بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 04-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 280 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
م. ه. ا. ذ.
م. ش. ا. ا. ز. ذ. م. م.
مطعون ضده:
س. ا. ه.
م. ذ. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/155 استئناف عقاري بتاريخ 29-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في الملف الإلكتروني وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ياسر أبو دهب وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعنتين " مجموعة شركات اس اند زد ذ م م ، مدرسة هابيتات الخاصة ذ.م.م " أقامتا الدعوى رقم 1353 لسنة 2023 عقاري على المطعون ضدهما " سيتي اسكول هولدنجز ، مدرسة ذا الفا ش.ذ.م.م " بطلب الحكم ــ بحسب الطلبات الختامية ــ بإثبات التقايل الجاري بين الأطراف بخصوص اتفاقية "تأجير من الباطن" المبرمة بين الطاعنة الأولى ، والمطعون ضدها الثانية التي تمثلها المطعون ضدها الأولى بتاريخ 30/9/2022 بخصوص تأجير المبنى موضوع الدعوى القائم على قطعة الأرض رقم 234-3606 بمنطقة القصيص 3 بدبي ، مع ما يستتبع ذلك من فسخ مذكرة التفاهم المبرمة بين الأطراف والمؤرخة في 22/9/2022 بخصوص ذات المبنى ، وإعادة الحال لما كان عليه قبل التعاقد بين الأطراف، بما في ذلك من إلزام المطعون ضدهما بالتضامن والتكافل بأن تؤديا للطاعنة الثانية مبلغ 1,680,000 درهم عن الدفعات الأولى والثانية والثالثة من الإيجار، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى السداد التام ، وإلزامهما بالتضامن والتكافل بأن تردا للطاعنة الثانية جميع أصول الشيكات المبينة بالصحيفة والأوراق والمسلّمة إليهما عن اتفاقية التأجير من الباطن موضوع الدعوى ، و إلزامهما بالتضامن والتكافل بأن تردا للمطعون ضدها الثانية أصل شيك الضمان المسلّم إليهما عن اتفاقية التأجير من الباطن موضوع الدعوى رقم 001947 ، والمسحوب على بنك أبوظبي التجاري (فرع عجمان) ، وقالتا بياناً لذلك إنه بتاريخ 30/9/2022 أبرمت المطعون ضدها الثانية وتمثلها المطعون ضدها الأولى مع الطاعنة الأولى اتفاقية تأجير من الباطن بموجبها استأجرت الطاعنة الأولى من الباطن عقار النزاع المبين بالصحيفة والأوراق القائم على قطعة الأرض رقم 234-3606 منطقة القصيص 3 بدبي ، والمملوكة لمؤسسة دبي العقارية وتمثلها مجموعة وصل العقارية، والمؤجرمن المؤسسة للمطعون ضدها الثانية ، وذلك بغرض استخدامه كمدرسة تعليم خاص للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتم تسليم المطعون ضدهما شيك ضمان ، وشيكات الأجرة المبينة بالأوراق ، والتي قامت الطاعنة الثانية بإصدارها نيابة عن الطاعنة الأولى ، وإذ لم تمكن المطعون ضدهما الطاعنة الأولى من استعمال العقار المؤجر للغرض الذي جرى التعاقد عليه نتيجة عدم قيامهما باستصدار عقد إيجار مصدّق (إيجاري) باسم المدرسة المزمع ترخيص المبنى عليها ــ هابيتات اسبيشل ايديوكيشين سنتر ش.ذ.م.م (مركز هابيتات للتعليم الخاص ذ م م)ــ ، مما نجم عنه عدم استفادة الطاعنة الأولى بالعين المؤجرة ، مما دعاها ل توجيه خطاب إخلال وإنهاء التعاقد إلى المطعون ضدهما ، ومن ثم أقامتا الدعوى ، وجه المطعون ضدهما طلباً عارضاً ( دعوى متقابلة ) بطلب الحكم بإثبات إخلال الطاعنتين بالتعاقد ، وأحقية المطعون ضدهما في شيك الضمان رقم 001947 والمسحوب على بنك أبو ظبي التجاري فرع عجمان والبالغ قيمته 500000 درهم ، وبإلزام الطاعنتين بالتضامن والتضامم والتكافل بسداد مبلغ 800000 درهم قيمة ستة أشهر إيجار إضافي لإنهاء العقد من قبل الطاعنتين طبقا لنص الفقرة 3-7 من اتفاقية الإيجار المبرمة في 30/9/2022 مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى السداد التام ، وذلك على سند من إخلال الطاعنتين بالتزامهما التعاقدي ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد إيداع التقرير حكمت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى الأصلية والمتقابلة ، استأنفت الطاعنتان ذلك الحكم بالاستئناف رقم 155 لسنة 2025 عقاري ، وبتاريخ 29/4/2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان على ذلك الحكم بالطعن بالتمييز رقم 280 لسنة 2025 عقاري بموجب صحيفة أودعت إلكترونياً بتاريخ 29/5/2025 طلبتا فيها نقض الحكم، ولم يقدم المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما في الميعاد المقرر قانوناً. وإذ عٌرض الطعن على هذه المحكمة ـ في غرفة مشورة ـ فقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث إن حاصل ما تنعي به الطاعنتان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، وفي بيان ذلك تقولان إن الحكم إذ أقام قضاءه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن عقد الإيجار سندها مدته تسع سنوات ، في حين أن تقرير الخبرة قد بين أن مذكرة التفاهم المبرمة بين طرفي النزاع بتاريخ 20/9/2022 قد ورد بها أن مدة العقد خمسة عشر عاماً مع إمكانية تجديد المدة ، كما بين التقرير أن مدة الإيجار الواردة بعقد الإيجار المؤرخ 30/9/2022 ، وجدول سداد بدل الأجرة هي خمسة عشر عاماً ، مع إعطاء الطاعنة الأولى حق الفسخ عند نهاية السنة التاسعة ، ومن ثم يثبت الاختصاص للمحكمة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنص المادة 25 من قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز لكل إمارة أن تُنشئ لجاناً تختص دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بعقود إيجار الأماكن بين المؤجر والمستأجر ، ولها أن تُنظم إجراءات تنفيذ قرارات تلك اللجان ، ومن المقرر أن اختصاص الدائرة الابتدائية بمركز فض المنازعات الإيجارية -ـ لدى دائرة الأراضي والأملاك بإمارة دبي-ـ قاصر على المنازعات التي تنشأ بين مؤجري ومستأجري العقارات الواقعة في إمارة دبي -أيا كانت طبيعتها- والتي تقل مدة الإيجار فيها عن (10) سنوات ، كما من المقررأن العقد النهائي الذي تدون نصوصه كتابة والتوقيع عليها هو الذي تستقر به العلاقة بين الطرفين ويكون قانون المتعاقدين بحيث يصبح المرجع في تبيان نطاق التعاقد وشروطه وتحديد الحقوق والالتزامات لطرفيه ، كما من المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ، وبحث وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبرة المقدمة فيها ، والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها ، وتفسير صيغ العقود والاتفاقات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، لما كان ذلك وكان الثابت من ملف الطعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه سالف البيان على سند مما خلص إليه من أوراق ومستندات الدعوى ، أن العقد الذي يحكم العلاقة بين طرفي النزاع هو عقد التأجير من الباطن سند الدعوى المؤرخ 30/9/2022 ، وليس مذكرة التفاهم المبرمة بين الطرفين بتاريخ سابق على هذا العقد ، وأن مدة عقد التأجير من الباطن سند الدعوى الدائر حوله النزاع حسب الثابت من ديباجته هي تسع سنوات ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر النزاع إلى مركز فض المنازعات الإيجارية ، وإذ كان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً له معينه من الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون في ضوء السياق المتقدم سرده ويكفي لحمل قضائه في هذا الشأن ويتضمن الرد المسقط لما تثيره الطاعنتان بالنعي من حجج على خلافه بغية تعييب هذا الاستخلاص توصلاً إلى نتيجة مغايرة، ولا ينال منه ما تثيرانه بالنعي بشأن انتهاء تقرير الخبرة إلى أن مدة الايجار خمسة عشر عاماً ذلك أنه وفضلاً عن كون ذلك مسألة قانونية تختص بها محكمة الموضوع ، فإن تقرير الخبرة قد انتهى في نتيجته النهائية ــ خلافاً لما تدعيه الطاعنتان بالنعي ــ إلى أن مدة عقد الإيجار تسع سنوات ، كما ولا يغير من مدة العقد سالف البيان ما ورد بالبند 3/2 منه من أحقية الطرف المستأجر في تجديد عقد التأجير من الباطن لمدة 6 سنوات أخرى عند انتهاء فترة التأجير ، ذلك أنه وفضلاً عن كون التجديد مشروط بما ورد في ذلك البند من قيام الطرف المستأجر بتقديم إخطار كتابي للمؤجر برغبته في التجديد قبل انتهاء مدة العقد ( التسع سنوات التي تبدأ ــ بحسب ديباجة العقد ــ من 1/10/2022) بسته أشهر ، فإن تجديد العقد ــ عند تحققه ــ يُعد بمثابة عقد جديد يعقب العقد السابق ، وليس استمراراً له ، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون محض مجادلة موضوعية غير جائزة أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول .
وحيث إن حاصل ما تنعي به الطاعنتان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصورفي التسبيب وفي بيان ذلك تقولان إن الثابت من الأوراق أن مؤسسة دبي العقارية ( وصل ) هي مالكة عقار النزاع ، وأن المطعون ضدهما تستأجراه منها مع أحقيتهما في تأجيره من الباطن ، وأن سبب عدم إتمام تنفيذ اعقد التأجير من الباطن سند الدعوى هو رفض المؤسسة قبول ترخيص العقار كمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن ثم عدم قدرة المطعون ضدهما على تزويد الطاعنتين بعقد إيجاري يمكنهما من استخدام العقار في الغرض الذي استأجراه من أجله ، ومن ثم ثبوت اخلال المطعون ضدهما بالتزامهما التعاقدي ، وتحقق موجب الشرط الفاسخ للعقد ، وأحقيتهما ( الطاعنتين ) في استرداد ما تم دفعه من تأمين ودفعات إيجار بموجب عقد التأجير من الباطن سند الدعوى ، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أنه ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النعي الوارد على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه يكون غير مقبول، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف على نحو ما تقدم بيانه عند حد القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع ، ومن ثم فإن ما تنعي به الطاعنتان ــ بالنعي سالف البيان ــ يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه، وبالتالي غير مقبول، ويتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن ، وألزمت الطاعنتين المصروفات ، مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق