جلسة 13 من نوفمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان عزوز - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: فريد نزيه تناغو ومحمد عادل حسيب ويسري هاشم الشيخ ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(19)
الطعن رقم 2906 لسنة 41 قضائية عليا
دعوى - قبول الدعوى - تقديم التظلم - مدى وجوب الالتزام بالأسبقية الزمنية للتظلم على رفع الدعوى.
لا يشترط لقبول الدعوى الالتزام بالأسبقية الزمنية لتقديم التظلم على رفع الدعوى ما دام أن التظلم قد قدم فعلاً خلال الميعاد المقرر قانوناً لتقديم التظلم، وما دام انتهى التظلم أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها إلى رفض الإدارة له صراحة أو ضمناً بانتهاء الميعاد المقرر للبت فيه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 7/ 5/ 1995 أودع الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن بتوكيل رسمي عام رقم 174/ 1994/ ب توثيق جنوب القاهرة قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 19/ 3/ 1995 في الطعن رقم 618 لسنة 20 ق المقام من المطعون ضده ضد الطاعن والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - للأسباب التي استند إليها - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً - أصلياً - بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته قبل الميعاد، واحتياطياً برفض الطعن المقام من المطعون ضده رقم 618 لسنة 20 ق طنطا مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 28/ 5/ 1995 تم إعلان تقرير الطعن.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 25/ 11/ 1998 وتم تداوله على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 23/ 12/ 1998 إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة - موضوع) لنظره بجلسة تحددها المحكمة ويخطر بها الخصوم، ونظرت المحكمة الطعن بجلسة 20/ 2/ 1999 وتم تداوله على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/ 10/ 1999 قررت المحكمة الحكم في الطعن بجلسة 6/ 11/ 1999 ومد أجل النطق بالحكم لإتمام المداولة لجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن رقم 618 لسنة 20 ق بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 23/ 9/ 1992 ضد الطاعن، طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 561 لسنة 1992 بتاريخ 27/ 6/ 1992 مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وذكر شرحاً لطعنه أنه يعمل ناظر معهد شبرا قاص الابتدائي الأزهري، وبتاريخ 27/ 6/ 1992 صدر القرار المطعون فيه متضمناً مجازاته بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر الشهري ونقله خارج المحافظة، وإبعاده عن الأعمال المالية والإدارية بمقولة أنه أضاف اسمين من العاملين بالمعهد في الصورة الفوتوغرافية الواردة للمعهد بكتاب التأمين الصحي على أنه تم عرضهما على لجنة اللياقة، وأنهما لائقين، وأضاف الاسمين باستمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي بالمخالفة للحقيقة والواقع، وأضاف الطاعن قوله أنه تظلم من القرار المطعون فيه، إلا أنه لم يتلق رداً فبادر بإقامة طعنه تأسيساً على أن إضافته للاسمين هو تقرير للحقيقة والواقع، وخلص إلى طلباته.
وبجلسة 19/ 3/ 1995 صدر الحكم المطعون فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطعن قد أقيم في المواعيد القانونية مستوفياً أوضاعه الشكلية، وفي الموضوع أقامت قضاءها على أن الثابت من الاطلاع على استمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي بمعهد شبرا قاص الابتدائي المنسوب للطاعن - المطعون ضده - الإضافة عليها، يبين أنها موقعة من الطاعن وثابت بها أسماء العاملين المستجدين بالمعهد ومنهم....... و....... ضمن المسلسل العادي ومدون في خانة الملاحظات أن المذكورتين أجرى لهما كشف طبي حسب أوراق التعيين وموقع على ذلك من الطاعن، والثابت من الأوراق أن المذكورتين معينتان بالقرار رقم 45 ق 25/ 1/ 1991 الأمر الذي تكون معه إضافة اسمهما بكشف حصر المنتفعين بالتأمين الصحي بوصفهما من العاملين بالمعهد لا يتضمن مخالفة للحقيقة أو الواقع ولا تكون ثمة مخالفة على الطاعن في هذا الشأن، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح يبرره قانوناً، ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولاً: مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله: وذلك لأن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 27/ 6/ 1992 وتظلم المطعون ضده منه بتاريخ 28/ 7/ 1992، إلا أنه أقام طعنه بتاريخ 23/ 9/ 1992 وكان المتعين عليه إقامة طعنه على القرار المطعون فيه في تاريخ لاحق اعتباراً من 28/ 9/ 1992، وفقاً لما تقضي به المادة 12 من القانون رقم 43 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم كان يتعين على الحكم المطعون فيه القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته قبل الميعاد، إلا أنه لم يفعل، وبذلك يكون قد خالف القانون.
بالإضافة إلى ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة بنوده، في حين أن الشق الخاص بنقل المطعون ضده وإبعاده عن الأعمال الإشرافية والمالية تختص بنظره المحكمة الإدارية بطنطا، ومن ثم تكون المحكمة قد قضت فيما لا تختص به مما يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه.
ثانياً: الفساد في الاستدلال. وذلك لأن المطعون ضده أقر في التحقيقات أنه قام بإضافة أسماء العاملين إلى استمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي لتحطيم الروتين وكان يتعين عليه عدم إضافة أسماء العاملين إلا بعد ورود ما يفيد اللياقة الصحية من التأمين الصحي، حيث يثبت مدى أحقيتهما في الانتفاع بمزايا التأمين الصحي من عدمه، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً موافقاً لحكم القانون، ويكون الحكم المطعون فيه بإلغائه، قد شابه الفساد في الاستدلال، ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن القرار رقم 561 لسنة 1992 قد صدر بمجازاة المطعون ضده ونقله لما نسب إليه من خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي، وسلوكه في تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن قام بإضافة اسمي كل من المدرستين/ ....... و....... ضمن الصورة الفوتوغرافية بكتاب التأمين الصحي وعلى أنهما تم عرضهما على لجنة اللياقة وقررت أنهما لائقتين للوظيفة، وكذا قيامه بإضافة الاسمين ضمن استمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي بالمخالفة للحقيقة والواقع، وكانت الشئون القانونية بمنطقة الغربية الأزهرية قد أجرت تحقيقاً إدارياً فيما أبلغت به إدارة شئون العاملين من أنه حضر إليهما/ ....... الكاتب بمعهد شبرا قاص يوم 14/ 12/ 1991 ومعه استمارة تأمين صحي بأسماء العاملين بالمعهد مرفقاً بها صورة خطابات الهيئة العامة للتأمين الصحي بأنه تم الكشف الطبي عليهم، وبالرجوع إلى أصل صورة هذه الخطابات، تبين أن المعهد أضاف اسم على كل خطاب من خطابات التأمين الصحي.
وبسؤال/ .......، كاتب بمعهد شبرا قاص، قرر أنه أحضر يوم 14/ 12/ 1991 استمارة التأمين الصحي ومرفق بها صورة فوتوغرافية لخطابات التأمين الصحي، وأنه تم إضافة اسم/ ...... ضمن الاستمارة الواردة بصورة الكتاب المؤرخ 29/ 3/ 1991 وإضافة اسم/ ....... ضمن الصورة الفوتوغرافية للكتاب المؤرخ 10/ 4/ 1991، وأن المطعون ضده هو الذي قام بهذه الإضافة وأنه يحمل منه كتاب موجه إلى مدير عام منطقة طنطا الأزهرية متضمناً إدراج اسم المذكورتين ضمن استمارة التأمين الصحي لعدم ورود اسمهما بكتاب التأمين الصحي، حرصاً على عدم ترك المدرسة والتحجج باستخراج بطاقة صحية.
وبسؤال/ ........ (المطعون ضده) القائم بعمل النظارة بالمعهد المذكور، قرر أنه أضاف الاسمين المشار إليهما بالصورة الفوتوغرافية لكتاب التأمين الصحي وباستمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي وذلك لاستخراج بطاقة تأمين صحي لهما، وأنه لم يرد اسمهما ضمن كتاب التأمين الصحي.
وخلصت الشئون القانونية إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد المطعون ضده، فصدر القرار المطعون فيه بمجازاته ونقله لما نسب إليه.
ومن حيث إنه لما كان ما نسب إلى المطعون ضده، أنه قام بإضافة اسم كل من المدرستين/ ....... و........ ضمن الصورة الفوتوغرافية بكتاب التأمين الصحي، على أنهما تم عرضهما على لجنة اللياقة، وقررت أنهما لائقتين للوظيفة، وكذلك قيامه بإضافة هذين الاسمين ضمن استمارة حصر المنتفعين بالتأمين الصحي، ولم يثبت من الأوراق أن العاملتين المضاف اسمهما بالكشف وبصورة كتاب التأمين الصحي لم يتم عرضهما على لجنة اللياقة، أو أنهما عرضتا، وقررت اللجنة عدم لياقتهما للوظيفة كما لم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد عدم صحة ما ذكره المطعون ضده، بل إن الثابت من الأوراق أن المذكورتين معينتان بالأزهر بالقرار رقم 45 بتاريخ 20/ 1/ 1991 وتم توزيعهما للعمل بمعهد شبرا قاص الابتدائي الأزهري، الأمر الذي تكون معه إضافة اسم المدرستين بكشف حصر المنتفعين بالتأمين الصحي بوصفهما من العاملين بالمعهد، لا يتضمن مخالفة للحقيقة أو الواقع، ويكون القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها من أصول لا تنتجها، وغير قائم على سبب صحيح، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغائه، فإنه يكون قد أقام قضاءه على أساس سليم من الواقع والقانون مبرءا من عيب الفساد في الاستدلال الذي نسبه الطاعن إليه في عريضة طعنه.
كما أنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن في أوجه طعنه على الحكم المطعون فيه، أنه قضى بإلغاء القرار المطعون فيه في شقه الخاص بنقل المطعون ضده خارج منطقة الغربية الأزهرية بعيداً عن الأعمال المالية والإدارية، مع أن ذلك الشق لا يعد من الجزاءات التأديبية التي تختص بها المحاكم التأديبية، وينعقد الاختصاص بنظره إلى المحكمة الإدارية بطنطا ذلك لأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المحاكم التأديبية تختص بنظر الطعون المقامة ضد الجزاءات التأديبية المنصوص عليها صراحة في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وتلك المنصوص عليها في قانون نظام العاملين بالقطاع العام، وأن هذا الاختصاص يشمل كذلك نظر الطعون المقدمة في القرارات المرتبطة بقرار الجزاء الصريح برابطة لا تقبل التجزئة، بسبب وحدة الموضوع والسبب والغاية متى كانت هذه القرارات تستند إلى ذات المخالفة التي جوزي العامل من أجلها، وتستهدف في ذات الوقت معاقبته على ارتكاب هذه المخالفة.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن صاحب الفضيلة الأمام الأكبر شيخ الأزهر قد أصدر القرار رقم 561 لسنة 1992 ليس فقط بمجازاة المطعون ضده بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر الشهري، وإنما أيضاً بنقله خارج منطقة الغربية الأزهرية لصالح العمل بعيداً عن الأعمال الإدارية والمالية وذلك لما أسند إليه من مخالفات وقد قام قرار النقل على ذات الوقائع والأسباب التي جوزي عنها المطعون ضده بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر ومن ثم يكون قرار النقل مرتبطاً بقرار الجزاء الأصلي وقائماً على ذات سببه، ومن ثم فإن المحكمة التأديبية التي تختص بنظر الطعن في الجزاء التأديبي الصريح ينعقد لها الاختصاص بنظر قرار النقل المرتبط به برابطة لا تقبل التجزئة وباعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن قد جاء على غير سند من صحيح حكم القانون، ويتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إنه عما ساقه الطاعن في أوجه طعنه على الحكم المطعون فيه، وهو قبوله الطعن رقم 618 لسنة 20 ق شكلاً رغم أن المطعون ضده أقامه قبل انقضاء المواعيد المقررة للبت في التظلم وفقاً للمادة 12 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
فإن المادة 12 المشار إليها تنص على أن: "لا تقبل الطلبات الآتية: أ - ....... ب - الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود: ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم.
ونص البند تاسعاً من المادة 10 من هذا القانون على الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يشترط لقبول الدعوى الالتزام بالأسبقية الزمنية لتقديم التظلم على رفع الدعوى، ما دام أن التظلم قد قدم فعلاً خلال الميعاد المقرر قانوناً لتقديم التظلم، وما دام انتهى التظلم أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها إلى رفض الإدارة له صراحة أو ضمناً بانتهاء الميعاد المقرر للبت فيه.
(من هذا القبيل الحكم الصادر في الطعن رقم 936 لسنة 26 ق جلسة 17/ 1/ 1984 مجموعة السنة 19 ص 486).
ومن حيث إنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 27/ 6/ 1992 فتظلم منه المطعون ضده بتاريخ 28/ 7/ 1992 وإذ بادر بإقامة طعنه على القرار المطعون فيه بتاريخ 23/ 9/ 1992 وانتهت مواعيد البت في التظلم دون الاستجابة له أثناء سير الطعن أمام المحكمة التأديبية بطنطا، مما يعد بمثابة رفض ضمني لتظلمه قبل الحكم في الطعن، ومن ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويتعين لذلك الالتفات عن هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، فإن الطعن على الحكم المطعون فيه يكون قد جاء على غير سند صحيح من الواقع والقانون، ويتعين لذلك القضاء برفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق