جلسة 25 من فبراير سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
--------------
(37)
الطعن رقم 254 لسنة 36 القضائية
(أ) دعوى. "الدعوى البوليصية". صورية.
دعوى الصورية ودعوى عدم نفاذ التصرف، دعويان مختلفتان. إخفاق الخصم في إثبات الصورية. لا يمنعه من الطعن في العقد بالدعوى الأخرى.
(ب) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "تقدير أقوال الشهود" حكم "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع غير ملزمة بإبداء أسباب اطمئنانها لأقوال الشهود.
(جـ) استئناف. "الحكم في الاستئناف" دعوى.
قضاء المحكمة الاستئنافية بعدم نفاذ التصرف. هو قضاء ضمني بصحة العقد وإلغاء البطلان الذي قضت به المحكمة الابتدائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن معاطي عبده محمد البابلي أقام الدعوى رقم 135 سنة 1959 كلي دمياط ضد عبد المنعم عبد الفتاح بسيوني والسيدة سعاد محمد المصري يطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 15/ 8/ 1959 الصادر له من الأول بصفته وكيلاً عن زوجته المدعى عليها الثانية المتضمن بيعه له 21 ط و12 س من الأرض الزراعية المبينة بالعقد والعريضة نظير ثمن قدره 700 جنيه. وبجلسة 18/ 10/ 1959 طلب أحمد حسن نعمة الله (المطعون عليه الأول) التدخل في الدعوى لشرائه نفس القدر المبيع من المالكة الأصلية بعقد مؤرخ 7/ 8/ 1959 نظير ثمن قدره 600 جنيه وأنه أقام الدعوى رقم 141/ 1959 كلي دمياط ضد البائعة للحكم له بصحة العقد ونفاذه، ودفع بصورية عقد البيع، موضوع الدعوى 135 لسنة 1959 كلي دمياط. كما تدخل أحمد إبراهيم جاب الله المطعون عليه الأخير طالباً رفض الدعويين بحجة أن الأطيان المبيعة من أعيان وقف الشيخ إبراهيم العباسي. وفي 26/ 2/ 1961 قضت المحكمة بندب خبير في الدعويين لبيان ما إذا كانت الأرض موقوفة أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت في 24/ 11/ 1963 بعدم قبول أحمد إبراهيم جاب الله خصماً في الدعوى وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 7/ 8/ 1959 موضوع الدعوى رقم 141 لسنة 1959 كلي دمياط وبطلان عقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1959 موضوع الدعوى رقم 135/ 1959 كلي دمياط الصادر للمدعي من وكيل الزوجة. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه بجميع أجزائه والحكم في الدعوى رقم 135 لسنة 1959 بالطلبات الواردة بصحيفتها وفي الدعوى رقم 141 لسنة 1959 برفضها، وقيد هذا الاستئناف برقم 13 سنة 16 قضائية وفي 6/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف عن الحكم 141 لسنة 1959 لرفعه من غير ذي صفة وبقبول الاستئناف عن الحكم رقم 135 لسنة 1959 كلي دمياط وقبل الفصل في موضوعه بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أحمد حسن نعمة الله بكافة طرق الإثبات صورية عقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1959 صورية مطلقة، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 9/ 12/ 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لثبت الخصم المذكور أن التصرف الصادر للمستأنف من زوج المالكة بعقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1959 قد انطوى على غش من البائعة وأن من صدر له التصرف على علم بهذا الغش وأنه ترتب على هذا التصرف إعسار البائعة. وفي 7/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف فيما يتصل بقضائه ببطلان عقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1959 إلى عدم نفاذ هذا العقد في حق الدائن أحمد حسن نعمة الله الديب وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها بطلان الحكم المطعون فيه لتناقض أسبابه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قضت في 9/ 12/ 1965 برفض الدفع المبدى من المطعون عليه الأول بصورية عقد الطاعن ونفت بذلك قيام تواطؤ بينه وبين البائعة، ولما كان القضاء برفض الصورية قد حاز قوة الشيء المحكوم به لعدم الطعن فيه بطريق النقض فإنه لم يكن للمحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن نفس التصرف قد انطوى على غش من البائعة وأن المشتري يعلم بهذا الغش، وإذ أجازت المحكمة ذلك وقضت في النزاع على أساس التحقيق الذي أجرته فإن حكمها يكون باطلاً لتناقض أسبابه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن دعوى الصورية ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين هما دعويان مختلفتان، فيجوز للدائن إثبات أن العقد الذي صدر من المدين صوري بغية استبقاء المال الذي تصرف فيه في ملكه فإن أخفق جاز له الطعن في العقد الحقيقي بدعوى عدم نفاذ التصرف في حقه بغية إعادة المال إلى ملك المدين، كما أنه يجوز للدائن كذلك في الدعوى الواحدة أن يطعن في تصرف مدينه بالدعويين معاً على سبيل الخيرة فيحاول إثبات الصورية أولاً فإن لم ينجح انتقل إلى الدعوى الأخرى. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الدفع بالدعوى البوليصية بعد سبق الحكم برفض الدفع بالصورية لا يكون مشوباً بالتناقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات التي تؤدي إلى أن عقد البيع الصادر للطاعن قد انطوى على غش من البائعة لصدوره منها وهي عالمة بإعسارها وأن الطاعن رغم علمه بهذا الإعسار تواطأ معها على الشراء في حين أن أقوال أولئك الشهود لم يرد بها شيء عن الغش والتواطؤ بين الطاعن والبائعة، هذا إلى أن القرينة المستمدة من علم المدين بإعساره تقبل إثبات العكس ومن حق المدين أن يثبت أنه لم يقصد إلحاق الضرر بالدائن، كما أن الحكم المطعون فيه لم يذكر تبريراً لعدم أخذه بأقوال شهود الطاعن في الدفع بعدم نفاذه التصرف رغم سبق الأخذ بأقوالهم في الدفع بالصورية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "وحيث إنه يبين من استقراء أقوال شهود الإثبات التي توليها المحكمة ثقتها أن التصرف الصادر من المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الثاني) بصفته وكيلاً عن زوجته المستأنف عليها الثانية (المطعون عليها الثالثة) للمستأنف (الطاعن) بعقد البيع المؤرخ 15/ 8/ 1959 قد انطوى على غش من البائعة لأن هذا التصرف قد صدر منها وهي عالمة بإعسارها إذ ثبت أنها لا تملك خلاف القدر المبيع وقت التصرف الذي سبق أن تصرفت فيه بالبيع للمستأنف عليه الثالث (المطعون عليه الأول) عن نفس القدر، وثبت من أقوال شاهدي النفي أنها كانت بمجلس العقد من زوجها في هذا البيع الذي صدر منه بصفته وكيلاً عنها للمستأنف فإن قيامها بهذا التصرف رغم علمها بإعسارها قرينة قانونية على الغش لأنها ما قصدت به سوى الإضرار بالمستأنف عليه الثالث، كما ثبت أن من صدر له التصرف على علم أيضاً بهذا الغش، إذ علم بسبق التصرف الحاصل للمستأنف عليه الثالث وإعسار البائعة، وأنه تواطأ مع المستأنف عليهما الأولين على الإضرار بالمستأنف عليه الثالث ولم يستطع المستأنف أن ينفي ما أثبته المستأنف عليه الثالث، ولذلك تكون شرائط الدعوى البوليصية متوافرة" ويبين مما قرره الحكم أن المحكمة قد استخلصت من وقائع الدعوى وما استدلت منه على إعسار المدينة وسوء نيتها هي والطاعن وتواطئهما معاً على الإضرار بالدائن المطعون عليه الأول، ثم طابقت ما استخلصته على المعاني القانونية لأركان الدعوى البوليصية من وجود دين للدائن سابق على التصرف وأن هذا التصرف قد أعسر المدينة وأنهما قصدا منه الإضرار بالدائن فجاء تسبيبها كافياً لحمل قضائها بعدم نفاذ التصرف في حق الدائن. لما كان ذلك وكان الأخذ بأقوال الشهود منوطاً بتصديق المحكمة لهم واطمئنانها إليهم دون أن تكون ملزمة بإبداء الأسباب المبررة لذلك، فإن النعي على الحكم بكل ما تضمنه هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قبل الدفع بالدعوى البوليصية وقضى بتأييد الحكم الابتدائي في شقه الصادر برفض الدعوى وهو من الحكم خطأ في القانون، ذلك أنه متى كان عقده جدياً وكان لا يترتب على قبول الدعوى البوليصية غير عدم نفاذ التصرف في حق الدائن الذي لا يملك التنفيذ على العقار المبيع إلا بعد قيامه بتجريد المدين وثبت أنه لا يملك مالاً آخر فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض القضاء له بصحة عقده يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعديل الحكم الابتدائي إلى عدم نفاذ عقد الطاعن في حق الدائن، فإنه يكون قد قضى ضمناً بصحته وبإلغاء البطلان الذي حكم به الحكم الابتدائي، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق