الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 8 أغسطس 2025

الطعن 4607 لسنة 35 ق جلسة 20 / 6 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 181 ص 1670

جلسة 20 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي شحاته محمد وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(181)

الطعن رقم 4607 لسنة 35 القضائية

بنوك - البنك المركزي المصري - ترقية العاملين به - ترقية العامل المحال إلى التحقيق. (قرار إداري - العبرة بمشروعية القرار الإداري وصحته وقت صدوره).
القانون رقم 120 لسنة 1975 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي - المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك المركزي المصري 

- لا يجوز النظر في ترقية العامل إذا كان محالاً إلى التحقيق أو المحاكمة التأديبية أو الجنائية - إذا ثبت عدم إدانة العامل يجوز ترقيته مع إرجاع أقدميته في الوظيفة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى التحقيق أو المحاكمة - لا ينال من صحة قرار تخطي العامل المحال إلى التحقيق أن يلغي جزاء الإنذار بحكم من المحكمة الإدارية العليا - أساس ذلك: تخطي العامل وقت إحالته للتحقيق هو تطبيق صريح للائحة - مشروعية القرار الإداري تبحث على أساس الأحكام والقواعد القانونية التي لازمت صدوره وعلى ضوء الظروف والملابسات التي كانت قائمة آنذاك دون أن يدخل في الاعتبار ما يستجد بعد ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28/ 8/ 1989 أودع الأستاذ عبد المولى مصطفى عمر الشريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 4607 لسنة 35 ق. ع في الحكم المشار إليه بصدر هذا الحكم طلب فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر في 18/ 12/ 1984 بترقية...... إلى وظيفة نائب مدير عام الإدارة العامة للشئون الفنية بدار طباعة النقد وذلك فيما تضمنه من تخطي المدعي "الطاعن" في الترقية لهذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات والأتعاب.
وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده بصفته في 5/ 9/ 1989.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تحد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 10/ 1991 وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره بجلسة 25/ 1/ 1992 وفعلاً تم نظر الطعن أمام هذه الدائرة بالجلسة المذكورة وبجلسة 29/ 2/ 1992 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 28/ 4/ 1992 وفيها تم مد أجل الحكم إلى بجلسة 24/ 5/ 1992 التي تقرر فيها مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودة الحكم التي تشتمل على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 29/ 6/ 1989 وأن الطعن أقيم بتاريخ 28/ 8/ 1989 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً وإذ كان الثابت أن الطعن قد استوفى باقي أوضاعه الشكلية ومن ثم فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 16/ 5/ 1985 أقام الطاعن دعواه المطعون في الحكم الصادر فيها أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 18/ 12/ 1984 بترقية...... إلى وظيفة مدير عام الإدارة العامة للشئون الفنية بدار طباعة النقد فيما تضمنه من تخطيه في الترقية لهذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات.
وذكر المدعي (الطاعن) شرحاً لدعواه أن القرار المطعون فيه صدر باطلاً ومخالفاً للقانون لأن المدعي أقدم من المرقى...... بالإضافة إلى أن "المدعي" من الموظفين الأكفاء الممتازين الذين يقومون بعملهم على الوجه الأكمل كما أن تقارير كفايته بدرجة ممتاز والمسلم به أنه لا يجوز تخطي الأقدم عند التساوي في مرتبة الكفاية وقد تظلم المدعي "الطاعن" من القرار المطعون فيه بتاريخ 24/ 1/ 1985 ولم ترد عليه الجهة الإدارة حتى 25/ 3/ 1985 مما اعتبر رفضاً لتظلمه فبادر إلى إقامة دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان.
ورد البنك على الدعوى فطلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات تأسيساً على أن المدعي كان محالاً للتحقيق رقم 12 لسنة 1984 في 30/ 1/ 1984 وجوزي فيه بالإنذار لإرساله شكاوى كيدية كما أحيل للتحقيق رقم 68 لسنة 1984 في 5/ 8/ 1984 وجوزي فيه بلفت النظر لارتكابه المخالفات الخاصة بإخفاء أو محاولة إخفاء مخالفات وعدم إخطار الرئيس المباشر عن العجز الأمر الذي يجعل عدم ترقيته متفقاً مع نص المادة 104 من لائحة العاملين بالبنك والتي حظرت النظر في ترقية العامل إذا كان محالاً إلى التحقيق أو المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية.
وبجلسة 29/ 6/ 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن نص المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه منع الجهة الإدارية من النظر في ترقية العامل المحال للتحقيق ومن ثم يكون القرارات الصادرة بالترقية خلال فترة التحقيق مع العامل دون أن تشمله بالترقية متفقة ونص اللائحة ولما كان الثابت أن المدعي كان محالاً للتحقيق بتاريخ 30/ 1/ 1984 كما أحيل أيضاً للتحقيق بتاريخ 5/ 8/ 1984 حيث انتهى التحقيق الأول بالإنذار 15/ 1/ 1985 وانتهى الثاني بلفت نظر المدعي في 9/ 3/ 1985 ومن ثم يكون المدعي محالاً للتحقيق وقت صدور القرار المطعون فيه الأمر الذي لا يجوز النظر في ترقيته في ذلك الوقت ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً لنصوص لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه ولا ينال مما تقدم أن يلغي جزاء الإنذار بموجب الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3012 لسنة 33 ق. ع بجلسة 21/ 6/ 1988 أو التمسك بأن لفت النظر لا يعتبر جزاءً تأديبياً إذ لا أثر لما تقدم على صحة القرار المطعون فيه باعتبار أنه قد صدر وقت إحالة المدعي للتحقيق الذي يكفي بمفرده لمنع النظر في ترقيته وإن كان ذلك لا يحول دون النظر في إرجاع أقدمية المدعي عند ترقيته إلى تاريخ الترقية بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد جاء مجحفاً بحقوق الطاعن مخالفاً للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن القرار المطعون فيه مشوب بالتعسف والكيد ذلك أن الإحالة للتحقيق تؤجل النظر في الترقية إذا كانت هذه الإحالة مبنية على وقائع تبين للرئيس أن المرءوس ارتكبها وتمثل مخالفة في النظام الإداري أما إذا كانت الإحالة بسبب أن الطاعن كرئيس طلب التحقيق مع مرؤسيه أي من أجل تصرف لا يعتبر في ذاته مخالفة أو داعياً للجزاء فإن هذا القرار معدوم وغير مشروع ولا يترتب عليه أي أثر قانوني وليست مجرد الإحالة للتحقيق مانعاً من الترقية والذي يراقب هذه المشروعية هو القضاء ليوازن بين حسن سير العمل وعدم انحراف الإدارة إلى حد يهدر حرمات العاملين وأرزاقهم.
ثانياً: التفت الحكم المطعون فيه عن دفاع الطاعن وأخطأ في تطبيق القانون إذ كرر الطاعن في دفاعه أن إحالته للتحقيق قصد به حرمانه من الترشيح للترقية فقيام رئيس الطاعن بإحالته للتحقيق لأنه أحال مرؤسيه للتحقيق يمثل من الرئيس الأول قراراً قصد به تخطي الطاعن في حركة الترقيات فموظفو البنوك يجب أن يتمتعوا بالكفاءة والنزاهة التي تجعلهم يقولون الرأي حالاً وفوراً وصريحاً بعيداً عن الاضطهاد وقسوة القرارات التي تعتبر ردود أفعال وعقبات مادية لا تمثل قرارات إدارية فمثلاً قرار بإحالة الموظف إلى التحقيق لأنه طلب من مرؤسيه التوقيع على دفتر الحضور والانصراف لا يمثل قراراً إدارياً لأنه يفقد السبب فأي سبب كان لإحالة الطاعن للتحقيق لا سبب ولا قرار.
ثالثاً: القضاء الإداري ليس قضاء تطبيقياً بل هو قضاء إنشائي ومن ثم فلا يجوز أن يتقيد القضاء الإداري بالمادة 14 من لائحة البنك المركزي التي تمنع النظر في ترقية الموظف المحال للتحقيق بل عليه أن يتصدى للظروف والملابسات التي صدر فيها قرار الإحالة للتحقيق وعلى هذا جرت أحكام المحكمة الإدارية العليا حيث أوردت في حيثيات حكمها في الطعن رقم 157 لسنة 2 ق. ع أن القضاء الإداري ليس مجرد قضاء تطبيقي مهمته تطبيق نصوص مقننة مقدماً بل هو في الأغلب قضاء إنشائي لا مندوحة له من خلق الحل المناسب وبهذا أرسى القواعد لنظام قانوني قائم بذاته ينبثق عن طبيعة روابط القانون العام واحتياجات المرافق العامة ومقتضيات حسن سيرها ولهذا غلب القضاء الإداري القواعد العامة على النصوص التشريعية لأن القواعد العامة هي في الحقيقة تتمتع بقوة دستورية.
ولهذا فإن إحالة الطاعن للتحقيق مرتين إحداهما يكتفي فيه بلفت نظره وكان يكفي لفت نظره بدون تحقيق كما فعل وكيل محافظ البنك مع مديري العموم وفي التحقيق الثاني يحال الطاعن لأنه شكي مرؤسه الذي عصى تعليماته فقرار الإحالة للتحقيق لا يعتبر قراراً إدارياً مشروعاً بالطبع ولأنه لا يتضمن سبباً فهو إذن ليس قراراً إدارياً وإنما هو عقبة مادية وانحراف بالسلطة قصد به تخطي الطاعن في الترقية رغم توافر كافة شروطها في حقه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزي والجهاز المركزي والجهاز المصرفي يبين منه أن البنك المذكور شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة التقدمية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وأن مجلس الإدارة هو السلطة المختصة بالبنك وتصريف شئونه وللمجلس في سبيل ذلك اتخاذ الوسائل الآتية....... ى - اعتماد الهيكل التنظيمي للبنك بناء على اقتراح المحافظ - ك - إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم - ولا يتقيد مجلس الإدارة فيما يصدره من قرارات طبقاً للبندين ى، ك بالنظم والقواعد المنصوص عليها في القرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقرار رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك المركزي المصري والتي يخضع لأحكامها الطاعن تنص على أنه لا يجوز النظر في ترقية العامل إذا كان محالاً إلى التحقيق أو المحاكمة التأديبية أو الجنائية فإذا ثبت عدم إدانة العامل يجوز عند ترقيته إرجاع أقدميته في الوظيفة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى التحقيق أو المحاكمة.
ومن حيث إنه واضح من النص المتقدم أن المشرع حظر على جهة الإدارة النظر في ترقية العامل المحال إلى التحقيق وإن كان ذلك لا يمنع إرجاع أقدميته عند ترقيته ومنحه مرتبها من تاريخ قرار الترقية الذي لم يشمله في حالة ما إذا ثبت عدم إدانته.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي كان محالاً للتحقيق بتاريخ 30/ 1/ 1984 وقيد هذا التحقيق برقم 12 لسنة 1984 وانتهى بمجازاة الطاعن بالإنذار في 15/ 1/ 1985 كما أحيل المدعي أيضاً للتحقيق بتاريخ 5/ 8/ 1984 وقيد برقم 68 لسنة 1984 وانتهى بلفت نظر الطاعن بتاريخ 9/ 3/ 1985 ومن ثم فإن وقت صدور القرار المطعون فيه كان الطاعن محالاً للتحقيق الأمر الذي يتحقق معه الحظر الذي أورده المشرع في المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك سالفة البيان ولا يجوز معه النظر في ترقيته في ذلك الوقت ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم ترقية الطاعن قد صدر مطابقاً لنصوص لائحة العاملين المعمول بها بالبنك الذي يعمل به الطاعن ولا ينال من صحة القرار المطعون فيه أو يمس من سلامته أن يلغي جزاء الإنذار بعد ذلك بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3012 لسنة 32 ق. ع بجلسة 21/ 6/ 1985 والتمسك بأن لفت النظر لا يعتبر جزاءً تأديبياً ذلك أنه لا أثر لكل ما تقدم على صحة القرار المطعون فيه باعتبار أنه قد صدر وقت إحالة الطاعن للتحقيق وهو ما يكفي بمفرده لمنع النظر في ترقيته بصريح حكم اللائحة سالفة الذكر وقد استقرت أحكام هذه المحكمة على أن مشروعية القرار الإداري إنما تبحث على أساس الأحكام والقواعد القانونية التي لازمت صدوره على ضوء الظروف والملابسات التي كانت قائمة آنذاك دون أن يدخل في الاعتبار ما جد منها بعد ذلك كما أن صحة القرار الإداري إنما تتحدد بالأسباب التي قام عليها ومدى سلامتها على أساس الأصول الثابتة في الأوراق وقت صدور القرار ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهت إليها وبحث ذلك يدخل في صحيح اختصاص المحكمة للتحقيق في مطابقة القرار للقانون والتأكد من مشروعيته.
ومن حيث إنه وإن كان ما تقدم فإن المشرع حرصاً على النص على أن تخطي العامل في الترقية لكونه محالاً للتحقيق لا يمثل مانعاً عند ترقيته بجواز إرجاع أقدميته في الوظيفة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى التحقيق متى ثبت عدم إدانة العامل.
ومن حيث إنه في ضوء ما سلف وإذ ذهب الحكم المطعون فيه المذهب المتقدم فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن غير قائم على سند من القانون خليقاً بالرفض ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق