الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 5 فبراير 2025

الطعن 3824 لسنة 35 ق جلسة 24 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 101 ص 883

جلسة 24 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد الرحمن سلامة، ومصطفى محمد المدبولي أبو صافي، والسيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(101)

الطعن رقم 3824 لسنة 35 القضائية

اختصاص - ما يخرج من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات المتعلقة بإدارة أموال الأوقاف.
المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف المصرية في قيامها على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف، إذ الوقف هو من أشخاص القانون الخاص يمثله ناظره بهذه الصفة ولو كان الناظر من أشخاص القانون العام فإن إذا اتصل النزاع بالنظارة على الوقف أو باستبدال مال من أموال الوقف وكيفية تحديد قيمته عند الاستبدال إلى واضعي اليد من الأفراد فإن النزاع يكون محصوراً بين أشخاص القانون الخاص ولا يتصل بقرار إداري أو بمنازعة إدارية فيخرج النزاع عن اختصاص القضاء الإداري المحدد على النحو الوارد بالمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافقة 22 يوليو 1989 أودع الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/....... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب الحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3824 لسنة 35 قضائية عليا وذلك في الحكم الصادر بجلسة 25 مايو عام 1989 من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد ج" في الدعوى رقم 4088 لسنة 42 قضائية والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن الماثل ارتأت للأسباب المبينة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن جلسة 3 يوليو 1995 حيث نظر الطعن بالجلسة المشار إليها والجلسات التالية، وبجلسة 16 أكتوبر 1995 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 17 ديسمبر 1995 حيث تم نظر الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وقد صدر الحكم بالجلسة المحددة وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 11 مايو 1988 أقام الطاعنون الدعوى رقم 4088 لسنة 42 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد ج" بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 94 الصادر من هيئة الأوقاف المصرية في 3 يناير 1988 فيما تضمنه من تقدير ثمن الفدان الواحد من الأرض وضع يد المدعين وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كأن لم يكن مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات، وقال المدعون (الطاعنون) شرحاً لدعواهم إنه سبق لمجلس الوزراء أن وافق بجلسته المنعقدة في 14 ديسمبر 1955 على بيع حوالي (4808) فدان بزمام التل الكبير محافظة الإسماعيلية إلى هيئة الأوقاف المصرية، وقدرت اللجنة العليا ثمن الفدان في شهر أغسطس 1955 بمبلغ (18) جنيهاً، وتم تسجيل العقد تحت رقم 639 في 10 ديسمبر 1978 بالشهر العقاري بالإسماعيلية، وأن هيئة الأوقاف المصرية تركت الأرض دون إصلاح، وقد وضع المدعون أيديهم على أجزاء من هذه المساحة بلغت (1090) فداناً، وتحملوا نفقات باهظة حتى تم استصلاحها وشقوا فيها الترع والمصارف والقنوات ومهدوا طرق المواصلات وزرعوا الأشجار وأقاموا المنازل والحظائر وهى أمور ثابتة من محاضر إثبات الحالة المحررة من اللجنة المكونة من المختصين بالجمعية الزراعية ومن اللجنة المشكلة من محافظة الإسماعيلية، وبناء على توصية المجلس الشعبي المحلي لمدينة الإسماعيلية - استجابت هيئة الأوقاف إلى بيع الأراضي لواضعي اليد عليها، وشكلت الهيئة لجنة لمعاينة الأراضي وقرر مجلس إدارة الهيئة بيع الفدان لواضعي اليد بمبلغ ستة آلاف جنيه دون الأخذ في الاعتبار النفقات الباهظة التي أنفقها المدعون، وعلى أثر إعلانهم بالقرار في 17 ابريل 1988 أقاموا دعواهم بطلب وقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار لمخالفته القانون ولقرار وزير استصلاح الأراضي رقم 164 لسنة 1978 الذي يوجب تحديد سعر الفدان على أساس حالة الأرض وقت وضع اليد عليها.
وبجلسة 25 مايو 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين المصروفات، وأقامت قضاءها على سند من القول بعدم توافر ركن الاستعجال اللازم لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لانتفاء الخطورة التي يتعذر تداركها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين خالف أحكام القانون ذلك أن آثار القرار المطعون فيه يترتب عليها أخطار يتعذر تداركها لأنه عند امتناع الطاعنين عن أداء ثمن الأراضي وفقاً لتحديد هيئة الأوقاف لسعر الفدان بمبلغ (6000 جنيه) ستة آلاف جنيه فإن الهيئة سوف تعتبرهم واضعي يد بغير سند من القانون وستلجأ إلى بيع الأراضي بالمزايدة العلنية أو الممارسة، الأمر الذي يتحقق معه ركن الاستعجال فضلاً عن توافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ خاصة وأن هناك دعوى أقامها الطاعنون أمام محكمة الإسماعيلية الابتدائية قيدت تحت رقم 327 لسنة 1989 مدني كلي الإسماعيلية بطلب تثبيت ملكيتهم وقد أصدرت محكمة الإسماعيلية حكماً تمهيدياً بندب مكتب الخبراء للتحقق من عناصر دعواهم.
ومن حيث إن الاختصاص الولائي بنظر المنازعة يعتبر مطروحاً في كل وقت على المحكمة فيتعين عليها أن تتصدى له ولو من تلقاء نفسها باعتبار أن ذلك من النظام العام.
ومن حيث إن هيئة الأوقاف المصرية تنوب قانوناً عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية في إدارتها حسبما ينص على ذلك القانون الصادر بإنشائها رقم 80 لسنة 1971، وكان نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف في قيامها على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف، وإذ الوقف هو من أشخاص القانون الخاص يمثله ناظره بهذه الصفة ولو كان الناظر من أشخاص القانون العام فإنه إذا اتصل النزاع بالنظارة على الوقف أو باستبدال مال من أموال الوقف وكيفية تحديد قيمته عن الاستبدال إلى واضعي اليد من الأفراد فإن النزاع يكون محصوراً بين أشخاص القانون الخاص ولا يتصل بقرار إداري أو بمنازعة إدارية فيخرج النزاع عن اختصاص القضاء الإداري المحدد على النحو الوارد بالمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن موضوع المنازعة الماثلة ينحصر في تحديد ثمن مساحة الأراضي التي تديرها هيئة الأوقاف المصرية بصفتها نائباً عن ناظر الوقف، وأن الخلاف بين الطاعنين والهيئة يدور حول الثمن الواجب الأخذ به ويتم محاسبة الطاعنين على مقتضاه عند إجراء استبدال أراضى الوقف إذ يطالب الطاعنون - بصفتهم واضعي اليد - بمحاسبتهم على ثمن الفدان بواقع (18) جنيهاً باعتباره السعر المحدد في عقد الشراء بين الأملاك الحكومية وهيئة الأوقاف المصرية عام 1978 بينما تنكر الهيئة عليهم ذلك بعد أن قامت باتخاذ إجراءات الاستبدال سواء بموافقة لجنة الاستبدال على بيع المساحة المشار إليها لواضعي اليد عليها أو بتشكيل لجان تحديد الثمن الواقعي وهو مبلغ ستة آلاف جنيه للفدان الواحد، بغرض إنقاذ مال الوقف من الضياع حسبما تفيد المكاتبات المقدمة بحافظة مستندات الهيئة بجلسة مرافعة محكمة القضاء الإداري بتاريخ 4 مايو1989 ومن المكاتبات الموجهة من الهيئة إلى الطاعنين في هذا الصدد، فمن ثم يكون النزاع الماثل محصوراً بين أشخاص القانون الخاص ولا يتصل بقرار إداري أو بمنازعة إدارية مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فيكون قد قضى ضمناً باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر النزاع بالمخالفة للمبادئ القانونية المتقدمة مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى، مع إحالة الدعوى إلى محكمة الإسماعيلية الابتدائية للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسماعيلية الابتدائية للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات.

الثلاثاء، 4 فبراير 2025

الطعن 10096 لسنة 88 ق جلسة 5 / 6 / 2021 مكتب فني 72 ق 42 ص 542

جلسة 5 من يونيه سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / بدر خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد جاد ، ممدوح فزاع وهاني صبحي نواب رئيس المحكمة ومصطفى سيد .
-----------------
(42)
الطعن رقم 10096 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون ؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة . لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .
مثال .
(2) مواد مخدرة . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة زراعة نباتات ممنوع زراعتها . مناط تحققها ؟
زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار . واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها . ما دام استخلاصه سائغاً .
تحدث الحكم استقلالاً عن أركان جريمة زراعة نباتات ممنوع زراعتها . غير لازم . حد ذلك ؟
تدليل سائغ على توافر أركان جريمة زراعة نباتات ممنوع زراعتها .
(3) مواد مخدرة . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
لا مصلحة للطاعنين في النعي بشأن جريمة زراعة نباتات ممنوع زراعتها بقصد الاتجار . ما دام الحكم أوقع عليهما العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بغير قصد .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها . غير مقبول .
مثال .
(4) حكم " بيانات الديباجة " " بيانات حكم الإدانة " .
إيراد الحكم في ديباجته مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها . غير لازم . كفاية الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه . أساس ذلك ؟
مثال .
(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
للمحكمة أن تعوّل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة مُعززة لِمَا ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
مثال .
(6) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". استدلالات . نقض " المصلحة في الطعن" " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ضبط شخص لم تشمله التحريات . لا ينال من جديتها . علة ذلك ؟
لا مصلحة للطاعنين في النعي بإيراد التحريات حيازة آخرين لأسلحة نارية رغم عدم ضبطها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
التلبس . حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها . صحة إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من اتصل بها فاعلًا كان أم شريكًا . حضور ارتكابها أو إدراك وقوعها بأي حاسة بطريقة يقينية . يكفي لتوافرها .
تقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس .
(8) دفوع " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بعدم السيطرة على مكان الضبط . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . اطراحه سائغاً دفع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالأرض . كفايته رداً عليه .
مثال .
(9) إثبات " معاينة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع باحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . استناده في قضائه بالإدانة بجريمة زراعة مخدر بقصد الاتجار على ما ثبت من معاينة النيابة أن شجيرات النبات المخدر المضبوطة مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بها تماماً واختلاف أعمارها وسط الزراعات بالأرض الثابت تعهد الطاعنين بزراعتها . كفايته للرد على النعي في هذا الشأن .
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تـر هي لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(11) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(13) عقوبة " تطبيقها " . مواد مخدرة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعنين بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة مائة ألف جنيه عن جريمة زراعة نباتات مخدرة بقصد الاتجار بعد إعمال المادة 17 عقوبات دون التزام المحكمة بالنزول بعقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد . خطأ في تطبيق القانون . أساس ذلك ؟
المادة 42 /1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات . مؤداها ؟
إغفال الحكم بالإدانة في جريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار القضاء بإنهاء سند حيازة الطاعنين للأرض . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . أساس وعلة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي ، وما ثبت بمعاينة النيابة العامة للأرض - مكان الضبط – من أنها تخضع للسيطرة المادية والفعلية للطاعنين – والمحكوم عليهما الآخرين شقيقيهما – وأن الشجيرات المضبوطة بها مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بالأرض تماماً ، وجاء استعراض الحكم لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها ، والتدليل على ثبوتها في حقهما بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم بعدم تمحيصه للدعوى وعدم إلمامه بها إلماماً كافياً يكون لا محل له .
2- من المقرر أن الركن المادي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها ، يتحقق بوضع بذور النبات في الأرض ، وكذا بكل ما يتخذ نحو البذر ، من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع لحين نضجه وقلعه ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد أوجب معاقبة مالك أو حائز الأرض التي تزرع النباتات الممنوع زراعتها فيها متى ثبت ارتكاب أي منهما الفعل المؤثم وهو مباشرته زراعة تلك النباتات فيها ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، هو علم الزارع بأن النبات الذى يزرعه ، من النباتات الممنوع زراعتها ، كما أن زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن أي من الركنين المادي أو المعنوي أو قصد الاتجار في تلك الجريمة ، إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على زراعة المتهم للنبات المخدر المضبوط ، وعلى علمه بكنهه ، وعلى توافر قصد الاتجار في حقه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى والظروف التي أحاط بها وإيراده لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة - من أنهما شاهدا الطاعنين داخل الزراعات بالأرض مكان الضبط – التي دلت تحريات شاهد الإثبات الأول السرية على زراعة نبات البانجو المخدر فيها بقصد الاتجار – وأنها مزروع بها شجيرات نبات الحشيش "القنب" المخدر المضبوطة ، وقد قرر الطاعنان بعلمهما بزراعة هذه النباتات المخدرة ، وبامتلاكهما لتلك الأرض وتعهدهما بزراعة النباتات المخدرة المضبوطة وسط زراعات الفول المزروعة بها ، وكذا إيراده لأقوال شاهدي الإثبات الثالث – شيخ بلدة .... – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية بتلك البلدة – من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، ومن ثم فقد أثبت الحكم أن الطاعنين حائزين للأرض – مكان الضبط - منذ أمد بعيد ، وارتكابهما الفعل المؤثم وهو مباشرة زراعة نباتات الحشيش المخدرة المضبوطة في تلك الأرض بقصد الاتجار ، أي بوضعهما بذور النباتات فيها ، وكذا بكل ما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع لحين نضجها وقلعها ، كما أثبت بتقرير المعمل الكيميائي احتواء تلك النباتات على المادة الفعالة له ، ومن ثم فإن ما أوردته المحكمة في ذلك يكون كافياً للتدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي وقصد الاتجار في حق الطاعنين ، وفى إظهار اقتناعها بثبوت هذه الأركان من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها في إدانتهما بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار - المؤثمة بالمادة 33/1 بند ( ج ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 - .
3- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعنين مما ينعيانه بشأن التفات الحكم عن دفعيهما بانتفاء الركنين المادي والمعنوي لتلك الجريمة التي دانهما بها ، بدعوى أن الأرض – مكان الضبط - غير مملوكة أو مربوطة أو محيزة لهما لكونها طرح نهر النيل أو انتفاء مباشرتهما لزراعة النبات المخدر ، أو بانتفاء قصد الاتجار في حقهما ما دام البين من مدوناته أنه أوقع على الطاعنين عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - المؤثمة بالمادة 38/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 – بعد إعماله المادة 17 من قانون العقوبات ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بانتفاء الركنين المادي أو المعنوي أو قصد الاتجار في حقهما ، فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل .
4- من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت ، أشار إلى المواد 1 ، 2، 28 ، 33/1 بند ج ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 التي أخذ الطاعنين بها ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ما دامت قد اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، بمشاهدة شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة - حال وصولهما للأرض مكان الضبط نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش - المحكوم عليهما الآخرين - لضبط ما يحوزانه ويحرزانه من مواد مخدرة - الطاعنين - داخل الزراعات واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو – المضبوطة - ويقومان بتعهدها مع نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، وكذا بما شهد به شاهدا الإثبات الثالث – شيخ البلدة – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية – من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، وقد عززت المحكمة أقوال هؤلاء الشهود بتحريات شاهد الإثبات الأول والتي دلت على زراعة تلك الأرض بالنباتات المخدرة بقصد الاتجار ، إذ اطمأنت المحكمة لما جاء بتلك التحريات وأقوال مجريها وجديتها وكفايتها للأسباب السائغة التي أوردتها .
6- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان لا محل لما ينعاه الطاعنان من ضبطهما رغم خلو محضر التحريات من اسمهما وعدم شموله لهما ، إذ إنه من المقرر أن ضبط شخص آخر لم تشمله التحريات لا يمس ذاتيتها ولا ينال من جديتها - إذ الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها - كما أنه لا مصلحة لهما مما ينعيانه من إيراد التحريات حيازة المحكوم عليهما الآخرين لأسلحة نارية رغم عدم ضبطها ، إذ لا يتعلق ذلك بالطاعنين ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة وأقوال شهود الإثبات بدعوى عدم معقوليتها ، أو عدم مشاهدة الضابط للطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه ، أو أن شاهدي الإثبات الثالث والرابع لم يشهدا بمشاهدتهما الطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه‏ ، ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ، ومتى قامت في جريمة ، صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء أكان فاعلاً أم شريكاً ، ويكفى لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً ، وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع - وفقاً للوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقومات والوقائع التي أثبتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة – واطراحه لدفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ، مستخلصاً من ذلك ومرتباً عليه القول بمشاهدة شاهدي الإثبات الأول والثاني حال وصولهما للأرض مكان الضبط التي دلت تحريات أولهما السرية على زراعة نبات البانجو المخدر فيها – نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش المحكوم عليهما الآخرين لضبط ما يحوزانه ويحرزانه من مواد مخدرة - الطاعنين داخل الزراعات واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو – المضبوطة – ويقومان بتعهدها مع نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، ومن ثم فقد أثبت الحكم أن الضابطين لم يقبضا على الطاعنين ويفتشاهما إلا عندما تحققا من اتصالهما بالجريمة ، وذلك بإدراك ضابطي الواقعة بإحدى حواسهما – حاسة النظر – جريمة متلبساً بها وهي مشاهدتهما الطاعنين داخل الزراعات - المزروعة في الأرض مكان الضبط التي دلت التحريات على زراعة النباتات المخدرة فيها - وقد قررا بامتلاكهما المكان وأنهما على علم بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو ويقومان بتعهدها ، وهو ما يكفى لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة ، وتتوافر به حالة التلبس التي تبيح للضابطين القبض على الطاعنين وتفتيشهما دون حاجة لحصولهما على إذن من النيابة العامة ، وهو ما يكون معه ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش - صحيحاً في القانون وسائغاً في اطراح دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ، ومن ثم لا ينال من ذلك نعي الطاعنين بخلو إذن النيابة العامة من اسمهما ، وهو ما يضحى معه نعيهما على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
8- من المقرر أن الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعنين بعدم سيطرتهما على مكان الضبط ، تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة من ثبوت انبساط سلطانهما على الأرض مكان الضبط – بحيازتهما لها ووضع يدهما عليها وقيامهما بزراعتها منذ أمد بعيد - وكذا على النباتات المخدرة التي ضبطت مزروعة بها ، وذلك أخذاً مما ثبت بأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني من مشاهدتهما الطاعنين داخل الزراعات بالأرض مكان الضبط ، واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنبات البانجو ويقومان بتعهدها مع زراعات نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، وكذا مما ثبت بأقوال شاهدي الإثبات الثالث – شيخ البلدة – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية - من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، وكذا مما ثبت من معاينة النيابة العامة لمكان الضبط والثابت بها خضوع الأرض مكان الضبط للسيطرة المادية والفعلية للطاعنين – والمحكوم عليهما الآخرين – وأن الشجيرات المضبوطة مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بالأرض تماماً ، وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وهو ما يكون معه ما انتهى إليه الحكم كافياً وسائغاً في اطراح دفع الطاعنين بعدم سيطرتهما على مكان الضبط ، ومن ثم لا ينال من ذلك نعي الطاعنين بانتفاء صلتهما بالأرض - مكان الضبط - وهو ما يضحى معه نعيهما على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
9- لما كان دفع الطاعنين باحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل بدلالة أن هذه الأرض طرح نهر النيل وتغمرها مياهه ، كما تم ضبط الشجيرات المضبوطة ذات الأعمار المختلفة مزروعة بها بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة ، مردود بأنه من المقرر أن الدفع بنفي التهمة أو باحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنين تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من معاينة النيابة العامة للأرض - مكان الضبط - والثابت بها أن الشجيرات المضبوطة مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بها تماماً ، وكان ذلك لا يدل على ورود بذورها للأرض من نهر النيل ، بل فإن ثبوت زراعة تلك الشجيرات بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وسط زراعات نبات الفول المزروعة بتلك الأرض يدل على أن الهدف من ذلك هو إخفاؤها حتى لا يتم ضبطها ، ولا يغير من ذلك كون تلك الأرض طرح نهر النيل وتغمرها مياهه أو اختلاف أعمار تلك الشجيرات – على فرض صحة ذلك - إذ إنه ومع ثبوت تعهد الطاعنين بزراعة تلك الأرض – وهو ما أقرا به لشاهدي الإثبات الأول والثاني - فلم يكن خافياً عليهما وجود تلك الشجيرات مزروعة بها وسط زراعات نباتات الفول سيما وأنها تختلف عنها ، فضلاً عن أن اختلاف أعمار تلك الشجيرات لا يدل على صحة دفعهما ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
10- لما كان ما ينعاه الطاعنان من عدم سماع أقوال الجيران ، فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ، فليس له - من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعيانه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
11- لما كان ما أثاره الطاعنان من التفات الحكم المطعون فيه عن إنكارهما للتهمة المسندة إليهما ، فمردود بما هو مقرر من أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن دفوعهما التي ينعيان على الحكم عدم الرد عليها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه ، أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليه ، بل ساقا قولهما في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
13- لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعنين بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه – بعد أن عاملتهما المحكمة بالرأفة على نحو ما تقضي به المادة 17 من قانون العقوبات - ، وإذ كانت عقوبة جريمة زراعة نبات من النباتات المخدرة بقصد الاتجار هي الإعدام وفقاً لنص المادة 33 في فقرتها الأولي بالبند ( ج ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، فما كان للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى السجن لدى إعمالها الرأفة في حق الطاعنين ، بل كان عليها أن تنزل بالعقوبة إلى العقوبة التالية لها مباشرة وهي السجن المؤبد إعمالاً لنص المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات ، كما أنه ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 42 من هذا القانون تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأرض التي زرعت بالنباتات المخدرة الواردة بالجدول رقم (5) – ومنها نباتات البانجو المخدرة الواردة بالبند رقم (1) من هذا الجدول - إذا كانت هذه الأرض مملوكة للجاني أو كانت له بسند غير مسجل ، فإن كان مجرد حائز لها حكم بإنهاء سند حيازته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه وبعد أن أثبت حيازة الطاعنين للأرض التي زرعت بنباتات الحشيش المخدرة المضبوطة – مكان الضبط – بوضع يدهما عليها ، لم يقض بإنهاء سند حيازة الطاعنين لهذه الأرض ، رغم وجوب قضائه بذلك إعمالاً لنص المادة 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960– سالفة الذكر- ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كان الطاعنان هما المحكوم عليهما ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذى وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعنان بطعنهما ، عملاً بنص المادة 43 من بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم : زرعوا نباتاً مخدراً " حشيش " وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للطاعنين وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 1 ، ۲ ، 28 ، 33 /1 بند ج ، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (1) من الجدول رقم (5( الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ وذلك بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالسجن لمدة عشر سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات وألزمتهم المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما – وآخرين - بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يمحص الدعوى ويلم بها إلماماً كافياً ، والتفت عن دفعيهما بانتفاء الركنين المادي والمعنوي للجريمة التي دانهما بها بدلالة أن الأرض – مكان الضبط - غير مملوكة أو مربوطة أو محيزة لهما لكونها طرح نهر النيل وانتفاء مباشرتهما لزراعة النبات المخدر فيها ، وبانتفاء قصد الاتجار في حقهما ، ولم يورد بديباجته مواد القيد المقدمة من النيابة العامة بأمر الإحالة ، واعتنق صورة للواقعة مستنداً لأقوال شهود الإثبات رغم عدم مشاهدة الضابط للطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه ، كما أن شاهدي الإثبات الثالث – شيخ البلدة – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية – لم يشهدا بمشاهدتهما الطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه‏ ، ورغم عدم معقولية تصوير الواقعة ، ملتفتاً عن دفعهما بعدم معقوليتها وبانعدام التحريات " لشواهد عدة " ، واطرح بما لا يسوغ دفعهما ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما دون إذن النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس " لشواهد عدداها " ، كما التفت عن دفعيهما بعدم سيطرتهما على الأرض - مكان الضبط – بدلالة انتفاء صلتهما بها ، وباحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل " لعدة شواهد " ، كما لم يتم سماع أقوال الجيران ، والتفت الحكم عن إنكار الطاعنين للتهمة المسندة إليهما ، وكذا عن باقي دفوعهما التي أبدياها بجلسة المحاكمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي ، وما ثبت بمعاينة النيابة العامة للأرض - مكان الضبط – من أنها تخضع للسيطرة المادية والفعلية للطاعنين – والمحكوم عليهما الآخرين شقيقيهما – وأن الشجيرات المضبوطة بها مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بالأرض تماماً ، وجاء استعراض الحكم لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها ، والتدليل على ثبوتها في حقهما بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم بعدم تمحيصه للدعوى وعدم إلمامه بها إلماماً كافياً يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الركن المادي في جريمة زراعة نبات من النباتات الممنوع زراعتها ، يتحقق بوضع بذور النبات في الأرض ، وكذا بكل ما يتخذ نحو البذر ، من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع لحين نضجه وقلعه ، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد أوجب معاقبة مالك أو حائز الأرض التي تزرع النباتات الممنوع زراعتها فيها متى ثبت ارتكاب أي منهما الفعل المؤثم وهو مباشرته زراعة تلك النباتات فيها ، كما أن القصد الجنائي في هذه الجريمة ، هو علم الزارع بأن النبات الذى يزرعه ، من النباتات الممنوع زراعتها ، كما أن زراعة نبات مخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها ، وكانت المحكمة غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن أي من الركنين المادي أو المعنوي أو قصد الاتجار في تلك الجريمة ، إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على زراعة المتهم للنبات المخدر المضبوط ، وعلى علمه بكنهه ، وعلى توافر قصد الاتجار في حقه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى والظروف التي أحاط بها وإيراده لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة - من أنهما شاهدا الطاعنين داخل الزراعات بالأرض مكان الضبط – التي دلت تحريات شاهد الإثبات الأول السرية على زراعة نبات البانجو المخدر فيها بقصد الاتجار – وأنها مزروع بها شجيرات نبات الحشيش "القنب" المخدر المضبوطة ، وقد قرر الطاعنان بعلمهما بزراعة هذه النباتات المخدرة ، وبامتلاكهما لتلك الأرض وتعهدهما بزراعة النباتات المخدرة المضبوطة وسط زراعات الفول المزروعة بها ، وكذا إيراده لأقوال شاهدي الإثبات الثالث – شيخ بلدة .... – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية بتلك البلدة – من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، ومن ثم فقد أثبت الحكم أن الطاعنين حائزين للأرض – مكان الضبط - منذ أمد بعيد ، وارتكابهما الفعل المؤثم وهو مباشرة زراعة نباتات الحشيش المخدرة المضبوطة في تلك الأرض بقصد الاتجار ، أي بوضعهما بذور النباتات فيها ، وكذا بكل ما يتخذ نحو البذر من أعمال التعهد المختلفة اللازمة للزرع لحين نضجها وقلعها ، كما أثبت بتقرير المعمل الكيميائي احتواء تلك النباتات على المادة الفعالة له ، ومن ثم فإن ما أوردته المحكمة في ذلك يكون كافياً للتدليل على توافر الركنين المادي والمعنوي وقصد الاتجار في حق الطاعنين ، وفى إظهار اقتناعها بثبوت هذه الأركان من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها في إدانتهما بجريمة زراعة نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار - المؤثمة بالمادة 33/1 بند ( ج ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 - ، كما أنه لا مصلحة للطاعنين مما ينعيانه بشأن التفات الحكم عن دفعيهما بانتفاء الركنين المادي والمعنوي لتلك الجريمة التي دانهما بها ، بدعوى أن الأرض – مكان الضبط - غير مملوكة أو مربوطة أو محيزة لهما لكونها طرح نهر النيل أو انتفاء مباشرتهما لزراعة النبات المخدر ، أو بانتفاء قصد الاتجار في حقهما ما دام البين من مدوناته أنه أوقع على الطاعنين عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي - المؤثمة بالمادة 38/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 – بعد إعماله المادة 17 من قانون العقوبات ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بانتفاء الركنين المادي أو المعنوي أو قصد الاتجار في حقهما ، فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت ، أشار إلى المواد 1 ، 2، 28 ، 33/1 بند ج ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 التي أخذ الطاعنين بها ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ما دامت قد اطمأنت إلى جديتها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، بمشاهدة شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة - حال وصولهما للأرض مكان الضبط نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش - المحكوم عليهما الآخرين - لضبط ما يحوزانه ويحرزانه من مواد مخدرة - الطاعنين - داخل الزراعات واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو – المضبوطة - ويقومان بتعهدها مع نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، وكذا بما شهد به شاهدا الإثبات الثالث – شيخ البلدة – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية – من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، وقد عززت المحكمة أقوال هؤلاء الشهود بتحريات شاهد الإثبات الأول والتي دلت على زراعة تلك الأرض بالنباتات المخدرة بقصد الاتجار ، إذ اطمأنت المحكمة لما جاء بتلك التحريات وأقوال مجريها وجديتها وكفايتها للأسباب السائغة التي أوردتها ، كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان لا محل لما ينعاه الطاعنان من ضبطهما رغم خلو محضر التحريات من اسمهما وعدم شموله لهما ، إذ إنه من المقرر أن ضبط شخص آخر لم تشمله التحريات لا يمس ذاتيتها ولا ينال من جديتها - إذ الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها - كما أنه لا مصلحة لهما مما ينعيانه من إيراد التحريات حيازة المحكوم عليهما الآخرين لأسلحة نارية رغم عدم ضبطها ، إذ لا يتعلق ذلك بالطاعنين ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة وأقوال شهود الإثبات بدعوى عدم معقوليتها ، أو عدم مشاهدة الضابط للطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه ، أو أن شاهدي الإثبات الثالث والرابع لم يشهدا بمشاهدتهما الطاعنين يزرعان المخدر أو يتعهدانه‏ ، ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ، ومتى قامت في جريمة ، صحت إجراءات القبض والتفتيش حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً ، وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع - وفقاً للوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقومات والوقائع التي أثبتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لمؤدى أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني – ضابطي الواقعة – واطراحه لدفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ، مستخلصاً من ذلك ومرتباً عليه القول بمشاهدة شاهدي الإثبات الأول والثاني حال وصولهما للأرض مكان الضبط التي دلت تحريات أولهما السرية على زراعة نبات البانجو المخدر فيها – نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بضبط وتفتيش المحكوم عليهما الآخرين لضبط ما يحوزانه ويحرزانه من مواد مخدرة - الطاعنين داخل الزراعات واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو – المضبوطة - ويقومان بتعهدها مع نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، ومن ثم فقد أثبت الحكم أن الضابطين لم يقبضا على الطاعنين ويفتشاهما إلا عندما تحققا من اتصالهما بالجريمة ، وذلك بإدراك ضابطي الواقعة بإحدى حواسهما – حاسة النظر – جريمة متلبساً بها وهي مشاهدتهما الطاعنين داخل الزراعات - المزروعة في الأرض مكان الضبط التي دلت التحريات على زراعة النباتات المخدرة فيها - وقد قررا بامتلاكهما المكان وأنهما على علم بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنباتات البانجو ويقومان بتعهدها ، وهو ما يكفى لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة ، وتتوافر به حالة التلبس التي تبيح للضابطين القبض على الطاعنين وتفتيشهما دون حاجة لحصولهما على إذن من النيابة العامة ، وهو ما يكون معه ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش - صحيحاً في القانون وسائغاً في اطراح دفع الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ، ومن ثم لا ينال من ذلك نعي الطاعنين بخلو إذن النيابة العامة من اسمهما ، وهو ما يضحى معه نعيهما على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفع الطاعنين بعدم سيطرتهما على مكان الضبط ، تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة من ثبوت انبساط سلطانهما على الأرض مكان الضبط – بحيازتهما لها ووضع يدهما عليها وقيامهما بزراعتها منذ أمد بعيد - وكذا على النباتات المخدرة التي ضبطت مزروعة بها ، وذلك أخذاً مما ثبت بأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني من مشاهدتهما الطاعنين داخل الزراعات بالأرض مكان الضبط ، واللذين قررا بامتلاكهما المكان وبعلمهما بما تحويه الزراعات من مواد مخدرة لنبات البانجو ويقومان بتعهدها مع زراعات نبات الفول المزروعة بتلك الأرض ، وكذا مما ثبت بأقوال شاهدي الإثبات الثالث – شيخ البلدة – والرابع – رئيس الوحدة الزراعية - من أن الأرض مكان الضبط وضع يد الطاعنين - والمحكوم عليهما الآخرين – منذ أمد بعيد وهم القائمين بزراعتها ، وكذا مما ثبت من معاينة النيابة العامة لمكان الضبط والثابت بها خضوع الأرض مكان الضبط للسيطرة المادية والفعلية للطاعنين – والمحكوم عليهما الآخرين – وأن الشجيرات المضبوطة مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بالأرض تماماً ، وهي أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وهو ما يكون معه ما انتهى إليه الحكم كافياً وسائغاً في اطراح دفع الطاعنين بعدم سيطرتهما على مكان الضبط ، ومن ثم لا ينال من ذلك نعي الطاعنين بانتفاء صلتهما بالأرض - مكان الضبط - وهو ما يضحى معه نعيهما على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان دفع الطاعنين باحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل بدلالة أن هذه الأرض طرح نهر النيل وتغمرها مياهه ، كما تم ضبط الشجيرات المضبوطة ذات الأعمار المختلفة مزروعة بها بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة ، مردود بأنه من المقرر أن الدفع بنفي التهمة أو باحتمال ورود بذور النبات المخدر للأرض من نهر النيل موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنين تأسيساً على ما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من معاينة النيابة العامة للأرض - مكان الضبط - والثابت بها أن الشجيرات المضبوطة مزروعة بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وملتصقة ومنغرسة بها تماماً ، وكان ذلك لا يدل على ورود بذورها للأرض من نهر النيل ، بل فإن ثبوت زراعة تلك الشجيرات بطريقة غير منتظمة وعلى أبعاد متنوعة وسط زراعات نبات الفول المزروعة بتلك الأرض يدل على أن الهدف من ذلك هو إخفاؤها حتى لا يتم ضبطها، ولا يغيرمن ذلك كون تلك الأرض طرح نهر النيل وتغمرها مياهه أو اختلاف أعمار تلك الشجيرات –على فرض صحة ذلك - إذ إنه ومع ثبوت تعهد الطاعنين بزراعة تلك الأرض – وهو ما أقرا به لشاهدي الإثبات الأول والثاني - فلم يكن خافياً عليهما وجود تلك الشجيرات مزروعة بها وسط زراعات نباتات الفول سيما وأنها تختلف عنها ، فضلاً عن أن اختلاف أعمار تلك الشجيرات لا يدل على صحة دفعهما ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعنان من عدم سماع أقوال الجيران ، فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ، فليس له - من بعد - النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعيانه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعنان من التفات الحكم المطعون فيه عن إنكارهما للتهمة المسندة إليهما ، فمردود بما هو مقرر من أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا في أسباب طعنهما عن دفوعهما التي ينعيان على الحكم عدم الرد عليها ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه ، أم أنها من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليه ، بل ساقا قولهما في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعنين بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه – بعد أن عاملتهما المحكمة بالرأفة على نحو ما تقضي به المادة 17 من قانون العقوبات - ، وإذ كانت عقوبة جريمة زراعة نبات من النباتات المخدرة بقصد الاتجار هي الإعدام وفقاً لنص المادة 33 في فقرتها الأولي بالبند ( ج ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، فما كان للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى السجن لدى إعمالها الرأفة في حق الطاعنين ، بل كان عليها أن تنزل بالعقوبة إلى العقوبة التالية لها مباشرة وهي السجن المؤبد إعمالاً لنص المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات ، كما أنه ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 42 من هذا القانون تقضي بوجوب الحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأرض التي زرعت بالنباتات المخدرة الواردة بالجدول رقم (5) – ومنها نباتات البانجو المخدرة الواردة بالبند رقم (1) من هذا الجدول - إذا كانت هذه الأرض مملوكة للجاني أو كانت له بسند غير مسجل ، فإن كان مجرد حائز لها حكم بإنهاء سند حيازته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه وبعد أن أثبت حيازة الطاعنين للأرض التي زرعت بنباتات الحشيش المخدرة المضبوطة – مكان الضبط – بوضع يدهما عليها ، لم يقض بإنهاء سند حيازة الطاعنين لهذه الأرض ، رغم وجوب قضائه بذلك إعمالاً لنص المادة 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 – سالفة الذكر- ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعنان هما المحكوم عليهما ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذى وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعنان بطعنهما ، عملاً بنص المادة 43 من بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 13817 لسنة 90 ق جلسة 2 / 6 / 2021 مكتب فني 72 ق 40 ص 525

جلسة 2 من يونيه سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد هلالي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد مسعد ، خالد حسن محمد ، خالد الشرقبالي ومحمد يوسف نواب رئيس المحكمة .
------------------
(40)
الطعن رقم 13817 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وإيراده مؤدى الأدلة السائغة التي استخلص منها الإدانة في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
عدم تحرير الحكم على نموذج مطبوع . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول . حد ذلك ؟
(3) قانون " تفسيره " " تطبيقه " . آثار . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم جواز الانحراف عن عبارة القانون عن طريق التفسير أو التأويل أيًا كان الباعث . متى كانت واضحة لا لبس فيها . علة ذلك ؟
الاجتهاد إزاء صراحة النص . غير جائز .
المادتان 5 و 42 فقرة ثالثة بند 2 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلتان بالقانونين 3 لسنة 2010 و 91 لسنة 2018 . مفادهما ؟
التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها . علة وأساس ذلك ؟
وجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة . متى كان القصد الحصول على الآثار دون ترخيص سواء تحقق القصد أو لم يتحقق . أساس ذلك ؟
قصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو المتاخمة لها . قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحته ومقصود الشارع منه . التزام الحكم هذا النظر . صحيح .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير لجنة الفحص وأقوال أعضائها ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . متى اطمأنت لما أوردته منهما . إغفالها بعض التفصيلات . مفاده : اطراحها . علة ذلك ؟
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الطاعن كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(6) تفتيش " التفتيش بغير إذن " " تفتيش المساكن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
للمحكمة استبيان الرضا بدخول المسكن وتفتيشه من وقائع الدعوى وظروفها وما استنتجته من دلائل مؤدية إليه .
إغفال الحكم الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . لا عيب . علة ذلك ؟
(7) دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات".
الدفع بعدم جدية التحريات . غير مقبول . متى اطمأنت المحكمة لصحتها .
(8) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية الواقعة وانتفاء الصلة بها . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) آثار . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي بخلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية . غير مجد. علة ذلك ؟
(10) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعنين بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة بالمخالفة لحكم المادة 20 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما ، وأورد مؤدى الأدلة السائغة التي استخلص منها إدانتهما في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .
2- لما كان الحكم المطعون فيه – خلافاً لما يدعي الطاعن الثاني – لم يحرر على نموذج مطبوع ، هذا فضلاً عن أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد استوفى بياناته الجوهرية ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
3 - من المقرر أن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه بحسب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، وكانت المادة 42/2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجرى فيه الحفر سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار- دون غيره - بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ، وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون يأتي إعمالاً لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع مصر ، ومن ثم تحتم القول - طبقاً للمادة 42 من قانون حماية الآثار سالفة الذكر - بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، وهو قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تفيد التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه وقد وافق هذا النظر يكون سديداً فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير لجنة الفحص ومن أقوال أعضائها ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد أطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، إذ إن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه ، ومن ثم فإن إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، فإن النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب غير سديد .
5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استخراج شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار تحقيقاً لدفاعهما بشأن طبيعة الأرض محل الحفر موضوع الاتهام ، فلا يصح لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان أياً من الطاعنين لا يدعي بأن المحكمة قد منعته من إبداء دفاعه ، فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول .
6- لما كان مفاد ما أثبته الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وإيراداً لمؤدى ما شهد به شاهد الإثبات الأول أنه على إثر إبلاغه من الأهالي بقيام الطاعنين بإجراء أعمال الحفر خلسة داخل مسكن الطاعن الأول بقصد التنقيب عن الآثار وخروج كميات كبيرة من ناتج الحفر ، انتقل ومرافقه إلى مسكن الطاعن الأول الذي سمح لهما بالدخول فتلاحظ لهما وجود حفرة كبيرة بقطر متر ونصف وعمق تسعة أمتار ، والطاعن الثاني وبحوزته أدوات الحفر ، فإن هذا الذي ساقه تتوافر به حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض والتفتيش ويفيد أن دخول الشاهد الأول مسكن الطاعن الأول كان برضاء من الأخير ، ذلك بأن الرضاء بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، وهو ما لا يجادل الطاعن الأول في حصوله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد ، ولا على الحكم إن أغفل الرد عليه ؛ لأنه - في صورة الدعوى - ظاهر البطلان لا يستأهل رداً .
7- لما كانت المحكمة في حدود سلطها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات وصحتها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
8- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بها من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان النعي بخلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية لا جدوى فيه إذ صار لا ينال من النتيجة التي خلص إليها الحكم ، فضلًا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم .
10- لما كانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يتعين تصحيحه ، إلا أن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة ؛ لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
1- أجريا أعمال الحفر خلسة بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة بأن باشرا أعمال الحفر والتنقيب بداخل مسكن المتهم الأول باستخدام الأدوات محل التهمة الثانية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازا أدوات " مقطف ، فاس ، حبال " والمبينة وصفاً بالأوراق دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية والحرفية والمستخدمة في الجريمة محل الاتهام الأول ، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1 ، 3 ، 5 /1 ، 32 /1 ، 40 ، 42 /3 بند (2) من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010، 91 لسنة 2018 ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 5 لسنة 2019 ، والبند رقم (9) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 والمضاف بقرار وزير الداخلية رقم 213 لسنة 2008 ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل من .... ، .... بالحبس لمدة سنة واحدة وبتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة ألف جنيه والتحفظ على موقع الحفر لصالح المجلس الأعلى للآثار لاستكمال أعمال الحفائر على نفقة المتهمين وبمصادرة الأدوات المضبوطة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان – بمذكرتي أسبابهما – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص وحيازة أدوات مما تستخدم في تلك الأعمال دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من الأسباب التي تكفي لحمل قضائه بالإدانة ، ولم يورد على نحو كافٍ مؤدى أدلة الثبوت التي أخذ بها ، وحرر على نموذج مطبوع ، هذا ولم يفطن الحكم إلى دفاعهما القائم على أن موقع الحفر ليس من المواقع الأثرية ولا يخضع لقانون حماية الآثار - ومن ثم تنتفي الجريمة المسندة إليهما - ولم يورد في تحصيله لمضمون تقرير اللجنة المشكلة من النيابة العامة ولأقوال أعضائها ما يظاهر هذا الدفاع ، ودون أن يعني بتحقيقه باستخراج شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار في هذا الصدد ، ورغم تمسك دفاعهما بهذا الطلب فقد خلا محضر الجلسة من إثباته ، كذلك فقد أغفل الحكم الرد على دفوعهما ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وعدم جدية التحريات وتناقضها لقرائن عُدِدَت ، وعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن الثاني بها ، هذا فضلاً عن خلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما ، وأورد مؤدى الأدلة السائغة التي استخلص منها إدانتهما في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – خلافاً لما يدعي الطاعن الثاني – لم يحرر على نموذج مطبوع ، هذا فضلاً عن أن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام قد استوفى بياناته الجوهرية ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنه بحسب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، وكانت المادة 42/3 بند 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجرى فيه الحفر سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار- دون غيره - بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ، وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون يأتي إعمالاً لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع مصر ، ومن ثم تحتم القول - طبقاً للمادة 42 من قانون حماية الآثار سالفة الذكر - بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة ، متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، وهو قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراءالتعديل والتي تفيد التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مرتكبيها ، إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه وقد وافق هذا النظر يكون سديداً فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير لجنة الفحص ومن أقوال أعضائها ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد أطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، إذ إن ذلك أمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه ، ومن ثم فإن إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، فإن النعي على الحكم بالقصور لهذا السبب غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة استخراج شهادة من الإدارة العامة لحماية الآثار تحقيقاً لدفاعهما بشأن طبيعة الأرض محل الحفر موضوع الاتهام ، فلا يصح لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان أياً من الطاعنين لا يدعي بأن المحكمة قد منعته من إبداء دفاعه ، فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان مفاد ما أثبته الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى وإيراداً لمؤدى ما شهد به شاهد الإثبات الأول أنه على إثر إبلاغه من الأهالي بقيام الطاعنين بإجراء أعمال الحفر خلسة داخل مسكن الطاعن الأول بقصد التنقيب عن الآثار وخروج كميات كبيرة من ناتج الحفر ، انتقل ومرافقه إلى مسكن الطاعن الأول الذي سمح لهما بالدخول فتلاحظ لهما وجود حفرة كبيرة بقطر متر ونصف وعمق تسعة أمتار ، والطاعن الثاني وبحوزته أدوات الحفر ، فإن هذا الذي ساقه تتوافر به حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض والتفتيش ويفيد أن دخول الشاهد الأول مسكن الطاعن الأول كان برضاء من الأخير ، ذلك بأن الرضاء بدخول المسكن وتفتيشه يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه ، وهو ما لا يجادل الطاعن الأول في حصوله ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد ، ولا على الحكم إن أغفل الرد عليه ؛ لأنه - في صورة الدعوى - ظاهر البطلان لا يستأهل رداً . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة في حدود سلطها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات وصحتها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بها من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بخلو الأوراق من تقرير يقطع بأن ناتج الحفر له قيمة أثرية لا جدوى فيه إذ صار لا ينال من النتيجة التي خلص إليها الحكم ، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم . لما كان ذلك ، وكانت المادة 20 من قانون العقوبات تنص على أنه " يجب أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت مدة العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر " فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما كان يتعين تصحيحه ، إلا أن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة ؛ لأن من شأن ذلك الإضرار بالطاعنين ، وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعنان 2989 ، 3048 لسنة 39 ق جلسة 23 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 100 ص 873

جلسة 23 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين، ومنصور حسن علي عربي، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(100)

الطعنان رقما 2989، 3048 لسنة 39 القضائية

عاملون مدنيون - المخالفات التأديبية - تنفيذ الأمر الشفهي للرئيس إذا كان مخالفاً للقانون.
المادة 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1978.
إن للموظف في غير حالات الضرورة الحكمية العاجلة أن يطلب لتنفيذ أمر رئيسه أن يكون مكتوباً وله أن يعترض على هذا الأمر المكتوب إذا رأى أنه ينطوي على مخالفة لقاعدة تنظيمية أمرة - إذا قام الموظف بالامتثال لأمر شفهي من رئيسه رغم اعتقاده وعلمه أنه مخالف للقانون فإنه يكون قد ارتكب بذلك مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولا يجدي والأمر كذلك أن يبدي المرؤوس المخالف أن ما أقترفه من مخالفات أنه نفذ تعليمات رئيسه الشفهية خوفاً من بطشه أو إرضاء له حتى لا يتعرض للانتقام أو الخوف من الحرمان من مزايا أو منفعة ذاتية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 26/ 5/ 1993 أودع الأستاذ/...... المحامي نائباً عن الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن/..... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 2989 لسنة 39 ق. ع. في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 28/ 3/ 1993 في الدعوى رقم 605 لسنة 19 ق والقاضي بمجازاته بعقوبة الوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءته مما نسب إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده - النيابة الإدارية - على الوجه المبين بالأوراق.
وفي يوم السبت الموافق 29/ 5/ 1993 أودع الأستاذ/.... المحامي نائباً عن الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن/.... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3048 لسنة 39 ق. ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 28/ 3/ 1993 في الدعوى التأديبية رقم 605 لسنة 19 ق والقضائي بمجازاته بعقوبة الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده - النيابة الإدارية - على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه للأسباب المبينة به - قبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ببراءة الطاعن/... مما نسب إليه، ومجازاة الطاعن/.... بخصم أجر شهر من راتبه.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 14/ 6/ 1995 وبجلسة 23/ 8/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظرهما جلسة 4/ 11/ 1995 وبجلسة 27/ 1/ 1996 قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم فيهما بجلسة اليوم 23/ 3/ 1996 وبهذه الجلسة صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة ومن ثم فإنهما مقبولان شكلاً مع التنويه بأن الطعن الثاني رقم 3048 لسنة 39 ق. ع. والذي أودع تقريره قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 29/ 5/ 1996 قد أضيف إلى ميعاد إقامته يومان كميعاد مسافة طبقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 605 لسنة 19 ق أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملة على تقرير باتهام:
1 - ...... - رئيس حي غرب المنصورة سابقاً وبالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية حالياً (درجة أولى).
2 - ...... - مدير الشئون القانونية بحي غرب المنصورة سابقاً وحالياً بالتنفيذ المدني بالحي (درجة ثانية).
لأنهما خلال الفترة من 1/ 1/ 1989 حتى 21/ 6/ 1989 بمقر عملهما بدائرة محافظة الدقهلية لم يؤديا العمل المنوط بهما بأمانه وسلكا في تصرفاتهما مسلكاً لا يتفق وكرامة الوظيفة ولم يحافظا على أموال وممتلكات الجهة التي يعملان بها، وأتيا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن الأول:
(1) قام بالاستيلاء على كمية وقود من الحملة الميكانيكية بحي غرب المنصورة قدرها 7549 لتر سولار وقيمتها المالية 528.430 جنيهاً مستغلاً في ذلك وظيفته وسلطته الرئاسية.
(2) طلب من المخالف الثاني تغيير أقوال مسئولي الحملة في التحقيق الإداري رقم 431 لسنة 89 حي غرب المنصورة بقصد ستر المخالفة المنصوص عليها في البند (1). والثاني قام بتغيير أقوال مسئولي الحملة بشأن واقعة صرف الوقود بالزيادة عن المعدلات المقررة السابق الإدلاء بها في التحقيق رقم 431 لسنة 1989 تنفيذاًَ لطلب المخالف الأول على نحو يخالف الحقيقة والواقع بقصد ستر المخالفة المنسوبة للأول في البند (1) بعد استيفاء أقوالهم السابقة في هذا الشأن.
وطلبت النيابة الإدارية بمحاكمة المتهمين تأديبياً عما أسند إليهما من مخالفات طبقاً لأحكام المواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 28/ 3/ 1993 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة بمجازاة المتهم الأول/..... بعقوبة الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة ومجازاة المتهم الثاني/........ بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه باستعراض أقوال الشهود لتحقيقات النيابة الإدارية يبين ثبوت المخالفة الأولى المسندة إلى المتهم الأول/...... والخاصة بالاستيلاء على 7549 لتر سولار ثبوتاً كافياً لما جاء بتقرير الفحص المؤرخ 20/ 7/ 1989 وما شهد به/..... الموجه المالي والإداري وما قرره/...... السائق الخاص برئيس الحي والسائقان..... و...... و...... وما اعترف به رئيس الحي نفسه صراحة بأنه كان يمون سيارته الخاصة الملاكي من وقود الحملة التابعة للحي وسيارات أخرى خاصة بأقاربه بدعوى استخدامها في أعمال مصلحيه أثناء أعياد محافظة الدقهلية متعللاً بعدم وجود سيارة أخرى بالحي تصلح لاستخدامه أثناء عطل السيارة الحكومية المخصصة له وقد تبين أن السيارة المخصصة له كانت تمون يومياً خلال الفترة من 23/ 12/ 1988 حتى 20/ 5/ 1989 ولا يغير من ذلك ما قرره سكرتير عام المحافظة من أنه شاهد رئيس حي غرب يستقيل سيارته الخاصة في المرور على المصالح لأنه لم يحدد عدد المرات التي رأى فيها رئيس الحي يمر على المشروعات بسيارته الخاصة ولم يحدد ساعات المرور ولم يقرر شرعية تموين السيارات الخاصة من البونات الخاصة بالسيارات الحكومية حتى ولو استخدمها في الأعمال المصلحية أما عن المخالفة الثانية المنسوبة إلى المتهم الأول من أنه طلب من المخالف الثاني تغيير أقوال مسئولي الحملة في التحقيق الإداري رقم 431 لسنة 1988 حي غرب بقصد ستر المخالفة المشار إليها في البند (1) فإن هذه الواقعة لا يقوم عليها دليل من الأوراق تطمئن إليه المحكمة، ومن ثم فإن المتهم الأول قد ثبت في حقه اقتراف المخالفة الأولى وهو يشغل وظيفة رئيس حي غرب المنصورة مفروض فيمن يشغلها أن يتصف بالأمانة وأن يكون قدوة حسنة للعاملين بالحي وأن مسلكه ينطوي على إخلال جسيم بواجب الأمانة الذي ينبغي أن يتحلى به جميع القائمين على المرافق العامة والمصالح الحكومية وبالنسبة للمتهم الثاني/...... بصفته مدير الشئون القانونية بحي غرب المنصورة قام الحكم على أنه قام بتغيير أقوال مسئولي الحملة بشأن واقعة صرف الوقود بالزيادة عن المعدلات المقررة السابق الإدلاء بها في التحقيق رقم 431 لسنة 1989 وهذه الواقعة ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً باعترافه حيث قرر أن رئيس الحي أمره بذلك وهدده وأنه نفذ تعليماته خوفاً من بطشه، وثابتة أيضاً في حقه بشهادة/.... و..... المفتش المالي والإداري، وإن ما اقترفه مدير الشئون القانونية من شأنه أن يؤدي إلى فقده صفة الثقة والاعتبار اللازم توافرها فيه ومن ثم يكون المتهم الثاني قد اقترف ذنباً إدارياً يستوجب عقابه لما نسب إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 2989 لسنة 39 ق. ع المقام من/...... أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب حيث أغفلت المحكمة مدى سلطان رئيس المصلحة على مرؤوسيه في تنفيذ التعليمات والأوامر الصادرة منه لمرؤوسيه ولم تراع المحكمة في تقدير بالعقوبة ضد الطاعن مدى تأثير الرهبة والخوف من مخالفة أوامر رئيس الحي وهو الذي يمنحه المكافآت وهو الذي ينقله من موقعه في العمل إلى أي موقع آخر على خلاف تخصصه لأن الطاعن خاضع له مباشرة ولا تحميه أي سلطة أخرى كما أغفلت المحكمة وجود المانع الأدبي بين الرئيس المباشر في العمل وبين مرؤوسيه حين إصداره التعليمات والأوامر لهم فضلاً عن أن الجزاء لا يتناسب مع ما اقترفه من ذنب نتيجة ضغط وإرهاب استغلال سلطة.
ومبنى الطعن الثاني رقم 3048 لسنة 39 ق. ع المقام من/...... أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفاً للواقع فضلاً عن مخالفة لحكم القانون إذ أن استيلاء الطاعن على كمية من الوقود المشار إليها بتقرير الاتهام فإن السيارة المخصصة له كثيرة الأعطال كما جاء بالتحقيقات فضلاً عن شهادة سكرتير عام محافظة الدقهلية الذي قرر أنه شاهد الطاعن يستقل سيارته الخاصة للمرور على المصالح وأنه إذ لم يحدد المرات التي شاهد فيها الطاعن يمر على المصالح بسيارته الخاصة أو ساعات المرور فإن ذلك مردود عليه بأنه لم يطلب منه ذلك فضلاً عن أن عدم تذكر المرات التي شاهد فيها الطاعن أو عدد الساعات التي يمر بها على المصالح بسيارته الخاصة هي من الأشياء التي يصعب على الإنسان الطبيعي وقدراته تذكرها وعلى ذلك فإن هذا لا يصلح أن يكون سبباً في إهدار شهادته وعدم الاعتداد بها فضلاً عن أن اعتراف الطاعن أن هناك استغلالاً لكميات من الوقود فإن ذلك كان بحسن نية ومن باب الحرص على صالح العمل لقيامه باستعمال سيارته الخاصة في إنجاز أعمال الحي وأن اعترافه بذلك لا يؤخذ ضده وأن يدل على حسن النية لأن ما استعمله من وقود كان للصالح العام ولإنجاز أعماله المصلحية سواء كان ذلك بسيارته الخاصة أو بسيارة رئيس الحي، وأخيراً مغالاة الحكم المطعون فيه في توقيع الجزاء إذ أن عقوبة الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة من الجزاءات القاسية وهو يدنو مباشرة لجزاء الفصل من الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن/... لم ينكر المخالفة المنسوبة إليه وأرجع ارتكابه لها إلى أن ذلك كان بناء على أوامر رئيس الحي وكان واقعاً تحت تأثير سلطان رئيس الحي والرهبة والخوف من مخالفته وأنه نفذ تعليماته خوفاً من بطشه، وذلك في حين أن المادة 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تقضي بأنه لا يعفى العامل من الجزاء استناداً إلى أمر صدر إليه من رئيسه إلا إذا ثبت أن ارتكاب المخالفة كان تنفيذاً لأمر مكتوب بذلك صادر إليه من هذا الرئيس بالرغم من تنبيهه كتابة بالمخالفة وفي هذه الحالة. تكون المسئولية على مصدر الأمر وحده، ومؤدى هذا النص أن للموظف في غير حالات الضرورة الحكمية العاجلة أن يتطلب لتنفيذ أمر رئيسه أن يكون مكتوباً وله أن يعترض على هذا الأمر المكتوب إذا رأى أنه ينطوي على مخالفة لقاعدة تنظيمية أمرة فإذا قام الموظف بالامتثال لأمر شفهي من رئيسه رغم اعتقاده وعلمه أنه مخالف للقانون فإنه يكون قد ارتكب بذلك مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولا يجدي والأمر كذلك أن يبدى المرؤوس المخالف أن ما اقترفه من مخالفات أنه نفذ تعليمات رئيسه الشفهية خوفاً من بطشه أو إرضاء له حتى لا يتعرض للانتقام أو الخوف من الحرمان من مزايا أو منفعة ذاتية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن/...... ولئن كان قد أنكر ما نسب إليه من الحصول على 7549 لتر سولار وقيمتها المالية 528 جنيهاً لتموين سيارته الخاصة وأنه طلب خمسة بونات بنزين فقط وليس خمسة عشر بوناً إلا أنه ثبت في حقه الحصول على بعض الوقود للاستعمال في تموين سيارته الخاصة التي كان يستعملها في أعمال مصلحيه نظراً للعطل الذي لحق السيارة الحكومية المخصصة له، وأيده في ذلك سكرتير عام محافظة الدقهلية الذي أبدى في شهادته أنه شاهد الطاعن يستقل سيارته الخاصة للمرور على المصالح في مهام مصلحيه بيد أن لا يعلم شيئاً عن تموينها بالوقود من الحي وقد أضاف الطاعن أنه وإن كان هناك استغلال لكميات من الوقود فإنه كان بحسن نية ومن باب الحرص على صالح العمل لقيامه باستعمال سيارته الخاصة في إنجاز أعمال الحي وأنه لما كان يستعمل سيارته الخاصة في العمل فإنه كان يعتقد أن من حقه تموين تلك السيارة بالوقود من الحي ومن ثم فإنه حتى مع التسليم بحسن نية الطاعن في استعمال الوقود المخصص لسيارات الحي لتموين سيارته الخاصة على الوجه المتقدم بيانه، فإنه لا يجوز تموين السيارات الخاصة بالوقود المخصص للسيارات الحكومية حتى ولو استخدم تلك السيارة الخاصة في أعمال مصلحية مما يقتضي معه مساءلته عن هذه المخالفة.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن ولئن كان تقدير الجزاء التأديبي متروكاً إلى مدى بعيد إلى تقدير من يملك توقيع العقاب التأديبي فإن هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند قيد عدم جواز الغلو في تقدير الجزاء أو عدم التناسب بين المخالفة التأديبية وبين الجزاء الذي يوقع عنها، والتناسب بين المخالفة التأديبية والجزاء الذي يوقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة في ضوء الظروف والملابسات المشكلة لأبعادها ومؤدى ذلك أن جسامه العمل المادي المكون للمخالفة التأديبية إنما يرتبط بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها، فإذا قضى الحكم المطعون فيه بمجازاة الطاعن الأول/.... بعقوبة الوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر ومجازاة الطاعن الثاني/.... بعقوبة خفض الوظيفة إلى الدرجة الأدنى مباشرة فإنه يكون قد شابه الحكم عيب الغلو في تقدير الجزاء وعدم التناسب بين المخالفة التأديبية والجزاء الذي وقع عنها الأمر الذي يقتضي إلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء الذي يتناسب واقعاً وقانوناً مع ما ثبت في حق الطاعنين من مخالفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن الأول/..... بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر ومجازاة الطاعن الثاني/....... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة والقضاء بمجازاة الطاعن الأول بخصم أجر عشرين يوماً من راتبه وبمجازاة الطاعن الثاني بخصم أجر شهر من راتبه.

الطعن 1190 لسنة 39 ق جلسة 23 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 99 ص 867

جلسة 23 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: منصور حسن علي عربي، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وعبد القادر هاشم النشار، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(99)

الطعن رقم 1190 لسنة 39 القضائية

تأديب - المحاكمة التأديبية - ضمانات التحقيق - وجوب تمحيص الواقعة محل الاتهام.
التحقيق لا يكون مستكمل الأركان صحيحاً من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتمحيص ولا بد أن يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت، فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو أدلة ونوعها أو نسبتها إلى المتهم كان تحقيقاً معيباً، ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 3/ 2/ 1993 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها رقم 1190 لسنة 39 ق. ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 6/ 12/ 1992 في الدعوى رقم 603 لسنة 20 ق والذي قضى بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم بتخفيض الجزاء إلى العقوبة التي تراها المحكمة مناسبة وملائمة على حالة الطاعن العائلية مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف.
وأعلن الطعن إلى النيابة الإدارية في 11/ 2/ 1992 وإلى الهيئة القومية للبريد في 21/ 2/ 1992.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بمجازاة........ بالخفض في الدرجة الأدنى مباشرة.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة بجلسة 26/ 4/ 1995 وبجلسة 28/ 6/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 15/ 2/ 1995 وتم نظر الطعن بالمحكمة المذكورة والجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 4/ 1992 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 603 لسنة 20 ق أمام المحكمة التأديبية بطنطا مشتملة على تقرير باتهام/...... (الطاعن) وكيل مكتب بريد طنطا الجزيرة مركز طوخ قليوبية سابقاً ومعاون مكتب بريد بالقانة قليوبية حالياً بالدرجة الرابعة لأنه خلال الفترة من 8/ 2/ 1987 حتى 19/ 5/ 1991 أبان عمله بمكتب بريد طنطا الجزيرة بدائرة منطقة بريد القليوبية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد العمل المنوط به بأمانة وسلك مسلكاً لا يتفق واحترام الواجب الوظيفي بأن:
(1) اختلس مبلغ 605، 19046 جنيه من مستحقات أرباب المعاشات.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمته تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 6/ 12/ 1992 حكمت المحكمة بمجازاة/....... الفصل من الخدمة.
وشيدت قضاءها على أن المخالفة المنسوبة إلى المحال (الطاعن) ثابتة في حقه من واقع الأوراق والمستندات ومن تقرير اللجنة المشكلة لفحص أعماله عن الفترة من 28/ 2/ 1987 وحتى 19/ 5/ 1991 وأقوال عضوي هذه اللجنة بتحقيقات النيابة العامة وإقرار المحال على النحو المبين بالتحقيقات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب فقد برر الحكم أخذه الطاعن بالشدة بأن صحيفة الجزاءات الموقعة عليه مكتظة بالجزاءات وقد سبق إحالته للتحقيق في وقائع مماثلة وهو ما ينبئ عن رعونته وسوء تصرفه في حين أن ما وقع عليه مجرد جزاءات بسيطة تتراوح بين الإنذار والخصم من المرتب لمخالفات دارجة في العمل، كما أنه لا يوجد تناسب بين العقوبة والذنب الإداري فقد جاءت العقوبة مغالاً فيها ولم يحقق الحكم المطعون فيه المصلحة العامة بعد أن أعاد الطاعن كل الأموال التي نسب إليه اختلاسها وبالتالي فإن الأموال العامة لم تصب بأي ضرر ولا يسوغ القول بأن الضرر الذي أصاب الطاعن وأسرته نتيجة لفصله هو الذي يحقق المصلحة العامة.
ومن حيث إن النيابة العامة قد انتهت في تحقيقها إلى أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن وهى اختلاسه مبلغ 605، 19046 جنيه تمثل المعاشات المستحقة لمواطنين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى كان الطاعن يقوم بصرفها لنفسه بعد تزوير توقيعاتهم على مستندات الصرف ثابتة في حقه من أقوال/..... مفتش بمنطقة بريد القليوبية الذي قرر بأنه تشكلت لجنة منه ومن زميلة السيد/...... لفحص أعمال المتهم في الفترة من 8/ 2/ 1987 حتى 19/ 5/ 1991 وقد تبين للجنة قيام المتهم باختلاس المبلغ المذكور عن طريق التوقيع أمام المستحقين للمعاشات التي كان يقوم المتهم بصرفها من المكتب الذي يعمل به على الرغم من تحققه من وفاتهم وقد بلغت هذه الحالات تسعة وستين حالة كما قرر بأن المتهم قام بسداد المبالغ التي قام باختلاسها عدا فوائد التأخير المستحقة عنها، كما قرر المتهم (الطاعن) أنه هو المسئول عن ذلك ولكنه لم يقم بالاختلاس وأنه قام بسداد المبلغ المختلس عدا فوائد التأخير وقد انتهت النيابة العامة إلى أنه رغم ثبوت الاتهام ثبوتاً كافياً في حق المتهم مما يقتضي الأمر معه لإحالته إلى المحاكمة الجنائية إلا أنه نظراً لقيامه بسداد المبلغ المختلس وحفاظاً على أسرته من التشريد والضياع قد رأت الاكتفاء بالجزاء التأديبي وقد سارت النيابة الإدارية على ذات النهج وانتهت على ثبوت المخالفة في حق المحال.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن التحقيق لا يكون مستكمل الأركان صحيحاً من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتمحيص ولا بد أن يحدد عناصرها بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت فإذا ما قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو أدلة ونوعها أو نسبتها إلى المتهم كان تحقيقاً معيباً ويكون قرار الجزاء المستند إليه معيباً.
ومن حيث إن التحقيقات النيابة العامة قد قصرت في تناول الواقعة محل الاتهام وهى اختلاس الطاعن لمعاشات أشخاص توفاهم الله ولم تمحص أدلة الثبوت أمام إنكار المتهم لارتكابه جريمة الاختلاس وإن كان أقر بمسئوليته عن المبالغ التي صرفت بدون وجه حق، وكان يتعين على المحقق سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية التحقق من أن جميع التوكيلات المشار إليها في الأوراق وهمية وغير صحيحة والتأكد أيضاً من أن التوقيع على كشوف صرف المعاشات بخط يد المتهم على الأقل وهو الأمر الذي لم يأخذ حقه من التمحيص والتدقيق في التحقيقات المشار إليها أضف إلى ذلك أنه لا يمكن التعديل - في ثبوت الاتهام - على إقرارات صادرة من ورثة المتوفين بعدم صرفهم للمبالغ التي قام المتهم بصرفها إذ لا يعقل أن يعترف هؤلاء بقيامهم بصرف مبالغ بدون وجه حق وبالتالي فإن لا يمكن القول بتوافر جريمة الاختلاس في حق الطاعن إذ يجب أن تقوم المسئولية التأديبية على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين.
ومن حيث إنه وإن كان ذلك، إلا أن القدر المتيقن من الأفعال التي ارتكبها الطاعن، يتمثل في إهماله وعدم تحققه من الأشخاص الذين قام بالصرف لهم وعدم استيفائه للمستندات اللازمة لذلك وهى مخالفة ثابتة في حقه باعترافه وإقراره بمسئوليته عن الصرف وسداده للمبالغ التي قام بصرفها لمن لا يستحقها، وهذا التعديل في وصف التهمة لا يجافي التطبيق السليم للقانون وهو تعديل في صالح الطاعن وليس فيه إخلال بحقه إخلال بحق الدفاع، وبالتالي وقد ثبت الإهمال الجسيم في حق الطاعن فإن الأمر يستوجب مجازاته عما ثبت في حقه وذلك بتوقيع جزاء الخفض إلى الدرجة الأدنى مباشرة وإذ لم يراع الحكم المطعون فيه تلك الملابسات والمبررات وقضى بعقوبة الفصل وهى أقصى العقوبات عن تهمة لم تثبت بيقين في حق الطاعن فإن هذا لجزاء يكون مغالاً في تقديره إذا ما عدل الاتهام ليصبح الإهمال الجسيم في أداء العمل ويتعين لذلك تخفيض الجزاء ليكون تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة والقضاء بمجازاة الطاعن بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين.