جلسة 18 من فبراير سنة 1960
برياسة السيد محمود عياد
المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباس، وعبد السلام
بلبع المستشارين.
---------------
(28)
الطعن رقم 20 سنة 27 ق
"أحوال شخصية"
إثبات "طرق
الإثبات" "طرق الإثبات ذات القوة المحدودة" "الإثبات
بالبينة" "نصاب الشهادة". أحوال
شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين" "التطليق". نقض "حالات
الطعن" "الخطأ في تطبيق القانون".
عدم إقرار الأحناف
التطليق للغيبة ولعدم الإنفاق. إجازة الشارع له في الق 25/ 20 نقلاً عن رأي الأئمة
الآخرين. النعي على الحكم الخطأ في تطبيق القانون لقبوله دعوى تطليق لعدم الإنفاق
بشهادة شاهد واحد مع أنه تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية والرأي الراجح في مذهب
أبي حنيفة والقول الوحيد فيه في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن نصابها
رجلان أو رجل وامرأتان - في غير محله - علة ذلك؟.
-----------------
النعي بمخالفة الحكم
المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه لأنه قبل الدعوى بشهادة شاهد واحد مع أنها
دعوى تطليق لعدم الإنفاق تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية والرأي الأرجح في مذهب
أبي حنيفة تطبيقاً للمادة 6 من القانون رقم 462 سنة 1955 ومن قبلها المادة 280 من
اللائحة الشرعية، وأن القول الوحيد فيه في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن
نصاب الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان وأنه لا يوجد في مذهب الأحناف من يقول بكفاية
شاهد واحد، مردود ذلك أنه لما كان التطليق للغيبة ولعدم الإنفاق لا يقوم أصلاً على
رأي في مذهب أبي حنيفة إذ لا يقر الأحناف التطليق لأي من هذين السببين وإنما يقوم
هذا التطليق على رأي الأئمة الآخرين وهم الذين نقل عنهم المشرع عندما أجاز في
القانون رقم 25 لسنة 1920 التطليق لعدم الإنفاق أو للغيبة، فإنه يكون من غير
المقبول التحدي برأي الإمام أبي حنيفة في إثبات أمر لا يجيزه، ومن ثم يكون هذا
النعي في غير محله متعين الرفض.
المحكمة
وحيث إن وقائع الطعن على
ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المطعون عليها الأولى
كانت زوجة للمطعون عليه الثاني، ونظراً لامتناعه عن الإنفاق عليها وغيابه إلى جهة
لا تعرفها وعدم وجود مال ظاهر له رفعت ضده الدعوى رقم 221 سنة 1956 أحوال شخصية
أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب تطليقها منه - فحكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى
التحقيق لتثبت المطعون عليها المذكورة ما تدعيه بكافة طرق الإثبات بما فيها
البينة، وأباحت للمطعون عليه الثاني النفي بذات الطرق، فأشهدت المطعون عليها
الأولى شاهداً واحداً أيدها فيما تدعيه. ولم يحضر المطعون عليه الثاني أو يشهد
أحداً - ولدى نظر الدعوى بعد ذلك طلبت النيابة العامة رفضها لأن المطعون عليها لم
تشهد سوى شاهداً واحداً ونصاب الشهادة في الطلاق رجلان أو رجل وامرأتان طبقاً
للرأي الراجح من مذهب أبي حنيفة الذي تقضي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بوجوب أن
تصدر الأحكام على مقتضاه. وبتاريخ 29 من مايو سنة 1956 حكم المحكمة بتطليق المطعون
عليها الأولى من زوجها المطعون عليه الثاني طلقة واحدة رجعية استناداً إلى أقوال
شاهد المطعون عليها الأولى - فاستأنفت النيابة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا
برقم 35 سنة 6 ق أحوال شخصية للمصريين - وبتاريخ 19 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة
برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق
النقض بتاريخ 4 من إبريل سنة 1957 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة
مذكرة طلبت فيها نقض الحكم. وبتاريخ 13 من مايو سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص
الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية. وأعلن
تقرير الطعن بعد ذلك إلى الخصوم تنفيذاً لأمر السيد رئيس المحكمة. وقدمت النيابة
العامة مذكرة تكميلية صممت فيها على رأيها السابق. ثم حدد لنظر الطعن أمام هذه
الدائرة جلسة 24 من ديسمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الطعن
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الحكم المطعون فيه قبل الدعوى بشهادة شاهد
واحد مع أنها دعوى تطليق لعدم الإنفاق وتحكمها قواعد الشريعة الإسلامية وما هو
الرأي الراجح في مذهب أبي حنيفة تطبيقاً للمادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955
ومن قبلها المادة 280 من اللائحة الشرعية. والقول في مذهب أبي حنيفة - بل القول
الوحيد فيه - في مرتبة الشهادة على الزواج والطلاق هو أن نصاب الشهادة رجلان أو
رجل وامرأتان، ولا يوجد في مذهب الأحناف من يقول بكفاية شاهد واحد.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الدعوى التي رفعتها المطعون
عليها الأولى ضد المطعون عليه الثاني هي دعوى تطليق لعدم الاتفاق وللغيبة. ولما
كان التطليق للغيبة ولعدم الاتفاق لا يقوم أصلاً على رأي في مذهب أبي حنيفة إذ لا
يقر الأحناف التطليق لأي من هذين السببين، وإنما يقوم هذا التطليق على رأي الأئمة
الآخرين وهم الذين نقل عنهم المشرع عندما أجاز في القانون رقم 25 لسنة 1950
التطليق لعدم الإنفاق أو للغيبة. لما كان ذلك، فإنه يكون من غير المقبول التحدي
برأي الإمام أبي حنيفة في إثبات أمر لا يجيزه، ومن ثم يكون النعي في غير محله
ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق