الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعن 519 لسنة 26 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 63 ص 358

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

---------------

(63)

الطعن رقم 519 لسنة 26 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - إذا انقطع العامل عن عمله فلا يستحق أجراً عن مدة انقطاعه - أساس ذلك: قاعدة الأجر مقابل العمل - لا يعتبر الحرمان من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً - أساس ذلك: الحرمان من الأجر سببه عدم أداء العمل والمساءلة التأديبية سببها إخلاله بسير المرفق - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - المشرع أجاز للسلطة المختصة أن تصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحسب هذه المدة من إجازاته - للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - الأثر المترتب على ذلك: يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة - إذا انقطع العامل عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز حساب هذه المدد من إجازاته - الأثر المترتب على ذلك: إذا وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد خصماً من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 من فبراير سنة 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الصحة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 519 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة والإسكان بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية المرفوعة من...... ضد وزير الصحة والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن للأسباب التي بينها في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه محل الطعن، ورفض دعوى المطعون ضده.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن الأصلي رقم 8 لسنة 12 قضائية.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 24 من أكتوبر سنة 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1977 أقام السيد........ الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية ضد وزير الصحة أمام المحكمة الإدارية للصحة والإسكان طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم أربعة أيام من راتبه قي قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977.
وشرح دعواه بأنه صدر قرار الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات بوزارة الصحة متضمناً بمجازاته بالخصم من راتبه لمدة أربعة أيام في قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977، وقد شاب التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية قصور متعمد ذلك أن طرف الخصومة الآخر في هذه القضية وهو الدكتور......... مدير عام الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات قد سبه بحضور المهندس مدير إدارة متابعة المشروعات السيد......... وباقي موظفي وموظفات الإدارة كما أن الدكتور........ قدم مذكر إلى السيد وكيل أول الوزارة ضمنها وصفه فيها بأنه "بلطجي ويفرض البلطجة على زملائه بالإدارة" وترتب على ذلك أن نقله وكيل أول الوزارة من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية، وكذلك قام الدكتور......... بإصدار أمر شفوي بمنعه من التوقيع بدفتر الحضور والانصراف دون أن يكون هناك قار بنقله حتى إذا انقضت خمسة عشر يوماً على عدم توقيعه أصدرت الجهة الإدارية قراراً بفصله.
وقد ردت وزارة الصحة على الدعوى المشار إليها بمذكرة تضمنت أن القرار المطعون فيه صدر مستنداً إلى الأسباب الآتية:
1 - أنه دأب من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 تاريخ نقله إلى إدارة السكرتارية على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف قبل هذا الميعاد بساعة.
2 - نزع بالقوة دفتر الحضور والانصراف من السيد......... الموظف بإدارة التخطيط في حين أنه نقل إلى إدارة السكرتارية.
3 - لم يتحر الدقة في شكواه ضد السيد الدكتور........ بأن ضمنها ألفاظاً غير لائقة.
وبجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات أتعاب المحاماة.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للمخالفة الأولى وهي أن العامل المذكور داوم اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً لمدة ساعة، فالثابت من الأوراق أن الوزارة أصدرت في 18 من نوفمبر سنة 1976 القرار رقم 11 لسنة 76 متضمناً خصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية للعامل المذكور عن هذه التأخيرات وهذا القرار صدر مخالفاً للقانون لأن خصم جزء من الإجازات المستحقة للعامل يعتبر عقوبة تأديبية غير مشروعة لخروجها عن حدود الجزاءات التي عددها المشرع على سبيل الحصر، وعلى مقتضى ذلك فإن الوزارة وقد عاقبت العامل المذكور بتلك العقوبة غير المشروعة، فإنه لا يجوز لها أن تحاسبه مرة أخرى عن هذه المخالفات بإدخالها كأحد أسباب القرار المطعون فيه لما في ذلك من توقيع عقوبتين عن الفعل الواحد وهو ما لا يجوز قانوناً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية وهي ما نسب إلى العامل المذكور من أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد........ والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976، فإن الثابت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن أن السيد........ قرر أن العامل المذكور نقل من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية اعتباراً من 23 سبتمبر سنة 1979 وقد أشر مدير إدارة التخطيط بإخلاء طرفه وشطب اسمه من دفتر الحضور والانصراف، وقد حضر العامل المذكور يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 وطلب التوقيع فأخبره بنقله إلى إدارة السكرتارية فرفض تنفيذ النقل وشد الدفتر ووقع فيه، ولما كان العامل المذكور لم يخطر بقرار نقله وبالتالي فهو يعد من عداد العاملين بالإدارة المنقول منها وله حق التوقيع بدفتر الحضور بها ويكون منعه من ذلك دون أن يخطر بالقرار الصادر بنقله هو المخالف للقانون والقواعد السليمة في حسن سير العمل.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة وهي تجاوز العامل المذكور حق الشكوى بأن ضمن شكواه قيام الدكتور........ بالتعدي عليه وتوجيه ألفاظ غير لائقة إليه، فإنه بالاطلاع على الشكوى المقدمة من العامل المذكور المؤرخة 23 من سبتمبر سنة 1976 يبين أن الطاعن لم يتجاوز فيها حدود ومقتضيات الشكوى إلى التطاول على رؤسائه أو المساس بهم بل كل ما ورد في تلك الشكوى أن العامل المذكور يشكو من أن الدكتور...... وجه إليه ألفاظاً نابية وقبيحة أوردها في هذه الشكوى، ولم يتعد ذلك إلى المساس بالدكتور المذكور أو التطاول عليه, ولم يثبت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن عدم صحة ما ذكره العامل المذكور.
وخلصت المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه أنه وقد تبين أن المخالفة الأولى المنسوبة للعامل المذكور، سبق أن جوزي عنها مما لا يجوز معه إعادة مجازاته، كذلك ثبت لديها عدم ثبوت المخالفتين الثانية والثالثة في حق العامل المذكور، ومن ثم فإن القرار الصادر بخصم أربعة أيام من راتبه يكون قد صدر فاقداً لركن السبب وجاء باطلاً ومخالفاً للقانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
بالنسبة للمخالفة الأولى، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن خصم أربعة أيام من إجارة العامل المذكور يعتبر عقوبة تأديبية مقنعة تخالف صحيح حكم القانون ذلك أن العامل لا يستحق أجراً عن فترات انقطاعه طبقاً لقاعدة الأجر مقابل العمل ومن ثم إذا أمكن حساب فترات الانقطاع طبقاً للقاعدة التي تضعها الجهة الإدارية فإن العامل لا يستحق أجراً عن هذه الفترات وإذ أجاز قانون العاملين احتساب فترة الانقطاع من الإجازات المستحقة للعامل فإن خصم أربعة أيام من الإجازات المستحقة للعامل المذكور لا يعتبر عقوبة مقنعة كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه ولا يخل بحق الجهة الإدارية في مساءلته إدارياً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية فلقد أخطأ الحكم المطعون فيه، إذ ذهب إلى عدم صحة هذه المخالفة لعدم علم العامل المذكور بقرار النقل، فالثابت أن الموظف المختص أخطره بهذا القرار ومن ثم كان يتعين عليه أن يتوجه إلى الإدارة المنقول إليها ويوقع بدفاترها دون أن يسلك هذا الطريق غير السوي.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة فقد بينت من التحقيقات تجاوز العامل المذكور حق الشكوى إذ الثابت أن المذكور نسب إلى الدكتور/ ........ أنه وجه إليه ألفاظاً نابية ثبت عدم صدورها من المشكو في حقه، وقد قصد العامل المذكور بإيراد الألفاظ النابية ونسبتها لرئيسه الإساءة إليه والحط من قدره مما يعد تجاوزاً لحق الشكوى.
وانتهى الطاعن في تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى إلغاء قرار الجزاء رغم قيامه على أسباب تبرره يكون قد خالف القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق والتحقيقات أنه نسبت إلى العامل المذكور مخالفات ثلاث الأولى هي أنه دأب اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً مدة ساعة، ولقد أصدرت الوزارة القرار رقم 11 لسنة 1976، في 18 من نوفمبر سنة 1976 بخصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية المستحقة له، وارتكنت الوزارة في القرار الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 (المطعون عليه) إلى هذه المخالفة كسبب من أسباب هذا القرار.
ومن حيث إن المادة 74 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "إذا انقطع العامل من عمله يحرم من أجره عن مدة غيابه وذلك مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية.
ويجوز للسلطة المختصة أن تقرر حساب مدة الانقطاع من إجازاته ومنحه أجره إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك".
وقد أورد القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة والمعمول به اعتباراً من أول يوليه سنة 1978 الحكم المشار إليه في المادة 74 منه.
ومن حيث إن مفاد ذلك النص أن القاعدة هي أن الأجر مقابل العمل، وإذ لم يؤد العامل عملاً خلال مدة انقطاعه فإنه من الطبيعي ألا يستحق أجراً، وإلا كان ذلك إثراء له بلا سبب على حساب الدولة، وهو ما لا يجوز، وترتيباً على ذلك فلا يعتبر حرمانه من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً فحرمانه من الأجر سببه عدم أدائه عملاً لانقطاعه عن العمل ومساءلته تأديبياً سببها إخلاله بسير العمل بالمرافق. وإذ كانت هذه هي القاعدة إلا أن المشرع أجاز أن يصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحتسب هذه المدة من إجازاته.
ومن حيث إنه متى كان للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فإنه يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة فإن انقطع عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز أن تحتسب هذه المدد من إجازاته وترتيباً على ذلك فإذا ما وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد - من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون سالف الإشارة إليها ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية.
ومن حيث إنه لما تقدم فإذا كانت إحدى المخالفات المنسوبة إلى العامل المذكور أنه داوم خلال فترة معينة على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية والانصراف مبكراً فإن خصم أربعة أيام من إجازاته طبقاً للقواعد التي وضعتها الوزارة في هذا الشأن لا يعتبر عقوبة تأديبية تمنع من مساءلته تأديبياً.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى العامل المذكور (المطعون ضده) وهي أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد......... والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 فلا مراء أن في هذا التصرف خروج عما يجب أن يتحلى به الموظف العام من سلوك سوي فلا يجوز له أن يؤدي واجباً عليه أو ينال حقاً له باتباع أساليب تأباها أصول التعامل في المجتمع ولا يجديه نفعاً أن يبرر فعله أن منع من التوقيع على دفتر الحضور قبل أن يخطر بقرار نقله إذ كان يتعين عليه أن يلجأ لرئيسه ليتكشف أسباب منعه ومن حقه التظلم والطعن على هذه الأسباب بالأساليب التي حددها القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثالثة وهي أن العامل المذكور (المطعون ضده) قدم شكوى ضمنها قيام الدكتور........ بالتعدي عليه بألفاظ غير لائقة أوردها في الشكوى فإنه من المسلم به أن حق الشكوى والتظلم كحق التقاضي يكفله القانون للكافة ويحميه الدستور على أنه من الحريات المتصلة بمصالح الأفراد ومن ثم فلكل فرد أن يتقدم للسلطات العامة بشكوى يتظلم فيها من أمر يهمه كدفع حيف وقع عليه - من تصرف جائر ابتغاء رد هذا الجور كل ذلك في إطار ألا يتخذ الموظف من حق الشكوى المكفول لكافة المواطنين ذريعة للتطاول على رؤسائه أو زملائه بما لا يليق بغية التشهير والتجريح والحط من قدر المشكو في حقه أو يضمن الموظف شكواه ألفاظاً بذيئة تنم عن سوء الخلق.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الشكوى التي قدمها العامل المذكور إلى وكيل أول وزارة الصحة في 22 من سبتمبر سنة 1976 أي سنة 1977 يبين أنها تضمن أن الدكتور......... قد وجه إليه في حوش الوزارة وأمام العاملين ألفاظاً وصفها بأنها وقحة وبذيئة وردد الألفاظ التي ادعى أنها وجهت إليه، كما ردد العامل المذكور هذه الشكوى في كتاب وجهه إلى وزير الصحة في 28/ 2/ 1977 تضمن هذه الألفاظ وتفسيراً لها على لسانه بعبارات يعف القلم عن ترديدها ولما كان الثابت من الأوراق أن العامل المذكور رفض الإدلاء بأقواله في هذا الشأن أمام إدارة التحقيقات بالوزارة طالباً إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية، فلما أحيل إليها رفض مرة ثانية الإدلاء بأقواله طالباً إحالة التحقيق إلى المستشار المدير العام للنيابة الإدارية، ولما كان الثابت أن أحداً ممن سمعت النيابة الإدارية أقواله لم يؤيد ما نسبه العامل المذكور إلى الدكتور...... فضلاً عن أن العبارات التي أوردها العامل المذكور في شكواه تفسيراً للعبارات التي ادعى أن الدكتور........ قذفه بها - هذه العبارات تعتبر في حد ذاتها بذاءة يجب أن ينأى عن النطق بها أو كتابتها موظف يتحلى بالخلق السوي الكريم.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون جميع المخالفات التي نسبت إلى العامل المذكور ثابتة في حقه ومن ثم يكون القرار الصادر من الوزارة في 31 من أغسطس سنة 1977 بخصم أربعة أيام من راتبه قد قام على سببه ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى المقامة من العامل المذكور أمام المحكمة التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق