جلسة 23 من يناير سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(43)
الطعن رقم 224 لسنة 40 قضائية عليا
برك ومستنقعات - ردمها - قواعد تملك الدولة لها.
القانون رقم 103 لسنة 1939 بردم البرك والمستنقعات، الأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 بتقرير بعض التدابير لإزالة البرك والمستنقعات، القانون رقم 76 لسنة 1946 بردم البرك والمستنقعات، القرار بقانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها.
الدولة كانت تحرص دائماً على ردم البرك والمستنقعات وذلك منعاً لانتشار الأمراض التي كان يسببها البعوض الذي وجد فيها بيئة صالحة للتكاثر - أصدرت الدولة القوانين المتعاقبة في هذا الشأن - القانون رقم 76 لسنة 1946 بشأن ردم البرك والمستنقعات هو أول قانون خول الدولة ممثلة في وزارة الصحة العمومية ومجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية حق تملك البرك والمستنقعات بشرط نزع ملكيتها - الأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 لم يكن يملك الدولة أراضي البرك التي تقوم بردمها، وإنما كان يجيز للحكومة تحصيل المصاريف التي تنفقها في أرض الغير بطريق الحجز الإداري، إلا إذا اختار صاحب العقار دفع المصاريف واسترداد العقار أو التنازل عنه للحكومة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 15/ 11/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 224 لسنة 40 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3456 لسنة 37 ق بجلسة 16/ 9/ 1993 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 2/ 1996، وبجلسة 15/ 7/ 1996 قررت إحالته إلى هذه المحكمة وقد نظرته المحكمة بجلساتها حتى أصدرت حكمها بجلسة 27/ 6/ 1999 بوقف الطعن جزاء لمدة ثلاثة أشهر، وإذ قامت هيئة قضايا الدولة خلال الأجل المقرر قانوناً بتعجيل الطعن لجلسة 5/ 12/ 1999 وفيها قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 3456 لسنة 37 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 23/ 4/ 1983 طلبا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حي غرب الجيزة رقم 80 الصادر بتاريخ 12/ 12/ 1982 بإزالة التعدي على قطعة أرض مساحتها 400 متراً بشارع أتوسبير المملوكة للدولة وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات والأتعاب.
وقالا بياناً للدعوى أن الأرض المتنازع بشأنها كانت مملوكة لكل من........ و........ ضمن تقسيم مدينة الأندلس الصادر باعتماده قرار محافظ الجيزة رقم 48 في 12/ 2/ 1964 وقد آلت بطريق الشراء إلى الأول بموجب عقد أبرم بينه وبين........ ........ وصدر حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 717 لسنة 1954 مدني كلي القاهرة المشهر برقم 7182/ 1954 وقد آلت من بعد إلى........ بعقد مؤرخ 3/ 5/ 1997 حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 4621/ 1974، وبتاريخ 18/ 6/ 1982 باع هذا الأخير للمدعين أرض النزاع ووضعا يدهما عليها ثم علما بأن حي غرب الجيزة أصدر القرار المطعون فيه بزعم أن الأرض مملوكة للدولة فتظلما منه في 2/ 2/ 1983 إلا أنهما لم يتلقيا رداً فأقاما هذه الدعوى استناداً إلى عدم صحة السبب الذي بني عليه القرار لأن الأرض لم تكن مملوكة للدولة ولم تظهر في أي وقت بمظهر المالك ولم يثبت ملكيتها لها بالشهر العقاري، كما نفى المدعيان أن أرض النزاع كانت بركة تم رمها بواسطة الدولة وإلا ما كان قد تم تسجيل التصرف بشأنها بأسماء المذكورين سلفاً.
وبجلسة 16/ 9/ 1993 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن تملك الدولة أراضي البرك التي تقوم بردمها لم يكن يتم بموجب الأمر العسكري رقم 363/ 1943 وإنما تم ذلك بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 1946 وبالتالي فإن البرك التي تم ردمها قبل العمل بهذا القانون لم تئول إلى الدولة بمجرد إجراء الردم، فهذه الملكية إنما تنصرف فحسب إلى ما يكون قد تم ردمه من برك بعد القانون رقم 76 لسنة 1946، وعلى ذلك وإذ أقرت الجهة الإدارية بأن أرض النزاع قد ردمت بمقتضى الأمر العسكري رقم 363/ 1943 قبل العمل بالقانون الأخير فإن تلك الأرض لم تدخل ملك الدولة، وإذ قدم المدعيان ما يثبت ملكيتهما لتلك الأرض ولم تدحض ذلك الجهة الإدارية أو تقوم بمناقضته فمن ثم لا يكون لهذه الجهة ثمة حق في التمسك بملكية الدولة لأرض النزاع وبالتالي يكون قرار إزالة التعدي والقائم على ملكية الدولة لهذه الأرض غير مستند إلى سبب صحيح من الواقع والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه إذ تنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1960 الخاص بالبرك والمستنقعات التي قامت الدولة بردمها على أن: "تئول إلى الدولة بحكم هذا القانون..... ملكية أراضي البرك التي ردمت بالتطبيق لأحكام الأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 ولم ترد تكاليف ردمها بعد، ولم يتنازل عنها أصحابها، وحكم هذا النص أن أراضي البرك التي ردمت بالأمر العسكري المذكور قد بقيت على ملك أصحابها متى قاموا بسداد تكاليف الردم ولم يتنازلوا عنها وعلى ذلك فإن هذه الأراضي تكون ملكاً للدولة نفاذاً لأحكام هذا القانون متى كان أصحابها لم يذعنوا لكافة التشريعات السابقة والتي أعطتهم الفرصة تلو الفرصة لاسترداد هذه الأرض بسداد تكاليف ردمها إلى أن صدر التعديل التشريعي الأخير بالقانون رقم 97 لسنة 1964 وألحق ملكية أراضي البرك التي ردمت بمقتضى أحكام الأمر العسكري المشار إليه، ولم تسدد تكاليف ردمها بملكية الدولة، وإذ لم يطبق الحكم المطعون فيه أحكام هذا القانون وإنزاله على واقعات النزاع مما يجعله حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن الدولة كانت تحرص دائماً على ردم البرك والمستنقعات وذلك منعاً لانتشار الأمراض التي كان يسببها البعوض الذي وجد فيها بيئة صالحة للتكاثر، ومن ثم أصدرت الدولة القوانين المتعاقبة في هذا الشأن، ومن أول هذه القوانين رقم 103/ 1939 بردم البرك والمستنقعات وبعد أن عنى بتعريف البركة أو المستنقع وضرورة ردمها أو تجفيفها ويعلن المحافظ أو المدير ذلك إلى مالك المستنقع المقيد اسمه في المكلفة أو واضع اليد عليه إذا كان الاسم غير وارد بالمكلفة بإجراء الردم أو التجفيف، وكذلك أجاز هذا القانون لمالك المستنقع أن يتخلص من واجب الردم أو التجفيف بأن يتنازل عنه للحكومة في مقابل الثمن المحدد له، وإذا عجز المالك عن ذلك أيضاً فيسجل هذا وتودع وزارة الصحة بخزينة المحكمة الثمن المقدر لأرض المستنقع، ثم صدر الأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 بتقدير بعض التدابير لإزالة البرك والمستنقعات فأوجب على ملاك هذه البرك والمستنقعات أو واضعي اليد عليها أن يقدموا في خلال مدة محددة إقراراً كتابياً بتعهدهم بإجراء أعمال الردم والصرف التي تقتضيها إزالة هذه المستنقعات في ميعاد محدد، وألا يتم الاستيلاء على هذه المستنقعات وكذلك الاستيلاء على المستنقعات التي قدم ملاكها أو واضعي اليد إقرارات بالقيام بأعمال الردم ولكنهم لم يقوموا بها، كما تضمن هذا الأمر أنه يتم تحصيل المصاريف التي تنفقها الحكومة في أرض الغير بطريق الحجز الإداري إلا إذا اختار صاحب العقار دفع المصاريف واسترداد العقار أو التنازل عنه للحكومة.
ثم صدر القانون رقم 76 لسنة 1946 بردم البرك والمستنقعات الذي حل محل القانون رقم 103 لسنة 1939 السابق الإشارة إليه وقد تضمن في المادة الأولى منه تعريف المستنقع أو البركة وتحديد الجهة التي لها الحق في نزع ملكيتهما لردمهما أو تجفيفهما، وخول الحكومة في مادته الثانية حق نزع ملكية المستنقعات لمباشرة ردمها أو تجفيفها، على أن تتبع في جميع الأحوال قبل عمليات الردم أو التجفيف الإجراءات المنصوص عليها في قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
كما أجاز للمالك المنزوعة ملكيته استرداد هذه الملكية مقابل الوفاء بتكاليف الردم أو التجفيف ورد الثمن الذي يكون قد قبضه نتيجة لنزع الملكية، على أن يسقط هذا الحق إذا لم يستعمل في ميعاد غايته سنة واحدة من تاريخ الإعلان عن إتمام الردم أو التجفيف.
ثم صدر القرار بقانون رقم 177 لسنة 1960 في شأن البرك والمستنقعات التي قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76/ 1946 المشار إليه.
وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 177 لسنة 1960 أنه وقد تم ردم مساحات واسعة من البرك قبل إتمام نزع ملكيتها وقد انفق على ذلك مبالغ طائلة، مما ترتب عليه أن ظلت تلك البرك والمستنقعات بعد ردمها ملكاً لأصحابها ينتفعون بها بغير مقابل لأن وجه المنفعة العامة يجب أن يكون قائماً وقت صدور قرار نزع الملكية، وحرصاً على عدم ضياع أموال الدولة التي صرفت على عمليات الردم صدر القانون رقم 177/ 1960.
وقد نص في مادته الأولى على أن تئول إلى الدولة ملكية أراضي البرك والمستنقعات التي ردمتها أو جففتها الحكومة بعد العمل بالقانون رقم 76/ 1964 السابق الإشارة إليه.
وذلك دون اتخاذ إجراءات نزع ملكيتها كما تئول إلى الدولة كذلك ملكية ما تقوم بردمه أو تجفيفه من أراضي البرك والمستنقعات إذا كانت مسبوقة بإجراءات نزع الملكية ولكنها لم تتم، وخول لملاكها استرداد ملكيتهم لها خلال سنة من تاريخ نشر قرار وزير الإسكان والمرافق بتحديد موقع وحدود هذه الأراضي وذلك مقابل دفع قيمة الأرض في هذا التاريخ أو تكاليف الردم أيهما أقل، ثم صدر القانون رقم 97 لسنة 1964 معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه وقضى أن تئول إلى الدولة ملكية أراضي البرك والمستنقعات التي تم ردمها بعد العمل بأحكام القانون رقم 76/ 1946 دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات نزع ملكيتها في جميع الأحوال ثم صدر القانون رقم 57/ 1978 في شأن التخلص من البرك والمستنقعات ليحل محل القوانين السابقة التي عنيت بهذا الأمر وأجاز في المادة الثالثة عشر منه لملاك البرك التي تم ردمها وفقاً للقوانين السابقة ولم تؤد تكاليف ردمها أو يتنازل عنها أصحابها وانقضت مواعيد استردادها وفقاً لأحكام تلك القوانين حق شرائها بثمن يعادل تكاليف ردمها مضاف إليه مصاريف إدارية وفوائد على أن يقدم طلب الشراء خلال ثلاثة أشهر من 1/ 9/ 1978 تاريخ العمل بهذا القانون.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن القانون رقم 76 لسنة 1946 بردم البرك والمستنقعات هو القانون الأول الذي خول الدولة ممثلة في وزارة الصحة العمومية ومجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية حق تملك تلك البرك والمستنقعات بشرط نزع ملكيتها، أما الأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 فلم يكن يملك الدولة أراضي البرك التي تقوم بردمها وإنما كان يجيز للحكومة تحصيل المصاريف التي تنفقها في أرض الغير بطريق الحجز الإداري إلا إذا اختار صاحب العقار دفع المصاريف واسترداد العقار أو التنازل عنه للحكومة.
وبالرجوع إلى قراري محافظ الجيزة رقم 1983 لسنة 1977 بشأن تحديد مواقع البرك والمستنقعات التي آلت ملكيتها للدولة طبقاً للقانون رقم 1777 لسنة 1960 فقد قرر في مادته الأولى بأن البرك ومنها الأرض محل النزاع إنما ردمت بالأمر العسكري رقم 363 لسنة 1943 فإن تلك الأرض لم تئول إلى الدولة وإذ لم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد استيلاءها على تلك البرك أو أن أصحابها لم يقوموا هم بإجراء أعمال الردم، وفي المقابل فإن المطعون ضدهم قدموا مستندات تفيد ملكية البائعين لهم وإذا كان المطعون ضدهم قد اشتروا بعقد ابتدائي إلا أنه لما كان المناط في إزالة التعديات على أملاك الدولة ألا يكون ثمة سند جدي لوضع اليد عليها، فإنه في الحالة الماثلة ولما كان لبائعي المطعون ضدهم سند ملكية لأرض النزاع وللمطعون ضدهم سند في وضع يدهم على أرض النزاع، وفي ذات الوقت فإنه وفقاً لما سبق بيانه فإن الأرض محل النزاع لم يثبت ملكيتها للدولة بمقتضى القانون رقم 177 لسنة 1960 وعليه فلا يكون سبيل الجهة الإدارية في استرداد تلك الأرض هو إصدار القرار المطعون فيه بإزالة التعدي عليها وإنما عليها اللجوء للقضاء للفصل في هذا النزاع، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على أساس من الواقع والقانون جديراً بالإلغاء، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقاً وأحكام القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق