الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

الطعن 3995 لسنة 35 ق جلسة 26 / 7 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 213 ص 1953

جلسة 26 من يوليو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عادل محمود زكي فرغلي وأحمد شمس الدين خفاجي وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(213)

الطعن رقم 3995 لسنة 35 القضائية

* مجلس الشورى - أعضاؤه - الفصل في صحة العضوية - (اختصاص).
* - م 93 من الدستور.
قانون رقم 38 لسنة 72 الخاص بمجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 201 لسنة 90.
قانون رقم 73 لسنة 56 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 90 قانون رقم 120 لسنة 1980 الخاص بمجلس الشورى.
* نيابة العضو بمجلس الشورى يكون مرجعها إلى عملية الانتخاب السري العام باعتبارها الوسيلة التي يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين - تلك الإرادة هي سند وأساس صحة العضوية بمجلس الشورى - إذا شابت عملية الانتخاب شائبة ارتد ذلك على صحة النيابة أو صحة العضوية - تحقيق وقائع الطعن في صحة العضوية منوط بالسلطة القضائية ممثلة في محكمة النقض - الفصل في صحة العضوية بناء على هذا التحقيق ينعقد للمجلس النيابي - اختصاص محكمة النقض ينصب أساساً على بطلان عملية الانتخاب في ذاتها – تشمل تلك العملية مراحل التصويت والفرز وإعلان النتيجة - مؤدى ذلك: الطعن على أية مرحلة من تلك المراحل المتتابعة التي تمر بها العملية الانتخابية من اختصاص مجلس الشورى وحده - العضوية في مجلس الشعب أو الشورى أساسها الإرادة الشعبية ممثلة في الناخبين - نتيجة ذلك: ليس للجان المختصة بعمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتيجة أو لوزير الداخلية من بعدها أي سلطة في تحديد الإرادة الشعبية في اختيار أعضاء مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو في تقرير صحة العضوية بالمجلس - لا يرتبط المعيار الذي يحدد ما يدخل في الفصل في صحة العضوية المقصور ولاية الفصل فيها على مجلس الشعب أو مجلس الشورى بضرورة الإعلان عن فوز مرشح أو أكثر في الدائرة الانتخابية وحلفهم اليمين الدستورية - أساس ذلك: أن هذه العضوية تتحقق بمقتضى الدستور والقانون منذ إقفال باب التصويت باللجان الانتخابية حيث تكون الإرادة الشعبية قد أودع التعبير عنها مسجلاً في تذاكر التصويت بصناديق الانتخاب - نتيجة ذلك: الاختصاص المقرر لمجلس الشعب أو مجلس الشورى بالفصل في صحة عضوية أعضائه يشمل كل نعي أو طعن على عملية الانتخاب بالمعنى الفني الدقيق في مراحله المتتابعة - ينعقد هذا الاختصاص للمجلس لجميع أعضاء مجلس الشعب أو الشورى سواء أكانوا منتخبين أو معينين - أساس ذلك أن صحة العضوية أمر يتصل بالنظام العام الدستوري والسياسي الذي يتعين على كل من مجلس الشعب والشورى من تلقاء ذاته العمل على الحفاظ عليه ورعايته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 27 من يوليو سنة 1989 أودع الأستاذ/ نبيل حسن متولي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3995 لسنة 35 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 2/ 6/ 1989 في الدعوى رقم 5078 لسنة 43 ق القاضي بقبول تدخل محمد ربيع سلطان خصماً منضماً للحكومة في الدعوى وبقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارة الداخلية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة مسبباً ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وفي الطلب المستعجل من الدعوى بر فض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 16 من مارس سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 19/ 4/ 1992 والجلسات التالية على النحو المبين بالمحاضر حيث تقرر حجزه للحكم بجلسة 19/ 7/ 1992 وفي هذه الجلسة أعيد الطعن للمرافعة لمناقشة الخصوم وتقرر حجزه للحكم بجلسة اليوم 26/ 7/ 1992 حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من سائر الأوراق - أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20/ 5/ 1989 أقام مصطفى عبد الحليم أحمد الدعوى رقم 5078 لسنة 43 ق مختصماً وزير الداخلية بصفته وطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة إيقاف قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان في الترشيح لانتخابات مجلس الشورى في الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان "فلاح" وعدم الاعتداد بالتغيير الذي تم في قائمة المرشحين لمجلس الشورى عن الدائرة الثالثة محافظة الفيوم. ثالثاً: إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بياناً لدعواه إنه تقدم للترشيح في انتخابات مجلس الشورى المحدد لها يوم 9/ 6/ 1989 بالدائرة الثالثة محافظة الفيوم "فلاح" وتقدم محمد ربيع سلطان في ذات الدائرة بنفس الصفة رغم أن زوجته أميرة أحمد عبد الله زيدان لها حيازة 3 ط 17 ف نقلت صورياً سنة 1983 باسم سيد أحمد سلطان ورغم أنه تنازل عن 26 فدان تم تحيزها صورياً باسم محمود أحمد مرسي في 20/ 10/ 1983 بالإضافة إلى أنه كان قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبي المحلي سنة 1979 فئات وكانت عضويته بالمجلس المحلي في الفترة من سنة 1979 حتى سنة 1983 بذات الصفة، وأضاف المدعي أنه قد تقدم بتظلم من اعتباره "فئات" في قائمة المرشحين عن الدائرة الثالثة وقضت اللجنة برفض تظلمه، في حين أنه يتعين عدم الاعتداد بتغيير صفة المذكور من فلاح إلى فئات إعمالاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 التي تقضي بوجوب الاعتداد بالصفة التي تثبت للمرشح في 15/ 5/ 1971، وإذ نظرت المحكمة الشق المستعجل من الدعوى فقد أودع الحاضر عن المدعي حافظة مستندات، وبجلسة 30/ 5/ 1989 حضر الأستاذ مصطفى الهواري المحامي وطلب تدخل محمد ربيع سلطان (الطاعن) خصماً متدخلاً إلى جانب الحكومة في طلبها رفض الدعوى وأودع حافظة مستندات ومذكرة دفاع انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الدعوى، كذلك أودع الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات ومذكرة دفاع انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي مع إلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 3 من يونيه سنة 1989 صدر الحكم المطعون فيه الذي يقضى بما يأتي:
أولاً: بقبول تدخل محمد ربيع سلطان خصماً منضماً للحكومة في الدعوى، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام وزارة الداخلية مصروفات هذا الطلب، وأقامت المحكمة قضاءها على أن مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 أن الأصل أنه لا يعتد بتغيير الصفة من فئات إلى عمال أو فلاحين إذا كان ذلك بعد 15 مايو سنة 1971 على أن يعتد بصفة عامة في تحديد صفة المرشح من العمال أو الفلاحين بالصفة التي تثبت له في 15 مايو سنة 1971 أو بصفته التي رشح على أساسها لعضوية مجلس الشعب وأن الثابت أن محمد ربيع سلطان (الطاعن) لم يثبت له صفة فلاح في 15/ 5/ 1971 كما أنه لم يثبت من الأوراق أنه رشح لعضوية مجلس الشعب على أساس صفة فلاح وأن البادي من ظاهر الأوراق أنه قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبي المحلي لقرية دمو الفيوم بصفته فئات سنة 1983، وأنه وفقاً للفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم (38) لسنة 1972 فإنه لا يعتد بتغيير من فئات إلى عمال أو فلاحين إذا كان ذلك بعد 15 مايو سنة 1971 ومن ثم فإنه لا يجوز للمذكور أن يغير بعد ذلك من صفته وأن يتقدم لترشيح نفسه في انتخابات مجلس الشورى بصفته فلاح بعد أن ثبتت له صفة فئات في انتخابات المجلس الشعبي المحلي سنة 1983 على أساس أنه (عامل) فإنه يكون قد رشح نفسه على أساس صفة ليست له باعتبار أن الصفة التي تثبت له والتي لا يجوز تغييرها هي صفة فئات وإذ رفضت لجنة الاعتراضات الطعن المقدم من المدعي بشأن صفة المذكور فإن قرارها والحالة كذلك يكون قد صدر على غير أساس سليم من القانون الأمر الذي يتحقق معه ركن الجدية في الطلب المستعجل بوقف تنفيذه كما أن ركن الاستعجال متحقق أيضاً بالنظر إلى ما ينتجه الاستمرار في تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في مزاحمة محمد ربيع سلطان للمدعي في الانتخابات إذا أجريت على أساس صفته كفلاح.
وإذ لم يرتض محمد سلطان هذا الحكم فأقام طعنه الماثل استناداً على أن الحكم السالف خالف صحيح الواقع والقانون حيث أسس قضاءه على أن الطاعن قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبي المحلي لقرية دمو سنة 1983 بصفة (فئات) لا أساس له من الثابت من الأوراق إذ تقدم بحافظة مستندات رسمية انطوت على قائمة المرشحين سنة 1983 وثابت بها أنه رشح (فلاح) لمجلس محلي المحافظة وكذلك أصل قرار محافظة الفيوم رقم 339 لسنة 1983 بإعلان قوائم الحزب الوطني لعضوية المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الفيوم وثابت به أن صفته (فلاح) سنة 1983، وأن صفته في 15 مايو سنة 1971 كانت (فلاح) حيث إن حيازته في هذه الفترة كانت تسعة أفدنة وقيراطاً واحداً، فضلاً عن أنه لم يتقدم بعضوية لمجلس الشعب أو أي موقع انتخاب آخر يشير إلى صفته، وأضاف الطاعن أن هذا الطعن يعيد الدعوى سيرتها الأولى ومن ثم فإنه يطلب إلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن بجميع ما ترتب عليه من آثار.
ومن حيث إن مقطع النزاع ما إذا كانت حقيقة التكييف القانوني السليم لمحل الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو النعي على قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان في الترشيح لانتخابات مجلس الشورى في الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال أم أنه بعد أن تمت الانتخابات التي حدد يوم 8/ 6/ 1989 لإجرائها وإعلان انتخاب السيد المذكور عضواً بمجلس الشورى وممارسته هذه العضوية فإن الدعوى المطعون في حكمها وإن بدت وفقاً لعبارات المدعي ولحقيقة الحال منصبه على قرار لجنة الاعتراضات آنف الذكر ولكن إذا تراخى الفصل في النزاع حيث تم إعلان نتيجة الانتخاب في الدائرة المشار إليها وإعلان الفوز بعضوية مجلس الشورى فإن هذا الطعن ينصرف حتماً إلى قرار النتيجة الذي يقوم أساساً على سلامة جميع الإجراءات السابقة عليه ومن بينها قرار لجنة الاعتراضات المشار إليه وبالتالي تكون حقيقة طلبات المدعي والتكييف السليم لهذه الطلبات استناداً لأحكام الدستور والقانون أنها طعن في صحة عضوية أحد أعضاء مجلس الشورى وفي إعلان النتيجة في الدائرة محل الطعن مبناه عدم صحة قرار لجنة قبول الاعتراضات ومن ثم إعلان عضوية الطاعن بالمجلس.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام الدستور يبين أن المادة (62) تنص على أن (للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني) كما تنص المادة (64) على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة بينما تجرى عبارة المادة (68) بأن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، كما تنص المادة 196 على أن "يشكل مجلس الشورى من عدد من أعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن (132) عضواً وينتخب ثلث أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السري العام....." كما تنص المادة 197 على أن: يحدد القانون الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس الشورى وعدد الأعضاء بكل دائرة...." وذلك مفاده أن نيابة العضو أو عضويته بالمجلس إنما يكون مرجعها إلى عملية الانتخاب المباشر السري العام باعتبارها الوسيلة التي يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين فهذه الإرادة هي سند وأساس صحة النيابة أو صحة العضوية بمجلس الشورى فإذا شابت عملية الانتخابات شائبة ارتد ذلك بحكم التداعي على صحة النيابة أو صحة العضوية لضمان صحة العملية الانتخابية وسلامة إجراءاتها كل ذلك تجسيد للمفهوم الأساسي الذي تقوم عليه الدولة طبقاً لحكم المادة (3) من الدستور التي تقرر أن السيادة للشعب وحده.
ومن حيث إن مقتضى سيادة الشعب وحده أن يكون هو مصدر السلطات وأن يحدد لكل سلطة دستورية حدود اختصاصها بحيث لا يكون لإحدى سلطات الدولة أن تدعي لذاتها سوى ما خولها الدستور إياه، فما خوله الدستور هو ما يكون لها أن تباشره في الاختصاصات دون تسلب منه، ودون تغول على ما سواه.
ومن حيث إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام ويكون مطروحاً دائماً على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضي فيها من تلقاء ذاتها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم مما يكفل ألا تقضي المحكمة في الدعوى أو في شق منها دون أن تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها.
ومن حيث إن المادة (68) من الدستور تقضي بأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب وجهات القضاء بين المتقاضين ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
ومن حيث إن المادة (172) من الدستور تقضي بأن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وحيث إن المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد بين اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالمسائل المحددة بها ومن بينها الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية والطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك سائر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إنه يبين من أحكام هذه النصوص الدستورية والقانونية أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يعتبر صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي المختص بنظر الطعون في القرارات الإدارية وسائر المنازعات إلا أنه متى تضمن الدستور أو القانون في الحالات التي يجوز فيها ذلك النص الصريح على أن يكون الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لمحاكم أو لجهة أخرى فإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التغول في هذا الاختصاص بذات درجة وجوب حرصها على إعمال اختصاصها المقرر لها طبقاً لأحكام الدستور والقانون دون إفراط أو تفريط وعلى هذه المحاكم أداء رسالتها في إنزال رقابة المشروعية المقررة لها في حدود هذه الولاية وهذا الاختصاص دون تجاوز أو إنقاص.
ومن حيث إنه بتقصي نصوص الدساتير المصرية في تنظيمها الفصل في صحة العضوية لأعضاء المجالس النيابية بصفة عامة يبين أن المادة (95) من دستور سنة 1923 كانت تنص على أن "يختص كل مجلس بالفصل في صحة نيابة أعضائه ولا تعتبر النيابة باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي الأصوات ويجوز أن يعهد القانون بهذا الاختصاص إلى سلطة أخرى، وقد صدر القانون رقم (141) لسنة 1951 الذي أناط بمحكمة النقض مباشرة هذا الاختصاص.
وقد نص دستور سنة 1930 في المادة (90) منه على أن "تقضي محكمة الاستئناف منعقدة بهيئة محكمة نقض وإبرام أو محكمة النقض والإبرام إذا أنشئت في الطلبات الخاصة بصحة نيابة النواب والشيوخ أو بسقوط عضويتهم ويحدد قانون الانتخاب طريقة السير في هذا الشأن وبعد ثورة 23 يوليو سنة 1952 نص الدستور الصادر سنة 1956 على أن "يختص مجلس الأمة بالفصل في صحة عضوية أعضائه "وتختص محكمة عليا يعينها القانون بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى مجلس الأمة وذلك بناء على إحالة من رئيسه وتعرض نتيجة التحقيق على المجلس للفصل في الطعن ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس ويجب الفصل في الطعن خلال ستين يوماً من عرض نتيجة التحقيق على المجلس".
وقد حددت المادة (17) من قانون عضوية مجلس الأمة الصادر بالقانون رقم (46) لسنة 1956 المحكمة المشار إليها بأنها "محكمة النقض" إذ نص على أن "يقوم بالتحقيق في صحة عضوية أعضاء مجلس الأمة محكمة النقض".
وقد أوردت المادة (62) من دستور سنة 1964 ذات الحكم المنصوص عليه في المادة (89) من دستور سنة 1956 المشار إليها.
ومن حيث إن الدستور الحالي الصادر سنة 1971 قد نص في المادة (205) على أن: تسري في شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة بالدستور في المواد: (89)، (90)، (91)، (92)، (93)، (94)، (95)، (96)، (97)، (98)، (99)، (100)، (101)، (102)، (103)، (104)، (105)، (106)، (107)، (129)، (130)، (134).
وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام الواردة في هذا الفصل، على أن يباشر الاختصاصات في المواد المذكورة مجلس الشورى ورئيسه "وبنص في المادة (93) بالفصل الثاني منه بشأن مجلس الشعب على أن" يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها إليه من رئيسه ويجب إحالة الطعن إلى محكمة النقض خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم المجلس به..... وتعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل في صحة الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس. ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.
ومن حيث إنه يبين من نصوص الدساتير المصرية المتعلقة سواء في عهد النظام الملكي أو النظام الجمهوري أن دستور سنة 1923 قد أناط الاختصاص بالفصل في صحة العضوية لمجلس النواب أو الشيوخ كل بالنسبة لأعضائه بما مفاده اعتبار أن الأصل هو النهج القائم على منح المجلس النيابي ذاته الفصل في صحة عضوية أعضائه أي أن الاختصاص بالفصل في ذلك منوط بالسلطة البرلمانية أو النيابية للشعب، وليس للسلطة القضائية وقد أجاز الدستور في ذات الوقت للمشرع أن يمنح هذا الاختصاص لغير تلك السلطة ذات التشكيل والطابع السياسي فاستخدام المشرع هذه الرخصة منذ سنة 1951 وأناط الاختصاص بالفصل في صحة العضوية للسلطة القضائية وهو ما جرى عليه دستور سنة 1930 الذي أناط الاختصاص بالفصل في صحة العضوية بمحكمة الاستئناف المعقودة في هيئة محكمة نقض وإبرام أو بالمحكمة الأخيرة عند إنشائها.
وأكد المشرع الدستوري منذ سنة 1956 إلى نقل الولاية في الفصل في صحة العضوية إلى المجلس النيابي وهو مجلس الأمة، وفي ذات الوقت حتم أن تجري التحقيق في الوقائع الخاصة بالطعن # محكمة عليا يحددها القانون، ومقتضى ذلك أنه جعل تحقيق وقائع الطعن في صحة العضوية منوطاً بالسلطة القضائية، بينما ترك الفصل في صحة العضوية بناء على هذا التحقيق للمجلس النيابي وقد أناط قانون مجلس الأمة الاختصاص بتحقيق صحة العضوية بمحكمة النقض قمة المحاكم العادية في مصر، وبذلك قد أصبح للسلطة القضائية تحقيق وقائع الطعون في صحة العضوية، وتتولاه أعلى محكمة قانون في نظام القضاء العادي تحقيقاً لأقصى قدر من الضمانات لصحة العضوية من حيث تحقيق وتحديد الوقائع الصحيحة التي لا يقوم التطبيق السليم لأحكام الدستور أو القانون إلا عليها، بينما يكون للسلطة التشريعية الشعبية أو النيابية حسم النزاع على صحة العضوية وهذا عن النهج الذي أخذ به الدستور الحالي الصادر سنة 1971 في المادة (93) منه بالنسبة لمجلس الشعب والشورى.
ومن حيث إن مفاد هذه المادة - وفقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبل (المحكمة الإدارية العليا في الطعون أرقام 1900، 1920، 1925 لسنة 32 القضائية بجلسة 29 من فبراير سنة 1989) أن الطعون التي تختص محكمة النقض بتحقيقها، في إطار الاختصاص المقرر دستورياً لمجلس الشعب وحده بالفصل في صحة عضوية أعضائه، إنما هي الطعون التي تنصب أساساً على بطلان عملية الانتخاب ذاتها في معناها الدستوري والقانوني الفني الدقيق، والتي تتمثل في عمليات (التصويت والفرز، وإعلان النتيجة) طبقاً لأحكام القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسة المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1990 وبصفة خاصة أحكام المادتين (26، 37) من هذا القانون ومن ثم يكون الطعن على أية مرحلة من تلك المراحل المتتابعة التي تمر بها العملية الانتخابية بالمعنى الدستوري والقانوني الفني الدقيق على النحو المشار إليه من اختصاص مجلس الشعب وحده مباشرته إعمالاً لصريح حكم المادة (93) من الدستور المشار إليه، وعلى الوجه المنصوص عليه فيها أياً ما يكون وجه هذا الطعن أو أساسه ويسري هذا الحكم تبعاً على مجلس الشورى طبقاً للإحالة عليه المنصوص عليها في المادة (205) من الدستور السالف بيانها.
ومرد ذلك أن الدستور الحالي قد نص صراحة في المادة (3) منه على أن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات وأنه يمارس هذه السيادة ويحميها كما نظم في الفصل الثاني من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب الذي يتولى سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على الوجه المبين بالدستور (م 86) ويشكل هذا المجلس بطريق الانتخاب المباشر السري العام فيما عدا عشرة من أعضائه يعينهم رئيس الجمهورية (مادة 87) وأناط الدستور في المادة (88) بالقانون تحديد الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب مجلس الشعب وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء وحتم أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من الهيئات القضائية. كما نص في الباب السابع الفصل الأول على الأحكام الخاصة بمجلس الشورى والذي يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً، بالحفاظ على مبادئ ثورة 23 يوليو سنة 1952، 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وحماية تحالف قوى الشعب العاملة والمكاسب الاشتراكية والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمة العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الاشتراكي الديمقراطي وتوسيع مجالاته.
وقد نظم المشرع في قانون مجلس الشعب رقم (38) لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم (201) لسنة 1990، وفي القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسة المعدل بالقانون رقم (202) لسنة 1990 الشروط الخاصة بالعضوية وأحكام الانتخاب والاستفتاء والتصويت وفرز الأصوات وإعلان النتيجة وفي القانون رقم 120 لسنة 1980 الأحكام الخاصة بمجلس الشورى وكيفية انتخاب أعضائه حيث تنص المادة 24 من قانون مجلس الشورى على أن "مع عدم الإخلال بأحكام هذا القانون تسري في شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة في القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والأحكام المقررة بالمواد 2، 3، فقرة 2، 7، 8، 10، 11، 12، 14، 19، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 33، 34، 39 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب.
ومن حيث إنه يبين من أحكام الدستور وقوانين مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية ومجلس الشورى سالفة الذكر أن العضوية في مجلس الشعب أو الشورى أساسها الإرادة الشعبية ممثلة في الناخبين الذين يتعين الإدلاء بأصواتهم بالأغلبية القانونية اللازمة لصالح مرشح ممن تتوافر فيه الشروط التي حتمها الدستور والقانون يعتبر عضواً بمجلس الشعب أو الشورى بمقتضي السيادة الشعبية وبناء على التعبير الصحيح عن هذه الإرادة الشعبية بقوة الدستور وليس بمقتضى إرادة أية سلطة أخرى سواء أكانت سلطة لجنة إدارية أو سلطة وزير الداخلية، ومن ثم فإنه ليس لهذه اللجان المختصة بعمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتيجة، أو لوزير الداخلية من بعدها أية سلطة في تحديد الإرادة الشعبية في اختيار أعضاء مجلس الشعب أو أعضاء مجلس الشورى أو في تقرير صحة العضوية بالمجلس والرقابة التي يقررها الدستور لصحة العضوية هي بحسب الأحوال لمجلس الشعب ولمجلس الشورى وحدهما بناء على التحقيق الذي تجريه محكمة النقض في المطاعن الموجهة إلى هذه العضوية.
ومن حيث إنه غير خاف على الكافة أنه وإن كان ما سلف بيانه هو صحيح حكم الدستور والقانون في ظل قوانين مجلس الشعب ومجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية بعد تعديلها بالقانونين رقمي 201، 202 لسنة 1990 في ظل الانتخاب الفردي، فإن الأمر على خلاف ذلك في ظل الانتخاب بالقوائم الحزبية التي كانت تنص عليه المادة (36) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 قبل تعديلها سنة 1990 - والتي كانت تقضي بأنه في حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون المذكور بقرار من وزير الداخلية برئاسة أحد مساعدي وزير الداخلية حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وكل مرشح للانتخاب الفردي وتحديد الأحزاب التي يجوز لها وفقاً للقانون أن تمثل بمجلس الشعب، والمرشح للانتخاب الفردي الذي حصل على الأغلبية المطلوبة من الأصوات ثم تقوم بتوزيع المقاعد في كل دائرة على الوجه المبين في البنود ( أ )، (ب) من المادة المذكورة وعلى ذلك فإن الأمر في ظل هذا النظام كان يختلف اختلافاً بيناً عن نظام الانتخاب الفردي وذلك بالسلطة المستمدة للجنة الثلاثية سالفة الذكر ومن بعدها لوزير الداخلية في المادة (37) من القانون المذكور قبل تعديله سنة 1990 والتي تخول للجنة ثم للوزير سلطة توزيع المقاعد والأصوات على الأحزاب، وعلى المرشحين الأفراد على نحو يقطع بأنه توجد سلطة تقديرية أناطها القانون بهذه اللجنة الثلاثية ووزير الداخلية في توزيع الأصوات والمقاعد على ما سلف بيانه على نحو لا يلتزم التزاماً كاملاً بالإدارة الشعبية ممثلة في أصوات الناخبين التي تم الإدلاء بها خلال عملية التصويت وبصورة تؤثر في النتيجة التي تعلن للانتخاب وبالتالي فإنه - أياً ما كان الرأي في مدى اعتبار ما يصدر عن هذه اللجنة أو وزير الداخلية بعدها في هذا المجال قرار إداري من عدمه بالمعنى القانوني والفني الدقيق ويخضع نتيجة لذلك لولاية الإلغاء والتعويض لمحاكم مجلس الدولة - فإن وجود هذه اللجنة الإدارية وسلطتها في توزيع الأصوات والمقاعد طبقاً لنصوص القانون سالف الذكر قبل تعديله سنة 1990 هو المبرر الأساسي لاعتبار الطعن على ما تذهب إليه هذه اللجنة وعلى ما يقرره وزير الداخلية بعدها من نتائج طعناً في قرار أو تصرف إداري يدخل في ولاية محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لا شك في أنه إذا ألغيت الأحكام الخاصة بسلطة اللجنة الثلاثية آنفة الذكر في المادة (36) من قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد تعديله بالقانون رقم (202) لسنة 1990 فإنه قد أصبحت الإدارة والسيادة الشعبية وحدها هي الأساس في تحديد من يكون عضواً من بين المرشحين لأنه في هذا الخصوص سواء أكانت المطاعن على مرحلة سابقة وقدمت بعد إعلان هذه النتيجة أو على مراحل لاحقة لتقرير الإعادة فإن كل ذلك يتعلق بالفصل في صحة العضوية، بالنسبة لمن سوف يتم انتخابه لأن أي مطعن من تلك المطاعن ولو قبل الإعادة من مقتضاه أثاره الطعن في صحة عضوية من سوف ينتخب بالفصل في مرحلة الإعادة.
ومن حيث إنه لا تغفل المحكمة التأكيد على أنه لا يرتبط بلا شك المعيار الذي يحدد ما يدخل الفصل في صحة العضوية المقصور ولاية الفصل فيها على مجلس الشعب أو مجلس الشورى بحسب الأحوال بضرورة الإعلان عن فوز مرشح أو أكثر في الدائرة الانتخابية وحلفهم اليمين الدستورية لأنه إذا كان صحيح الفهم السليم لأحكام الدستور والقانون في تنظيم أحكام الترشيح والانتخاب أنه "كاشفاً عن الإرادة الشعبية" وليس منشئاً لمركز قانوني للمرشح للعضوية يعتبر بمقتضاه عضواً بمجلس الشعب أو مجلس الشورى من الوجهتين الدستورية والقانونية لأن هذه العضوية تتحقق بمقتضى الدستور منذ إقفال باب التصويت باللجان الانتخابية حيث تكون الإرادة الشعبية والسيادة الشعبية قد أودع التعبير عنها مسجلاً في تذاكر التصويت بصناديق الانتخاب، وتكمن في هذه التذاكر حقيقة ومضمون هذه الإرادة التي لا شأن لأية سلطة أو لأحد بعدها إلا في الكشف عنها والنزول عليها وإعلانها للكافة دون تبديل أو تغيير أو تعديل من أي نوع كان، ولذلك فإن عضو مجلس الشعب أو الشورى يتمتع بهذه العضوية وفقاً لصريح نصوص الدستور والقانون من تاريخ وساعة انتهاء عملية التصويت وهذا الحكم تنص عليه صراحة المادة (90) من الدستور التي نصت على أنه "يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل أن يباشر عمله اليمين الدستورية المنصوص عليها في هذه المادة فهذا العضو بصريح النص الدستوري له صفة العضوية قبل أن يقسم اليمين الدستورية أمام المجلس وقبل أن يباشر عمله أيضاً بهذا المجلس ومنذ أن تحققت بالفعل الإرادة الشعبية التي أسبغت عليه هذه العضوية لحظة انتهاء العملية الخاصة بالاقتراع وقبل أن يعلن عن هذه الإرادة الشعبية بعد الكشف عنها بطريق فرز الأصوات وإعلان النتيجة التي قررتها إرادة الناخبين، ولا يفوت المحكمة في هذا المجال التنويه أيضاً إلى أن هذا الاختصاص المنوط بمجلس الشعب أو مجلس الشورى بحكم الدستور طبقاً للمادة (93) منه إنما يمارسه هذا المجلس خاضعاً لأحكام الدستور والقانون وبناء على ما ينتهي إليه تحقيق الطعن بمحكمة النقض ولا يجوز إخضاعه للأهواء السياسية أو الحزبية إذ يعتبر فصلاً في منازعة على صحة العضوية بمجلس الشعب أو بمجلس الشورى وهذه المنازعة تتعلق بسلامة النظام العام الدستوري للوطن ويتعين حسمها في إطار من سيادة الدستور وسيادة القانون ونزاهة وتجرد القضاة وكل هذه الأسس والمبادئ العليا التي تنطبق بها أحكام الدستور والقانون يجب على كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى الالتزام بها في ممارسة اختصاصه الدستوري في حسم هذا النزاع، وهو التزام دستوري تحتمه طبيعة صحة العضوية بأي من المجلسين وأياً ما كانت الجهة المنوط بها طبقاً لأحكام الدستور تحقيق صحة العضوية والفصل في الطعون المقدمة بشأنها، فلا يخفي على أحد ما لهذا النزاع من طبيعة خاصة ومتميزة وما له من خطورة في الحياة الدستورية والبرلمانية والسياسية للأمة لتعلقه بسلامة وصحة التعبير عن سيادتها وإعمال إدارة الشعب الصحيحة بواسطة ممثليه الحقيقيين والشرعيين في مجلس الشعب والشورى فلا يجوز على أي وجه أن تطغى على من أناط به المشرع الدستوري أمانة الفصل في صحة هذه العضوية لأعضاء مجلس الشعب أو الشورى أية نزعة من الهوى أو الغرض تبعد وتنأى عن قداسة ونزاهة العمل القضائي الذي يلتزم التزاماً مجرداً ونزيهاً بصحيح حكم القانون وحقيقة الحال وثبوت الواقع.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه متى تعلق الأمر بالفصل في صحة العضوية ويشمل ذلك المنازعة في بطلان عملية الانتخاب بالمعنى الفني المشار إليه فيما سبق، فإنه لا يغير من اختصاص مجلس الشعب أو الشورى وحده بالفصل في هذه الطعون والمنازعات بحسب الأحوال ما قد يثار من تفرقة بين حالة ما إذا أسفرت عملية الانتخاب فعلاً عن انتخاب أحد المرشحين واكتسابه صفة العضوية بمجلس الشعب أو الشورى أو بين ما إذا لم تسفر العملية الانتخابية عن ذلك مما يقضي الإعادة بين المرشحين ذلك أن مفاد حكم المادة (93) من الدستور المشار إليه على ما سلف البيان، أن الاختصاص المقرر لمجلس الشعب أو مجلس الشورى بالفصل في صحة عضوية أعضائه يشمل كل نعي أو طعن على عملية الانتخاب بالمعنى الدستوري والقانوني الفني الدقيق في مراحله المتتابعة المشار إليها، ويفصل المجلس في ذلك بعد التحقيق الذي تجريه محكمة النقض بناء على ما ينتهي إليه هذا التحقيق من تحديد لواقع الحالة، إذا كان ثمة طعن مقدم في صحة العضوية وبناء على ما ينتهي إليه تحقيق وبحث لجنة الشئون الدستورية بمجلس الشعب أو الشورى إذا لم يقدم أي طعن على صحة عضوية الأعضاء، فالمجلس يختص وحده بتحقيق صحة العضوية لجميع أعضاء مجلس الشعب أو الشورى سواء أكانوا منتخبين أو معينين مطعون أو غير مطعون في عضويتهم تأسيساً على أن صحة العضوية أمر يتصل بالنظام العام الدستوري والسياسي المصري الذي يتعين على كل من مجلس الشعب والشورى من تلقاء ذاته العمل على الحفاظ عليه ورعايته.
ومن حيث إنه وإن كان الطعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه قد وجه أصلاً إلى قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان في الترشيح لانتخابات مجلس الشورى في الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال إلا أنه وإذ تراخى الفصل في هذا النزاع حتى تم الانتخاب وأعلنت بنتيجته فإنه لا يمكن فصل الطعن في مرحلة من مراحل العملية الانتخابية وهي مرحلة لجنة الاعتراضات على قبول أوراق الترشيح عن ما آل إليه الحال من إعلان نتيجة الانتخاب في الدائرة ذلك أنه ظاهر وواضح من أحكام قانوني مجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية أن تلك العملية الانتخابية عملية قانونية مركبة تبدأ بتحديد مواعيد التقدم للترشيح وتقدم المرشحين بطلبات الترشيح ثم الاعتراض خلال المواعيد ووفقاً للإجراء على من تقدمت أوراق ترشيحهم ثم تفصل لجنة الاعتراضات في هذه الطعون وبعد ذلك يعلن قائمة المرشحين وتطرح على الناخبين للتصويت عليها في يوم الانتخاب حيث يتبع ذلك فرز هذه المشرع لكي يتم مباشرة المرشحين والناخبين لإرادتهم وممارستهم لحقهم الدستوري والسياسي في الترشيح والانتخاب لعضوية مجلس الشورى وإعلان نتيجة مباشرتهم لهذه الحقوق في نتيجة الانتخاب وكل من هذه الإجراءات يتم بتعبير عن إرادة المرشح ثم عن إرادة السلطة الإدارية المختصة ويكون التعبير عن الإرادة في كل مرحلة مسبباً قانونياً للمرحلة التي تتلوها بحيث إذا فصلت إحدى المراحل لمخالفتها للدستور والقانون يبطل كل ما انتهى عليها قانوناً وكل ما ينبني على الباطل فهو باطل ومن ثم فإنه تبطل عضوية من أعلن فوزه بعضوية مجلس الشورى إذا تقرر أو قضى ببطلان أية مرحلة سابقة على إعلان نتيجة الانتخاب لبطلان هذا الإعلان بسبب بطلان ما سبقه من إجراءات والطعن في هذه الإجراءات ينطوي على الطعن حتماً في إعلان نتيجة الانتخاب ولا يمكن قانوناً ولا عقلاً ولا واقعاً فصل إحداهما عن الآخر إلا لو لم يكن موجوداً أصلاً.
ومن حيث إنه يبدو ظاهراً وقاطعاً من أحكام الدستور والقانون ومن النصوص سالفة الذكر أنه ليس لازماً لاختصاص مجلس الشورى وحده بالفصل في صحة العضوية لكافة أعضائه سواء المنتخبين أو المعينين - أن يكون ثمة طعن مقدم في صحة عضو معين أو يشمل بحسب المآل الطعن في صحة هذه العضوية لعضو بذاته من أعضاء المجلس لأن التحقق من صحة هذه العضوية لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى سواء أكان منتخباً أم معيناً بالمجلس - ولو لم يقدم بشأنه أي طعن مباشر أو غير مباشر - هو أحد الواجبات الدستورية الأساسية التي يباشرها مجلس الشورى إعمالاً لأحكام الدستور وقانون مجلس الشورى واللائحة الداخلية للمجلس من تلقاء ذاته بالنسبة لكل عضو من أعضائه، ودون أي طعن ودون أي طلب من أي عضو أو من أية جهة، ذلك تأسيساً على أن التحقق من صحة سلامة الإرادة الشعبية التي أسبغت على كل عضو من أعضاء مجلس الشورى صفة العضوية يعتبر من النظام العام الدستوري والبرلماني الواجب حتماً الالتزام به وإعمال حكمه وترتيب أثره وهو المبدأ الدستوري العام الذي نظمت بناء عليه أحكام وقواعد أمر الفصل في صحة العضوية لجميع أعضاء مجلس الشورى سواء كانوا منتخبين أو معينين مطعون في صحة عضويتهم أم غير مطعون فيها من أحد على النحو السالف البيان. وبالتالي فإن مبدأ إعلان الإرادة الشعبية للناخبين لا تملك أية جهة سوى مجلس الشورى الفصل في أي مطعن وعلى صحة عضوية أي من أعضاء مجلس الشورى سواء أكان الطعن منصباً على العملية الانتخابية من تصويت وفرز الأصوات وإعلان النتيجة مباشرة ودون غيرها أو كانت المطاعن تنصب على المراحل السابقة للعملية الانتخابية من حيث التقدم بطلبات الترشيح والفصل في الاعتراضات ثم كشف المرشحين لما في ذلك بحسب حقيقة الحال والضرورة من ارتباط حتمي بسلامته - وصحة ما يتلوها من مراحل في إجراءات العملية الانتخابية وإعلان نتيجتها يرتب حتماً وبالضرورة بطلان الانتخاب وإعلان نتيجته تأسيساً على بطلان أية مرحلة سابقة عليه يتم على أساسها الطعن في قرار لجنة الفصل في الاعتراضات على المرشحين هو طعن حتماً في سلامة التصويت والفرز وإعلان النتيجة بشأن من طعن على قبول أوراق ترشيحه لبطلان كل ذلك حتماً النتيجة فإن تحقيق أي مطعن على عملية الترشيح والانتخاب تختص به وحدها محكمة النقض ثم يفصل بناء على ما ينتهي إليه مجلس الشورى في صحة العضوية.
ومن حيث إنه لا يسوغ في هذا المجال الزعم بأن ما قضى به الدستور صراحة في المادة (93) منه يتضمن حرمان المرشحين المتنافسين على عضوية مجلس الشورى أو غيرهم ممن له صفة ومصلحة في حقهم الدستوري في الطعن قضائياً على صحة هذه العضوية وذلك لأن حق الطعن قضائياً على ما يعد قرار إداري في العملية الانتخابية قائم لحين إعلان نتيجة الانتخاب ولأن الدستور قد أناط الاختصاص بالفصل في صحة العضوية بمجلس الشورى وبناء على التحقيق الذي تجريه محكمة النقض وحدها على النحو سالف البيان.
فحق الطعن نظمه الدستور ذاته اختصاصاً وتحقيقاً ونظمته النصوص السالفة بناء على صريح نص الدستور من حيث الإجراءات كما سلف بيان ذلك.
ومن حيث إنه لا يسوغ على أي وجه أن يوجه لأحكام الدستور الصريحة القاطعة النقد أمام القضاء وفيما قضت به مواد الدستور في موضوعها من اختيار دستوري لأسلوب الرقابة على صحة العضوية على النحو المشترك بين السلطتين التشريعية والقضائية ممثلة في محكمة النقض على النحو السالف ذكره.
لأن الدستور هو الأساس لكل قاعدة قانونية تشريعية في الدولة ويتعين أن ترد كل قاعدة منها إليه لتحديد ما إذا كانت قد صدرت على نحو سليم دستورياً وتضمنت أحكاماً متوافقة دستورياً مع أحكامه من عدمه، ولا يحاكم الدستور على الإطلاق بأية قاعدة قانونية وضيعة أخرى، حيث تعلو وتسمو قواعده، على أية قواعد قانونية أخرى وتسود الأحكام الدستورية كل مراتب البناء التشريعي القانوني في الدولة، كما أنه ترتفع سيادة وإرادة الشعب الصادرة عنها القواعد الدستورية التي يحتويها الدستور بين دفتيه - كل إرادة أخرى، وقد سبق بيان أن للسلطة المؤسسة واضعة أحكام الدستور أن تختار ما تشاء من نظم للتحقق من صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشورى سواء أكان نظاماً سياسياً بحتاً أو نظاماً قضائياً بحتاً أو نظاماً مشتركاً مثل النظام الذي أخذ به دستور سنة 1971 وقد سلف بيان ما أخذت به دساتير مصر المتعاقبة في عهديها الملكي والجمهوري في هذا الخصوص.
وفضلاً عما سبق فإنه لا يتصور تفسير كل من نصوص الدستور أو بعضها منفصلة عن باقي نصوصه وأحكامه، فالنصوص التي يتضمنها الدستور وما تنطوي عليه من أحكام - كل متكامل يتعين تفسيره وفهمه بعضه مع البعض دون معزل لجانب منه عن الجانب الآخر وإلا كان في ذلك النهج السقيم تغافل عن بعض أحكام الدستور بقصد إهدارها للانحراف في تفسير بعض أحكامه الأخرى عن حقيقة مراد المشرع الدستوري وقصده منها.
ومن حيث إنه بناء على كل ما سبق بيانه في صحيح حكم الدستور والقانون يكون الاختصاص لا شك ما يقتضيه حسن سير العدالة وسلامة أداء رسالتها من عدم تقطيع أوصال المنازعة الواحدة بصحة العضوية حالاً أو مآلاً إلى المنازعة عموماً في مدى صحة العملية الانتخابية من (تصويت) أو (فرز) و(إعلان النتيجة) على الوجه سالف البيان ويستوي في ذلك أن يقتصر الطعن ابتداء على إجراءات التقدم بطلبات الترشيح أو أن تشمل مطاعن أخرى على عملية الانتخاب وإعلان نتيجة ذلك ما دام أنه قد تم قانوناً إعلان نتيجة الانتخاب ويستوي في ذلك أن تكون عملية الانتخاب قد أسفرت عن فوز مرشح بعينه، أم لم تكن قد أسفرت عن فوز مرشح وإنما كشفت عن وجوب الإعادة بين المرشحين، فمناط تحديد الاختصاص المحجوز دستورياً لمجلس الشورى وحده أن يكون مرد الطعن ما شاب العملية الانتخابية من بطلان بالمعنى الفني الدقيق من تصويت وفرز وما شابها في أية مرحلة من البطلان متى أسفرت هذه العملية حالاً أو مآلاً من اكتساب العضوية بمجلس الشورى إذ يصبح الطعن موجهاً بالحتم والضرورة إلى صحة العضوية وإن بدا موجهاً إلى مجرد قرار قبول أوراق الترشيح ولا يمكن عزل المطاعن الموجهة إلى أية مرحلة سابقة على إعلان نتيجة الانتخاب عن اعتبارها طعناً في هذه النتيجة لأن هذه المطاعن غايتها الحتمية هي بطلان قرار قبول أوراق الترشيح لعضوية مجلس الشورى وبطلان الإدراج في كشف المرشحين المقدم إلى هيئة الناخبين لاكتساب العضوية بإرادتهم وهي بالحتم والضرورة إبطال لإعلان نتيجة الانتخاب بسبب بطلان الترشيح إذا ما تمت بالفعل عملية الانتخاب وأعلنت النتيجة بعد فرز أصوات الناخبين فلا يتصور أن يكون قصد ثمة مطعن في كشف المرشحين بعد إعلان نتيجة الانتخاب أن يعطل الكشف وحده دون إبطال صحة عضوية من فاز بناء على الكشف الباطل من جهة، ولا تكون حتماً العضوية صحيحة لمن كان ترشيحه باطلاً قانونياً من جهة أخرى فلا تصبح إعلان نتيجة الانتخاب أي بطلان وقع في أي إجراء سابق على إعلان هذه النتيجة وصحة عضوية أعضاء مجلس الشورى ركن أساسي يتعلق بسلامة النظام العام الدستوري في البلاد.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما سبق يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص المحكمة بنظر الدعوى وهي حسبما سلف البيان لا تعدو في حقيقة تكييفها بعد إعلان نتيجة الانتخاب في الدائرة أن تكون منازعة في صحة العضوية لمجلس الشورى قد خالف صحيح حكم الدستور والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وألزمت المطعون ضدهما بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق