الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

الطعن 1178 لسنة 18 ق جلسة 27 / 6 / 1976 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 88 ص 247

جلسة 27 من يونيه سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد فهمي طاهر، ومحي الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحه ومحمد بدير الألفي - المستشارين.

---------------

(88)

القضية رقم 1178 لسنة 18 القضائية

قطاع عام - مؤسسات عامة - تقييم الوظائف - تسوية حالة - اختصاص محكمة القضاء الإداري.
قرار رئيس الجمهورية رقم 800 لسنة 1963 بشأن سريان لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين بالمؤسسات العامة - يتعين على المؤسسة العامة تنفيذ ما ورد بالمادتين 63 و64 من اللائحة المشار إليها في شأن توصيف وتعادل الوظائف وإتباع القواعد التي وضعتها اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة عند تسوية حالات العاملين بها - العامل الذي تتوافر فيه الشروط المتطلبة للوظيفة وكان يشغلها فعلاً يستمد حقه في أن يتم تسكينه عليها ومنحه الفئة المالية المقررة لها من أحكام اللائحة والقواعد الصادرة تنفيذاً لها مباشرة - القرار الذي تصدره المؤسسة العامة بنقل العاملين بها إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم التي كانوا عليها في 1/ 7/ 1964 دون اعتداد بالوظيفة التي يشغلها العامل يكون باطلاً ويتعين الحكم بإلغائه - على الجهة الإدارية بعد ذلك أن تقوم بتسوية حالة العاملين طبقاً للقواعد السليمة - لا يجوز للقضاء الإداري في هذه الحالة أن يتصدى بتسوية حالة المدعي وإلا جاوز حدود اختصاصه بأن يحل نفسه محل جهة الإدارة في القيام بعمل عليها أن تجريه ويخضع لرقابة القضاء الإداري - مثال - طلب المدعي بأحقيته في تسوية حالته بتسكينه في إحدى الفئات المالية استناداً إلى استمداده هذا الحق من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 المشار إليه والقواعد الصادرة تنفيذاً له - ثبوت مخالفة المؤسسة العامة لهذه القواعد بقرارها القائم على أساس الاعتداد بالدرجات التي كان عليها العاملون بها في 1/ 7/ 1964 - يتعين الحكم بإلغاء هذا القرار دون تصدي المحكمة لإجراء التسوية.

-------------------
صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة وتقرر سريان هذه اللائحة على العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القرار أنه "نظراً لأن طبيعة العمل بالشركات والمؤسسات العامة التي تشرف عليها متشابهة، كما أن العاملين في كليهما يباشرون نفس التخصص الفني والاقتصادي المتعلق بشئون الإنتاج والتسويق والتمويل وغيرها، ورغبة في إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، لذلك رؤى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها".
ومن حيث إن لائحة العاملين المشار إليها تنص في المادة 63 منها على أن "يضع مجلس إدارة كل شركة جدولاً بالوظائف والمرتبات الخاصة بالشركة في حدود الجدول المرافق ويتضمن الجدول وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها وتقييمها وتصنيفها في فئات، ويعتمد هذا الجدول بقرار من مجلس إدارة المؤسسات المختصة..." وتنص المادة 64 على أن "تعادل وظائف الشركة بالوظائف الواردة في الجدول المشار إليه بالمادة السابقة خلال مدة لا تجاوز ستة شهور من تاريخ العمل بهذا القرار ولا يترتب على حصول العامل على الأجر الذي يمنح له بالتطبيق لأحكام هذه اللائحة الإخلال بالترتيب الرئاسي للوظائف طبقاً للتنظيم الإداري في كل شركة، ويصدر بهذا التعادل قرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة بناء على اقتراح مجلس إدارة الشركة، ولا يسري هذا القرار إلا بعد التصديق عليه من المجلس التنفيذي، ويمنح العاملون المرتبات التي يحددها القرار الصادر بتسوية حالاتهم طبقاً للتعادل المنصوص عليه اعتباراً من أول السنة المالية التالية، ومع ذلك يستمر العاملون في تقاضي مرتباتهم الحالية بما فيها إعانة الغلاء وذلك بصفة شخصية حتى تتم تسوية حالاتهم طبقاً للأحكام السابقة، على أنه بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون مرتبات تزيد على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل المشار إليه فيمنحون مرتباتهم التي يتقاضونها فعلاً بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه العامل في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية".
ومن حيث إنه تنفيذاً لأحكام المادتين 63 و64 سالفتي الذكر يتعين على كل مؤسسة إتباع الخطوات الآتية:
أولاً: توصيف وظائفها وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها، ثم تقييم هذه الوظائف وتصنيفها في فئات في حدود جدول المرتبات المرافق للائحة العاملين المقدم ذكرها.
ثانياً: معادلة وظائفها بالوظائف الواردة في جداول التقييم المشار إليها، ثم عرض هذه الجداول على مجلس الوزراء للتصديق عليها، وتعتبر نافذة المفعول من تاريخ هذا التصديق.
ثالثاً: تسوية حالات العاملين بها طبقاً للجداول المعتمدة بتعادل الوظائف وذلك اعتباراً من السنة المالية التالية، وتتم التسوية بمطابقة الاشتراطات الواجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، فإذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح مستحقاً للمرتب المحدد للفئة المالية المقررة للوظيفة.
وقد وضعت اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة بجلستها المنعقدة في 26 من ديسمبر سنة 1964 القواعد التي تتبع عند تسوية حالات العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها لتحقيق المبادئ التي استهدفها المشرع من وضع لائحة العاملين، وباستقراء هذه القواعد يتبين أنها تقوم على الأسس الآتية:
( أ ) الربط بين العامل والوظيفة التي يشغلها قبل التقييم والوظيفة المعادلة لها بعد التقييم والفئة المالية التي قدرت لها، وذلك حتى يمكن وضع الشخص المناسب في العمل المناسب والأجر المناسب.
(ب) ضمان وحدة المعاملة والمساواة بين العاملين في الشركات والمؤسسات.
(جـ) الأخذ في الاعتبار بالمراكز الفعلية لشاغلي الوظائف الحالية وعدم المساس بالحقوق المكتسبة، ذلك أن العبرة بشغل الوظيفة بصفة فعلية وممارسة أعمالها التي بها يكتسب الخبرة التي ينعكس أثرها على الوظيفة التي تقرر صلاحيته لها.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أنه إذا توافرت في العامل الشروط المتطلبة للوظيفة التي ثبت أنه كان يشغلها فعلاً، تلك الشروط التي يراعى فيها مستوى المؤهل الدراسي ومدة الخبرة العملية التي تقدر بعدد من السنوات قضيت في مزاولة عمل يتفق مع طبيعة أعمال هذه الوظيفة، فإنه من ثم يستحق تسكينه عليها وبالتالي منحه الفئة المالية المقررة لها، وهو في ذلك يستمد حقه مباشرة من لائحة العاملين وكذا القواعد الصادرة تنفيذاً لها.
ومن حيث إن المؤسسة الطاعنة بعد أن قامت بإعداد جداول تقييم وتعادل وظائفها وصدق عليها مجلس الوزراء في 28 من ديسمبر 1964، فإنها عند التطبيق حادت عن الطريق القويم وطرحت جانباً القواعد القانونية السليمة التي كان يجب عليها إتباعها عند تسوية حالات العاملين بها، ولجأت إلى طريقة النقل الحكمي التي تقرر إتباعها بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة الخاضعين لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 وذلك بنقل العاملين بها إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك إلى ما استندت إليه المؤسسة في إجراء التسوية على أساس النقل الحكمي من أنها كانت تقوم بتنفيذ تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ذلك أن هذا الجهاز وإن كان مختصاً - طبقاً لقانون إنشائه - بعمليات ترتيب الوظائف بالأجهزة المختلفة والتنسيق بينها وإجراء التعادل لضمان وحدة المعاملة، إلا أنه وهو بصدد مراجعة إجراءات التعادل لا يستطيع أن يأتي بقاعدة جديدة تخالف الأحكام الواردة في القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 من شأنها التفرقة بين العاملين بالمؤسسات العامة من جهة، فيتم تعادل وظائف هؤلاء بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 بشأن قواعد وشروط وأوضاع نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الحالية الصادر تنفيذاً للقانون رقم 46 لسنة 1964 والذي يعتد بالدرجة المالية التي يشغلها العامل، وبين العاملين بشركات القطاع العام من جهة أخرى فيطبق في شأنهم أحكام المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 الذي يعتد بالوظيفة التي يشغلها العامل، لا يجوز ذلك ما دام أن القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 - وهو أداة تشريعية تعلو في التدرج تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة - قد قضى بسريان أحكام لائحة العاملين بالشركات على العاملين بالمؤسسات العامة دون تفرقة في هذا الصدد، وذلك ضماناً لوحدة المعاملة والمساواة بين الفريقين.
ومن حيث إن المؤسسة الطاعنة إذ أصدرت الأمر الإداري رقم 701 في 12/ 10/ 1964 متضمناً نقل العاملين بها إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم التي كانوا عليها في أول يوليه 1964 - أي على أساس النقل الحكمي - دون ما اعتداد بالوظيفة التي يشغلها العامل، فإنها تكون قد خالفت بذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 ويكون قرارها المذكور باطلاً لفساد الأساس الذي قام عليه، ويتعين من ثم الحكم بإلغائه على أن تقوم الجهة الإدارية بتسوية حالة العاملين طبقاً للقواعد القانونية السليمة التي سبقت الإشارة إليها بمراعاة الوظيفة التي يثبت لديها أن العامل كان يشغلها، وذلك مع واقع ما يحتويه ملف خدمته من أوراق وقرارات إدارية تكون قد صدرت في شأنه، وفي ضوء ما قد يقدم من مستندات تعين في هذا الصدد مع توافر الشروط المتطلبة من مؤهل دراسي ومدة خبرة، على أن يؤخذ في الاعتبار المراكز الفعلية لشاغلي الوظائف وعدم المساس بالحقوق المكتسبة وذلك كله حسبما رأته في بادئ الأمر اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة كما سلف بيانه.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من تسوية حالة المدعي على النحو الوارد به فإنه من المسلم أن القضاء الإداري لا يسلط رقابته على أعمال الإدارة إلا حيث يكون ثمة تصرف قد صدر منها أولاً، وذلك حتى يتسنى له بعد ذلك بحث مدى مشروعية هذا التصرف، إذ كي تعمل المحكمة رقابتها هذه يتعين بادئ ذي بدء أن تفصح جهة الإدارة عن إرادتها بإجراء تسوية حالة المدعي وتسكينه على الوظيفة التي يثبت لديها أنه كان يشغلها وأن تتحقق من أن الشروط المتطلبة قد توافرت في حالته، فلا يجوز إذن للقضاء الإداري من تلقاء نفسه أن يتصدى بداءة لذلك، وأن فعل ذلك يكون قد جاوز حدود اختصاصه وأحل نفسه محل جهة الإدارة في القيام بعمل عليها أن تجريه هي أولاً وتحت مسئوليتها بمراعاة تطبيق القواعد القانونية السليمة، ويكون تصرفها بعد ذلك خاضعاً لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مشروعيته ومطابقته لأحكام القانون، وإذ خالفت محكمة القضاء الإداري ذلك في حكمها المطعون فيه بأن أجرت تسوية حالة المدعي فإنها تكون قد جانبت الصواب، ويكون الحكم في هذا الشق قد خالف القانون ومن ثم يتعين تعديله والقضاء بإلغاء القرار رقم 701 لسنة 1964 فيما تضمنه من نقل العاملين بالمؤسسة نقلاً حكمياً إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم في أول يوليه 1964 على أن تسوى حالاتهم طبقاً لجداول تقييم وتعادل الوظائف بها وفق أحكام المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 221 لسنة 25 القضائية ضد اتحاد الإذاعة والتليفزيون والهندسة الإذاعية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في أول نوفمبر سنة 1970، طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة أصلية بتسوية حالته بتسكينه في الفئة الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1964 تاريخ التسكين، وبصفة احتياطية بتسوية حالته بتسكينه في وظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحث والتقييم بالإدارة العامة لشئون الشركات وفئتها المالية (بجداول التعادل) الفئة الثانية اعتباراً من 1/ 7/ 1964 تاريخ التسكين، وهي الوظيفة التي كان يمارس عملها فعلاً قبل تاريخ التسكين وفي أثنائه ومن بعده - مع ما يترتب على ذلك من آثار في كلا الحالين، وبخاصة العلاوات والفروق المالية، على أن يكون صرف هذه الفروق اعتباراً من 1/ 7/ 1965 أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على جداول تعادل وظائف المؤسسة في 28/ 12/ 1964 وإلزام المدعى عليه بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، "وقال شرحاً لدعواه أنه تخرج في كلية الحقوق في عام 1945 وعمل بالمحاماة ثم انتظم في السلك الحكومي وتقلد وظائف قانونية وفنية في الضرائب والنيابة وأخيراً في مؤسسة الهندسية الإذاعية، وظل يتدرج في وظائفها حتى وصل إلى الفئة الثالثة، وبذلك فإنه قد توافر له شرطان يؤهلانه للتسوية على الفئة الأولى وهما الحصول على المؤهل العالي ومدة الخبرة لأكثر من 15 عاماً، وعلى ذلك فإن تمسك الجهة الإدارية بضرورة شغل وظيفة معينة لأكثر من 15 عاماً كي تتم هذه التسوية لا أساس له من القانون ويخالف أحكام لائحة العاملين بالشركات العامة الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 والتي سرت على العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963، وانتهى من ذلك إلى أحقيته في الفئة الأولى من 1/ 7/ 1964 كطلب أصلي.
وقال المدعي بالنسبة إلى طلبه الاحتياطي أن المؤسسة أصدرت في 20/ 5/ 1964 قراراً إدارياً برقم 1 بشأن تنظيم أجهزتها، وقد تضمن تنظيماً عاماً للإدارة العامة لشئون الشركات وقسم هذه الإدارة إلى مراقبات عامة من بينها مراقبة عامة للبحوث والتقييم، وقد تم توصيف وظيفة مراقب عام هذه المراقبة العامة في جداول التقييم والتعادل برقم هـ 2 وحدد لها الفئة الثانية، واشترط لشغلها مؤهل عال وخبرة عملية قدرها 14 عاماً، وقد اعتمد مجلس الوزراء هذه الجداول في 28/ 12/ 1964، وقد قام المدعي بأعمال هذه المراقبة منذ تاريخ إنشائها في 20/ 5/ 1964 واستمر شاغلاً لها قبل التقييم وبعده، وفي مختلف التقارير والبيانات الصادرة من السيد مدير عام إدارة الشركات كانت الوظيفة التي يمارس أعمالها هي وظيفة مراقب عام مراقبة البحوث والتقييم، وقد توفرت فيه شروط شغلها لأنه حاصل على ليسانس الحقوق في عام 1945 وخبرته تزيد على 15 عاماً ومن ثم فهو يستحق تسوية حالته على الفئة الثانية المقررة لهذه الوظيفة، خصوصاً وأن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قد أصدر - أعمالاً للقرار الجوهري رقم 3546 لسنة 1962 - قواعد هامة في شأن التسويات التي تضمنت المبادئ التي تقوم عليها هذه القواعد ومن بينها وأهمها الأخذ في الاعتبار بالمراكز الفعلية لشاغلي الوظائف وعدم المساس بالحقوق المكتسبة، إلا أن المؤسسة - عند إجراء التسكين - قد حادت عن تطبيق الجداول المعتمدة، إذ فرقت بين العاملين في الشركات وزملائهم العاملين في المؤسسات بأن عادلت الوظائف الواردة بهيكلها التنظيمي بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 الصادر تنفيذاً لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة، وهذا القرار يعتد بالدرجة التي يشغلها العامل - النقل الحكمي - لا بالوظيفة التي يشغلها العامل فعلاً وقت التسكين، وأصدرت القرار الإداري رقم 177 في 30/ 6/ 1965 الذي تضمن تسكين المدعي في وظيفة مراقب مراقبة بحوث وتقويم الشئون الفنية والإنتاج بالإدارة العامة لشئون الشركات برغم أنها الوظيفة التي كان يشغلها في 30/ 6/ 1964، وقامت المؤسسة بتسكين أحد زملاء المدعي - وهو السيد/ ...... في وظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحوث والتقويم بحجة أنها الوظيفة التي كان يشغلها في 30/ 6/ 1974 في الوقت الذي كان المدعي يمارس عملها فعلاً، مع أن هذا الزميل لم يشغل هذه الوظيفة يوماً ما سواء قبل تاريخ التسكين أو أثناءه أو بعده، بل إنه لم يعمل قط في إدارة الشركات ولكنه كان منتدباً خارج المؤسسة بالشركة العامة لتوزيع وعرض الأفلام السينمائية وظل منتدباً بها إلى أن نقل إليها نهائياً، وقد بررت المؤسسة تصرفها بتطبيق قواعد النقل الحكمي بأن ثمة تعليمات قد صدرت بذلك من اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة والجهاز المركزي لتنظيم والإدارة، مع أنه ليس في مقدور أي من هاتين الجهتين تعديل نصوص لائحة العاملين بالشركات، ولا القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 والذي يعتبر بالنسبة لهذه التعليمات أداة تشريعية أعلى منها.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة استعرضت فيها حالة المدعي الوظيفية، وأضافت أنه نقل إلى المؤسسة العامة للإذاعة والتليفزيون في وظيفة من الدرجة الرابعة الإدارية اعتباراً من 23/ 10/ 1962، ثم رقي إلى الدرجة الثالثة بالكادر الإداري من درجات القانون رقم 210 لسنة 1951 اعتباراً من 31/ 3/ 1963، ويشغل وظيفة مراقب مكتب أمانة لجنة الإتحاد الاشتراكي العربي لوحدة المؤسسة، ونقل إلى وظيفة مراقب بالإدارة العامة بالشركات وصدر بذلك القرار رقم 132 بتاريخ 18/ 7/ 1964، ثم نقل إلى الفئة الرابعة المعادلة للدرجة الثالثة التي كان يشغلها من درجات القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي ظل سارياً على العاملين بالمؤسسة وبالمرتب الذي كان يتقاضاه في 30/ 6/ 1964، ثم رقي إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 12/ 10/ 1964 وأسندت إليه وظيفة مراقب بحوث وتقويم الشئون الفنية والإنتاج بالإدارة العامة للشركات، وإذ صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 800 لسنة 1963 بتطبيق لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين بالمؤسسات العامة وتنفيذاً للقواعد التي أصدرتها اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة والمبلغة من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بكتابة المؤرخ 30/ 1/ 1965 في شأن تسوية حالات العاملين بالمؤسسات العامة والشركات التابعة لها، أصدرت المؤسسة القرار الإداري رقم 177 بتاريخ 30/ 6/ 1965 بتسوية حالات العاملين بها والواردة درجاتهم بالباب الأول بميزانية المؤسسة التي يشغلونها والوردة بجداول التقييم والتعادل الخاصة بالمؤسسة والمعتمدة من مجلس الوزراء بجلسة 28/ 12/ 1964، وقد تضمن القرار المذكور تسوية حالة المدعي على وظيفة مدير إدارة الواردة بجداول تقييم وتعادل وظائف المؤسسة تحت رقم هـ 11 المقرر لها الدرجة الرابعة الجديدة وتسكينه على وظيفة مراقب مراقبة بحوث وتقويم الشئون الفنية والإنتاج بالإدارة العامة للشركات والتي كان يشغلها في 12/ 10/ 1964 تاريخ ترقيته إليها بالقرار رقم 701 لسنة 1964 وذلك تنفيذاً لأحكام المواد 63 و64 من نظام لائحة العاملين بالشركات المشار إليها، ثم قالت المؤسسة أنه لم يصدر قرار منها بإسناد أعمال وظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحوث والتقويم بالإدارة العامة لشئون الشركات الواردة بجداول التقييم والتعادل تحت رقم هـ 2 المقرر لها الفئة الثانية التي سكن عليها بالفعل السيد/ ...... الذي كان من العاملين بالمراقبة المذكورة والمنتدب بالشركة العامة لتوزيع الأفلام السينمائية إحدى الشركات التابعة للمؤسسة، إذ من المقرر قانوناً أن العامل المنتدب يظل محتفظاً بوظيفته وبوضعه القانوني في جهته الأصلية المنتدب منها، كما أن الأساس في التسكين هو وضع العامل في الوظيفة المعين عليها بقرارات إدارية ثابتة بملف خدمته وليس بالوظيفة التي يشغلها العامل فعلاً، فضلاً عن أن توافر الحد الأدنى لمدة الخبرة العملية لا يعطي العامل الحق في الوظيفة، وإنما يخضع ذلك لتقرير الإدارة.
وعقب المدعي على رد المؤسسة بقوله أن السيد/ ........ لم تكن له أية صلة بالوظيفة التي سكن عليها، وإنما أسندت إليه ظاهرياً على أساس النقل الحكمي، بدليل أنه عندما صدر قرار وزير الإرشاد القومي رقم 124 لسنة 1966 بشأن توزيع العاملين بالمؤسسة المصرية العامة للسينما والهندسة الإذاعية الملغاة، بين كل من المؤسسة المصرية للهندسة الإذاعية والمؤسسة المصرية العامة للسينما لم يكن السيد المذكور من بين المنقولين من الإدارة العامة للشركات بالمؤسسة، بل نقل من المراقبة العامة للشئون المالية، مما يقطع انتفاء شغله وظيفة مراقب عام للمراقبة العامة للبحوث والتقويم بالإدارة العامة للشركات، في حين أن المدعي هو الذي كان يشغلها، بدليل ما جاء بالمستندات التي قدمها وفي مقدمتها المستند رقم 1 بتاريخ 10/ 10/ 1964 (حافظة ثانية)، وهو نموذج وصف وظائف المؤسسة وشركاتها، وهو إقرار من المؤسسة يكشف بوضوح بأن المدعي سكن في الوظيفة التي يطلب تسكينه عليها والتي قام فعلاً بمهامها وأعبائها قبل كتابة هذا النموذج واعتماده، وأضاف المدعي أن المؤسسة لم تعن بإصدار قرارات عند إلحاق العاملين بها في الأماكن التي يشغلونها وذلك على أساس أن العبرة بشغل الوظيفة وليس بقرار قد لا يتم تنفيذه، بدليل أنه لم يصدر قراراً بإسناد وظيفة مدير إدارة بالإدارة العامة للشركات وفئتها المالية الرابعة والمقول أن المدعي كان يشغلها في 30/ 6/ 1964، وكذلك لم يصدر قراراً بإسناد وظيفة مراقب بحوث وتقويم الشئون الفنية والإنتاج بالإدارة العامة للشركات وفئتها المالية الثالثة المنسوب إلى المدعي أنه شغلها في 12/ 10/ 1964.
وقدمت جهة الإدارة مذكرة أخرى قالت فيها أن دور الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فيما يتعلق بالعاملين هو دور أصيل طبقاً لأحكام القانون رقم 118 لسنة 1964 الصادر بإنشائه، وقد أصدر تعليمات تقوم على التفرقة بين العاملين بالمؤسسات العامة من ناحية والعاملين بالشركات من ناحية أخرى، وأن الأساس في جداول تعادل وظائف الشركات وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 هو تحديد الوظائف الدائمة وقتذاك بالشركات وربطها بميزانية وظائف تكون معروفة للجميع وتلتزم بها الشركات، إذ لم تكن للشركات عموماً ميزانية وظائف، أما بالنسبة للمؤسسات العامة فإنه نظراً لأن ميزانياتها ترتبط بميزانية الدولة وكان العاملون بها تحكمهم وقت صدور القرار الجمهوري المشار إليه قواعد ونظم تكاد تكون موحدة على مستوى الدولة، لذلك قرر الجهاز تسوية حالاتهم بنقلهم نقلاً حكمياً إلى الفئات المعادلة لدرجاتهم في 30/ 6/ 1964، وإذا كان القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 قد قضى بسريان لائحة العاملين بالشركات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين بالمؤسسات العامة، فإنه لم يستصحب ذلك تقرير اعتمادات مالية يمكن أن تواجه التسويات التي تترتب على تطبيق حكم المادتين 63 و64 المشار إليهما على العاملين بالمؤسسات العامة، وتقضي القاعدة الأصولية أنه يلزم لنفاذ القرارات أن يكون تنفيذها ممكناً بوجود الاعتمادات اللازمة لذلك، فإن لم توجد هذه الاعتمادات وجب حمل القرار على الوجه الذي يمكن تنفيذه في نطاقه، ومن ذلك يتضح سلامة الأساس الذي بنيت عليه قاعدة النقل الحكمي بالنسبة للعاملين في المؤسسات وشأنهم في ذلك شأن العاملين المدنيين بالدولة الذين صدر في أمرهم القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 بنقلهم نقلاً حكمياً إلى الدرجات التي كانوا يشغلونها في ظل القانون القديم، ذلك أن المؤسسات العامة حتى 9/ 5/ 1963 - تاريخ العمل بالقرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 سالف الذكر - كانت تطبق على العاملين بها أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي يقوم أساساً على تحديد درجات مالية تظهر في الميزانية العامة للدولة التي يصدر بها قانون ربط الميزانية سنوياً، مما يحتم ارتباط المؤسسات بالدرجات الواردة في ميزانيتها، وأنه لا يجوز إجراء تسويات على وظائف غير ممولة، وقد قامت الدولة بتعديل الدرجة المالية التي كانت واردة في ميزانية المؤسسات في السنة المالية 64/ 1965 حسب النظام الذي يقضي به القانون رقم 210 لسنة 1951 إلى الفئات المالية المقابلة لها في لائحة العاملين بالشركات وذلك في ميزانية السنة المالية 65/ 1966 وهي أول سنة مالية لاعتماد مجلس الوزراء لتعادل الوظائف، ولم يكن أمام المؤسسة إلا أن تجري نقل كل عامل من درجته المالية إلى الدرجة المقابلة لها في الميزانية الجديدة وهو ما اصطلح على تسميته بالنقل الحكمي ولم يترتب على ذلك المساس بالمراكز القانونية الفعلية للعاملين وحقوقهم المكتسبة وبصفة خاصة من ناحية المرتبات، ولم يكن في وسعها أن تتحمل أكثر من ذلك لأنها مقيدة بالفئات المالية الواردة في ميزانيتها.
وبجلسة 12/ 6/ 1972 قضت المحكمة بأحقية المدعي في تسوية حالته على الفئة الثانية المقررة لوظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحوث والتقييم بالإدارة العامة لشئون الشركات اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أن مقطع النزاع في الدعوى ينحصر في أمور ثلاثة (أولها) الوظيفة التي كان يشغلها المدعي في 30/ 6/ 1964 (وثانيها) القواعد الواجبة التطبيق هل هي قواعد النقل الحكمي أم أحكام لائحة العاملين بالشركات الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 (وثالثها) هل كانت هناك وظيفة ممولة حتى يمكن تسوية حالة المدعى عليها في حالة صحة دعواه. وقالت المحكمة عن الأمر الأول أن الإدارة سوت حالة المدعي أولاً على وظيفة مدير إدارة (الواردة بجداول تقييم وتعادل وظائف المؤسسة تحت رقم هـ 11) وذلك باعتبارها الوظيفة التي تتفق فئتها في هذا الجدول مع الفئة المالية التي نقل إليها المدعي نقلاً حكمياً طبقاً لتعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وهي الفئة الرابعة، ثم وضعته بعد ذلك على وظيفة مراقب مراقبة بحوث وتقويم الشئون الفنية والإنتاج بالإدارة العامة للشركات من 12/ 10/ 1964 تاريخ ترقيته إلى الفئة الثالثة بالقرار الإداري رقم 701 لسنة 1964، وقالت إنه كان يشغل وظيفة مراقب مكتب أمانة لجنة الاتحاد الاشتراكي العربي لوحدة المؤسسة وقدمت إثباتاً لذلك القرار رقم 132 الصادر في 18/ 7/ 1964 بنقله من مراقبة مكتب أمانة لجنة الاتحاد الاشتراكي للعمل مراقباً بالإدارة العامة للشركات، وقد بان للمحكمة من ذلك أن ثمة تضارباً في القرارات الصادرة في شأن المدعي إذ بينما تذكر المؤسسة في معرض دفاعها أنه سكن على وظيفة مراقب بالإدارة العامة للشركات اعتباراً من 12/ 10/ 1964 بالقرار رقم 701 سالف الذكر فإنها تقول إنه نقل إلى هذه الوظيفة بالقرار رقم 132 الصادر في 18/ 7/ 1964 أي في تاريخ سابق، كما يثبت من الأوراق أن ثمة قراراً إدارياً قد صدر قبل التسكين بإسناد وظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحوث والتقويم بالإدارة العامة لشئون الشركات إلى السيد/ ..... إذا ما ذهبنا مع دفاع المؤسسة بأن الأساس في التسكين هو وضع العامل في الوظيفة المعين عليها بقرارات إدارية ثابتة بملف خدمته، بل إن الثابت من الاطلاع على المستند رقم 1 من حافظة المدعي الثانية وهو عبارة عن نموذج وصف الوظائف أن وظيفته كانت مراقب عام البحوث والتقويم بالإدارة العامة لشئون الشركات وهي الوظيفة التي يطالب المدعي بتسوية حالته عليها، وأن هذا المستند موقع من الرئيس المباشر في 31/ 10/ 1964، ودلل المدعي على أنه كان يشغل هذه الوظيفة في 30/ 6/ 1964 بمجموعة من القرائن منها أن الإدارة لم تذكر شاغلاً لها إلا السيد/ ...... وقد ثبت أنه لم يمارس أعباء هذه الوظيفة في يوم من الأيام، وأن الإدارة العامة للشركات أنشئت من 20/ 5/ 1964 ومنذ إنشائها وهو يمارس عمله فيها ويمثلها، وخلصت المحكمة من ذلك أنه إذ تبين لها أنه لم يصدر قرار بإسناد وظيفة مراقب عام المشار إليها للسيد/ .......، يؤكد ذلك أن القرار الصادر من وزير الإرشاد رقم 124 لسنة 1966 قد ورد به أن السيد المذكور كان بالمراقبة العامة للشئون المالية عند نقله إلى المؤسسة المصرية العامة للسينما ولم يكن من عداد العاملين بالإدارة العامة للشركات بالمؤسسة المصرية العامة للسينما والهندسة الإذاعية (الملغاة) وذلك عند توزيع العاملين بين كل من المؤسسة المصرية العامة للسينما ومؤسسة الهندسة الإذاعية، هذا فضلاً عن أن المؤسسة المدعى عليها لم تذكر شخصاً خلافه كان شاغلاً للوظيفة المطالب بها كما أن المستندات المقدمة من المدعي ناطقة بأنه كان يشغل هذه الوظيفة فعلاً في 30/ 6/ 1964.
وقالت المحكمة عن الأمر الثاني أن التسوية التي أجرتها المؤسسة بتسكين المدعي كانت نتيجة لإعمالها قاعدة النقل الحكمي طبقاً لتعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وأنه ولئن كان هذا الجهاز مختصاً - طبقاً لقانون إنشائه رقم 118 لسنة 1964 والقرار الجمهوري رقم 1085 لسنة 1964 - بمراجعة عمليات ترتيب الوظائف بالأجهزة المختلفة والتنسيق بينها وإجراء التعادل إلا أنه لا يستطيع أن يأتي بقاعدة جديدة تخالف الأحكام الواردة في القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 من شأنها التفرقة بين العاملين بالمؤسسات العامة، فيعادل وظائف هؤلاء بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 الذي يعتد بالدرجة التي يشغلها العامل، وبين العاملين بشركات القطاع العام فيطبق في شأنهم أحكام المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 الذي يعتد بالوظيفة التي يشغلها العامل، وأضافت المحكمة أن المدعي وهو من العاملين بمؤسسة عامة فإنه يستمد حقه من الأحكام الواردة بالمادتين المذكورتين ولا تطبق في شأنه قاعدة النقل الحكمي التي أشار بها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ومن ثم يتعين أن يتم التسكين على الوظيفة التي يشغلها المدعي إذا ما توافرت فيه مطالب التأهيل والشروط اللازمة لشغلها.
وقالت المحكمة عن الأمر الثالث أنه ولئن كان صحيحاً ما ذهبت إليه المؤسسة المدعى عليها من وجوب أن تتم التسوية على وظائف ممولة، إلا أنه في خصوصية هذه الدعوى فالثابت من الأوراق أنه كانت بميزانية المؤسسة فئة ثانية لوظيفة مراقب عام المراقبة العامة للبحوث والتقويم بالإدارة العامة لشئون الشركات والتي ادعت الجهة الإدارية أن السيد/ ...... قد سكن عليها، فإذا كان ذلك كذلك، يكون قد توافر شرط وجود وظيفة بفئتها المالية بميزانية المؤسسة.
وخلصت المحكمة مما تقدم جميعه إلى أن جدول تقييم وتعادل وظائف المؤسسة قد تضمن وظيفة مراقب عام التي ثبت أن المدعي كان يشغلها في 30/ 6/ 1964، وأن هذه الوظيفة مقرر لها الفئة الثانية وأنه يشترط لشغلها مؤهلاً عالياً وخبرة لا تقل عن 14 سنة، وهذان الشرطان متوافران في المدعي حيث إنه حاصل على ليسانس الحقوق في عام 1945 وباشر المحاماة من هذا التاريخ حتى عين في الحكومة وتدرج حتى الفئة الثالثة الإدارية ولم تنازعه المؤسسة المدعى عليها في توافر هذين الشرطين في حالته، ومن ثم تكون قد توافرت في حقه الاشتراطات التي تطلبتها هذه الوظيفة، وانتهت إلى الحكم بأحقيته في تسوية حالته بوضعه على وظيفة مراقب عام من الفئة الثانية اعتباراً من 1/ 7/ 1964 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن طعن الجهة الإدارية يقوم على ذات الأسباب التي سبق أن أبدتها في ردها على الدعوى وما تضمنته مذكرة إدارة قضايا الحكومة التي قدمتها لمحكمة القضاء الإداري بجلسة 17/ 4/ 1972 وهو ما يرتكز أساساً على صحة قاعدة النقل الحكمي التي أشار بها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الذي ناط به قانون إنشائه سلطة ترتيب الوظائف والتنسيق بينها وإجراء التعادل لضمان وحدة المعاملة وذلك كله على النحو الذي سبق بيانه بالتفصيل في مقام عرض الوقائع، وأضافت أن القواعد التنظيمية التي يضعها هذا الجهاز لها ذات القوة التي لأحكام القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963، ذلك أن مجلس الوزراء - وهو صاحب الحق في التصديق على جداول تقييم وتعادل الوظائف - قد خوله وضع قواعد التوصيف والتقييم والتعادل، وتكون قراراته في ذات المرتبة التي للأداة التشريعية التي صدر بها القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963، ومن ثم تسقط الذريعة التي استند إليها الحكم المطعون فيه لإهدار القواعد التي وضعها الجهاز في تسوية حالات العاملين بالمؤسسات العامة، كما جاء في مذكرة إدارة قضايا الحكومة الأخيرة أن المدعي لم يستوف شرط الخبرة اللازمة إذ لم يتوافر في شأنه مدة الأربعة عشر عاماً اللازمة لشغل وظيفة مراقب عام البحوث والتقييم بالإدارة العامة لشئون الشركات منذ دخوله في الخدمة في 26/ 5/ 1952 حتى 1/ 7/ 1964 ولا اعتداد بالمدة الافتراضية التي ضمت إلى أقدميته في الدرجة السادسة، إذ العبرة بالخبرة الفعلية في مجال يفيد في أعمال الوظيفة، وأن المحاماة ليست من هذا القبيل، فضلاً عن أنه ليس هناك دليل على أنه زاول هذه المهنة فعلاً قبل التحاقه بخدمة وزارة الشئون الاجتماعية، كما أن مدة خدمته الفعلية قد تخللتها فترات قضيت في أعمال لا تؤهل لشغل الوظيفة المراد التسكين عليها كالعمل بمكتب وكيل وزارة الشئون الاجتماعية أو بمكتب أمانة لجنة الاتحاد الاشتراكي العربي لوحدة المؤسسة.
ومن حيث إنه صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة، وتقرر سريان هذه اللائحة على العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القرار أنه "نظراً لأن طبيعة العمل بالشركات والمؤسسات العامة التي تشرف عليها متشابهة كما أن العاملين في كليهما يباشرون نفس التخصص الفني والاقتصادي المتعلق بشئون الإنتاج والتسويق والتمويل وغيرها، ورغبة في إزالة الفوارق بين العاملين في قطاع واحد خاصة وأنهم يعملون في ظروف واحدة لتحقيق أهداف مشتركة، لذلك رؤى توحيد المعاملة لجميع العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها....".
ومن حيث إن لائحة العاملين المشار إليها تنص في المادة 63 منها على أن "يضع مجلس إدارة كل شركة جدولاً بالوظائف والمرتبات الخاصة بالشركة في حدود الجدول المرافق ويتضمن الجدول وصف كل وظيفة وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها وتقييمها وتصنيفها في فئات، ويعتمد هذا الجدول بقرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة...." وتنص المادة 64 على أن "تعادل وظائف الشركة بالوظائف الواردة في الجدول المشار إليه بالمادة السابقة خلال مدة لا تجاوز ستة شهور من تاريخ العمل بهذا القرار، ولا يترتب على حصول العامل على الأجر الذي يمنح له بالتطبيق لأحكام هذه اللائحة الإخلال بالترتيب الرئاسي للوظائف طبقاً للتنظيم الإداري في كل شركة، ويصدر بهذا التعادل قرار من مجلس إدارة المؤسسة المختصة بناء على اقتراح مجلس إدارة الشركة، ولا يسري هذا القرار إلا بعد التصديق عليه من المجلس التنفيذي، ويمنح العاملون المرتبات التي يحددها القرار الصادر بتسوية حالاتهم طبقاً للتعادل المنصوص عليه اعتباراً من أول السنة المالية التالية، ومع ذلك يستمر العاملون في تقاضي مرتباتهم الحالية بما فيها إعانة الغلاء وذلك بصفة شخصية حتى تتم تسوية حالاتهم طبقاً للأحكام السابقة، على أنه بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون مرتبات تزيد على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل المشار إليه فيمنحون مرتباتهم التي يتقاضونها فعلاً بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه العامل في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية".
ومن حيث إنه تنفيذاً لأحكام المادتين 63 و64 سالفتي الذكر يتعين على كل مؤسسة إتباع الخطوات الآتية:
أولاً: توصيف وظائفها وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها ثم تقييم هذه الوظائف وتصنيفها في فئات في حدود جدول المرتبات المرافق للائحة العاملين المتقدم ذكرها.
ثانياً: معادلة وظائفها بالوظائف الواردة في جداول التقييم المشار إليها ثم عرض هذه الجداول على مجلس الوزراء للتصديق عليها، وتعتبر نافذة المفعول من تاريخ هذا التصديق.
ثالثاً: تسوية حالات العاملين بها طبقاً للجداول المعتمدة بتعادل الوظائف وذلك اعتباراً من السنة المالية التالية وتتم التسوية بمطابقة الاشتراطات الواجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، فإذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح مستحقاً للمرتب المحدد للفئة المالية المقررة للوظيفة.
وقد وضعت اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة بجلستها المنعقدة في 26 من ديسمبر سنة 1964 القواعد التي تتبع عند تسوية حالات العاملين في المؤسسات العامة والشركات التابعة لها لتحقيق المبادئ التي استهدفها المشروع من وضع لائحة العاملين، وباستقراء هذه القواعد يتبين أنها تقوم على الأسس الآتية:
( أ ) الربط بين العامل والوظيفة التي يشغلها قبل التقييم والوظيفة المعادلة لها بعد التقييم والفئة المالية التي قدرت لها، وذلك حتى يمكن وضع الشخص المناسب في العمل المناسب وبالأجر المناسب.
(ب) ضمان وحدة المعاملة والمساواة بين العاملين في الشركات والمؤسسات.
(جـ) الأخذ في الاعتبار بالمراكز الفعلية لشاغلي الوظائف الحالية وعدم المساس بالحقوق المكتسبة، ذلك أن العبرة بشغل الوظيفة بصفة فعلية وممارسة أعمالها التي بها يكتسب الخبرة التي ينعكس أثرها على الوظيفة التي تقرر صلاحيته لها.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أنه إذا توافرت في العامل الشروط المتطلبة للوظيفة التي ثبت أنه كان يشغلها فعلاً، تلك الشروط التي يراعى فيها مستوى المؤهل الدراسي ومدة الخبرة العملية التي تقدر بعدد من السنوات قضيت في مزاولة عمل يتفق مع طبيعة أعمال هذه الوظيفة، فإنه من ثم يستحق تسكينه عليها وبالتالي منحه الفئة المالية المقررة لها، وهو في ذلك يستمد حقه مباشرة من لائحة العاملين وكذا القواعد الصادرة تنفيذاً لها.
ومن حيث إن المؤسسة الطاعنة بعد أن قامت بإعداد جداول تقييم وتعادل وظائفها وصدق عليها مجلس الوزراء في 28 من ديسمبر 1964، فإنها عند التطبيق حادت عن الطريق القويم وطرحت جانباً القواعد القانونية السليمة التي كان يجب عليها إتباعها عند تسوية حالات العاملين بها ولجأت إلى طريقة النقل الحكمي التي تقرر إتباعها بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة الخاضعين لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 وذلك بنقل العاملين بها إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك إلى ما استندت إليه المؤسسة في إجراء التسوية على أساس النقل الحكمي من أنها كانت تقوم بتنفيذ تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ذلك أن هذا الجهاز وإن كان مختصاً - طبقاً لقانون إنشائه بعمليات ترتيب الوظائف بالأجهزة المختلفة والتنسيق بينها وإجراء التعادل لضمان وحدة المعاملة، إلا أنه وهو بصدد مراجعة إجراءات التعادل لا يستطيع أن يأتي بقاعدة جديدة تخالف الأحكام الواردة في القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 من شأنها التفرقة بين العاملين بالمؤسسات العامة من جهة، فيتم تعادل وظائف هؤلاء بالتطبيق لأحكام القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 بشأن قواعد وشروط وأوضاع نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الحالية الصادرة تنفيذاً للقانون رقم 46 لسنة 1964 والذي يعتد بالدرجة المالية التي يشغلها العامل، وبين العاملين بشركات القطاع العام من جهة أخرى فيطبق في شأنهم أحكام المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 الذي يعتد بالوظيفة التي يشغلها العامل، لا يجوز ذلك ما دام أن القرار الجمهوري رقم 800 لسنة 1963 - وهو أداة تشريعية تعلو في التدرج تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة - قد قضى بسريان أحكام لائحة العاملين بالشركات على العاملين بالمؤسسات العامة دون تفرقة في هذا الصدد، وذلك ضماناً لوحدة المعاملة والمساواة بين الفريقين.
ومن حيث إن المؤسسة الطاعنة إذ أصدرت الأمر الإداري رقم 701 في 12/ 10/ 1964 متضمناً نقل العاملين بها إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم التي كانوا عليها في أول يوليه 1964 - أي على أساس النقل الحكمي - دون ما اعتداد بالوظيفة التي يشغلها العامل، فإنها تكون قد خالفت بذلك أحكام القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962، ويكون قرارها المذكور باطلاً لفساد الأساس الذي قام عليه ويتعين من ثم الحكم بإلغائه على أن تقوم الجهة الإدارية بتسوية حالة العاملين طبقاً للقواعد القانونية السليمة التي سبقت الإشارة إليها، بمراعاة الوظيفة التي يثبت لديها أن العامل كان يشغلها وذلك من واقع ما يحتويه ملف خدمته من أوراق وقرارات إدارية تكون قد صدرت في شأنه وفي ضوء ما قد يقدم من مستندات تعين في هذا الصدد مع توافر الشروط المتطلبة من مؤهل دراسي ومدة خبرة، على أن يؤخذ في الاعتبار بالمراكز الفعلية لشاغلي الوظائف وعدم المساس بالحقوق المكتسبة، وذلك كله حسبما رأته في بادئ الأمر اللجنة الوزارية للتنظيم والإدارة كما سلف بيانه.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من تسوية حالة المدعي على النحو الوارد به فإنه من المسلم أن القضاء الإداري لا يسلط رقابته على أعمال الإدارة إلا حيث يكون ثمة تصرف قد صدر منها أولاً، وذلك حتى يتسنى له بعد ذلك بحث مدى مشروعية هذا التصرف، إذ كي تعمل المحكمة رقابتها هذه يتعين بادئ ذي بدء أن تفصح جهة الإدارة عن إرادتها بإجراء تسوية حالة المدعي وتسكينه على الوظيفة التي يثبت لديها أنه كان يشغلها وأن تتحقق من أن الشروط المتطلبة قد توافرت في حالته، فلا يجوز إذن للقضاء الإداري من تلقاء نفسه أن يتصدى بداءة لذلك، وإذ فعل ذلك يكون قد جاوز حدود اختصاصه وأحل نفسه محل جهة الإدارة في القيام بعمل عليها أن تجريه هي أولاً وتحت مسئوليتها بمراعاة تطبيق القواعد القانونية السليمة، ويكون تصرفها بعد ذلك خاضعاً لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مدى مشروعيته ومطابقته لأحكام القانون، وإذ خالفت محكمة القضاء الإداري ذلك في حكمها المطعون فيه بأن أجرت تسوية حالة المدعي فإنها تكون قد جانبت الصواب، ويكون هذا الحكم في هذا الشق قد خالف القانون ومن ثم يتعين تعديله بالقضاء بإلغاء القرار رقم 701 لسنة 1864 فيما تضمنه من نقل العاملين بالمؤسسة نقلاً حكيماً إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم في أول يوليه 1964 على أن تسوى حالاتهم طبقاً لجداول تقييم وتعادل الوظائف بها وفق أحكام المادتين 63 و64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 701 لسنة 1964 على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق