جلسة 8 من فبراير سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(83)
الطعن رقم 4393 لسنة 37 القضائية
(أ) دعوى - طلبات في الدعوى
- الطلبات الختامية - علاقتها بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى. العبرة بالطلبات الختامية - لا عبرة بالطلبات التي تضمنتها صحيفة الدعوى طالما أن المدعي لم يحل في مذكرته الختامية إليها - الأصل أن المدعي هو الذي يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء - لا تملك المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها - إذا قضت المحكمة بغير ما طلبه الخصوم تكون قد تجاوزت حدود سلطتها ويتعين إلغاء ما قضت به - تطبيق.
(ب) عقد إداري - تنفيذه - الجزاءات التي توقعها الإدارة على المتعاقد المقصر - الغرامة وسحب الأعمال، المواد 87، 93، 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الملغاة - الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957
يجب على المقاول تنفيذ التزاماته المحددة بموجب العقد خلال المدة أو المدد المحددة لتنفيذها - إن تأخر عن ذلك توقع عليه غرامة التأخير بالنسب والأوضاع المقررة باللائحة ما لم يثبت أن التأخير لأسباب لا دخل له فيها - يجوز سحب العمل من المقاول إذا تأخر في البدء فيه رغم استلامه الموقع خالياً من الموانع أو إذا أظهر البطء في التنفيذ لدرجة يظهر معها عدم استطاعة إتمام التنفيذ خلال المدة المحددة لانتهائه أو لتوقفه عن العمل مدة متواصلة تزيد على 15 يوماً بغير مبرر أو إذا انسحب من مقر العمل بمعداته وأدواته أو ترك العمل كلية بالموقع - يشترط لحسب العمل من المقاول إخطاره بذلك كتابة بالبريد الموصى عليه مصحوباً بعلم الوصول دون حاجة إلى إجراء آخر - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28/ 9/ 1991 أودع الأستاذ/ ......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، سكرتارية المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4393 لسنة 37 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 31/ 7/ 1991 في الدعوى رقم 485 لسنة 1 ق والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصاريف.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة الطعن الحكم: -
أولاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باعتبار قرار الجامعة بحسب العمل كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتمكين الطاعن من تصفية أعماله بموقع العملية وتسليمه مخازنه ومهماته التي استولت عليها الجامعة نتيجة للقرار الذي أصدرته ثم سحبته.
ثانياً: الحكم بإلزام الجامعة المطعون ضدها بأن تصرف للطاعن مستحقاته وتعويضه عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت به نتيجة ما قامت به الجامعة من إجراءات مخالفة للقانون والعقد وندب خبير للقيام بالمهمة الموضحة بأسباب هذا الطعن، مع إلزام المطعون ضده المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضده بتاريخ 10/ 10/ 1991.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده مصاريفه.
ثالثاً: بإلغاء الحكم المطعون فيه، وفي الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وندب أحد خبراء وزارة العدل المختصين لمباشرة المأمورية المبينة بالأسباب وتقديم تقرير بشأنها.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة إلى أن قررت بجلسة 6/ 1/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 3/ 1993، وقد تدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 23/ 11/ 1993 الحكم فيه بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 12/ 1986 وبموجب صحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري بالقاهرة أقام الطاعن الدعوى رقم 1383 لسنة41 ق طالباً في ختامها الحكم:
أولاً: بصفة مؤقتة بوقف تنفيذ قرار الجامعة المطعون فيه بحسب العملية منه لحين الفصل في موضوع القرار.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه بسحب العمل والذي لم يخطر به، وإلزام الجهة الإدارية في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذكر المدعي شرحاً للدعوى أنه رست عليه عملية مقاولة الأعمال الصحية ببعض الأقسام بجامعة أسيوط حيث عهد إليه بالأعمال الصحية بالمستشفى الجامعي الجديد وتسلم موقع العمل في 25/ 12/ 1978 وقد تحددت مدة تنفيذ العملية بسبعة عشر شهراً من تاريخ استلام الموقع إلا أن مدة التنفيذ امتدت قرابة ثمانية أعوام وذلك لقيام الجامعة بتعديل شامل لشروط العملية ومواصفاتها وكمياتها رغبة منها في مسايرة التطور الهائل الذي حدث في مجال المستشفيات، فقد أقامت الجامعة أقساماً جديدة وارتأت تعديل المواصفات ليمكن تركيب أجهزة حديثة في مختلف أقسام العلاج الطبي، وظلت على مدى السنوات الماضية تخطره بهذه التعديلات والأعمال الإضافية والمستجدة ليقوم بالعمل طبقاً لها، وعلاوة على ذلك كانت الجامعة تكلفه بأعمال مستجدة جديدة تماماً مختلفة عن التعاقد الأصلي لم ترد في كراسة شروط المناقصة التي طرحتها الجامعة وكان يقوم بالتنفيذ على أكمل وجه. وأنه على الرغم من المشقة الكبيرة التي عاناها وهو يتابع تنفيذ هذه التعديلات والإضافات والتجديدات سنة بعد أخرى، فإنه امتثل لكل أوامر الجامعة وبذل أقصى جهده في الحصول على المواد والتجهيزات المطلوبة، وقام بتنفيذ الأعمال المبتكرة والجديدة بكل طاقته وإمكانياته المادية والفنية لإنجاز هذا العمل الوطني وذلك طبقاً للمكاتبات المتبادلة بينه وبين الجامعة، ونظراً للزيادة الرهيبة التي طرأت على أسعار المواد الخام وأجور الأيدي العاملة منذ رسو العملية عليه في 15/ 7/ 1978 وحتى الآن الأمر الذي أدى إلى تقديم أكثر من طلب لزيادة الأسعار إلا أنه لم يبت في هذه الطلبات.
واستطرد المدعي قائلاً أنه نفذ أكثر من عملية للجامعة المدعى عليها خلال مدة العملية موضوع المنازعة، وقد قام بتسليمها بالفعل، ونظراً لامتناع الجامعة عن صرف مستحقاته عن هذه العمليات فقد قام بتوجيه إنذار رسمي للجامعة بتاريخ 8/ 9/ 1986 لصرف مستحقاته ثم قام برفع دعوى إثبات حالة للأعمال التي تمت وقام بتسليمها وقيدت برقم 78 لسنة 1976 مستعجل أسيوط، وعلى أثر ذلك فوجئ بصدور قرار الجامعة المدعى عليها بسحب العملية والاستيلاء على مفاتيح المخازن حيث توجد مهماته، كما قامت بجرد الأعمال في غيبته بالمخالفة لأحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 83 ولائحته التنفيذية، ونعى الطاعن (المدعي) على قرار السحب مخالفته لأحكام القانون المذكور ولائحته التنفيذية لعدم إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل إجراء سحب العمل، بالإضافة إلى أن مصدر القرار لم يستهدف به تحقيق مصلحة عامة، بل استهدف تحقيق مصلحة ذاتية ودرء إجراءات قضائية تكشف عن تعسف الجامعة معه.
وذكر بخصوص طلب وقف التنفيذ أن سنده في ذلك هو عدم مشروعية قرار السحب، وأن تنفيذ هذا القرار يترتب عليه نتائج بالغة الخطورة يتعذر تداركها.
وأودع المدعي تأييداً لدعواه حافظة مستندات طويت على بعض المستندات والكتب المتبادلة بينه وبين إدارة الجامعة.
وأثناء نظر الدعوى بجلسة 2/ 10/ 1988 قدم الحاضر عن المدعي مذكرة بدفاعه استعرض فيها المراحل والعقبات التي واجهت تنفيذ العملية، وذكر بأنه بعد إقامة الدعوى الماثلة في 24/ 12/ 1986، تبينت الجامعة خطأها فقامت بالتصحيح من جانبها وتوجيه إنذار على يد محضر إلى المدعي في 28/ 1/ 1987 قالت في ختامه أنها تنذر المدعي (المعلن إليه) بسحب العمل وتنفيذه على حسابه طبقاً لنص المادة 82 من اللائحة، ومؤدى هذا أننا مازلنا في مرحلة الإنذار بحسب العمل وأن العمل مازال بيد المدعي، وأن الجامعة فقط تنذره بالسحب ولا يتأتى هذا إلا على أساس أنها تراجعت عن قرار السحب وقامت بسحبه، وأن التعامل يجرى مع المدعي كما كان الحال قبل صدور قرار سحب العمل، وأن المدعي قد وجه إلى الجامعة إنذاراً بهذا المضمون ومؤدى ذلك أنها تصبح ملزمة بأن تعيد إليه جميع مخازنه ومهماته ودفاتره وكل ما في هذه المخازن بالحالة التي كانت عليها يوم أن وضعت الجامعة يدها عليه مع تمكينه من تصفية جميع أعماله بموقع العملية.
ولما كانت الجامعة قد امتنعت عن صرف مستحقاته عن الأعمال التي تم تنفيذها طبقاً لشروط العقد وتعديلاته والإضافات التي كلفته بها والأعمال المستحدثة التي أمرته بتنفيذها، فإن المدعي يعدل طلباته ويحددها - على هدي ما سبق - بطلب الحكم:
أولاً: بصفة مستعجلة باعتبار قرار الجامعة بسحب العمل من المدعي كأن لم يكن تأسيساً على ما جاء بإنذارها المؤرخ 28/ 1/ 1987، مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها تمكينه من تصفية أعماله بموقع العملية وتسليمه مخازنه ومهماته التي استولت عليها الجامعة نتيجة القرار الذي أصدرته ثم سحبته.
ثانياً: بإلزام الجامعة المدعى عليها بأن تصرف له مستحقاته وتعويضه عن الأضرار الأدبية والمادية نتيجة ما قامت به الجامعة مخالفاً للقانون والعقد وإحالة الدعوى إلى خبير مختص للقيام بالمهام الآتية:
1 - بيان الأعمال التي قام بها المدعي طبقاً للعقد وتعديلاته والأعمال المستجدة التي كلفته بتنفيذها كاملة، إذ تم تنفيذ العقد المبرم بين الطرفين، ولم يعد ثمة عمل يمكن أن يسحب منه وينفذ على حسابه.
2 - بيان قيمة هذه الأعمال مقدرة على أساس العقد والأعمال المماثلة والمعاصرة وقرارات وزير الإسكان السارية على العقد محل الدعوى.
3 - التعويضات المادية والأدبية المستحقة للمدعي نتيجة لتقاعس الجامعة عن القيام بالتزاماتها والمترتبة على قراراتها وإجراءاتها التعسفية التي أصابت المدعي بأبلغ الأضرار، مع الاستهداء في جميع ما تقدم بما انتهى إليه مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط في تقاريره المقدمة بالدعوى رقم 78 لسنة 1986 مستعجل أسيوط واعتبار هذه التقارير جزءاً لا يتجزأ من مستندات هذه الدعوى - مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتنفيذاً لقرار السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بمدينة أسيوط أحيلت الدعوى إلى المحكمة المذكورة حيث وردت إليها وقيدت بجدولها تحت رقم 485 لسنة 1 ق، حيث جرى تداولها إلى أن قضت المحكمة بجلسة 31/ 7/ 1991 برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها بعد استعراض نص المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصادية رقم 542 لسنة 1957 على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعي أخل بالتزاماته العقدية بتأخره في تنفيذ الأعمال المسندة إليه مدة تزيد على ست سنوات من تاريخ موعد النهو الأصلي للعملية، وبطئه الشديد في تنفيذها - على النحو الموضح تفصيلاً بأسباب الحكم المطعون فيه - مما يحق معه لجهة الإدارة والحال كذلك سحب العمل منه، فإذا ما اتخذت الإدارة هذا الإجراء وأصدرت قرارها بسحب العمل منه، فإن هذا القرار يكون موافقاً لصحيح القانون ولا ينال من ذلك ما يثيره المدعي في عريضة دعواه من أنه لم يتم إخطاره بقرار سحب العمل، إذ الثابت من الأوراق أنه تم إخطاره بهذا القرار بخطاب مسجل بعلم الوصول على عنوانه الثابت بالأوراق والسابق مراسلته عليه، وأرسل له مكتب البريد المختص إشعاراً بذلك نظراً لعدم وجوده بالعنوان الثابت عند التوجه إليه لتسليمه الخطاب، وفضلاً عن ذلك فقد رفض مندوب المدعي بموقع العملية استلام صورة الخطاب يوم 19/ 11/ 1986، ومتى كان ذلك ما تقدم فإن جهة الإدارة تكون قد استوفت هذا الإجراء حيال المدعي، ويكون قرار سحب العمل منه سليماً ولا مطعن عليه - كما لا يقدح في سلامة قرار سحب العمل ما يثيره المدعي من أنه تم تكليفه بأعمال إضافية وزيادة في كميات بعض البنود إذ أن ذلك مردود عليه بنص المادة (93) من ذات اللائحة والذي يلزم المقاول بإنهاء جميع الأعمال الموكولة إليه تنفيذها بما في ذلك أية زيادات أو تغيرات تصدر بها أوامر من الوزارة أو المصلحة أو السلاح بمقتضى ما يكون مخولاً لها من حقوق العقد وبحيث تكون كاملة وصالحة من جميع الوجوه للتسليم المؤقت في المواعيد المحددة، وفضلاً عن ذلك فإنه مع التسليم بأن جهة الإدارة قد كلفت المدعي بأعمال جديدة وإضافية تزيد على نسبة الـ 25% من قيمة العملية الأصلية، فإنه يتعين على المقاول الانتهاء من جميع الأعمال بما في ذلك الأعمال الإضافية متى قبل تنفيذها ولم يعترض على ذلك خلال الميعاد المحدد لتنفيذ العملية، وهذا الالتزام يكون أوجب عليه متى ثبت من الأوراق مد العملية أكثر من مرة ولمدة تزيد على ثلاثة أضعاف المدة المقرة لتنفيذ العملية الأصلية، وبافتراض صحة ما زعمه المدعي بأن جهة الإدارة قد أسندت إليه عمليات متفرقة أخرى فإن ذلك مردود عليه باستقلال كل عملية عن الأخرى إذ لكل عملية ميعاد نهو معين، ومن ثم فإنه ليس من شأن ذلك التأخير في ميعاد نهو العملية محل المنازعة الماثلة.
ولما لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل مستنداً إلى الأسباب الآتية: -
أولاً: إغفال الحكم الطعين تماماً واقعة تعديل الطاعن لطلباته بالمذكرة المقدمة بجلسة 2/ 10/ 1988 وتأكيد ذلك بالمذكرة المقدمة بجلسة 26/ 3/ 1991 وقضائه على أساس الطلبات الأصلية بالرغم من أنه كان يتعين عليه أن يقضي في تلك الطلبات المعدلة دون غيرها، ومن ثم يقع الحكم باطلاً لأنه قضى في غير ما طلبه الطاعن.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه قد جاء حافلاً بمظاهر القصور والخطأ في فهم وتحصيل وقائع النزاع على النحو التالي:
(1) لم يتضمن أية إشارة من قريب أو بعيد تخص الإنذار على يد محضر المؤرخ 28/ 1/ 87 والمرسل من الجامعة إلى الطاعن والذي تسلمه شخصياً وهو يخص سحب عملية توريد وتركيب الأعمال الصحية للمستشفى الجامعي بأسيوط من الطاعن، وقد قدم صورة هذا الإنذار ضمن حافظة مستنداته أثناء تحضير الدعوى بجلسة 11/ 6/ 1987 ليثبت أن قرار السحب جاء تالياً لتاريخ إقامة الدعوى لصرف مستحقاته لديها وتالياً لدعوى إثبات الحالة رقم 87 لسنة 1986 مستعجل كلي أسيوط والصادر فيها حكم تمهيدي بندب خبير من وزارة العدل، وتالياً لتاريخ إنذار الطاعن للجامعة بصرف مستحقاته لديها بتاريخ 8/ 9/ 1986، وواضح من طلبات الطاعن في الدعوى رقم 1383 لسنة 41 ق تقريره بعدم إخطاره بالقرار المطلوب إلغائه (قرار السحب).
(2) لم يتضمن الحكم الطعين أية إشارة إلى إنذار الطاعن للجامعة المدعى عليها والذي تسلمته على يد محضر بتاريخ 29/ 9/ 1988، وكذلك المحضر الإداري رقم 2630 - 1986 والمحتوي على ثمانية عشرة صفحة رغم أهميته، وأيضاً قرارات المحكمة المتتالية لطلب ملف العملية كاملاً من الجامعة والذي تتهرب الجامعة من تقديمه، وقامت بتقديم بديل له عبارة عن مستخلصات ختامية بعضها يخص الطاعن والآخر يخص مقاولين لا صلة له بهم ولم يعلق الحكم الطعين على ذلك.
(3) جاء بحيثيات الحكم في الصحيفة الرابعة ما نصه "أن المستشار الهندسي للجامعة يفيد أنه نظراً لارتباط الأعمال الصحية بالأعمال الاعتيادية الجاري تنفيذها بمعرفة شركة "سبيكو" للمقاولات والتي حدد للانتهاء منها بمعرفة الشركة المذكورة يونيه سنة 1980، فإن مدة تنفيذ الأعمال الصحية توصيلات وأجهزة سوف تمتد حتى ذلك التاريخ أي من 25/ 12/ 1978 حتى 30/ 6/ 1980 وأنه بتاريخ 22/ 11/ 1980 أرسل الطاعن رداً على هذا الكتاب طالباً مد المدة إلى نهاية مارس سنة 1982 نظراً لما تم إضافته من بنود وكميات حديد زيادة على الكميات المنفذة عما ورد بأصل المناقصة والتعديلات التي أدخلت على أعمال تمت بالفعل، وتغيير مواصفات بعض البنود وارتباط أعماله بأعمال شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة "سبيكو" واستلام بعض المواد والخامات من مصانع شركات القطاع العام في مواعيد لا دخل له فيها. وقد تأشر على هذا الكتاب "نظراً لارتباط الأعمال الصحية بتمام الأعمال الاعتيادية وأعمال تكييف الهواء (شركة كوندشين) والمطابخ والمغاسل والغلايات، وأن هذه الأعمال ما زالت تحت التنفيذ ولا ينتظر الانتهاء منها قبل نهاية عام 1981 فمن ثم "الحديث للمستشار الهندسي" يتعين مد موعد تسليم الأعمال الصحية حتى نهاية ديسمبر سنة 1981 بصفة مبدئية لحين تحديد ميعاد استلام مبنى المستشفى كاملاً، ومن ثم فإن ختامي الأعمال الصحية مرتبط بانتهاء الأعمال الاعتيادية كنص تأشيرة المستشار الهندسي ذاته، والثابت أن شركة "سبيكو" القائمة بالأعمال الاعتيادية انتهت منها في 29/ 7/ 1990 أي بعد إقامة الدعوى بما يقارب أربعة أعوام.
(4) يتضح من تاريخ الخطاب المرسل من الطاعن إلى المستشار الهندسي في 22/ 11/ 1980 أن الطاعن قام بتنفيذ جميع الأعمال الصحية الواردة بأصل المناقصة التي فتحت مظاريفها في 15/ 7/ 1978 بالإضافة إلى تنفيذه لبنود إضافية وكميات جديدة وتعديله لأعمال كانت قد تمت بالفعل بنص كلمات الخطاب المذكور.
(5) أن الجامعات المطعون ضدها - قد خالفت أحكام المادة 80 من لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1957 إذ لم تتخذ الإجراء المقرر بهذا النص وهو العرض على لجنة البت المختصة إذا حصل تغيير في نوع الأصناف أو الأعمال المتعاقد عليها أو في مواصفاتها.
(6) أن المستشار الهندسي للجامعة قرر بمحاضر أعمال الخبير الذي باشر مأموريته في الدعوى رقم 78 لسنة 1986 كلي أسيوط صـ 7 بأن "الأعمال الصحية عموماً تتم على مرحلتين، أعمال توصيلات للمواسير للتغذية والصرف الرأسية والأفقية، ثم بعد ذلك عزل الأرضيات قبل تركيب البلاط، والمرحلة الثانية مرحلة تركيب البلاط والشبابيك والأبواب (الأعمال الاعتيادية) ثم تسليم المفتاح لمقاول الأعمال الصحية لتركيب الأدوات والأجهزة الصحية (الأحواض والحنفيات)، وعلى ذلك لابد من انتهاء الأعمال الاعتيادية أولاً ثم تبدأ تكملة المرحلة الثانية من الأعمال الصحية، والثابت بالمستندات المرفقة أن آخر ختامي قدم للأعمال الاعتيادية كان في 5/ 8/ 1990، وختامي ملحق تأشر عليه من المستشار الهندسي في 10/ 9/ 1990.
(7) أن أعمال تكييف الهواء (مقاولة شركة كوندشن) قد أسندت إلى الشركة المذكورة في 13/ 8/ 1990، وأن الأعمال الصحية المرتبطة بانتهاء تلك الأعمال طرحت في 15/ 7/ 1978 وبدأ الطاعن في تنفيذها في 25/ 12/ 1978 ومدتها 17 شهراً تنتهي في 24/ 5/ 1980 وقد تم إعلان الطاعن بالأعمال الصحية التي طرحت بالمناقصة المذكورة، كما جاء بخطابه المؤرخ 22/ 11/ 1980 علاوة على أعمال إضافية أخرى، وعليه تكون الأعمال الصحية المرتبطة بأعمال تكييف الهواء من قبيل الأعمال الإضافية الأخرى التي ستوضح فيما بعد، وكانت دون تعاقد أو حتى أمر شغل بل كانت شفاهة من المستشار الهندسي ولم يتم الاتفاق على أسعارها وكمياتها ومواصفاتها ومدة تنفيذها، وهذا ما أكده الخبير الذي باشر الدعوى المستعجلة رقم 78 لسنة 1986 مستعجل كلي أسيوط على النحو الوارد بمحاضر أعماله صـ 20 بتاريخ 3/ 2/ 1987 وكذلك أي رسم تنفيذي بها ليتم على ضوئه تنفيذ هذه الأعمال.
(8) ورداً على ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه تم إخطار الطاعن بتاريخ 2/ 9/ 1984، 6/ 2/ 1985 بضرورة الانتهاء من الأعمال المسندة إليه وتسليمها ابتدائياً للجامعة وتقديم ختامي لها قبل 30/ 6/ 1985 وكذلك الإقرار المؤرخ 28/ 10/ 1985 والإخطار المؤرخ 6/ 1/ 1986، فواضح أن كل تاريخ ينسخ سابقه لعدم وجود مدة محددة للتنفيذ وارتباط الأعمال محل الإخطارات المذكورة باعتبارها أعمالاً إضافية (أعمال صحية) بأعمال مقاولين آخرين بلغ عددهم خمسة وثلاثون مقولاً، وقد قام الطاعن بتنفيذها في تواريخها المحددة ولم تكن هذه الأعمال واردة بالعطاء الأصلي، ولم تصدر بها أوامر تشغيل تحدد كمياتها ومواصفاتها وأسعارها ومدة تنفيذها على النحو الذي سبق إيضاحه في كتاب الطاعن لجهة الإدارة في 22/ 11/ 1980 وهذا يفسر موقف الجامعة من التهرب من تقديم ملف العملية المتضمن مثل هذه الأمور، وهذا ما أثبته تقرير الخبير سابق الإشارة إليه بعد اطلاعه على لوحات الأعمال والتي تثبت أنها مؤرخة في مارس سنة 1984 مما يؤكد أن هذه الأعمال الصحية الإضافية لم تتوقف لحظة خلال الثماني سنوات المذكورة.
وقد تضمن المحضر الإداري رقم 2630 لسنة 1986 والذي تجاهله الحكم المطعون فيه إثبات ما يلي:
أ - بتاريخ 20/ 1/ 1986 كلفت الجامعة الطاعن بتنفيذ أعمال مواسير بلاستيك لسحب الغازات وتثبيت أعمال القيشاني بالغرفة رقم 91، وكذلك فك الحوض بالغرفة التي سيتم عملها لمنظم التيار بقسم الأشعة.
ب - بتاريخ 22/ 4/ 1986 كلف لتنفيذ الأعمال الصحية بقسم السمعيات (قسم مستجد عام 1986).
جـ - بتاريخ 27/ 4/ 1986 كلف بتركيب أعمال القيشاني بالمشرحة بعد تعديلها خمس مرات وغرفة الغسيل بالعلاج الطبيعي بالدور الأرضي جناح ( أ ) (قسم مستجد عام 1986)، مراية حوض الأوفيس بالدور الرابع بقسم الكلى الصناعية/ هيئة التدريس (قسم مستجد عام 1986).
د - بتاريخ 12/ 5/ 1986 كلفت الجامعة المدعي بتنفيذ أعمال القيشاني بالمطبخ الشرقي.
(9) أنه بتاريخ 23/ 6/ 1986 تحرر من مشرف تنفيذ العملية أنه نظراً لقرب الانتهاء من الأعمال الصحية بالمستشفى الجامعي الجديد قمت باستلام دفاتر الحصر في التاريخ المذكور - وطلب تشكيل لجنة للانتهاء من أعمال الحصر ومراجعة الدفاتر وفي 28/ 9/ 1986 تأشر من مدير الإدارة الهندسية بتشكيل هذه اللجنة. فكيف ذلك ويخطر الطاعن في 29/ 10/ 1983 بأنه لا توجد أعمال فنية بالقدر الكافي بالموقع، إذ أن حاجة العمل لم تكن تستدعي وجود أكثر من هذا العدد فقد كان المتبقي تركيب الحنفيات فقط.
(10) ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن جهة الإدارة المدعى عليها قد حددت للمدعي مدة تنفيذ العملية أكثر من مرة ولمدة جاوزت ست سنوات من تاريخ انتهاء الموعد الأصلي للعملية، ورغم ذلك لم يفي بالتزاماته وتعهداته باتخاذ جميع الأعمال في الميعاد المعين. وأنه مع التسليم بأن جهة الإدارة قد كلفت المدعي بأعمال جديدة وإضافية تزيد على 25% من قيمة العملية الأصلية، فإنه يتعين على المقاول الانتهاء من جميع الأعمال بما فيها الأعمال الإضافية - ومردود على ذلك بالمادة (55) من لائحة المناقصات سالفة الذكر والتي تشترط قبول المقاول كتابة الأعمال الإضافية، والثابت أن ذلك لم يتم حتى بالنسبة للعملية الأصلية، فلا يوجد تعاقد مكتوب بشأنها ورغم ذلك قام الطاعن بتنفيذها كاملة وتسليمها قبل موعدها في 24/ 5/ 1980.
ومن كل ما تقدم يذكر الطاعن أن الحكم الطعين لم يحط إطلاقاً بوقائع النزاع وأخطأ في فهم الواقع ومدلول المستندات المقدمة من طرفي النزاع مما أدى إلى الخطأ في تطبيق القانون.
ثالثاً: أن رقابة محكمة القضاء الإداري التفتت عن تقرير الخبير سالف الإشارة إليه رغم طلب الطاعن اعتباره مستنداً من مستندات الدعوى.
رابعاً: أن قرار سحب العمل ورد على غير محل، فالطاعن قبل صدوره كان قد أنهى تنفيذ جميع الأعمال المسندة إليه (تقرير الخبير ص 125) والصادر بها أمر التشغيل، ولذلك فإن سحب الأعمال يعد عملاً منعدماً إذ لا توجد أعمال متأخرة يتم سحبها.
خامساً: أن إطالة مدة تنفيذ الأعمال الإضافية، طبقاً لما سبق ذكره يرجع إلى خطأ الجامعة التي كلفت في ذات الوقت مقاولين آخرين بأعمال يرتبط تنفيذها بالبدء في تنفيذ الأعمال الإضافية، كما قامت بتعديل المواصفات المطلوبة أكثر من مرة وكذلك التصميمات مما أدى إلى استطالة مدة التنفيذ بغير خطأ يمكن نسبته إلى الطاعن (تقرير الخبير) مما يتعين معه تعويضه عن كافة خسائره المادية وعدم توقيع أية غرامات تأخير عليه لعدم ارتكابه أي خطأ عقدي.
سادساً: بالنسبة لدعوى إثبات الحالة التي أقامها الطاعن أمام القضاء المستعجل فإنه لم يفصل فيها حتى الآن بسبب تعنت الجامعة ووضعها العراقيل أمام الخبراء، مع أن ذلك أمراً ضرورياً لتقدير مستحقات الطاعن لدى الجامعة الأمر الذي يبرر الإجابة إلى طلب ندب خبير ليباشر ما سبق ذكره.
سابعاً: وبالنسبة للطلب المستعجل، فإن هذه المنازعة تتعلق بأعمال هندسية وإنشائية عرضه للتلف بالاستعمال ومن ثم فقد تتغير معالمها أو تزول تماماً في ظرف أشهر قليلة نتيجة مجرد الاستعمال أو عن عمد، ومن ثم فإن حقوق الطاعن عرضه للضياع الأمر الذي يهدده بأضرار يتعذر تداركها، ولما كان الحكم الطعين مرجح إلغاؤه فإن الطاعن يلتمس بصفة مستعجلة وقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلق ببطلان الحكم المطعون فيه لقضائه في غير الطلبات الختامية للطاعن، فالثابت من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه سالف الإشارة إليها طالباً في ختامها الحكم.
أولاً: وبصفة مؤقتة بوقف تنفيذ قرار الجامعة المطعون فيه بحسب العملية منه لحين الفصل في موضوع القرار.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والذي لم يخطر به، بكافة ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية في الحالتين بالمصروفات عن درجتي التقاضي. وبجلسة 2/ 10/ 1988 وأثناء سير الدعوة قدم الحاضر عن المدعي مذكرة بدفاعه - تسلم الحاضر عن الجامعة صورتها - وضمن هذه المذكرة تعديلاً لطلباته شارحاً سنده القانوني والواقعي لهذا التعديل طالباً الحكم:
أولاً: بصفة مستعجلة باعتبار قرار الجامعة بسحب العمل من المدعي كأن لم يكن لسحبه بالإنذار الموجه إليه من الجامعة المؤرخ 28/ 1/ 1987، مع ما يترتب على ذلك من آثار في شأن تمكينه من تصفية أعماله بموقع العملية وتسليمه مخازنه ومهماته التي استولت عليها الجامعة نتيجة القرار الذي أصدرته ثم سحبته.
ثانياً: بإلزام الجامعة المدعى عليها بأن تصرف للمدعي مستحقاته وتعويضه عن الأضرار الأدبية والمادية التي لحقت به نتيجة ما قامت به الجامعة من إجراءات مخالفة للقانون والعقد، وندب أهل الخبرة المختصين للقيام بالمهام الآتية:
(1) بيان الأعمال التي قام بها المدعي طبقاً للعقد وتعديلاته والأعمال المستجدة التي كلفته الجامعة بتنفيذها كاملة بحيث تم إنجاز محل العقد المبرم بين الطرفين ولم يعد ثمة عمل يمكن أن يسحب منه وينفذ على حسابه.
(2) بيان قيمة هذه الأعمال مقدرة على أساس العقد والأعمال المماثلة والمعاصرة وقرارات وزير الإسكان السارية على العقد محل الدعوى.
(3) التعويضات المادية والأدبية المستحقة للمدعي نتيجة لتقاعس الجامعة عن القيام بالتزاماتها والمترتبة على قراراتها وإجراءاتها التعسفية التي أصابت المدعي بأبلغ الأضرار.
والثابت من الأوراق أيضاً. أن الطاعن قد كرر هذه الطلبات المعدلة والختامية بمذكرة دفاعه المقدمة للمحكمة بجلسة المرافعة المنعقدة في 26/ 3/ 1991 وتسليم الحاضر عن جهة الإدارة أيضاً صورتها، والثابت كذلك أن جهة الإدارة المطعون ضدها قد ناقشت الطلبات المعدلة وتولت الرد عليها بمذكرات دفاعها المرفقة بملف هذا الطعن.
وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن ثمة خلافاً بين الطلبات الأصلية التي وردت في ختام صحيفة افتتاح الدعوى، والطلبات المعدلة سالفة الذكر، والثابت أن الحكم المطعون فيه لم يتضمن الإشارة إلى هذه الطلبات المعدلة والختامية ولم يتناولها بالمناقشة، بل ارتكن هذا الحكم في قضائه المطعون فيه على طلبات الطاعن الأصلية دون الطلبات المعدلة، وكان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة بالطلبات الختامية، ولا عبرة بالطلبات التي تضمنتها صحيفة الدعوى طالما أن المدعي لم يحل في مذكرته الختامية إليها، وكان المستقر أيضاً أن الأصل أن المدعي هو الذي يحدد نطاق دعواه وطلباته أمام القضاء ولا تملك المحكمة من تلقاء نفسها أن تتعداها، فإذا هي قضت بغير ما يطلب الخصوم، فإنها تكون بذلك قد تجاوزت حدود سلطاتها وحق إلغاء ما قضت به. ولما كان الثابت أن الحكم الطعين لم ينظر في الطلبات الختامية في الدعوى التي صدر فيها الأمر الذي يصمه بالبطلان ويتعين من ثم القضاء بإلغائه لهذا السبب.
ومن حيث إنه عن أوجه الطعن الأخرى والتي خلاصتها أن الطاعن قد أوفى بكافة التزاماته التعاقدية الناشئة عن ترسية مناقصة الأعمال الصحية للمستشفى الجامعي بأسيوط سالف ذكرها تفصيلاً، وإن هذا الوفاء تم خلال الميعاد المقرر فإنه باستقرار لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 (التي تم ترسية المناقصة في ظل العمل بأحكامها) استبان أن المادة (93) منها تنص على أنه "على المقال أن ينهي جميع الأعمال الموكولة إليه تنفيذها بما في ذلك أية زيادات أو تغييرات تصدر بها أوامر من الوزراء أو المصلحة أو السلاح بمقتضى ما يكون مخولاً لها من حقوق في العقد، بحيث تكون كاملة وصالحة من جميع الوجوه للتسليم المؤقت في المواعيد المحددة، فإذا تأخر عن إتمام العمل وتسليمه كاملاً في المواعيد المحددة، فتوقع غرامة عن المدة التي يتأخر فيها إنهاء العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم التسليم المؤقت، ولا يدخل في حساب مدة التأخير مدد التوقف التي يثبت للوزراء أو المصلحة أو السلاح نشوءها عن أسباب قهرية.
وتنص المادة (94) من ذات اللائحة على أنه لرئيس المصلحة أو مدير السلاح الحق في سحب العمل من المقاول في أية حالة من الحالات الآتية:
( أ ) إذا تأخر في البدء في العمل أو ظهر بطء في سيره لدرجة ترى معها الوزارة أو المصلحة أو السلاح أنه لا يمكن إتمامه في المدة المحددة لانتهائه.
(ب) إذا وقف العمل كلية مدة تزيد على خمسة عشر يوماً.
(جـ) إذا انسحب من العمل أو تركه.
ويكون سحب العمل بإخطار مكتوب يرسل للمقاول بالبريد الموصى عليه.. وتنص المادة 87 من اللائحة المذكورة على أنه "تحتفظ الوزارة أو المصلحة أو السلاح بالحق في تعديل العقد بالزيادة أو النقصان في حدود 15% في عقود التوريد و25% في عقود الأعمال، دون أن يكون للمتعهد أو المقاول الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك، ويجوز بقرار من وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة أو من السلاح في الوزارات والمناطق والمصالح والأسلحة تجاوز الحدود الواردة بالفقرة السابقة في الحالات الطارئة أو الاستثنائية بشرط ألا يؤثر ذلك على أولوية المتعهد أو المقاول في ترتيب عطائه ووجود اعتماد في الميزانية يسمح بذلك، وضرورة الحصول على موافقة من المقاول عليها"
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن هناك التزاماً عقدياً وقانونياً على المقال المتعاقد مع الجهة الإدارية أن ينفذ الالتزامات الموكول إليه تنفيذها بموجب العقد، وما يطرأ عليها من زيادات في الحدود المشار إليها خلال المدة أو المدد المحددة لتنفيذها فإن تأخر عن ذلك توقعت عليه غرامة التأخير بالنسب والأوضاع المقررة باللائحة ما لم يثبت أن هذا التأخير لأسباب لا دخل لإدارة المقاول فيها. كما يستفاد مما تقدم أنه يجوز سحب العمل من المقاول في العديد من الحالات، منها إذا تأخر في البدء في العمل رغم استلامه الموقع خالي من الموانع أو البطء في سير التنفيذ لدرجة يظهر معها بغير شك أنه بهذا المسلك لن يستطيع إتمام التنفيذ خلال المدة المحددة لانتهائه، أو إيقافه العمل مدة متواصلة تزيد على خمسة عشر يوماً بدون مبرر أو انسحاب المقاول من مقر العمل بمعداته وأدواته أو ترك العمل كلية بالموقع.
وفي إحدى الحالات المتقدمة فإنه للجهة الإدارية إصدار قرار بحسب العمل من المقاول شريطة إخطاره بهذا القرار بإخطار مكتوب يرسل إليه بالبريد الموصى عليه مصحوباً بعلم الوصول دون حاجة إلى إجراء آخر.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه قد رست عملية المناقصة العامة لتوريد وتركيب الأعمال الصحية بالمستشفى الجامعي الجديد بأسيوط على الطاعن بمبلغ إجمالي قدره 701393.35 جنيهاً وكان ضمن أوراق عطاء الطاعن في المناقصة خطاباً من تسعة بنود من هذا البنود (البند الثالث) وينص على أنه توفر الجامعة للمقاول الحصول على الأسمنت بالسعر الرسمي (والبند السابع) وينص على أن مدة التوريد من 15، 17 شهر من تاريخ التعاقد واستلام الموقع خالياً من الموانع. والثابت من الأوراق أنه بتاريخ 10/ 1/ 1979 صدر أمر التشغيل الخاص بالعملية، وأثناء مدة التنفيذ قامت الجامعة بتعديل الرسومات الهندسية التنفيذية والتي كانت عددها عند بدء التنفيذ خمسة عشر لوحة إلى ثلاثة وسبعين لوحة هندسية، علاوة على عشرات المكاتبات والأوامر طالبة أعمالاً إضافية وتعديلات.
ومن حيث إن الثابت من الوراق أنه بتاريخ 22/ 11/ 1987 تحرر من المستشار الهندسي للجامعة كتاباً للرد على استفسار بنك الدلتا الدولي (المتنازل له عن العملية الأصلية) بشأن موقف العملية، تضمن هذا الرد "أن العمل يسير على أكمل وجه وأنه قد تم مد تلك العملية إلى آخر ديسمبر سنة 1981 رغم ثبوت تعسر الجامعة في صرف المستخلصات أرقام 5، 6، 7 لسنة 1979 وتقسيط سداد قيمتها للطاعن، كما أن الثابت كذلك أن الجامعة المطعون ضدها لم تلتزم بما نص عليه البند الثالث من الخطابات المرفق بأوراق عطاء الطاعن سالف الإشارة إليه والخاص بتسليمه أذون صرف الأسمنت في أوقات مناسبة تتمشى وسير العمل وذلك واضح بجلاء من خطاب المستشار الهندسي المؤرخ 18/ 8/ 1984 والمذكور فيه أن العملية لازالت في حاجة إلى كمية الأسمنت المطلوبة من الطاعن والمسدد ثمنها إلى مكتب بيع الأسمنت المصري في 30/ 1/ 1982 الأمر الذي يستنتج منه أن الجامعة تأخرت في تسليم كمية الأسمنت المصرح له بها لأكثر من عامين وسبعة أشهر.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى رقم 78 لسنة 1986 كلي أسيوط والمودعة أوراق الطعن الماثل والمقامة من الطاعن ضد المطعون ضده عن ذات الموضوع بقصد إثبات حالة الأعمال المنفذة أصلياً وإضافياً وما كان من معوقات ومشكلات عند التنفيذ ومستحقات الطاعن لدى الجامعة، فقد استعرض التقرير المذكور هذه الأعمال فأشار في الصحيفة رقم (43) ما نصه "أما بالنسبة للأعمال الصحية الإضافية، فهي خارجة عن العقد ولم يتفق على مدة تنفيذها بل تم تكليف المقاول بها أثناء تنفيذ العملية الأساسية، وكذلك بعد انتهاء مدة العملية الأساسية والتي تنتهي في 24/ 5/ 1980 وكان ذلك التكليف بعضه بالأمر الشفوي وبعضه الآخر بالأمر الكتابي وبعضه بلوحات هندسية وأن هذه التعديلات بدأت منذ عام 1980 وحتى عام 1986 وهي تزيد على نسبة الـ 25% التي حددها قانون المناقصات بكثير، وأن الجامعة كلفت المقاول بأعمال تزيد قيمتها على نسبة الـ 25% للأعمال الأساسية مما أدى إلى مد مدة العملية حتى تاريخ رفع الدعوى، علماً بأن ما كلف به المقاول غير متفق على مدة تنفيذه ولا على أسعاره، الأمر الذي يتضح معه عدم مسئولية المدعي (المقاول) عن التأخير في إتمام العمل، بل يرجع ذلك إلى فعل الجامعة وعدم طرحها تلك الأعمال الإضافية بالمناقصة وعدم معرفتها للكميات التي تحتاجها ومدة تنفيذها ونهوها "كما يتضمن التقرير في الصحيفة رقم 117 ما نصه" أن المدعي (الطاعن) قام بتنفيذ جميع الأعمال المسندة إليه وفقاً للشروط والمناقصات وتم استلامها وتشغيلها بالفعل في الميعاد المحدد للاستلام وذلك بالنسبة للأعمال المتفق عليها والصادر بها أمر تشغيل، أما بالنسبة للأعمال الإضافية فقد كلفته بها الجامعة بدون أمر تشغيل وبدون الاتفاق على كمياتها ولا أسعارها وهي تزيد على نسبة الـ 25% التي حددها قانون المناقصات من الأعمال الأساسية، وعليه لا يكون هناك غرامة تأخير على المدعي عن جميع تلك الأعمال موضوع النزاع المالي لعدم تسببه في ذلك التأخير وتكليف الجامعة له بأعمال جديدة أثناء تنفيذ مدة العملية الأساسية وبعدها تزيد قيمتها على الأعمال الأساسية (ص 135، 136 من التقرير).
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على التقرير التكميلي للخبير المؤرخ بجلسة 26/ 11/ 1990 "أنه وفقاً لما قرره المستشار الهندسي للجامعة بمحاضر الأعمال من أن الأعمال الصحية تتم على مرحلتين (الأولى) أعمال توصيلات المواسير للتغذية والصرف الرأسية والأفقية ثم بعد ذلك عزل الأرضيات قبل تركيب مواسير الأرضية (الثانية) تركيب البلاط والشبابيك المأخوذة بمعرفة شركة سبيكو" وكذلك البياض، أي بعد إتمام مرحلة شركة "سبيكو" تسلم المفاتيح لمقاول الأعمال الصحية لتركيب الأدوات والأجهزة (أحواض وحنفيات)، ووفقاً لما ثبت من المعاينة فإن بعض دورات المياه لم تستكمل بها أعمال الدهانات وبعضها لم يستكمل أعمال النجارة والدهانات وعليه يكون المدعي (الطاعن) غير مسئول عن التأخير لانتظاره إتمام الأعمال الاعتيادية التي تقوم بها شركة "سبيكو" والتي لم تكن قد انتهت حتى تاريخ المعاينة بمعرفة الخبير السابق في 20/ 12/ 1986 مما أدى إلى تعطيل المقاول عن تركيب أدواته وأجهزته وهي المرحلة الثانية من العمل الصحي".
ومن حيث إنه مما تقدم يبين بجلاء، أنه ليس في جانب الطاعن أي تأخير أو إهمال أو بطء في تنفيذ كافة التزاماته العقدية الأصلية والإضافية والتي فاقت قيمة الأعمال الأساسية (الأعمال الصحية للمستشفى الجامعي بأسيوط) بل الثابت من الأوراق أن الطاعن كان سريع الاستجابة في تنفيذ إرادة الجامعة العقدية والتكليفية، الأمر الذي لا يجعل هناك سبباً واقعياً أو قانونياً لسحب أية أعمال من الطاعن، لتنفيذ الطاعن كافة ما تعهد بتنفيذه وخلال المواعيد المناسبة لتنفيذها - بعد زوال العوائق التي كانت بفعل الإدارة الأمر الذي يصم هذا القرار بعيب مخالفة القانون. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه أيضاً يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع وتطبيق القانون حقيقاً بالإلغاء لهذا السبب أيضاً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم جميعه، يكون الطعن الماثل قائماً على أساس من القانون، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وندب أحد خبراء وزارة العدل المختصين للانتقال إلى عين النزاع الموضحة المعالم بصحيفة الدعوى ومعاينتها وبيان الأعمال التي قام بها الطاعن طبقاً للعقد وتعديلاته والأعمال المستجدة التي كلفته بها الجامعة وما تم تنفيذه منها وبيان قيمتها والاطلاع على دفاتر الحصر والجرد والختامات وكافة السجلات وكافة ما يلزم لتحديد ماهية مستحقات الطاعن لدى الجامعة عن العمليات المشار إليها وكذلك المهمات التي كان يستخدمها الطاعن في تنفيذ العملية والتي وضعت جهة الإدارة يدها عليها وتحديد ما يستحقه الطاعن من تعويضات نتيجة تقاعس الجامعة عن القيام بالتزاماتها وما ترتب على قراراتها المشار إليها وتقديم تقرير في ذلك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط ليندب بدوره أحد خبرائه للانتقال إلى عين النزاع الموضحة المعالم بصحيفة الدعوى ومعاينتها وبيان الأعمال التي قام بها الطاعن طبقاً للعقد وتعديلاته والأعمال المستجدة التي كلفته بها الجامعة وما تم تنفيذه فيها وبيان قيمتها والاطلاع على دفاتر الحصر والجرد والختاميات وكافة السجلات وكافة ما يلزم لتحديد مستحقات الطاعن لدى الجامعة عن العمليات المشار إليها، وكذلك المهمات التي كان يستخدمها الطاعن في تنفيذ العملية والتي وضعت جهة الإدارة يدها عليها وتحديد ما يستحقه الطاعن من تعويضات نتيجة تقاعس الجامعة عن القيام بالتزاماتها وما يترتب على قراراتها وتقديم تقرير بذلك، وحددت المحكمة مبلغ 200 جنيه (مائتي جنيه) أمانة على ذمة أتعاب مكتب الخبراء يلزم الطاعن إيداعه خزانة المحكمة وصرحت لمكتب الخبراء بصرفه بدون أية إجراءات وحددت جلسة 29/ 3/ 1994 في حالة عدم دفع الأمانة، وجلسة 31/ 5/ 1994 في حالة إيداعها، وعلى قلم الكتاب إخطار مكتب الخبراء وطرفي الخصومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق