جلسة 7 من يونيه سنة 1992
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الغني حسن وعادل محمد زكي فرغلي وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(179)
الطعن رقم 2005 لسنة 37 القضائية
جامعة - جامعة الأزهر - طلبة - امتحانات - قواعد التصحيح - الفرصة الممنوحة للراسبين من الخارج.
التعليم الجامعي منظم بحسب الدستور والقوانين واللوائح المنظمة له وبينها قانون إعادة تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 وكذا اللوائح الداخلية لكليات هذه الجامعة - هذا التعليم حق تكفله الدولة وتشرف على تحقيقه وفقاً لحاجات المجتمع ومتطلبات الإنتاج فيه - الغاية من التعليم تقوم أساساً على توفير التأهيل العلمي والفني للشباب المنخرط في سلك التعليم لتمكينه من تحمل مسئوليته وأداء رسالته العملية بعد ذلك في مباشرة المهن المختلفة - يدرس الطلبة مجموعة من العلوم والمعارف على نحو يؤهلهم لأداء رسالتهم المهنية سلفاً - يتم التحقق من هذا التأهيل من خلال نظام الامتحانات وفقاًً لما تنظمه قوانين الجامعات ولوائحها والذي يعتمد أساساً على أداء الامتحان بنوعيه الشفوي والتحريري على نحو واقعي وجدي وصحيح بما يكشف عن قدرة الطالب في التحصيل والفهم والاستيعاب بما يجعله جديراً للانتقال إلى سنة أعلى أو التخرج لتحمل مسئولياته مؤهلاً تأهيلاً سليماً لأداء واجباته في خدمة المجتمع المصري وغيره من المجتمعات العربية والأجنبية التي تستعين بالخبرة والكفاءة المصرية - الحصول على مؤهل معين إنما هو مركز قانوني ينشأ لصاحب الشأن بناء على تأديته الامتحان في جميع مواده بنجاح بما يثبت أهليته وجدارته - هذا المركز القانوني إنما ينشأ على أساس من واقع إجابات الطالب ودرجاته التي حصل عليها في الامتحان واستناداً إلى توافر كافة الشروط التي حددها القانون لاعتباره ناجحاً - حالات السهو والخطأ المادي في جمع الدرجات التي رصدت للإجابة في الامتحانات هي من الأمور التي تستظهرها المحكمة وتملك التعقيب عليها حين تمارس رقابتها القضائية على مشروعية القرار الإداري بإعلان النتيجة وذلك في ضوء ما هو ظاهر وثابت بالأوراق من وقائع مادية منتجة من بحث مدى مشروعية هذا القرار وباعتبار أن تلك السلطة تقف عند حد ما هو قائم في الأوراق ولا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة من تلك الإجابة - أساس ذلك: التصحيح وتقدير درجات الإجابة عملية علمية وفنية بحتة هو من اختصاص الجهة المنوط بها أمر التصحيح ولا تحل المحكمة محلها ما لم يكن قد شاب التصحيح وتقدير الدرجات خطأ مادي أو ثبت لديها إساءة استعمال السلطة - المرحلة الانتقالية التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء (بمنح فرصة ثانية للراسبين من الخارج) إنما تظل فئتين من الطلاب المقيدين خلال العام الدراسي 87/ 1988: الفئة الأولى: تشمل من كان عام 87/ 1988 بالنسبة لهم العام الذي يؤدون فيه امتحان الفرصة الرابعة الاستثنائية من الخارج، الفئة الثانية: تشمل الطلاب المقيدين في العام الدراسي 87/ 1988 لأداء امتحان الفرصة الأولى من الخارج - تطبيق.
إجراءات الطعن
إنه في يوم الثلاثاء الموافق 23 من إبريل سنة 1991 أودع الأستاذ/ توفيق علي حشيش المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2005 لسنة 37 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 3 من إبريل سنة 1991 في الدعوى رقم 2464 لسنة 11 ق فيما قضى به من رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعن في طلباته الواردة بصحيفة افتتاح دعواه وكذا الطلب الاحتياطي مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق وقدم السيد الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة مسبباً ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 مايو سنة 1991 والجلسات التالية، وبجلسة 29 يوليو سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، والتي نظرته بجلسة 28 سبتمبر سنة 1991 والجلسات التالية على النحو المبين بالأوراق وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وبجلسة 19 إبريل سنة 1992 قررت إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 17 مايو سنة 1991 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 7/ 6/ 1992 لإتمام المداولة، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر أوراق الطعن - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 2464 لسنة 11 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 16/ 9/ 1989 طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ قرار جامعة الأزهر برسوبه في العام الدراسي 88/ 1989، وفي الموضوع بتصحيح الخطأ المادي الواقع في جمع درجات الأسئلة الحاصل عليها الطاعن، وعلى سبيل الاحتياط إعادة تصحيح أوراق المواد الراسب فيها بمعرفة لجنة محايدة من الأساتذة، وإلغاء قرار الجامعة الصادر برسوبه إذا ما اتضح حصوله على درجات النجاح مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أنه قد أدى امتحان السنة الثانية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالمنصورة للمرة الثالثة للعام الدراسي 88/ 1989 وهو العام الاستثنائي له إلا أنه فوجئ برسوبه للمرة الثالثة في ذات المواد التي رسب فيها في العامين السابقين وهي (المنطق، التوحيد، تاريخ الخلفاء، أصول الفقه) ولما كانت الكلية تعطي للطالب 1.5% بما يعادل 19.5 درجة إلا أنها لم تطبق ذلك على الطاعن وإلا كان قد نجح في مادتي المنطق والتوحيد وانتقل للسنة الثالثة وذلك نظراً لوجود خلافات بينه وبين إدارة الكلية كانت نتيجتها رسوبه في نفس المواد للسنة الثالثة على التوالي ولما كان يثق في أنه أجاب الإجابات الصحيحة وحصوله على درجات النجاح في تلك المواد ولو صحح الخطأ المادي في جمع الدرجات الحاصل عليها نتيجة إجاباته أو إعادة التصحيح بعيداً عن الخلافات من لجنة محايدة حفاظاً على مستقبله لاستنفاذه مرات الرسوب وبجلسة 2/ 5/ 1990 أثناء نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة أضاف المدعي إلى طلباته احتياطياً في مواجهة الحاضر عن الجامعة هو الحكم بأحقيته في دخول الامتحان بصفة استثنائية طبقاً لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 2/ 12/ 1989 بإعطاء طلبة جامعة الأزهر فرصة استثنائية وأخيرة طبقاً لقرار مجلس الوزراء ورئيس جامعة الأزهر. وبجلسة 18 يوليو سنة 1990 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المدعي بمصروفاته.
وبجلسة 3 إبريل سنة 1991 صدر الحكم المطعون فيه والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن حقيقة ما يهدف إليه المدعي من طلباته الموضوعية هو الحكم بإلغاء قرار الجامعة المدعى عليها فيما تضمنه من اعتباره راسباً في امتحان آخر العام الدراسي 88/ 1989 وما يترتب على ذلك من آثار منها إلغاء قرار فصله من الكلية واعتباره ناجحاً في العام الدراسي المذكور، أو منحه فرصة رابعة وأخيرة مع إلزام الجامعة المدعى عليها المصاريف شاملة مقابل أتعاب المحاماة. وأن الثابت من الأوراق أن عملية التصحيح قد شملت جميع أجزاء درجات الإجابة وتم تقييمها ورصدها بدون وجود أخطاء مادية فيها، وبالنسبة لما أثاره المدعي من أن عملية التصحيح لم تدخل في حسابها درجة إجابة المدعي عن السؤال الرابع في مادة تاريخ الخلفاء والتي أشر عليها المصحح بعبارة "نظر" فإن لجنة الامتحان قد باشرت اختصاصها التقديري في تحديد عدد الأسئلة المطلوب الإجابة عنها والاكتفاء بالإجابة عن ثلاثة أسئلة فقط بدلاً من أربعة ولم تنحرف أو تسيء استعمال السلطة حيث طبقت ذلك على جميع طلاب الفرقة الثانية المشار إليها ومن بينهم المدعي، وكون لجنة التصحيح لم تمنح المدعي درجات محددة نظير إجابته للسؤال الرابع لأنها قدرت أن تقدير درجة إجابة المدعي عن هذا السؤال تقل عما سبق تقديره في أي من الأسئلة الثلاثة الأخرى. وما أثاره المدعي من نجاحه طبقاً لقواعد الرأفة ولما كان المتاح طبقاً لقواعد الرأفة المطبقة بجامعة الأزهر هو (19.5) درجة بنسبة (1.5%) من مجموع النهايات العظمى للمواد المقررة ولما كان المدعي يحتاج إلى (28) درجة لتغيير نتيجته من راسب إلى ناجح ومنقول للسنة الثالثة مع تخلفه في مادتين ومن ثم لا يفيد المدعي من تلك القواعد. وما ذكره المدعي من أن التصحيح قد تم بمعرفة أحد المصححين خلاف أستاذ المادة فإنه بفرض حدوث ذلك فليس ثمة ما يحول قانوناً دون الاستعانة بغير أساتذة المادة أو الكلية للمساهمة في عملية التصحيح طبقاً للقانون رقم 103 لسنة 1961 بتنظيم الأزهر ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 ومن ثم يكون قرار إعلان رسوب المدعي في العام الدراسي 88/ 1989 قد صدر صحيحاً ومتفقاً وأحكام القانون، وبالنسبة لطلب المدعي منحه فرصة رابعة فإنه طبقاً لنص المادة (220) من اللائحة التنفيذية المشار إليها وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا بشأن المرحلة الانتقالية في العام الدراسي 87/ 1988 فإنها تظل فئتين الأولى وتشمل الطلاب الذي منحوا الفرصة الاستثنائية الثانية في العام الدراسي 87/ 1988، والثانية وتشمل الطلاب الذين منحوا الفرصة الاستثنائية الأولى لأداء الامتحان من الخارج في العام المشار إليه وإذ لا يندرج المدعي ضمن الفئتين المشار إليهما حيث كان في العام الدراسي 87/ 1988 يؤدي امتحان الفرقة الثانية من الداخل ومن ثم لا يفيد من تلك المرحلة الانتقالية ويكون ما انتهت إليه الجامعة من فصل المدعي من الكلية لاستنفاده مرات الرسوب مطابقاً للقانون مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف الواقع والقانون وأصابه القصور في التسبيب ذلك أن عميد كلية أصول الدين الذي أفاد في كتابه المحرر بتاريخ 25/ 2/ 1991 بأن المطلوب إجابته في مادة تاريخ الخلفاء هو ثلاثة أسئلة فقط رغم كونه لم يكن هو عميد الكلية الذي كان موجوداً سنة امتحان الطاعن، وإذ يبين من صور كراستي الإجابة رقمي 122، 123 الخاصتين بزملاء للطاعن أنه تمت الإجابة عن السؤال الرابع ووضع لأصحابها درجات عليه عكس الطاعن مما يدحض ما ورد بكتاب عميد الكلية الذي لم يكن معاصراً للواقعة والحقيقة أنه مطلوب الإجابة عن الأسئلة الأربعة الواردة بورقة الأسئلة وكذلك فإن هاتين الكراستين ليستا حقيقتين حيث إن "المرايا" التي ليس عليها إمضاء "رئيس الكنترول" أو ختم "الكنترول" أو أسماء الطلبة بينما كراسات الطاعن تحتوي على كل ذلك وأنه صحح للطالبين المذكورين السؤال الرابع ورصدت درجته في "المرآة" أمام الثلاثة للإيهام بأن السؤال الرابع ليس له درجة، وكيف تدعي الجامعة أنه تم تصحيح أفضل ثلاث إجابات للطاعن ومنح درجاتهم وقد كان عليها تصحيح السؤال الرابع وإعطائه درجة ثم تختار أفضل درجات من الأربعة، وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى ما ساقته الجامعة في هذا الشأن من مستندات فإنه قد جانب الصواب وشابه القصور في التسبيب مما يجعله جديراً بالإلغاء كما شاب الحكم عيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ لم يتعرض الحكم للخطأ المادي الواضح في بعض كراسات الطاعن رغم صحة إجاباته وذلك بقصد حرمانه وتعمد رسوبه ومن ذلك عدم تصحيح السؤال الرابع في مادة تاريخ الخلفاء ولو صحح هذا السؤال لنجح الطالب ونقل للسنة الثالثة، كما أن أستاذي مادتي تاريخ الخلفاء والمنطق غير مبصرين ويعاونهم في التصحيح بعض الطلبة أو الجيران وكان الأجدر أن يندب أستاذ متخصص من إحدى الجامعات المناظرة وقد تأكدت مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون مما تضمنه تقرير هيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري، كما صدر الحكم المطعون فيه على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه الصادر عن المحكمة الإدارية العليا في 2/ 12/ 1989 بالنسبة للفرصة الرابعة والأخيرة، عام 88/ 1989 وفيه إخلال بمبدأ المساواة ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون على الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن قدم العديد من المذكرات ردد فيها ما ساقه بتقرير طعنه.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر على أن التعليم الجامعي منظم بحسب الدستور والقوانين واللوائح المنظمة له وبينها قانون إعادة تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 وكذا في اللوائح الداخلية لكليات هذه الجامعات – باعتبار أن هذا التعليم حق تكفله الدولة وتشرف على تحقيقه وفقاً لحاجات المجتمع ومتطلبات الإنتاج فيه، ويتحمل المجتمع تكاليف هذا التعليم في جميع مراحله ليس فقط باعتباره حقاً تكلفه أحكام الدستور على سبيل المساواة وبمراعاة تكافؤ الفرص بين الشباب وإنما أيضاً باعتباره خدمة أساسية وجوهرية لازمة لوجود المجتمع وتقدمه، وبحكم طبيعة الأمور والغاية من التعليم الذي يقوم أساساً على توفير التأهيل العلمي والفني للشباب المنخرط في سلك التعليم لتمكينه من تحمل مسئوليته وأداء رسالته العملية بعد ذلك في مباشرة المهن المختلفة لذلك يدرس الطلبة مجموعة من العلوم والمعارف على نحو يؤهلهم لأداء رسالتهم المهنية سلفاً ويتم التحقق من هذا التأهيل من خلال نظام الامتحانات وفقاًً لما تنظمه قوانين الجامعات ولوائحها والذي يعتمد أساساً على أداء الامتحان بنوعيه الشفوي والتحريري على نحو واقعي وجدي وصحيح بما يكشف عن قدرة الطالب في التحصيل والفهم والاستيعاب بما يجعله جديراً للانتقال إلى سنة أعلى أو التخرج لتحمل مسئولياته مؤهلاً سليماً لأداء واجباته في خدمة المجتمع المصري وغيره من المجتمعات العربية أو الأجنبية التي تستعين بالخبرة والكفاءة المصرية ومن المبادئ الأساسية الحاكمة للنظام التعليمي أن الحصول على مؤهل معين هو مركز قانوني ينشأ بناء على تأديته الامتحان في جميع مواده بنجاح بما يثبت أهليته وجدارته، وهذا المركز القانوني إنما ينشأ على أساس من واقع إجابات، الطالب ودرجاته التي حصل عليها في الامتحان واستناداً إلى توافر كافة الشروط التي حددها القانون لاعتباره ناجحاً.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن حالات السهو والخطأ المادي في جميع الدرجات التي رصدت للإجابة في الامتحانات هي من الأمور التي تستظهرها المحكمة وتملك التعقيب عليها حين تمارس رقابتها القضائية على مشروعية القرار الإداري بإعلان النتيجة وذلك في ضوء ما هو ظاهر وثابت بالأوراق من وقائع مادية منتجة من بحث مدى مشروعية هذا القرار وباعتبار أن تلك السلطة تقف عند حد ما هو قائم في الأوراق ولا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة من تلك الإجابة ذلك أن التصحيح وتقدير درجات الإجابة عملية علمية وفنية بحتة هو من اختصاص الجهة المنوط بها أمر التصحيح ولا تحل المحكمة محلها ما لم يكن قد شاب التصحيح وتقدير الدرجات خطأ مادي أو ثبت لديها إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن كان من طلبة السنة الثانية بكلية أصول الدين بالمنصورة جامعة الأزهر وقيد مستجداً في العام الجامعي 86/ 1987 وقد رسب في جميع المواد ما عدا مواد التفسير والفلسفة العامة واللغة الأوربية، ثم تقدم للامتحان للسنة الثانية من الداخل عام 87/ 1988 إلا أنه رسب في ثمان مواد، ثم منح فرصة للتقدم للامتحان من الخارج في عام 88/ 1989 إلا أنه رسب في أربع مواد هي (المنطق) حيث حصل فيها على 37 درجة من 100، (مادة التوحيد) حيث حصل على 35 درجة من 100، (مادة تاريخ الخلفاء) (والتاريخ الإسلامي) وقد حصل فيها على 24 درجة من 100، ومادة (أصول الفقه) وقد حصل فيها على (21) درجة من (100) ودرجة النجاح في كل مادة من هذه المواد (50) درجة من (100) درجة ولما كان الثابت من أصول أوراق إجابات الطاعن المحررة بخط يده أنه قد تم تصحيح جميع إجاباته فيها ومنح الدرجات التي يستحقها دون خطأ في الجمع أو الرصد ولم يترك أي جزء من الإجابة دون تصحيح ولا صحة لما ذهب إليه الطاعن من حدوث خطأ مادي أو ترك جزء من الإجابة دون تصحيح، ومن ثم فإن ما ورد في أقواله في هذا الشأن يعد قولاً مرسلاً بغير دليل، حيث إن الثابت من الأوراق أن قيام المصحح بالتأشير بعلامة الخطأ أو الشطب على جزء من الإجابة إنما كان يدخل في مرحلة أولية من تقرير الإجابة ثم استكمل عملية التصحيح بعد ذلك ولا تقيد بحسب النتيجة التي ثبتت في الأوراق ورصدت ما عناه الطاعن من استبعاد لجزء من الإجابة من عملية التصحيح. ولا ينال مما تقدم كذلك ما ذكره الطاعن من أن عملية التصحيح لم تدخل في حسابها درجة إجابة المدعي عن السؤال الرابع في مادة تاريخ الخلفاء والتي أشر عليها المصحح بعبارة "نظر" لأن الثابت من الأوراق ومنها كتاب الأستاذ عميد كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة جامعة الأزهر المؤرخ 12/ 2/ 1992، أن سبب عدم تصحيح السؤال الرابع في مادة تاريخ الخلفاء هو أنه عند توزيع أوراق الأسئلة على الطلاب تضرر طلاب الفرقة الثانية من طول الأسئلة مما يجعلها لا تتناسب مع الوقت المحدد لها وفي الحال قام عميد الكلية في ذلك الوقت مع مدرس المادة وتم التنبيه على جميع طلاب الفرقة الثانية بأنهم مطالبين بالإجابة على ثلاثة أسئلة فقط وقد تم توزيع الدرجات على ثلاثة أسئلة وليس أربعة وأن ذلك طبق على جميع طلاب الفرقة الثانية وهذا يتضح من كراسات إجابات بعض الطلاب المودعة ملف الطعن، وأن المقصود بكلمة نظر أن المصحح في الأسئلة الاختيارية قد قرأ جميع الأسئلة قد تخير أفضلها إجابة تعتمد للطالب ويحدد لها الدرجة والغير معتمد يكتب عليه نظر لأنه غير معتمد في النتيجة لكونه ليس في صالح الطالب، كما أفاد الأستاذ عميد الكلية في كتابه المؤرخ 31/ 3/ 1992 أنه يقوم بوضع أسئلة المادة وتصحيحها عضوان من أعضاء هيئة التدريس بالكلية أو الجامعة على الأقل ولا يقوم بتصحيح المادة عضواً واحداً بمفرده وإذا كان أحد أعضاء هيئة التدريس المصححة للمادة كفيفاً لا يكتب على ورقة الإجابة اسم من يساعده لأنه هو المسئول رسمياً عن التصحيح وفي حالة طول الأسئلة وضيق الوقت يتم إلغاء بعض الأسئلة داخل لجنة الامتحان وأثناء انعقاد اللجنة وعلى مسمع من جميع الطلاب الحاضرين وبناء على قرار من أستاذ المادة وبعد موافقة المسئولين بالكلية. وإذ تتظاهر الدلائل وتتساند وتجمع من أوراق الطعن على أنه بالنظر لطول أسئلة مادة تاريخ الخلفاء ولضيق الوقت بعد شكوى الطلاب قد وافق عميد الكلية وأستاذ المادة على إلغاء سؤال من الأسئلة الأربعة أي إعفاء طلاب الفرقة الثانية بكلية أصول الدين في تلك السنة 88/ 1989 من الإجابة على سؤال من الأسئلة الأربعة وتركت لهم إدارة الكلية اختيار السؤال المتروك وعليه فليس المقصود بالسؤال المتروك هو السؤال الرابع في ترتيب الأسئلة بل بحسب اختيار الطالب، وقد نبه على جميع طلاب الفرقة الثانية واستجاب الطلاب على ما يبين من صور الإجابات المودعة بالأوراق، ومن ثم فلا صحة لما ذكره الطاعن من أن درجات الإجابة موزعة على الأسئلة الأربعة وأنه قد ترك المصحح سؤالاً للطاعن ولم تحسب له درجة ومن ثم فإن الادعاء من الطاعن مجرد قول مرسل لم يقم عليه دليل. وفيما يتعلق بإجراء التصحيح بمعرفة أستاذ غير أستاذ المادة أو أن أستاذ المادة كفيف ويستعين بغيره مما ليس له خبرة في هذا المجال فإن البادي من الأوراق أنه قد تم اتباع القواعد المقررة في هذا الشأن ولم يقم دليل على عكسه وبالتالي لا يكون فيما ساقه الطاعن من ملاحظات على عملية التصحيح قائم على سنده من الواقع أو القانون جدير بالرفض ويكون ما انتهى إليه نتيجة التصحيح من رسوب الطاعن في المواد الأربع المشار إليه مستمد من وقائع مادية تنتجه وتجعله مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من الأوراق ومن حيث إنه لا حق للطاعن في أن يفيد من قواعد الرأفة المقررة بجامعة الأزهر إذ المتاح طبقاً لهذه القواعد هو 19.5 درجة بنسبة 1.5% من النهاية العظمى لدرجات المواد المقررة شريطة أن يترتب عليها تغيير حالة الطالب من راسب إلى ناجح، ولما كان المطلوب لنجاح الطاعن في مادتين (28 درجة) وهو ما لم يتوفر للطاعن، ومن ثم فإنه لا يفيد من تلك القواعد.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمنح الطاعن فرصة رابعة أي فرصة ثانية من الخارج إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن المرحلة الانتقالية التي وافق عليها رئيس مجلس الوزراء إنما تظل فئتين من الطلاب المقيدين خلال العام الدراسي 87/ 1988 الفئة الأولى وتشمل من كان عام 1987 بالنسبة لهم العام الذي يؤدون فيه امتحان الفرصة الرابعة الاستثنائية من الخارج، والفئة الثانية وتشمل الطلاب المقيدين في العام الدراسي 87/ 1988 لأداء امتحان الفرصة الأولى من الخارج، وهو ما لا يتحقق بالنسبة للطاعن والذي كان مقيداً في العام الدراسي 87/ 1988 يؤدي امتحان الفرقة الثانية من الداخل.
ومن ثم يكون قرار الجامعة المطعون فيه بالامتناع عن منحه فرصة للامتحان من الخارج مبنياً على صحيح الواقع ومتفقاً وأحكام القانون، وإذ استنفذ الطاعن فرص الرسوب المقررة ومن ثم فإن قرار الجامعة بفصله لاستنفاذ مرات الرسوب مطابقاً للقانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر ومن ثم يكون قد صدر متفقاً وصحيح أحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من أصابه الخسر في الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق