جلسة 24 من يناير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار/
مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الخالق
البغدادي، سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي وأمين طه أبو العلا.
--------------
(68)
الطعن رقم 203 لسنة 44
القضائية
(1) نقض. وكالة. محاماة.
عدم تقديم المحامي الذي
رفع الطعن سند وكالته عن الطاعن حتى تمام المرافعة. أثره. عدم قبول الطعن.
(2)حكم. "الطعن في الحكم". نقض. "الخصوم في الطعن".
توجيه الطاعن طعنه إلى
خصومه المحكوم لهم وإلى المحكوم عليهم مثلهم عدم قبوله بالنسبة للأخيرين.
(3) استئناف. بطلان. "بطلان الإجراءات". حكم.
مباشرة المحامي للإجراءات
أمام محكمة الاستئناف عن المستأنفين جميعاً. عدم إعلانه عن وفاة البعض منهم أثناء
نظر الاستئناف. أثره. عدم قبول النعي من باقي المستأنفين ببطلان الحكم. علة ذلك.
(4)بطلان. "بطلان الإجراءات". نظام عام. دعوى. "الصفة في
الدعوى". دفوع.
بطلان الإجراءات لانعدام
صفة أحد الخصوم. عدم تعلقه بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض.
(5)وقف. قانون. "القانون الواجب التطبيق".
خضوع نظام الوقف للشريعة
الإسلامية. تقنين الشارع بعض أحكامه بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ثم بالقانون 48
لسنة 1946.
العلاقات الحقوقية بين
الوقف والغير. خضوعها للقانون المدني.
إقامة الدعوى في ظل
التشريعات المشار إليها. أثره. عدم جواز إعمال نصوص الإرادة السنية الصادرة في 23
شعبان سنة 1274 هجرية.
(6)وقف. إثبات. "عبء الإثبات". حكم.
كتاب الوقف. وجوب تنفيذه
وفق المقرر شرعاً وعقلاً. المعارضة في نصوصه. عبء إثباتها على المعارض تقديم حكم
شرعي نهائي مؤيد لمعارضته.
(7)تزوير. "إثبات التزوير" إثبات.
الصورة الرسمية للمحررات
الرسمية. لها حجيتها في الإثبات سواء أكانت تنفيذية أم غير تنفيذية. شرطه. أن يكون
مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل.
(8)خبرة. دعوى. "وقف الدعوى". ملكية. حكم.
الحكم الصادر بندب خبير.
فصله في المنازعة بشأن ملكية العين المطالب بمقابل التحكير عنها. عدم جواز إعادة
طرح هذه المنازعة لدى ذات المحكمة ولو قدمت لها أدلة جديدة. طلب وقف دعوى الحكومة.
السبب غير مقبول.
--------------
1 - إذا كان رافع الطعن
لم يقدم سند وكالته عن الطاعن الأول كما لم يقدم التوكيل الصادر من الطاعن الثاني
لشقيقه الطاعن للوقوف على ما إذا كان هذا التوكيل يخول له توكيل محام للطعن النقض
أم لا تخول له ذلك ولم يقدم رافع الطعن هذين التوكيلين إلى ما قبل أن تقرر المحكمة
حجز الطعن للحكم، ومن ثم يتعين عدم قبول طعن هذين الطاعنين شكلاً.
2 - إذ يبين من حكم محكمة
أول درجة أن المدعى عليهم فيه هم الطاعنون والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها
وصدر الحكم ضدهم جميعاً فطعنوا عليه بالاستئناف فكان يتعين على الطاعنين عند توجيهم
للطعن ألا يختصموا فيه إلا خصومهم المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثلهم، ومن ثم
فإن الطعن الموجه إلى المطعون ضدها الثانية وهي واحدة من المحكوم عليهم يكون غير
مقبول بالنسبة لها.
3 - إذا كان المحامي
الموكل عن جميع المستأنفين استمر يباشر إجراءات الدعوى باسمهم جميعاً حتى صدر
الحكم فيها ولم يعلن عن وفاتهما أثناء قيام الاستئناف ولم يخبر المستأنف عليه بذلك
ومن ثم فإن الإجراءات لا تكون باطلة. لأن السبب الذي كان يجب أن توقف من أجله
الدعوى كان مخفياً على المستأنف عليه فلم يكن له أن يظن أن المحامي الذي يمثل
المتوفيتين قد انقضت وكالته بوفاتهما ويكون النعي محمولاً على واقع لم يسبق طرحه
على محكمة الموضوع بما يجعله غير مقبول.
4 - بطلان الإجراءات
المبني على انعدم صفة أحد الخصوم في الدعوى غير متعلق بالنظام العام إذ هو مقرر
لمصلحة من وضع لحمايته ولما كان الطاعنون لم يثيروه أمام محكمة الموضوع فإنه لا
يجوز لهم التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بالبطلان
لصدوره ضد المطعون ضدها الثانية بمقولة أن لا صفة لها في الدعوى ولا صلة لها بأرض
النزاع غير مقبول.
5 - إذا كان الثابت من
الصورة الرسمية الصادرة من نيابة إسكندرية الكلية للأحوال الشخصية والمتضمنة
للإرادة السنية الصادرة بتاريخ 23 شعبان سنة 1274 هجرية أنها تضمنت الفتوى الصادرة
من المفتي العام بالممالك العثمانية وتعلقت بعدم سماع دعوى الوقف فيما يتعلق
بالدعاوى المرفوعة وقت صدور هذه الإرادة من أشخاص يدعون ملكية أراضي الدولة
المخصصة للمنافع العامة ومصالح بيت المال والشوارع العامة ولبعض المساجد ويستندون
إلى شاهدين فيقضي لهم بذلك وتصدر لهم حجج بأوقاف بناء على تلك الشهادة كما يقدم
البعض حججاً مقطوعة الثبوت يستندون إليها في دعواهم وهؤلاء هم الذين لا تسمع
دعواهم ومن ثم فلا شأن لهذه الإرادة السنية بالحجج التي لا شائبة فيها - وإذا كان
نظام الوقف من حيث ماهيته وكيانه وأركانه وشروطه والولاية عليه وناظره ومدعي
سلطاته في التحدث عنه والتصرف في شئونه وما إلى ذلك مما يخص نظام الوقف فهو على
حاله خاضع للشريعة الإسلامية وقد قنن الشارع بعض أحكامه بلائحة ترتيب المحاكم
الشرعية وأخيراً بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فعلى المحاكم إعمال موجب ذلك عند
الاقتضاء فيما يعترضها من مسائلة أما العلاقات الحقوقية بين الوقف والغير فهي
خاضعة للقانون المدني، لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى
بصحيفة معلنة لمورث الطاعنين في 30/ 6/ 1946 وقضت المحكمة بسقوط الخصومة في 7/ 3/
1965 فقام المدعي برفع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بالمطالبة بمقابل
التحكير فإن تلك الدعوى تكون قد رفعت في ظل القانون رقم 48 لسنة 1946 وفي ظل
القانون المدني وفي ظل لائحة ترتيب المحاكم الشرعية مما يتعين معه على المحاكم
أعمال نصوصها دون التشريعات السابقة عليها ومنها الإرادة السنية وإذ لم يعمل الحكم
المطعون فيه تلك الإرادة وأعرض عنها فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي
عليه بالقصور في غير محله.
6 - القاعدة هي وجوب
تمكين ذي السند على الفور من حقه ومن ثم فإن كتاب الوقف - وهو سند رسمي - يجب
احترامه وتنفيذه بما في الإمكان ووفق المقرر شرعاً وعقلاً ما دام أن من يعارض في
نص من نصوصه لم يستحضر فعلاً حكماً شرعياً نهائياً مؤيداً لمعارضته.
7 - المحررات الرسمية لا
يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير وتكون حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام
بها محررها إذا وقعت من ذي الشأن في حضوره - وإذا كان أصل تلك المحررات غير موجود
فتظل لصورتها الرسمية حجيتها سواء أكانت تنفيذية أو غير تنفيذية أخذت فور تحرير
الأصل بمعرفة محرره أو أخذت بعد ذلك بمعرفة أحد الموظفين غير محرر الأصل وذلك متى
كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجي
يبعث على الشك في أن يكون قد عبث بها كما إذ وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن
الصورة تسقط حجيتها في هذه الحالة.
8 - محكمة الموضوع غير ملزمة
بوقف الدعوى المتعلقة بالمطالبة بمقابل التحكير أو بمقابل الانتفاع أو بالقيمة
الإيجارية إلا إذا أثيرت المنازعة حول ملكية العين الوارد عليها هذا الطلب، أما
إذا أثيرت وفصل فيها بقضاء قطعي فإن المنازعة لا تكون لها محل بعد هذا القضاء ولا
يكون لمن صدر عليه الحكم بذلك أن يعود لمناقشة المسألة التي تم الفصل فيها، كما لا
يجوز ذلك للمحكمة حتى لو قدمت لها أدلة جديدة قاطعة في مخالفة الحكم السابق، ومتى
احتوى الحكم بندب خبير في أسبابه على القضاء بصفة قطعية في شق من الخصومة فإنه لا
يجوز إعادة النظر في هذا القضاء لدى ذات المحكمة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام
الدعوى.... مدني كلي الإسكندرية ضد مورث الطاعنين والمطعون ضدها الثانية عن نفسها
وبصفتها بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 350 مليماً حكر سنة 1944 وما يستجد
من الحكر ابتداء من سنة 1945 بواقع 72 ج و417 م في السنة حتى تاريخ السداد استناداً
إلى أن الأرض المحكرة مملوكة لوقف العطارين المشمول بنظارته ومساحتها 3 ف و7 ط
وأنه لما كان الحكر يتغير بتغير الظروف فقد قدر قومسيون وزارة الأوقاف الحكر
السنوي المناسب بمبلغ 72 ج و417 م وأعلن المدعى عليه بهذا التقدير، إلا أنه دفع
عند نظر الدعوى بملكيته للأرض المحكرة ثم توفى إلى رحمة الله فعجل المطعون ضده
الأول الدعوى في مواجهة الورثة الذين قدموا ورد مال سنة 1921 إثباتاً لدفاع مورثهم
متضمناً 23 ف و20 ط و20 س وكشفيين رسميين فندبت المحكمة خبيراً لمعاينة الأرض
وتقدير مقابل تحكيرها وأوردت في أسباب حكم ندب الخبير أن منازعة المدعى عليهم في
الملكية لا تستند إلى سبب صحيح - لأن المستندات المقدمة منهم لا تثبت ملكيتهم
للأرض المطالب بحكرها لخلوها من الحدود - وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة
بانقطاع سير الخصومة لوفاة أحد المدعى عليهم فعجلها المطعون ضده الأول فدفع....
بسقوط الخصومة فقضت المحكمة بهذا السقوط فأقام المطعون ضده الأول الدعوى.... مدني
كلي إسكندرية بذات طلباته السابقة وبعد أن خلصت المحكمة في مدونات حكمها إلى أن
حكم ندب الخبير السابق صدوره قد فصل في الملكية وأنكرها على المدعى عليهم بقضاء
قطعي مما يحول دون العودة إلى مناقشة هذا الموضوع وانتهت إلى الحكم بإلزام المدعى
عليهم بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول من تركة مورثهم مبلغ 350 مليماً حكر سنة 1944
وما يستجد منه ابتداء من سنة 1945 بواقع 72 ج و417 م حتى نهاية سنة 1951 تاريخ
وفاة المورث وبإلزامهم شخصياً بأن يدفعوا له مبلغ 72 ج و417 م اعتباراً من سنة
1952 فطعن المحكوم عليهم على هذا الحكم بالاستئناف 503 سنه 22 قضائية إسكندرية
وبجلسة 18/ 12/ 1973 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون على هذا
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً
بالنسبة لكل من.... و.... ما لم يودع سند وكالة كل منهما إلى ما قبل قفل باب
المرافعة في الطعن كما دفعت بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وأبدت
الرأي بقبول الطعن بالنسبة لمن عدا من سبق ذكرهم وبرفضه موضوعاً، وعرض الطعن على
المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الطعن شكلاً بالنسبة لكل من.... و.... فهو في محله ذلك أن رافع الطعن لم يقدم
سند وكالته عن الأول كما لم يقدم التوكيل الصادر من الثاني لشقيقه.... للوقوف على
ما إذا كان هذا التوكيل يخول له توكيل محام للطعن بالنقض أم لا يخول له ذلك ولم
يقدم رافع الطعن هذين التوكيلين إلى تمام المرافعة، ومن ثم يتعين عدم قبول طعن
هذين الطاعنين شكلاً.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية فهو في محله ذلك أنه يبين من حكم محكمة
أول درجة أن المدعى عليهم فيه هم الطاعنون والمطعون ضدها الثانية عن نفسها وبصفتها
وصدور الحكم ضدهم جميعاً فطعنوا عليه بالاستئناف فكان يتعين على الطاعنين عند
توجيهم للطعن ألا يختصموا فيه إلا خصومهم المحكوم لهم دون المحكوم عليهم مثلهم،
ومن ثم فإن الطعن الموجه إلى المطعون ضدها الثانية وهي واحدة من المحكوم عليهم
يكون غير مقبول بالنسبة لها.
وحيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية فيما عدا ما تقدم.
وحيث إن الطعن أقيم على
أسباب ستة حاصل أولها النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان وقال الطاعنون في بيان
ذلك إن البطلان شاب إجراءات الحكم إذ صدر ضد خصوم توفاهم الله قبل صدوره وهم
المرحومتان.... المتوفاة في عام 1968 و.... المتوفاة في عام 1971 كما صدر ضد....
عن نفسها وبصفتها وصية على قصر المرحوم.... ضدهم الأخيرين وهؤلاء لا يملكون في
الأرض موضوع النزاع ولا يرثون.... باعتبارهم من زوجة أخرى.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شقيه ذلك أن الثابت من الأوراق أن الاستئناف قد رفع من الطاعنين ومن بينهم....:
.... و.... وأن المحامي الموكل عن جميع المستأنفين استمر يباشر إجراءات الدعوى
باسهم جميعاً حتى صدر الحكم فيها ولم يعلن عن وفاتهما أثناء قيام الاستئناف ولم
يخبر المستأنف عليه بذلك، ومن ثم فإن الإجراءات لا تكون قابلة للإبطال لأن السبب
الذي كان يجب أن توقف من أجله الدعوى كان مخفياً على المستأنف عليه فلم يكن له أن
يظن أن المحامي الذي يمثل المتوفيتين قد انقضت وكالته بوفاتهما ويكون النعي في شقه
الأول محمولاً على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع بما يجعله غير مقبول وهو
مردود في شقه الثاني بأن بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة حد الخصوم في
الدعوى غير متعلق بالنظام العام، إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته، ولما كان
الطاعنون لم يبدوه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة
النقض، ويكون النعي على الحكم بالبطلان لصدوره ضد المطعون ضدها الثانية بمقولة أنه
لا صفة لها في الدعوى ولا صلة لها بأرض النزاع غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي في
السبب الثاني قصور التسبيب وقال الطاعنون شرحاً لذلك أنهم تمسكوا بأحكام الإرادة
السنية وهي بمثابة مرسوم بقانون أوامر عال أو فرمان نص على عدم الأخذ بحجج
وإشهادات الأوقاف بثغر الإسكندرية مما يؤدي إلى إلغائها ومن بينها حجج وزارة
الأوقاف لتي تستند إليها في هذه لدعوى وإذ رفضت محكمة الموضوع الأخذ بهذه الإرادة
السنية بمقولة أنها مستند عرفي لا يمكن الاعتداد به فإن حكمها يكون قاصراً لعدم
بحثه هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الثابت من الصورة الرسمية الصادرة من نيابة إسكندرية الكلية للأحوال الشخصية
والمتضمنة للإرادة السنية الصادرة بتاريخ 23 شعبان سنة 1274 هجرية أنها تضمنت
الفتوى الصادرة من المفتي العام بالممالك العثمانية وتعلقت بعدم سماع دعوى الوقف
فيما يتعلق بالدعاوى المرفوعة وقت صدور هذه الإرادة من أشخاص يدعون ملكية أراضي
الدولة المخصصة للمنافع العامة ومصالح بيت المال والشوارع العامة ولبعض المساجد
ويستندون إلى شاهدين فيقضي لهم بذلك وتصدر لهم حجج بأوقاف بناء على تلك الشهادة
كما يقدم البعض حججاً مقطوعة الثبوت يستندون إليها في دعواهم وهؤلاء هم الذين لا
تسمع دعواهم ومن ثم فلا شأن لهذه الإرادة السنية بالحجج في التي لا شائبة فيها -
وإذا كان نظام الوقف من حيث ماهيته وكيانه وأركانه وشروطه والولاية عليه وناظره
ومدى سلطاته في التحدث عنه والتصرف في شئونه وما إلى ذلك مما يخص نظام الوقف فهو
على حالة خاضع للشريعة الإسلامية وقد قنن الشارع بعض أحكامه بلائحة ترتيب المحاكم
الشرعية وأخيراً بالقانون رقم 48 سنة 1956 فعلى المحاكم أعمال موجب ذلك عند
الاقتضاء فيما يعترضها من مساءلة أما العلاقات الحقوقية بين الوقف والغير فهي
خاضعة للقانون المدني - لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى
بصحيفة معلنة لمورث الطاعنين في30/ 6/ 1946 وقضت المحكمة بسقوط الخصومة في 7/ 3/
1965 فقام المدعي برفع الدعوى التي صدر فيه الحكم المطعون فيه بالمطالبة بمقابل
التحكير فإن تلك الدعوى تكون قد رفعت في ظل القانون رقم 48 سنة 1946 وفي ظل
القانون المدني وفي ظل لائحة ترتيب المحاكم الشرعية مما يتعين على المحاكم أعمال
نصوصها دون التشريعات السابقة عليها ومنها الإرادة السنية وإذ لم يعمل الحكم
المطعون فيه تلك الإرادة وأعرض عنها فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي
عليه بالقصور في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي في
السبب الثالث القصور في التسيب وقال الطاعنون في بيان ذلك أن الحكم المطعون فيه
استند إلى أسباب الاستئناف واعتبرها أسباباً لقضائه دون أن يرد على أي سبب من
أسباب الاستئناف التي تضمنها صحيفته.
وحيث إن هذا النعي مردود
أيضاً ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى القول بأن
"الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتبرها
مكمله لقضائها وتضيف إليها ما أشار إليه المستأنفون من أمر كريم بعدم الأخذ بالحجج
والإشهادات بثغر الإسكندرية وهو المستند المقدم في الاستئناف رقم 111 سنة 22 ق
والمنظور أمام نفس الهيئة بنفس الجلسة والمحجوز للحكم لنفس الجلسة إن هو إلا مستند
عادي لا يمكن الاعتداد به ومن ثم فلا ترى المحكمة بحث حجيته من الناحية القانونية
في النزاع، لما كان ذلك وكانت أسباب الاستئناف قد حصلها الحكم المطعون فيه في خمسة
أسباب وفقاً لما جاء في صحيفته وكانت الأسباب الأول والثاني والثالث والخامس سبق
طرحها على محكمة أول درجة وفصلت فيها أما السبب الرابع المتعلق بالإرادة السنية
فقد ردت عليه محكمة الاستئناف على نحو ما تقدم وقد شمله الرد على السبب الثاني من
أسباب الطعن على ما سلف بيانه - فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لعدم
الرد على أسباب الاستئناف يكون غير سديد ذلك أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه ترديده
لأسباب محكمة أول درجة والأخذ بها متى كانت كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط
لأسباب الاستئناف ولا تثريب على محكمة الدرجة الثانية أن لم تضف شيئاً على ما أخذت
به من أسباب متى رأت فيها ما يغني عن إيراد جديد.
وحيث إن حاصل النعي في السببين
الرابع والخامس الفساد في الاستدلال والقصور وقال الطاعنون بياناً لذلك أن الحكم
المطعون فيه قد استند إلى أوراق عرفية مقدمة من المطعون ضده الأول باعتبارها حجة
الوقف وسند التحكير رغم عدم اعترافهم بها مما لا يغني عن تقديم الأصل ولا يحول دون
ذلك أن تكون هذه الأوراق صادرة عن وزارة الأوقاف التي يمثلها المطعون ضده الأول
وممهورة بخاتمها كما لم تقدم وزارة الأوقاف حجة التحكير بينها وبين مورثهم أو
أسلافهم وكان يتعين على المحكمة بعد تقديم أصل حجة الوقف والتحكير أن تطلب الدليل
على التحكير.
وحيث إن هذا النعي مردود
بما هو ثابت من حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من أنه
استند في قضائه إلي تقرير مكتب الخبراء المقدم في النزاع وإذ كانت القاعدة وجوب
تمكين ذي السند على الفور من حقه فإن كتاب الوقف - هو سند رسمي - يجب احترامه
وتنفيذه بما في الإمكان ووفق المقرر شرعاً وعقلاً ما دام أن من يعارض في نص من
نصوصه لم يستحضر فعلاً حكماً شرعياً نهائياً مؤيداً لمعارضته - وكان تقرير الخبير
المقدم ليس محل نعي من الطاعنين الذين لم يزعموا أن الخبير لم يطلع على الحجة
الأصلية للوقف ولا على صورة رسمية منها وكانت المحررات الرسمية لا يمكن الطعن فيها
إلا بالتزوير وتكون حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها إذا
وقعت من ذي الشأن في حضوره - وإذا كان أصل تلك المحررات غير موجود فتظل لصورتها
الرسمية حجيتها سواء كانت تنفيذية أو غير تنفيذية أخذت فور تحرير الأصل بمعرفة محررة
أو أخذت بعد ذلك بمعرفة أحد الموظفين غير محرر الأصل وذلك متى كان مظهرها الخارجي
لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل أما إذا كان المظهر الخارجي يبعث على الشك في أن
يكون قد عبث بها إذا وجد بها كشط أو محو أو تحشير فإن الصورة تسقط حجيتها في هذه
الحالة - لما كان ذلك وكان لقاضي الموضوع السلطة في بحث ما يقدم له من الدلائل
والمستندات وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص
ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى كان
استخلاصه سليماً ومستمداً من الأوراق وإذ استمد الحكم المطعون فيه دليل من تقرير
الخبير الذي لم يعترض عليه أي من الخصوم مما أدى بالحكمة إلى اعتماده والقضاء
بموجبه ولم يستند في قضائه إلى دليل آخر كان يحق للطاعنين مناقشته فان النعي عليه
بالفساد في الاستدلال لقيامه على سند عرفي غير معترف به منهم والقصور في التسبيب
يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الطعن في
السبب السادس الخطأ في تطبيق القانون وقال الطاعنون في بيانه أن محكمة الموضوع قد
أخطأت عندما قضت بإلزامهم بالتحكير رغم اعتراضهم على ملكية الوزارة للأرض إذ كان
يتعين وقف دعوى الحكر حتى يفصل في دعوى الملكية بعد تكليف الوزارة باستصدار حكم
بملكيتها للأرض موضوع النزاع خاصة وأن الثابت من المستندات أنهم يمتلكونها من قبل
عام 1905 دون أن تكون وقفاً أو حكراً.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن محكمة الموضوع لا تكون ملزمة بوقف الدعوى المتعلقة بالمطالبة بمقابل
التحكير أو بمقابل الانتفاع أو بالقيمة الإيجارية إلا إذا أثيرت المنازعة حول
ملكية العين الوارد عليها هذا الطلب، أما إذا أثيرت وفصل فيها بقضاء قطعي فإن
المنازعة لا يكون لها محل بعد هذا القضاء ولا يكون لمن صدر عليه الحكم بذلك أن
يعود لمناقشة المسألة التي تم الفصل فيها، كما لا يجوز ذلك للمحكمة حتى لو قدمت
لها أدله جديدة قاطعة في مخالفة الحكم السابق ومتى احتوى الحكم بندب خبير في
أسبابه على القضاء بصفة قطعية في شق من الخصومة فإنه لا يجوز إعادة النظر في هذا
بالقضاء لدى ذات المحكمة؛ لما كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه
بالحكم المطعون فيه قد جاء به أن المحكمة عندما أصدرت حكمها بندب مكتب الخبراء
لتقدير قيمة الحكر قطعت في أسباب حكمها بأن منازعة المدعى عليهم في الملكية لا
تستند إلى سبب صحيح ومن ثم لا يجوز لهم العودة إلى إثارة هذه المنازعة أمام نفس
المحكمة كما لا يجوز للمحكمة ذاتها أن تقضي على خلاف ذلك الحكم "فإن المحكمة
تكون قد طبقت القانون صحيحاً ويكون طلب الطاعنين وقف الدعوى حتى يفصل في الملكية
غير سديد بعد أن ثبت للمحكمة أنهم لا يمتلكون الأرض المطالب بمقابل تحكيرها.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق