جلسة 26 من ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة وسعيد أحمد محمد برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(34)
الطعن رقم 4169 لسنة 41 قضائية عليا
جامعات - الرسائل العلمية - رسالة الدكتوراه - إلغاء التسجيل لدرجة الدكتوراه.
المواد 36، 40، 175 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، المادتان 98، 102 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور.
حدد المشرع إجراءات التسجيل لدرجة الدكتوراه وإلغاء هذا التسجيل بعد تمامه - مجلس الدراسات العليا هو المختص بإلغاء التسجيل للدكتوراه بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد وبعد أخذ رأي مجلس القسم المختص - قرار مجلس الدراسات العليا لا يكون نافذاً إلا بعد اعتماده من رئيس الجامعة - المشرف أو المشرفون على الرسالة يعدون تقريراً إلى مجلس القسم عن مدى تقدم الطالب في بحوثه - يعرض التقرير على مجلس الكلية فإذا ما ارتأى عدم جدية الطالب في أبحاثه وعدم تقدمه فيها وعدم استجابته لتوجيهات المشرفين رفع الأمر إلى مجلس الدراسات العليا باقتراح إلغاء قيد الطالب بناء على تلك التقارير - سلطة الجامعة في هذا الشأن هي سلطة تقديرية لا يقيدها سوى وجوب صدور القرار بناء على سبب صحيح مستمد من أصول تنتجه دون شائبة من الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 18/ 7/ 1995 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الدكتور/ رئيس جامعة الزقازيق بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 4169 لسنة 41 ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 20/ 5/ 1995 في الدعوى رقم 1692 لسنة 16 ق، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وانتهى تقرير الطعن - لما قام عليه من أسباب - إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 15/ 2/ 1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 4/ 4/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها أودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عنصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أن المدعي (المطعون ضده) أقام دعواه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 12/ 7/ 1994 حيث قيدت برقم 1692 لسنة 16 ق طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس كلية العلوم جامعة الزقازيق المؤرخ 18/ 9/ 1993 فيما تضمنه من إلغاء تسجيله لدرجة الدكتوراه وكذلك وقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس الدراسات العليا المؤرخ 3/ 10/ 1993 المتضمن إلغاء تسجيله مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه تقدم لتسجيل درجة الدكتوراه في العلوم تحت إشراف كل من الأستاذ الدكتور/ ......... والأستاذ الدكتور/ ....... وبتاريخ 7/ 3/ 1994 علم بصدور قرار مجلس كلية العلوم بإلغاء تسجيله لدرجة الدكتوراه.
وبذات التاريخ تظلم من هذا القرار إلا أن الجامعة أجابته بتاريخ 10/ 6/ 1994 برفض تظلمه على سند أنه لم ينجز في مجال البحث أي نتائج تذكر وأن سبب الإلغاء هو تواجده بالخارج لمدة أربع سنوات ونعى المدعي على القرار مخالفته القانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن الأستاذين المشرفين سبق أن قررا في أحد تقاريرهما أن المدعي متقدم في بحثه وعلمه جيد وأنهى مراحل التجميع وجزءاً كبيراً من الدراسة العلمية، كما أن قانون تنظيم الجامعات لم يجعل السفر إلى الخارج - على فرض حدوثه - سبباً في إلغاء التسجيل.
ثانياً: أن الأستاذين المشرفين على الرسالة كلفا المدعي بالسفر في موسم نمو النباتات بالسعودية لإجراء بحوث وإحضار عينات ومن ثم فقد كان سفره بهدف خدمة البحث العلمي.
ثالثاً: أن جهة الإدارة قد خالفت مبدأ المساواة إذ بينما أصدرت قراراً بإلغاء تسجيل المدعي لدرجة الدكتوراه بدعوى سفره إلى الخارج فإنها أصدرت قراراً بإيقاف تسجيل الدكتوراه للسيد/ ....... بسبب سفره إلى الخارج وليس إلغاء تسجيله.
وبجلسة 20/ 5/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها الطعين وشيدت هذا الحكم على أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قد أخذ من تواجد المدعي بالخارج سبباً لإلغاء قيده لدرجة الدكتوراه وبالتالي فقد جاء القرار منتزعاً من أصول لا تنتجه قانوناً بل وأن الجامعة ذاتها أقرت بجدوى تواجد المدعي بالخارج لاستكمال إجراء الأبحاث على النباتات ذات البيئة السعودية وقد طلب المشرفان من الجامعة إشراك أستاذين مصريين يعملان بذات الكلية التي يعمل بها المدعي بالسعودية في الإشراف، ثم قام المشرفان بإعداد تقرير أشادا فيه بأبحاث المدعي وإنجازه لجزء كبير من الدراسة العلمية على نقيض ما قرراه في تقريرين آخرين.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الجامعة لم تبن قرارها على تخلف المطعون ضده عن التواجد بالكلية بل أسست قرارها على ما تقضي به المادة (102) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات التي تنص على تقديم المشرف على الرسالة في نهاية كل عام جامعي تقريراً عن مدى تقدم الطالب في بحوثه وأن الثابت من المستندات المقدمة من الجامعة أن التقرير المقدم من الأساتذة المشرفين على رسالة المطعون ضده تؤكد أنه لم يتقدم في أبحاثه وهو ما يشير إليه التقرير المؤرخ 15/ 8/ 1992 والتقرير المؤرخ 5/ 6/ 1993 فالمشرع خول الجامعة الحق في إلغاء التسجيل لدرجة الدكتوراه في حالة عدم إحراز الطالب المسجل للدرجة لأية نتائج في أبحاثه ودراساته المتعلقة بالرسالة.
ومن حيث إن المادة (40) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "يختص مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة بالنظر في المسائل الآتية:
أولاً: مسائل التخطيط والتنسيق والتنظيم والمتابعة......
ثانياً: المسائل التنفيذية: (17) ........ (31) تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراه وتعيين لجان الحكم على هذه الرسائل وإلغاء التسجيل....".
وتنص المادة (175) من القانون المذكور على أنه "مع مراعاة حكم المادة (36) يكون تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراة وإلغاء التسجيل بموافقة مجلس الدراسات العليا والبحوث بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص" وقد أشارت المادة (36) إلى أن قرارات مجلس الدراسات العليا والبحوث تكون نافذة بعد اعتمادها من رئيس الجامعة.
وتنص المادة (98) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن "يعين مجلس الكلية - بناء على اقتراح مجلس القسم المختص - أستاذاً يشرف على تحضير الرسالة وللمجلس أن يعهد بالإشراف على الرسالة إلى أحد الأساتذة المساعدين، ويجوز أن يتعدد المشرفون من بين أعضاء هيئة التدريس أو من غيرهم...".
وتنص المادة (102) على أن "يقدم المشرف على الرسالة في نهاية كل عام جامعي تقريراً إلى مجلس القسم عن مدى تقدم الطالب في بحوثه ويعرض هذا التقرير على مجلس الكلية.
ولمجلس الدراسات العليا والبحوث - بناء على اقتراح مجلس الكلية - إلغاء قيد الطالب على ضوء هذه التقارير".
ومن حيث إن المشرع قد حدد إجراءات التسجيل لدرجة الدكتوراة وإلغاء هذا التسجيل بعد تمامه فأناط بمجلس الدراسات العليا بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد وبعد أخذ رأي مجلس القسم المختص الموافقة على تسجيل رسائل الدكتوراه وإلغاء التسجيل إلا أن قرارات مجلس الدراسات العليا لا تكون نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس الجامعة، وعهد المشرع إلى المشرف على الرسالة أو المشرفين إذا ما تعددوا بإعداد تقرير إلى مجلس القسم عن مدى تقدم الطالب في بحوثه وأوجب عرض هذا التقرير على مجلس الكلية فإذا ما ارتأى المجلس من واقع ما تتضمنه تقارير المشرفين على الرسالة عدم جدية الطالب في أبحاثه أو عدم تحقيقه لتقدم في هذه الأبحاث أو عدم استجابته لتوجيهات المشرف أو المشرفين على الرسالة بما يرونه لازماً لإنجازها رفع مجلس الكلية الأمر إلى مجلس الدراسات العليا والبحوث باقتراح إلغاء قيد الطالب بناء على تلك التقارير.
ومن حيث إنه وإن كان للجامعة وفقاً لتقديرها إلغاء قيد الطالب لدرجة الدكتوراة إلا أنه يتعين أن يكون تقديرها هذا من ناحية مستمداً من أصول تنتجه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بأن يكون قائماً على سبب صحيح وقائم واقعاً وقانوناً وألا يكون قرارها من ناحية أخرى مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بتغيبه غرضاً لا يمت إلى الصالح العام بصلة.
ومن حيث إنه من المقرر أن القرار الإداري هو بحسب الأصل قائم على قرينة الصحة وأن جهة الإدارة لا تلتزم بتسبيب قراراتها ما دام أن القانون لم يلزمها بهذا التسبيب إلا أنه من المسلم به أن جهة الإدارة متى أفصحت عن أسباب قرارها فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإداري الذي عليه أن يمحصها والتأكد مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستمدة من أصول موجودة أو غير موجودة وما إذا كانت مستخلصة استخلاصاً سائغاً من عدمه وما إذا كانت هذه الوقائع مادية أو قانونية تصلح سبباً قانونياً لإصدار القرار.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن المدعي قد سجل للحصول على درجة الدكتوراه بتاريخ 16/ 2/ 1990 وقد عين مجلس الكلية الأستاذ الدكتور/ ........ أستاذ ورئيس قسم النباتات بكلية العلوم جامعة الزقازيق والأستاذ الدكتور/ ........ أستاذ وعميد كلية العلوم بجامعة طنطا مشرفين على الرسالة، وقد أعد المشرفان تقريراً مؤرخاً 25/ 8/ 1992 أشارا فيه إلى أن المدعي لم ينجز حتى تاريخ التقرير أي نتائج تذكر في مجال بحثه وعدم عرضه نتائج من بحثه إلا جزءاً صغيراً جداً ويعتبر هذا الجزء ليس إلا مقدمة لمجال بحثه، وفي 5/ 6/ 1993 قدما تقريراً آخر عن المدعي تضمن أن الطالب لم يعرض حتى تاريخ تحرير التقرير أية نتائج ذات قيمة من الناحية العلمية في خطة بحثه، إلا أن الملاحظ أن المشرف الأول الدكتور/ ........ رئيس قسم النبات بالكلية كان قبل التقرير الأخير بقرابة الشهر (في 4/ 5/ 1993) قام برفع مذكرة إلى السيد الدكتور وكيل الكلية للدراسات العليا - نظراً لتواجد وتعاقد المدعي بالعمل في كلية إعداد المعلمين بجيزان بالمملكة العربية السعودية اقترح فيها الموافقة على ضم كل من الأستاذ الدكتور/ ........ أستاذ النبات بكلية العلوم ببنها والمعار حالياً إلى كلية إعداد المعلمين بجيزان بالسعودية والدكتور/ ......... رئيس قسم الأحياء بكلية المعلمين في جيزان للإشراف ومباشرة الطالب في إنجاز خطة البحث، كما أن البادي من الاطلاع على حافظة مستندات المدعي أن السيد الدكتور/ ........ وهو أحد المشرفين على إعداد الرسالة قد أعد تقريراً موقعاً منه دون الدكتور/ ........ أثبت فيه أن الطالب متقدم في بحثه وعمله جيد، وقد أنهى مرحلة التجميع وجزءاً كبيراً من الدراسات العلمية وأنه جاري استكمال الدراسات العلمية وإعداد الرسالة ولما كان البحث يتم على نباتات اختيرت من بيئة المملكة العربية السعودية فقط رأت هيئة الإشراف ضرورة إضافة د/ ........ الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بجيزان حيث يعمل الطالب كما أنه يعمل جزءاً من دراسته بكلية الزراعة جامعة الزقازيق.
ومن حيث إن البادي مما تقدم أن تقريري المشرفين على الرسالة التي يعدها المدعي واللذين استند إليهما القرار المطعون فيه وجعلهما سبباً له قد شابهما تناقض واضح واتسما بعدم الدقة والتضارب وعدم الجدية فبينما اتجه المشرفان في 4/ 5/ 1993 واقترحا الاستعانة وضم مشرفين آخرين للإشراف ومباشرة الطالب في إنجاز خطة البحث، وهو ما يعني إمكانية استمرار التسجيل والقيد وإمكانية إنجاز الطالب للرسالة من واقع أعماله وأبحاثه عادا بعد قرابة الشهر وفي 5/ 6/ 1993 بإعداد التقرير الثاني الذي أثبتا فيه أن الطالب لم يعرض لأي نتائج ذات قيمة، كما أن البادي من الاطلاع على صياغة هذا التقرير أنه أعد من أحد المشرفين على الرسالة دون الآخر الذي قام بتوقيعه بعد ذلك، كما أن البادي من التقرير الذي أعده أحد المشرفين على الرسالة (د.......) أنه تضمن وقائع تناقض تماماً ما أثبته في التقريرين الذي استند إليهما القرار المطعون فيه كسبب له إذ تضمن التقرير المذكور إنهاء المدعي لمرحلة التجميع وجزءاً كبيراً من الدراسة العلمية وأثبت التقرير أن المدعي متقدم في بحثه وعمله جيد، وإذا كان التقرير المذكور غير مؤرخ إلا أنه من الواضح إعداده في وقت مقارب لإعداد التقرير الثاني للمشرفين على الرسالة في 5/ 6/ 1993 إذ أشار هذا التقرير إلى الاقتراح بإضافة د/ ........ الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بجيزان وهو الاقتراح الذي اقترحه المشرفان في 4/ 5/ 1993.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه وإذ اتخذ تقريري المشرفين على الرسالة المسجلة من المدعي لنيل درجة الدكتوراة سبباً للقرار المطعون فيه وكانت الوقائع التي تضمنها التقريران غير ثابتة وغير مستخلصة استخلاصاً صحيحاً من الأوراق بل إن ما تضمنه التقريران المشار إليهما يتناقض تماماً مع رأي أحد المشرفين اللذين قاماً بإعداده، فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على غير سبب صحيح يمكن أن ينتجه ويؤدي إليه ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الجامعة الطاعنة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة "بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق