الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 16 يناير 2025

الطعن 2764 لسنة 34 ق جلسة 25 / 1 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 1 ق 73 ص 733

جلسة 25 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، وعلي فكري حسن صالح، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(73)

الطعون رقم 2764 لسنة 34 القضائية

تراخيص بناء - مخالفات البناء - طبيعة الحكم الصادر بالإزالة.
المواد 16، 18، 19 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء معدلاً بالقانون رقم 30 لسنة 1983.
الحكم بإزالة البناء المخالف يعد عقوبة جنائية قصد بها محو الخطر الذي أحدثته المخالفة - تنفيذ الحكم يكون بإزالة الأثر الناشئ عن المخالفة - جريمة البناء بدون ترخيص هي جريمة وقتية - إذا تعددت اعتبرت جريمة متتابعة الأفعال - الحكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو ينكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم - المخالفات التي وقعت في ظل العمل بالقانون رقم 106 لسنة 1976 تخضع للعقوبات المنصوص عليها فيه بما فيها الإزالة أو الهدم - لا تسري القوانين اللاحقة على ارتكابها إلا ما كان منها أصلح للمتهم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 18/ 7/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2764 لسنة 37 قضائية عليا - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة المنازعات والأفراد - بجلسة 2/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 4728/ 37 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه (قرار محافظ الجيزة رقم 300 لسنة 1983 الصادر بتاريخ 17/ 7/ 1983 بإزالة الأدوار الرابع عشر وما يعلوها بالعقار رقم 3 شارع شهاب بالمهندسين) وألزمت الجهة الإدارية المصروفات - وطلب الطاعنان - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - من دائرة فحص الطعون.
أولاً: وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ثانياً: إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبرفض الدعوى وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وبعد تحضير الطعن أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً - بالرأي القانوني - ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
ونظرت الطعن الدائرة الأولى - فحص طعون - بجلسة 21/ 11/ 1988 والجلسات التالية - ثابت بها حضور طرفي الخصومة في الطعن - وبجلسة 16/ 2/ 1991 قررت الدائرة الأولى إحالة الطعن للدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا - التي نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 2/ 11/ 1993 إصدار الحكم بجلسة اليوم - وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات اللازمة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر الأوراق المرفقة بالطعن - أن المطعون ضدهم الأربعة الأول - أقاموا الدعوى رقم 4728/ 37 ق ضد الطاعنين - تدخل فيها المطعون ضده الخامس منضماً إلى المدعين يطلب وقف تنفيذ القرار 163 لسنة 1983 بإزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض - مطالبين بالحكم لهم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ الجيزة الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1983 بهدم الأدوار العلوية من العقار رقم 3 شارع شهاب بالمهندسين المملوك للمدعية والتي بنيت بالمخالفة لترخيص البناء رقم 193/ 1980 مع الإذن بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان طبقاً للمادة 286 مرافعات كما طلب الخصم المتدخل المطعون ضده الخامس - وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 163 لسنة 1983 إزالات بإزالة كامل العقار حتى سطح الأرض. وأثناء المرافعة أضاف المدعون إلى طلباتهم طلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظة الجيزة رقم 300 الصادر في 17/ 7/ 1983 بإزالة الأدوار من الرابع عشر بما يعلوه بالعقار المشار إليه مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار رقم 163 لسنة 1983 بإزالة العقار بكامله حتى مسطح الأرض وكان المدعون (المطعون ضدهم) قد حصلوا على ترخيص البناء رقم 193 لسنة 1980 لبناء دور أرضي وأربعة أدوار مكاتب وستة أدوار متكررة وثلاثة أدوار ردود في حدود مبلغ 757500 جنيهاً وذلك بعد صدور موافقة لجنة توجيه أعمال البناء بجلسة 21/ 6/ 1980 وأثناء مرور مهندسي التنظيم بحي شمال الجيزة على العقار المشار إليه - 3 شارع شهاب بالمهندسين بالجيزة - تبين لهم أن ملاك العقار شرعوا في القيام بأعمال مخالفة للترخيص عبارة عن البناء في الردود وإقامة أدوار بدون ترخيص ومخالفة قيود الارتفاع المقررة قانوناً ومقدارها ثلاثون متراً، لذلك تم تحرير المحضر رقم 166 لسنة 1981 بتاريخ 2/ 11/ 1981 لبناء الأدوار الحادي عشر والثالث عشر بدون ردود والرابع عشر فوق الأرضي كامل، وأحيل هذا المحضر إلى نيابة العجوزة، وقيد بجدول محكمة العجوزة برقم 583 لسنة 1982 جنح العجوزة وحكم فيها غيابياً بالغرامة 500 جنيه وضعف رسم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة كما حررت الجهة المختصة بشئون التنظيم ضد ملاك العقار المحضر رقم 227 لسنة 1981 بتاريخ 5/ 12/ 1981 لمخالفة قيود الارتفاع بتعلية الدورين الخامس عشر والسادس عشر فوق الأرضي بكامل المسطح وأحيل المحضر إلى النيابة العامة وقيد بجدول محكمة العجوزة برقم 1098 لسنة 1981 جنح العجوزة وحكم فيها بغرامة ألف جنيه وضعف رسم الترخيص والتصحيح واستأنف المدعي الأول هذا الحكم وحكم في الاستئناف بجلسة 23/ 3/ 1983 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 14/ 3/ 1982 حرر المسئولون بالحي ضد ملاك العقار المحضر رقم 95 لسنة 1982 لبناء الدورين السابع عشر والثامن عشر بخرسانة بدون ترخيص وبالمخالفة لاشتراطات المنطقة وقانون المباني وأحيل المحضر إلى محكمة العجوزة حيث قيد بجدولها برقم 3572 لسنة 1982، جنح قسم العجوزة ضد/ ........ بتهمة إقامة بناء بدون ترخيص، وصدر حكم في تلك الجنحة بتغريم المتهم 500 جنيه وضعف الرسم المقرر وتصحيح الأعمال المخالفة، واستأنف المتهم الحكم وقضى فيه غيابياً بجلسة 19/ 10/ 1983 بقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
وبتاريخ 1/ 6/ 1983 تم تشكيل لجنة من مهندسي التنظيم بحي شمال الجيزة لمعاينة العقار وتبين للجنة من المعاينة أنه يوجد بالجهة الشرقية بالدور الأرضي للمبنى سبعة أعمدة بها انبعاج حديد التسليح وانهيار بالخرسانة المسلحة مما نتج عنه ميل للعقار وحدوث خلل مما رأت معه اللجنة أنه يشكل خطورة داهمة على العقار وأوصت اللجنة في تقريرها بأن حالة الخطورة هذه تقتضي إزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض، وبتاريخ 2/ 6/ 1983 وافقت لجنة المنشآت الآيلة للسقوط المنصوص عليها في المادة 57 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على تقرير المعاينة التي قامت بها لجنة تنظيم حي شمال الجيزة وأصدرت قرارها رقم 163 لسنة 1983 بإزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض.
وبتاريخ 28/ 6/ 1983 طالب محافظ الجيزة كلاً من رئيس مجلس مدينة الجيزة ورئيس حي شمال الجيزة بإخطار الملاك بتنفيذ الحكم الصادر ضدهم بتصحيح الأعمال المخالفة وهدم الأدوار العليا من العقار، وقد طعن المدعون في هذا القرار، ثم عدل المدعون (المطعون ضدهم) طلباتهم بإضافة طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 300 لسنة 1983، كما أن الملاك (المطعون ضدهم) قد تقدموا بطلب تصالح عن المخالفات المنسوبة إليهم في 25/ 6/ 1983 وأعلنوا الجهة الإدارية بذلك بموجب إنذار مؤرخ على يد محضر معلن بتاريخ 25/ 6/ 1983.
وبجلسة 15/ 12/ 1983 قضت المحكمة في طلبات المدعين بالآتي:
أولاً: بقبول تدخل......... خصماً منضماً للمدعين في الدعوى.
ثانياً: بعدم الاختصاص بطلب الخصم المتدخل وقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 163 لسنة 1983 وبإحالة هذا الطلب إلى المحكمة الابتدائية للجيزة بإحدى جلساتها التي يخطر بها الخصوم وأبقت الفصل في مصروفاته.
ثالثاً: بعدم قبول طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار المؤرخ 28/ 6/ 1983.
رابعاً: برفض الدفع بعدم الدستورية المبدى في الدعوى.
خامساً: برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 300 لسنة 1983.
سادساً: إلزام المدعين والخصم المتدخل بمصروفات الطلبين المبينين في ثالثاً وخامساً.
وأشارت المحكمة في أسباب حكمها إلى أن ذلك لا يخل بطلب إلغاء القرار من الناحية الموضوعية حيث نظرت المحكمة النقض الموضوع ونظرت طلبات المدعين على إلغاء القرار رقم 300 لسنة 1983 الصادر في 17/ 7/ 1983 بإزالة الأدوار الرابع عشر وما يعلوها بالعقار رقم 3 شارع شهاب الدين بعد أن قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب إلغاء القرار 163 لسنة 1983 بإزالة العقار حتى سطح الأرض وإحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة وكان المدعون قد قدموا ضمن مستنداتهم في الدعوى ما يلي:
1 - التقرير النهائي المؤرخ 28/ 12/ 1985 الذي وضعه المهندسان الاستشاريان للملاك عن حالة العقار بعد التدعيم وأنه أصبح سليماً تماماً ويتحمل جميع الأدوار المنفذة.
2 - صورة ضوئية من إعلانات الأحكام القضائية الجنائية لملاك العقار والصادرة عن محاضر مخالفات البناء المحررة عن العقار موضوع الدعوى بالغرامة وضعف الرسم وتصحيح الأعمال المخالفة وذلك بناء على طلب نيابة الجيزة الكلية.
3 - قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 187 لسنة 1985 بزيادة الحد الأقصى لارتفاع المباني بمدينة الجيزة إلى 35، 52، 90 متراً في بعض المناطق وفيها المنطقة الكائن بها العقار والمذكرة الإيضاحية لذلك القرار وأصبح العقار بارتفاعاته الحالية في نطاق الارتفاع القانوني المسموح به وبذلك يكون قد تم تصحيح المخالفة بأداة تشريعية دون حاجة إلى الإزالة، هذا فضلاً عن أن أحكام محكمة النقض مستقرة على أن الأحكام الصادرة بالإزالة أو بالتصحيح أو استكمال المبنى تعتبر جميعاً من الأحكام الجزائية ومن ثم تسري عليها قاعدة القانون الأصلح للمتهم.
4 - خطاب مؤرخ 5/ 5/ 1984 وارد إلى الأول يفيد أنه يتبين من معاينة العقار موضوع الدعوى بناء على طلبه أن مباني العقار لا تتضمن خروجاً على خط التنظيم.
5 - صورة ضوئية من خطاب مؤرخ 7/ 1/ 1986 من المستشار القانوني للإدارة العامة للشئون القانونية بمحافظة الجيزة إلى المستشار رئيس قسم المحكمة الإدارية العليا بإدارة قضايا الحكومة، للإحاطة بأن المحافظة تطلب إعادة الطعن رقم 580/ 30 ق عليا في حكم رفض طلب وقف التنفيذ المقام من المدعي الأول وآخرين ضد المحافظة للمرافعة وذلك لإعادة النظر في طلب الصلح المقدم من الملاك في شأن الأدوار المخالفة محل الطعن وبجلسة 18/ 2/ 1988 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية استوصت فيها وقائع النزاع ونصوص القانون وانتهت المذكرة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وقالت بالنسبة لقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 187 لسنة 1985 الخاص بزيادة حدود الارتفاع المسموح به للمباني بمدينة الجيزة أنه عبارة عن صورة ضوئية لا حجية لها في الإثبات.
وبجلسة 2/ 6/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات مؤسسة قضاءها على الأسباب التالية:
1 - أن المادة الثالثة - من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توحيد وتنظيم أعمال البناء نصت على أنه "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام رقم 106/ 1976 ولائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون، أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7 يونيه 1985 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون 106 لسنة 1976 في مدة لا تجاوز شهراً فإذا تبين أنها تشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات أو تتضمن خروجاً على خط التنظيم أو لقيود الارتفاع المقررة في قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28/ 1981 وجب عرض الأمر على المحافظ المختص لإصدار قرار بالإزالة أو التصحيح وفقاً للمادة 16 من ذلك القانون وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة.....".
2 - أن المستفاد من نصوص أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أنه حظر في مادته الرابعة إنشاء مباني أو تعليتها إلا بعد الترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وإخطارها بذلك، ويبين في المادة 16 فيه إجراءات التصرف في المخالفة التي تقع بالمخالفة للأحكام كإجراء من إجراءات التنفيذ الإداري والسلطة المختصة بالتصرف في المخالفة وهي المحافظ أو من يفوضه في ذلك وأجاز القانون للمحافظ أو من ينيبه التجاوز عن الإزالة للمخالفة في بعض الحالات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو من سكان العقار أو الجيران أو المارة وقيد القانون سلطة المحافظ في التصرف في بعض المخالفات التي رأى أنها على قدر كبير من الجسامة فجعل الإزالة وجوبية في تلك الحالات بحيث لا يترخص للمحافظ في إصدار قرار بالإزالة فيها وأجاز له في نفس الوقت إصدار قراره في تلك الحالات بالإزالة دون الرجوع إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 منه، وتنحصر تلك الحالات في مخالفة قيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 والقانون رقم 28 لسنة 1981 بشأن الطيران المدني ومخالفة خطوط التنظيم وعدم توفير أماكن تخصص لإيواء السيارات.
3 - أن الأحكام المتقدمة تمثل في الأحكام العامة والدائمة الواجب تطبيقها إعمالاً لنصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 بعد تعديل أحكامه بالقانون رقم 30 لسنة 1983 فقد رأى المشرع - لحكمة قدرها - الخروج على هذه الأحكام العامة والدائمة ببعض الأحكام الوقتية والاستثنائية التي جرى بها نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المشار إليه ومقتضاها وقف الإجراءات المتخذة أو التي تتخذ عن المخالفات التي ارتكبت لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1987 في 7/ 6/ 1983 بناء على طلب صاحب الشأن حتى تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفات بواسطة اللجنة المنصوص على تشكيلها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ويتوقف الإجراء الذي يقضي القانون بتطبيقه على نتيجة معاينة اللجنة المذكورة للمخالفات التي ارتكبت بحيث تكون الإزالة وجوبية بقرار من المحافظ المختص في حالات ثلاث حددها القانون على سبيل الحصر وهي الخطورة على الأموال والممتلكات ومخالفة خطوط التنظيم ومخالفة قيود الارتفاع التي فرضها قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 128 لسنة 1981 أما في غير ذلك من المخالفات فلا يجوز توقيع الإزالة كإجراء من إجراءات الضبط الإداري وإنما تكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة مالية تحدد بنسبة مئوية من قيمة الأعمال المخالفة.
4 - أنه بتطبيق الأحكام المقدمة على واقعة الدعوى - قالت المحكمة فإنه سبق بيان أن المخالفات تنحصر في البناء بدون ترخيص والخطورة على الأموال والممتلكات ومخالفة قيود الارتفاع بالنسبة لاشتراطات المنطقة الواقع بها العقار وقد ثبت ارتكاب المدعين للمخالفتين الأولى والثالثة بموجب أحكام قضائية جنائية نهائية - وأصدرت الجهة الإدارية بشأن مخالفة الخطورة على الأموال والممتلكات القرار رقم 163 لسنة 1983 بإزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض وتمت إحالة الطعن عليه إلى محكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص - كما أن الثابت من الأحكام القضائية المشار إليها أن كافة المخالفات وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 في 7/ 6/ 1983 ومن ثم تسري عليها أحكام التعديل الذي أدخله القانون المذكور على نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 تطبيقاً للأثر المباشر للقوانين ولأنها تمثل مراكز قانونية مستقرة اكتسبها المدعون قبل العمل بالتعديل المذكور حيث لم يكن قد تم التصرف في هذه المخالفات وقد تضمن التعديل المشار إليه أحكاماً إجرائية يتم تطبيقها بأثر مباشر على كل ما لم يكتمل وجوده القانوني من إجراءات.
5 - وأضافت المحكمة أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المخالفات التي ارتكبها المدعون قد وقعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وكان الثابت أن المدعين قد تقدموا بطلب للتصالح عن هذه المخالفات في خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وكانت الجهة الإدارية قد قررت ابتداء رفض هذا الطلب ثم عادت لتطلب من هيئة قضايا الدولة في 7/ 1/ 1986 سحب ملف الطعن رقم 580/ 30 ق عليا المقام من المدعي الأول طعناً على الحكم الصادر من المحكمة في طلب وقف التنفيذ بجلسة 15/ 12/ 1983 - وذلك لبحث طلب التصالح - متى كان ذلك فإنه كان يتعين على الجهة الإدارية، وقد قدم المدعون طلباً للتصالح إعمال الآثار القانونية المترتبة على تقديم هذا الطلب كما حددها نص المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 وهي وقف الإجراءات المتخذة ضد المدعين حتى تتم معاينة العقار بواسطة اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 وعلي ضوء ما تنتهي إليه هذه اللجنة من معاينتها ببيان نوع وحجم المخالفة يكون التصرف فيها، إما بالإزالة إذا كانت ضمن المخالفات الجسيمة المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983 على سبيل الحصر وإما بتوقيع غرامة بواسطة المحكمة الجنائية التي تنظر محضر المخالفة.
6 - أنه بمراجعة مسلك وتصرفات جهة الإدارة حيال طلب التصالح المقدم من المدعين تبين أنها لم ترتب على الطلب الآثار التي أوجبها القانون من حيث وقف الإجراءات المتخذة ضد المخالفين ومعاينة العقار بمعرفة اللجنة المنصوص عليها بالمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 والتصرف في المخالفات على ضوء معاينة اللجنة المشار إليها للعقار ذلك أن الثابت أنه تمت معاينة العقار في 1/ 6/ 1983 بواسطة لجنة من مهندسي التنظيم بحي شمال الجيزة أوصت بإزالة العقار كله حتى مستوى سطح الأرض وبتاريخ 2/ 6/ 1993 وافقت لجنة المنشآت الآيلة للسقوط على ما انتهت إليه معاينة لجنة مهندس التنظيم بالحي التي أصدرت قراراها رقم 163 لسنة 1983 بإزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض كما تمت معاينة أخرى للعقار بعد تدعيم الأعمدة السبعة التي أصابها الانبعاج في حديد التسليح في 28/ 6/ 1983 بواسطة لجنة من مستشاري المحافظة ومن أساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة، انتهت في معاينتها إلى أنه تمت السيطرة على المبنى من خطر الانهيار المفاجئ إلا أن المبنى لا يزال ضعيفاً ويتعين التعامل معه بحذر حتى يتم استكمال تدعيم الأعمدة التالفة.
7 - وخلصت المحكمة إلى أن المعاينات التي تمت للعقار في 1/ 6/ 1983، 28/ 6/ 1983 قد أجريت قبل تقديم طلب التصالح المؤرخ 29/ 6/ 1983 وأنها تمت بمعرفة لجان أخرى غير تلك عينها القانون وهي اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ومن ثم يكون القرار رقم 300 لسنة 1983 - المطعون فيه قد صدر دون اتباع الإجراءات التي يتطلبها القانون وأغفل القيام بإجراءات جوهرية كان يتعين اتخاذها قبل إصداره وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم بإلغاء القرار سالف الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم يقوم على سببين أساسيين هما:
أولاً: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على القول بأن القرار رقم 300 بسنة 1983 قد صدر دون اتباع الإجراءات التي تطلبها القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل لبعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء إذا سبق أن تقدم المطعون ضدهم بطلب للتصالح عن المخالفات الواقعة منهم خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 ولم تعمل الجهة الإدارية الآثار القانونية المترتبة على هذا الطلب قانوناً وأن هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه يخالف صحيح القانون ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم تقدموا بطلب التصالح عن المخالفات التي ارتكبوها في 25/ 6/ 1983 وليس 29/ 6/ 1983 الذي هو تاريخ الإنذار بأن هناك تصالح، وأن طلب التصالح عرض على اللجنة الفنية التي شكلها المحافظ فور التقدم بهذا الطلب من ثلاثة من المهندسين من غير العاملين بالإدارة وبعد معاينتها للعقار قدمت تقريرها بتاريخ 28/ 6/ 1983 وأعدت مذكرة عن تاريخ العقار وتطورات ما جرى عليه - والمخالفات والتقارير الفنية والمعاينات التي جرت بصدده، وصدر بناء على ذلك القرار رقم 300 لسنة 1983 بتاريخ 17/ 7/ 1983. ومفاد ما تقدم أن المعاينة تمت للعقار بعد تقديم طلب التصالح وبمعرفة اللجنة الفنية التي عناها المشرع في المادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 والمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ومن ثم يكون القرار المطعون عليه قد صدر بعد العرض على اللجنة المختصة وبعد تقديم طلب التصالح في 25/ 6/ 1983 وإن كانت الأوراق قطعت بذلك ولا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون عليه من أن طلب التصالح قدم بتاريخ 29/ 6/ 1983 وأن المعاينة أجريت قبل تقديم طلب التصالح بمعرفة اللجنة التي عناها القانون رقم 106/ 1976 في المادة 16 منه.
وحيث إن هذا السبب مردود عليه بأن ما ذكرته الجهة الإدارية في هذا الصدد غير صحيح ولا دليل عليه من الأوراق - فالثابت من كافة المستندات المودعة ملف الطعن أن القرار رقم 300 سنة 1983 المطعون فيه أشار في ديباجته كسند لإصداره إلى القانون رقم 106 لسنة 1976 والقانون رقم 30 لسنة 1983، وإلى المحاضر التي حررتها الجهة الهندسية المختصة من مخالفات العقار محل النزاع وهي المحاضر أرقام 166 لسنة 1981، 2277 لسنة 1981، 95 لسنة 1982، وإلى القرار رقم 163/ 1983 إزالات حي شمال الجيزة، بإزالة العقار حتى مستوى سطح الأرض، ولم يتضمن الإشارة في ديباجته إلى طلب التصالح المقدم من المطعون ضدهم إذا أن وجود تقرير فني أعد بواسطة اللجنة الهندسية المختصة وأوجب القانون عرضه عليها لمعاينة العقار وإعداد تقرير بشأنه، كما أنه بالأوراق محضر اجتماع عقد برئاسة المحافظ بتاريخ 10/ 7/ 1983 مع بعض المسئولين بالمحافظة، وتقرر فيه بالنسبة للعقار محل النزاع ما يلي:
أ - يقوم السيد/ مدير الإسكان بالاتصال بالمهندسين مستشاري المحافظة بخصوص هذا العقار لعمل برنامج زمني مفصل بخصوص هدم الأربعة أدوار المخالفة بهذا العقار ويتم تقديم البرنامج معتمداً من السادة المذكورين والسيد مدير الإسكان صباح السبت 16/ 7/ 1983.
ب – يقوم. السيد/ مدير الشئون القانونية بإعداد القرار القانوني اللازم على ضوء مواد القانون 30 لسنة 1983 وعرضه علينا صباح الأحد 17/ 7/ 1983 ويخطر به السيد/ رئيس حي شمال واللواء مدير الأمن لإخطار الملاك بما جاء بهذا القرار من إجراءات لبداية إزالة الأدوار المخالفة للترخيص الصادر بشأن هذا العقار مع اتخاذ جميع الإجراءات القانونية الواجبة في هذا الشأن.
جـ - يقوم رئيس حي شمال بإتمام التعاقد مع مقاول الهدم.......
وتنفيذاً لذلك أعدت الإدارة العامة للشئون القانونية للمحافظة مذكرة بشأن العقار استعرضت فيها الوقائع منذ بدء منح الترخيص في 15/ 9/ 1980. وأشارت المذكرة إلى أنه بتاريخ 29/ 6/ 1983 تقدم الملاك بطلب للاستفادة من نص المادة الثالثة - من القانون رقم 30 لسنة 1983 لوقف الإجراءات التي اتخذت ضدهم في القضية رقم 3572 لسنة 1982 جنح قسم العجوزة ومن بينها قرارات نيابة العجوزة الصادرة في 24/ 6/ 1983 وتضمنت المذكرة في صفحتها الخامسة - أنه بالنسبة لطلب التصالح (الإنذار) المشار إليه. رأت الإدارة - إرجاء البت فيه لحين ورود رد النيابة عليها بشأن تلك القضية وبذلك يكون واضحاً وثابتاً من المستندات المقدمة من المحافظة أن طلب التصالح المشار إليه لم يتخذ بشأن أي إجراء من الإجراءات التي نصت عليها المادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983، وبذلك يكون ما ورد على لسان الجهة الطاعنة في تقرير الطعن ومذكرات دفاعها من أن الطلب عرض على اللجنة الفنية التي شكلها المحافظ فور التقدم بالطلب غير صحيح ولا سند له من الأوراق ويتعارض مع ما أقرت به في مذكرتها سالفة الذكر وبذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه السبب الثاني من أسباب الطعن فإن مبناه هو التناقض في الأسباب التي بني عليها الحكم، ذلك أن الحكم المطعون فيه قام على أساس خاطئ بقوله أن القرار المطعون في لم يتبع بشأنه الإجراءات المنصوص عليها في القانون إذا كان يتعين إعمال أثر التصالح المقدم من المدعين - في حين أن الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بعد تعديلها بالقانون 30 لسنة 1983 ينص على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقرر طبقاً لهذا القانون أو قانون الطيران المدني الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981 وبخطوط التنظيم... وللمحافظ أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة" ومفاد ذلك أن المشرع منح المحافظ سلطة الإزالة وجوباً في هذه الحالات دون الرجوع إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 سالفة الذكر إذ حتم المشرع إصدار قرار الإزالة فيها لخطورتها وأنه لا وجه للعرض على اللجنة الفنية إذا ما قامت إحدى هذه الحالات ومن باب أولى تحرير سلطة المحافظ في هذه الحالات من اتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983 لعدم جدواها إذ أوجب المشرع بشأنها الإزالة دون قيد أو شرط أو إجراء، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قرر بحقيقة هامة وهي أن المدعين (المطعون ضدهم) قد ثبت ارتكابهم لمخالفة البناء دون ترخيص ومخالفة قيود الارتفاع بالنسبة لاشتراطات المنطقة الواقع بها العقار بموجب أحكام قضائية جنائية نهائية. وليس من شك أن مخالفة قيود الارتفاع مما أوجب المشرع بشأنها الإزالة دون اتباع إجراءات العرض على اللجنة الفنية بل ولعدم جدوى تقديم طلب التصالح أصلاً بشأنها لانعدام محل التصالح فيها لوجوبية الإزالة وأن المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بعد تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1983 قد نصت صراحة على أنه لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 أو قانون الطيران المدني رقم 28 لسنة 1981 أقر بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات بل يجوز للمحافظ أن يصدر قرار بإزالة المخالفة في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 الأمر الذي يعني أنه لا محل لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ في حق المخالف الذي يقدم طلباً وفقاً للمادة 3 من القانون رقم 30 لسنة 1983، وأن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى نتيجة مخالفة لذلك وقضى بإلغاء الطعون فيه فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده.
وحيث إن هذا السبب من أسباب الطعن - مردود عليه - بأنه يستند إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بعد تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1983 التي نصت على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز التجاوز عن المخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع المقررة طبقاً للقانون أو قانون الطيران المدني رقم 128 لسنة 1981 أو بخطوط التنظيم.. وللمحافظ أن يصدر قراره في هذه الأحوال دون الرجوع إلى اللجنة المشار إليها في الفقرة السابقة" فهذا النص عمل به اعتباراً من 8/ 6/ 1983 وهو غير نص المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلها بالقانون المشار إليه - والذي كان نصه قبل التعديل يجرى على أنه "يكون للجهة الإدارية المختصة لشئون التنظيم بقرار مسبب يصدر بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة أن يقوم بإزالة المباني التي تقام بدون ترخيص بعد تاريخ العمل بهذا القانون إذا كان يترتب على بقائها الإخلال بمقتضيات الصالح العام - ولم يقم المالك خلال المدة المناسبة التي تحددها تلك الجهة".
كما نصت المادة 18 منه على أن "تحيل الجهة الإدارية المختصة لشئون التنظيم إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (15) موضوع الأعمال المخالفة التي تقتضي الإزالة أو التصحيح سواء اتخذ بشأنها إجراء الوقف وفقاً لأحكام المادة السابقة أو لم يتخذ على أن يكون الإحاطة خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ إجراء الوقف.. وتصدر اللجنة قراراتها في الحالات المعروضة عليها بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة أو استئناف أعمال البناء خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إحالتها إليها" ونصت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على أنه "ومع عدم الإخلال بالعقوبة الجنائية يجوز للجنة عن بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو السكان أو المارة أو الجيران وذلك في الحدود التي تتبعها اللائحة التنفيذية...."
ونصت المادة 19 على أنه "لذوي الشأن وللجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حق الاعتراض على القرارات التي تصدرها لجان التظلمات المنصوص عليها في المادة 15 وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بها.." ونصت المادة 20 على ذوي الشأن أن يبادروا إلى تنفيذ القرار النهائي الصادر من اللجنة المختصة بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة...." كما نصت المادة 22 من القانون على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب كل من يخالف أحكام المواد 4، 5، 7، 8، 9، 11، 12، 13، 20 من هذا القانون كما يعاقب كل من يخالف أحكام لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة تنفيذاً له بالحبس... وبغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد عن ألف جنيه أو هاتين العقوبتين. ويجب الحكم فضلاً عن ذلك بإزالة أو تصحيح أو استكمال الأعمال المخالفة بما يجعلها متفقه مع هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له وذلك فيما لم يصدر في شأنه قرار نهائي من اللجنة المختصة.
"فإذا كانت المخالفة متعلقة بالقيام بالأعمال بدون ترخيص ولم يتقرر إزالتها فيحكم على المخالف بضعف الرسوم المقررة...".
ومن حيث إن من المستقر عليه قضاء أن التشريع الجديد لا يسري إلا على المخالفات التي تحدث في ظله أي بعد العمل به إعمالاً لقاعدة عدم رجعية القانون وعدم سريانها على الماضي فليس للقانون أثر رجعي لتسحب على الجرائم التي وقعت وتمت قبل العمل به - إلا إذا نص القانون على ذلك واستثناء القوانين الجنائية، فهي لا تسري بأثر رجعي إلا إذا كانت أصلح للمتهم.
ومن جهة أخرى فإنه من المستقر عليه قضاء أيضاً - أن الحكم بإزالة البناء المخالف يعد عقوبة جنائية قصد بها محو الخطر الذي أحدثته المخالفة وتنفيذ الحكم الصادر بها إنما يكون بإزالة الأثر الناشئ عن مخالفة القانون - وأن جريمة البناء بدون ترخيص هي جريمة وقتية وإن تعددت تعتبر جريمة متتابعة الأفعال والحكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم ينكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم. ومؤدى ما تقدم أن المخالفات التي وقعت بالنسبة للعقار محل النزاع بشأن الأدوار العليا التي تم بناؤها بدون ترخيص وبالمخالفة لقيود الارتفاع تخضع لنصوص القانون 106 لسنة 1976 فيما يتعلق بالعقوبات التي يطعن عليها بما فيها عقوبة الإزالة أو الهدم ولا تسري عليها القوانين اللاحقة على ارتكابها إلا ما كان فيها أصلح للمتهم.
وحيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق المودعة ملف الطعن - أن المخالفات التي صدر من أجلها القرار المطعون فيه بإزالة الأدوار العليا المخالفة بالعقار محل النزاع من الرابع عشر حتى الأخير - بسبب بنائها بدون ترخيص وبالمخالفة لقيود الارتفاع بالمنطقة - وقعت في أعوام 1981، 1982، وتحررت عنها المحاضر أرقام 166 لسنة 1981 في 2/ 11/ 1981، 227 لسنة 1981 ورقم 95 لسنة 1982، لبناء أدوار عليا من الرابع عشر حتى الثامن عشر بدون ترخيص ومخالفة قيود الارتفاع وأن هذه المحاضر أحيلت إلى محكمة العجوزة بأرقام 583/ 1982، 1098/ 1981، 3572 لسنة 1982 وقضى فيها بالغرامة 500 جنيه وضعف الرسم المقرر والتصحيح، وفقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 106 لسنة 1976، ولم يقض أي حكم فيها بالإزالة أو الهدم.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المختصة لم تستعمل حقها المنصوص عليه في المادة 18 من القانون 106 لسنة 1976 المشار، والسابق بيانها، بإحالة موضوع الأعمال المخالفة التي تقضي الإزالة أو التصحيح إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (15) لجنة التظلمات من القانون التي خولها المشرع سلطة إصدار قرار في الحالات المعروضة بالإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة أو استئناف الأعمال كما يجوز لها التجاوز عن بعض المخالفات التي لا تؤثر على مقتضيات الصحة العامة أو أمن السكان أو المارة أو الجيران وذلك في حدود اللائحة التنفيذية والتي من حق ذوي الشأن وللجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حق الاعتراض على تلك القرارات أمام لجنة استئنافية وبالتالي - فلم يصدر بشأن مخالفات الأدوار العليا وبنائها بدون ترخيص أي قرار من اللجنة المختصة على النحو السابق بيانه، وعلى ضوء عدم صدور قرار نهائي من اللجنة المختصة في هذا الشأن - قضت المحكمة بالغرامة والتصحيح - دون الإزالة والهدم وضعف الرسوم المقررة في حالة عدم الإزالة - وفقاً لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 22 من القانون والسابق ذكرها: وبذلك تكون الجهة الإدارية قد اختارت مواجهة تلك المخالفات بإحالتها إلى المحكمة الجنائية المختصة ولم تلجأ إلى طريق الإزالة الإداري الذي كان المتاح لها قانوناً، إلى أن صدرت أحكام قضائية في تلك المخالفات - بعقوبات أخرى - غير الهدم والإزالة وبصدور تلك الأحكام القضائية دون قضاء بالإزالة والهدم للأدوار موضوع المخالفة لقيود الارتفاع - وعدم وجود قرار إداري نهائي بالإزالة قبل صدور تلك الأحكام - من اللجنة المختصة - فإنه لا يجوز لجهة الإدارة بعد ذلك أن تعاود النظر من جديد في الإجراء الذي اتخذ لمواجهة تلك المخالفات، بإجراء إداري متعارض مع ما قضت به الأحكام القضائية في شأن تلك المخالفات، وإلا كان قرار مخالفاً للقانون - كما لا يحق لجهة الإدارة الاستناد في إصدار مثل هذا القرار إلى نص مستحدث صدر وعمل به في تاريخ لاحق على الوقائع والمخالفات موضوع الدعوى لأن في ذلك تطبيق للقانون بأثر رجعي وسريانه وقائع ومخالفات وقعت وتمت وتم البت فيها - قبل العمل بالقانون الجديد - وهو القانون رقم 30 لسنة 1983، إعمالاً لقاعدة عدم رجعية القوانين وعدم سريانها على الماضي باعتبار أن الجزاءات المقررة لتلك المخالفات هي عقوبات جنائية بما فيها الإزالة والهدم على النحو السابق إيضاحه - كما أن في ذلك مساس وإضرار بمراكز قانونية استقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوثها.
ولا يغير من ذلك القول بأن الأحكام القضائية التي صدرت بشأن تلك المخالفات وأن لم تقض بالإزالة وقضت بالغرامة وضعف الرسم المقرر إلا أنه ورد في منطوق الحكم عبارة التصحيح - فالتصحيح الوارد في منطوق الحكم بالإضافة إلى العقوبات الأخرى - لا يعني في حالتنا المعروضة الإزالة - فلو أراد الحكم ذلك يقضي بذلك صراحة في منطوقه إعمالاً لسلطة الحكم المقررة في الفقرة الثانية من المادة 22 السابق ذكرها والتي أعطتها سلطة الإزالة أو التصحيح - وإنما المراد بالتصحيح في مثل هذه الحالة - هو تصحيح الأعمال المخالفة إذا كانت مما تصل التصحيح بغير الإزالة أو الهدم والقول بغير ذلك يعني إضافة قضاء جديد لم يقض به الحكم - والدليل على ذلك هو اختيار الحكم الوارد في نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون التي قضت على أنه "إذا كانت المخالفة متعلقة بالقيام بالأعمال بدون ترخيص ولم يتقرر إزالتها يحكم على المخالفة بضعف الرسوم المقررة وهو ما أخذت به المحكمة فلم تحكم بالإزالة والتعقب بالحكم على المخالف بضعف الرسوم - وبذلك لا يستقيم القول أن عبارة التصحيح الواردة في منطوق الحكم يعني أيضاً الإزالة فذلك لا هو مراد النص التشريعي ولا هو مراد الحكم فيما قضى به - ومن ثم فإن القول بأن كلمة التصحيح تعني الإزالة قول لا سند له من القانون ولا من قضاء الحكم ولا وجه للقول بأن أعمال التصحيح في هذه الحالة لا تكون إلا بالإزالة ذلك أن الإزالة لم تكن وجوبية في ظل أحكام القانون المشار إليه لجزاء على مخالفة قيود الارتفاع.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فإنه ما كان للجهة الإدارية أن تصدر قرار بإزالة الأدوار المخالفة لا في ظل أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 لصدور أحكام قضائية بشأن تلك المخالفة انحسم بها وضع تلك المخالفات واستقر بذلك أمرها على ضوء تلك الأحكام والتي لم تقض بالإزالة أو الهدم، ولا في ظل سريان الأحكام المستخدمة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 باعتبار أن ما تضمنه هذا القانون من أحكام جزائية جديدة هي أشد مما كانت تقضي به أحكام القانون لسنة 1976 قبل تعديلها وبالتالي فإنها لا تسري بأثر رجعي على المخالفات موضوع هذا الطعن.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أن المشرع في القانون رقم 54 لسنة 1984 بشأن تعديل أحكام القانون رقم 106 لسنة 1987 قد أجاز التجاوز عن مخالفة قيود الارتفاع التي حدثت في ظل أحكام القانون 106 لسنة 1976 ولم تعد الإزالة فيها واجبة - بفرض جدلي أنه صدر قرار بالإزالة فعلاً - وأجاز المشرع التصالح بشأنها - وخرجت مثل تلك المخالفة من حالات الإزالة الوجوبية التي لا يجوز التجاوز عنها والتصالح بشأنها - كما صدر أيضاً قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 187 لسنة 1985. بالتصريح بالبناء في مدينة الجيزة بحد أقصى 35 متراً، ثم الردود داخل مستوى وهمي 12 أفقي إلى 3 رأسي بما يسمح بتغطية المخالفة التي وقعت بالعقار محل النزاع - ويصححها تشريعياً بفرض أن أمرها لم ينحسم في ظل القانون رقم 106 لسنة 1976 وهو أمر تعرفه قوانين تنظيم أعمال البناء الذي تضمن إلى جانب الإزالة كوسيلة لمواجهة مخالفات البناء - تضمن التصحيح واستكمال الأعمال ومن وسائل التصحيح أن يصدر قانوناً برفع الإزالة الوجوبية عن المخالفة ومثل ذلك القانون رقم 54 لسنة 1985 أو برفع المخالفة نهائياً كما هو الشأن في قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 187 لسنة 1985 الذي قرر زيادة الحد الأقصى للارتفاع المسموح به بمدينة الجيزة، وأيضاً على أساس أنها قوانين وقرارات أصلح للمتهم.
وإذا ثبت على النحو المتقدم مخالفة القرار المطعون فيه لأحكام القانون فإن الحكم المطعون فيه إذ صدر بإلغاء هذا القرار فإنه يكون قد صدر بما تتفق مع صحيح أحكام القانون محمولاً على أسبابه والأسباب الأخرى الواردة في هذا الحكم ومن ثم يكون الطعن عليه غير قائم على سند سليم من القانون الأمر الذي يتعين معه رفضه وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصاريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق