الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

الطعن 7048 لسنة 89 ق جلسة 7 / 7 / 2020 مكتب فني 71 ق 65 ص 596

جلسة 7 من يوليو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / محمد سامي إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هادي عبد الرحمن ، هشام الجندي ، هشام والي ومحمود إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(65)
الطعن رقم 7048 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الحكم وجود الطاعن وباقي المحكوم عليهم على مسرح الجريمة واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وصدورها عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة والصلة بينهم . غير لازم . أساس ذلك ؟
(3) إرهاب " الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون . غير لازم . ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليها .
العلم في جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية . مسألة نفسية . استبيانه . موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
العبرة في قيام الجماعة ووصفها بالإرهابية . بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول لِمَا تتغياه .
تدليل سائغ على توافر أركان جريمة الانضمام لجماعة إرهابية .
(4) تظاهر . اشتراك . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الجريمة المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القرار بقانون 107 لسنة 2013 . تحققها بتنظيم الجاني اجتماعاً عاماً أو موكباً أو تظاهرة بدون أن يقدم إخطاراً بذلك متضمناً البيانات المقررة قانوناً إلى قسم الشرطة المختص . عدم تطلبها سوى القصد الجنائي العام . التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن . غير لازم . حد ذلك ؟
الاشتراك في جريمة تنظيم تظاهرة بدون إخطار الجهة المختصة . بالمشاركة أو الانضمام سواء بالحضور في الاجتماع العام أو بالسير في الموكب أو التظاهرة . تقدير انضمام الجاني لها . موضوعي . نعي الطاعنين في هذا الشأن . غير مقبول .
تدليل سائغ على توافر أركان جريمة الاشتراك في تظاهرة دون إخطار الجهات المختصة .
(5) تظاهر .
جريمة التظاهر بدون إخطار . تحققها سواء قارفها المنظم لها أو المشارك فيها دون اتباعه الضوابط والشروط المحددة في هذا الشأن . نعي الطاعن بأن المخاطب بالنص التجريمي هو منظم المظاهرة . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(6) تظاهر . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
إدانة الطاعن بجريمة الاشتراك في تظاهرة صاحبها الإخلال بالأمن وتعطيل حركة المرور باعتبارها الأشد . نعيه بشأن باقي الجرائم . غير مجد .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . تظاهر . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .
ضبط الطاعن أثناء مشاركته في تظاهرة دون إخطار محرزاً لسلاح أبيض . كفايته لتوافر حالة التلبس . التفات الحكم عن أقوال شهود النفي والمستندات المقدمة في هذا الشأن . لا يعيبه . علة وحد ذلك ؟
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
انتهاء الحكم سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش . أثره : صحة تعويله في الإدانة على أقوال الضابط .
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم إفصاح مأمور الضبط عن مصدرها أو وسيلة التحري . لا يعيبها .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) دفوع " الدفع بعدم الاختصاص " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . قانون " تفسيره " . قرارات وزارية .
إثارة الدفع بعدم اختصاص مجري التحريات محلياً وانعدام صفته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز وإن تعلق بالنظام العام . علة ذلك ؟
المادة 23 إجراءات جنائية . مفادها ؟
إضفاء صفة الضبطية القضائية على موظف في صدد جرائم معينة . لا يسلب هذه الصفة في شأن هذه الجرائم من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام . لا ينال من ذلك صدور قرار وزير الداخلية بإنشاء قطاع الأمن الوطني نفاذاً للقانون 109 لسنة 1971 في شأن نظام هيئة الشرطة . علة ذلك ؟
مثال .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . لا قصور .
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض . غير جائز .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم تفريغ ما تم ضبطه من مطبوعات . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
(13) سلاح . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
نعي الطاعن بشأن عدم وجود تقرير فني للسلاح الأبيض المضبوط . غير مقبول . علة ذلك ؟
(14) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانقطاع صلة الطاعن بالواقعة والمضبوطات وتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير الواقعة وانفراد الضابط بالشهادة وحجبه لأفراد القوة المرافقة له . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
إمساك الضابط عن ذكر أسماء القوة المرافقة . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(15) قانون " تطبيقه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون . النعي بعدم إثبات الضابط المأمورية بدفتر الأحوال . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى في بيان وافٍ وعلى نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل .
2- لما كان الحكم قد أثبت وجود كل من الطاعن وباقي المحكوم عليهم على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل متهم على حدة والصلة بينهم ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحةً واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون واتخذت من الإرهاب وسيلة من وسائل تحقيق أغراضها المنصوص عليها بالمواد 86 ، 86 مكرراً/ ۱ ، ۲ ، 86 مكرراً أ/ ۲ من قانون العقوبات ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، كما أنه من المقرر كذلك أن العـلم في جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، وأن عدم مشروعية أي جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون المشار إليها سلفاً يتحدد بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول إلى مبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض جماعة الإخوان المسلمين التي انضم إليها الطاعن هو تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، وأنها استخدمت القوة ووسائل غير مشروعة للوصول إلى هدفها مع علم المنضمين إليها بذلك - على النحو الذي أوضحه الحكم - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
4- من المقرر أن الجريمة المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القرار بقانون رقم 107 لسنة ۲۰۱۳ الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية تتحقق بمجرد قيام الجاني بتنظيم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة بدون أن يقدم إخطاراً بذلك متضمناً البيانات المقررة قانوناً إلى قسم الشرطة المختص ، كما أن هذه الجريمة لا تتطلب سوى القصد العام الذي يتحقق بقيام من يريد عقد الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة بدون الإخطار المقرر قانوناً ويكون ذلك عن علم وإرادة ، فيجب أن يعلم أنه منظم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة وأنه لم يقم بالإخطار المقرر في هذا الشأن ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحةً واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه ، كما أنه من المقرر كذلك أن الاشتراك في هذه الجريمة يتوافر بمجرد المشاركة أو الانضمام سواء بالحضور في الاجتماع العام أو بالسير في الموكب أو التظاهرة وأن تقدير قيام الجاني بالاشتراك في هذه الجريمة يخضع لتقدير قاضي الموضوع يستخلصه من الأوراق والأدلة المقدمة في الدعوى ، وكان مفاد ما أورده الحكم أن ضابط الواقعة تلقى بلاغاً من غرفة عمليات النجدة مفاده قيام عدد من العناصر المنتمية للتنظيم السري المحظور لجماعة الإخوان المسلمين بالتجمهر بالطريق الزراعي بدون ترخيص من الجهات المختصة وإحرازهم أسلحة بيضاء وترديدهم هتافات معادية للشرطة والجيش فانتقل لمكان التجمهر وبالفحص تبين قيامهم بقطع طريق .... المتفرع من الطريق الزراعي واشعال إطارات السيارات وتمكن من ضبط الطاعن محرزاً لسلاح أبيض ، مما يعد كافياً وسائغاً في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تظاهرة بدون إخطار الجهة المختصة في حق الطاعن بأركانها المادية والمعنوية ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الخصوص غير قويم .
5- لما كان ما يثيره الطاعن من أن المخاطب بالنص التجريمي هو منظم المظاهرة وليس المشارك فيها مردوداً بأن مفاد نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 107 لسنة ۲۰۱۳ أنها أعطت الحق في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية وكذلك الحق في الانضمام إليها ، ولكن المشرع لم يترك هذا الحق على إطلاقه وإنما قررت المادة الأولى من القرار بقانون سالف الذكر أن يكون هذا الحق مقيداً بالضوابط التي ينص عليها القانون ، ومن ثم فإن جريمة التظاهر بدون إخطار قسم الشرطة المختص تتحقق سواء قارفها المنظم لها أو المشارك فيها بمجرد عدم إتباع الضوابط والشروط المحددة في هذا الشأن ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد على غير أساس .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه ، وأعمل في حقه المادة ۳۲ من قانون العقوبات ، وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاشتراك في تظاهرة صاحبها إخلال بالأمن وتعطيل حركة المرور حال إحراز الطاعن لسلاح أبيض ، فإنه لا جدوى من وراء ما يثيره الطاعن بشأن باقي الجرائم .
7- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بما مفاده أنه تم ضبط الطاعن أثناء مشاركته في تظاهرة بدون إخطار للجهات المختصة محرزاً لسلاح أبيض بغير ترخیص أو مسوغ قانوني ، فإن ما أورده الحكم في مدوناته تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ولا على المحكمة - من بعد - إن هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إليها فاطرحتها ، ولا تثريب عليها إن هي التفتت عن المستندات المقدمة من الطاعن في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كان الحكم إذ انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، وما أسفر عنه التفتيش من ضبط السلاح الأبيض .
9- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الأمن الوطني ( شاهد الإثبات الثاني ) على النحو الذي شهد به وسطره الحكم في مدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
10- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط - مجري التحريات - محلياً ، ولانعدام صفته ، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها . فضلاً عن أن البين من نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة ۱۹۷۱ قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن - بما فيهـم ضباط قطاع الأمن الوطني – بمختـلـف رتبهم سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة ، وكانت ولاية ضباط المباحث الجنائية هي ولاية عامة مصدرها نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية التي تكفلت بتعداد من يعتبرون من مأموري الضبط القضائي ، فإن تلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة ، لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأمور الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية رقم 445 لسنة ۲۰۱۱ بشأن إنشاء قطاع الأمن الوطني من أحكام ، إذ هو محض قرار تنظيمي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يمنح صفة الضبطية القضائية أو سلبها أو تقييدها عن ضابط بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم ، كما أن المادة الثالثة من مواد الإصدار في القانون رقم ۱۰۹ لسنة ۱۹۷۱ في شأن نظام هيئة الشرطة لم تخول وزير الداخلية سوى سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه وهي جميعها أحكام نظامية لا شأن لها بأحكام الضبط القضائي التي تكفل قانون الإجراءات بتنظيمها ، فإن قيام شاهد الإثبات الثاني - وهو ضابط بقطاع الأمن الوطني .... - بإجراء التحريات حول الواقعة إنما كان يمارس اختصاصاً أصيلاً نوعياً ومكانياً بوصفه من رجال الضبط القضائي والذي ينبسط على كل أنحاء الجمهورية وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه ، ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد لا محل له .
11- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
12- لما كان ما يثيره الطاعن بخصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم تفريغ ما تم ضبطه من مطبوعات ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود .
13- لما كان ما جاء بأسباب الطعن من عدم وجود تقرير فني للسلاح الأبيض المضبوط ، فإن الحكم المطعون فيه قد أورد من أدلة الثبوت التي استند إليها في أقوال ضابط الواقعة ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ولا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اقتناعها بالأدلة التي اطمأنت إليها ومن حقها الأخذ بها في تكوين عقيدتها ، سواء في ذلك أن يكون تقريراً فنياً أو محضراً حرره مأمور الضبط القضائي الذي تولى فحص السلاح ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
14- من المقرر أن دفع الطاعن بانقطاع صلته بالواقعة والمضبوطات ، وتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير ضابط الواقعة لها وانفراده بالشهادة وحجبه لأفراد القوة المرافقة له كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخری ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وكان إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - وصحة تصويره لها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
15- من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم :
1- انضموا لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مع علمه بالأغراض التي تدعو إليها تلك الجماعة بأن انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة والمواطنين واستهداف المنشآت العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وكان الإرهاب من الوسائل التي استخدمتها الجماعة لتحقيق وتنفيذ تلك الأغراض التي تدعو إليها وذلك على النحو المبين بالتحقيقـات .
2- أحرز بالذات أدوات معـدة لاطلاع الغير عليها تتضمن ترويجاً وإذاعة لأغراض الجماعة موضوع الاتهام الأول مع علمه بالأغراض التي تدعو إليها وبوسائلها الإرهابية في سبيل تحقيق وتنفيذ تلك الأغراض وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
3- اشتركوا في تظاهرة غير مرخص بها حال حملهم أسلحة بيضاء " مواد حارقة ، سكاكين ، مطاوي " وقد ترتب على تظاهرهم تعطيل حركة المرور بالطريق العام بأن تجمعوا في طريق .... المتفرع من الطريق الزراعي محرزين أسلحة بيضاء معطلين حركة المرور مدة من الزمن حتى تم ضبطهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
4- أحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء " زجاجات تحوي سائل قابل للاشتعال ، مطاوي ، سكاكين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 86 ، 86 مكرراً/2 ، 3 ، 86 مكرراً أ/2 ، 3 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، 2 ، 4 ، 6/1 ، 7 ، 17 ، 19 من المرسوم بقانون رقم 107 لسنة 2013 ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبنود أرقام " 5 ، 6 ، 7 " من الجدول الأول الملحق بقانون الأسلحة والذخائر والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، وبعد إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات . بمعاقبة .... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية ومصادرة السلاح الأبيض المضبوط .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون غرضها تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق تلك الأغراض مع علمه بذلك ، والترويج بالقول والفعل لأغراض تلك الجماعة ، وحيازة مطبوعات لهذا الغرض ، والاشتراك في تظاهرة غير مصرح بها مما أخل بالأمن والنظام العام وتعطيل مصالح المواطنين وقطع الطريق العام وعرقلة حركة المرور وتعريض الأرواح والممتلكات العامة والخاصة للخطر حال كونه حاملاً لسلاح أبيض بغير ترخیص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسباب الحكم جاءت بصورة غامضة مبهمة مجملة خلت من بیان واقعة الدعوى وأدلتها بياناً كافياً ، كما لم يبين الحكم دور كل متهم والأفعال المادية التي أتاها والصلة بينه وبين باقي المتهمين ، وخلا من بيان أركان الجرائم التي دانه بها سيما القصد الجنائي فيها ، كما قضى الحكم بإدانة الطاعن بجريمة الاشتراك في تظاهرة دون إخطار مسبق إعمالاً لحكم المادة ۲۱ من القرار بقانون رقم 107 لسنة ۲۰۱۳ رغم أن المخاطب بها هو منظم المظاهرة ، ورد بما لا يسوغ على دفعه ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس ولعدم صدور إذن من النيابة العامة بذلك ، بدلالة المستندات المقدمة منه ، وأقوال شهود النفي في هذا الشأن ، وعول الحكم في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة وعلى الدليل المستمد من هذا الإجراء رغم بطلانه وبطلان الآثار المترتبة عليه ، كما تساند في قضائه على أقوال الضابط شاهد الإثبات الثاني التي استقاها من تحرياته رغم عدم جديتها - لأسباب عددها - ومع أنها لا تصلح دليلاً للإدانة ، فضلاً عن عدم اختصاصه محلياً بإجرائها ، وبطلانها لعدم توافر صفة الضبطية القضائية له وفقاً لنص المادة ۲۳ من القانون السابق ذكره لعدم الإعلان عن إنشاء جهاز الأمن الوطني بالجريدة الرسمية بعد حل جهاز أمن الدولة ولأنه مجرد جهاز معلوماتي ، مما ينبیء عن أن المحكمة أقامت قضاءها بذلك على الظن لا على اليقين الذي يجب أن تبنى عليه الأحكام ، وأخيراً فقد أعرض الحكم عن دفاعه بقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم تفريغ ما تم ضبطه من مطبوعات ، وخلو الأوراق من تقرير فنى للسلاح الأبيض المضبوط ، وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة والمضبوطات ، وتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير ضابط الواقعة لها وانفراده بالشهادة وحجبه لأفراد القوة المرافقة له ، وعدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى في بيان وافٍ وعلى نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت وجود كل من الطاعن وباقي المحكوم عليهم على مسرح الجريمة وقت مقارفتها واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وصدور الجريمة عن باعث واحد وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ويصح من ثم طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين ، وكان ليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل متهم على حدة والصلة بينهم ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحةً واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الانضمام لجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون واتخذت من الإرهاب وسيلة من وسائل تحقيق أغراضها المنصوص عليها بالمواد 86 ، 86 مكرراً/ ۱ ، ۲ ، 86 مكرراً أ/ ۲ من قانون العقوبات ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، كما أنه من المقرر كذلك أن العـلم في جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، وأن عدم مشروعية أي جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون المشار إليها سلفاً يتحدد بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول إلى مبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض جماعة الإخوان المسلمين التي انضم إليها الطاعن هو تعطيل أحكام الدستور والقانون ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، وأنها استخدمت القوة ووسائل غير مشروعة للوصول إلى هدفها مع علم المنضمين إليها بذلك - على النحو الذي أوضحه الحكم - فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الجريمة المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القرار بقانون رقم 107 لسنة ۲۰۱۳ الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية تتحقق بمجرد قيام الجاني بتنظيم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة بدون أن يقدم إخطاراً بذلك متضمناً البيانات المقررة قانوناً إلى قسم الشرطة المختص ، كما أن هذه الجريمة لا تتطلب سوی القصد العام الذي يتحقق بقيام من يريد عقد الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة بدون الإخطار المقرر قانوناً ويكون ذلك عن علم وإرادة ، فيجب أن يعلم أنه منظم اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة وأنه لم يقم بالإخطار المقرر في هذا الشأن ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحةً واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه ، كما أنه من المقرر كذلك أن الاشتراك في هذه الجريمة يتوافر بمجرد المشاركة أو الانضمام سواء بالحضور في الاجتماع العام أو بالسير في الموكب أو التظاهرة وأن تقدير قيام الجاني بالاشتراك في هذه الجريمة يخضع لتقدير قاضي الموضوع يستخلصه من الأوراق والأدلة المقدمة في الدعوى ، وكان مفاد ما أورده الحكم أن ضابط الواقعة تلقى بلاغاً من غرفة عمليات النجدة مفاده قيام عدد من العناصر المنتمية للتنظيم السري المحظور لجماعة الإخوان المسلمين بالتجمهر بالطريق الزراعي بدون ترخيص من الجهات المختصة وإحرازهم أسلحة بيضاء وترديدهم هتافات معادية للشرطة والجيش فانتقل لمكان التجمهر وبالفحص تبين قيامهم بقطع طريق .... المتفرع من الطريق الزراعي وإشعال إطارات السيارات وتمكن من ضبط الطاعن محرزاً لسلاح أبيض ، مما يعد كافياً وسائغاً في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تظاهرة بدون إخطار الجهة المختصة في حق الطاعن بأركانها المادية والمعنوية ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن المخاطب بالنص التجريمي هو منظم المظاهرة وليس المشارك فيها مردوداً بأن مفاد نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 107 لسنة ۲۰۱۳ أنها أعطت الحق في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية وكذلك الحق في الانضمام إليها ، ولكن المشرع لم يترك هذا الحق على إطلاقه وإنما قررت المادة الأولى من القرار بقانون سالف الذكر أن يكون هذا الحق مقيداً بالضوابط التي ينص عليها القانون ، ومن ثم فإن جريمة التظاهر بدون إخطار قسم الشرطة المختص تتحقق سواء قارفها المنظم لها أو المشارك فيها بمجرد عدم إتباع الضوابط والشروط المحددة في هذا الشأن ، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه ، وأعمل في حقه المادة ۳۲ من قانون العقوبات ، وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاشتراك في تظاهرة صاحبها إخلال بالأمن وتعطيل حركة المرور حال إحراز الطاعن لسلاح أبيض ، فإنه لا جدوى من وراء ما يثيره الطاعن بشأن باقي الجرائم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بما مفاده أنه تم ضبط الطاعن أثناء مشاركته في تظاهرة بدون إخطار للجهات المختصة محرزاً لسلاح أبيض بغير ترخیص أو مسوغ قانوني ، فإن ما أورده الحكم في مدوناته تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ولا على المحكمة - من بعد - إن هي لم تعرض لقالة شهود النفي ما دامت لا تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة دلالة على أنها لم تطمئن إليها فاطرحتها ، ولا تثريب عليها إن هي التفتت عن المستندات المقدمة من الطاعن في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم إذ انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، وما أسفر عنه التفتيش من ضبط السلاح الأبيض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الأمن الوطني (شاهد الإثبات الثاني) على النحو الذي شهد به وسطره الحكم في مدوناته ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط - مجري التحريات - محلياً ، ولانعدام صفته ، وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص ، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها . فضلاً عن أن البين من نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة ۱۹۷۱ قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن - بما فيهـم ضباط قطاع الأمن الوطني – بمختـلـف رتبهم سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة ، وكانت ولاية ضباط المباحث الجنائية هي ولاية عامة مصدرها نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية التي تكفلت بتعداد من يعتبرون من مأموري الضبط القضائي ، فإن تلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة ، لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأمور الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية رقم 445 لسنة ۲۰۱۱ بشأن إنشاء قطاع الأمن الوطني من أحكام ، إذ هو محض قرار تنظيمي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يمنح صفة الضبطية القضائية أو سلبها أو تقييدها عن ضابط بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم ، كما أن المادة الثالثة من مواد الإصدار في القانون رقم ۱۰۹ لسنة ۱۹۷۱ في شأن نظام هيئة الشرطة لم تخول وزير الداخلية سوى سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه وهي جميعها أحكام نظامية لا شأن لها بأحكام الضبط القضائي التي تكفل قانون الإجراءات بتنظيمها ، فإن قيام شاهد الإثبات الثاني - وهو ضابط بقطاع الأمن الوطني .... - بإجراء التحريات حول الواقعة إنما كان يمارس اختصاصاً أصيلاً نوعياً ومكانياً بوصفه من رجال الضبط القضائي والذي ينبسط على كل أنحاء الجمهورية وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه ، ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بخصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم تفريغ ما تم ضبطه من مطبوعات ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان ما جاء بأسباب الطعن من عدم وجود تقرير فني للسلاح الأبيض المضبوط ، فإن الحكم المطعون فيه قد أورد من أدلة الثبوت التي استند إليها في أقوال ضابط الواقعة ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ولا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اقتناعها بالأدلة التي اطمأنت إليها ومن حقها الأخذ بها في تكوين عقيدتها ، سواء في ذلك أن يكون تقريراً فنياً أو محضراً حرره مأمور الضبط القضائي الذي تولى فحص السلاح ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن دفع الطاعن بانقطاع صلته بالواقعة والمضبوطات ، وتلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير ضابط الواقعة لها وانفراده بالشهادة وحجبه لأفراد القوة المرافقة له كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخری ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وكان إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الأول - وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون ، فإن ما يثيره الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر أحوال القسم قبل قيامه بمأمورية ضبط الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق