جلسة 20 من ديسمبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد لطفي السيد نائب رئيس المحكمة، أحمد زكي غرابة، طه الشريف وعبد الحميد الشافعي.
-----------------
(236)
الطعن رقم 167 لسنة 54 القضائية
(1 - 2) نقض "الأحكام الجائز الطعن عليها" "الأحكام غير الجائز الطعن عليها". حكم "الطعن في الحكم". اختصاص.
(1) الأحكام الجائز الطعن فيها بطريق النقض. المادتان 248، 249 مرافعات. أحكام المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض.
(2) قضاء المحكمة الاستئنافية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لعدم استنفاد ولايتها فيها. قضاء قطعي بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى. جواز الطعن فيه بالنقض على استقلال.
(3) قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم".
الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي. أثره. المنع من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية تثار فيها ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أرواق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 341 سنة 1976 مدني كوم حمادة على الطاعنة الأولى والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ العقار الموضح الحدود والمعالم بالصحيفة بالشفعة لقاء ثمن قدره تسعين جنيهاً، وقالت بياناً لذلك أن المطعون ضده الثاني باع للطاعنة الأولى تلك الأرض لقاء الثمن المشار إليه، وإذ كان من حقها أخذ ذلك العقار بالشفعة باعتبارها شريكة على الشيوع فيه فضلاً عن الجوار في أكثر من حدين، ومن ثم فقد أقامت الدعوى بطلباتها، أدخلت الطاعنة الأولى الطاعن الثاني على سند من أنها باعته أرض النزاع لقاء ثمن قدره 600 ستمائة جنيه، وقدم الأخير عقد البيع المؤرخ 15/ 10/ 1975 الدال على ذلك، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية حيث قيدت برقم 1361 سنة 1977 مدني كلي قضت المحكمة الأخيرة بعدم قبول الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 96 سنة 34 الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وبتاريخ 19/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل فيها من جديد، وبتاريخ 12/ 11/ 1979 أحالت هذه الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية عقد البيع المؤرخ 15/ 10/ 1975، وبتاريخ 11/ 2/ 1980 قضت برفض الدفع بالصورية وبسقوط الحق المطعون ضدها في أخذ العقار بالشفعة، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 274 سنة 36 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره، حكمت بتاريخ 10/ 12/ 1983 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضدها الأولى في أخذ عقار النزاع بالشفعة لقاء الثمن المودع خزينة محكمة كوم حمادة وقدره تسعين جنيهاً، طعن الطاعنان بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الصادر في الاستئناف رقم 96 سنة 34 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وفي الحكمين الصادرين بتاريخي 12/ 11/ 79 و11/ 2/ 1980 في الدعوى رقم 1361 سنة 977 مدني كلي دمنهور، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن في الحكم رقم 274 سنة 36 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) وبعدم جواز الطعن بالنقض على ما عدا ذلك من أحكام، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن بالنقض على الحكمين الصادرين في الدعوى رقم 1361 سنة 1977 مدني كل دمنهور بتاريخي 12/ 11/ 1979، 11/ 2/ 1980، والحكم الصادر في الاستئناف رقم 96 سنة 34 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) أن الحكمين الأولين صادرين من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة أول درجة فلا يجوز الطعن فيهما بطريق النقض لاقتصار هذا الطريق على الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها متى صدرت على خلاف حكم سابق حاز الحجية بين الخصوم، كما وأن الطعن بالنقض على الحكم الأخير غير جائز كذلك لأنه وقد تضمن قضاء قطعياً بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى وباختصاص المحكمة الابتدائية بذلك قد تضمن قضاء قطعياً بعدم الاختصاص يقبل الطعن عليه بالنقض في الميعاد المقرر لذلك، وإذ لم يلتزم الطاعنان بهذا الميعاد فإن الطعن عليه مع الحكم الصادر في الاستئناف رقم 274 سنة 36 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) يضحي غير جائز.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين 248، 249 من قانون المرافعات أن يقتصر الطعن بطريق النقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وعلى الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها إذا صدرت على خلاف حكم سابق، أما الأحكام التي تصدر من المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد طعنت بالنقض في الحكمين الصادرين من محكمة دمنهور الابتدائية بتاريخي 12/ 11/ 1979، 11/ 2/ 1980 في الدعوى رقم 1361 سنة 1977 مدني كلي دمنهور وطلبت في صحيفة الطعن نقضهما، فإن الطعن فيهما بطريق النقض يكون غير جائز، هذا ولما كان الحكم الصادر في الاستئناف رقم 69 سنة 34 ق بتاريخ 19/ 4/ 1979 لم يقتصر قضاؤه على رفض الدفع بعدم قبول دعوى الشفعة وإنما اشتمل على إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لتفصل في موضوعها من جديد تأسيساً على أن محكمة الاستئناف لا تملك الفصل في هذا الموضوع، لأن محكمة الدرجة الأولى لم تستنفد ولايتها فيه، وهذا من الحكم المطعون فيه يعتبر قضاء قطعياً بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى لاختصاص المحكمة الابتدائية به، وهذا القضاء يعتبر بمثابة حكم بعدم الاختصاص فيجوز الطعن فيه بالنقض على استقلال، ولما كانت الطاعنة لم تطعن فيه في الميعاد ومن ثم يكون الطعن فيه غير مقبول للتقرير به بعد الميعاد.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 274 سنة 36 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه بأحقية المطعون ضدها الأولى في أخذ عقار النزاع بالشفعة لقاء الثمن المودع طرف محكمة كوم حمادة على أساس صورية عقد بيع الطاعن الثاني المؤرخ 15/ 10/ 1975 وكان القضاء بصورية عقد المشتري الثاني في حالة توالي البيوع لا يثبت إلا في مواجهة الأخير وهو ما يوجب إدخاله في الدعوى لأنه الخصم الحقيقي، في دعوى صورية عقد البيع، وكان الطاعن الثاني لم يختصم اختصاماً صحيحاً كما لم توجه له الشفيعة طلبها أو تختصمه، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي فإنه يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسألة التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم، وكانت المحكمة قد انتهت من قبل إلى أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 96 سنة 34 ق قد أصبح نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بعدم الطعن عليه في الميعاد، وكان هذا الحكم قد تولى الفصل في هذا الدفاع وخلص منه إلى أن الطاعن الثاني وقد أدخل في الدعوى بإعلان وجه إليه في 19/ 12/ 1976 ومثل بجلسة المرافعة أمام محكمة أول درجة بتاريخ 27/ 12/ 1976 وطعنت الشفيعة على عقده بالصورية، وهو ما يتحقق معه ما قضى به القانون من ضرورة أن تدور الشفعة بين الشفيع والبائع والمشتري الأخير، ورتب على ذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بعدم قبول الدعوى والمؤسس على عدم اختصام الطاعن الثاني في إجراءات دعوى الشفعة الأمر الذي لا يقبل معه من الطاعنين العود ثانياً إلى التحدي بهذا الدفاع، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 26/ 12/ 1977 الذي قضى بعدم قبول دعوى الشفعة هو قضاء قطعي فاصل في موضوع الخصومة تستنفد به المحكمة ولايتها بحيث لا يجوز لها من بعد أن تعرض للفصل في النزاع وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أساس من التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة نفاذاً لحكمها الصادر بتاريخ 12/ 11/ 1979 بعد استنفادها ولاية الفصل في النزاع بحكمها السابق الإشارة إليه، واعتداده بقيام الحكم الصادر في الدعوى بتاريخ 11/ 2/ 1980 الذي قضى برفضها، حالة أنه كان يتعين عدم الاعتداد بهذين الحكمين أو بأية إجراءات مترتبة عليهما، فإنه يكون قد وقع باطلاً ومخالفاً للقانون لابتنائه على إجراءات باطلة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود أنه لما كان الحكم الصادر في الاستئناف رقم 96 سنة 34 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) لم يقتصر قضاؤه على إلغاء الحكم المستأنف والصادر بعدم قبول دعوى الشفعة لعدم اختصام الطاعن الثاني في إجراءاتها، وإنما تعدى ذلك إلى القضاء بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع على سند من أن محكمة الاستئناف لا تملك الفصل في هذا الموضوع لأن محكمة أول درجة لم تستنفد ولايتها فيه، فإن هذا من الحكم يعتبر قضاء قطعياً بعدم ولاية محكمة الاستئناف بنظر موضوع الدعوى لاختصاص المحكمة الابتدائية به، وهذا القضاء يعتبر بمثابة حكم بعدم الاختصاص فيجوز الطعن فيه على استقلال، أما ولم يطعن أي من الخصوم عليه في الميعاد فقد أضحى بذلك حائزاً لقوة الأمر المقضي وتثبت له الحجية فيما قضى به وهي حجية يلتزم بها فضلاً عن الخصوم - المحكمة التي تنظر في الدعوى - وإعمالاً لتلك الحجية يتعين على محكمة أول درجة أن تفصل في موضوع الدعوى بقضاء جديد، دون أن يوصم هذا القضاء بأنه قضاء معدوم وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك فإن النعي عليه بالبطلان ومخالفة القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق