جلسة 16 من ديسمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / علاء مدكور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد يحيى العشماوي ، محمود عبد المجيد ، أحمد رمضان ومهاب حماد نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(114)
الطعن رقم 8070 لسنة 92 القضائية
(1) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . مسئولية جنائية . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قضاء الحكم ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحداث عاهة مستديمة استناداً إلى أن ضربة المحكوم عليه الآخر للمجني عليه هي التي أحدثت العاهة وخلو الأوراق مما يفيد وجود سبق إصرار أو اتفاق بينهم . صحيح . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالبراءة من جريمة إحداث عاهة مستديمة .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
تقدير الدليل . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض . حد ذلك ؟
النعي على المحكمة عدم أخذها بالقدر المتيقن والتفاتها عن إصابة أخرى بالمجني عليه بعد القضاء ببراءة المطعون ضدهما من جريمة إحداث عاهة مستديمة . غير مقبول . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وأدلة الاتهام فيها خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية في قوله : ( .... أن الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام قبل المتهمين الأول والثاني قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصور وآية ذلك أن المجني عليه ذاته قد شهد في أكثر من موضع أن الضربة التي نتجت عنها العاهة المستديمة لم يكن لأي من المتهمين دوراً فيها وقد تأيّد ذلك من التقرير الفني المتمثل في تقرير الطب الشرعي ، إذ ثبت فيه أن إصابة المجني عليه الذي تخلف من جرائها العاهة تتمثل في الإعاقة الثابتة بالساعد الأيمن وأن هذه الإصابة لم تحدث جراء اعتداء المتهمين الأول أو الثاني عليه بحسب شهادة المجني عليه نفسه ، وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق هو انتفاء صلة المتهمين الأول والثاني بإحداث إصابة المجني عليه التي نتجت عنها العاهة المستديمة وقد انتفي ظرف سبق الإصرار من الأوراق وكذلك الاتفاق بين المتهمين على إحداثها ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة ببراءتهما مما أسند إليهما عملاً بنص المادة ٣٠٤/1 من قانون الإجراءات الجنائية .... ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى عاهة إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى العاهة أو أسهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ، ولو لم يكن هو محدث الضرب أو الضربات التي سببت العاهة ، بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لما كان ذلك ، وكانت واقعة الدعوى كما حصلها الحكم وأقوال الشهود كما أوردها ، قد خلت من توافر سبق الإصرار أو وجود اتفاق بين المطعون ضدهما والمحكوم عليه الآخر على مقارفة الاعتداء بالضرب على المجني عليه ، كما وأنه حدد الضربات التي وقعت من كل منهما ، وكان ما أورده من تقرير الطب الشرعي يفيد أن الضربة التي أحدثها المحكوم عليه الآخر هي التي أحدثت العاهة ، فإن الحكم إذ رتب مسئولية الأخير وحده عن الجريمة ودانه باعتباره الفاعل بضرب المجني عليه عمداً ضرباً أحدث العاهة وقضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحداث العاهة ، يكون قد أصاب محجة الصواب ولا مخالفة فيه للقانون ، فإن ما تنعاه النيابة العامة في هذا الشأن يكون غير سديد .
2- من المقرر أن أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضي الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ما دام يبين من حكمه أنه لم يقض بالبراءة إلا بعد أن ألم بتلك الأدلة ووازنها فلم يقتنع بثبوتها في حق المتهم ، فلا تجوز مصادرته في اعتقاده ولا المجادلة في حكمه أمام محكمة النقض ، وكانت المحكمة قد قضت ببراءة المطعون ضدهما من جريمة إحداث إصابة العاهة فلا يصح لها أن تسند إليهما إحداث إصابة أخرى بالمجني عليه وأخذهما بالقدر المتيقن في حقهما ، ذلك لأن القدر المتيقن الذي يصح العقاب عليه في مثل هذه الحالة هو الذي يكون إعلان التهمة قد شملهما وتكون المحاكمة قد دارت عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة 1- .... ( مطعون ضده ) 2- .... ( مطعون ضده ) 3- .... بأنهم :-
1- أحدثوا إصابة المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن أعدوا لذلك الغرض أداتين ( قالب طوب حوزة المتهم الأول ، شومة حوزة المتهم الثالث ) وسلاح أبيض ( سكين ) حوزة المتهم الثاني وما إن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً بالأداتين والسلاح الأبيض حوزتهم بأنحاء متفرقة من جسده فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير مصلحة الطب الشرعي المرفق والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة تتمثل في إعاقة بنهاية ثني وفرد المرفق الأيمن وإعاقة بنهاية كب وبطح الساعد الأيمن تقدر بنحو 25% على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازوا وأحرزوا بغير مسوغ قانوني سلاحاً أبيض ( سكين ) .
3- حازوا وأحرزوا أداتين ( قالب طوب ، شومة ) مما تستخدما في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملهما أو حيازتهما أو إحرازهما مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية أو الشخصية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث ، أولاً : ببراءة كل من المتهمين الأول والثاني مما نسب إليهما من اتهام ، ثانياً : بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمتي إحداث عاهة مستديمة مع سبق الإصرار وإحراز أداتين مما تستخدما في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه أسس قضاءه بالبراءة على عدم توافر ظرف سبق الإصرار وانتفاء وجود اتفاق بين المطعون ضدهما والمتهم الآخر المحكوم عليه على التعدي على المجني عليه ، في حين أن أقوال المجني عليه تؤكد على توافرهما ، مما كان يؤذن بإدانتهما باعتبارهما فاعلين أصليين في الجريمة ، ولم يعرض الحكم لإصابة المجني عليه بالرأس والجبهة والمنسوبة للمطعون ضدهما منفردين بدلالة ما جاء بأقواله والتقرير الطبي الخاص ، الأمر الذي ينبئ عن أن المحكمة لم تحط بوقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها عن بصر وبصيرة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها بما يكشف عن تمحيصه لها والإحاطة بظروفها وأدلة الاتهام فيها خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية في قوله : ( .... أن الأدلة التي ركنت إليها النيابة العامة للتدليل على صحة الاتهام قبل المتهمين الأول والثاني قد جاءت قاصرة عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصور وآية ذلك أن المجني عليه ذاته قد شهد في أكثر من موضع أن الضربة التي نتجت عنها العاهة المستديمة لم يكن لأي من المتهمين دوراً فيها وقد تأيّد ذلك من التقرير الفني المتمثل في تقرير الطب الشرعي ، إذ ثبت فيه أن إصابة المجني عليه الذي تخلف من جرائها العاهة تتمثل في الإعاقة الثابتة بالساعد الأيمن وأن هذه الإصابة لم تحدث جراء اعتداء المتهمين الأول أو الثاني عليه بحسب شهادة المجني عليه نفسه ، وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق هو انتفاء صلة المتهمين الأول والثاني بإحداث إصابة المجني عليه التي نتجت عنها العاهة المستديمة وقد انتفي ظرف سبق الإصرار من الأوراق وكذلك الاتفاق بين المتهمين على إحداثها ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة ببراءتهما مما أسند إليهما عملاً بنص المادة ٣٠٤/1 من قانون الإجراءات الجنائية .... ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى عاهة إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى العاهة أو أسهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ، ولو لم يكن هو محدث الضرب أو الضربات التي سببت العاهة ، بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها . لما كان ذلك ، وكانت واقعة الدعوى كما حصلها الحكم وأقوال الشهود كما أوردها ، قد خلت من توافر سبق الإصرار أو وجود اتفاق بين المطعون ضدهما والمحكوم عليه الآخر على مقارفة الاعتداء بالضرب على المجني عليه ، كما وأنه حدد الضربات التي وقعت من كل منهما ، وكان ما أورده من تقرير الطب الشرعي يفيد أن الضربة التي أحدثها المحكوم عليه الآخر هي التي أحدثت العاهة ، فإن الحكم إذ رتب مسئولية الأخير وحده عن الجريمة ودانه باعتباره الفاعل بضرب المجني عليه عمداً ضرباً أحدث العاهة وقضى ببراءة المطعون ضدهما من تهمة إحداث العاهة ، يكون قد أصاب محجة الصواب ولا مخالفة فيه للقانون ، فإن ما تنعاه النيابة العامة في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية قاضي الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ما دام يبين من حكمه أنه لم يقض بالبراءة إلا بعد أن ألم بتلك الأدلة ووازنها فلم يقتنع بثبوتها في حق المتهم فلا تجوز مصادرته في اعتقاده ولا المجادلة في حكمه أمام محكمة النقض ، وكانت المحكمة قد قضت ببراءة المطعون ضدهما من جريمة إحداث إصابة العاهة ، فلا يصح لها أن تسند إليهما إحداث إصابة أخرى بالمجني عليه وأخذهما بالقدر المتيقن في حقهما ، ذلك لأن القدر المتيقن الذي يصح العقاب عليه في مثل هذه الحالة هو الذي يكون إعلان التهمة قد شملهما وتكون المحاكمة قد دارت عليه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق