الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 يناير 2025

الطعن 619 لسنة 39 ق جلسة 19 / 2 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 88 ص 905

جلسة 19 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(88)

الطعن رقم 619 لسنة 39 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - جريمة الزنا - أثر التنازل عن الشكوى على المسئولية التأديبية.
المواد 3، 10، 274، 277 من قانون الإجراءات الجنائية.
أعطى المشرع الزوج أو الزوجة حق التنازل عن شكواه في جريمة الزنا في أية حالة كانت عليها الدعوى قبل صدور حكم نهائي فيها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك: أن جريمة الزنا من طبيعة خاصة تقتضي المحافظة على العائلة والتستر على الأعراض بقدر الإمكان - منح المشرع هذا الحق للأولاد بعد وفاة الزوج الشاكي - ربط المشرع بين مصير الشريك ومصير الزوج أو الزوجة بحيث لا يجوز إقامة الدعوى الجنائية قبل الشريك أو الشريكة وحدهما - أساس ذلك: أن جريمة الزنا لا تتجزأ والفضيحة لا تتجزأ - إذا آثر الزوج المجني عليه السكوت ستراً للفضيحة ورعاية لمصلحة العائلة استفاد الشريك تبعاً للزوجة - إذا تنازل الزوج عن شكواه تعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية - هذه الحكمة تقتضي كذلك منه إثارة هذه الجريمة في المجال التأديبي - يجب القضاء في هذه الحالة بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة حفاظاً على العائلة وستراً للأعراض - أساس ذلك: أن التعرض لهذه الجريمة تأديبياً من شأنه نشر الفضيحة مما يخل بالهدف الذي توخاه المشرع من حق الشكوى والتستر على العرض والحفاظ على العائلة - مؤدى ذلك: عدم جواز محاكمة الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين متى كان الزوج قد تنازل عن شكواه في جريمة الزنا وانقضت الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء 29/ 12/ 1992 أودع الأستاذ/ ........ المحامي نائباً عن الأستاذ/ ......... المحامي الوكيل عن الطاعنين بالتوكيلين رقمي 3297، 3296 لسنة 1992 الزقازيق قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 619/ 39 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 29/ 11/ 1992 في الدعوى رقم 900/ 19 ق والقاضي بفصل الطاعنين من الخدمة.
وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبراءة الطاعنين أو إعادة المحاكمة من جديد.
وأعلن الطعن إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى التأديبية محل الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 2/ 1993 وبجلسة 27/ 10/ 1993 قدم الطاعنان حافظة مستندات وبجلسة 24/ 11/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا.
ونظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 1/ 1/ 1994 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 5/ 2/ 1994 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 19/ 2/ 1994 لإتمام المداولة وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 900/ 19 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملة على تقرير اتهام ضد:
1 - ....... رئيس وحدة إدارية بمدرسة ميت ردين الابتدائية التابعة لإدارة أبو حماد التعليمية بمحافظة الشرقية (درجة ثالثة)
2 - ......... مفتش تموين بإدارة الرقابة التموينية بمديرية التموين بمحافظة الشرقية (درجة ثالثة)
لأنهما بتاريخ 22/ 2/ 1989 بدائرة مديرية التربية والتعليم ومديرية التموين بمحافظة الشرقية وبوصفهما السابق سلكاً مسلكاً وظيفياً معيباً ولم يحافظا على كرامة الوظيفة وخرجا على مقتضياتها بأن:
الأولى - ارتكبت جريمة الزنا مع المخالف الثاني حال كونها زوجة للمواطن/ ........... وبمسكن الزوجية.
الثاني: اشتراك مع المخالفة الأولى في ارتكاب جريمة الزنا بمسكن الزوجية الخاص بالمخالفة الأولى وبذلك يكون المتهمان قد ارتكبا المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادة 76/ 3 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 29/ 11/ 1992 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت أن المتهمة الأولى قد ارتكبت جريمة الزنا بمسكن الزوجية بالاشتراك مع المتهم الثاني وقضت محكمة جنح مركز الزقازيق بمعاقبتهما في القضية رقم 2664/ 1989 بالحبس لمدة سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ وتم استئناف هذا الحكم وقضى فيه من محكمة الجنح المستأنفة - إلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ولما كان قد ورد بحيثيات الحكم الاستئنافي أنه قد ثبت في حق المتهمين الزوجة وشريكها ارتكاب جريمة الزنا المنصوص عليها في المادتين 274، 276 عقوبات وبالتالي فإن ما نسب إلى المتهمين في تقرير الاتهام من ارتكابهما لجريمة الزنا قد ثبت في حقهما بموجب حكم قضائي جائز لقوة الأمر المقضي وتتقيد به المحكمة إذ من المقرر أن القضاء الإداري يتقيد بما أثبته القاضي الجنائي في حكمه من وقائع كان الفصل فيها لازماً ومتى كان ذلك فإن ارتكاب الطاعنين لجريمة الزنا يشكل مخالفة تأديبية صارخة وينطوي على إهدار لقيم المجتمع وتقاليده وخروج على مقتضى الواجب وإخلال بكرامة الوظيفة فضلاً عما فيه من هدم لأصول الدين ويتضمن انحرافاً خلقياً يمس السلوك القويم وحسن السمعة مما يتعين معه إقصاؤهما من الوظيفة العامة والقضاء بفصلهما من الخدمة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً - أن المحكمة التأديبية مقيدة بما تقضي به المحكمة الجنائية وهذا ما أقره الحكم المطعون فيه ولكنه التزام بالحكم الجنائي الابتدائي الذي قضى بتوقيع العقوبة على المتهمين بيد أنه لما كانت محكمة الجنح المستأنفة قد ألغت الحكم الابتدائي وقضت بانقضاء الدعوى الجنائية بتنازل الزوج عن شكواه وكان المشرع الجنائي قد قرر انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ليسدل الستار على دعاوى الطرفين حفظاً على مستقبل العائلة والأولاد فقد كان جديراً بالقضاء الإداري أن يتجه ذات المنحي سداً لباب الإشاعات التي تضر بسمعة العائلة لأن انقضاء الدعوى الجنائية يستتبع انقضاء الدعوى التأديبية بحكم التشريع والواقع هذا فضلاً عن أن المحكمة التأديبية لم تحقق دفاع المتهمين من أن هذه التهمة ملفقة من جانب الزوج لوجود خلاف بينه وبين زوجته وشاركه في التلفيق ضابط المباحث الذي يكيد للمتهمة بسبب شكواها - المرفق صورتها بالأوراق - ضده لرؤسائه.
ثانياً - أن المتهمين قدما إلى المحكمة التأديبية قسيمة زواج بأنهما ارتبطا بعقد زواج بعد طلاق المتهمة من زوجها السابق وانتظمت حياتهما برباط شرعي كان من شأنه إزالة أي أثر للشائعات التي دبرها الزوج السابق وجعل منها قضية جنائية وهي مجرد واقعة ملفقة ظاهرة البهتان ويكون من الظلم البين عزلهما من وظيفتهما كجزاء لإشاعة كاذبة انتهت بقضاء المحكمة بالتنازل الذي يمكن في الرجوع إلى الحق وطالما كانت سمعتهما الوظيفية محل تقدير واحترام كما دلت على ذلك الشهادات الإدارية المرفقة.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 158، 274، 277، من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون" والجريمة المنصوص عليها في المادتين 274، 277 هي جريمة زنا الزوجة وزنا الزوج. وتنص المادة العاشرة من هذا القانون على أن "لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة..... أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل...".
ومن حيث إن الحكمة التي قصد إليها المشرع من إعطاء الزوج أو الزوجة حق التنازل عن شكواه في جريمة الزنا في أية حالة كانت عليها الدعوى قبل صدور حكم نهائي فيها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض هي ما لجريمة زنا أحد الزوجين من طبيعة خاصة تقتضي المحافظة على العائلة والتستر على الأعراض بقدر الإمكان ومن أجل ذلك منح المشرع هذا الحق في التنازل في الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة المشار إليها للأولاد بعد وفاة الزوج الشاكي كما أنه ربط بين مصير الشريك ومصير الزوج أو الزوجة بحيث لا يجوز إقامة الدعوى الجنائية قبل الشريك أو الشريكة وحدهما وذلك لأن جريمة الزنا لا تتجزأ أو بعبارة أخرى أن الفضيحة لا تتجزأ فإن أثر الزوج المجني عليه السكوت ستراً للفضيحة ورعاية لمصلحة العائلة استفاد الشريك تبعاً للزوجة وإذا تنازل الزوج عن شكواه تعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية وهذه الحكمة أيضاً تقتضي منع إثارة هذه الجريمة في المجال الإداري التأديبي بحيث يجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة حفاظاً على العائلة وستراً للأعراض وإلا كان في التعرض لهذه الجريمة تأديبياً تأثيم وإدانة لهذا الفعل ونشر للفضيحة مما يخل بالهدف الذي رمى إليه التشريع ويفوت الحكمة التي قام عليها وعلى غير رغبة صاحب الشأن المجني عليه الذي أعطاه المشرع الحق في التستر على عرضه والحفاظ على عائلته أن يوقف ما من شأنه إشاعة الفاحشة أو المساس به وعائلته وبناء عليه فلا يجوز محاكمة الزوج أو الزوجة أو شريكهما تأديبياً إذا كانوا موظفين وعموميين عن جريمة الزنا متى كان الزوج المجني عليه قد تنازل عن شكواه وانقضت الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة بهذا التنازل إذ لا تتحقق حكمة التنازل إذا أمكن إثارة الفضيحة عن طريق الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد قدما إلى المحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جريمة الزنا حال كون المتهمة الأولى زوجة للمواطن......... وقضت محكمة جنح مركز الزقازيق بجلسة 25/ 6/ 1989 بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل فاستأنف المتهمان هذا الحكم وبجلسة 20/ 12/ 1989 قضت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ولما كان الثابت أن النيابة الإدارية قدمت الطاعنين إلى المحاكمة التأديبية بتهمة ارتكابهما جريمة زنا الزوجة بالنسبة للمحالة الأولى واشترك المحال الثاني في ارتكاب هذه الجريمة ومن ثم فإنه تحقيقاً للحكمة من التنازل بمنع إثارة موضوع الزنا بأي طريق مباشرة أو غير مباشرة حفاظاً على مصلحة العائلة وشرفها فلا يجوز محاكمة المذكورين تأديبياً لأن ذلك لا بد وأن يتعرض لمسألة الزنا وإذا كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه إذا امتنع على النيابة رفع دعوى الزنا فلا يقبل إثارة موضوعها بطريق غير مباشر فلا يجوز رفع الدعوى على الشريك بالمادتين 370، 371 من قانون العقوبات - بتهمة دخوله المحل الذي ارتكب فيه الزنا واختفائه عن أعين من لهم الحق في إخراجه لأن لا بد من تناول البحث في مسألة الزنا (شرح قانون الإجراءات الجنائية للدكتور محمود مصطفى - ص 71 طبعة 1963) فإنه من باب أولى لا يجوز المساءلة تأديبياً عن جريمة الزنا متى كان الزوج المجني عليه قد تنازل عن الدعوى الجنائية بل يجب في هذه الحالة الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى بمجازاة الطاعنين بالفصل من الخدمة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بانقضاء الدعوى التأديبية قبل الطاعنين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى التأديبية قبل الطاعنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق