الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 يناير 2025

الطعن 3190 لسنة 32 ق جلسة 16 / 5 / 2000 إدارية عليا مكتب فني 45 ق 89 ص 837

جلسة 16 من مايو سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: كمال زكي عبد الرحمن اللمعي وسالم عبد الهادي محروس جمعة ومنير صدقي يوسف خليل ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(89)

الطعن رقم 3190 لسنة 32 قضائية عليا

بعثات ومنح دراسية - استرداد الإدارة لنفقات المبعوث - حكم المنحة المقدمة للمبعوث بذاته.
المواد رقم 25، 31، 33 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح.
المنح التي تقدمها الهيئات والمؤسسات العلمية الخارجية مقررة للدولة وتدخل في نطاق التبادل الثقافي والعلمي بين الدول المختلفة، وهي ليست مقررة لأفراد بذواتهم - الدولة تقوم بترشيح أحد أبنائها عن طريق إيفاده إلى الخارج للاستفادة من هذه المنحة - القول بأن المنحة مقدمة من الجهة الأجنبية لفرد معين بذاته بصفة شخصية بعيداً عن المنح التي تقدم للدولة لا يفيد منها غيره، هو على خلاف الأصل يجب إقامة الدليل عليه وعندئذ يقتصر حق الجهة الإدارية على استرداد ما أنفقته على المبعوث من مالها الخاص بعيداً عن قيمة تلك المنحة والتي كان شخص المقدمة له محل اعتبار عند الجهة المانحة. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 27/ 7/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3190 لسنة 32 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات بجلسة 1/ 6/ 1986 في الدعوى رقم 17 لسنة 35 ق. والقاضي بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بصفته مبلغ 2948.16 جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 2/ 10/ 1980 وحتى تمام الوفاء والمصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 4334.508 جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد تم إعلان المطعون ضدهما بتقرير الطعن على النحو الموضح بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 2/ 12/ 1998 وتدول بجلساتها على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 17/ 3/ 1999 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 25/ 5/ 1999. وتدول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة 2/ 5/ 2000، وبتلك الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 16/ 5/ 2000، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 17 لسنة 39 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 2/ 10/ 1980 اختصم فيها المطعون ضدهما وطلب في ختامها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغ 4334.508 جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات. وذكر المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أن المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) أوفد في بعثة علمية إلى أمريكا للحصول على الدكتوراه في هندسة المرور لمدة ثلاث سنوات لصالح جامعة عين شمس بعد أن وقع تعهداً كفله فيه المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الثاني) التزم بمقتضاه بأن يخدم الوزارة أو الجامعة التابع لها المدة المحددة قانوناً والتزم برد جميع ما تصرفه عليه الحكومة بصفته عضواً بالبعثة إذا تركها من تلقاء نفسه. وسافر المدعى عليه الأول إلى مقر دراسته في 25/ 8/ 1961 وحصل على الماجستير في يونيو سنة 1963، ومدت بعثته مراراً حتى 25/ 3/ 1967 ثم وفق بناء على طلبه على مد البعثة حتى 10/ 6/ 1967 على أن يطالب العضو المذكور بالعودة فوراً فإن لم يعد يطالب ضامنه بالنفقات وهو ما وافقت عليه اللجنة التنفيذية للبعثات.
وأضاف المدعي أن المدعى عليه الأول أبدى استعداده لتقسيط المبلغ على أقساط شهرية قيمة كل منهما 300 دولار، وأن جملة ما سدده هو 1552.922 جنيهاً من جملة الدين البالغ 5887.430 جنيهاً وتوقف عن السداد وتبقى بذلك في ذمته مبلغ 4334.508 جنيهاً منذ آخر قسط قام بسداده بتاريخ 29/ 6/ 1972 وهو ما يتعين إلزامه وضامنه بسداده وفوائده القانونية. وخلص المدعي إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 1/ 6/ 1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. وأقامت المحكمة قضاءها على أن مثار الخلاف في موضوع الدعوى يدور حول مدى التزام المدعى عليهما بمبلغ المنحة المقدمة من مؤسسة فولبرايت، وما إذا كانت مقدمة - للمدعى عليه الأول بصفة شخصية أم بصفته عضواً في بعثة حكومة جمهورية مصر العربية. واستطردت المحكمة أن المدعي (الطاعن) قد ذهب في مذكرته المقدمة أثناء فترة حجز الدعوى للحكم إلى أن ما تم صرفه عن طريق هيئة فولبرايت يدخل ضمن المنح المقدمة للدولة وليست منحة شخصية، وأن ما يقول به المدعي في هذا الشأن هو من قبيل القول المرسل الذي لا يسانده بيان أو مستند يدعم أساسه مما يقتضي معه طرحه جانباً واستبعاد المبلغ الذي تقاضاه من الهيئة المذكورة ومقداره 1786.318 جنيهاً وفقاً للثابت بحافظة مستندات الإدارة المقدمة بجلسة التحضير في 4/ 12/ 1980. وبذلك فإن المبلغ المتبقي بعد استبعاد ما تقاضاه المدعى عليه الأول من هيئة فولبرايت هو 2948.160 جنيهاً. وأن هذا المبلغ يلتزم المدعى عليهما متضامنين بأدائه للمدعي وفقاً لنص المواد 31 و32 و35 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح وإعمالاً للتعهد الصادر منهما. وأنه لما كان هذا المبلغ محدد المقدار وقت طلبه وتأخر المدين في الوفاء به فمن ثم فإنه يلزم وفقاً لنص المادة 226 من القانون المدني بأداء فوائد تأخيرية عنه قدرها 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام الوفاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك فيما قضى به من استبعاد مبلغ 1386.318 جنيهاً قيمة ما تم صرفه عن طريق هيئة فولبرايت إذ إن الثابت من الأوراق أن هذه المنحة مقدمة لجامعة عين شمس التي سمحت للمدعى عليه الأول بالسفر لمقر البعثة على حساب تلك الهيئة، وذلك لما هو مستقر عليه من أن المنح إنما تقدم للدولة بصفتها هذه وليست للأشخاص، وهذا هو الأصل وعلى من يدعي غيره أن يثبت ادعاءه. وأنه كان على المحكمة أن تكلف المدعى عليهما بإثبات أن المنحة شخصية وليست حكومية باعتبار أن البينة على من ادعى. وإذ هي قد أغفلت ذلك فإنها تكون قد خالفت صحيح حكم القانون مما يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول كان يشغل وظيفة معيد بكلية الهندسة جامعة أسيوط ثم أوفد في بعثة علمية إلى أمريكا لمدة ثلاث سنوات للحصول على الدكتوراه في هندسة المرور لصالح جامعة عين شمس، وسافر إلى مقر دراسته بتاريخ 25/ 8/ 1961 وحصل على الماجستير في يونيو سنة 1963 وشرع في دراسة الدكتوراه وتم مد مدة دراسته حتى 15/ 6/ 1967. ولما لم يحصل على درجة الدكتوراه حتى هذا التاريخ، وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات بجلسة 12/ 9/ 1967 على إنهاء إجازته الدراسية ومطالبته وضامنه بالنفقات التي بلغت 8839.970 جنيهاً شاملة مبلغ 1386.318 جنيهاً - قيمة ما تم صرفه عن طريق هيئة فولبرايت ومبلغ 7016.732 جنيهاً - قيمة ما تم صرفه عن طريق مكتب البعثات بواشنطن (محسوبة على أساس أن سعر الدولار هو 43.739 قرشاً) وذلك بخلاف مبلغ 561.338 جنيهاً مصاريف إدارية قامت الجهة الإدارية باستبعادها بعد ذلك. وقد قام المطعون ضده الأول بسداد مبلغ 6800 دولار أمريكي على دفعات شهرية حسب خطة السداد الودي التي اتفق عليها مع جهة الإدارة، وهي تعادل مبلغ 2952.570 جنيهاً وتوقف عن السداد وبدأ ينازع تلك الجهة في قيمة المبالغ التي تم صرفها له عن طريق هيئة فولبرايت بمقولة أن قيمة هذه المنحة مقدمة له بصفة شخصية. وبتاريخ 2/ 10/ 1980 أقام الطاعن الدعوى رقم 17 لسنة 39 ق مثار الطعن الماثل بطلب إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأداء مبلغ 4334.508 جنيهاً فقط شاملاً مبلغ 1386.318 جنيهاً قيمة ما تم صرفه عن طريق هيئة فولبرايت. وبجلسة 1/ 6/ 1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه باستبعاد هذا المبلغ من المطالبة - وأن هذا الشق من الدعوى هو مثار الطعن الماثل.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل ينحصر في بيان مدى التزام المطعون ضدهما بالمبالغ التي صرفتها هيئة فولبرايت للمطعون ضده الأول.
ومن حيث إن الأصل، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن المنح التي تقدمها الهيئات والمؤسسات العلمية الخارجية مقررة للدولة وتدخل في نطاق التبادل الثقافي والعلمي بين الدول المختلفة، وهي ليست مقررة لأفراد بذواتهم وأن الدولة تقوم بترشيح أحد أبنائها عن طريق إيفاده إلى الخارج للاستفادة من هذه المنحة. وأن هذا الإيفاد يخضع لأحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح بما نص عليه في المادة 31 منه من أن "يلتزم عضو البعثة أو الإجازة أو المنحة بخدمة الجهة الموفدة... لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها في البعثة أو الإجازة بحد أقصى سبع سنوات لعضو البعثة وخمس سنوات لعضو الإجازة الدراسية، وبما نصت عليه المادة 33 منه من أنه "يجوز للجنة التنفيذية للبعثات أن تقرر إنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام القانون. كما يجوز لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التي صرفت له إذا خالف أحكام المادتين 25 و31".
أما القول بأن المنحة مقدمة من الجهة الأجنبية لفرد معين بذاته بصفة شخصية بعيداً عن المنح التي تقدم للدولة لا يفيد منها غيره، فهو على خلاف الأصل يجب إقامة الدليل عليه، وعندئذ يقتصر حق الجهة الإدارية على استرداد ما أنفقته على المبعوث من مالها الخاص بعيداً عن قيمة تلك المنحة والتي كان شخص المقدمة له محل اعتبار عند الجهة المانحة.
ومن حيث إنه بإعمال مقتضى ما تقدم على واقعة الطعن الماثل، فلما كان الثابت من الأوراق أن إيفاد المطعون ضده الأول إلى أمريكا قد تم ابتداء عن طريق اللجنة التنفيذية للبعثات ولصالح جامعة عين شمس للحصول على الماجستير ثم الدكتوراه في هندسة المرور، وأن جانباً من هذه المنحة كان مقدماً من هيئة فولبرايت الأمريكية إلا أن المطعون ضده المذكور لم يقدم أية مستندات تقطع بأن هذه المنحة كانت مقدمة له بصفة شخصية في حين أن واقع الحال يكشف عن أنها كانت مقدمة للدولة التي وقع اختيارها على ترشيحه للإفادة منها لصالح جامعة عين شمس بعد أن كان يعمل معيداً بجامعة أسيوط. ومتى كان الأمر كذلك وإذ ثبت إخلال المطعون ضده المذكور بالتزامه بالعودة إلى أرض الوطن وخدمة الجهة الموفدة المدة المحددة قانوناً فمن ثم فإنه يلتزم وضامنه بسداد قيمة هذه المنحة والبالغ مقدارها 1386.318 جنيهاً (مقدرة على أساس أن سعر الدولار آنذاك 43.739 قرشاً) ضمن باقي المبالغ التي أنفقتها عليه الجهة الإدارية الطاعنة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر وقضى باستبعاد قيمة تلك المنحة من إجمالي المبالغ المطالب بها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين الحكم بتعديله إلى إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 4334.508 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدني وذلك اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 2/ 10/ 1980 وحتى تمام الوفاء.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 4334.508 جنيهاً (أربعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وثلاثون جنيهاً، 508 مليماً) والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 2/ 10/ 1980 وحتى تمام الوفاء والمصروفات عن درجتي التقاضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق