الدعوى رقم 33 لسنة 40 ق "تنازع" جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن
والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان
وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 33 لسنة 40 قضائية
"تنازع".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط
ضــــــد
عصام مصطفى كمال عبدالمجيد الكاشف
الإجراءات
بتاريخ
الثامن والعشرين من أغسطس سنة 2018، أودعت الوكالة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ:1- الحكم
الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 1080 لسنة 2014 عمال،
المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين رقمى 746 و841 لسنة
134 قضائية "عمال"، 2- الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
في الدعوى رقم 69960 لسنة 69 قضائية، وفى الموضوع: تحديد أى من حكمى جهتى القضاء
العادى والإدارى واجب الاعتداد به دون الآخر.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة
6/4/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بإيداع مذكرات في أسبوع، وفى الأجل
المشار إليه أودعت الوكالة المدعية مذكرة، رددت فيها الطلبات ذاتها الواردة بصحيفة
دعواها، وأرفقت بها حافظتى مستندات.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل– على ما يتبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه إبان فترة عمل المدعى عليه مديرًا لتحرير
الوكالة المدعية، صدر قرار بنقله للعمل بمكتب الوكالة بمدينة صنعاء بجمهورية
اليمن، خلال المدة من 25/12/2011، وحتى 31/12/2013، وبعد عودته، أقام ضد الوكالة
الدعوى رقم 1080 لسنة 2014 عمال، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، طالبًا
الحكم بإلزامها بأن تؤدى له راتبه عن شهر ديسمبر سنة 2013، ومبلغ التأمين الصحى
"فئة الخارج" عن الشهر ذاته، والمقابل النقدى للمناسبات المختلفة، وبدل
التكنولوجيا والتدريب خلال مدة عمله بالخارج، وتكاليف العملية الجراحية التى
أجراها خلال تلك المدة، والمقابل النقدى لرصيد الإجازات والعطلات الرسمية التى لم
يحصل عليها خلال المدة من 1/1/2012 حتى 31/12/2013، وبجلسة 29/12/2016، قضت
المحكمة بإلزام الوكالة بأن تؤدى له مبلغ 2903,60 دولارات أمريكية، قدر راتبه عن
شهر ديسمبر سنة 2013، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. لم يصادف هذا الحكم قبول
الطرفين، فطعنت عليه الوكالة المدعية بالاستئناف رقم 746 لسنة 134 قضائية، أمام
محكمة استئناف القاهرة، كما طعن المدعى عليه على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 841
لسنة 134 قضائية، أمام المحكمة ذاتهــــــا. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين
للارتباط، قضت فيهما بجلسة 26/9/2017، بقبولهما شكلاً، ورفضهما موضوعًا، وتأييد
الحكم المستأنف. ومن جانب آخر، كان المدعى عليه قد أقام الدعوى رقم 69960 لسنة 69
قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد الوكالة المدعية وآخرين، طالبًا
الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القــــــــــرار السلبى بالامتناع عن صرف بدل التدريب
والتكنولوجيا عن الفترة من 1/1/2012 حتى 31/12/2012، وما يترتب على ذلك من آثار،
أخصها أحقيته في صرف هذا البدل، وبجلسة 6/9/2016، قضت المحكمة بأحقيته في صرف
البدل المشار إليه من تاريخ وقف صرفه. وإذ ارتأت الوكالة المدعية وجود تناقض بين
حكم محكمة القضاء الإدارى، وحكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 26/9/2017، في
الاستئنافين رقمى 746 و841 لسنة 134 قضائية، المؤيد للحكم الصادر من محكمة جنوب
القاهرة في الدعوى رقم 1080 لسنة 2014 عمال كلى، أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن مناط
قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا
للبند (ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون أحد الحكمين صادرًا
من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى منها،
وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر
تنفيذهما معًا. متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن موضوع ومنطوق الحكم الصادر
من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 6/9/2016، في الدعوى رقم 69960 لسنة 69
قضائية، قد انصب على أحقية المدعى عليه في بدل التدريب والتكنولوجيا، وما يترتب
على ذلك من آثار، أخصها صرف هذا البدل له من تاريخ وقف صرفه، حال أن أحقية المدعى
عليه في هذا البدل تحديدًا، كان أحد طلباته في الدعوى رقم 1080 لسنة 2014 عمال كلى
جنوب القاهرة، وقضت المحكمة برفضه بحكمها الصادر بجلسة 29/12/2016، والذى تأيد
استئنافيًّا بموجب الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، بجلسة 26/9/2017، في الاستئنافين
رقمى 746 و841 لسنة 134 قضائية. ومن ثم، غدا الحكمان موضوع دعوى التناقض المعروضة
متعامدين في هذا النطاق على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر
تنفيذهما معًا، بما يتحقق معه مناط التناقض في الدعوى المعروضة، في هذا النطاق.
وحيث إن
المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن بحثها في المفاضلة بين الحكمين
النهائيين المتناقضين الصادرين من أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات
الاختصاص القضائي، يكون على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها
أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن
القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، تناول في الفصل الثانى من الباب
الأول، بيان حقوق الصحفيين، ناصًا في المادة (14) منه على أن "تخضع العلاقة
بين الصحفي والصحيفة لعقد العمل الصحفي الذى يحدد مدة التعاقد ونوع عمل الصحفى
ومكانه والمرتب وملحقاته والمزايـا التكميلية بما لا يتعارض مع القواعد الآمرة في قانون
عقد العمل الفردي أو مع عقد العمل الجماعي في حالة وجوده"، وتنص المادة (16)
من ذلك القانون على أن "تلتزم كافة المؤسسات الصحفية وإدارات الصحف بالوفاء
بجميع الحقوق المقررة للصحفي في القوانين وعقد العمل الصحفي المبرم معها".
واشتمل الباب الثاني من ذلك القانون على أحكام إصدار الصحف وملكيتها، مخصصًا فصله
الأول لإصدار الصحف، ناصًا في المادة (45) منه على أن "حرية إصدار الصحف
للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقًا للقانون"،
مبينًا في المواد من (46) إلى (51) شروط إصدار تلك الكيانات للصحف، وتناول في الفصل
الثانى ضوابط ملكيتها للصحف. وأفرد المشرع الباب الثالث من ذلك القانون للصحف
القومية، في المواد من (55) إلى (66)، ناصَّا في المادة (55) على أن "يقصد
بالصحف القومية في تطبيق أحكام هذا القانون الصحف التى تصدر حاليًا أو مستقبلاً عن
المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء وشركات التوزيع التى تملكها الدولة ملكية خاصة،
....". وتنص المادة (56) على أن "ينظم العلاقة بين المؤسسات القومية
الصحفية وجميع العاملين بها من صحفيين وإداريين وعمال أحكام عقد العمـــــــل الفردى
المنصوص عليها في قانون العمل ....". ونصت المادة (58) منه على أن "تكون
لكل مؤسسة صحفية قومية الشخصية الاعتبارية، ولها مباشرة جميع التصرفات القانونية،
ويمثلها رئيس مجلس الإدارة". وتنص المادة (59) على أن "يجوز للمؤسسات
الصحفية القومية، بموافقة المجلس الأعلى للصحافة، تأسيس شركات لمباشرة نشاطها
الخاص بالنشر أو الإعلان أو الطباعة أو التوزيع ......". ومن جانب آخر، نصت
المادة (27) من قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، الصادر بالقانون رقم 92
لسنة 2016، على أن "الهيئة الوطنية للصحافة هيئة مستقلة، تتمتع بالشخصية
الاعتبارية ....."، ونصت المادة (29) منه على أن "تتولى الهيئة الوطنية
للصحافة إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة ملكية خاصة".
وحيث إن مؤدى
النصوص التشريعية المشار إليها، خضوع العلاقة بين الصحفي والصحيفة لعقد العمل الصحفي؛
خاصة فيما يتعلق بالمرتب والمزايا التكميلية، بما لا يتعارض والأحكام الواردة في قانون
العمل، وتلتزم كافة المؤسسات الصحفية وإدارات الصحف بالوفاء بجميع الحقوق المقررة للصحفي
في القوانين وعقد العمـــــل الصحفي المبرم معهـــــا. ولئن كانت المؤسسـات القومية
الصحفية، بما تشتمل عليه من صحف ووكالات أنباء وشركات توزيع، مملوكة للدولة، إلا
أن ملكيتها تلك لا تعدو أن تكون ملكية خاصة، وتقوم على إدارتها الهيئة الوطنية
للصحافة. ومن ثم، فإنه وفقًا للقواعد القانونية المنظمة لكافة المؤسسات الصحفية،
سواء المملوكة للأحزاب السياسية أو للأشخاص الاعتبارية العامـــــة أو الخاصة، أو
المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة ملكية خاصة، فجميعها تُعد من أشخاص
القانون الخاص، العاملة في مجالات النشر والإعلان والطباعة والتوزيع، وتنظم
العلاقة بين كافة هذه المؤسسات الصحفية وبين العاملين فيها من صحفيين وإداريين
وعمال، أحكام عقد العمل الفردي المنصوص عليها في قانون العمـــــل. متى كان ذلك،
وكانت الأحكام محل دعوى التناقض المعروضة تتعلق بالحقوق المدعى بها من أحد
العاملين بوكالة أنباء الشرق الأوسط، ضد هذه الوكالة، وكانت الوكالة المذكورة تعد
من أشخاص القانون الخاص، الذى يحكم علاقتها بالعاملين بها، ومن ثم ينعقد الاختصاص
بنظر تلك المنازعة، والفصل فيها، لمحاكم جهة القضاء العادي، دون جهة القضاء الإداري،
الذى ينحسر عن اختصاصه هذا النوع من المنازعات، الأمر الذى يتعين معه الاعتداد
بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، المؤيد استئنافيًّا من محكمة
استئناف القاهرة، دون حكم محكمة القضاء الإداري.
وحيث إنه عن
طلب وقف التنفيذ، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول طلب فض التناقض بين الحكمين
المشار إليهما، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل في موضوعه، فإن قيام رئيس المحكمة
الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ وفقًا لنص المادة (32)
من قانون هذه المحكمة المشار إليه، يكون قد صار غير ذى موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية بجلسة 29/12/2016، في الدعوى رقم 1080 لسنة 2014 عمال، المؤيد بالحكم
الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 26/9/2017، في الاستئنافين رقمي 746 و841
لسنة 134 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة
6/9/2016، في الدعوى رقم 69960 لسنة 69 قضائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق