جلسة 24 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.
----------------
(58)
الطعن رقم 194 لسنة 30 القضائية
(أ) قسمة. "حكم القسمة". "حجيته". حكم.
حكم القسمة. ملزم للشركاء المتقاسمين الذين كانوا طرفاً في دعوى القسمة بما حدده من نصيب لكل منهم.
(ب) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحكم الصادر من جهة قضائية غير مختصة. لا حجية له أمام جهات القضاء الأخرى له حجيته أمام محاكم الجهة التي أصدرته ولو خرج في قضائه على الولاية التي منحها المشرع لتلك المحاكم.
(ج) قسمة. تسجيل. "تسجيل القسمة". غير.
الغرض من تسجيل القسمة لإمكان الاحتجاج بها على الغير هو شهرها حتى يستطيع الغير العلم بوقوع العقار موضوع التصرف الصادر من أحد المتقاسمين في نصيبه أم لا.
(د) حكم "بيانات الحكم". "أسماء الخصوم". بطلان.
وجوب بيان أسماء الخصوم وصفاتهم في الحكم. الخطأ الجسيم أو النقص في هذا البيان لا يترتب عليه البطلان إلا إذا ترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته. إغفال الحكم ذكر اسم القيم الأخير باعتباره مباشراً للخصومة عن المحجوز عليه ليس خطأ جسيماً يختفي به وجه الحق في التعريف بشخص الخصم. لا بطلان.
(هـ) حيازة. محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "مسائل الواقع".
كون الشيء واقعاً في حوزة من يدعي حيازته من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع.
(و) بطلان "البطلان غير المتعلق بالنظام العام". قسمة "تمثيل الشركاء في دعوى القسمة".
البطلان المترتب على عدم تمثيل الشركاء في دعوى القسمة أو عدم مراعاة الإجراءات بالنسبة للقصر. بطلان نسبي ليس لغير من شرع لمصلحته من الشركاء التمسك به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 13 من فبراير سنة 1919 صدقت محكمة أسيوط المدنية الجزئية في الدعوى رقم 599 سنة 1917 جزئي أسيوط على القسمة التي تمت بين أفراد من عائلة الهلالي من بينهم المرحوم إبراهيم عثمان الهلالي (مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول) والمرحوم حامد عثمان الهلالي وبعض الأوقاف الصادرة من أشخاص آخرين من تلك العائلة وقد تناولت هذه القسمة فرز وتجنيب أعياناً شائعة آلت إلى المقتسمين بطريق الميراث الشرعي وأعياناً تابعة لتلك الأوقاف وخصص لكل متقاسم نصيب في المباني والأطيان الزراعية موضوع القسمة وكان من بين ما اختص به إبراهيم عثمان الهلالي 4 ف و11 ط بحوض خياش رقم 54 بالقطعة نمرة 6 بينما لم يخصص لحامد عثمان الهلالي شيء في الحوض المذكور ولئن كان حكم القسمة المشار إليه لم يسجل إلا أنه عندما توفى المرحوم حامد عثمان الهلالي اقتسم ورثته ومن بينهم ابنه محمد حفني الأعيان الآيلة لهم بطريق الميراث عن والدهم المذكور وعن والدتهم السيدة حنيفة مراد الهلالي وهذه الأعيان هي بذاتها التي اختص بها كل من الوالدين في حكم القسمة الأولى ولوجود قصر في القسمة الثانية فقد قام بإجرائها مجلس حسبي بندر أسيوط بتاريخ 2 من يناير سنة 1932 وأشار في قراره المتضمن هذه القسمة إلى أن الأعيان المقسومة هي التي اختص بها المورثان المذكوران بموجب حكم القسمة الصادر من محكمة أسيوط الجزئية بتاريخ 13 من فبراير سنة 1919 في القضية رقم 599 سنة 917 وفي الخريطة المودعة في هذه الدعوى والتي فرزت نصيب المرحومين حامد الهلالي وحرمه السيدة حنيفة عن باقي ورثة عائلة الهلالي وأردف القرار ذلك ببيان النصيب الذي خصص لكل من ورثة المذكورين وجاء نصيب محمد حفني حامد الهلالي في الصحيفة رقم 6 وليس فيه أي أطيان بحوض خياش رقم 54 وقد سجل قرار المجلس الحسبي المتضمن هذه القسمة الثانية بتاريخ 16 من مارس سنة 1933 - وحدث بعد ذلك أن باع محمد إبراهيم عثمان الهلالي الشهير بتهامي بصفته وكيلاً عن محمد حفني حامد الهلالي إلى لمعي مترى أبادير (الطاعن) ثلاثة أفدنة محددة بحوض خياش 54 ضمن القطعة 6 وذلك بعقد بيع أرخ 15 من فبراير سنة 1937 وسجل في 15 من نوفمبر سنة 1937 - وبتاريخ 3 من مارس سنة 1942 أقام المرحوم إبراهيم عثمان الهلالي مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول الدعوى رقم 175 سنة 1942 على الطاعن وعلى محمد إبراهيم عثمان الهلالي الشهير بتهامي والذي يمثله في الطعن القيم عليه المطعون ضده الأول وعلى ورثة المرحوم محمد حفني حامد الهلالي - باقي المطعون ضدهم - وطلب في هذه الدعوى الحكم بثبوت ملكيته للثلاثة الأفدنة المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والمبيعة إلى الطاعن بالعقد آنف الذكر وشطب التسجيلات الموقعة عليها لصالح هذا الطاعن وأسس دعواه على أنه يملك هذا القدر بموجب حكم القسمة الصادر في 13 من فبراير سنة 1919 بالإضافة إلى وضع يده المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن العقد الصادر ببيع هذه الأرض إلى الطاعن والمشهر في 15 نوفمبر سنة 1937 قد صدر إليه من غير مالك لأن البائع محمد حفني حامد الهلالي لا يملك شيئاً في حوض خياش 54 الذي تقع فيه الأرض المبيعة - دفع الطاعن بأنه تملك هذه العين بموجب عقد البيع المشار إليه والذي اقترن بوضع اليد وأنه بفرض أن هذا العقد قد صدر إليه من غير مالك فإنه - أي الطاعن - قد تملك القدر المبيع بالتقادم الخمسي لوجود السبب الصحيح وتوافر حسن النية لديه وطعن على حكم القسمة الصادر في سنة 1919 بالبطلان لصدوره من محكمة غير مختصة قائلاً إنه وقد تناولت القسمة أطياناً موقوفة فإن المحكمة الشرعية دون غيرها كانت هي المختصة بإجراء القسمة هذا إلى أن الأوقاف المتقاسمة لم تمثل في هذه القسمة وأضاف أنه بفرض صحة القسمة فإنها لا تسري عليه لأن الحكم الصادر بها لم يسجل علاوة على أنها لم تنفذ وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1945 حكمت محكمة أسيوط الابتدائية بتثبيت ملكية المدعي مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول - إلى الثلاثة أفدنة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبشطب جميع التسجيلات الموقعة عليها لصالح المدعى عليه الأول (الطاعن) - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 179 سنة 22 قضائية وبتاريخ 10 من مارس سنة 1960 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في الحكم الاستئنافي بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تكييف حكم القسمة الذي بنى عليه قضاءه إذ اعتبر هذا الحكم حكماً قضائياً فصل في خصومة ومن ثم تكون له حجية الأمر المقضي مع أن القسمة القضائية لا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تقوم بها المحكمة بما لها من السلطة الولائية مما لا يجعل للحكم الصادر بها حجية هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور ذلك أنه اعتمد في قضائه بالملكية للمورث المدعي على ورود العين المبيعة للطاعن في نصيب المدعي الذي خصص له بموجب حكم القسمة الصادر في سنة 1919 مع أنه يبين من هذه القسمة أن القطعة رقم 6 بحوض خياش رقم 54 مساحتها 23 فداناً وقد وزعت على خمسة من المتقاسمين واختص المورث المدعي فيها بأربعة أفدنة وأحد عشر قيراطاً غير مفرزة بل على الشيوع مع أنصبة الأربعة ملاك الآخرين ومن ثم فليس المدعي وحده هو المالك لتلك القطعة حتى يعتبر البائع للطاعن بائعاً لملك المورث بل من الجائز أن يكون القدر الذي اشتراه الطاعن مملوكاً لأحد الأربعة الآخرين ولئن كان الحكم قد نفى الملكية عن الطاعن إلا أن ذلك لا يفيد بطريق اللزوم إثباتها للمدعي وبذلك يكون الحكم المطعون فيه بقضائه لمورث المطعون ضدهم الأربعة الأول بالملكية دون أن يبين أساس ذلك القضاء قد جاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن حكم القسمة أياً كان الرأي في تكييفه فهو ملزم للشركاء المتقاسمين الذين كانوا طرفاً في دعوى القسمة بما حدده من نصيب لكل منهم والنعي مردود في شقه الثاني بأن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى أن حكم القسمة الذي استند إليه المدعي - مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول - قد خصه بأطيان واقعة في عدة أحواض من بينها حوض خياش رقم 54 الذي يشمل القطعة رقم 6 التي يقع فيها القدر المتنازع عليه وأما مورث البائع للطاعن فقد اختص بأطيان واقعة في أحواض أخرى ليس من بينها حوض خياش رقم 54 وقد رتب الحكم الابتدائي على ذلك ثبوت الملكية للمدعي ونفيها عن الطاعن فلما استأنف الطاعن هذا الحكم لم يثر أمام محكمة الاستئناف ما يثيره الآن في طعنه من احتمال وقوع القدر المبيع له في نصيب أحد من المتقاسمين الآخرين الذين اختصموا بأطيان بحوض خياش 54 بالقطعة رقم 6 ولما كان هذا الدفاع علاوة على أنه مبني على مجرد احتمال فإنه يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض هذا إلى انتفاء مصلحة الطاعن في إثارة هذا الدفاع ما دام الحكم قد نفى ملكية البائع له الأطيان بحوض خياش.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون لاعتداده بحكم القسمة الصادر في سنة 1919 رغم صدوره من محكمة غير مختصة ولائياً ذلك أن حكم القسمة المذكور قد تناول قسمة أعيان مملوكة وأعيان موقوفة ولما كانت قسمة الأعيان الموقوفة بمثابة استبدال لها لأن القسمة تنطوي على عمليتين إفراز ومبادلة وعلى هذا الأساس تكون متصلة بأصل الوقف فإن المحكمة الشرعية كانت هي الجهة المختصة بإجراء تلك القسمة وإذ كان حكم القسمة سند الدعوى قد صدر من محكمة أهلية فإنه يكون باطلاً لصدوره من محكمة غير مختصة ويكون الحكم المطعون فيه إذ اعتد به وقضى على أساسه لمورث المطعون ضدهم الأربعة الأول بثبوت الملكية مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان الحكم الصادر من جهة قضائية غير مختصة لا يحتج به أمام جهات القضاء الأخرى فإن له حجيته أمام محاكم الجهة التي أصدرته فعليها أن تحترمه وأن تتقيد بما قضى به ومن ثم فإنه طالما أن حكم القسمة الصادر في سنة 1919 قد صدر من محكمة مدنية وأصبح نهائياً فإنه يحوز حجية الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية حتى ولو صح ما يدعيه الطاعن من أن الحكم قد خرج في قضائه على الولاية التي منحها المشرع لتلك المحاكم ومن ثم فلا يصح لها إهدار تلك الحجية وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتد بحكم القسمة لم يخالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه مع افتراض صحة حكم القسمة فإنه ما دام لم يسجل فلا يسري عليه باعتباره من الغير تأسيساً على نص المادة 612 من القانون المدني القديم التي كانت توجب تسجيل حكم القسمة لإمكان الاحتجاج بها على الغير - لكن الحكم المطعون فيه اعتبر حكم القسمة رغم عدم تسجيله حجة على الطاعن وبذلك خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان حكم القسمة الصادر في سنة 1919 لم يسجل إلا أن الثابت من الوقائع المتقدم ذكرها أن ورثة المرحوم حامد الهلالي ومن بينهم ولده محمد حفني - البائع للطاعن - قد اقتسموا بعد وفاة مورثهم المذكور النصيب الذي خصص له في حكم القسمة المشار إليه وكذا النصيب الذي اختصت به والدتهم المرحومة حنيفة مراد الهلالي بمقتضى تلك القسمة أيضاً وحدّد في القرار الصادر من المجلس الحسبي بالقسمة الثانية كل من هذين النصيبين وما يشمله من مبان وأرض زراعية على نحو يطابق ما هو ثابت بالقسمة الأولى وأشير في القرار إلى أن النصيب المقوم قد اختص به مورثا المتقاسمين بموجب الحكم الصادر من محكمة أسيوط الجزئية بتاريخ 13 فبراير سنة 1919 في القضية رقم 599 سنة 1917 وفي الخريطة المودعة في تلك القضية والتي فرزت نصيب المرحومين حامد الهلالي وحرمه السيدة حنيفة عن باقي ورثة عائلة الهلالي.
ولما كان قرار المجلس الحسبي الصادر بهذه القسمة الثانية قد سجل في 16 من مارس سنة 1933 فإن شهره على هذه الصورة يكون شهراً للنصيب الذي خصص للمرحوم حامد الهلالي ولزوجته السيدة حنيفة بموجب حكم القسمة الصادر في سنة 1919 وبهذا الإشهار تصبح هذه القسمة بالنسبة لهذين النصيبين حجة على الغير بما فيهم الطاعن إذ أن الغرض من تسجيل القسمة لإمكان الاحتجاج بها على الغير هو شهرها حتى يكون في استطاعة هذا الغير أن يعلم وقت صدور التصرف إليه من أحد المتقاسمين إذا كان العقار موضوع التصرف قد وقع في القسمة في نصيب المتصرف أو لم يقع وهذا الغرض قد تحقق بشهر عقد القسمة الثانية - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر قسمة سنة 1919 حجة على الطاعن لما قسمته للمرحوم حامد الهلالي - مورث البائع للطاعن - وذلك نتيجة لتسجيل القسمة الثانية فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة نص المادة 349 من قانون المرافعات لتضمن بياناته خطأ جسيماً في أسماء أحد الخصوم وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المورث إبراهيم عثمان الهلالي قد توفى بعد صدور الحكم الابتدائي وحل ورثته محله في الاستئناف ومنهم محمد إبراهيم الهلالي الشهير بتهامي الذي حجر عليه أثناء نظر الاستئناف وعين عبد المنعم جاد الرب قيماً عليه ثم حل محل هذا القيم آخر هو فرغلي عبد الرحيم حماد الشهير بفريد حماد وقد أعذر هذا القيم الجديد في الاستئناف حتى يكون الحكم حضورياً بالنسبة له مما كان يتعين معه أن يكون اسم القيم الجديد وارداً في الحكم بين أسماء الخصوم باعتباره ممثلاً للمحجور عليه محمد إبراهيم الهلالي لكن الحكم المطعون فيه أغفل اسمه وأورد اسم عبد المنعم جاد الرب بدلاً منه وبذلك أغفل بياناً جوهرياً من البيانات التي أوجبتها المادة 349 مرافعات مما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 349 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن يتضمن الحكم بيان أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وأسماء وكلائهم إن كانوا قد قصدت بذلك التعريف بأشخاص وصفات من تتردد بينهم الخصومة في الدعوى التي يصدر فيها الحكم تعريفاً نافياً للجهالة أو اللبس حتى لا يكتنف الغموض شخص المحكوم له أو المحكوم عليه وإذ رتبت هذه المادة البطلان على "النقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم" إنما قصدت النقص أو الخطأ اللذين قد يترتب عليهما التجهيل بالخصم أو اللبس في التعريف بشخصيته مما قد يؤدي إلى عدم التعرف على حقيقة شخصيته أو إلى تغيير شخص الخصم بآخر لا شأن له بالخصومة في الدعوى وإذن فمتى كان النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما يترتب عليه البطلان المنصوص عليه في المادة المشار إليه - ولما كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء من مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول ضد الطاعن وآخرين ثم توفى ذلك المورث بعد صدور الحكم الابتدائي ورفع الطاعن استئنافاً أعلنه إلى الورثة ومنهم محمد إبراهيم الهلالي الذي كان يمثله عبد المنعم جاد الرب باعتباره قيماً عليه فلما تغير هذا القيم وحل محله قيم آخر هو فرغلي عبد الرحيم حماد الشهير بفريد حماد أعذر هذا القيم الأخير حتى يكون الحكم في الاستئناف حضورياً بالنسبة له لما كان ذلك، فإن إغفال الحكم في ديباجته ذكر اسم القيم الأخير باعتباره ممثلاً للمحجور عليه ومباشراً الخصومة عنه لا يعتبر خطأ جسيماً يختفي به وجه الحق في التعريف بشخص الخصم وبالتالي فلا يترتب عليه البطلان.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه تملك القدر المتنازع عليه بوضع اليد لمدة خمس سنوات بسبب صحيح وبحسن نية واستند فيما استند إليه لإثبات وضع يده إلى ما ورد في عقد البيع الصادر إليه من المطعون ضده الأول من أنه - الطاعن - قد وضع يده على الأطيان المبيعة منذ إبرام ذلك العقد - لكن الحكم المطعون فيه اعتبر أن وضع يده لم يكن هادئاً وذلك تأسيساً على ما قدمه مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول من عقود إيجار مبرمة بينه وبين آخرين مستأجرين منه في سنتي 1937، 1938 وعلى أن الطاعن كان قد أوقع حجزاً على زراعة هذه الأفدنة الثلاثة ضد أحد المستأجرين منه فرفع من يدعى محمد حسنين أحمد طايع دعوى باسترداد هذه الزراعة المحجوز عليها بصفته مستأجراً لهذه الأفدنة من مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول وقد رأى الحكم المطعون فيه أن عقود الإيجار المنوه عنها تفيد وضع يد المورث رافع الدعوى على القدر المتنازع عليه في سنتي 1937، 1938 وأن دعوى الاسترداد وإن كان قد حكم فيها بالرفض إلا أنها تعتبر تعكيراً لوضع اليد ويرى الطاعن أن ذلك من الحكم خطأ في القانون إذ أن مثل هذه المنازعة لا تنفي عن حيازته صفة الهدوء هذا إلى أن الحكم قد اعتبر الطاعن سيء النية بما نقله - دون بحث أو تمحيص - عن مذكرات المورث من أن ابنه المطعون ضده الأول معروف عنه السفه وسوء التصرف وأنه كان متواطئاً مع الطاعن في إبرام عقد البيع المنوه عنه كما دلل الحكم على سوء نيته بشرط الضمان الوارد في ذلك العقد والذي التزم بمقتضاه المطعون ضده الأول دون أن يكون هناك داع لهذا الالتزام - ومع أن الطاعن قد رد على ذلك بما قدمه من العقود التي تدل على أن المطعون ضده الأول قد دأب على تضمين عقود البيع التي يبرمها مثل هذا الشرط فإن الحكم لم يرد على ذلك فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد تضمن في مقام الرد على ادعاء الطاعن تملك القدر المبيع بالتقادم الخمسي "أن هذا الادعاء لا يستند إلى أساس صحيح لأن الثابت من القضايا المضمومة أن المدعى عليه الأول (الطاعن) لم يكن واضع اليد وضعاً هادئاً مستمراً من وقت شرائه بل كان المدعي (مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول) والمستأجرون منه ينازعونه وضع اليد وعلى النقيض من ذلك فالثابت من عقود الإجارة المتعددة المقدمة من المدعي في القضية رقم 357 كلي أسيوط سنة 1938 بالحافظة رقم 6 من ملف تلك الدعوى وعقود الإجارة المقدمة في القضايا الأخرى المضمومة أن المدعي هو الذي ظل واضع اليد حتى نهاية سنة 1938 ثم اغتصب المدعى عليه الأول الأرض بزعم شرائه إياها فقام النزاع بين الطرفين على ملكيتها" وأضاف الحكم المطعون فيه ما يأتي: "وحيث إنه فضلاً عن سوء النية فإن وضع اليد الذي يزعمه لم يكن هادئاً إذ الثابت من ملف القضية رقم 357 سنة 1938 كلي أسيوط أن إبراهيم عثمان الهلالي تقدم بعديد من عقود الإيجار المثبتة لوضع يده على أرض النزاع في سنتي 1937، 1938 بتأجيرها للغير" ولما كان كون الشيء واقعاً فعلاً في حوزة من يدعي حيازته أو غير واقع فيها هو من الأمور الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص استخلاصاً سائغاً من عقود الإيجار المقدمة في القضايا التي كانت مضمومة إلى هذه الدعوى أن مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول هو الذي كان يضع اليد على الأطيان المتنازع عليها حتى سنة 1938 فإنه بفرض أن الطاعن وضع يده ابتداء من هذا التاريخ فإن مدة التقادم الخمسي لم تكتمل له قبل رفع هذه الدعوى عليه في 3 من مارس سنة 1942 - ومتى كان الحكم المطعون فيه قد نفى اكتمال هذه المدة فقد كان هذا حسبه لرفض ادعاء الطاعن التملك بالتقادم الخمسي ويكون ما قرره في شأن نفي حسن النية عن الطاعن ونفي صفة الهدوء عن حيازته في المدة اللاحقة لسنة 1938 تزيداً منه فأياً كان خطؤه فيه فإن النعي به يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن حكم القسمة لم ينفذ وعدل عنه بإنفاق الشركاء وأن حالة الشيوع ظلت قائمة بينهم ودلل على ذلك بما قدمه من عقود رسمية صادرة من بعض المتقاسمين إلى الغير بعد حكم القسمة تدل على عدم اعتدادهم بذلك الحكم كما استدل على ذلك بأن تكليف الأطيان الواقعة بالقطعة رقم 6 بحوض خياش رقم 54 ما زال بأسماء الملاك الأصليين كما يدل ذلك الكشف الرسمي المقدم منه كما تمسك ببطلان حكم القسمة بناء على نص المادة 454 من القانون المدني القديم تأسيساً على أن حسين كامل أحد المتقاسمين في دعوى القسمة لم يبين صفته في القسمة وهل كان متقاسماً بصفته مالكاً أم ناظر وقف - كما تمسك أيضاً ببطلان القسمة استناداً إلى عدم التصديق على إجراءاتها من المحكمة الابتدائية على الرغم من وجود قصر فيها - وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على وجوه دفاعه هذا فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الطاعن خاصاً بعدم تنفيذ حكم القسمة والعدول عنه بقوله:
"وحيث إنه بعد أن تمت القسمة على الوجه المبين بالحكم وضع كل من المتقاسمين يده على نصيبه وظاهر من مراجعة القرار الصادر من مجلس حسبي مديرية أسيوط بتاريخ 2 من يناير سنة 1932 أن ورثة المرحوم حامد عثمان الهلالي ومن بينهم المرحوم محمد حفني الهلالي (البائع للطاعن) اقتسموا فيما بينهم الأعيان المخلفة عن مورثهم على أساس القسمة الصادر من محكمة أسيوط الجزئية بتاريخ 13 فبراير سنة 1919 في القضية رقم 599 سنة 1917 وقد صدق المجلس الحسبي على القسمة التي تمت بين هؤلاء الورثة بالنسبة لنصيب القاصر منهم وسجلت في 16 مارس سنة 1933 (تراجع الحافظة رقم 26 من ملف الدعوى رقم 307 سنة 1938 كلي أسيوط المضمومة) مما يدل على تنفيذ حكم القسمة المشار إليه" ويبين من ذلك أن محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها الموضوعية وبأسباب سائغة إلى أن حكم القسمة قد نفذ ولم يعدل عنه وهذا يعتبر رداً كافياً على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص. والنعي مردود في شقه الثاني بأن البطلان المترتب على عدم تمثيل الشركاء في دعوى القسمة أو عدم مراعاة الإجراءات الواجب اتباعها بالنسبة للشركاء القصر هو بطلان نسبي لا يحق لغير من شرع لمصلحته من الشركاء التمسك به.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في مذكرته التي قدمها لمحكمة الاستئناف وأودعت ملفه تحت رقم 41 دوسيه أنه بفرض أن الثلاثة أفدنة المبيعة له مملوكة للمدعي إبراهيم الهلالي فإنه ترتب على وفاته أثناء نظر الدعوى أن أصبح ولده محمد الشهير بتهامي الضامن لسلامة العقد يملك بطريق الميراث عن والده الخمسين فيها كما آل خمسها أيضاً إلى زينب إبراهيم الهلالي زوجة البائع للطاعن وخلفه في ضمان استحقاق المبيع وأنه إذ كان البيع الصادر من غير مالك يصح إذا أصبح البائع مالكاً للمبيع طبقاً للمادتين 264 و202 من القانون المدني القديم المنطبق على النزاع فإن العقد الصادر إليه يصبح صحيحاً بالنسبة لنصيب المذكورين في المبيع وبالتالي فلا يصح الحكم لهما بالملكية - لكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع وقضى لهما بتثبيت الملكية وبذلك جاء مشوباً بالقصور ومخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من مطالعة الصورة الرسمية للمذكرة التي يشير إليها الطاعن على أنها قد تضمنت دفاعه في هذا الشأن أنه لم يرد فيها ذكر لزينب إبراهيم الهلالي وأيلولة جزء من المبيع إليها وعدم جواز الحكم لها بملكية هذا الجزء للسبب الذي يذكره الطاعن ومن ثم يكون نعيه على الحكم المطعون فيه لإغفاله الرد على دفاعه في هذا الخصوص على غير أساس كما لا يجوز التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع يجب عرضه على محكمة الموضوع - أما ما أثاره الطاعن خاصاً بالنصيب الذي آل إلى محمد إبراهيم الهلالي الشهير بتهامي في القدر المبيع فإنه لما كان الأخير ليس بائعاً ولا خلفاً للبائع بل مجرد وكيل عنه في البيع وضامن له في التزاماته فإن أيلولة جزء من المبيع إليه بعد البيع لا يكون من شأنه طبقاً للمواد التي استند إليها الطاعن تصحيح هذا البيع ونفاذه حتى بالنسبة لذلك الجزء أما إذا كان المقصود الرجوع على هذا الوكيل بالضمان الذي التزم به في العقد فإن ذلك يكون طلباً جديداً لا يجوز قبوله في الاستئناف ومن ثم فلا على محكمة الاستئناف إن هي التفتت عنه وبالتالي يكون النعي على الحكم المطعون فيه لإغفاله الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق