جلسة 14 من ديسمبر سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي.
-----------------
(170)
الطعن رقم 103 لسنة 37 القضائية
(أ) نقض. "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن في الحكم".
الطعن بالنقض جائز لكل من ظل طرفاً في الخصومة حتى صدور الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه. خصماً أصلياً أو ضامناً لخصم أصيل. متدخلاً في الدعوى أو متدخلاً فيها للاختصام أو الانضمام. الخصم الذي لم يقض له أو عليه في الحكم المطعون فيه لا يكون خصماً حقيقياً فلا يقبل اختصامه في الطعن.
(ب) حكم "حجية الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها". قوة الأمر المقضى.
الحكم الصادر بندب خبير. الفصل في أسبابه المرتبطة بمنطوقه في النزاع بين الطرفين حول تحديد الأجرة. وجوب الطعن فيه في الميعاد. عدم مراعاة ذلك يترتب عليه اعتبار هذا القضاء حائزاً قوة الشيء المحكوم فيه. لا يعتبر ذلك القضاء مستأنفاً باستئناف الحكم الموضوعي.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين بصفتهما أقاما الدعوى رقم 520 سنة 1960 كلي الزقازيق على المطعون ضدهما، وقالا في عريضتهما إنه بمقتضى العقد المؤرخ في 19/ 5/ 1949 استأجر المطعون ضده الأول بضمان المطعون ضده الثاني قطعة أرض فضاء مساحتها 244.90 متراً مربعاً من أملاك الهيئة العامة للسكة الحديد لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 30/ 11/ 1951 بأجرة سنوية قدرها 146 ج و940 بواقع المتر 600 م، ونص في العقد على أنه في حالة التأخير في إخلاء العين المؤجرة تكون أجرتها ضعفي الأجرة المسماة في العقد أو ضعفي الأجرة التي يرسو بها المزاد أيهما أكبر قيمة، وأنه بتاريخ 11/ 8/ 1951 أخطرت مصلحة السكة الحديد المستأجر - المطعون ضده الأول - بعدم رغبتها في تجديد الإيجار وبعزمها على إشهار مزاد تأجير الأرض، وحدد لذلك جلسة 27/ 11/ 1951، وأنه في تلك الجلسة لم يتقدم المستأجر للمزايدة ورسا مزاد تأجير الأرض على شخص آخر بواقع 1 ج و200 م للمتر الواحد منها سنوياً، وإذ لم يقم المطعون ضده الأول بإخلاء العين في نهاية مدة الإيجار، واستمر شاغلاً لها على الرغم من موافقة المصلحة على العطاء المقدم من المستأجر الجديد الذي رسا عليه المزاد، فقد رفع الطاعنان بصفتهما الدعوى رقم 566 سنة 1952 مدني جزئي فاقوس، وطلبا فيها الحكم بإلزام المطعون ضدهما بالأجرة المستحقة حتى 31/ 5/ 1952 وما يستجد بواقع 1 ج و200 م إعمالاً لنص عقد الإيجار المشار إليه وإخلاء العين وتسليمها خالية مما عليها، وبتاريخ 4/ 11/ 1952 قضت محكمة فاقوس الجزئية للطاعنين بطلباتهما، وإذ استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم في الدعوى رقم 371 سنة 1952 مدني مستأنف الزقازيق، وقضت محكمة الزقازيق الابتدائية بهيئة استئنافية في 5/ 11/ 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى، فقد عاد الطاعنان وأقاما الدعوى الحالية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول بصفته مديناً والثاني ضامناً متضامناً بأن يدفعا لهما بصفتهما مبلغ 3892 ج و910 م قيمة الأجرة المتأخرة عن المدة من 1/ 12/ 1951 حتى 30/ 11/ 1958 بواقع 2 ج و400 م سنوياً للمتر وما يستجد حتى الإخلاء والتسليم مع إخلاء العين المؤجرة وتسليمها خالية مما عليها من المباني والمنشآت. أجاب المطعون ضده الأول على الدعوى بأن عقد الإيجار تجدد بنفس شروطه لمدد تالية لعدم إخطار مصلحة السكة الحديد له برغبتها في عدم تجديد العقد وببقائه منتفعاً بالعين المؤجرة بعلمها ودون اعتراض منها، كما نازع في تحديد الأجرة بمبلغ 2 ج و400 م للمتر سنوياً من العين المؤجرة بدعوى أن الاتفاق على مضاعفة الأجرة لا يصح إعماله لوروده في عقد من عقود الإذعان، وبتاريخ 29/ 12/ 1962 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون ضدهما الأول بصفته مستأجراً والثاني ضامناً متضامناً بإخلاء العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها خالية مما عليها، وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالزقازيق لبيان ما سدده المستأجر من الأجرة وما بقى مها في ذمته. باشر مكتب الخبراء مهمته وقدم تقريره، إلا أن المحكمة أعادت إليه المأمورية بتاريخ 30/ 5/ 1964 لتصفية الحساب على أساس احتساب الأجرة على النحو الذي أورده الحكم الصادر بجلسة 29/ 12/ 1962، وبعد أن قدم مكتب الخبراء ملحقاً لتقريره قضت المحكمة في 2/ 3/ 1966 بإلزام المطعون ضدهما الأول بصفته مدنياً والثاني كفيلاً متضامناً بأن يدفعا للطاعنين بصفتهما مبلغ 2097 ج و25 م. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" وقيد الاستئناف برقم 53 سنة 9 ق، وبتاريخ 26/ 12/ 1966 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضدهما بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة العامة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أنه لا صفة للطاعن فيه، ذلك أن الدعوى رفعت أمام المحكمة الابتدائية من الطاعنين فدفعها المطعون ضده الأول بعدم القبول لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن وزارة الإسكان والمرافق قد حلت محل وزارة المواصلات وتسلمت العين المؤجرة في 7/ 10/ 1962، وإزاء ذلك قام الحاضر عن الطاعنين بتصحيح شكل الدعوى بأن وجهها إلى المطعون ضدهما من وزارة الإسكان والمرافق بما يجعل الطاعنين لا صفة لهما في رفع الطعن.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ولم يتخل عن منازعته مع خصمه حتى صدر الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصيلاً أو ضامناً لخصم أصيل مدخلاً في الدعوى أو متداخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة فيها، وأن الخصم الذي لم يقض له أو عليه في الحكم المطعون فيه لا يكون خصماً حقيقياً فلا يقبل اختصامه في الطعن، وإذ كان الثابت من تدوينات الحكم الصادر في الدعوى الابتدائية رقم 520 سنة 1960 كلي الزقازيق بتاريخ 2/ 3/ 1966 أن الدعوى رفعت ابتداء على المطعون ضدهما من وزير المواصلات بصفته الرئيس الأعلى لهيئة السكة الحديد ومن مدير عام الهيئة، ولدى نظرها دفع المطعون ضده الأول بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة قولاً بأن وزارة الإسكان والمرافق قد حلت محل وزارة المواصلات وتسلمت العين المؤجرة في 7/ 10/ 1961 فقام الحاضر عن المدعين "الطاعنين" بتصحيح شكل الدعوى بتوجيهها إلى المطعون ضدهما من وزارة الإسكان والمرافق، وقد قضت المحكمة برفض الدفع بعد أن أصبح غير ذي موضوع، بيد أن المطعون ضدهما عندما استأنفا الحكم الابتدائي لم يلتفتا على هذا التصحيح وإنما اختصما الطاعنين ثم أعاد إعلانهما بعريضة معلنة في 19/ 9/ 1966 وسارت الخصومة في مواجهتهما دون أن يثار أي نزاع حول صحة هذا التمثيل إلى أن قضي ضدهما بالحكم المطعون فيه دون أن يقضي على وزارة الإسكان بشيء. لما كان ذلك وكان الطعن قد رفع من الخصم المحكوم عليه في الاستئناف فإن الدفع بعدم قبول الطعن على النحو الذي يثيره المطعون ضدهما يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته لحكم سابق حائز لقوة الشيء المحكوم فيه، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أن الطاعنين سبق لهما أن أقاما على المطعون ضدهما الدعوى رقم 566 سنة 1952 مدني جزئي فاقوس بمطالبتهما بالأجرة المتأخرة عن المدة التالية لانتهاء العقد على أساس الأجرة السنوية للمتر هي 1 ج و200 م وهو ما يعادل ضعفي الأجرة الواردة في عقد الإيجار، الأمر الذي يستفاد منه تنازلها ضمناً عما خوله لهما هذا العقد من الحق في اقتضاء الأجرة بواقع 2 ج و400 م للمتر، أي ما يوازي ضعفي الأجرة التي رسا بها المزاد فلا يجوز لهما العود إلى المطالبة بها على هذا الأساس الأخير لارتضائهما الأجرة الأقل، وهذا الذي أقام الحكم علية قضاءه مخالف للحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 29/ 12/ 1962 الذي حسم الخلاف بين الطرفين حول تحديد الأجرة وقطع في أسبابه المرتبطة بمنطوقه بأن عقد الإيجار تجدد لمدة غير معينة تبدأ من 1/ 12/ 1951 وبأجرة سنوية قدرها 2 ج و400 م للمتر من العين المؤجرة، وأن هذا الحكم قابل للطعن فيه استقلالاً، لأنه يعد حكماً قطعياً في شق من موضوع الدعوى، وإذ لم يستأنفه المطعون ضدهما في المواعيد المقررة قانوناً، فإنه يكون قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه، مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تتقيد بهذا الحكم فلا تعيد بحث المسألة التي حسمها، إذ تحول قوة الأمر المقضى دون ذلك، غير أن الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر بل تعرض لبحث النزاع حول تحديد الأجرة، وناقض فيما انتهى إليه هذا الشأن الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم بتاريخ 29/ 2/ 1962 مما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه لصدوره على خلاف الحكم السابق المشار إليه والحائز لقوة الشيء المحكوم فيه، سواء أكان الطاعنان قد دفعا أمام محكمة الموضوع بحجية ذلك الحكم أم لم يدفعا.
وحيث إن هذا النعي صحيح، وذلك أنه يبين من حكم محكمة أول درجة الصادر في 29/ 12/ 1962 والذي قضى بإلزام المطعون ضدهما بإخلاء العين المؤجرة وبندب خبير لبيان مقدار الأجرة المستحقة للطاعنين طوال المدة التالية لانتهاء العقد أنه عرض للخلاف الذي قام بين الطرفين حول تحديد الأجرة، وأورد في هذا الخصوص قوله "إن القاعدة العامة في تحديد الإيجار هي أن الإيجار الجديد يخضع لنفس شروط الإيجار القديم إلا أنها ليست مطلقة فهذه القاعدة قائمة على افتراض أن المتعاقدين أرادا إبرام الإيجار الجديد بنفس شروط الإيجار القديم فإذا ظهر من الظروف اتفاقهما على شروط جديدة مغايرة اتبعت هذه الشروط دون شروط الإيجار الأصلي، وتطبيقاً لذلك ترى المحكمة أن عقد الإيجار سند المدعي بصفته في هذه الدعوى قد تجدد تجديداً ضمنياً بنفس الشروط عدا شرط المدة وشروط الأجرة، ذلك لأنه قد اشترط في عقد الإيجار سالف الذكر وهو المؤرخ 19/ 5/ 1949 أنه في حالة التأخير في إخلاء العين المؤجرة يكون المستأجر ملزماً بدون إنذار بأن يدفع للمدعي بصفته عن مدة التأخير إيجاراً لا يقل عن ضعف الإيجار المحدد أو ضعف الإيجار المقدم من المستأجر الجديد، وقد أعطى المستأجر الجديد إيجاراً قدره 1 ج و200 م، وهذا الشرط لا يعتبر شرطاً جزائياً يستلزم القضاء به التحقق من أن المؤجر قد لحقه ضرر بسبب مخالفة عقد الإيجار، وإنما هو اتفاق على تحديد الأجرة في حالة معينة، وهي تأخر المستأجر في إخلاء العين المؤجرة بعد انقضاء مدة إيجاره الأول، وقد قبل المستأجر هذا الوضع، وبقى في العين المؤجرة على هذا الأساس كما قبل المؤجر هذا الوضع أيضاً، ويؤيد هذا النظر أن المدعي أقام هذه الدعوى مطالباً بأجرة العين المؤجرة ابتداء من 1/ 12/ 1951 حتى 30/ 11/ 1958، وهي الأجرة الجديدة المشروطة (تراجع قائمة المزاد 3 حافظة 10 دوسيه) وأنه وقد انتهت المحكمة إلى أن عقد الإيجار تجديد بين المدعي بصفته وبين المدعى عليه الأول بنفس الشروط عدا شرطي المدة والأجرة، فالأجرة التي ارتضاها الطرفان هي 2 ج و400 م للمتر سنوياً وهي ضعف الأجرة التي ارتضاها المستأجر الجديد كما سبقت الإشارة إلى ذلك". ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم وانتهى في أسبابه المرتبطة بمنطوقه أنه بت في النزاع بين الطرفين حول تحديد الأجرة بتقريره أن أجرة العين عن المدة التالية لانتهاء عقد الإيجار هي 2 ج و400 م للمتر سنوياً، وعهد إلى الخبير احتساب الأجرة على هذا الأساس عن المدة المطالب بها، وإذ يعتبر الحكم قطعياً في هذا الشق من الموضوع الذي كان مثار نزاع بين الطرفين وأنهى الخصومة في شأنه وأصبح أساساً للفصل في طلب الأجرة بحيث يمتنع على المحكمة إعادة النظر فيه، وكان يجوز للمطعون ضدهما وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الطعن في هذا الشق من الحكم على استقلال، ولكنهما لم يستأنفاه في الميعاد المحدد بالمادتين 379/ 1، 402/ 1 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلهما بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وكان هذا القضاء لا يعتبر مستأنفاًَ باستئناف الحكم الموضوعي، فإنه يكون قد اكتسب قوة الشيء المحكوم فيه، مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تتقيد بما تضمنه هذا الحكم من قضاء في شأن تحديد الأجرة بواقع 2 ج و400 م للمتر سنوياً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك، وتعرض لبحث النزاع الذي أثاره المطعون ضدهما حول تحديد الأجرة وفصل فيه على خلاف الحكم السابق المشار إليه، فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف حكم سابق صادر بين الخصوم أنفسهم وحائز لقوة الشيء المحكوم فيه، وذلك عملاً بالمادة 3 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الذي رفع الطعن في ظله.
(1) نقض 3/ 1/ 1967 مجموعة المكتب الفني. س 18. ص 11.
نقض 5/ 3/ 1968 مجموعة المكتب الفني. س 19. ص 482.
(2) نقض 16/ 4/ 1970 مجموعة المكتب الفني. س 21. ص 653.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق