جلسة 3 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / كمال قرني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هاني فهمي ، أحمد قزامل ، محمد السنباطي وأحمد المتناوي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(9)
الطعن رقم 24557 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وإيراده على ثبوتها في حقها أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " بوجه عام " . غسل أموال . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
جريمة غسل الأموال . لا يشترط لإثباتها طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها .
للمحكمة الفصل في دعوى غسل الأموال وبحث مشروعية الحصول عليها دون تربص الفصل النهائي في دعوى الحصول غير المشروع على الأموال . ظهور فاعل الجريمة الأخيرة أو رفع الدعوى الجنائية قبله . غير لازم لصحة معاقبة مرتكب جريمة غسل الأموال . متى ثبت ارتكابه لها وهو عالم بعدم مشروعية الحصول عليها . أساس ذلك ؟
(3) إثبات " بوجه عام " . تزوير " أوراق عرفية " .
جريمتا تزوير محرر عرفي واستعماله . لا يشترط لإثباتهما طريقاً خاصاً . علة ذلك ؟
مثال .
(4) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . ردها على الطعون الموجهة إليها . غير لازم . حد ذلك ؟
للمحكمة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . حد ذلك ؟
(6) نيابة عامة . غسل أموال . دعوى جنائية " تحريكها " .
اختصاص النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية . مطلق لا يرد عليه قيد إلا باستثناء . وجوب عدم التوسع فيه .
جريمة غسل الأموال . عدم توقف رفع الدعوى عنها على صدور طلب من رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال . نعي الطاعنة في هذا الشأن . غير مقبول .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها . كفايته لاطراح الدفع بعدم جديتها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتوائم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور .
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة واطرحه برد سائغ وكاف ، وكان لا يشترط لإثبات جريمة غسل الأموال طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي - كما هو الحال في سائر الجرائم – بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم لها ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته يعد كافياً وسائغاً على ثبوت وتوافر جريمة غسل الأموال في حق الطاعنة بركنيها المادي والمعنوي ، إذ لا يلزم القانون المحكمة التي تنظر الدعوى بأن تتربص فصلاً نهائياً في جريمة الحصول – غير المشروع - على الأموال ، بل لها بحث أمر عدم مشروعية الحصول عليها ، كما أن ظهور فاعل الجريمة الأخيرة أو رفع الدعوى الجنائية عليه ليس بضروري لصحة معاقبة مرتكب جريمة غسل الأموال متى ثبت أنه قارفها وهو عالم بعدم مشروعية الحصول عليها وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن الأموال محل جريمة غسل الأموال متحصلة من جريمة تزوير محررات عرفية ( شيكات بنكية ) واستعمالها موضوع القضية رقم .... لسنة .... جنح .... ، وأن الطاعنة قامت بغسلها مع علمها بحقيقة ذلك المصدر وعاقبتها بجريمة غسل الأموال ، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
3- لما كان ما أورده الحكم بمدوناته كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جريمتي التزوير في محررات عرفية - الشيكات سالفة البيان - واستعمالها ، وكان من المقرر أن إثبات التزوير ، واستعماله ليس له طريق خاص إذ العبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة ، ومتى ثبت وقوع تزوير المحرر من الجاني فإنه يلزم عن ذلك أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزويره واستعماله ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير قويم .
4- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن المستندات التي قصد بها الإشارة إلى نفي التهمة ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
5- لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره ومتى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فإن ما تثيره الطاعنة في كل ما تقدم لا يكون له محل .
6- لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون ، وأن اختصاصها في هذا الشأن مُطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، ومن ثم فإن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق ، سواء بالنسبة للجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى ، ولما كانت جريمة غسل الأموال التي دينت بها الطاعنة - موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها - لا تتوقف على صدور طلب كتابي من رئيس وحدة غسل الأموال أو من يفوضه ، فإن منعى الطاعنة في كل ما تقدم يكون على غير سند .
7- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهم :
- ارتكبوا جريمة غسل أموال مقدارها .... دولار أمريكي والتي تحصلت عليها المتهمة الأولى من جريمتي تزوير محررات عرفية ( شيكات بنكية ) واستعمالها موضوع القضية .... لسنة .... جنح .... بأن قامت المتهمة الأولى باستخدام تلك الأموال في عمل مسحوبات نقدية واستبدال جزء من ذلك المال بما يعادله بالعملة الوطنية وأجرت عليه عدة إيداعات بنكية وتحويلات مصرفية محلية لحسابيها بالبنكين لدى البنك .... فرع .... والبنك .... وحساب المتهم الثاني لدى البنك .... وقيامها وباقي المتهمين بتحويل جزء من تلك الأموال إلى أموال عقارية ومنقولة بأسمائهم مع علم المتهمين الأخيرين بأن ذلك المال متحصل من الجريمة التي ارتكبتها المتهمة ، وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه طبيعتها وإضفاء صفة المشروعية عليها والحيلولة دون اكتشاف ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ أ ، ب ، د ، ٢ ، ١٤ من القانون رقم ٨۰ لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة ٢٠٠٣ ، ۱۸۱ لسنة ٢٠٠٨ ، أولاً : بمعاقبة / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليها وبتغريمها مثلي الأموال المستولى عليها وقدرها .... دولار أمريكي وبغرامة مالية إضافية تعادل قدر هذا المبلغ وألزمتها بالمصروفات الجنائية ، ثانياً : ببراءة كل من .... ، .... مما أسند إليهما ، ثالثاً : بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات .
فطعنت المحكوم عليها الأولى في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة غسل الأموال قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء في عبارات مجملة لا يبين منها الجريمة التي دان الطاعنة بها بركنيها المادي والمعنوي رغم الدفع بانتفاء أركانها ، وقام دفاع الطاعنة على إنكار جريمة تزوير الشيكات محل جريمة غسل الأموال ، بدلالة عدم اعتراض الشاكية على الحساب الدوري المرسل لها من البنوك في خلال المدة المقررة قانوناً طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1999 بشأن إصدار قانون التجارة وهو ما يعني صحة توقيعات الشاكية على تلك الشيكات وهو ما أكدته الإقرارات الصادرة من البنوك ، كما أن الخبير لم يبحث نموذج توقيع الشاكية لدى البنوك المسحوب عليها ، فضلاً عن إنكار الطاعنة لأوراق المضاهاة المقدمة من الشاكية ، واطرح الحكم بما لا يسوغ الدفوع بعدم قبول الدعوى ، وببطلان التحريات ، وببطلان تقرير لجنة قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي لعدم صدور طلب كتابي من رئيس وحدة غسل الأموال أو من يفوضه قبل إجراء تلك الأعمال وعول على التحريات وهي لا تصلح سنداً للإدانة ورغم الدفع بعدم جديتها لشواهد عددها ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير لجنة قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتوائم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة واطرحه برد سائغ وكاف ، وكان لا يشترط لإثبات جريمة غسل الأموال طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي - كما هو الحال في سائر الجرائم – بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم لها ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته يعد كافياً وسائغاً على ثبوت وتوافر جريمة غسل الأموال في حق الطاعنة بركنيها المادي والمعنوي ، إذ لا يلزم القانون المحكمة التي تنظر الدعوى بأن تتربص فصلاً نهائياً في جريمة الحصول – غير المشروع - على الأموال بل لها بحث أمر عدم مشروعية الحصول عليها ، كما أن ظهور فاعل الجريمة الأخيرة أو رفع الدعوى الجنائية عليه ليس بضروري لصحة معاقبة مرتكب جريمة غسل الأموال متى ثبت أنه قارفها وهو عالم بعدم مشروعية الحصول عليها وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة ٢٠٠٢ بشأن مكافحة غسل الأموال ، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن الأموال محل جريمة غسل الأموال متحصلة من جريمة تزوير محررات عرفية ( شيكات بنكية ) واستعمالها موضوع القضية رقم .... لسنة .... جنح .... ، وأن الطاعنة قامت بغسلها مع علمها بحقيقة ذلك المصدر وعاقبتها بجريمة غسل الأموال ، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جريمتي التزوير في محررات عرفية ( الشيكات سالفة البيان ) واستعمالها ، وكان من المقرر أن إثبات التزوير ، واستعماله ليس له طريق خاص إذ العبرة فيه بما تطمئن إليه المحكمة من الأدلة السائغة ومتى ثبت وقوع تزوير المحرر من الجاني فإنه يلزم عن ذلك أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزويره واستعماله ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن المستندات التي قصد بها الإشارة إلى نفي التهمة ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره ومتى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره ، فإن ما تثيره الطاعنة في كل ما تقدم لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها بتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون ، وأن اختصاصها في هذا الشأن مُطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، ومن ثم فإن قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية أمر استثنائي ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره على أضيق نطاق سواء بالنسبة للجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الطلب عنها أو بالنسبة إلى شخص المتهم دون الجرائم الأخرى ، ولما كانت جريمة غسل الأموال التي دينت بها الطاعنة - موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها - لا تتوقف على صدور طلب كتابي من رئيس وحدة غسل الأموال أو من يفوضه ، فإن منعى الطاعنة في كل ما تقدم يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمةإلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الثالث وجديتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص ، فإن النعي على الحكم فيهذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق