بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضـــى / موسـى محمد مرجـان "
نائب رئيس المحكمة "
وعضوية الســادة القضـاة / أحمــد صـلاح الـدين وجدى ، عثمان
مكرم توفيق
حسام حسين
الديـب و عبد المنعم إبراهيم الشهاوى
" نواب رئيس المحكمة
"
والسيد
رئيس النيابة / حســــام عيــد .
وأمين السر السيد / طارق عادل
محمد .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر
المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 16 ربيع الآخر سنة
1437 هـ الموافق 26 من يناير سنة 2016 م.
أصدرت الحكم الاتى :ـ
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 268 لسنة 84
القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع
مــن
السيد المستشار / ...... . لم يحضر .
ضـــــد
1 ـ السيد / رئيس الجمهورية بصفته
.
2 ـ السيد المستشار/ وزير العدل
بصفته .
3 ـ السيد المستشار / رئيس مجلس
القضاء الأعلى بصفته .
حضر
عنهم الأستاذ / .... المستشار بهيئة قضايا الدولة .
الوقائــع
فى يوم 13/5/2014 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر
بتاريخ 26/3/2014 فى الدعوى رقم 3146 لسنـة 130 ق " رجال القضاء" وذلك
بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بأحقيتة فى
العودة للمنصب القضائى كرئيس بمحكمة استئناف القاهرة بحسب أقدميته بين أقرانه .
وفى 13/5/2014
أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى يوم 22/5/2014 أودع الأستاذ / .... المستشار بهيئة قضايا الدولة بصفته
نائباً عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة بدفاعهم طلب فيها تأييد الحكم المطعون فيه
والقضاء مجددًا برفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً
وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 13/10/2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير
بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 26/1/2016 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر
الجلسـة ــــــ حيث صمم الحاضر عن المطعون ضدهم والنيابة العامة كل على ما جاء
بمذكرته ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسمـــــاع التقرير الذى تلاه السيد القاضـــــــى المقــــــــــــرر
/
عثمان مكرم توفيق " نائب
رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن
استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق
ـــــ تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى 3146 لسنـة 130 ق استئناف القاهرة "
دائرة رجال القضاء " على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم بإلغاء قرارى مجلس
القضاء الأعلى الصادرين بتاريخى 21 ، 28 من أغسطس 2013 برفض إعادة تعيين الطاعن فى
وظيفة رئيس محكمة استئناف . وقال بيانًا لدعواه إنه كان يشغل وظيفة رئيس محكمة
استئناف قبل تكليفه بقرار المجلس العسكـــــرى رقــــــم 167 لسنـــــة 2011
محافظًا لبنـى سويــــــف ثـــــم بالقــــــرار الجمهـــورى رقــــم 426 لسنة
2013 محافظًا للإسكندرية وانتهى تكليفه بهذا العمل القومى بتاريخ 13 من أغسطس 2013
فتقدم إلى مجلس القضاء الأعلى بطلب إعادة تعيينه وقد توافرت فى حقه الشروط
والضوابط التى أقرها المجلس بتاريخ 3/2/2003 لإعادة التعيين فى القضاء ، إلا أنه
فوجئ برفض طلبه فتظلم أمام ذات المجلس الذى رفض تظلمه ومن ثم فقد أقام الدعوى ،
بتاريخ 26 مـــن مــــارس 2014 قضت المحكمة برفض الدعوى . طعن الطاعن فى هذا الحكم
بطريق النقض ، وأودع المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن ، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة ـــ
فى غرفة المشورة ـــ حددت جلسة لنظره وفيها ، التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب
والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضائه على أن
لمجلس القضاء الأعلى سلطة تقدير مدى صلاحية الطاعن للعودة لشغل وظيفة القضاء ، فى
حين أن مسألة الصلاحية لم تكن مسألة أساسية مطروحة على المحكمة إذ اقتصر دفاع نائب
الدولة ــــ الحاضر عن المطعون ضدهم بصفاتهم ــــ على أن سبب رفض إعادة تعيين
الطاعن يرجع إلى إصدار مجلس القضاء الأعلى بجلسته المعقودة فى 15 من يوليو 2013
تعديل لقواعد إعادة التعيين فى الوظائف القضائية السابق إقرارها بجلسة 3 من فبراير
2003 ، وأن هذا التعديل منع إعادة تعيين من سبق له شغل منصب وزير أو محافظ . فضلًا
عن أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاع الطاعن المتمثل فيما ترتب على إعمال التعديل
المشار إليه من إخلال بمبدأ المساواة مع النظراء فى الجهات القضائية الأخرى ،
الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعى فى محله ، ذلك أن النص فى المادة 77 مكررًا (1) من قانون
السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن
" يُشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وبعضوية كل من
......." وفى المادة 77 مكررًا (2) من هذا القانون على أن " يختص مجلس
القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابة
العامة وكذلك سائر شئونهم على النحو المبين فى هذا القانون ....." يدل ـــ
وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة 1984 ، وتقرير لجنة
الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه ـــ على أنه تأكيدًا لاستقلال القضاء فقد رئى
إنشاء " مجلس القضاء الأعلى " يشكل بكامله من كبار رجال القضاء أنفسهم
لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب
وغير ذلك من الشئون المبينة فى القانون ، ذلك أن من أهم دعائم استقلال القضاء أن
يقوم القضاء ذاته على شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى ، فأصبح القضاء
متفردًا بتصريف شئون رجاله على النحو الذى يحقق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية
. والنص فى المادة 77 مكررًا (4) من القانون سالف الذكر على أن " يضع المجلس
لائحة بالقواعد التى يسير عليها فى مباشرة اختصاصه ....." يدل ـــ وعلى ما ورد
بتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية سالف الذكر ـــــــــ على أن المشرع فوض
مجلس القضاء الأعلى لوضع قواعد فى شأن تفصيلات المسائل الداخلة فى اختصاصه ليرتقى
بهذه القواعد ــــ وفق المبادئ الدستورية المعمول بها فى شأن التفويض ـــــ إلى
مصاف القانون بمعناه العام وتصبح هذه القواعد إطارًا حاكمًا لتلك التفصيلات وتطبق
بصفة مجردة على ما يستجد من وقائع ذلك أنه وإذا كان من أسمى مهام الدولة فى العصر
الحديث بث الطمأنينة فى نفوس المواطنين وتأمينهم على حقوقهم بالاحتكام إلى سيادة
القانون وإرساء قواعد على أسس ثابتة تطبق على الحكام والمحكومين ، فإن ذلك بالنسبة
للمسائل التى تدخل فى اختصاص مجلس القضاء الأعلى أولى وأوجب لتوفير المزيد من
الضمانات التى تكفل للقاضى اطمئنانه واستقلاله وترسى قواعد العدالة على أسس وطيدة
ثابتة ، وكان من المقرر ـــــ فى قضاء هذه المحكمة ــــــ أن المشرع أوجب فى
المادة 176 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على المحاكم الابتدائية ومحاكم
الاستئناف أن تكون أحكامها مشتملة على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطلة ،
وإذ أوجب ذلك لم يكن قصده منه استتمام الأحكام من حيث الشكل بل حمل القضاة على بذل
الجهد فى تمحيص القضايا لتجىء أحكامهم ناطقة بعدالتها وموافقتها للقانون ، ثم إنه
أوكد وجوب تسبيب الأحكام على هذا المعنى بإخضاعه إياها لمراقبة محكمة النقض فى الحدود المبينة
بالقانون ، تلك المراقبة التى لا تتحقق إلا إذا كانت الأحكام مسببة تسبيبًا واضحًا
كافيًا ، إذ بغير ذلك يستطيع قاضى الموضوع أن يُجهل طريق هذه المراقبة على محكمة
النقض بأن يكتفى بذكر أسباب مجملة أو غامضة أو ناقصة أو أسباب مخلوط فيها بين ما
يشتغل هو بتحقيقه والحكم فيه من ناحية الموضوع وبين ما تراقبه فيه محكمة النقض من
ناحية القانون ، لذلك كان واجبًا على قاضى الموضوع أن يبين فى حكمه موضوع الدعوى
وطلبات الخصوم وسند كل منهم ، وأن يذكر ما استخلص ثبوته من الوقائع وطريق هذا
الثبوت وما الذى طبقه من القواعد القانونية ، فإذا هو قصر فى ذلك كان حكمه باطلًا
وتعين نقضه ، ومن المقرر أيضًا أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه
بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريًا ومؤثرًا فى النتيجة التى انتهت إليها
المحكمة ، إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورًا فى أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه
، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر فى أثره فى الدعوى
فإن كان منتجًا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسمًا بالجدية مضت فى
فحصه لتقف على أثره فى قضائها ، فإن هى لم تفعل كان حكمها قاصرًا . لما كان ذلك ،
وكان البين من صحيفة افتتاح الدعوى ومذكرة الطاعن المقدمة أمام محكمة الموضوع
بجلسة 26 من يناير 2014 تمسكه بتوافر الشروط اللازمة لإعادة تعيينه بالقضاء وفق
القواعد التى أقرها مجلس القضاء الأعلى بجلسته المعقودة فى 3 من فبراير 2003 ،
واعتصم بعدم خضوعه للقواعد الجديدة التى أقرها المجلس فى 15 من يوليو 2013 ، ذلك
أن إعمال هذه القواعد الأخيرة فى حقه يرتب إخلالًا بمبدأ المساواة بينه ونظرائه فى
الجهات القضائية الأخرى . وكان البين من مذكرة دفاع المطعون ضدهم المقدمة أمام
محكمة الموضوع بجلسة 28 من نوفمبر 2013 تمسكهم بأن سبب رفض طلب الطاعن إعادة
تعيينه فى القضاء إعمال القواعد الجديــــدة فــــى حقــــه وتعديل الضوابط السابقة
، وإذ لم تكلف محكمة الموضوع نائب الدولة بتقديم
سند رده صورة قرار مجلس القضاء
الأعلى بضوابط إعادة التعيين وما لحقه من تعديل لتطرح دلالته على بساط البحث
وتقسطه حقه من الفحص والتمحيص وذلك بعد أن قدم الطاعن كتاب أمين عام مجلس القضاء
الأعلى الذى يفيد رفض المجلس إعطائه ما صرحت به محكمة الموضوع من استخراج صورة من
قرار المجلس المشار إليه ، ولم تفطن إلى أن نكول المجلس عن تقديم هذا المستند الذى
تحت يده بغير مبرر ينشئ قرينة لصالح خصمه بصحة ما يدعيه ، وأغفل الحكم المطعون فيه
بحث دفاع الطاعن فى هذا الشأن ولم يعن ببحث أثره فى الدعوى ، واكتفى بعبارة عامة
مرسلة بمقولة "... أنه لا يجدى الطاعن استعراض قواعد مجلس القضاء الأعلى
طالما أن سلطة تقدير انطباقها من إطلاقات هذا المجلس ...." رغم أن مشروعية
هذا التقدير تخضع لرقابة القضاء فى ظل مبدأ سيادة القانون ، فإنه يكون قد عابه القصور
المبطل مما يوجب نقضه .
وحيث إن موضوع الدعوى رقم 3416 لسنة 130 ق القاهرة "رجال
القضاء" غير صالح للفصل فيه ـــ ولما تقدم ـــ يتعين إحالتها إلى محكمة
الموضوع ليتناضل الخصوم فيها ولكى لا يفوت عليهم درجة التقاضى الوحيدة .
لـذلـــــك
نقضت
المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة "
دائرة دعاوى رجال القضاء " للفصل فيها مجددًا من هيئة مغايرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق