جلسة 24 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين
الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمود شريف فهمي.
-----------------
(189)
الطعن رقم 4649 لسنة 61
القضائية
(1)نقض
"الصفة في الطعن". وكالة.
صدور التوكيل للمحامي
المقرر بالطعن في تاريخ لاحق لصدور الحكم وسابق على التقرير بالطعن. مفاده: انصراف
إرادة الطاعن إلى توكيل محاميه في التقرير بالطعن بالنقض ولو لم تتضمن عباراته ذلك.
(2) استجواب. إجراءات
"إجراءات التحقيق".
عدم جواز استجواب المتهم
أو مواجهته في الجنايات بغير دعوة محاميه. إلا في حالتي التلبس والسرعة. تقدير ذلك
للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع.
(3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى. موضوعي.
(4)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام الحكم بتعقب
المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
(5) جريمة
"أركانها". إثبات "بوجه عام". قتل عمد.
أداة ارتكاب الجريمة ليست
من أركان الجريمة الجوهرية. عدم ضبطها. لا يؤثر في قيام الجريمة.
(6)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد
اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. متى كان له مأخذه من الأوراق.
(7) إثبات "خبرة".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تجزم
بما لم يجزم به الخبير في تقريره.
----------------
1 - لما كان الطعن قد قرر
به من محام نيابة عن المحكوم عليه بموجب التوكيل الخاص المرفق الذي اقتصرت عبارته
على المرافعة أمام محكمة النقض، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر في 6 من
يناير سنة 1991 وكان هذا التوكيل قد أجري في 3 من فبراير سنة 1991 أي في تاريخ
لاحق لصدور الحكم وسابق بيوم واحد على تاريخ التقرير بالطعن بالنقض الموافق 4 من
فبراير سنة 1991، فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعن إلى توكيل محاميه
بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في
القانون.
2 - من المقرر أن المادة
124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته -
في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس
والسرعة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما
دامت هي أقرته عليه في حدود سلطتها التقديرية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
3 - من المقرر أن من حق
محكمة الموضوع أن تستخلص من الأدلة وباقي عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط
البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها
من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق،
ولها أصلها في الأوراق.
4 - من المقرر أنه بحسب
الحكم كيما يستقيم قضاءه أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من
المتهم، وليس ملزماً أن يتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها
إذ مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
5 - لما كانت أداة ارتكاب
الجريمة ليست من أركان الجريمة الجوهرية، فإن عدم ضبطها لا يؤثر في قيام الجريمة
ولا ينال من أدلتها القائمة في الدعوى.
6 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا
الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
7 - من المقرر أن الأصل
أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى
قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: قتل....... عمداً بأن وضع قطعة من القماش على فمها وأنفها وضغط بها
عليها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/
1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال
الشاقة لمدة عشر سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها
برقم...... لسنة..... قضائية) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها من
جديد - دائرة أخرى - ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/
1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما نسب إليه.
فطعن الأستاذ.....
المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
حيث إنه وإن كان الطعن قد
قرر به من محام نيابة عن المحكوم عليه بموجب التوكيل الخاص المرفق الذي اقتصرت
عبارته على المرافعة أمام محكمة النقض، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر في
6 من يناير سنة 1991 وكان هذا التوكيل قد أجري في 3 من فبراير سنة 1991 أي في تاريخ
لاحق لصدور الحكم وسابق بيوم واحد على تاريخ التقرير بالطعن بالنقض الموافق 4 من
فبراير سنة 1991، فإن ذلك يدل بجلاء على انصراف إرادة الطاعن إلى توكيل محاميه
بالتقرير بالطعن بالنقض في هذا الحكم، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر
في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد، قد شابه القصور في التسبيب،
والبطلان، والفساد في الاستدلال. ذلك بأنه عول - من ضمن ما عول عليه - في قضائه
بالإدانة على الاعتراف المنسوب إلى الطاعن على الرغم مما دفع به ببطلانه لحصوله من
استجواب باطل أمام النيابة العامة لعدم دعوة محاميه للحضور - كما لم يعرض الحكم
لدفاع الطاعن القائم على استحالة ارتكابه الجريمة على النحو الوارد باعترافه
لإصابة يديه بحروق ومحاولته إنقاذ المجني عليها من النار المشتعلة بها، فضلاً عن
عدم العثور على "السجادة" أداة ارتكاب الجريمة، وأثر نقل جثة المجني
عليها من مكانها إلى عربة الإسعاف على أدلة الدعوى، هذا وقد أقام الحكم قضاءه على
أساس القطع بأن وفاة المجني عليها ترجع إلى إسفكسيا الاختناق بمنع التنفس بكتم
نفسها، بينما الثابت من تقرير الصفة التشريحية هو احتمال وفاتها بهذا السبب، كما
أن ذلك التقرير تناقض والتقرير الطبي الابتدائي في بيان سبب الوفاة. كل ذلك مما
يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد
التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه عليها. لما كان ذلك، ولئن كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن
الطاعن دفع ببطلان اعتراف الطاعن أمام النيابة العامة دون بيان العلة في قالة
مرسلة، إلا أن الحكم المطعون فيه حصل هذا الدفع على علة أن الاعتراف مستمد من
استجواب باطل لعدم دعوة محامي الطاعن للحضور، وأطرحه تأسيساً على أن النيابة لا
تلتزم بدعوة محامي المتهم إلا إذا كان اسم المحامي قد أعلن بالطريق الذي رسمته
المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بتقرير يكتب في قلم كتاب المحكمة أو
إلى مأمور السجن، وهو ما لم يفعله الطاعن. فضلاً عن أنها أقرت النيابة في
استعمالها الاستثناء الوارد في المادة سالفة البيان بتلقي اعتراف الطاعن في سرعة
خشية تضييع هذا الدليل، لما كان ذلك، وكان الحكم لم يخطئ القانون في الرد على
الدفع، وكان حسبه ما أورده في السبب الثاني لرفضه الدفع، ذلك بأن المادة 124 من
قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في
الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس
والسرعة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما
دامت هي أقرته عليه في حدود سلطتها التقديرية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -
فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة
الموضوع أن تستخلص من الأدلة وباقي عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها
أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وكان بحسب الحكم كيما يستقيم
قضاءه أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم، وليس ملزماً أن
يتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها. إذ مفاد التفاته عنها
أنه أطرحها، وإذ كانت أداة ارتكاب الجريمة ليست من أركان الجريمة الجوهرية، فإن
عدم ضبطها لا يؤثر في قيام الجريمة ولا ينال من أدلتها القائمة في الدعوى، ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما تقدم يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من
مطالعة التقرير الطبي الشرعي الابتدائي - المرفق بالمفردات المضمومة - أن إفصاحه
عن سبب وفاة المجني عليها بأنه هبوط حاد في دورتيها الدموية والتنفسية كان مبدئياً
لعدم استكمال بحث الحالة، فلا على الحكم إن أطرحه، ولم يجد فيه ما يناقض التقرير
الطبي الشرعي الانتهائي الذي حقق سبب وفاة المجني عليها بعد بحث وتدقيق فني
واستظهره بأنه إسفكسيا الاختناق بمنع التنفس عن طريق كتم النفس، لما هو مقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن
هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، هذا وكان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد
الحكم على تقرير الصفة التشريحية - الانتهائي - على أنه بني على الترجيح لا القطع
فإنه - بفرض صحته - مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به
الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو
الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون
سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق