جلسة 30 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح، وعلي رضا عبد الرحمن رضا، والصغير محـمد محمود بدران، ومحـمد إبراهيـم قشطة - المستشارين.
------------------
(27)
الطعن رقم 3377 لسنة 38 القضائية
هيئة الشرطة - ضباطها - استقالة ضمنية - شروط الإنذار.
المادة (73) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة.
يتعين لاعتبار الضابط مقدماً استقالته مراعاة إجراء شكلي هو إنذار الضابط كتابة بعد خمسة أيام من انقطاعه عن العمل إذا كان بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية - الغرض من هذا الإجراء الجوهري هو أن تتبين جهة الإدارة إصرار الضابط على ترك العمل وعزوفه عنه وإعلان عما يرى اتخاذه من إجراء حيال انقطاعه عن العمل وتمكين الضابط من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء - يجب أن تنصرف صياغة الإنذار إلى الإفصاح عن الاتجاه إلى إنهاء خدمة الضابط للاستقالة الضمنية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 25/ 7/ 1992 أودع السيد الأستاذ/ .....
المحامي نيابة عن السيد الأستاذ/ ....... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 3377 لسنة 38 ق باعتباره وكيلاً عن السيد/ ...... بموجب التوكيل رقم 2470 أ لسنة 1989 توثيق عام الموسكي ضد السيدين:
1 - وزير الداخلية 2 - مدير أمن محافظة دمياط في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة بورسعيد - بجلسة 6/ 7/ 1992 في الدعوى رقم 585 لسنة 1 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصاريف عن درجتي التقاضي.
وقد تم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة وقدمت تلك الهيئة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 4/ 8/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 12/ 10/ 1993 وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/ 11/ 1993 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين ولم يقدم الخصوم مذكرات خلال الأسبوعين.
وقد صدر الحكم بالجلسة حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 9/ 1989 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 2532 لسنة 11 ق أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة المنصورة ضد السيدين وزير الداخلية ومدير أمن محافظة دمياط طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته اعتباراً من 15/ 1/ 1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات - مؤسساً دعواه على أنه يعمل ضابطاً بهيئة الشرطة برتبة رائد بالمعمل الجنائي بمديرية أمن دمياط وأنه أصيب بحالة مرضية اعتباراً من منتصف عام 1987 مما حال دون مباشرة عمله حيث كان يحصل على إجازات مرضية من المركز الطبي المختص انتهى آخرها بتاريخ 14/ 1/ 1989 ونظراً لاستمرار حالته المرضية أخطر جهة الإدارة بموجب برقية تضمنت مرضه وملازمته للفراش إلا أن المختصين بمديرية أمن دمياط لم يتخذوا إجراءات تحويله للجهة الطبية المختصة واعتبر منقطعاً عن العمل بدون إذن اعتباراً من 15/ 1/ 1989 وعليه أصدر السيد/ وزير الداخلية القرار رقم 313 لسنة 1989 متضمناً إنهاء خدمته للانقطاع اعتباراً من تاريخ انقطاعه الحاصل من 15/ 1/ 1989 وذلك بالمحافظة لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة بحسبان انقطاعه عن العمل كان بسبب المرض وأنه أخطر الجهة الإدارية بذلك في اليوم التالي مباشرة لانقطاعه مما يعتبر عذراً مانعاً له من العمل وتنفي قرينة الاستقالة فضلاً عن أن الجهة الإدارية لم توجه إليه إنذاراً كتابياً بإنهاء خدمته على النحو الذي تستلزمه المادة 73 من القانون 109 لسنة 1971 سالف الإشارة وذلك قبل صدور القرار محل الطعن مما حدا به إلى التظلم من هذا القرار بتاريخ 1/ 6/ 1989 بيد أن الإدارة لم تبت في هذا التظلم.
وبمناسبة إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإداري بمدينة بور سعيد أحيلت الدعوى إلى تلك الدائرة حيث قيدت بجدولها العام برقم 585 لسنة 1 ق.
وبجلسة 6/ 7/ 1992 قضت محكمة القضاء الإداري - دائرة بور سعيد - بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت رافعها المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من حافظة مستندات الإدارة هو علم المدعي (الطاعن) بالقرار المطعون عليه بتاريخ 2/ 4/ 1989 وأنه أقر بالمحضر المحرر بمعرفة قسم شرطة عابدين بتاريخ 12/ 4/ 1989 بتقديمه لتظلم من القرار المطعون عليه إلى إدارة شئون الضباط بوزارة الداخلية وأنه ولئن كان المدعي (الطاعن) لم يحدد في هذا المحضر تاريخ تقديمه للتظلم إلا أن المحكمة تعتبر تاريخ هذا المحضر هو تاريخ تقديم التظلم أخذاً بالأصلح بالنسبة له وبالتالي فإنه وقد انقضت المواعيد المقررة للبت في التظلم وإقامة دعوى الإلغاء طبقاً لحكم المادة 24 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بتاريخ 11/ 8/ 1989 أي قبل إقامة الدعوى الحاصل في 19/ 9/ 1989 ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على هذا الحكم أنه صدر على خلاف الثابت بالأوراق مما أدى إلى الخطأ في تطبيق القانون حيث جاءت الأوراق خالية مما يفيد تقديمه للتظلم من قرارات إنهاء خدمته قبل 27/ 5/ 1989 والذي وصل إلى جهة الإدارة بتاريخ 1/ 6/ 1989 وأن ما ورد بمحضر الشرطة المحرر بتاريخ 12/ 4/ 1989 لا يكفي للقول بسابقة تقديمه للتظلم قبل هذا التاريخ بحسبان عبارة (وقد تظلمت منه) يمكن أن يكون محرر المحضر قد كتبها من عندياته أو أنه (الطاعن) قالها فعلاً بقصد المحافظة على كرامته وإعلان محرر المحضر أن القرار الصادر بإنهاء خدمته غير نهائي وأنه خاضع للتظلم.
ومن حيث إن الأوراق قد أجدبت عن وجود تظلم للطاعن في القرار محل الطعن سابق على التظلم المقدم في 27/ 5/ 1989 كما أن الجهة الإدارية لم تقدم دليلاً على أن للطاعن تظلم سابق على هذا التاريخ سواء أمام محكمة أول درجة أو خلال مراحل تداول هذا الطعن والذي يقوم أساساً على نفي تقديم تظلم سابق على التظلم المشار إليه ومن ثم فإنه لذلك ونظراً لأن العبرة في هذا الشأن هو تحقيقه الواقع المؤيد بالمستندات وليس بالألفاظ المرسلة خاصة وأن الطاعن وقت تحرير محضر إعلانه بالقرار الصادر بإنهاء خدمته بتاريخ 12/ 4/ 1989 لم يكن في حالة استجواب قد يصح فيه للقول بأن ما ورد بهذا المحضر يعتبر إقراراً يقتضي التعويل عليه - الأمر الذي يقتضي الاعتماد على ما هو ثابت بالأوراق في شأن تحديد تاريخ التظلم السابق على رفع الدعوى.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت بالأوراق أن القرار محل الطعن قد صدر خلال شهر مارس 1989 وعلم به الطاعن في 2/ 4/ 1989 ثم تقدم بتظلم في هذا القرار بتاريخ 27/ 5/ 1989 ووصل إلى علم الجهة الإدارية بتاريخ 1/ 6/ 1989 وجاءت الأوراق خالية مما يفيد رد الإدارة على هذا التظلم وبالتالي تكون الدعوى وقد أقيمت بتاريخ 19/ 9/ 1989 مقامة خلال الستون يوماً التالية لانقضاء مواعيد البت في التظلم أي مقامة خلال المواعيد القانونية المنصوص عليها في المادة 24 من قانون تنظيم مجلس الدولة ومستوفية لسائر شروطها الشكلية - مقبولة شكلاً ويكون الحكم المطعون عليه وقد انتهى إلى غير ذلك مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن المنازعة صالحة للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت في صورة القرار محل الطعن أنه قد استند إلى انقطاع الطاعن عن العمل رغم إنذاره بالمدة المقررة لاعتباره مقدماً استقالته.
ومن حيث إن المادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تقضي على أن (يعتبر الضابط مقدماً استقالته في الأحوال الآتية):
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول...... فإذا لم يقدم الضابط أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ويقتضي إنذار الضابط كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام ويوجه إليه الإنذار في محل إقامته المعروف لرئاسته.
2 - .......... ولا يجوز اعتبار الضابط مستقيلاً في جميع الأحوال إذا اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لتركه العمل أو لالتحاقه بالخدمة في الجهة الأجنبية.
ومن حيث إن مفاد ذلك هو أن إعمال حكم تلك المادة يتطلب لاعتبار الضابط مقدماً استقالته - مراعاة إجراء شكلي حاصله أن تكون الجهة الإدارية قد قامت بإنذار الضابط كتابة بعد خمسة أيام من انقطاعه عن العمل إذا كان بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية وهذا الإجراء جوهري القصد منه أن تبين الجهة الإدارية إصرار الضابط على تركه العمل وعزوفه عنه وفي ذات الوقت إعلان عما يرى اتخاذه من إجراء حيال انقطاعه عن العمل وتمكيناً له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الإنذار الموجه للطاعن والمحرر في 16/ 3/ 1989 والذي يحمل توقيع السيد/ مدير أمن القاهرة أن عباراته جرت على النحو الآتي:
ننذركم بالتوجه لتوقيع الكشف الطبي عليك بموجب الاستمارة المسلمة لك والمحدد بها جلسة الأحد 19/ 3/ 1989 وفي حالة عدم التوجه للجلسة المشار إليها سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والمنصوص عليها بقانون هيئة الشرطة هذا بالإضافة إلى المساءلة التأديبية مع الإحاطة بأنه في حالة عدم تقديمك لموقفك من الإبلاغ بالمرض لجهة عملك بمديرية أمن دمياط سيتم اعتبارك منقطع عن العمل اعتباراً من 15/ 1/ 1989.
ولما كانت العبارات التي تضمنها هذا الإنذار على الوجه المتقدم لم تفصح عن نوع الإجراء القانوني الذي كانت الإدارة تزعم اتخاذه ضد الطاعن ومن ثم فإن هذه الصياغة لا يمكن أن تنصرف إلى الإفصاح عن الاتجاه إلى إنهاء خدمته بالاستقالة الضمنية طبقاً لحكم المادة 73 من القانون 109 لسنة 1971 إذ إن عبارة الإجراءات القانونية الواردة بقانون هيئة الشرطة قد تنصرف إلى الإجراء التأديبي وهو ما ورد أيضاً بالإنذار وهو ما لا يبين منه اتجاه نية الإدارة وعزمها على أن تنهي خدمته بالاستقالة الضمنية مما يجب على مقتضى ما تقدم أن يتضمنه الإنذار حتى ينتج أثره ويتحدد على أساسه وضع الطاعن ويمكن للإدارة في ضوئه اتخاذ ما خوله القانون لها ترتيباً على ذلك من إنهاء خدمته طبقاً لحكم المادة 73 المشار إليه ومن ثم يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن جاء على خلاف صحيح القانون جديراً بالإلغاء مما يتعين معه القضاء بإلغائه وإلزام الإدارة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 313 لسنة 1989 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن درجتي التقاضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق