برئاسة السيد القاضي/ سيد محمود يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ أحمد إبراهيم سليمان، بليغ كمال, شريف سامي الكومي وأحمد رشدي سلام نواب
رئيس المحكمة.
--------------
- 1 عقد "تحديد موضوع العقد: تكييف
العقد".
تكييف العقود. العبرة فيه بحقيقة ما عناه العاقدون. التزام محكمة
الموضوع بتكييفها التكييف القانوني الصحيح. عدم تقيدها بتكييف العاقدين.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن العبرة في تكييف العقود بحقيقة ما
عناه العاقدون منها ويعرف هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع ومتى تبينت أن تلك
إرادتهم على حقيقتها فإن عليها تكييفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير مقيدة
في ذلك بتكييف العاقدين.
- 2 التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: أثر
تحقق الشرط بحلول الأجل".
الشرط الواقف. ماهيته. أمر مستقبل غير محقق الوقوع يترتب على وقوعه
وجود الالتزام. نطاقه. مغايرته عن الأمر المستقبل المحقق الوقوع. اعتباره أجلاً
للالتزام. استمرار قيام الشرط الواقف. مؤداه. بقاء الالتزام حقاً محتمل الوجود
قانوناً. أثره. لا يجوز للدائن مباشرة إجراءات التنفيذ أو رفع دعوى بوليصية. تحقق
الشرط الواقف. لازمه. استحقاق الالتزام. للدائن. اتخاذ إجراءات التنفيذ. المادتان
265, 268 مدني.
مفاد النص في المادتين 265, 268 من القانون المدني يدل وعلى ما ورد
بالأعمال التحضيرية للقانون المدني على أن الشرط أمر مستقبل غير محقق الوقوع يترتب
على وقوعه وجود الالتزام إن كان الشرط واقفاً. وإذا كان الأمر مستقبلاً، ولكن محقق
الوقوع، فهو من قبيل الأجل، ولا تنطوي الإضافة إليه على حقيقة التعليق. ويراعى أن
التعليق يرد على الالتزام ذاته، دون العقد أو التصرف القانوني بوجه عام فالواقع أن
كل تعبير عن الإرادة يتضمن صورة من صور التعليق ينشئ التزاماً شرطياً، ويظل
الالتزام المعلق بالشرط الموقف معدوماً على احتمال الوجود، ما بقى التعليق قائماً
بيد أنه لا يكون مجرد أمل للدائن بل يكون حقاً محتمل الوجود قانوناً. ويترتب على
اعتبار الالتزام المعلق غير مؤكد الوجود أنه لا يجوز للدائن أن يباشر بمقتضاه أي
إجراء من إجراءات التنفيذ، ولا يجوز له كذلك أن يؤسس عليه دعوى بوليصية، باعتبار
هذه الدعوى من مقدمات التنفيذ فإذا تحقق الشرط تأكد وجوب الالتزام، وصيرورته مستحق
الأداء فيجوز عندئذ أن تباشر إجراءات التنفيذ.
- 3 التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: أثر
تحقق الشرط بحلول الأجل".
انعدام الالتزام المعلق على شرط واقف. حالاته. لمحكمة الموضوع سلطة
تقديرها. شرطه. قيامها على أدلة سائغة عقلاً.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - إن من القواعد العامة في الأوصاف
المعدلة لأثر الالتزام أنه إذا علق الالتزام على شرط واقف مقترن بتحقق أمر حدد له
وقت معين انعدم الالتزام بانقضاء هذا الوقت المتفق عليه، وكذلك يصبح معدوماً حتى
ولو لم ينقض الوقت المحدد إذا استدل على استحالة وجوده فإذا لم يحدد له وقت فإن
الالتزام قد ينعدم أيضاً بانقضاء مدة طويلة من الزمن تجعل أمر وجوده مخالفاً للعقل
والمنطق، ولمحكمة الموضوع السلطة في تقديره ما دام مبرراً بأدلة سائغة ومقبولة
عقلاً.
- 4 التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: أثر
تحقق الشرط بحلول الأجل".
اتفاق المتعاقدين بعقد القسمة على تعلية العقار المملوك لهم وتوزيع
التكلفة عليهم واقتسامهم للعقار باعتبار تلك التعلية. ماهيته. التزام معلق على شرط
واقف غير لصيق بإرادة المتعاقدين وهو إتمام البناء. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون
فيه بصحة ونفاذ عقد القسمة برغم عدم تحقق الشرط الواقف ودون بحث قابليته للتحقق
لمرور فترة طويلة من الزمن دون إتمام البناء. خطأ وقصور.
إذ كان الثابت بعقد القسمة موضوع التداعي أن العقار المملوك
للمتقاسمين عبارة عن ثلاثة طوابق اتفق المتعاقدون على تعليته بطابقين إضافيين
وتوزيع التكاليف عليهم بالنسب الواردة بالعقد ورتبوا على ذلك توزيع الأنصبة على
اعتبار وجود الطابقين الرابع والخامس فاختص بعضهم بنصيب فيهما بحسب قيمة مشاركته
في التكاليف وقيمة نصيبه بالعقار قبل التعلية، بما مفاده أن هذا العقد معلق على
أمر مستقبلي هو إتمام البناء غير محقق الوقوع لأنه متوقف على عدة أمور منها مدى
تحمل العقار للتعلية وموافقة الجهة الإدارية بالترخيص لهذه التعلية – وهو أمر غير
لصيق بمجرد إرادة المتعاقدين بما يضحى معه التزام المتعاقدين غير مكتمل الوجود
وغير قابل للتنفيذ إلا بإتمام البناء فعلياً. لما كان الحكم المطعون فيه لم يفطن
للتكييف الصحيح للعقد مما جره للقضاء بصحة ونفاذ هذا العقد قبل أن يتحقق الشرط
الواقف ودون أن يقول كلمته في مدى قابلية الشرط الواقف للوجود بمرور هذه الفترة
الطويلة من الزمن دون إتمام البناء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقاصراً في
التسبيب.
--------------
الوقائع
حيث إن وقائع الطعون – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق – تتحصل في أن الطاعن في الطعنين رقمي ....، ...... لسنة 79 ق أقام الدعوى
....... لسنة 1997 مدني العجوزة الجزئية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بفرز وتجنيب
حصته في كامل أرض وبناء العقار محل التداعي المملوك له وباقي المطعون ضدهم
بالميراث عن والدهم وأن العقار كان عبارة عن ثلاثة طوابق اتفقوا على بناء طابقين
إضافيين بموجب عقد قسمة مؤرخ .../ .../ 1980 اختص بموجبه بشقتين فيه وثالثة
بالطابق الخامس وإذ قاموا ببناء الطابق الرابع وتعذر بناء الخامس فلم يتحصل على
باقي حصته فقد أقام دعواه. تدخل الطاعن في الطعن رقم ..... لسنة 79 ق بطلب فرز
وتجنيب حصته في العقار. ووجه المطعون ضده الأول طلباً عارضاً بصحة ونفاذ عقد
القسمة سالف البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بوقف دعوى
القسمة وإحالة الطلب العارض إلى محكمة شمال الجيزة الابتدائية لاختصاصها قيمياً
بنظرها حيث قيدت أمامها برقم ....... لسنة 2001 أقامت مورثة الطاعن في الطعنين
الأوليين طلباً عارضاً ببطلان عقد القسمة لوقوع حصتها بالطابق الخامس من العقار،
وتدخلت الطاعنة في الطعن رقم ..... لسنة 79 ق بطلب بطلان ذات عقد القسمة. حكمت
محكمة أول درجة برفض طلب صحة ونفاذ عقد القسمة وأغفلت الفصل في الطلبين الفرعيين
ببطلان عقد القسمة، ثم قضت لاحقاً بسقوط الحق في طلب إبطال العقد بالتقادم. استأنف
المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ........ لسنة 121 ق القاهرة، كما
استأنفه ورثة المرحومة/ ........، ............. بالاستئنافين رقمي ....، ......
لسنة 125 ق، وبتاريخ ../ ../ 2009 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم
المستأنف وبصحة ونفاذ عقد القسمة وبرفض الاستئنافين الأخيرين. طعن الطاعنون في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعُرضت الطعون على
هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرها وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون – في الطعون الأربعة – على الحكم المطعون
فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد
القسمة المؤرخ ../../1980 المبرم بين أطراف النزاع على أساس جواز أن يكون محل
الالتزام شيئاً مستقبلاً ورتب على ذلك إمكانية بناء الطابق الخامس من العقار محل
القسمة والواقع به جزء من نصيب بعض أطراف القسمة ولم يقل كلمته في رفض الجهة
الإدارية الترخيص ببنائه ومرور فترة طويلة من الزمن دون استصدار الترخيص بما يجعل
العقد مستحيل التنفيذ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن
العبرة في تكييف العقود بحقيقة ما عناه العاقدون منها وتعرف هذا القصد من سلطة
محكمة الموضوع ومتى تبينت أن تلك إرادتهم على حقيقتها فإن عليها تكييفها بعد ذلك
التكييف القانوني الصحيح غير مقيدة في ذلك بتكييف العاقدين. وكان النص في المادة
265 من القانون المدني على أن "يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده
أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع" وفي المادة 268 من ذات
القانون على أن "إذا كان الالتزام معلقاً على شرط واقف، فلا يكون نافذاً إلا
إذا تحقق الشرط أما قبل تحقق الشرط فلا يكون الالتزام قابلاً للتنفيذ القهري ولا
للتنفيذ الاختياري، على أنه يجوز للدائن أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقه
"يدل وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني على أن الشرط أمر مستقبل
غير محقق الوقوع يترتب على وقوعه وجود الالتزام إن كان الشرط واقفاً. وإذا كان
الأمر مستقبلاً، ولكن محقق الوقوع، فهو من قبيل الأجل، ولا تنطوي الإضافة إليه على
حقيقة التعليق. ويراعى أن التعليق يرد على الالتزام ذاته، دون العقد أو التصرف
القانوني بوجه عام فالواقع أن كل تعبير عن الإرادة يتضمن صورة من صور التعليق ينشئ
التزاماً شرطياً، ويظل الالتزام المعلق بالشرط الموقف معدوماً على احتمال الوجود،
ما بقى التعليق قائماً بيد أنه لا يكون مجرد أمل للدائن، بل يكون حقاً محتمل
الوجود قانوناً ويترتب على اعتبار الالتزام المعلق غير مؤكد الوجود أنه لا يجوز
للدائن أن يباشر بمقتضاه أي إجراء من إجراءات التنفيذ، ولا يجوز له كذلك أن يؤسس
عليه دعوى بوليصية، باعتبار هذه الدعوى من مقدمات التنفيذ فإذا تحقق الشرط تأكد
وجوب الالتزام، وصيرورته مستحق الأداء فيجوز عندئذ أن تباشر إجراءات التنفيذ. وكان
من القواعد العامة في الأوصاف المعدلة لأثر الالتزام أنه إذا علق الالتزام على شرط
واقف مقترن بتحقق أمر حدد له وقت معين انعدام الالتزام بانقضاء هذا الوقت المتفق
عليه، وكذلك يصبح معدوماً حتى لو لم ينقض الوقت المحدد إذا استدل على استحالة
وجوده فإذا لم يحدد له وقت فإن الالتزام قد ينعدم أيضاً بانقضاء مدة طويلة من
الزمن تجعل أمر وجوده مخالفاً للعقل والمنطق، ولمحكمة الموضوع السلطة في تقديره ما
دام مبرراً بأدلة سائغة ومقبولة عقلاً. لما كان ذلك وكان الثابت بعقد القسمة موضوع
التداعي أن العقار المملوك للمتقاسمين عبارة عن ثلاثة طوابق اتفق المتعاقدون على
تعليته بطابقين إضافيين وتوزيع التكاليف عليهم بالنسب الواردة بالعقد ورتبوا على
ذلك توزيع الأنصبة على اعتبار وجود الطابقين الرابع والخامس فاختص بعضهم بنصيب
فيهما بحسب قيمة مشاركته في التكاليف وقيمة نصيبه بالعقار قبل التعلية، بما مفاده
أن هذا العقد معلق على أمر مستقبلي هو إتمام البناء غير محقق الوقوع لأنه متوقف
على عدة أمور منها مدى تحمل العقار للتعلية وموافقة الجهة الإدارية بالتراخيص بهذه
التعلية – وهو أمر غير لصيق بمجرد إرادة المتعاقدين بما يضحى معه التزام
المتعاقدين غير مكتمل الوجود وغير قابل للتنفيذ إلا بإتمام البناء فعلياً. لما كان
الحكم المطعون فيه لم يفطن للتكييف الصحيح للعقد مما جره للقضاء بصحة ونفاذ هذا
العقد قبل أن يتحقق الشرط الواقف ودون أن يقول كلمته في مدى قابلية الشرط الواقف
للوجود بمرور هذه الفترة الطويلة من الزمن دون إتمام البناء فإنه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون وقاصراً في التسبيب بما يوجب نقضه.