جلسة 14 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد خالد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مهاد خليفة ، عصام عباس ، محمود عاكف ورفعت سند نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(16)
الطعن رقم 1322 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رُتب عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
اطراح الحكم دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش استناداً لتوافر حالة التلبس . النعي عليه في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
تناقض أقوال شاهد الإثبات في بعض التفصيلات . لا يقدح في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
مثال .
(5) ارتباط . عقوبة " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " . مراقبة الشرطة .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون العقوبات التكميلية . قضاء الحكم بعقوبة وضع الطاعن تحت مراقبة الشرطة غير المقررة لأشد الجرائم المرتبطة . صحيح . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(6) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . دعارة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الطاعن بجريمتي الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وتحريض واستخدام أُنثى دون الحادية والعشرين لارتكاب الدعارة ومعاقبته عن الأولى باعتبارها الأشد . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه ، وأورد مؤداها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوع فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله .
2- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس ، وينحل على ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كان نعي الطاعن بالتفات المحكمة عن الرد على دفاعه بعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بأقوال الشاهد بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، هذا إلى أنه من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض أقوال شاهد الإثبات في بعض التفصيلات ما دام أن الثابت أن الحكم قد حصل أقواله بما لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - وكان الحكم لم يعول على أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة فإن الاستناد إليها في دعوى التناقض يكون غير مقبول ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد .
5- لما كانت العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة الشرطة التي هي في واقع الأمر عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبات المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر جرائم تحريض واستخدام أُنثى لم تتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز ، ومعاونتها على ممارسة الدعارة ، وتعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وهو ما يسانده ما أورده الحكم في مدوناته - بما لا يماري فيه الطاعن - وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات ، وقضى إعمالاً لنص المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر بالإضافة إلى باقي العقوبات المقضي بها ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون .
6- لما كان الحكم المطعون فيه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وفق نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وعاقبه بالحبس لمدة ستة أشهر ، وهي العقوبة المقررة لجريمة ( الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري ) – المؤثمة بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 - ظناً منه خطأ أنها الجريمة ذات الوصف الأشد ، وإذ كانت العقوبة المقررة لجريمة ( تحريض واستخدام أنثى لم تتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تميز ) - المؤثمة بنص المادة 1/ أ ، ب من القانون رقم 10 لسنة 1961 باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد هي ( الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه ) فإن الحكم المطعون فيه يكون أخطأ في تطبيق القانون بالنزول عن الحد الأدنى للعقوبة المقيدة للحرية ، كما أغفل توقيع عقوبة الغرامة ، مما كان يتعين معه لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ وإعمال صحيح القانون ، بيد أنه لما كان المحكوم عليه هو وحده الطاعن على الحكم دون النيابة العامة ، فمن ثم لا تملك محكمة النقض - مع خطأ محكمة الموضوع في تطبيق القانون - سوى الإبقاء على تلك العقوبة المقضي بها حتى لا يضار بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( الطاعن ) 2- .... 3- .... بأنهم :
المتهم الأول :
- حرض واستخدم أنثى لم تتجاوز الواحدة والعشرين من عمرها على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز .
- عاون أُنثى على ممارسة الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز .
- أعلن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن دعوات تتضمن إغراء ولفت الأنظار لممارسة الدعارة .
المتهمتان الثانية والثالثة :
- اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز .
وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أ ، ب ، 6 /1 بند (أ) ، 9 /1 بند (ج) فقرة 3 ،4 ، 14 ، 15 ، 16 من القانون 10 لسنة 1961 .
ومحكمة جنح .... الجزئية قضت حضورياً بحبس كل متهم سنة مع الشغل والنفاذ والوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنة عما أسند إليه وألزمتهم المصاريف الجنائية ومصادرة المضبوطات .
فاستأنف المحكوم عليهم وقيد استئنافهم برقم .... لسنة .... جنح مستأنف .... .
ومحكمة .... - بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الجنحة وإحالتها للنيابة العامة لإرسالها للمحكمة الاقتصادية المختصة .
فقيدت الجنحة برقم .... لسنة .... جنح اقتصادية .... .
وقدمت النيابة العامة المتهمين للمحاكمة أمام محكمة .... الاقتصادية للاختصاص بأنهم :
المتهم الأول : - حرض واستخدم أنثى لم تتجاوز الواحدة والعشرين من عمرها على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز .
- عاون أنثى على ممارسة الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز .
- أعلن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن دعوات تتضمن إغراء ولفت الأنظار لممارسة الدعارة .
المتهمتان الثانية والثالثة : - اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز على النحو المبين بالأوراق .
- أعلنتا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي دعوة تتضمن التحريض على ممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابهم بالمواد ۱ / أ ، ب ، 6 /1 بند (أ) ، ۹ /1 بند (ج) فقرة 4،3 ، 14 ، 15 ، 16 من القانون 10 لسنة 1961 .
ومحكمة جنح .... الاقتصادية قضت بجلسة .... ، بعد أن عدلت القيد والوصف بإضافة المادتين 70 ، 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ ، بوصف أنهم : تعمدوا إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وإضافة المادتين 1 ، ٢٥ من القانون رقم 175 لسنة ٢٠١٨ ، بوصف أنهم : اعتدوا على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري ، حضورياً للمتهمين : أولاً : ببراءة المتهمتين الثانية والثالثة من تهمة الاعتياد على ممارسة الدعارة بدون تمييز المسندة إليهما ، ثانياً : حبس كل من المتهمتين الثانية والثالثة سنة مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما خمسين ألف جنيه عن باقي التهم للارتباط ، ثالثاً : حبس المتهم الأول سنتين مع الشغل والنفاذ ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين عن جميع التهم للارتباط وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات وألزمت المتهمين بالمصاريف.
فاستأنف المحكوم عليهم وقيد استئنافهم برقم .... لسنة .... جنح مستأنف اقتصادي ، ومحكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً ، أولاً : بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً ، ثانياً : في موضوع استئناف المتهم الأول بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وألزمته بالمصروفات ، ثالثاً : وفي موضوع استئناف المتهمتين الثانية والثالثة بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهمين مما أسند إليهما .
فطعن المحكوم عليه .... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ومحكمة استئناف القاهرة – دائرة طعون نقض الجنح - قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تحريض واستخدام أنثى لم تبلغ من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية كاملة على ارتكاب الدعارة مع الرجال دون تمييز بمقابل مادي ومعاونتها على ممارسة الدعارة وتعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه جاء خالياً من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ومؤدى أدلة الثبوت عليها ، واطرح - بردٍ قاصر غير سائغ - دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، والتفتت المحكمة عن دفاعه القائم على انتفاء التهمة في حقه ، وتناقض أقوال الضابط محرر محضر الضبط ، وتضاربها مع أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة ، وأخيراً قضت بوضع الطاعن تحت مراقبة الشرطة رغم أنها أعملت في حقه المادة 32 من قانون العقوبات ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه ، وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوع فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس ، وينحل على ما يثيره الطاعن في هذا الوجه إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاعه بعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بأقوال الشاهد بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، هذا إلى أنه من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض أقوال شاهد الإثبات في بعض التفصيلات ما دام أن الثابت أن الحكم قد حصل أقواله بما لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - وكان الحكم لم يعول على أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة فإن الاستناد إليها في دعوى التناقض يكون غير مقبول ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة الشرطة التي هي في واقع الأمر عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبات المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر جرائم تحريض واستخدام أنثى لم تتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز ، ومعاونتها على ممارسة الدعارة ، وتعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وهو ما يسانده ما أورده الحكم في مدوناته - بما لا يماري فيه الطاعن - وأعمل في حقه المادة 32 من قانون العقوبات ، وقضى إعمالاً لنص المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر بالإضافة إلى باقي العقوبات المقضي بها ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير سند متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وفق نص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، وعاقبه بالحبس لمدة ستة أشهر ، وهي العقوبة المقررة لجريمة ( الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري ) - المؤثمة بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 - ظناً منه خطأ أنها الجريمة ذات الوصف الأشد ، وإذ كانت العقوبة المقررة لجريمة ( تحريض واستخدام أُنثى لم تتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية على ارتكاب الدعارة مع الرجال بمقابل مادي دون تمييز ) المؤثمة بنص المادة 1/ أ ، ب من القانون رقم 10 لسنة 1961 باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد هي ( الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه ) فإن الحكم المطعون فيه يكون أخطأ في تطبيق القانون بالنزول عن الحد الأدنى للعقوبة المقيدة للحرية ، كما أغفل توقيع عقوبة الغرامة ، مما كان يتعين معه لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ وإعمال صحيح القانون ، بيد أنه لما كان المحكوم عليه هو وحده الطاعن على الحكم دون النيابة العامة ، فمن ثم لا تملك محكمة النقض - مع خطأ محكمة الموضوع في تطبيق القانون - سوى الإبقاء على تلك العقوبة المقضي بها حتى لا يضار بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق