عند التأويل والتطبيق فيما يعرض له من أقضية.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن إعارته كانت لأربع سنوات تنتهي في 1/ 11/ 1978 وأن قرار إنهاء خدمته في 4/ 4/ 1979 يكون قد صدر قبل مضي ستة أشهر على انتهاء الخدمة لا وجه لذلك ما دام الثابت من الأوراق أن مدة إعارة الطاعن هي أربعة أعوام كانت آخرها طبقاً للقرار الوزاري رقم 233/ 1977 الصادر بتجديد إعارته للعام الدراسي 77/ 1978 الذي ينتهي في 31/ 8/ 1978.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن ما ساقه الطاعن نعياً على الحكم الطعين من أسباب لا يقوم على سند سليم من الواقع أو القانون مما يجعل طعنه حرياً بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق