الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 يونيو 2023

الطعن 113 لسنة 46 ق جلسة 5 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 191 ص 27

جلسة 5 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سيف الدين سابق، وسعد العيسوي، وأحمد صبري أسعد؛ وجلال الدين أنسي.

----------------

(191)
الطعن رقم 113 لسنة 46 القضائية

(1) حيازة. إرث. وصية. إثبات.
القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني. شرط إعمالها. أن يكون المتصرف إليه وارث للمتصرف. عدم استفادة المورث من هذه القرينة.
(2) التزام. عقد. محكمة الموضوع.
استخلاص الفسخ الضمني للعقد. من مسائل الواقع. استقلال قاضي الموضوع به.
(3) صلح. حكم. دعوى.
تصديق القاضي على الصلح. ماهيته. انحسام النزاع بالصلح. أثره. عدم جواز تجديده بين المتصالحين.

---------------
1- دلت المادة 917 من القانون المدني على أنه من بين شروط إعمال هذا النص أن يكون المتصرف إليه وارثاً للمتصرف وإذ كانت هذه الصفة لا تتحدد إلا بوفاة المتصرف، مما لا يصح معه وصف المتصرف إليه بأنه وارث للمتصرف ما دام الأخير على قيد الحياة، فإن المورث لا يفيد من القرينة التي أقامتها هذه المادة (1).
2 - استخلاص الفسخ الضمني للعقد هو مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
3- القاضي وهو يصدق على محضر الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تقتصر على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق، ولا يعدو هذا الاتفاق أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه، إلا أن المادة 553 من القانون المدني نصت على أن تنحسم بالصلح المنازعات التي يتناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً" مما مؤداه أنه إذا انحسم النزاع بالصلح لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة مما حسمه الطرفان صلحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1325 لسنة 1963 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم طالباً الحكم باعتبار العقد المؤرخ 1/ 1/ 1961 المتضمن بيعه للمطعون عليه الأول العقار المبين بصحيفة الدعوى، هو عقد وصية وبرجوعه فيها، تأسيساً على أنه بموجب العقد المشار إليه أوصى لابنه المطعون عليه الأول بهذا العقار وأفرغا الوصية في صورة عقد بيع ذكرا فيه أن المشتري دفع ثمناً قدره 1000 جنيه وفي ذات تاريخ العقد حرر المطعون عليه المذكور إقراراً بعدم أحقيته في التصرف في المبيع أو في اقتضاء ريعه أو اتخاذ إجراءات نقل الملكية طوال حياة البائع. وبتاريخ 25/ 4/ 1974 حكمت المحكمة للطاعن بطلباته، استأنف المطعون عليه الأول بالاستئناف رقم 293 سنة 63 ق المنصورة وفي 4/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 229 لسنة 1967 مدني جزئي المطرية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثاني والثالث وبرفضه بالنسبة للمطعون عليه الأول. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث، أن النزاع ينحصر بين الطاعن والمطعون عليه الأول وأنه لم يحكم بشيء ضد المطعون عليهما الثاني والثالث ولا تتعلق أسباب الطعن بهما.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهما الثاني والثالث قد وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للطاعن أي طلبات قبلهما ولم يحكم عليهما بشيء، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تتعلق بهما، فإنه لا يقبل منه اختصامهما في الطعن أو يتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني وبالشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك بأن عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1963 الصادر منه لابنه المطعون عليه الأول يخفي وصية، واستدل على ذلك بورقة الضد المحررة في ذات تاريخ العقد والتي أقر فيها المطعون عليه المذكور بعدم التصرف في العقار المبيع أو اتخاذ إجراءات نقل ملكيته إلا بموافقة البائع (الطاعن) وأحقية الأخير في الانتفاع بالعقار مدى حياته، كما استند الطاعن إلى القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني لاحتفاظه بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض اعتبار العقد وصية تأسيساً على أن الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963 لم يتناول وجود عقد البيع وأن تلك القرينة لا يستفيد منها الطاعن لأنه غير وارث، في حين أن اشتراط الطرفين في ورقة الضد عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري يتعارض مع طبيعة عقد البيع المنجز، لأن نقل الملكية التزام أساسي وجوهري فيه، كما أنه ليس في نص المادة 917 من القانون المدني ما يمنع المورث (الطاعن) من التمسك بالقرينة القانونية المقررة به. من ناحية أخرى فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الاتفاق الذي تضمنته ورقة الضد قد فسخ بالصلح الذي انتهت به الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني المطرية والذي أقر فيه الطاعن بصحة العقد موضوع النزاع، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال لأن الصورية تستلزم وجود عقد ظاهر وعقد آخر مستتر، فلا يعدو ذلك الصلح أن يكون إعلاناً عن العقد الظاهر لا فسخاً للعقد المستتر.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 917 من القانون المدني إذ نصت على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك" فقد دلت على أنه من بين شروط إعمال هذا النص أن يكون المتصرف إليه وارثاً للمتصرف، وإذ كانت هذه الصفة لا تتحدد إلا بوفاة المتصرف، مما لا يصح معه وصف المتصرف إليه بأنه وارث للمتصرف ما دام الأخير على قيد الحياة، فإن المورث لا يفيد من القرينة القانونية التي أقامتها هذه المادة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ كان ذلك وكان تفسير العقد والمستندات واستظهار نية طرفيها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما كان تفسيرها تحتمله عبارات تلك الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد "أن الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963 لم يتناول وجود عقد البيع موضوع الدعوى فيهدروه ولم يتضمن عقداً حقيقياً آخر يختلف عن العقد الظاهر وهو عقد البيع إذ هو لم يتضمن تقريراً بأن عقد البيع إنما هو عقد صوري لا حقيقة له كما لم يتضمن ما يقطع بأنه وصية وأن ثمناً لم يدفع بل اقتصر الأمر على تضمنه شرط المنع من التصرف طوال حياة البائع وتقرير حق البائع في الانتفاع بالعقار مدى حياته وشرط المنع من التصرف أمر جائز لا ينال من صحة العقد بوصفه عقد بيع كما أن مجرد احتفاظ البائع بحق الانتفاع بالعقار لا يكفي بذاته دليلاً على صورية عقد البيع" وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً تحتمله عبارات ذلك الإقرار، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون مجرد جدل موضوعي في تقرير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. إذ كان ذلك وكان استخلاص الفسخ الضمني للعقد هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر "أن الصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية المتفق فيه على إعطاء المشتري (المطعون عليه) الحق في التصرف في العقار المبيع بسائر التصرفات القانونية وباعتباره أصبح مالكاً يكون هذا الصلح قد فسخ الاتفاق الذي تضمنه الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963" وهي تقريرات موضوعية سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 229 - لسنة 1963 مدني جزئي المطرية، مع أن تلك الدعوى انتهت بأن تقدم الطاعن والمطعون عليه بعقد صلح صدقت المحكمة عليه في 30/ 10/ 1963 مما لا يعتبر حكماً يحوز حجية الشيء المحكوم فيه، لأن - المحكمة لم تقض في خصومة وإنما قامت بعمل ولائي، فضلاً عن المطعون عليه لم يكن قد تمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه وإن كان القاضي وهو يصدق على محضر الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تقتصر على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق، ويعدو هذا الاتفاق أن يكون عقد ليس له حجية الشيء المحكوم فيه، إلا أن المادة 553 من القانون المدني نصت على "تنحسم بالصلح المنازعات التي يتناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق في الادعاءات التي تنزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً" مما مؤداه أنه إذا انحسم النزاع بالصلح لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحاً. ولما كان الواقع أن الطاعن أقام الدعوى طالباً الحكم بصورية عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1963 الصادر منه للمطعون عليه تأسيساً على أنه يستر وصية، ورد الأخير بأن العقد حقيقي منجز وأن النزاع قد انتهى بالصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية والذي أقر فيه الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من أسبابه - بعد أن ناقش أوجه الدفاع التي قدمها طرفا الخصومة، خلص إلى أن عقد البيع موضوع الدعوى عقداً حقيقياً وأن الصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية أعطى المشتري الحق في التصرف في العقار المبيع بسائر التصرفات القانونية، ثم قرر أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية وقد انتفت صحة الطعن بصورية العقد يكون مانعاً من إعادة طرح النزاع بشأن صحة البيع وصلاحيته لنقل الملكية بدعوى جديدة، ثم انتهى الحكم إلى القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإن هذا القضاء يكون متساوياً في نتيجته مع ما تؤدي إليه أسباب الحكم في مجموعها وهو القضاء برفض الدعوى. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد لا تتحقق به للطاعن إلا مصلحة نظرية بحتة وهي لا تصلح أساساً للطعن، فيكون هذا النعي غير مقبول.


(1) نقض 14/ 11/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1362.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق