جلسة 27 من يونيه سنة 1976
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد فهمي طاهر، ومحي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحه، ومحمد بدير الألفي - المستشارين.
-----------------
(87)
القضية رقم 1061 لسنة 14 القضائية
عاملون بوزارة التربية والتعليم - وظائف المخابر - ترقية - ترقية أدبية - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
الترقية التي يجيز القانون الطعن في القرارات الصادرة بها يندرج في مدلول تعيين الموظف في وظيفة تعلو بحكم طبيعتها الوظيفة التي يشغلها في مدارج السلم الإداري وأن لم يصاحب ذلك نفع مادي - وظائف المخابر بوزارة التربية والتعليم تتدرج صعوداً من وظيفة أمين مخبر إلى مساعد مفتش إلى مفتش حتى وظيفة مفتش أول مخابر - القرار الصادر بترقية أحد شاغلي وظيفة مساعد مفتش إلى وظيفة مفتش أول ندباً يكون مخالفاً لقواعد التدرج الوظيفي - لا يغير من هذا النظر أن يكون القرار قد صدر بالندب إلى وظيفة مفتش أول مخابر طالما أن الندب يشكل في مفهوم القرار تنفيذاً لوظيفة أعلى في مجال الاختصاص وليس هو الندب بالمعنى الاصطلاحي لهذا اللفظ - نتيجة ذلك - وجوب أن يتم من بين الحاصلين فعلاً على الوظيفة الأدنى مباشرة في مدارج السلم الوظيفي - مثال.
--------------------
إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه ولئن كانت الترقية التي أجاز القانون الطعن في القرارات الصادرة بها تنصرف أساساً إلى تعيين الموظف في درجة مالية أعلى من درجته، إلا أنه لا شك في أنه يندرج في مدلولها وينطوي في معناها تعيين الموظف في وظيفة تعلو بحكم طبيعتها الوظيفة التي يشغلها في مدارج السلم الإداري، إذ أن الترقية بمعناها الأعم هي ما يطرأ على الموظف من تغيير في مركزه القانوني يكون من شأنه تقديمه على غيره في مدارج السلم الوظيفي والإداري، ويتحقق ذلك أيضاً بتقليد الموظف وظيفة تعلو وظيفته في مجال الاختصاص وإن لم يصاحب هذا التقليد نفع مادي.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 31/ 8/ 1961 أصدرت وزارة التربية والتعليم الأمر التنفيذي رقم 296 متضمناً ترقية خمسة من مفتشي المخابر بالدرجة الثالثة إلى وظائف مفتش أول مخابر، وأربعة من مفتشي المخابر بالدرجة الرابعة إلى وظائف مفتش أول (ندباً) للمخابر وهؤلاء الأربعة هم...... و...... و...... و...... و..... وقد تبين من الأوراق ما يلي:
أولاً: جاء في كتاب الإدارة العامة للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم المرسل إلى هيئة مفوضي الدولة والمؤرخ في 16/ 3/ 1971 أن الموظفين الأربعة المطعون في ترقيتهم ينتمون إلى الكادر الفني المتوسط، وأن أولهم منح الدرجة الرابعة في 21/ 4/ 1960 وكان يشغل وظيفة مفتش معامل من 15/ 1/ 1951، وأن الثاني منح الدرجة الرابعة في 12/ 10/ 1957 وكان يشغل وظيفة مفتش معامل من 15/ 1/ 1951، وأن الثالث منح الدرجة الرابعة في 27/ 12/ 1955 وكان يشغل وظيفة مفتش معامل من 9/ 12/ 1953، وأن الرابع منح الدرجة الرابعة في 26/ 2/ 1960 وكان يشغل وظيفة مفتش معامل من 30/ 9/ 1954، أما المدعي فقد منح الدرجة الرابعة الفنية العالية في 21/ 7/ 1955 وكان يشغل وظيفة مفتش معامل بدرجة مفتش علوم إعدادي من 9/ 11/ 1959.
ثانياً: جاء في كتاب الإدارة العامة للتعليم الثانوي السالف الذكر أن حركة الترقيات موضوع القرار الطعين تضمنت ترقيات بين رجال المعامل إلى وظيفة مفتش أول معامل من بين مفتشي المعامل المتدرجين من وظيفة أمين معمل الحاصلين على مؤهلات متوسطة أو فوق المتوسطة أو من بين الحاصلين على مؤهلات عالية ويشغلون وظيفة مفتش معامل بدرجة مفتش علوم إعدادي، وجاء في كتاب كبير مفتشي المخابر بوزارة التربية والتعليم المؤرخ في 28/ 4/ 1963 أن المدعي شغل وظيفة مفتش معامل ندباً بموجب الأمر التنفيذي رقم 513/ 1959 مع ثلاثة آخرين على سبيل التجربة، وقد تبين فشل هذه التجربة واستبعد الأربعة بعد ذلك من تفتيش المخابر لعدم قيامهم بمهام وظائفهم على الوجه الأكمل.
ثالثاً: جاء بكتاب الإدارة العامة للتعليم الثانوي السالف الذكر أنه اعتباراً من تاريخ إنشاء وظيفة أمين معمل حتى عام 1961 لم يكن هناك تدرج للوظائف الفنية المعملية وإنما كانت الترقيات تتدرج من وظيفة أمين معمل إلى وظيفة مفتش عملي معامل، ثم عدل التدرج من وظيفة أمين معمل إلى وظيفة مساعد مفتش معامل ثم مفتش معامل، وبصدور القرار رقم 75 لسنة 1970 وضع سلم وظيفي لرجال المعامل على أن يكون شاغلي الوظائف الإشرافية من بين العاملين الحاصلين على مؤهلات متوسطة أو فوق المتوسطة، وجاء في كتاب كبير مفتشي المعامل بوزارة التربية والتعليم المؤرخ 28/ 4/ 1963 أن الوظائف الفنية بالوزارة قسمان: الأول ويشمل الوظائف الفنية التربوية ويشترط أصلاً لشغلها الحصول على مؤهل عال فيما عدا الوظائف الفنية التربوية بالتعليم الابتدائي التي لا يشترط لشغلها الحصول على مؤهل عال، والقسم الثاني يشمل الوظائف الفنية غير التربوية وهذه لا يشترط لشغلها الحصول على مؤهل عال، فإذا كان من يشغلها حاصل على مؤهل عال فتكون هذه ميزة لها تقديرها عند المفاضلة بين أفراد الصف الواحد من المرشحين للترقية.
رابعاً: جاء بكتاب كبير مفتشي المخابر المؤرخ في 11/ 11/ 1962 أن أساس الترقية من مفتش مخابر إلى مفتش أول مخابر عناصر ستة: الأول الدرجة المالية والثاني المؤهل والثالث تحقيق رغبة المرشح والرابع الحالة الصحية والخامس التقارير السرية السنوية والسادس الاختبارات المباشرة وغير المباشرة لتقييم الشخصية والكفاية، وأنه روعي عند الاختبار النوعي لوظيفة مفتش أول مخابر أقدمية العمل بالمخابر وأقدمية التوظف.
خامساً: تبين من الاطلاع على التقارير السرية السنوية للمرقين إلى وظيفة مفتش أول مخابر من موظفي الدرجة الرابعة أن كلاً من المطعون في ترقيتهم الثلاثة الأول، حصل على تقدير ممتاز في كل من سنتي 59، 1960، أما الرابع فقد حصل على تقدير جيد في كل من هاتين السنتين، وأما المدعي فقد جاء في كتاب كبير مفتشي المخابر المؤرخ في 28/ 11/ 1962 أنه حصل على 76 درجة في التقرير السري عن سنة 59/ 1960، وعلى 80 درجة في التقرير السري عن سنة 60/ 1961، وعلى 51 درجة في التقرير السري عن سنة 61/ 1962. ومرفق بالكتاب المذكور تقرير عن نتيجة الاختبار الميداني والشخصي الذي أجري للمرشحين لوظيفة مفتش أول مخابز وقد جاء فيه أن كلاً من........ و....... حصل على نتيجة نهائية مقدارها 59 درجة وحصل كل من....... و....... على نتيجة نهائية مقدارها 64 درجة، وهذا التقرير مؤرخ في 17/ 7/ 1961 ومذيل بتوقيع كبير مفتشي المخابر، أما عن المدعي فقد جاء في كتاب الإدارة العامة للتعليم الثانوي المؤرخ في 14/ 3/ 1971 السابق الإشارة إليه أنه لم يمكن العثور على نتيجة اختباره لمضي أكثر من عشر سنوات على هذا الاختبار.
سادساً: جاء في كتاب كبير مفتشي المخابر المؤرخ 19/ 3/ 1962 أن التفتيش على عمل الطاعن كشف عن عدة مخالفات ارتكبها سنة 1960، وأنه لم يتعاون مع منطقة كفر الشيخ حتى طلب مدير عام المنطقة نقله تخلصاً منه وذلك بكتاب المنطقة السري المرسل إلى التفتيش في 22/ 11/ 1961. وجاء في كتاب مدير عام مديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ المرسل إلى كبير مفتشي المخابر في 29/ 4/ 1963 أن أوراق التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في القضية 203 لسنة 1961 والمتعلق بالمخالفات المالية التي ارتكبها الطاعن، هذه الأوراق أرسلت إلى إدارة الدعوى التأديبية في 25/ 3/ 1963، لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو محاكمة المخالفين في هذه القضية تأديبياً وذلك بناء على قرار المديرية بتاريخ 20/ 3/ 1963.
سابعاً: جاء في كتاب الإدارة العامة للتعليم الثانوي المؤرخ في 16/ 3/ 1971 أنه في عام 1967 رأت الوزارة الانتفاع بالحاصلين على مؤهلات عالية من بين رجال المعامل لسد العجز القائم بتفتيش العلوم، فصدر بذلك أمر تنفيذي في 10/ 8/ 1967 بترقيتهم إلى وظيفة مفتش علوم ثانوي، وشمل هذا القرار اثنين أحدهما المدعي الذي رقي من وظيفة مفتش معامل بدرجة مفتش علوم إعدادي إلى وظيفة مفتش علوم ثانوي، ثم رقي بعد ذلك إلى وظيفة مفتش أول علوم ثانوي، ويشغل الآن الدرجة الثانية مثل زملائه في الأقدمية الحاصلين على نفس المؤهل، وبذلك فإنه لم يضار بنقله إلى تفتيش العلوم، بل إنه لو بقى ضمن العاملين بالمعامل لما اكتسب المركز الأدبي الذي يشغله بتفتيش العلوم.
وحيث إنه يخلص من جماع ما تقدم أن للمدعي مصلحة ظاهرة في الطعن في القرار رقم 296 بتاريخ 31/ 8/ 1961 الذي تخطاه في الترقية إلى وظيفة مفتش أول مخابر ندباً، وذلك أن الترقية إلى هذه الوظيفة قد تمت من بين مفتشي المخابر الذين يشغلون الدرجة الرابعة سواء كانوا ينتمون إلى الكادر الفني المتوسط أو إلى الكادر الفني العالي، وذلك اعتباراً بأن وظيفة مفتش أول مخابر هي وظيفة فنية غير تربوية لا يشترط في شاغلها أن يكون حائزاً على مؤهل عال وإن كان يجوز شغلها من بين حملة المؤهلات العالية، وإذا كان المدعي ينتمي أصلاً إلى تفتيش العلوم ويشغل وظيفة تربوية إلا أن نقله إلى تفتيش المخابر ليس من شأنه أن يخل بحقوقه في التدرج في وظائف المخابر طالما توافرت فيه شروط الترقية في مدارج هذا النوع من الوظائف، هذا وقد أوضح المدعي - على ما سلف بيانه - وجه مصلحته في الترقية إلى وظيفة مفتش مخابر على اعتبار أنها وظيفة أعلى في مدارج السلم الوظيفي للمخابر.
وحيث إنه من ناحية أخرى فقد تبين من الاطلاع على الأوراق أنه جاء بالكتاب المرسل من مدير إدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم إلى إدارة قضايا بتاريخ 4/ 12/ 1972 عن الحالة الوظيفية للسيد/ ....... أنه رقي مفتشاً مساعداً للمعامل في 9/ 11/ 1953، ولم يعثر في ملف خدمته على أوامر إدارية بترقيته إلى مفتش معامل وإنما قام بعمل هذه الوظيفة من سنة 1954 إلى سنة 1961 عندما رقي إلى وظيفة مفتش أول معامل بالقرار المطعون فيه، هذا والواضح من استقراء القرار المطعون فيه وما اشتمل عليه من ترقيات أن وظائف المخابر تتدرج صعوداً من وظيفة أمين مخبر إلى وظيفة مساعد مفتش للمخابر (ندباً)، ومن وظيفة مساعد مفتش للمخابر إلى وظيفة مفتش مخابر ومن وظيفة مخابر إلى وظيفة مفتش أول للمخابر (ندباً)، وهو الأمر الذي يقطع بأن ترقية السيد/ ...... من مساعد مفتش مخابر إلى مفتش أول مخابر قد جاءت مخالفة لقواعد التدرج الوظيفي في وظائف المخابر الذي تخطى بهذه الترقية وظيفة مفتش مخابر، أما قيامه بعمل هذه الوظيفة دون ترقية إليها فليس يجيز هذا التخطي طالما أن الندب إلى وظيفة مفتش أول مخابر يشكل في مفهوم القرار الطعين تقليداً لمفتش المخابر لوظيفة أعلى في مجال الاختصاص، وليس هو الندب بالمعنى الاصطلاحي لهذا اللفظ، فوجب إذن أن يتم من بين الحاصلين فعلاً على الوظيفة الأدنى مباشرة في مدارج السلم الوظيفي وهي وظيفة مفتش مخابر.
وحيث إنه متى كان ذلك فإن القرار المطعون فيه - إذ تضمن ترقية السيد/ ...... إلى مفتش أول مخابر دون أن يصدر قرار قبل ذلك بترقيته إلى وظيفة مفتش مخابر متخطياً بذلك المدعي الذي كان قد عين مفتشاً للمخابر يكون قد جاء مشوباً بعيب مخالفة القانون، ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من هذا التخطي، أما ما تعللت به جهة الإدارة من أسباب بررت بها عدم صلاحية المدعي للترقية إلى وظيفة مفتش أول فهي لا تقوم حائلاً بينه وبين الترقية، ذلك أن قواعد الترقية إلى وظيفة مفتش أول مخابر لم تشترط قضاء مدة معينة في وظيفة مفتش مخابر، وإنما كانت تقوم على أقدمية الدرجة المالية والمؤهل الدراسي والتقارير السرية ونتائج الاختبارات، هذا والمدعي حاصل على مؤهل عال وكان وقت صدور القرار الطعين في الدرجة الرابعة الفنية العالية منذ 21/ 7/ 1955، بينما كان المرقون بالقرار المذكور في الدرجة الرابعة الفنية بالكادر المتوسط وقد حصل أقدمهم على هذه الدرجة في 27/ 12/ 1955 أي بعد أن حصل عليها المدعي، أما عن نتائج الاختبار الميداني والشخصي الذي تم عند إجراء الترقيات فقد ذكرت جهة الإدارة أنه لم يمكن العثور على نتيجة اختبار المدعي لمضي مدة طويلة على هذا الاختبار، هذا ولا يسوغ أن يضار المدعي بفقد نتيجة اختباره طالما أنه لا يد له في ذلك، أما عن المخالفات التي نسبت إلى المدعي وقت أن كان قائماً بعمل مفتش مخابر بمنطقة كفر الشيخ التعليمية وهي المخالفات موضوع الدعوى التأديبية رقم 203 لسنة 1961، فإن جهة الإدارة لم تقدم دليلاً على ثبوت الاتهام قبل المدعي في القضية المذكورة رغم طلب هذه القضية مراراً وتكراراً، ومن ثم فليس هناك دليل على صحة هذا الاتهام من شأنه أن يحول دون ترقية المدعي خاصة وأن تقريري المدعي عن السنتين السابقتين على الترقيات موضوع القرار الطعين قد أوضحا أن مرتبة كفايته في هاتين السنتين لا تقل عن مرتبة....... الذي أقرت جهة الإدارة ترقيته.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب وأخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض طلبات المدعي، ومن ثم يتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبإلغاء القرار الصادر في 31/ 8/ 1961 برقم 296 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مفتش أول مخابر وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق