جلسة 2 من إبريل سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.
-----------------
(81)
الطعن رقم 364 لسنة 29 القضائية
(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "التدخل في الدعوى".
الحكم بعدم قبول التدخل. أثره. عدم اعتبار طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها، اعتباره محكوماً عليه في طلب التدخل. له استئناف الحكم بعدم قبول تدخله. عدم استئنافه هذا الحكم يمنعه من التدخل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية.
(ب) شهر عقاري. تسجيل. قسمة. ملكية. "ملكية شائعة". "تسجيل القسمة العقارية". "أثر القسمة قبل التسجيل" بيع.
مؤدى المادة العاشرة من القانون 114 لسنة 1946 الخاص بالشهر العقاري، اعتبار المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه. عدم الاحتجاج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة.
(ج) شهر عقاري. تسجيل. قسمة. ملكية "ملكية شائعة". "تسجيل القسمة العقارية" "القسمة غير المسجلة". غير. بيع.
المقصود بالغير في حكم المادة 10 من القانون 114 لسنة 1946، هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سنة القسمة. تلقيه حقاً مفرزاً من أحد الشركاء، عدم اعتباره غيرا ولو سجل حقه قبل تسجيل القسمة. القسمة غير المسجلة. أثرها. الاحتجاج بها على من اشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ويترتب عليها في شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع واعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة. عدم وقوع الجزء المفرز في نصيب البائع له، منعه من طلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته.
2 - مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم، وأنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة.
3 - الغير في حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة. وأما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيرا ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة إذ أن حقه في الجزء المفرز الذي انصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التي تنتهي إليها القسمة وذلك لما هو مقرر بالمادة 826/ 2 من القانون المدني من أن التصرف إذا انصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف إليه انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي اختص به المتصرف بموجب القسمة، مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من اشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ويترتب عليها في شأنه ما يترتب عليها في شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع واعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة. ومن ثم فإنه لا يكون لمن اشترى جزءاً مفرزاً لم يقع في نصيب البائع له بموجب القسمة أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل تعتبر حجة عليه وترتب انتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذي اختص به البائع له بموجب تلك القسمة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 285 سنة 1954 كلي أسيوط ضد زينب وآمنة إبراهيم الهلالي المطعون عليهما الأخيرتين وطلبا بها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22/ 12/ 1953 الصادر لهما من المطعون عليهما المذكورتين ببيع 2 ف و19 ط و19 س بزمام ناحية ريفا مركز أسيوط موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى ومقابل ثمن قدره 875 ج و650 م وبجلسة 4/ 10/ 1954 طلب المطعون عليهما الأولان التدخل كخصوم ثلث في الدعوى طالبين الحكم برفضها استناداً إلى أنهما اشتريا بموجب عقد بيع مؤرخ 15/ 11/ 1953 من تهامي إبراهيم الهلالي أخ المطعون عليهما الأخيرتين 5 أفدنة و20 قيراطاً يدخل فيها فدانان في القدر المبيع إلى الطاعنين بزمام ناحية ريفا بحوض ثابت 1 وأنه حكم لصالحهما في مواجهة البائع لهما بإثبات صحة عقدهما في الدعوى رقم 351 سنة 1954 كلي أسيوط وقد سجلت صحيفة هذه الدعوى بتاريخ 15/ 6/ 1954 واستند طالباً التدخل في طلبهما إلى أن الفدانين المشار إليهما وقعا في نصيب البائع لهما بموجب حكم المحكمين الصادر في 2/ 2/ 1954 بقسمة أعيان تركة المرحوم إبراهيم عثمان الهلالي بين ورثته وأنه لم يقع في نصيب المطعون عليهما الأخيرتين شيء مما باعتاه للطاعنين بحوض ثابت رقم 1 بزمام ناحية ريفا. دفع الطاعنان بعدم قبول تدخل المطعون عليهما الأولين في الدعوى بمقولة عدم وجود مصلحة لهما في ذلك وأضافا إلى طلباتهما طلباً احتياطياً وهو إلزام المطعون عليهما الأخيرتين البائعتين لهما بأن تدفعا لهما متضامنتين مبلغ 650 ج الذي عجل من الثمن - وذلك في حالة ثبوت عدم ملكيتهما للقدر المبيع، وبجلسة 26 فبراير سنة 1957 قضت محكمة أول درجة برفض قبول تدخل المطعون عليهما الأولين في الدعوى كما قضت للطاعنين بطلبهما الأصلي وبإلزام المطعون عليهما الأخيرتين بالمصروفات، وأقامت قضاءها برفض طلب التدخل على عدم وجود مصلحة لطالبي التدخل وعلى أن الطاعنين لم يطلبا التسليم في دعواهما وأنهما قد شهرا صحيفتهما في 15 يونيو سنة 1954 قبل أن يشهر طالباًً التدخل صحيفة دعواهما رقم 351 سنة 1954 كلي أسيوط وأن حكم المحكمين الصادر بقسمة أطيان التركة لم يتم تسجيله فلا يحتج به على الطاعنين باعتبار أنهما من الغير في حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري، استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 230 سنة 32 - كما استأنفته المطعون عليهما الأخيرتان بالاستئناف رقم 246 سنة 32 في خصوص المصروفات، وقررت المحكمة ضم هذا الاستئناف إلى الاستئناف السابق ليصدر فيهما حكم واحد، دفع الطاعنان بعدم قبول الاستئناف رقم 230 سنة 32 لرفعه من غير ذي صفة. وبجلسة 14 إبريل سنة 1959 قضت محكمة الاستئناف برفض ذلك الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين بالنسبة إلى الفدانين محل النزاع وتأييده فيما عدا ذلك، قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون ولدى نظره أمامها تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم فيما يتعلق بالسببين الثالث والخامس من أسباب الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الأول والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويقولان في بيان ذلك إنهما دفعا بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليهما الأولين لرفعه من غير ذي صفة فقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع وبقبول تدخل المطعون عليهما المذكورين في الدعوى بمقولة إنهما خصمان حقيقيان وأن لهما مصلحة في التدخل في الدعوى للدفاع عن حقهما دون بيان من الحكم عن وجه هذه المصلحة وذلك في حين أن الحكم الابتدائي وقد قضى برفض قبول تدخل المطعون عليهما المشار إليهما في الدعوى فإن لازم ذلك أنهما قد خرجا من نطاق الخصومة ومن عداد الأطراف فيها ومن ثم لا يعتبران محكوماً عليهما وبالتالي لا تكون لهما صفة في استئناف ذلك الحكم، كما أنه لا توجد لهما مصلحة في التدخل في الدعوى لأن عقد البيع الذي يستندان إليه صادر من غير البائعتين للطاعنين ومن المقرر أنه لا تجوز المفاضلة بين عقود البيع إذا كانت صادرة من بائعين مختلفين ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول استئناف المطعون عليهما الأولين مع انعدام صفتهما فيه يكون قد خالف القانون، كما أنه إذ قبل تدخلهما في الدعوى دون بيان لمصلحتهما فيه ومع عدم وجود مصلحة لهما في هذا التدخل بالاستناد إلى عقد البيع الذي يتمسكان به فإن ذلك الحكم يكون معيباً بالقصور وبمخالفة القانون أيضاً.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المطعون عليهما الأولين قد طلبا أمام محكمة أول درجة التدخل في الدعوى طالبين رفضها استناداً إلى أن حكم المحكمين بقسمة أعيان تركة المورث قد أسفر عن وقوع الفدانين محل النزاع في نصيب الوارث البائع لهما وعدم وقوع شيء منهما في نصيب المطعون عليهما الأخيرتين وهما الوارثتان البائعتان للطاعنين، وقضت تلك المحكمة بعدم قبول التدخل تأسيساً على عدم وجود مصلحة فيه لطالبيه، ولما استأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم دفع الطاعنان بعدم قبول استئنافهما لرفعه من غير ذي صفة فقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع وبقبول تدخل المطعون عليهما المذكورين في الدعوى على أساس أن لهما مصلحة في التدخل لمنع الحكم للطاعنين بصحة ونفاذ عقدهما ما دام أن المطعون عليهما طالبي التدخل يستندان إلى أن العين المبيعة قد وقعت بموجب القسمة في نصيب البائع لهما دون نصيب البائع للطاعنين، وعلى أساس أنه لا وجه لما يدعيه الطاعنان من أفضلية عقدهما على عقد المطعون عليهما لسبقهما في تسجيل صحيفة دعواهما ما دام أن العقدين قد صدرا من بائعين مختلفين، ولما كان الحكم الابتدائي بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى وإن كان من شأنه ألا يعتبر طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها إلا أنه يعتبر محكوماً عليه في طلب التدخل ويكون له أن يستأنف الحكم القاضي بعدم قبول تدخله، فإذا هو لم يستأنف هذا الحكم فإنه لا يجوز له أن يتدخل في الاستئناف المرفوع عن الدعوى الأصلية، لما كان ذلك، وكان المطعون عليهما الأولان قد استأنفا الحكم بعدم قبول تدخلهما فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول هذا الاستئناف لا يكون قد خالف القانون، كما أن ذلك الحكم إذ قضى بقبول تدخل المطعون عليهما المشار إليهما وأبان مصلحتهما القانونية في التدخل وهي طلب رفض الدعوى المرفوعة من الطاعنين بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهما تأسيساً على أن المطعون عليهما طالبي التدخل يستندان إلى أن العين المبيعة قد وقعت بموجب حكم القسمة في نصيب البائع دون نصيب المطعون عليهما الأخيرتين البائعتين للطاعنين وعلى عدم جواز المفاضلة بين عقدي البيع لصدورهما من بائعين مختلفين فإن هذا الذي قرره الحكم غير مخالف للقانون ولا قصور فيه ويتعين لذلك رفض النعي بهذين السببين.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى صحة ونفاذ عقدهما بالنسبة إلى القدر محل النزاع على أن حكم المحكمين بقسمة تركة المورث قد كشف عن وقوع ذلك القدر في نصيب الوارث البائع للمطعون عليهما الأولين دون نصيب الوارثتين البائعتين للطاعنين، وأن تلك القسمة وإن كانت لم تسجل إلا أنها تعتبر حجة على أطرافها كما تعتبر حجة على الطاعنين اللذين تلقيا الحق من بعض المتقاسمين، وذلك في حين أن حكم القسمة غير المسجل ليس من شأنه اعتبار البائع للمطعون عليهما الأولين مالكاً للقدر الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة كما أن هذه القسمة لا تعتبر حجة على الطاعنين إلا بالتسجيل لأنهما من الغير حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري وما دام أن الثابت بحكم المحكمين أن المورث المرحوم إبراهيم عثمان هلالي قد ترك بزمام ناحية ريفا مركز أسيوط أطياناً زراعية تزيد مساحتها على سبعة أفدنة وأن الحصة الميراثية للمطعون عليهما الأخيرتين تجاوز خمس التركة فإن نصيبهما في المساحة المشار إليها يزيد بذلك على جميع القدر الذي باعتاه إلى الطاعنين ويكون بيعهما في حدود هذا النصيب صادراً من مالك وصحيحاً على هذا الأساس. ولا يؤثر في ذلك صدور عقد بيع من وارث آخر إلى المطعون عليهما الأولين وصدور حكم بصحة ونفاذ هذا العقد وإن تنازل ذات القدر المبيع للطاعنين أو بعضه لأن دعوى صحة التعاقد وإن كانت دعوى استحقاق ما لا إلا أنه لا تعارض بين ما يطلبه الطاعنان من الحكم بصحة عقدهما وبين الحكم السابق صدوره لصالح المطعون عليهما الأولين لأن البيعين صادران من مالكين مختلفين ولا يثور البحث في ملكية المبيع الذي انصب عله عقد البيع إلا بعد تسجيل الحكمين فيقضي بالملكية عندئذ لمن يثبت أنه المالك الحقيقي، وخلص الطاعنان من ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه إذ قرر بأن القسمة العرفية تعتبر حجة عليهما مع أنهما من الغير وإذ قضى برفض دعواهما بالنسبة إلى القدر محل النزاع مع أن العين المبيعة جميعها تدخل في الحصة الميراثية للبائعتين وإذ اعتمد فيما قضى به على أن هذا القدر قد باعه وارث أخر إلى المطعون عليهما الأولين بعقد بيع لم يسجل بعد فإن ذلك الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع أوجهه ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين استندا في دعواهما إلى عقد بيع عرفي مؤرخ 22 ديسمبر سنة 1953 صادر لهما من المطعون عليهما الأخيرتين ببيع 2 ف 19 ط 19 س محددة بذلك العقد في زمام ريفا مركز أسيوط وآلت إلى البائعتين بالميراث عن مورثهما المرحوم إبراهيم الهلالي وأن المطعون عليهما الأولين قد تدخلا في الدعوى وطلبا رفضها واستندا في ذلك إلى عقد بيع عرفي مؤرخ 15 نوفمبر سنة 1953 صادر لهما من وارث آخر لذات المورث السابق ببيع 5 ف 20 ط منها قطعة مساحتها خمسة أفدنة بحوض ثابت بك/ 1 بزمام ناحية ريفا ويدخل في حدود هذه القطعة فدانان هما موضوع المساحة الأولى المحددة بعقد البيع الصادر للطاعنين وبصحيفة دعواهما كما استند المطعون عليهما المذكوران إلى أن حكم المحكمين الصادر في 2 فبراير سنة 1954 بقسمة أطيان التركة وإنهاء حالة الشيوع فيها قد أسفر عن وقوع الفدانين المشار إليهما في نصيب الوارث البائع لهما دون نصيب المطعون عليهما الأخيرتين وهما الوارثتان البائعتان للطاعنين ولما كانت المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري تنص على أن "جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب تسجيلها ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير. ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالاً موروثة" وكان مؤدى ذلك أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم، وأنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة وكان الغير في حكم هذه المادة هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سنة القسمة وأما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيرا ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة إذ أن حقه في الجزء المفرز الذي انصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التي تنتهي إليها القسمة وذلك لما هو مقرر بالمادة 826/ 2 من القانون المدني من أن التصرف إذا انصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي اختص به المتصرف بموجب القسمة، مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من اشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ويترتب عليها في شأنه ما يترتب عليها في شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع واعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة، لما كان ما تقدم جميعه، فإنه لا يكون لمن اشترى جزءاً مفرزاً لم يقع في نصيب البائع له بموجب القسمة أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل تعتبر حجة عليه وترتب انتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذي اختص به البائع له بموجب تلك القسمة - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنين بطلب صحة التعاقد بالنسبة إلى القدر محل النزاع على أساس أنه لم يقع بموجب حكم المحكمين بقسمة تركة المورث في نصيب المتقاسمين البائعتين لهما وإنما وقع في نصيب المتقاسم البائع للمطعون عليهما الأولين فإن ذلك الحكم لا يكون مخالفاً للقانون ويكون غير منتج بعد ذلك ما يثيره الطاعنان في باقي الأوجه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقولان في بيان ذلك أنهما عدلا طلباتهما أمام المحكمة الابتدائية إلى طلب الحكم أصلياً بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليهما من المطعون عليهما الأخيرتين واحتياطياً بإلزام المطعون عليهما المذكورتين على وجه التضامن بأن تردا إليهما ما عجلاه من ثمن العين المبيعة ومقداره 650 ج وإذ قضى الحكم الابتدائي للطاعنين بطلبهما الأصلي فقد أغناه ذلك عن الفصل في الطلب الاحتياطي. ولما استأنف المطعون عليهما الأولان ذلك الحكم قضت محكمة الاستئناف بإلغائه ورفض الطلب الأصلي دون أن تتناول الطلب الاحتياطي وتفصل فيه أو ترده إلى محكمة أول درجة لتتولاه بالفصل، وترتب على ذلك حرمان الطاعنين من الفصل في ذلك الطلب مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد طلبا بدعواهما أصلا الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليهما الأخيرتين ولما تدخلا المطعون عليهما الأولان في الدعوى وطلبا رفضها أضاف الطاعنان طلباً احتياطياً هو الحكم لهما في حالة عدم ثبوت ملكية البائعتين لهما بإلزام هاتين البائعتين على وجه التضامن بأن تردا إليهما ما قبضتاه من الثمن ومقداره 650 ج وقد قضت محكمة أول درجة للطاعنين بطلبهما الأصلي واستأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم فقضى الحكم المطعون فيه بإلغائه وبرفض طلب الطاعنين بصحة ونفاذ عقدهما وقال عن طلبهما الاحتياطي إن لهما أن يرجعا بما دفعاه من الثمن بدعوى مستقلة ولما كان رفع الاستئناف من المحكوم عليه في الطلب الأصلي يستتبع اعتبار الطلب الاحتياطي الذي لم يكن الحكم المستأنف بحاجة للفصل فيه مطروحاً على محكمة الاستئناف دون رفع استئناف عنه ويكون لزاماً على هذه المحكمة إذا ما ألغت الحكم الابتدائي وقضت برفض الطلب الأصلي أن تعرض للطلب الاحتياطي وتفصل فيه ما دام لم يصدر من المستأنف عليه صاحب هذا الطلب ما يفيد نزوله عنه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض ما طلبه الطاعنان أصلياً من صحة عقد البيع الصادر لهما من المطعون عليهما الأخيرتين قد تسلب قصداً من الفصل في طلبهما الاحتياطي برد ما عجلاه من الثمن واستلزم للفصل فيه رفع دعوى مبتدأة به فإن ذلك الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق