جلسة 27 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / هاني عبد الجابر نائب رئـيس المحكـمة وعضوية السادة القضاة / أحمد عبد الودود ، حازم بدوي ، وليد حسن حمزة وهاني مختار المليجي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(109)
الطعن رقم 12965 لسنة 89 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
تقديم أسباب الطعن بالنقض في الميعاد دون التقرير به . أثره ؟
(2) محكمة النقض " سلطتها " . قصد جنائي .
لمحكمة النقض تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها دون تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها . ما دامت النيابة لم تطعن . خطأ الحكم باعتبار إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من القصود . يوجب رده إلى وصفه الصحيح وهو الاتجار . أساس ذلك ؟
مثال .
(3) مسئولية جنائية . مواد مخدرة . قصد جنائي .
المسئولية في جريمة إحراز وحيازة المخدر . مناط تحققها ؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر . تحققه بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه .
(4) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
(5) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس باطمئنانه لأقوال ضابط الواقعة . كفايته رداً عليه . أساس ذلك ؟
(6) فاعل أصلي . اشتراك .
نعي الطاعن بانتفاء الاشتراك في الجريمة . غير مقبول . متى دانه الحكم بصفته فاعلاً أصلياً فيها .
(7) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " .
نعي الطاعن ببطلان إقراره بمحضر الضبط . غير مقبول . متى اطمأنت المحكمة لقول الضابط في هذا الشأن .
(8) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
نعي الطاعن ببطلان ضبطه لعدم شمول الإذن له . غير مقبول . ما دام أن القبض والتفتيش تما بناءً على توافر حالة التلبس .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن بشأن الأقوال التي اطمأنت إليها المحكمة والقول بانتفاء صلته بالمضبوطات وبكيدية الاتهام وتلفيقه . جــــدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(11) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أثر الطعن " . محكمة النقض " سلطتها " .
قضاء الحكم بعقوبة مستقلة عن جريمة إحراز سلاح أبيض رغم ارتباطها بجريمة إحراز المخدر ذات العقوبة الأشد . خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به عنها . اتصاله بالطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً . أثره : وجوب امتداد التصحيح إليه . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن وإن قدم أسباباً لطعنه في الميعاد ، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم ، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم منه شكلا .
2- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه ، أنه إثر تلقى الضابط شاهد الإثبات نبأ اتجار الطاعن الأول في المواد المخدرة في الطريق العام ، انتقل إلى مكان وجوده رفقة مصدره السرى وتظاهر الأخير برغبته في شراء المخدر ، فقدم له الطاعن الأول قطعة لمخدر الحشيش من حقيبة بحوزة الطاعن الثاني ، فألقى الضابط القبض عليهما وبفض الحقيبة عثر بداخلها على عشرة قطع من المخدر عينه ، وبمواجهتهما أقرا بإحرازها بقصد الاتجار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه – على هذه الصورة – في حق الطاعن دليلين استمدهما من أقوال شاهد الإثبات – الذى أورد مضموناً لأقواله يطابق ما أورده بياناً لواقعة الدعوى – ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتب عليهما . لما كان ذلك ، وكان الشارع بموجب نص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لم ينه محكمة النقض عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها ، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها حتى لا يضار طاعن بطعنه ، بل إن القانون فرض على محكمة النقض أن تراقب صحة إضفاء محكمة الموضوع للوصف الصحيح على الواقعة ، وكانت واقعات الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه – على السياق المتقدم – هي عملية بيع من الطاعن وشراء من الشاهد للمادة المخدرة المضبوطة ، لا تحمل سوى وصفاً واحداً وهو أن إحراز الطاعن لتلك المادة كان بقصد الاتجار ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين اعتبر إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان مجرداً من القصود المسماة في القانون ، فإنه يتعين على هذه المحكمة – محكمة النقض – أن ترد ذلك الوصف إلى وصفه الصحيح وهو الإحراز بقصد الاتجار ، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن وحده – دون النيابة العامة – فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى به الحكم المطعون فيه ، ولا يجدي الطاعن من بعد تعييب الحكم المطعون فيه بالتناقض .
3- من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر ، فإن ذاك الذى أورده الحكم – على النحو المار بيانه – واضح وكافٍ في بيان واقعة الدعوى – بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها – ويحقق مراد المشرع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور والإبهام في هذا الخصوص .
4- لما كان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير المعمل الكيماوي كافياً في بيان مضمون هذا التقرير الذى عول عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بما اطمأن إليه من أقوال ضابط الواقعة من أن تظاهر المصدر السرى – تحت بصره وإشرافه – بشراء مخدر من الطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً بقصد ضبط جريمة يقارفها ، وهو لا يعد تحريضاً منه له على ارتكاب الجريمة تلك ما دام أن إرادة الأخير بقيت غير معدومة ، وأن القبض عليه وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بتمام التعاقد ، وهو – من الحكم – كافٍ وسائغ في الرد على الدفع المار ذكره ويتفق وصحيح القانون طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بصفته فاعلاً أصلياً في جريمتي إحراز المخدر والسلاح الأبيض وليس بصفته شريكاً فيهما ، فإن ما يثيره بشأن انتفاء الاشتراك يكون وارداً على غير محل .
7- لما كان لا محل لما يثيره الطاعن من بطلان الإقرار المعزو إليهما بمحضر الضبط ، إذ إن ذلك لا يعد إقراراً وإنما هو مجرد قول للضابط اطمأنت إليه محكمة الموضوع .
8- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن القبض على الطاعن وتفتيشه تم بناءً على توافر حالة التلبس ، فإن نعيه ببطلان ضبطه لعدم شمول الإذن له يكون غير متعلقاً بالحكم أو متصلاً به .
9- لما كانت المحكمة قد اطمأنت – في نطاق سلطتها التقديرية – إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم بهذه الأقوال أو محاولة تجريحها ، والقول بانتفاء صلته بالمضبوطات وبكيدية الاتهام وتلفيقه ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذى تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- لما كان ما يثيره الطاعن بخصوص قعود النيابة العامة عن تفريغ الأقراص المدمجة والاطلاع على دفتر الأحوال لا يعد أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يطلب من المحكمة استكمال ذاك النقص ، واكتفى بتلاوة أقوال ضابط الواقعة ، وتليت بالجلسة ، ثم ترافع المدافع عنه في الدعوى دون أن يطلب في ختام مرافعته سماع شاهد الإثبات أو أفراد قوة الضبط ، فليس له من بعد النعي على المحكمة إمساكها عن سماعهم أو قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه .
11- لما كان صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن بوجه النعي من خطأ الحكم في تطبيق القانون حين أوقع عليه عقوبة مستقلة عن جريمة إحراز السلاح الأبيض رغم عدم وجوب توقيعها لقيام الارتباط بينها وبين جريمة إحراز المخدر – ذات العقوبة الأشد – التي أوقع عليه عقوبتها، بما يوجب – إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 – تصحيحه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما عليه عن الجريمة الثانية ، ولما كان الخطأ الذى تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الثاني الذى قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ، ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم وتصحيحه واحدة إذ تتأبى العدالة أن يمتد إليه أثر نقض الحكم ولا يمتد هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
1- أحرزا بقصد الاتجار جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- أحـرزا سلاحاً أبيض " كتـر " بـدون مسوغ مـن الضـرورة المهنيـة أو الشخصية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمُعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱/۱، ۲، 38 /1، 42 /1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ ، والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ١٩٩٧، والمـواد 1/1، ٢٥ مكرراً/۱، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة ۱۹۷۸، 165 لسنة 1981 والبند 7 مـن الجـدول رقم 1 الملحـق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة ٢٠٠٧ ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لكل منهما وبتغريم كل منهما مبلغ خمسون ألف جنيه عن التهمة الأولى ، وبالحبس مع الشغل لمدة شهر لكل منهما وتغريم كل منهما مبلغ مائتي جنيه عن التهمة الثانية وبمصادرة المضبوطات ، باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من القصود .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني :
من حيث إن الطاعن وإن قدم أسباباً لطعنه في الميعاد ، إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض في الحكم ، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم منه شكلا ً.
ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن الأول :
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر مخدر بغير قصد ، وسلاح أبيض دون مسوغ ، قد شابه التناقض ، والقصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه بعد أن اعتنق صورة لواقعة الدعوى قوامها أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وخلص من ذلك إلى توافر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش عاد ونفى عنه هذا القصد ، وأُفرغ في عبارات عامة مبهمة خلت من بيان أركان الجريمتين المار بيانهما ، واكتفى في بيان مضمون تقرير المعمل الكيماوي بإيراد نتيجته ، واطرح بما لا يصلح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وفاته الرد على دفاع الطاعن القائم على انتفاء اشتراكه مع الطاعن الثاني في الجريمة ، وبطلان الإقرار المعزو إليهما بمحضر الضبط ، وبطلان ضبطه لعدم شمول الإذن له ، وانتفاء صلته بالمضبوطات ، وكيدية وتلفيق الاتهام ، وعول على أقوال ضابط وانفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له عنها ، وقعدت المحكمة – والنيابة العامة من قبل – عن تفريغ الأقراص المدمجة والاطلاع على دفتر الأحوال وسماع الضابط المار ذكره وأفراد قوة الضبط أمامها ، وأوقعت عليه عقوبة مستقلة عن الجريمة الثانية رغم قيام الارتباط بين الجريمتين اللتين دانه بهما ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه ، أنه إثر تلقى الضابط شاهد الإثبات نبأ اتجار الطاعن الأول في المواد المخدرة في الطريق العام ، انتقل إلى مكان وجوده رفقة مصدره السرى وتظاهر الأخير برغبته في شراء المخدر ، فقدم له الطاعن الأول قطعة لمخدر الحشيش من حقيبة بحوزة الطاعن الثاني ، فألقى الضابط القبض عليهما وبفض الحقيبة عثر بداخلها على عشرة قطع من المخدر عينه ، وبمواجهتهما أقرا بإحرازها بقصد الاتجار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه – على هذه الصورة – في حق الطاعن دليلين استمدهما من أقوال شاهد الإثبات – الذى أورد مضموناً لأقواله يطابق ما أورده بياناً لواقعة الدعوى – ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي ، وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتب عليهما . لما كان ذلك ، وكان الشارع بموجب نص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لم ينه محكمة النقض عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها ، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها حتى لا يضار طاعن بطعنه ، بل إن القانون فرض على محكمة النقض أن تراقب صحة إضفاء محكمة الموضوع للوصف الصحيح على الواقعة ، وكانت واقعات الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه – على السياق المتقدم – هي عملية بيع من الطاعن وشراء من الشاهد للمادة المخدرة المضبوطة ، لا تحمل سوى وصفاً واحداً وهو أن إحراز الطاعن لتلك المادة كان بقصد الاتجار ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين اعتبر إحراز الطاعن للمواد المخدرة كان مجرداً من القصود المسماة في القانون ، فإنه يتعين على هذه المحكمة – محكمة النقض – أن ترد ذلك الوصف إلى وصفه الصحيح وهو الإحراز بقصد الاتجار ، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن وحده – دون النيابة العامة – فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى به الحكم المطعون فيه ، ولا يجدي الطاعن من بعد تعييب الحكم المطعون فيه بالتناقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة ، إما بحيازة المخدر الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر ، فإن ذاك الذى أورده الحكم – على النحو المار بيانه – واضح وكافٍ في بيان واقعة الدعوى – بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها – ويحقق مراد المشرع الذى استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور والإبهام في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير المعمل الكيماوي كافياً في بيان مضمون هذا التقرير الذى عول عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بما اطمأن إليه من أقوال ضابط الواقعة من أن تظاهر المصدر السرى – تحت بصره وإشرافه – بشراء مخدر من الطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً بقصد ضبط جريمة يقارفها ، وهو لا يعد تحريضاً منه له على ارتكاب الجريمة تلك ما دام أن إرادة الأخير بقيت غير معدومة ، وأن القبض عليه وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بتمام التعاقد ، وهو – من الحكم – كافٍ وسائغ في الرد على الدفع المار ذكره ويتفق وصحيح القانون طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بصفته فاعلاً أصلياً في جريمتي إحراز المخدر والسلاح الأبيض وليس بصفته شريكاً فيهما ، فإن ما يثيره بشأن انتفاء الاشتراك يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان لا محل لما يثيره الطاعن من بطلان الإقرار المعزو إليهما بمحضر الضبط ، إذ إن ذلك لا يعد إقراراً وإنما هو مجرد قول للضابط اطمأنت إليه محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن القبض على الطاعن وتفتيشه تم بناءً على توافر حالة التلبس ، فإن نعيه ببطلان ضبطه لعدم شمول الإذن له يكون غير متعلقاً بالحكم أو متصلاً به . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت – في نطاق سلطتها التقديرية – إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم بهذه الأقوال أو محاولة تجريحها ، والقول بانتفاء صلته بالمضبوطات وبكيدية الاتهام وتلفيقه ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذى تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بخصوص قعود النيابة العامة عن تفريغ الأقراص المدمجة والاطلاع على دفتر الأحوال لا يعد أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة وهو ما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أنه لم يطلب من المحكمة استكمال ذاك النقص ، واكتفى بتلاوة أقوال ضابط الواقعة ، وتليت بالجلسة ، ثم ترافع المدافع عنه في الدعوى دون أن يطلب في ختام مرافعته سماع شاهد الإثبات أو أفراد قوة الضبط ، فليس له من بعد النعي على المحكمة إمساكها عن سماعهم أو قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن بوجه النعي من خطأ الحكم في تطبيق القانون حين أوقع عليه عقوبة مستقلة عن جريمة إحراز السلاح الأبيض رغم عدم وجوب توقيعها لقيام الارتباط بينها وبين جريمة إحراز المخدر – ذات العقوبة الأشد – التي أوقع عليه عقوبتها ، بما يوجب – إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 – تصحيحه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما عليه عن الجريمة الثانية ، ولما كان الخطأ الذى تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الثاني الذى قُضي بعدم قبول طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ، ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم وتصحيحه واحدة إذ تتأبى العدالة أن يمتد إليه أثر نقض الحكم ولا يمتد هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق