جلسة 26 من مارس سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(70)
الطعن رقم 2065 لسنة 45 قضائية عليا
جواز سفر - حصول الصغير غير المميز على جواز سفر - الإضافة على جواز سفر الأم - موافقة الممثل القانوني - مناطها.
المادة (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر، قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 بإصدار قواعد منح جوازات السفر.
أوكل الدستور إلى الدولة التوفيق بين واجبات المرأة باعتبارها زوجة وأم وبين عملها بما يكفل مساواتها بالرجل في نطاق الشريعة الإسلامية وما يحمله من مبادئ وثوابت - شرط موافقة الممثل القانوني لغير كامل الأهلية للحصول على جواز سفر أو للإضافة على جواز سفر الأم - يتعين على جهة الإدارة عند تطبيقها هذا الشرط مراعاة ما تضمنه الدستور والقانون من مبادئ وما تقره الشريعة الإسلامية من أحكام - يتعين ألا يتعارض هذا الشرط مع حق ثابت بنصوص دستورية أو قانونية أو يجعل هذه الحقوق من المستحيل أو العسير استعمالها أو مباشرتها أو يفرغ هذه الحقوق من مضمونها ويحيلها إلى حقوق يستعصى نيلها - يتعين أن يكون امتناع الممثل القانوني لغير كامل الأهلية، في حالة عدم حضانته له، في عدم الموافقة على استخراج جواز سفر له أو إضافته على جواز سفر الحاضنة للصغير قائماً على أسباب جدية وسائغة أولها ما يبررها وروعي فيها مصلحة الصغير ورعايته وحفظه - إذا كان الامتناع تعنتاً أو إساءة لاستعمال حق الولاية على نفس الصغير ونكاية بمن هو في حضانته أو إضراراً به فإنه يتعين الالتفات عن هذه الموافقة - أساس ذلك: شرعت الحقوق لمقاصد وغايات معتبرة شرعاً وقانوناً وما شرعت لإساءة استعمالها أو الإضرار بالغير - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 27/ 1/ 1999 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 2065 لسنة 45 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى بجلسة 15/ 12/ 1998 في الدعوى رقم 9220 لسنة 52 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية مصروفاته، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقرار السلبي المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار كلياً مع إلزام المطعون ضده الثاني بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والتي قررت بجلسة 4/ 10/ 1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 21/ 11/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعية (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 9220 لسنة 52 ق بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26/ 8/ 1998 طالبة في ختامها الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه وعلى بمسودة الحكم الأصلية. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية الخاص بامتناعها عن إدراج اسم صغيرها........ الذي بيدها وفي حضانتها بجواز سفرها رقم 126883 جوازات المنيل المؤرخ 9/ 8/ 1993 مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها حصلت على حكم بطلاقها طلاقاً بائناً للضرر في الدعوى رقم 537 لسنة 1997 أحوال كلي جنوب القاهرة واستئنافياً في الاستئناف رقم 1431 لسنة 46 أحوال شخصية القاهرة بتاريخ 26/ 5/ 1998 وأنه قد توافر في شأنها شروط حضانة ابنها الصغير...... من مواليد 6/ 11/ 1995 وترغب في إدراج اسمه بجواز سفرها رقم 126883 الصادر من جوازات المنيل في 9/ 8/ 1993 وأنها حاصلة على ماجستير في الكيمياء الحيوية ومرشحة من جهة عملها للسفر في بعثة تعليمية للخارج للحصول على درجة الدكتوراه، وأضافت المدعية أن مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية امتنعت عن إضافة اسم صغيرها المذكور بجواز سفرها دون سند من القانون وأنها تخشى من فوات فرصة سفرها للخارج.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى أن المدعية لم تقدم موافقة الممثل القانوني للقاصر....... على إضافته على جواز السفر أو استخراج جواز سفر له حيث إن والده........ ما زال على قيد الحياة فهو الولي الطبيعي والممثل القانوني للقاصر........
وبجلسة 15/ 12/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسست هذا الحكم على بعد استعراضها لنصوص القانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 وقرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 والقانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 إلى أن الحضانة نوع من الولاية هدفها حفظ الصغير من كل ما يضره ورعايته وتربيته بما يصلحه في جميع أموره ويأتي دور الأم في المرتبة الأولى في حضانة ابنها كما تعتبر الحضانة حقاً لها إلا أن حضانة الأم لا تخل بحق الأب في ولايته الشرعية على ابنه وكذلك حقه في رؤيته وفي الإشراف والتتبع لسير حضانته طبقاً لحكم المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وبالبناء على ذلك فإنه يترتب على سفر الطفل المذكور مع أمه المدعية إلى الخارج ضرر بوالده المقيم بمصر حيث لا يتمكن من القيام بواجباته كولي طبيعي عليه ومراقبة أحواله والإشراف على تأديبه وتهذيبه وتعليمه في فترة الحضانة فضلاً عن أن الطفل المذكور قد تجاوز مرحلة الرضاع كما أنه يمكن نقل الحضانة على الصغير المذكور إلى من يلي أمه من المستحقين للحضانة والمنصوص عليهم في المادة 20 سالفة الذكر، ولما كانت جهة الإدارة قد أفصحت عن سبب إصدار قرارها المطعون فيه وهو عدم وجود موافقة والد الطفل على سفره إلى الخارج فإن هذا القرار يكون بحسب الظاهر من الأوراق قائماً على سند من القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم قام على وجوب موافقة الممثل القانوني لغير كامل الأهلية على استخراج جواز السفر وأن جهة الإدارة رفضت طلب المدعية بسبب عدم موافقة والده على السفر، وما قام عليه الحكم مردود لأكثر من وجه ذلك أن الصغير...... يعتبر فاقد التمييز ومعدوم الأهلية وبالتالي لا تنطبق عليه أحكام المادة الثالثة من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 التي تتناول غير كامل الأهلية أي من بلغ السابعة إلى الثامنة عشر، فضلاً عن أن الحضانة نوع من الولاية جعلها المشرع في أشخاص بعينهم وبالرجوع إلى أركان الحضانة فإنه لا يوجد بينها عدم انتقال الحاضنة بالصغير من بلد أبيه وقد روعي في الحضانة مصلحة الصغير قبل كل شيء وأن سفر الطاعنة إلى الخارج لمدة مؤقتة لا يضير والد الصغير ولا يلحق به أي ضرر، وأضاف تقرير الطعن أن حضانة الأم لصغيرها هو حق لا ينزع منها إلا بشرط حفظاً للصغير وأن حق الصغير مقدم على حق الأب والأم، واستطرد تقرير الطعن أن الحكم الطعين قد أخل بحق الدفاع بإغفاله ما أوردته الطاعنة بمذكرتها في شأن توافر موجبات طلب وقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه بما يرجح إلغائه عند نظر الموضوع.
ومن حيث إن الدستور الصادر عام 1971 ينص في مادته الثانية على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" وتنص المادة (11) على أن "تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية" وتنص المادة (13) على أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة ويكون العاملون الممتازون محل تقدير الدولة والمجتمع.
وتنص المادة (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر على أن "يجوز بقرار من وزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده كما يجوز له سحب الجواز بعد إعطائه" وتنص المادة (16) من هذا القانون على أنه"..... ولوزير الداخلية إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه.
وإعمالاً للنص الأخير أصدر وزير الداخلية القرار رقم 3937 لسنة 1996 ونصت المادة (3) منه على أن "يكون منح الزوجة جواز سفر أو تجديده بعد موافقة زوجها على سفرها إلى الخارج كما يجب تقديم موافقة الممثل القانوني لغير كامل الأهلية على استخراج جواز السفر أو تجديده وفي الحالتين تعتبر الموافقة على استخراج جواز السفر أو تجديده تصريحاً بالسفر طوال مدة صلاحية الجواز، ولا يكون إلغاء الموافقة إلا بالقرار من الزوج أو الممثل القانوني بعد التحقق من شخصيته وصحة صدور الإقرار منه أمام الموظف المختص بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية وفروعها..........".
وتنص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية والمستبدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أن ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن اثني عشرة سنة ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتها تقتضي ذلك.
ولكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقاً نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسياً ولا ينفذ حكم الرؤية قهراً ولكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحصانة مؤقتاً إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها....".
ومن حيث إن الدستور هو القانون الأعلى المهيمن على كافة أنشطة الدولة ومؤسساتها المبين للمقومات الأساسية للمجتمع والحريات والحقوق والواجبات العامة وهو الإطار العام بما يحويه من مبادئ يتعين التزامها من السلطات العامة أو من المواطنين وقد أفصح هذا الدستور على أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وأن الأسرة هي أساس المجتمع وأن العمل قيمة عليا وهو حق وواجب وشرف وأوجب الدستور وأوكل إلى الدولة التوفيق بين واجبات المرأة باعتبارها زوجة وأم وبين عملها بما يكفل مساواتها بالرجل على أن يكون ذلك كله في نطاق الشريعة الإسلامية وما تحمله من مبادئ وثوابت.
ومن حيث إن جهة الإدارة المطعون ضدها قد أفصحت عن أسباب قرارها برفض إدراج اسم ابن الطاعنة الصغير/ ........ الحاضنة له بعد طلاقها من زوجها السابق والد الطفل المذكور طلقة بائنة وصيرورة هذا الحكم نهائياً، بعدم وجود موافقة الأب الولي الطبيعي والممثل القانوني للطفل/ ........ على استخراج جواز سفر له أو إدراجه وإضافته على جواز سفر والدته الطاعنة.
ومن حيث إن المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3637 لسنة 1996 وإن اشترطت موافقة الممثل القانوني لغير كامل الأهلية للحصول على جواز سفر أو للإضافة على جواز سفر الأم إلا أن هذا الشرط يتعين على جهة الإدارة في تطبيقه مراعاة أن يكون هذا التطبيق في إطار ما تضمنه الدستور والقانون من مبادئ وما تقرره الشريعة الإسلامية من أحكام.
فيتعين أولاً ألا يتعارض هذا الشرط مع حق ثابت بنصوص دستورية أو قانونية أو يجعل هذه الحقوق من المستحيل أو العسير استعمالها أو مباشرتها أو يفرغ هذه الحقوق من مضمونها ويحيلها إلى حقوق يستعصى نيلها.
ويتعين ثانياً أن يكون امتناع الممثل القانوني لغير كامل الأهلية - في حالة عدم حضانته له في عدم الموافقة على استخراج جواز سفر له أو إضافته على جواز سفر الحاضنة للصغير قائماً على أسباب جدية وسائغة أولها ما يبررها روعي فيها مصلحة الصغير ورعايته وحفظه أما إذا كان الامتناع تعنتاً أو إساءة لاستعمال حق الولاية على نفس الصغير ونكاية بمن هو في حضانته أو إضراراً به فإنه يتعين الالتفات عن هذه الموافقة إذ أن الحقوق قد شرعت لمقاصد وغايات معتبرة شرعاً وقانوناً وما شرعت لإساءة استعمالها أو الإضرار بالغير.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن الطاعنة حاضنة لطفلها/ ........ المولود بتاريخ 6/ 11/ 1995 بعد انفصام عرى الزوجية بينها وبين والده.
ومن حيث إنه من المقرر أنه يثبت على الطفل منذ ولايته ثلاث ولايات ولاية التربية أو الحضانة وولايته على نفسه وولايته على ماله وقد تجتمع تلك الولايات في يد واحدة وقد تفترق، والحضانة أو ولاية التربية عرفها الفقهاء بأنها القيام بحفظ الصغير الذي لا يميز ولا يستقل بأمره وتعهده بما يصلحه ووقايته مما يؤذيه وتربيته جسمياً ونفسياً وعقلياً كي يقوى بالنهوض بتبعات الحياة والاضطلاع بمسئولياتها، وقد ارتأى جانب من الفقه أن الحضانة حق للأم وارتأى البعض الآخر أنها حق للطفل أو الصغير لأنه هو المحتاج إليها وبدونها يتعرض للتلف والضياع وارتأى قسم ثالث أن لكل من الحاضنة والمحضون حقاً في الحضانة إلا أن حق المحضون أقوى من حق الحاضنة وأن إسقاط الحاضنة حقها لا يسقط حق الصغير، إلا أنه يتعين التنويه أن الإجماع منعقد على أن الحضانة غايتها الكبرى وهدفها الأسمى وأصل شرعتها هي مصلحة الصغير لا مصلحة غيره لذا تطلب الفقه في الحاضنة شروطاً معينة جماعها التأكد والتثبت من نشأة الصغير ووجوده في يد أمينة من ناحية وقادرة من ناحية أخرى على تربيته وتنشئته نشأة صالحة فأوجب الفقه في الحاضنة أن تكون بالغة عاقلة أمينة متصفة بالخلق والقدرة على تربية الصغير فلا حضانة لضعيفة أو كفيفة أو مريضة مرضاً معدياً أو مقعداً لها عن خدمة الصغير ورعايته.
وإذا كان مكان الحضانة وما إذا كان يمكن للحاضنة الانتقال من مكان إلى آخر هو أمر خلاف بين الفقهاء وكان انتقال الأم الحاضنة من البلد الذي يقيم فيه والد الصغير إلى بلد آخر هو أمر مرتب لسقوط حضانتها من عدمه، فإنه يلاحظ من تتبع الآراء التي قيل بها في هذا الشأن أنها كلها آراء لم تستند إلى نص من الكتاب أو السنة قطعي أو ظني الدلالة أو الثبوت وإنما أثبتت هذه الآراء واستندت إلى مصلحة الصغير المعتبرة من وجهة نظر أو من وجهة نظر أخرى، لذا انتهى صاحب كتاب فقه السنة - بعد استعراضه لآراء الفقهاء في هذا الشأن إلى أن الأصوب "النظر والاحتياط في الأصلح له والأنفع الإقامة أو النقل فأيهما كان أنفع له وأصون وأحفظ روعي ولا تأثير لإقامة ولا لنقل".
ومن حيث إن الحكم الطعين قد تأسس على أنه يترتب على سفر ابن المدعية (الطاعنة) مع أمه إلى الخارج ضرر بوالده المقيم بمصر حيث لا يتمكن من القيام بواجباته كولي طبيعي عليه ومراقبة أحواله والإشراف على تأديبه وتعليمه في فترة الحضانة ومتابعة مسيرة حضانته، وهو ما يعني أن الحكم الطعين قد ذهب إلى أن ثمة تعارضاً بين حق الحاضنة في حضانة صغيرها وهو نوع من الولاية وبين مصلحة الأب الوالي الشرعي على ابنه وانتهى الحكم إلى تغليب حق الأب على حق الأم في الحضانة.
ومن حيث إنه وإن كان ثمة تداخلا بين ولاية التربية أو الحضانة والتي تستمر للحاضنة للصغير من الذكور حتى سن العاشرة طبقاً لحكم المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وبين الولاية على نفس الصغير بحيث لا يمكن وضع حد للأولى تبدأ منه الثانية ومن ثم إمكانية تداخلها حال انفصام عري الزوجية، فإن حسم ما قد ينشأ من نزاع حول إمكانية تعارض الحقين هو أمر مرجعه الموازنة والترجيح بين المصالح المتعارضة بترتيب المصالح وتغليب تلك الأولى بالرعاية والأجدر بالحماية ودفع الضرر الأشد الذي يترتب على إغفال حق أو مصلحة بالضرر الأخف الذي قد يقتضي الأمر الالتفات عنه، مع مراعاة أن أهداف الولاية بأنواعها هي في المقام الأول مصلحة الصغير لا مصلحة غيره ممن أناط بهم القانون أو الشرع القيام بالولايات المختلفة.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن الطاعنة والدة الطفل/ ...... المولود بتاريخ 6/ 11/ 1995 وهي مهندسة بالمركز القومي لبحوث المياه قد رشحت من قبل جهة عملها لمنحة من البنك الإسلامي للتنمية، وذلك للحصول على درجة الدكتوراة - كما ذهبت الطاعنة - وقد اعترضت الجهة الإدارية المطعون ضدها على إضافة اسم نجل الطاعنة على جواز سفرها استناداً لحكم المادة 3 من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996، وكان البادي من الأوراق أن والد الطفل لم يبدي اعتراضاً صريحاً على سفر نجله صحبة والدته أو استخراج جواز سفر له أو إضافته على جواز أمه ولم يتدخل في الدعوى أو الطعن منضماً إلى جهة الإدارة وطلباً ذات طلبها برفضهما، وكان الطفل........ الذي كان لم يتجاوز الثالثة من عمره وقت إقامة أمه دعواها وتجاوز الرابعة بقليل وقت صدور الحكم المطعون فيه في حضانة أمه الطاعنة وهو في هذا السن أحوج إلى رعايتها وحضانتها وتربيتها خاصة وأن تلك الحضانة لم تنزع من الأم بحكم قضائي أو ينازعها فيها غيرها ممن نص عليهم القانون، ولم تشر الأوراق أو تشي بأن ثمة أضراراً يمكن أن تلحق الصغير من جراء سفره لفترة مؤقتة مع أمه هي مدة المنحة المقررة لها فإن مصلحة الصغير وأمه الحاضنة تربو وتزيد على مصلحة والده مما يقتضي القول بوجوب تغليب مصلحة الحاضنة ووليدها على مصلحة الأب ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون غير قائم على سبب صحيح من القانون.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإن حق السفر والتنقل هو من الحقوق التي كفلها الدستور والتي استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنه يتوافر دوماً بالمساس بها ركن الاستعجال.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق