الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 7 يونيو 2019

الطعن 124 لسنة 61 ق جلسة 4 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 118 ص 766


جلسة 4 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي.
----------------------
(118)
الطعن رقم 124 لسنة 61 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
متى تتحقق جريمة الرشوة في حق الموظف العام ومن في حكمه؟
(2) رشوة. جريمة "أركانها".
جريمة الرشوة. تمامها ولو لم يتم تسليم مبلغ الرشوة المطلوب. لأن التسليم لا يعدو تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه.
 (3)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رشوة.
الدفاع الموضوعي. لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً.
مثال.
 (4)رشوة. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الادعاء بخطأ الحكم في الرد على الدفع بالإعفاء في جريمة الوساطة في رشوة. عدم جدواه ما دامت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الرشوة المسندة إليه أيضاً وأعملت في حقه المادة 32 عقوبات وعاقبته بعقوبة تدخل في نطاق عقوبة الجريمة الأخيرة.
(5) رشوة. تسجيل "إذن التسجيل. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل. موضوعي.
 (6)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة. عدم جواز مناقشتها كل على حدة.
(7) إثبات "بوجه عام". "شهود". حكم "ما لا يعيبه".
الخلاف بين أقوال المبلغ والشاهد في تحديد أي من المتهمين تسلم مقدم الرشوة - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم. ما دام لا أثر له على جوهر الواقعة التي اعتنقها.
 (8)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ المادي الذي لا يؤثر على النتيجة التي خلص إليها الحكم. لا يعيبه.
مثال.

-------------------
1 - المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف - ومن في حكمه - متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال الوظيفة كما تتحقق الجريمة أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد الراشي فيما اعتقد الموظف أو زعم.
2 - لما كان البين مما أورده الحكم تحصيلاً لواقعة الدعوى أن الطاعن الأول طلب لنفسه من المبلغ خمسة آلاف جنيه مقابل اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن شكواه على أساس اعتقاد خاطئ منه باختصاصه بهذا العمل ومن ثم فإن جريمة الرشوة تكون قد وقعت تامة في حقه ولو لم يتم تسليم مبلغ الرشوة المطلوب لأن التسليم في هذه الحالة لا يعدو تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه.
3 - لما كان ما أثاره المدافع عن الطاعن الأول من أنه كان على علم بخروج العمل عن دائرة اختصاص وظيفته وعدم اعتقاده خطأ اختصاصه به إنما هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً صريحاً ما دام فيما أوردته في حكمها من وقائع وظروف ما يكفي للرد عليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى واضح الدلالة على أن الطاعن عندما طلب الرشوة كان يعتقد خطأ وقوع الأرض المقدم بشأنها الشكوى في دائرة اختصاصه الوظيفي مما يسمح له بمباشرة واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها والذي طلب الجعل مقابلاً له وهو ما يكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم بشأنه يكون غير سديد.
4 - لما كانت المحكمة قد دانت الطاعن الأول بجريمتي الرشوة والوساطة في رشوة الطاعن الثاني وأعملت في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة واحدة عنهما تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ومن ثم فإنه لا مصلحة له فيما يثيره نعياً على الحكم من خطأ في الرد على الدفع بالإعفاء في جريمة الوساطة في رشوة الطاعن الثاني.
5 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
6 - من المقرر أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 - لا يعيب الحكم أن يكون هناك خلف بين أقوال المبلغ والشاهد عضو الرقابة في تحديد أي من المتهمين تسلم مقدم الرشوة ما دام هذا الخلاف بفرض حصوله لا أثر - له - على جوهر الواقعة التي اعتنقها أو في منطق الحكم واستدلاله على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه حينما عرض للدفع ببطلان إذن النيابة بالتسجيل لعدم جدية التحريات اتسع رده ليشمل الدفع المبدى من الطاعنين معاً في هذا الخصوص فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفع وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع من أن النيابة العامة أذنت بالتسجيل بعد استئذان القاضي الجزئي - خلافاً للثابت بالأوراق - رغم أنها هي التي أذنت به لا يعدو خطأ مادياً لا أثر له على النتيجة التي خلص إليها الحكم مما لا يعيبه ما دام الإذن قد صدر صحيحاً منها بما لها من سلطان قاضي التحقيق في الجرائم التي تختص بنظرها محاكم أمن الدولة طبقاً لأحكام القانون 105 لسنة 1980.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول: بصفته موظف عمومياً (......) طلب لنفسه رشوة لأداء عمل اعتقد خطأ أنه من أعمال وظيفته بأن طلب من....... مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل اتخاذه إجراءات اعتقد اختصاصه باتخاذها في الشكوى المقدمة منه والمتعلقة بإقامة مبان مخالفة على قطعة أرض يمتلكها ابن خال زوجته، ثانياً: المتهم الثاني: بصفته موظف عمومياً (.......) طلب وأخذ لنفسه رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب بعد وساطة المتهم الأول في ذلك من....... مبلغ خمسة آلاف جنيه أخذ منه مبلغ ألفي ومائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل قيامه باتخاذ الإجراءات القانونية في الشكوى المقدمة منه والمتعلقة بإقامة المباني على أرض يمتلكها ابن خال زوجته. ثالثاً: المتهم الأول: توسط على النحو المبين بالتحقيقات في جريمة رشوة المتهم الثاني موضوع التهمة الثانية. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 103 مكرراً، 107 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 و32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما ألف جنيه عما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الرشوة والوساطة فيها قد شابه التناقض والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك أنه دان الطاعن الأول بجريمة الرشوة على أساس اعتقاده الخاطئ باختصاصه بالعمل الذي دفع الجعل مقابلاً لأدائه وجريمة الوساطة في رشوة الطاعن الثاني رغم أن قيام إحدى الجريمتين ينتفي به توافر الأخرى، هذا إلى أنه تمسك في تحقيقات النيابة العامة وفي مذكرة دفاعه المقدمة بالجلسة بأنه يعلم يقيناً بأنه غير مختص بهذا العمل وأنه لم يعتقد خطأ ذلك بما لا تقوم به جريمة الرشوة غير أن الحكم لم يعن بإثبات هذا الاعتقاد الخاطئ أو الرد على هذا الدفاع بما ينحسم به أمره، كما أنه تمسك بالإعفاء المقرر في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات لما اعترف به تفصيلاً في تحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة بجريمة الوساطة في رشوة الطاعن الثاني إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يستقيم به إطراحه، ورد على الدفع ببطلان الإذن بتسجيل المحادثات التليفونية لعدم جدية التحريات التي سبقته برد قاصر، كما أنه دان الطاعن الثاني بجريمة الرشوة واستند في قضائه إلى أقوال عضو الرقابة الإدارية بما تضمنته من أنه - أي الطاعن الثاني - اتفق مع الطاعن الأول والمبلغ على الرشوة رغم أنه استحال على المحقق بيان مضمون الحوار المسجل الذي يستدل منه حصول هذا الاتفاق، فضلاً عن تناقض أقوال هذا الشاهد مع أقوال كل من المبلغ والطاعن الأول في تحديد من قبض الرشوة، ولم يعرض برد لما دفع به هو من بطلان إذن النيابة العامة بشأنه لعدم جدية التحريات على استقلال وأخيراً فإن الحكم أورد في رده على الدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان إذن التسجيل أن الإذن صدر من النيابة العامة عد استئذان القاضي الجزئي رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق إذ أن الإذن صدر من النيابة العامة بما لها من حق خوله لها القانون في مثل هذه الجرائم كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 15/ 3/ 1990 توجه....... إلى حي...... ليتقدم بشكوى بشأن قطعة أرض زراعية بناحية....... كان يمتلكها ثم باعها لـ....... الذي باعها بدوره لآخرين قاموا بارتكاب بعض المخالفات على هذه الأرض من بينها إقامة مبان عليها وذلك قبل سداد باقي الثمن، وتقابل هناك بالمتهم الأول..... رئيس حي..... الذي طلب منه مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل الرشوة مقابل اتخاذه الإجراءات القانونية حيال المخالفات الواردة بشكواه وتتمثل في تحرير محاضر المخالفات اللازمة وإزالة المباني المقامة على الأرض الزراعية موضوع الشكوى فتوجه إلى الرقابة الإدارية حيث التقى بعضو هيئة الرقابة........ وأبلغه بما دار بينه وبين المتهم الأول. وإذ قام بإجراء تحرياته تبين صحة البلاغ ودلت تحرياته على سوء سمعة المتهم الأول وارتباطه بعلاقات مشبوهة مع بعض المتعاملين مع حي........ واستصدر إذناً من النيابة العامة بتسجيل الأحاديث التي تدور بين المبلغ....... والمتهم الأول وبعد عدة لقاءات ومحادثات تليفونية أخبر المتهم الأول المبلغ بأن قطعة الأرض الزراعية موضوع الشكوى تخرج من اختصاص حي...... وتتبع حي....... وأنه سوف يقوم بالوساطة لدى المتهم الثاني مدير إسكان حي....... لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وذلك لقاء ذات مبلغ الرشوة السابق الاتفاق عليه وطلب منه اللقاء معه بمكتب هذا الأخير يوم 31/ 3/ 1990 وخلال هذا اللقاء حدد المتهمان الأول والثاني المبلغ المطلوب بخمسة آلاف جنيه مقابل اتخاذ إجراءات تشميع وإزالة المباني المخالفة واتفق المبلغ معهما على دفع مبلغ ألفي جنيه مساء يوم 1/ 4/ 1990 والباقي بعد اتخاذ الإجراءات وآنذاك أخذ المتهم الأول من المبلغ مائة جنيه فسلمه للمتهم الثاني الذي سلمه بدوره للمهندس....... لتوزيعه على العاملين بإدارة الإسكان بحي....... وبعد استئذان النيابة العامة بضبط واقعة تسلم المتهمين لمبلغ الرشوة المتفق عليه تم تجهيز المبلغ بالأجهزة الفنية اللازمة والمبلغ المطلوب وفي الموعد المحدد حضر المتهمان إلى المكان المتفق عليه أمام حلواني....... بعين شمس بسيارة قيادة المتهم الأول حيث كان المتهم الثاني يجلس بجواره وتقابلا مع المبلغ حيث دار بين ثلاثتهم حديث عن موضوع الرشوة والإجراءات التي ستتخذ وتلك التي يمكن اتخاذها بعد ذلك تحت اسم "استئناف أعمال" والمبلغ المطلوب دفعه في هذه الحالة وسلم المبلغ ألفي جنيه إلى المتهمين مناولاً إياه إلى المتهم الأول وآنذاك تقدم عضو الرقابة بضبط الواقعة إلا أن المتهم الأول سارع بالفرار بالسيارة حيث ألقيت النقود بالطريق إلا أنه تم التمكن من ضبط السيارة وبها المتهم الأول على مسافة قريبة من مكان الواقعة" واستدل الحكم على ثبوت الواقعة على الصورة المتقدمة وصحة إسنادها للطاعنين بأدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعنين وتقرير حي...... وتقرير تفريغ أشرطة التسجيل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعنان في أن لها أصل ثابت في الأوراق. لما كان ذلك وكان المستفاد من نص المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف - ومن في حكمه - متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية لأداء - عمل - من أعمال الوظيفة كما تتحقق الجريمة أيضاً ولو - خرج - العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد الراشي فيما اعتقد الموظف أو زعم، وكان البين مما أورده الحكم تحصيلاً لواقعة الدعوى أن الطاعن الأول طلب لنفسه من المبلغ خمسة آلاف جنيه مقابل اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن شكواه على أساس اعتقاد خاطئ منه باختصاصه بهذا العمل ومن ثم فإن جريمة الرشوة تكون قد وقعت تامة في حقه ولو لم يتم تسليم مبلغ الرشوة المطلوب لأن التسليم في هذه الحالة لا يعدو تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه. ولما كان ثبوت جريمة الرشوة في حق الطاعن الأول على النحو السالف لا يتناقض مع ما أثبته الحكم من قيامه بالوساطة في رشوة الطاعن الثاني بعد أن اكتشف عدم اختصاصه بخروج الأرض المقدم بشأنها شكوى المبلغ عن دائرة وظيفته وليس من شأن ثبوت أي من الجريمتين أن ينتفي به قيام الآخرين لما تنطوي عليه الواقعة من سلوك إجرامي متعدد تتعدد به الجرائم تعدداً مادياً فإن ما يثيره الطاعن الأول نعياً على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أثاره المدافع عن الطاعن الأول من أنه كان على علم بخروج العمل عن دائرة اختصاص وظيفته وعدم اعتقاده خطأ اختصاصه به إنما هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً صريحاً ما دام فيما أوردته في حكمها من وقائع ما يكفي للرد عليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى واضح الدلالة على أن الطاعن عندما طلب الرشوة كان يعتقد خطأ وقوع الأرض المقدم بشأنها الشكوى في دائرة اختصاصه الوظيفي مما يسمح له بمباشرة واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها والذي طلب الجعل مقابلاً له وهو ما يكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم بشأنه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن الأول بجريمتي الرشوة والوساطة في رشوة الطاعن الثاني وأعملت في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة واحدة عنهما تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ومن ثم فإنه لا مصلحة له فيما يثيره نعياً على الحكم من خطأ في الرد على الدفع بالإعفاء في جريمة الوساطة في رشوة الطاعن الثاني - لما كان ذلك. وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التسجيل وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني بجريمة الرشوة وساق على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ومن بينها تقرير تفريغ أشرطة التسجيل ونقل عنه أن المتهمين طلبا من المبلغ خمسة آلاف جنيه وأخذا منه مبلغ ألفي - جنيه - مقابل قيام الثاني بصفته مديراً لإسكان حي...... باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن شكوى المبلغ وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم في مجموعها مؤدية إلى ما قصده منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من أن اتفاقاً وقع بين الطاعن الثاني والطاعن الأول والمبلغ على الرشوة مما تنعقد به الجريمة تامة بهذا الاتفاق ثم تحديدهم موعداً لاستلام مقدم الجعل وهو أمر لا أثر له على إتمام الجريمة وإنما يتعلق بقيام الدليل عليها ومن ثم فلا يقبل من الطاعن ما يثيره بشأن تقرير تفريغ الأشرطة لما هو مقرر من أنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل فيها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. ولا يعيب الحكم من بعد أن يكون هناك خلف بين أقوال المبلغ والشاهد عضو الرقابة في تحديد أي من المتهمين تسلم مقدم الرشوة ما دام هذا الخلاف بفرض حصوله لا أثر له على جوهر الواقعة التي اعتنقها أو في منطق الحكم واستدلاله على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حينما عرض للدفع ببطلان إذن النيابة بالتسجيل لعدم جدية التحريات اتسع رده ليشمل الدفع المبدى من الطاعنين معاً في هذا الخصوص فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفع وكان ما أورده الحكم في رده على الدفع من أن النيابة العامة أذنت بالتسجيل بعد استئذان القاضي الجزئي - خلافاً للثابت بالأوراق - رغم أنها هي التي أذنت به. لا يعدو خطأ مادياً لا أثر له على النتيجة التي خلص إليها الحكم مما لا يعيبه ما دام الإذن قد صدر صحيحاً منها بما لها من سلطان قاضي التحقيق في الجرائم التي تختص بنظرها محاكم أمن الدولة طبقاً لأحكام القانون 105 لسنة 1980 لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق