جلسة 4 من إبريل سنة 1979
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج وصبحي فرج.
-----------------
(190)
الطعن 550 لسنة 46 القضائية
إيجار. "إيجار الأماكن".
ترك المستأجر العين المؤجرة. لزوجه وأولاده ووالديه للبقاء بها أياً كانت مدة إقامتهم معه. لأقاربه حتى الدرجة الثالثة ذات الحق. شرطه. إقامتهم معه مدة سنة سابقة مباشرة على الترك. لا مبرر للتفرقة بين حالتي الترك والوفاة. م 21 ق 52 لسنة 1969.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1043 سنة 1974 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب إخلائهم من الشقة المبينة بالصحيفة وقال في بيانها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1953 استأجر منه الطاعن الثالث شقة بالعقار رقم....... قسم....... بالقاهرة، وإذ تنازل المستأجر عن الإجارة إلى الطاعنة الأولى وزوجها الطاعن الثاني دون إذن كتابي منه وبالمخالفة لنصوص العقد وأحكام قانون إيجار الأماكن فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 10/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن الطاعنة الأولى وزوجها الطاعن الثاني كانا يقيمان مع الطاعن الثالث مدة سنة سابقة على تركه العين وصلة قرابتهما به. وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 30/ 3/ 1975 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1840 لسنة 92 ق القاهرة بطلب إلغائه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 3/ 5/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعنين من الشقة المؤجرة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 لا تجيز لأقارب المستأجر من الدرجة الثالثة البقاء في العين المؤجرة بعد ترك المستأجر لها مهما استطالت مدة إقامتهم معه قبل الترك، ورتب على ذلك عدم إفادة الطاعنة الأولى منها، في حين أن مؤدى المشار إليها أن عقد الإيجار لا ينتهي بترك المستأجر للعين إذا بقى فيها أقرباء له من الدرجة الثالثة، وثبتت إقامتهم معه فيها مدة سنة على الأقل سابقة على الترك؛ وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - المنطبق على واقعة الدعوى - على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم" يدل على أن المشرع أجاز لبعض أقارب المستأجر البقاء في المسكن المؤجر حتى لو تركه المستأجر وأقام في مسكن آخر، وميز بين طائفة زوج المستأجر وأولاده ووالداه، فلم يشترط لبقائهم في المسكن المؤجر سوى أن يكونوا مقيمين مع المستأجر وقت الترك أياً كانت مدة إقامتهم معه فيه، وبين باقي أقارب المستأجر فشرط ألا تتعدى قرابتهم له الدرجة الثالثة، وأن تكون مدة إقامتهم سنة على الأقل سابقة مباشرة على تاريخ ترك المستأجر للمسكن، أو مدة شغله له إن قلت عن سنة. ولا مساغ للقول إن الفقرة الثانية من المادة حين تناولت فريق الأقارب حتى الدرجة الثالثة لم تذكر حالة الترك، واقتصرت على أن تكون إقامتهم في المسكن سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون عيباً في الصياغة، ويتنافى مع ما صرح به صدر المادة من أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين فيما يستأهل الاستهداء بحكمة التشريع والرجوع إلى الأعمال التحضيرية لمشروع القانون وكلها مؤدية إلى أن المشرع إنما قصد التسوية بين حالتي الترك والوفاة بالنسبة إلى كل من طائفتي الأقارب على سواء يؤيد هذا النظر ما جلته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون من أنه نص على عدم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة إذا بقى من كانوا يقيمون معه من ورثته أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة، بشرط أن تكون الإقامة مستمرة في السنة السابقة مباشرة على الوفاة أو الترك أو مدة شغل المكان أيهما أقل. يساند هذا القول أن المشروع كان لا يفرق أصلاً بين طائفتي الأقارب وكان يجعل منهما فريقاً واحداً، وأن التعديل الذي أجرته اللجنة التشريعية المشتركة من لجنتي الشئون التشريعية والخدمات إنما استهدف التفرقة بينهما في مدة الإقامة السابقة، وقصرها على الطائفة الثانية دون الأولى ولم يقصد على الإطلاق تمييزاً بين حالتي الوفاة أو الترك، يظاهر هذا الرأي ما ورد على لسان ممثل الحكومة بمجلس الأمة عند مناقشة هذا النص من أن "هناك توسعة لتشمل المادة كثيراً من الأقارب واشترط فيها شرط بسيط حتى تكون الفائدة أعم هو مجرد الإقامة معه لمدة سنة قبل الوفاة أو الترك". وما لبث المشرع أن أفصح عن اتجاهه السابق متداركاً هذا العيب في الصياغة إذ نص صراحة في العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن الذي حل محل القانون السابق على أنه يشترط في الفريق الثاني من الأقارب إقامتهم في المسكن مدة سنة سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله المسكن أيهما أقل، واقتصرت المذكرة الإيضاحية في شأنها على بيان أنها تقابل المادة 21 من القانون السابق، مما مفاده أن الهدف هو مجرد أحكام الصياغة وليس إنشاء لحكم مستحدث مغاير، تأكيداً بأن مراد المشرع هو استقرار الأوضاع في هذه المسألة التي استجدت بموجب القانون رقم 52 لسنة 1969، ومنع البلبلة في صددها تبعاً لقصر الفترة الفاصلة بين القانونين. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن نص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يبيح لأقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة - البقاء مهما كانت مدة استقرارهم في العين قبل الترك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
(1) نقض 16/ 11/ 1977 مجموعة المكتب الفني السنة 28 ص. ونقض 20/ 12/ 1978 مجموعة المكتب الفني السنة 29 ص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق