الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

الطعن 27042 لسنة 92 ق جلسة 5 / 2 / 2025

باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة التجارية والاقتصادية
ــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القـاضي / محمد أبو الليل" نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / أمين محمد طموم ، راغب عطية محمـد عبد العزيز أبا زيد و هشام عبد الرحمن بهلول " نواب رئيس المحكمة"
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ حسن القوصي.
وأمين السر السيـد / إبراهيم عبد الله.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.
في يوم الأربعاء 6 من شعبان سنة 1446 هـ الموافق 5 من فبراير سنة 2025م.
أصدرت الحكم الآتى
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 27042 لسنة 9٢ قضائية.
والمرفوع مـن
السيد/ النائب العام.
ويعلن بمبنى النيابة العامة بالرحاب، محافظة القاهرة.
لم يحضر أحد عن الطاعن بالجلسة.
ضــــــــد
١- السيد/ ………..
ويعلن في ………
٢- السيد/ رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري.
ويعلن بالإدارة القانونية ٥٧ شارع الجيزة برج الجامعة، محافظة القاهرة.
حضر عن المطعون ضده الأستاذ/ ……. المحامية.
-------------
الوقائع
في يوم 20/12/2022 طعن بطريق النقض في حكم محكمة القاهرة الاقتصادية "الدائرة الاستئنافية" الصادر بتاريخ 20/12/2021 في الاستئناف رقم 8720 لسنة 2021ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته.
وفي 1/1/2023 أعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن.
وفي 15/1/2023 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
وفي 16/1/2023 أودع المطعون ضده الأول مذكره بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابـة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 2/10/2024 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 5/2/2025 سُمعت المرافعة أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي المطعون ضدها والنيابة كل على ما جاء بمذكرته، والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ ……. "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ۸۷۲ لسنة ۲۰۲۱ أمام محكمة القاهرة الاقتصادية "الدائرة الابتدائية" ضد البنك المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزام الاخير بأن يؤدي له مبلغ عشرة مليون جنيه، على سند من أن المطعون ضده الأول لديه حساب توفير لدى المطعون ضده الثاني، وأصدر له الأخير بطاقة إلكترونية دائنة (debit card)، وقام المطعون ضده الأول بإعطاء البطاقة لشقيقه، وهو من مقدمي خدمات شركة فوري للمدفوعات الإلكترونية، لاستعمالها لشراء وحدات ورصيد إلكترونية (شحن ماكينات فوري)، وفوجئ المطعون ضده الأول في غضون عام ۲۰۱٦ بقيام المطعون ضده الثاني بإخطار وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بوجود شبهات حول ارتكاب المطعون ضده الأول جريمة التهرب الضريبي باعتبار أن التدفقات النقدية على حساب الأخير خلال السنوات من ۲۰۱٤ الى ۲۰۱٦ لا تتناسب مع دخله من وظيفته كوكيل للنائب العام، وتم إخطار النيابة العامة بعريضة قيدت برقم ٥٣ لسنة ۲۰۱٦ عرائض مكتب النائب العام، وباشرت نيابة مكافحة التهرب من الضرائب التحقيقات فيما تضمنته تلك العريضة، وقد تسبب فعل المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول بأضرار مادية ومعنوية الأمر الذي حدا به إقامة دعواه، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا القضاء بالاستئناف رقم ٦۲۸ لسنة ۲۰۱۳ أمام محكمة القاهرة الاقتصادية "الدائرة الاستئنافية" التي قضت بتاريخ 20/12/2021 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ مليون جنيه تعويضاً عما لحقه من ضرر. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض لمصلحة القانون، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النص في المادة 250 من قانون المرافعات على أن " للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك في الأحوال الآتية: ١- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. ۲- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقعها النائب العام، وتنظر المحكمة الطعن في غرفة المشورة بغير دعوة الخصوم"، والنص في المادة ٢٥٢ من ذات القانون على أن "ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً، ولا يسري هذا الميعاد على الطعن الذي يرفعه النائب العام لمصلحة القانون وفقاً لحكم المادة ٢٥٠" يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون وذلك في الأحكام الانتهائية - أياً كانت المحكمة التي أصدرتها - وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة مما يحسن معه المصلحة القانون والعدالة أن تعرض هذه المسائل على المحكمة العليا لتقول رأيها فيها فتضع حداً لتضارب الأحكام ولم يقصر المشرع حق النائب العام في الطعن في الأحكام على حالة تفويت الخصوم الميعاد الطعن أو نزولهم عن الطعن حيث يكون الطعن جائزاً وإنما أجازه أيضاً على الحالة التي يمنع القانون الطعن فيها، متى كان مبنى الطعن مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صادراً من الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية استئنافاً للحكم الصادر من الدائرة الابتدائية بتلك المحكمة فإنه يكون انتهائياً غير قابل للطعن فيه من الخصوم، وكان مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، فإنه يجوز الطعن فيه عن طريق النائب العام لمصلحة القانون عملاً بالمادة ٢٥٠ من قانون المرافعات سالفة البيان، ودون التقيد بميعاد الطعن المنصوص عليه بالمادة 252/1 من ذات القانون، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت بالأوراق أن إخطار المطعون ضده الثاني لوحدة مكافحة غسل الأموال عن وقائع سحب وإيداع تمت على حساب المطعون ضده الأول خلال الفترة من ۲۰۱٤ الى ۲۰۱٦ صحيح ولا مخالفة للقانون فيه لاشتباه البنك في أن تلك العمليات يشتبه أنها تشكل متحصلات عن جريمة التهرب الضريبي والتي يصلح الاعتداد بها كجريمة أصلية نتج عنها مال يعد متحصلات عملاً بالمواد ۱ و ۲ من القانون ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ المعدل بالقوانين أرقام ۷۸ لسنة ۲۰۰۳ و ۱۸۱ لسنة ۲۰۰۸ و ٣٦ لسنة ٢٠١٤ ومن ثم ترتفع عن المطعون ضده الثاني المسئولية المدنية والجنائية عن الإخطار بموجب المادة العاشرة من ذات القانون، سيما وقد ثبت من تحقيقات نيابة الشئون الضريبية والجمركية صحة مضمون هذا الإخطار وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر وأعمل نصوص القانون ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ قبل تعديلها بموجب القانون ٣٦ لسنة ۲۰۱٤ وقضى بالزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ مليون جنيه عما لحق به من أضرار على سند من أن المال المتحصل من جريمة التهرب الضريبي لا يعتد به في مجال واجب إخطار وحدة غسل الأموال عن العمليات التي تتعلق به فيكون البنك قد أخطأ في الكشف عن سرية حسابات المطعون ضده الأول، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله، وأنه يتعين على قاضي الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه. وكان من المقرر وفق نص المادة ۹۷ من القانون ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد أن "تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة أو من أحد ورثته أو من أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال، أو من النائب القانوني أو الوكيل المفوض في ذلك أو بناء على حكم قضائي أو حكم محكمين، ويسري الحظر المنصوص عليه في الفقرة السابقة على جميع الأشخاص والجهات بما في ذلك الجهات التي يخولها القانون سلطة الاطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها طبقاً لأحكام هذا القانون، ويظل هذا الحظر قائما حتى ولو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب"، كما نصت المادة ۱۰۱ من ذات القانون على أنه "لا تخل أحكام المادتين (۹۷، ۱۰۰) من هذا القانون بما يلي: (أ) ... (د) ما تنص عليه القوانين والأحكام الخاصة بتنظيم مكافحة غسل الأموال".
وحيث إن القانون رقم ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ بشأن إصدار قانون مكافحة غسل الأموال والمعدل بالقانون ٣٦ لسنة ۲۰۱٤ في مادته الأولى نص على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون تكون لكل من الكلمات والعبارات الآتية المعنى المبين قرين كل منها: (۱)... (ب) غسل الأموال: كل فعل من الأفعال المنصوص عليها في المادة (۲) من هذا القانون. (ج) الجريمة الأصلية: كل فعل يشكل جناية أو جنحة بموجب القانون المصري، سواء ارتكب داخل البلاد أو خارجها متى كان معاقباً عليه في كلا البلدين. (د) المتحصلات: الأموال الناتجة أو العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من ارتكاب أية جريمة أصلية. (هـ) الوحدة : وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب . (و) المؤسسات المالية: ١- البنوك العاملة في مصر وفروعها في الخارج وفروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر ..." كما نص في المادة الثانية على أنه يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من علم أن الأموال أو الأصول متحصلة من جريمة أصلية، وقام عمداً بأي مما يلي: ١- تحويل متحصلات أو نقلها، وذلك بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلية، ٢- اكتساب المتحصلات أو حيازتها أو استخدامها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو التلاعب في قيمتها أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية لها أو لمصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها.
ونص في المادة الرابعة على أنه "تختص الوحدة بتلقي الإخطارات الواردة من المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية، عن العمليات التي يشتبه في أنها تشكل متحصلات أو تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو محاولات القيام بهذه العمليات، وعلى الوحدة إنشاء قاعدة بيانات لما يتوفر لديها من معلومات ولها أن تتيحها للسلطات القضائية وغيرها من الجهات المختصة بتطبيق أحكام هذا القانون، وكذلك تبادل هذه المعلومات والتنسيق مع جهات الرقابة في الدولة، ومع الجهات المختصة في الدول الأجنبية والمنظمات الدولية تطبيقاً لأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفاً فيها أو تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.
وجاء نص المادة الثامنة على أنه "تلتزم المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية بإخطار الوحدة فوراً عن أي من العمليات التي تشتبه في أنها تشكل متحصلات أو تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، أو محاولات القيام بهذه العمليات أياً كانت قيمتها، وعليها وضع النظم الكفيلة بتطبيق إجراءات العناية الواجبة بالعملاء وغيرها من القواعد والإجراءات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تصدرها الوحدة.
وجاء نص المادة العاشرة على أنه "تنتفي المسئولية الجنائية والمدنية عن كل من قام - بحسن نية - بواجب الإخطار للوحدة عن أي من العمليات المشتبه فيها الخاضعة لأحكام هذا القانون، أو تقديم معلومات أو بيانات للوحدة بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها".
ونصت المادة الخامسة عشر على أنه "يُعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أياً من أحكام المواد أرقام (۸، ۹، ۱۱) من هذا القانون." وتنص المادة ١٦ مكرر على أنه "مع عدم الإخلال بأحكام القوانين المنظمة لعمل المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية يكون للجهات المختصة بالرقابة المشار إليها في المادة (۷) من هذا القانون أن تتخذ تجاه المؤسسات والجهات التابعة لرقابتها عند مخالفة أحكام هذا القانون أو القرارات أو الآليات أو القواعد أو الضوابط الصادرة تنفيذاً له أياً من الإجراءات الآتية : ١-توجيه تنبيه. ۲- الإلزام بإزالة المخالفة واتخاذ إجراءات تصحيحية خلال مدة محددة - منع مزاولة الأعمال أو تعليقها أو تقييدها أو وقف النشاط وذلك لمدة لا تجاوز سنة. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون ضوابط وإجراءات تنفيذ ذلك".
فإن مفاد تلك النصوص، أن المشرع في القانون ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ وإن كان قد أكد في المادة ٩٧ على قاعدة سرية حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها وعدم جواز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحبها أو من أحد ورثته أو من أحد الموصى لهم بكل أو بعض هذه الأموال أو من النائب القانوني أو الوكيل المفوض في ذلك أو بناءً على حكم قضائي أو حكم محكمين، وقرر على تعرض من يخالف تلك القواعد للجزاءات المقررة بذات القانون، إلا أن المشرع بالمادة ۱۰۱ من ذات القانون استثنى ما تنص عليه القوانين والأحكام الخاصة بتنظيم مكافحة غسل الأموال، وإذ جاء القانون ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ شأن إصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانون ٣٦ لسنة ۲۰۱٤ المنطبق على واقعة الدعوى لينظم ذلك الاستثناء، وبعد أن كان المشرع المصري وقبل التعديل الأخير قد تبنى الأسلوب الحصري في النص على أنواع الجرائم التي تعد مصدراً للمال غير المشروع بالمادة ٢ منه بالنص فيه على جرائم على سبيل الحصر لا يقبل القياس عليها والتوسع في تفسيرها، إلا أنه وبموجب هذا التعديل اصبحت الجرائم الأصلية التي يحظر غسل الأموال المتحصلة منها -تشمل كافة الجنايات والجنح المجرمة بموجب القانون المصري التي يتحصل منها على تلك الأموال، دون قصرها على جرائم معينة دون غيرها، وألزم القانون السالف المؤسسات المالية ومنها البنوك بمادته الثامنة بإخطار وحدة مكافحة غسل الأموال عن العمليات التي تشتبه في أنها تشكل متحصلات أو تتضمن غسل أموال أو تمويل إرهاب، وكان المقصود بالمتحصلات وفقاً للمادة الأولى من ذات القانون هو الأموال الناتجة أو العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من ارتكاب أية فعل يشكل جناية أو جنحة بموجب القانون المصري، بل إن القانون شدد على ضرورة هذا الإخطار إلى حد تقرير عقوبات على من لم يقم بواجب الإخطار من الجهات المخاطبة به، ولضمان فاعلية تطبيق نص المادة الثامنة وضرورة إخطار الوحدة بأي عملية من العمليات السالفة فقد جاء القانون السالف ٣٦ لسنة ۲۰۱٤ لتعديل نص المادة ١٠ من القانون ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ بالنص على انتفاء المسئولية المدنية - بعد أن كان يقصر الإعفاء على المسئولية الجنائية فقط - عن كل من قام - بحسن نية - بواجب الإخطار للوحدة عن أي من العمليات المشتبه فيها الخاضعة لأحكام هذا القانون، أو تقديم معلومات أو بيانات للوحدة بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها، وألغى ذلك التعديل شرط أن يكون الاعتقاد بقيام هذا الاشتباه مبنياً على أسباب معقولة، وأبقى على معيارين هما حسن نية الجهة المخطرة وأن تكون العملية المشتبه فيها خاضعة لأحكام هذا القانون.
ولما كان ما تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الثابت من الصورة الرسمية لتحقيقات النيابة العامة في العريضة رقم ٣٥ لسنة ۲۰۱٦ عرائض مكتب النائب العام المقدمة أمام محكمة أول درجة أن المطعون ضده الثاني أخطر وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بوجود شبهات حول ارتكاب المطعون ضده الأول جريمة التهرب الضريبي باعتبار أن التدفقات النقدية على حساب الأخير خلال السنوات من ۲۰۱٤ الى ۲۰۱٦ لا تتناسب مع دخله من وظيفته كوكيل للنائب العام وبإخطار النيابة العامة بعريضة قيدت برقم ٥٣ لسنة ۲۰۱٦ عرائض مكتب النائب العام، وأن نيابة مكافحة التهرب من الضرائب باشرت التحقيقات فيما تضمنته تلك العريضة، وكانت العمليات الخاصة بالأموال الناتجة أو العائدة بطريق مباشر أو غير مباشر من أفعال يشتبه انطواءها على جريمة تهرب ضريبي ينطبق عليها التزام البنك المطعون ضده الثاني بإخطار وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عنها وإلا تعرض للجزاءات المنصوص عليه بالقانون فإن ما قام به البنك المدعى عليه الثاني من اخطار وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يكون قد وافق صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ مليون جنيه عما لحق به من أضرار على سند من أن المال المتحصل من جريمة التهرب الضريبي لا يعتد به في مجال واجب إخطار وحدة غسل الأموال عن العمليات التي تتعلق به عملاً بنص المادتين الأولى والثانية والثامنة من القانون ۸۰ لسنة ۲۰۰۲ قبل تعديلها بالقانون ٣٦ لسنة ۲۰۱٤ فإنه يكون قد خالف حكم القانون بما يوجب نقضه.
وإذ كان الطعن الراهن قد أقيم من النائب العام لمصلحة القانون إعمالاً لنص المادة ٢٥٠ من قانون المرافعات ولا يفيد الخصوم منه وفقاً للفقرة الأخيرة منها، وبالتالي لا يؤثر في حقوقهم أو مراكزهم القانونية، وهو ما يتعين معه على المحكمة أن تقف عند حد القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بصدد المسألة القانونية التي اتخذ منها قواماً لقضائه مع بقاء الحكم منتجاً لآثاره.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأعفت المطعون ضدهما من المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق