الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 يوليو 2023

الطعن 899 لسنة 43 ق جلسة 10 / 12 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 411 ص 2256

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي حافظ - نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين عاصم المولفى، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم وعلي عمرو.

---------------

(411)
الطعن رقم 899 لسنة 43 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". حكم.
اختصام أحد المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف دون توجيه طلبات إليه. وقوفه من الخصومة موقفاً سلبياً. أثره. عدم قبول الطعن بالنقض بالنسبة إليه.
(2) بطلان. دعوى. نظام عام.
بطلان الإجراءات المترتب على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى. غير متعلق بالنظام العام. علة ذلك.
(3) إثبات. نظام عام.
قواعد الإثبات ليست من النظام العام. جواز الاتفاق على مخالفتها والنزول عنها.
(4) وكالة. محاماة.
إهمال المحامي في المحافظة على مستندات موكله. عدم انصراف آثاره للموكل. اعتباره سبباً أجنبياً علة ذلك.
(5) بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة ونفاذ عقد البيع. ماهيتها.
(6) صورية. محكمة الموضوع.
تقدير كفاية أدلة الصورية. استقلال محكمة الموضوع به.
(7) حكم "حجية الحكم". صلح.
تصديق المحكمة على الصلح. ماهيته. لا يعد قضاء له حجية الشيء المحكوم فيه. البيع الذي سبق أن تحرر بشأنه عقد صلح صدقت عليه المحكمة. القضاء ببطلانه لصوريته، لا خطأ.
(8) استئناف "الحكم في الاستئناف" "تسبيبه".
إحالة الحكم الاستئنافي في بيان الوقائع والأسباب إلى ما ورد بالحكم الابتدائي. صحيح. شرط ذلك.

--------------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن يكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان المطعون ضده الأخير قد اختصم أمام محكمة الاستئناف دون أن توجه إليه طلبات وكان موقفه من الخصومة سلبياً ولم تصدر عنه منازعة أو يثبت له دفاع ولم يحكم أو عليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان الإجراءات المترتب على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى غير متعلق بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته وهو من يقوم مقام من فقد أهليته أو زال صفته.
3 - قواعد الإثبات ليست من النظام العام ولذلك يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنه.
4 - وكالة المحامي وإن كانت تستلزم منه المحافظة على ما يعهد به إليه موكله من مستندات إلا أن إهماله في المحافظة عليها لا يمكن أن تنصرف آثاره إلى الموكل لأن النقد في هذه الصورة لم يكن من فعل الموكل أو نتيجة إهماله ومن ثم يتحقق به السبب الأجنبي الذي لا يد للدائن فيه في حكم المادة 63 - 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ولهذا فإن المشتري لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى ممكنين.
6 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير كفاية أدلة الصورية هو مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى.
7 - القاضي وهو يصدق على الصلح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته، لما كان ذلك فإنه لا تترتب على الحكم المطعون فيه إن هو قضى ببطلان عقد البيع المؤرخ......... الذي حرر بشأن عقد صلح صدقت عليه المحكمة لما تبين أنه صوري صورية مطلقة وأن تلك الصورية تجعل العقد والعدم سواءً مما يترتب على الحكم ببطلانه إلغاء كافة الآثار القانونية المترتبة على رفع الدعوى بصحته ونفاذه ومنها تسجيل صحيفتها.
8 - لا يعيب الحكم الاستئنافي إذ هو أيد الحكم الابتدائي أن يحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في الأسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهما الثانية والثالثة أقامتا الدعوى رقم 5065 سنة 1966 مدني كلي القاهرة على الطاعن والمطعون ضدهم الأول والرابعة إلى السابعة - وطلبتا - وفقاً لطلباتهما الختامية - أصلياً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 9 - 6 - 1956 المتضمن بيع مورث المطعون ضدهم من الرابعة إلى السابعة لمورثهما........ حصة مقدارها النصف شائعة في المنزل المبين به وبالصحيفة واحتياطياً الحكم أولاً: بصحة ونفاذ العقد سالف البيان وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 27 - 5 - 1955 والمتضمن بيع المطعون ضده الأول لمورث المطعون ضدهم من الرابعة إلى السابعة..... ذات الحصة المبيعة لمورثهما بالعقد الأول ثانياً: ببطلان عقد البيع المؤرخ 18 - 8 - سنة 1958 المتضمن بيع المطعون ضده الأول للطاعن كامل أرض وبناء المنزل سالف البيان وذلك في حدود النصف على الشيوع وبإلغاء كافة الآثار المترتبة على هذا العقد بما فيها تسجيل صحيفة الدعوى رقم 4206 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وقالتا بياناً لدعواهما إنه بموجب عقد مؤرخ 27 - 5 - 1955 باع المطعون ضده الأول لمورث المطعون ضدهم من الرابعة إلى السابعة حصة شائعة مقدارها النصف في المنزل سالف الذكر وفقد هذا العقد من مورثها بسبب أجنبي لا يد له فيه ثم باعها المورث المذكور بعقد مؤرخ 9 - 6 - 1956 ووقع المطعون عنده الأول عليه مصادقاً على ما جاء به، ولإعسار الأخير ورفع ثلاث دعاوى لإشهار إفلاسه حرر عقداً صورياً صورية مطلقة مؤرخاً 18 - 8 - 1958 يتضمن بيعه لصهره الطاعن كامل أرض وبناء المنزل موضوع التداعي أقام الأخير الدعوى رقم 4206 سنة 1960 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحته ونفاذه وسجل صحيفتها وصدر الحكم فيها بالتصديق على محضر الصلح المقدم فيها فرفع المطعون ضدهما الثانية والثالثة دعواهما بالطلبات السابقة. وبتاريخ 19 - 1 - 1970 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما الثانية والثالثة بكافة طرق الإثبات أن المطعون ضده الأول تصرف بالبيع في حصة شائعة مقدارها النصف في المنزل موضوع النزاع إلى مورث المطعون ضدهم من الرابعة إلى السابعة بعقد مؤرخ 27 - 5 - 55 وأن هذا العقد فقد من مورثهما بسبب أجنبي لا يد له فيه وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 9 - 11 - 1970 بطلبات المطعون ضدهما الثانية والثالثة، استأنف الطاعن والمطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3694 لسنة 87 قضائية القاهرة وبتاريخ 27 - 6 - 1973 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأخير وقبوله شكلاً فيما عداه وبرفضه موضوعاً. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأخير - مصلحة الشهر العقاري - فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون ضده الأخير قد اختصم أمام محكمة الاستئناف دون أن توجه إليه طلبات وكان موقفه في الخصومة سلبياً ولم تصدر عنه منازعة أو يثبت له دفاع ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم - عدا الأخير - قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ستة ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول وقد حكم بإشهار إفلاسه في 17 - 1 - 1961 وقدم لمحكمة أول درجة صورة من حكم الإفلاس على ما هو ثابت بمدونات حكمها فإن محكمة الدرجة الأولى - والتي تأيد حكمها بالحكم المطعون فيه - لم تقض بعدم قبول الدعوى لرفعها على شخص محكوم بإفلاسه أو بانقطاع سير الخصومة طبقاً للمادة 130 من قانون المرافعات الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بطلان الإجراءات المترتب على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى غير متعلق بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته وهو من يقوم مقام من فقد أهليته أو زالت صفته، ولما كان ذلك فإنه لا يكون للطاعن أن يحتج ببطلان الحكم المطعون فيه لزوال أهلية المطعون ضده الثاني ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة التي تأيد حكمها بالحكم المطعون فيه أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات التصرف موضوع عقد البيع المؤرخ 27 - 5 - 1955 قبل أن يثبت فقد سنده الكتابي بسبب قهري لا دخل لإدارة الدائن فيه بل جعلت واقعة فقد السند ضمن الوقائع التي يشملها ذلك التحقيق ورغم مجاوزة قيمة هذا العقد لمبلغ عشرين جنيهاً مما لا يجوز معه الإثبات بشهادة الشهود إلا بعد التحقيق من واقعة فقد السند كما استخلصت تلك الواقعة من أن مورث المطعون ضدهما الثانية والثالثة كان قد سلم هذا المستند مع مستندات أخرى لمحاميه الذي قصر في حفظها وإعادتها لمورثهما فتقدمتا ضده وثبت من تحقيق اللجنة المختصة تقصيره فأحيل لمجلس نقابة المحامين لمساءلته وهو استخلاص غير سائغ ولا يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلصت إليها كما أن فقد السند من الوكيل بإهماله لا يعد سبباً قهرياً بالنسبة للموكل الذي تتصرف إليه آثار تصرفات وكيله بما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول ذلك أنه لما كانت قواعد الإثبات ليست من النظام العام ولذلك يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنه، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد ارتضى حكم الإحالة إلى التحقيق ونفذه بإعلان شاهديه وسماعهما ولم يتعرض على هذا الحكم حتى صدر الحكم المطعون فيه فلا يقبل منه - أمام هذه المحكمة - التمسك بعدم جواز إثبات التصرف موضوع العقد المؤرخ 27 - 5 - 1955 إلا بالكتابة ومردود في شقه الثاني بأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد استخلص من المستندات المقدمة من المطعون ضدهما الثانية والثالثة أن مورثهما سلم عقد البيع المؤرخ 27 - 5 - 1955 إلى محاميه مع مستندات أخرى ليقدمه في الدعوى التي سيرفعها بطلب صحة ونفاذ هذا العقد ولكن هذا السند فقد بإهمال هذا المحامي مما أدى إلى إحالته إلى مجلس نقابة المحامين لمساءلته وبذلك قد فقد بسبب أجنبي لا يد لمورثهما فيه لأن السبب الأجنبي يتحقق إذ كان فقد السند لا يرجع إلى فعل الدائن أو إهماله وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل غير مقبول أمام محكمة النقض ولا يجديه قوله بأن إهمال المحامي الوكيل عن مورث المطعون ضدهم الثانية والثالثة في المحافظة على هذا المستند يرتد أثره إلى الموكل بحكم الوكالة ذلك أن وكالة المحامي وإن كانت تستلزم منه المحافظة على ما يعهد به إليه موكله من مستندات إلا أن إهماله في المحافظة عليها لا يمكن أن تنصرف آثاره إلى الموكل لأن الفقد في هذه الصورة لم يكن من فعل الموكل أو نتيجة إهماله ومن ثم يتحقق به السبب الأجنبي الذي لا يد للدائن فيه في حكم المادة 63 - 2 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض بين أسباب الحكم ومنطوقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن الطلب الأصلي بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 9 - 6 - 1956 غير مقبول لعدم اختصام المدعيتين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) لبائع البائع لمورثهما ثم عاد في منطوقه وقضى بصحة ونفاذ هذا العقد بما يعيبه بالتناقض، كما أنه تمسك في صحيفة الاستئناف بأن المنزل موضوع النزاع مملوك للمطعون ضده الأول وإخوته ميراثاً عن والدهم وأن الأخير قد اشترى أنصبة إخوته بعقود عرفية لم تسجل ولم يختصم هؤلاء الإخوة في الدعوى مما يجعلها غير مقبولة ورد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن الثابت من القضية رقم 4103 سنة 964 مدني كلي القاهرة أن الأرض المقام عليها المنزل مملوكة للمطعون ضده الأول بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع بما يجعله مشوباً بالقصور في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير صحيح ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أنه عندما تعرض للفصل في الطلب الأصلي وهو صحة نفاذ عقد البيع المؤرخ 9 - 6 - 1956 وحده قرر أنه غير مقبول لعدم اختصام المدعيتين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) للبائع لمورثهما بعقد عرفي ثم عرض لطلبهما الاحتياطي وهي صحة ونفاذ العقد سالف البيان وعقد البائع لمورثهما المؤرخ 27 - 5 - 1955 وأجابهما إليه ثم تضمن منطوقه القضاء بصحة ونفاذ العقدين ولذا لا يكون ثمة تناقض بين أسبابه ومنطوقه، ومردود في شقه الثاني بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ولهذا فإن المشتري لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى ممكنين. وكان الطاعن قد دفع بعدم قبول الدعوى بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 27 - 5 - 1955، 9 - 6 - 1956 لعدم اختصام إخوة المطعون ضده الأول فيها وهو البائع للبائع لمورث المطعون ضدهما الثانية والثالثة (المدعيتين) لأن المطعون ضده الأول اشترى منهم أنصبتهم في المنزل المبيع نصفه بالعقدين سالفي البيان بعقود عرفية ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بقوله "ثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 4103 سنة 1962 مدني كلي القاهرة بأن المستأنف الثاني (المطعون ضده الأول) مالك للأرض المقام عليها المنزل موضوع التداعي موضوع التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن المباني المقامة على هذا المنزل مملوكة له "مما مفاده أنه اكتسب ملكية جميع المنزل بسبب من أسباب كسب الملكية مما يجعل انتقال الملكية للمشترين وتسجيل الحكم الذي يصدر بصحة ونفاذ عقدي البيع موضوع الدعوى ممكنين مما يجعل دعوى المطعون ضدهما الثانية والثالثة مقبولة دون حاجة إلى اختصام أخو المطعون - ضده الأول ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان العقد المؤرخ 18 - 8 - 1958 لصوريته صورية مطلقة إلى قرائن تتمثل في المصاهرة بين طرفي العقد (الطاعن والمطعون ضده الأول) وفي إعسار البائع ومديونيته السابقة لمورث المدعيتين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) وعدم انتظامه في سداد الأقساط المتفق عليها بينها ونقل ملكية محله التجاري لابنه واجتهاده في الدفاع عن نفسه في الدعوى التي رفعت ضده بالحراسة القضائية وطلب طرده من العقار محل التعاقد ولو كان قد باع حقاً لكفى نفسه مؤونة هذا الدفاع، وكل من تلك القرائن أو جميعها لا تؤدي إلى صورية العقد صورية مطلقة وليس أدل على عدم صوريته أن المطعون ضدهما الثانية والثالثة تمسكتا في الدعوى بسبب آخر لبطلان العقد وهو صدوره من مفلس في فترة الريبة لم تحققه المحكمة مما يدل على عدم صحة استنادهما إلى الصورية المطلقة كسبب لذلك البطلان مما يعيب الحكم بالخطأ في القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير أدلة الصورية هو مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى كما أن تقدير القرائن هو أيضاً مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه منها متى كان استنباطه سائغاً، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قرر "أن المدعيتين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) ساقتا عدة قرائن على الصورية من ذلك علاقة المصاهرة التي تربط البائع......... (المطعون ضده الأول) بالمشتري...... (الطاعن) فالبائع زوج شقيقة المشتري والبائع معسر ومهدد في تجارته بالإفلاس وأقيمت ضده ثلاث دعاوى لشهر إفلاسه وانتهت بالحكم في واحد منها يشهر إفلاسه ومن قبل ذلك فهو مدين لمورث المدعيتين وسويت المديونية باتفاق مؤرخ 31 - 10 - 1956 على تقسيط دينه على أقساط شهرية لم ينتظم في سدادها ثم نقله ملكية محله التجاري إلى ابنه وذلك كله ثابت من مستندات المدعيتين...... ومن القرائن التي تفيد الصورية كذلك اجتهاد المدعى عليه الثاني (المطعون ضده الأول) في الدفاع عن نفسه في الدعاوى التي رفعت ضده سواءً المتعلقة بالحراسة القضائية على العقار أو طلب طرده من العقار وإزالة البناء ولو كان البيع حقيقياً لا صورياً لكفى نفسه مئونة ذلك والمحكمة تأخذ بهذه القرائن وتطمئن إليها كدليل كامل تقتنع معه بصورية عقد البيع المؤرخ 18/ 8/ 1958 وكان يبين من ذلك أن الحكم دلل على الصورية بقرائن سائغة مستمدة من أوراق الدعوى ومن شأنها مجتمعة أن النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه في هذا الصدد فإنه لا يجوز للطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها أو فسادها ولا بجدية التمسك بعدم مناقشة الحكم لم ساقته المطعون ضدهما الثانية والثالثة من أدلة أخرى على بطلان العقد المؤرخ 18 - 8 - 1958 - ما دام لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير الأدلة فلها أن تأخذ بما تطمئن إليه الأدلة وتطرح ما عداه دون حاجة إلى الرد على الأدلة التي لم تأخذ بها ما دام أن حكمها يقوم على اعتبارات تسوغ النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن تكون مجادلة في تقدير الدليل مما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من عدة وجوه أولها أن قضاء الحكم بصورية العقد المؤرخ 18 - 8 - 1858 قد أهدر حجية حكم سابق حائز كقوة الأمر المقضي صدر في الدعوى رقم 4206 سنة 1960 مدني كلي القاهرة بصحته ونفاذه ولا يجوز إبطال هذا الحكم بدعوى مبتدأة ثانيها أن الحكم قضى بمحو شهر صحيفة الدعوى سالفة البيان لعدم التأشير بالحكم الصادر في الدعوى على هامشها في حين أن القانون لم يحدد مدة لإجراء هذا التأشير ويظل أثر هذا الشهر قائماً - ثالثها - أن المقرر قانوناً أن البطلان لا يتجزأ وإذ قصر الحكم المطعون فيه قضاءه ببطلان العقد المؤرخ 18 - 8 - 1958 في حدود نصف العقار على الشيوع دون أن يقضي برفض طلب بطلانه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي بهذه الأوجه غير سديد ذلك أنه لما كان القاضي وهو يصدق على الصلح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يعطي شكل الأحكام عند إثباته، لما كان ذلك فإنه لا يترتب على الحكم المطعون فيه وإن هو قضى ببطلان المؤرخ 18/ 8/ 1958 الذي حرر بشأنه عقد صلح صدقت عليه المحكمة لما تبين وعلى ما سلف ذكره في الرد على السبب الرابع - أنه صوري صورية مطلقة وذلك في حدود النصف على الشيوع في العقار محل التعاقد وفقاً لطلبات المطعون ضدهما الثانية والثالثة "المدعيتين" والتي يتعين على المحكمة الالتزام بها في قضائها، وأن تلك الصورية تجعل العقد والعدم سواءً مما يترتب على الحكم ببطلانه إلغاء كافة الآثار القانونية المترتبة على رفع الدعوى بصحته ونفاذه ومنها تسجيل صحيفتها، إذا كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون هذا وغير صحيح ما يقوله الطاعن من أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بمحو شهر صحيفة الدعوى لعدم التأشير بالحكم الصادر فيها على هامش صحيفتها لأن ما أورده الحكم بمدوناته في هذا المقام كان بصدد الحكم بصحته ونفاذ العقدين موضوع التداعي.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيانه يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه استخلاص من توقيع المطعون ضده الأول على عقد البيع المؤرخ 9 - 6 - 1957 كشاهد قرينة على صحة عقد البيع المؤرخ 27 - 5 - 1955 - وإجازته له في حين أنها لا تفيد ذلك بما يعيبه بالفساد في الاستدلال، كما أنه رد على دفاعه بأن عقد البيع سالف الذكر هو بيع وقائي بقوله إن مؤدى أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة أن هذا البيع بات وصحيح في حين أن حكم الإحالة إلى التحقيق لم ينصب على تلك الواقعة مما يجعله قاصر البيان في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استدل على صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27 - 5 - 1955 وعلى فقد سنده من أقوال شهود المطعون ضدهما الثانية والثالثة التي أطمأنت إليها المحكمة ومن توقيع البائع فيه (المطعون ضده الأول) على عقد البيع المؤرخ 9 - 6 - 1956 الشاهد والصادر من المشتري في العقد الأول لمورث المطعون ضدهما الثانية والثالثة كقرينة على صحة العقد الأول ضمن قرائن أخرى متساندة تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم كأنه لا يجوز للطاعن المجادلة في تلك النتيجة بمناقشة كل قرينة على حدة الإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في نفي إدعاء الطاعن بأن عقد البيع المؤرخ 27 - 5 - 1955 هو بيع وقائي مخالف للنظام العام على شهادة الشهود الذين أطمأنت إلى أقوالهم بأنه عقد بيع صحيح مما ينتفي معه القول بأنه بيع وقائي باطل لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في مقدماته بما يبطله وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أحال في شأن وقائع النزاع إلى مدونات الحكم الابتدائي ورد على أسباب الاستئناف بإيجار اكتفى فيها بالإحالة إلى أسباب الحكم سالف البيان بما يفقده مقوماته ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعيب الحكم الاستئنافي إذ هو أيد الحكم الابتدائي أن يحيل على ما جاء فيه سواءً في بيان وقائع الدعوى أو في أسباب التي أقيم عليها متى كانت تكفي لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج في جوهرها عما قدموه لمحكمة أول درجة، وإذ كان البين من مدونات الحكم الابتدائي أنه تضمن بياناً كافياً لوقائع الدعوى ومراحلها وما استند إليه الخصوم من أدلة وحجج قانونية ورد الحكم المطعون فيه تفصيلاً على أسباب الاستئناف والتي لم تخرج في مجموعها عما أثاره الطاعن أمام محكمة أول درجة أقرب أسباب الحكم المستأنف التي تكفي لحمل قضائه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق